بسم الله الرحمن الرحيم
كيف يذهب النسور إلى الحج، ويترك الشعب الأردني في هذه الحالة من البؤس وضنك العيش؟ أليس لو تصدق بتكاليف الحج على الفقراء لكان أثوب له، علما بأنه حج سابقا، وحسب تعليمات الأوقاف لا يحق له أن يحج أكثر من مرة وغيره لم يحظ بأداء هذه الفريضة، هذا مع الظن _ ولست متأكدا _ أنه يحج على حساب الخزينة المثقلة بالعجز والمديونية، أو يتفضل باسم الشفافية أن يفصح عن مصادر تمويل رحلة حجه مع المرافقين،
ولا أريد أن أسمع منه أي كلام عن حجه على حساب السعودية كضيف شرف على السعودية.
ليس هذا هو موضوع المقال، ولكنها فشة خلق بسبب ما أوصلنا إليه النسور من ضيق العيش ورفع الأسعار الجنوني الذي أحاط بنا من كل جانب، وكدنا نغرق، ولا مغيث، الرواتب تآكلت ولم تعد تغني عن المواطن شيئا، معلم راتبه400 دينار، مستأجر ب150 دينارا، عنده «كركعة» تحتاج 70 دينارا وما في غنى عنها حتى توصله المدرسة قبل أن يوجه له المدير لفت نظر وانذارا وحسما، وللعلم لو ذهب مواصلات فسيحتاج المبلغ نفسه مع «الشرتحة والشرمحة»، ويطير الراتب حسومات تأخير، عنده ولد يحتاج حليبا وفوطا ومصاريف أخرى لا تقل عن 40 دينارا في الشهر،
كهرباء وماء 30 دينارا، مطالب الزوجة الخاصة لا تقل عن 30 دينارا، مناسبات عائلية ومصاريف غير منظورة ولا مخطط لها 25 دينارا وحسب الظروف، لو خطر على باله سندويشة وقزازة عصير وكاسة شاي في الشهر كذا مرة فسيحتاج 20 دينارا(المعلم لا يدخن بناء على توصيات وزارة الصحة المكتوبة على علبة السجائر)، كم يبقى لمصروف البيت من اكل وشرب ومنظفات وزيت طهي وبيض، 35 دينارا، يعني يحتاج دعما لسد العجز في الموازنة ما لا يقل عن 200 دينار في المعدل.
هذا ونحن لم نأت على ذكر مصاريف كثيرة أخرى، قلنا ممكن أن يتخلى الواحد عنها مع تحمل النقد والغمز واللمز من الاهل والاصدقاء واتهامه بالبخل والكحتته، هذا حال الموظف العادي الذي ما عنده ابن معوق لا سمح الله او اثنان يدرسون في الجامعة، او اهل يحتاجون المساعدة، هذه الحالات ليس محسوبا حسابها في زمن النسور، هذه النسور قر بشأنها أن (للبيت ربا يحميه).
النسور يحج بعد أن قام بطحن المواطن وتذريته، وهو يقوم بدور عجز عنه من سبقه، وسينوء به من يلحق به، دون ان يتحمل وزره، ولقد نجح أصحاب القرار الذين يديرون البلد باختيار النسور ليقوم بهذه المهمة المستحيلة في بلد غير الاردن، اما الاردنيون فهم متسامحون جدا مع الغيلان التي تلتهم دخولهم بذكاء وخبرة مثل خبرة النسور، هم متسامحون جدا حتى لو جاع أبناؤهم وبناتهم، حتى لو لم يتعلموا او يذهبوا الى الجامعات والمتنزهات – متنزهات أمانة عمان بالطبع -،
الأردنيون يعلمون ان النسور جاء ليحقق لهم هذا الذي حازوا عليه، الفقر والقلق، واتساع رقعة الجريمة والتصدع الاجتماعي وزيادة العنوسة وارتفاع سن الزواج وما يترتب عليهما، خاصة ان النسور لا يستعين بالمفتي ليحلل ما يقوم به من اجراءات ويوجد بديلا للشباب والفتيات، النسور رفع كل شيء، رفع الضغط والسكري ومنسوب الغضب والضيق والقهر، رفع الماء والكهرباء والوقود والضرائب الكثيرة على المواطن، ثم ذهب ليحج، فبماذا سيدعو الله في عرفات ؟
لعله سيتذكر خطبة حجة الوداع وخاصة وهو يتخيل نفسه مخاطبا الشعب الاردني بقوله (لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، فقد قمت بما هو مطلوب من قبل صندوق النكد الدولي، ولم أستطع أن أحارب الفساد فبقي على حاله، ولا قانون الصوت الواحد، فهذا ارادة خارجة عن القدرة، ولم اقم بكل ما هو مطلوب مني للعلم، فاحمدوا الله على ما أنتم فيه، ولو اطلعتم على بقية المطلوبات لشكرتموني على ما قدمت لكم، المهم ان تكونوا راضين بما قسم لكم وما قضم منكم، وكل عام وانتم مع رئيس وزراء آخر يقوم بما هو مطلوب منه، اللهم هل بلغت، اللهم سامحني، وقدرني على رجم إبليس دون ان يحتج علي، فلديه ما يحتج به علي)،
ولعله يتوقع ان يقوم الحجاج الاردنيون بتغيير اتجاه الرمي اذا رأوني قريبا منه، فيشمت بي، اللهم احفظ علينا الامن والامان والهدوء والسكينة، وخفف عنا سكرات الموت البطيء وزد الأردنيين عقلا وهدوءا فانهم يستحقون ما هم فيه من بحبوحة الامن واحاطته بكل شيء).