عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 02-27-2013, 09:59 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

ثالثا :قتل الأشرار للخليفة عثمان بن عفان :
يُروى[1] أن الأشرار لما عادوا إلى المدينة ساخطين على عثمان ، متذرعين بالكتاب المُزوّر و هم مزوروه- طلب عثمان الأشتر النخغي ليسأله عن مطالب أصحابه الثائرين، فأخبره أنهم يطلبون منه الاعتزال ، أو الاقتصاص من نفسه ، أو القتل ، فأبى عثمان الاستجابة لأي من ذلك ، فخرج الأشتر إلى أصحابه و أخبرهم بما جرى[2] ؛ فأصروا على مطالبهم و استمروا في تهديداتهم و مضايقاتهم لعثمان رضي الله عنه- ، ثم حاصروه و منعوه من الخروج مدة تراوحت ما بين : 22-49 يوما[3] .
و يُروى أنهم تسوّروا جدارا و اقتحموا عليه داره في 14 رجلا ، من بينهم محمد بن أبي بكر الذي أخذ بلحية عثمان و جذبه ،و قال له : ما أغنى عنك معاوية ، ما أغنى عنك ابن عامر-أحد ولاته- ، ما أغنى عنك كُتبك )) ، ثم استدعى رجلا من الذين كانوا معه ، فقام إلى عثمان بمشقص- نصل حديدي- و ضربه به على رأسه ، ثم تعاونوا عليه حتى قتلوه شهيدا رضي الله عنه- ، و كان ذلك في شهر ذي الحجة، سنة 35 هجرية[4] . فمن الذي قتله ؟ ،و من الذين شاركوا في قتله ؟ ،و هل صحيح أن محمد بن أبي بكر لم يُشارك في قتله ؟ .
لقد اختلفت الروايات التاريخية في تعيين القاتل باسمه اختلافا كبيرا ، فبعض الروايات ذكرت ثمانية أشخاص كل منهم اتهم بقتله ،و في روايات أخرى أن سبعة أشخاص شاركوا و أعانوا على قتله[5] ، و في أخرى أن قتل عثمان تمّ جماعيا من دون تمييز للقاتل[6] .
لكن الخبر قد صح أن أهل مصر هم الذين قتلوا الخليفة الشهيد عثمان بن عفان[7] رضي الله عنه- ، فمن منهم قاتِله ؟ ، أشهر المصريين المتهمين بقتله ثمانية ، و هم : سودان بن حمران، و رومان بن وردان، و سودان بن رومان المرادي، و نهران الأصبحي، و محمد بن أبي بكر، و كنانة بن بشر ،و محمد بن أبي حذيفة، و جبلة بن الأيهم .
فبخصوص الأول أي سودان بن حمران- فقد ذكر الطبري روايتين مفادهما أن سودان كان من بين الذين دخلوا على عثمان ،و اعتدوا عليه ،و هو الذي قتله[8] . لكن الروايتين غير صحيحتين لأن إسناديهما ضعيفان[9] . و تردهما أيضا روايات صحيحة الأسانيد ،و أخرى ضعيفة[10] . و أما قول الذهبي من أن قاتل عثمان هو سودان بن حمران[11] ، فهو مجرد رأي يحتاج إلى إثبات ، و هو لم يذكر له إسنادا ،و لا تحقيقا .
و أما الثاني أي رومان بن وردان، فقد روى ابن عساكر، أن وردان كان من بين الذين دخلوا على عثمان ، و هو الذي ضربه بحديدة على صدغه فقتله[12] . و خبره هذا هو الآخر لا يصح ، لأن إسناده ضعيف[13] ، و ترده روايات أخرى آت ذكرها .
و بالنسبة للثالث أي سودان بن رومان- ، فقد روى كل من ابن حبان و ابن عساكر أن سودان بن رومان هو قاتل عثمان[14]. لكن خبرهما هذا لا يصح ، لأن ابن حِبان لم يذكر له إسنادا، و إسناد ابن عساكر فيه إرسال ، لأن راويه لم يكن شاهد عيان لما رواه[15] ،و لأن روايات أخرى تخالفه[16] .
و أما الرابع أي نهران الأصبحي- فقد روى ابن جرير الطبري أنه هو الذي قتل الشهيد عثمان بن عفان[17] . و خبره هذا لا يصح ، لأن إسناده مرسل[18] ،و تخالفه الروايات السابقة و اللاحقة .
و أما الخامس أي محمد بن أبي بكر- فقد قيل الكثير عن دوره في قتل عثمان رضي الله عنه- و قد عثرتُ على 12 رواية ذكرت دوره في ذلك ، و قد قال الحافظ ابن كثير أن الصحيح في دور محمد بن أبي بكر في قتل عثمان ، أنه ليس هو الذي قتله ، لأنه دخل عليه ، ثم عندما كلّمه عثمان ندم و تركه و خرج[19] . فهل ما قاله صحيح تؤيده الروايات التاريخية ؟ .

أولا لم أجد من بين الروايات التي جمعتها رواية واحدة نصت صراحة على أن محمد بن أبي بكر هو الذي قتل عثمان بيده ، ما عدا واحدة صحيحة الإسناد ذكرته من بين جماعة قالت أنه من قتلة عثمان[20] .
و ثانيا أن سبع روايات برّأت محمد بن أبي بكر من قتل عثمان ، من بينها أربع روايات صحيحة الأسانيد[21] ، ذكرت أن محمدا دخل على عثمان و شدّه من لحيته ، فلما كلّمه عثمان و أنّبه ،و قال له : (( أخذت مني مأخذا ، و قعدت مني مقعدا ، ما كان أبوك ليقعده )) ، تركه و خرج[22] .
و أما الروايات الثلاث الأخرى ، فهي ضعيفة الأسانيد ، و ذكرت ما قالته الروايات الصحيحة السابقة في تبرئة محمد بن أبي بكر من القتل[23]، وبذلك فهي تتقوى بالصحيحة .

[1] هذا الخبر رواته ثقات ، ما عدا وثاب ، فلم يُجرحه و لا عدله أحد .( الهيثمي: مجمع الزوائد ، ج 7 ص: 231 ) ، و هذا الخبر من أقرب الروايات –التي عثرت عليها- إلى الصحة .

[2] نفسه ، ج 7 ص: 231 .

[3] الطبري: المصدر السابق، ج2 ص: 668 .و الذهبي: الخلفاء الراشدون، ص : 268 .

[4] الهثمي: المصدر السابق، ج 7 ص: 231 . و الطبراني : المعجم الكبير ، ج1 ص: 81-82 . و الحاكم : المستدرك ، ج 3 ص: 102

[5] سيأتي ذكر تلك الروايات قريبا .

[6] الهيثمي: المصدر السابق، ج 7 ص: 231 .و ابن سعد : الطبقات الكبرى، ج 3 ص: 73، 74 .

[7] الهيثمي: نفس المصدر، ج 9 ص: 93 .و خليفة خياط: تاريخ خليفة خياط،حقهه أكرم العمري ، دمشق ، دار القلم، 1397،ج 1 ص: 175 .

[8] تاريخ الطبري، ج 2 ص: 676، 677 .

[9] من رجال الأولى : سيف بن عمر التميمي ، و الثانية من رجالها : محمد بن عمر الواقدي ، و هما ضعيفان . الذهبي: الميزان ، ج 3ص: 184، 353 .

[10] سيأتي ذكرها تباعا .

[11] تذكرة الحفاظ ، ج1ص: 9 .

[12] تاريخ دمشق ، 39، ص: 429، ج 56 ص: 275 .

[13] من رجاله : سهم أبو حنيس ، و هو مجهول . البخاري: التاريخ الكبير، ج 4 ص: 193 .

[14] الثقات، ج 2 ص: 264.و تاريخ دمشق، ج 39ص: 412 .

[15] أرسله عبد الله بن أبي عبد الله المعروف بان جرول ، لأنه لم يكن شاهد عيان لحادثة قتل عثمان ، لأنه ولد بعد استشهاده .ابن عساكر: نفس المصدر، ج 27ص: 244 و ما بعدها .

[16] كالتي سبق ذكرها ،و الآتية لاحقا .

[17] تاريخ الطبري، ج 2 ص: 687 .

[18] لأن راويه يزيد بن أبي حبيب المصري ،و هو لم يكن شاهد عيان لما رواه ، لأنه ولد سنة 55ه، و عثمان قُتل سنة 35ه . المزي : تهذيب الكمال، ج 32 ص: 106 .

[19] البداية و النهاية، ج 7 ص: 185 .

[20] الهيثمي: مجمع الزوائد، ج 9 ص: 97 .و الطبراني: المعجم الكبير، ج 1 ص: 88 .

[21] الأولى رواها ابن عبد البر ،و رجالها هم : أسد بن موسى الأموي،و محمد بن طلحة بن مصرف، و كنانة مولى صفية ،و ههؤلاء ثقات .( الذهبي: السير، ج 10ص: 162، 163 .و احمد العجلي: معرفة الثقات، ج 2 ص: 241، 228 . و ابن عبد البر: الاستيعاب، ج ج3 ص: 1046 . ) و الرواية الثانية، رواها خليفة خياط ،و رجالها هم : أبو المعتمر سليمان ، ،و ابنه المعتمر ، و أبو نصرة، و هؤلاء ثقات . ( ابن حبان : االثقات، ج 7 ص: 522.و الهبي: اسير، ج 4 ص: 354 .و الميزان، ج 6 ص: 515 . ) و الثالثة رواها إسحاق بن راهويه ، و رجالها بين ثقة و صدوق،و مقبول . ( إسحاق بن راهويه: مسند إسحاق بن راهويه ، حققه عبد الغفور البلوشي، ط1، المدينة المنورة، مكتبة الإيمان 1991، ق: 4-5 ، ج1ص: 262 ) .و الرابعة ذكرها الهيثمي ، رجالها ثقات على ما قاله الهيثمي: مجمع الزوائد ، ج 7 ص: 231 .

[22] ابن عبد البر: الاستيعاب، ج 3 ص: 1046 .و خليفة خياط: تاريخ خليفة، ج 1ص: 175 .و إسحاق بن راهويه : المسند ق: 4- ج1ص: 262 .و الهيثمي: المصدر السابق، ج 7 ص: 231 .

[23] انظر: خليفة خياط: المصدر السابق، ج 1 ص: 175.و ابن عساكر: تاريخ دمشق، ج 39 ص: 427 .و الطبري: تاريخ الطبري، ج 2 ص: 674،676 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59