عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-26-2014, 08:37 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,207
ورقة سياسة اليهود في التآمر على الأقصى


سياسة اليهود في التآمر على الأقصى (1)
ــــــــــــــــــ

(خباب بن مروان الحمد)
ــــــــــــ

4 / 3 / 1436 هــ
26 / 12 / 2014 م
ـــــــــــ

710525122014032337.jpg


{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

ما مِن سُورةٍ في كِتاب الله – تبارك وتعالى - تُسمّى باسم إلاّ وفي ضميمتها : وجه الصّلة والربط بين آياتها وما سُمّيت به؛ وهكذا سورة الإسراء أو بني إسرائيل، فهي سورة رابطة بين المسجد الأقصى وإفساد بني إسرائيل وتضرُّره من إفسادهم، ولا غَرو أن تكون هذه الرابطة؛ ضابطة لنا في فهم مُجريات الأحداث؛ وحركة الصراع بين الحق والباطل؛ وأنّهم حال عودتهم للأرض المُباركة سيُسلّط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب؛ فالله تعالى يقول في السورة نفسها : {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}.

كما أنّ السورة ذاتها ربطت ربطاً مُنيفاً آخر بين أمّة الإسلام والمسجد الأقصى المُبارك؛ ليستذكر المسلمون جميعاً أنّ الربط بين مكّة والقدس ربط إلهي؛ فهو وإن كان ربط مكاني لقداسة الأرضين وطهارتهما وبركتهما؛ إلاَّالربط أعمق من كونه مكانياً.. إنّه ربط معنوي إيماني اعتقادي؛ يعيش في خَلَدِ المُسلم دائماً؛ وهو يستذكر عظمة المكانين.

إنّ ربط بيت الله الحرام بالمسجد الأقصى في هذه السورة؛ دليل على الربط الديني التاريخي الوثيق بين المسجدين المُباركين، فقد ثبت في صحيح مسلم أن أبا ذر - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أولُ؟ قَالَ:"الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ". قَالَ: ثُمَّ أي؟ قَالَ:"ثُمَّ الْمَسْجِدُ الأَقْصَى". قال: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ:"أَرْبَعُونَ سنة".

وإنّ فريضة الصلاة لم يُوحِ الله بها إلى نبيّه محمداً صلّى الله عليه وسلّم وقد كان على أرض مكّة وهو القادر على ذلك؛ لكنّه – سبحانه – أبرز وجه القدرة اللائقة به، بآية عظيمة نال بركتها رسولنا محمد صلّى الله عليه وسلّم ليُسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ومن فوق الأقصى إلى مكان عال في السماء؛ ويوحي الله تعالى إلى رسوله محمد بفريضة الصلاة إذ هي صِلَةٌ بين العبد وربّه فما كان لهاته الصلاة إلاّ أن تتوثّق أواصرها في السماء بين الخالق والمخلوق؛ فالقدس محطّ الاختيار الربّاني فهي بوابة السماء؛ لينطلق منها برسول الله صلى الله عليه وسلّم انطلاقة خالدة إذ عُرج به إلى السماء فالتقى جبريل والأنبياء ورأى من آيات ربّه الكُبرى وفرض الله عليه فريضة الصلاة، فسبحان من أسرى بعبده ليلاً في خفاء عن الأعين؛ لكي يرى في الليل آيات الله الكبرى!

إنّ حدثاً هائلاً كهذا؛ يستدعي من أمّة الإسلام جميعاً أن يُعيدوا النظر مرّة بعد أخرى؛ لاجتماع معادن الشرف ومعانيه بين أفضل الأنبياء محمد، مع أفضل الملائكة جبريل، مع أفضل مسجد على الأرض مكة، إلى أفضل مكان يرقى به إلى السماء من القدس ليلتقي في رحلته تلك مع أفضل الأنبياء؛ لتنزل عليه أفضل الفرائض وأشرفها الصلاة في أفضل مكان يُوحى به إلى الأنبياء: السماء؛ من الله تبارك وتعالى.

إنّ فضائل بيت الله المُقدّس كثيرة لا تُحصى؛ وقد جاءت فيها أحاديث صحيحة؛ ولربّما بالغ بعضهم في إيراد فضائلها؛ حتّى أنّ الإمام الزهري قدم بيت المقدس قال: فجعلت أطوف به في تلك المواضع فيصلي فيها. قال إنّ هنا شيخاً يحدّث عن الكتب يُقال له عقبة بن أبي زينب فلو جلسنا إليه. قال فجلسنا إليه فجعل يحدث فضائل بيت المقدس. فلما أكثر قال له الزهري: أيها الشيخ لن تنتهي إلى ما انتهى الله إليه. قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}[1].

إنّ المسلمين يعتقدون أنّ آية الإسراء بمثابة إعلان لليهود بإقالتهم من منصبهم الذي نصبهم الله تعالى إياه؛ ومن جميل ما قاله العلاّمة صفي الرحمن المباركفوري - رحمه الله - "يرى القارئ في سورة الإسراء أن الله ذكر قصة الإسراء في آية واحدة فقط، ثم أخذ في ذكر فضائح اليهود وجرائمهم، ثم نبههم بأن هذا القرآن يهدي للتى هي أقوم، فربما يظن القارئ أن الآيتين ليس بينهما ارتباط، والأمر ليس كذلك، فإن الله تعالى يشير بهذا الأسلوب إلى أن الإسراء إنما وقع إلى بيت المقدس، لأن اليهود سيُعزَلون عن منصب قيادة الأمة الإنسانية، لما ارتكبوا من الجرائم التي لا مجال بعدها لبقائهم على هذا المنصب، وإن الله سينقل هذا المنصب فعلًا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ويجمع له مركزي الدعوة الإبراهيمية كليهما، فقد آن أوان انتقال القيادة الروحية من أمة إلى أمة، من أمة ملأت تاريخها بالغدر والخيانة والإثم والعدوان، إلى أمة تتدفق بالبر والخيرات، ولا يزال رسولها يتمتع بوحي القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم"[2].

ولاجتماع هذه الجوانب والفضائل لدى أمّة الإسلام؛ فقد كثر الحاسدونوالأعداء لهم ولمقدّساتهم؛ فصار بيت المقدس عُرضة لحركة الأمم عبر التاريخ بُغيّة الاستيلاء عليه والسيطرة على بقعته؛ وكان آخر ما حدث من ذلك: الاحتلال اليهودي المجرم الذي آزره وعاضده الاحتلال البريطاني والدول الغربيّة؛ وخيانة أنظمة عربيّة أخرى!

وحدثت الكارثة؛ واحتل المسجد الأقصى المُبارك؛ وأحرق جزء منه؛ وبدأ لهيب الحرب يحتدم؛ ونوازل الصراع تلتحم؛ وجرائم اليهود تكثر؛ حتّى غَدَت القدس مُطوّقة من جميع أركانها ما أن تقف مِطرقة للضغط عليها إلاّ وتشتغل الأخرى عبر بنادق آلة القتل العسكريّة اليهوديّة؛ ويوماً بعد يوم بات الوضع يتفاقم حتّى وصل إلى ما وصل إليه من مؤامرات مُدلهمة، وجرائم عظيمة على المسجد الأقصى المّبارك؛ والقدس، وأهالي بيت المقدس؛ حيث يُمكن أن نُفردها بحديث مُطوّل حول:

· سياسة يهود وهدم القائم من بنيان الله في المساجد، وبنيان الله للأجساد:

في هذه الدراسة مُحاولة متواضعة للتّتبع والاستقراء، والرصد والفحص؛ لإيضاح واستكشاف المؤامرة الخَطِرة لا يُمكن تقديرها بحجم كُلّي أو مخاطرة معدودة؛ بل إنّ عدّها وحصرها تقزيم لحجم الكارثة إذ أنّ كلَّ معدود محدود؛ فالأمر ليس له حدود!

إنّه أخطبوط سرطاني يتحرّك في قلب الأمّة المقدسيّة؛ وكل ما نراه من عوامل الدفاع عنه؛ ومقاومة وَرَمِه أدنى من كافّة الهجمة الشرسة اليهوديّة تجاه القدس والأقصى والمقدسيين وأمّة الإسلام جميعاً!

ومن منَّا يُحبُّ أن يستعرض أمامه لوحة فسيفسائيّة تجمع أشكال الألم والدم والدمع والأسى والقهر والغُصص والفواجع والمواجع وعدّد ما شئت؛ ليستذكر حجم المأساة الكُبرى التي يعيشها المسجد الأقصى المُبارك في هجمة مسعورة يهوديّة على الأقصى والقدس وأهل بيت المقدس.

في هذه الدراسة لن تتركّز المخاطر على الجوانب المحيطة بالأقصى فحسب؛فالخطر على من هم حول الأقصى من بنيان الله لأجساد المسلمين، أعظم وأخطر من بنيان الإنسان لمساجد الله على الأرض؛ فلو خَلَتِ الأرض المقدسيّة من المسلمين المنتصرين لدينهم؛ لكان – والله أعلم - بنيان المسجد الأقصى مُحطّماً منذ عقود وفوقه الهيكل المزعوم !

إنّ حُماة الأقصى هم مربط الفَرَس وخطّ الدفاع الأوَّل الذين يحمي الله بهم دينه ومُقدسّاته؛ وإن سقطوا أو انكسروا سقط المسجد الأقصى بالكامل بيد العدو؛ فحُرمة مؤمنيهم عند الله عظيمة؛ وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما ـ أنَّه قال: رأيت رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ يطوف بالكعبة ويقول:(ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك ! والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمتك)[3] وجاء في الأثر أنّ قتل الرجل المسلم أعظم من زوال الدنيا بأكملها، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ أنَّه قال :(لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)[4].

إنّه مع تسليمنا بخطورة تخريب المساجد وجريمة ذلك؛إلاّ أنّها ليست كتخريب أفكار المسلمين وعقولهم؛ فإن خربت الأفكار والعقول هُجرت المساجد ولم يأتها أحد؛ ولن تُهدم الكعبة وتُنقض حجراً حجراً؛ إلاّ وقت زوال المسلمين وضعف هذا الدين وانتشار الإلحاد؛ لهذا فالتغييب الفكري، والتجويع المعرفي، والتذويب الإيماني أشدّ ضرراً وفتكاً بالإنسان من هدم مسجد قائم؛ بل إنّ قتل المسلم وإراقة دمه من الجرائم التي لا تقلّ شناعة وبشاعة عمّا يقوم به جنود الاحتلال من قتل معالم القدس والأقصى وإزالتها.

وبكل حال فإنّ المسجد الأقصى على شُهرة المخاطر التي تلتف حوله؛ إلاَّ أنّ غالب الناس لا يعرفون حقيقتها؛ فضلاً أن يعرفوا عن المخاطر والمؤامرات التي يُعاني منها الوجود المقدسي؛ ما يجعلنا نُجمع الحديث عن هذه المخاطر لتكون عن القدس والمقدسيين؛ أو عن الأقصى وأهل الأقصى؛ فـ: (كلنا في الهم شرق) كما قال أحمد شوقي من أقطوعته الشعريّة؛ وفيها:

نَصَحْــتُ ونحــن مخــتلفون دارًا * ولكــنْ كلُّنــا فــي الهـمِّ شـرقُ

وللأَوطــانِ فــي دَمِ كــلِّ حُــرٍّ* يَـــدٌ ســلفتْ وديْــنٌ مُســتحِقُّ


-----------------------------------------------------------
[1] فضائل البيت المقدس، للواسطي ص20، وهو بتحقيق اليهودي : "إسحاق حسّون"وقد تعقب هذا التحقيق الأستاذ عصام الشنطي، بالنقد والتمحيص في دراسة وافية نشرت في مجلة معهد المخطوطات العربية (مج36 ج1،2-1992)، ورابطه:

http://www.thaqafa.org/site/pages/de...7#.VIWDIsmcxro

[2] الرحيق المختوم؛ صفي الرحمن المباركفوري، ص128.

[3] أخرجه ابن ماجه في سننه برقم(3932)، والحديث في إسناده لين وضعف، كما حكم عليه ابن حجر في الكافي الشافي ص268، وكذا السخاوي في المقاصد الحسنة ص512، ورأى الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ أنَّ في سنده ضعفاً ولكنَّه رأى صحَّة الاستشهاد به، وانظر السلسلة الصحيحة برقم : (3420).

[4] أخرجه الترمذي برقم:(1395) ويرى الترمذي صحَّته موقوفاً على الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ ، وكذا الإمام البخاري في العلل الكبير ص219.
------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59