عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-12-2013, 02:50 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

قياس التكلفة في الفكر الإسلامي (26)
مفهوم التكلفة في الفقه الإسلامي


تتناول الدراسة النقاط التالية:
1-التكلفة والقيمة.
2-التكلفة في بيع المرابحة.
3-التكلفة في شركات المضاربة.
4-التكلفة والقيمة الجارية.
5-تغير الأسعار وقياس التكلفة.


1-التكلفة والقيمة:
تناول رجال الفقه الإسلامي في دراستهم لفقه المعاملات التفرقة بين ثمن السلعة(التكلفة) ، وقيمتها.
فقيمة الشيء –من وجهة نظرهم- تتحدد بواسطة القوى المؤثرة في السوق. وتقاس بالقيم التبادلية للأشياء. أما تكلفة الحصول على سلعة أو خدمة. فتتمثل في الثمن الذي تراضى عليه المتعاقدان، سواء زاد على القيمة أو نقص بالإضافة إلى ما تحمله المشتري في سبيل الحصول على السلعة أو الخدمة.
يقول ابن عابدين:
"الثمن هو المبلغ المدفوع في نظير السلعة .. سواء زاد على القيمة أو نقص. بينما القيمة. ما قوم به الشىء من غير زيادة ولا نقصان" (27) .
ويقول التهانوي: "الثمن قد يكون مساوياً للقيمة. وقد يكون زائداً أو ناقصاً عنها.. (فالذي) يقدره العاقدان بكنه عوضاً للمبيع في عقد البيع يسمى ثمناً. وما قدره أهل السوق، وقرروه فيما بينهم وروجوه في معاملاتهم يسمى قيمة"(28) .
ويقول ابن رشد: "يحسب في الثمن، ما له عين قائمة كالصبغ والكمد، وما أشبه ذلك (أي ما يتكلفه الإنسان في سبيل إجراء عمليات صناعية على السلعة) فإنه بمنزلة الثمن ". (29)
وهكذا يرى رجال الفقه الإسلامي أن التكلفة تتمثل في الثمن الذي اتفق عليه طرفاً عملية المبادلة. بالإضافة إلى ما يتكلفه المشتري في سبيل الحصول على السلعة. أما القيمة فهي ما تتحدد بواسطة القوى المؤثرة في الأسواق، وثمن السلعة كما وضح فيما سبق قد يكون أو لا يكون معبراً عن قيمة السلعة، وأنه بمفهوم ما يتكلفه المشتري في سبيل الحصول على السلعة، يعتبر مرادفاً لمفهوم التكلفة في المحاسبة.


ولقد وضح في دراسة قياس التكلفة في المحاسبة، أنها تشمل المدفوع مقابل الحصول على سلعة أو خدمة معينة، زائداً كل النفقات الأخرى اللازمة لتهيئة هذه الخدمة أو السلعة للاستخدام في ممارسة النشاط، وأن التكلفة بهذا المفهوم تمثل قيمة الشيء في تاريخ الحصول عليه، ولكنها في ظل تقلبات الأسعار، التي تؤدي إلى تذبذب القوة الشرائية للنقود، ليست بالضرورة تعبيراً عن قيمة الشىء في أية تواريخ لاحقة.
بينما يرى رجال الفقه الإسلامي أن قيمة الشيئ تتحدد بواسطة القوى المؤثرة في الاسواق، وأن تكلفة الحصول على سلعة، قد يعبر أولاًَ عن قيمتها في نفس التاريخ. ومن باب أولى في أية تواريخ لاحقة.


2- مفهوم التكلفة في بيوع المرابحة:
بيع المرابحة. هو بيع السلعة بالتكاليف التي بذلت في سبيل الحصول عليها مع ربح معلوم. وقد اختلف الفقهاء في مفهوم التكلفة التي على أساسها يحسب الربح، حيث يرى البعض حساب الربح على أساس التكاليف الصناعية، بينما يرى البعض الآخر حساب الربح على أساس التكلفة الكلية.


وقبل تناول آراء الفقهاء حول ذلك يهمني القول بأنهم استبعدوا مقابل عمل صاحب المنشأة في منشأته حيث لم يعتبروها أحد بنود التكلفة. واستبعدوا كذلك المبالغ التي ينفقها صاحب المنشأة في شئونه الشخصية من أموال المنشأة.


يقول ابن رشد: "وأما ما لا يختص بالمتاع (عمليات التجارة) فإنه لا يحسب في أصل الثمن. كنفقته، وكراء (أجرة) بيته وكراء ركوبه.


وأما ما يختص (بعمليات التجار) فإن ما يتولاه التاجر بنفسه لا يحسب في التكلفة (30) .
فالنفقات التي لا تتعلق بممارسة النشاط لا تحسب ضمن نفقات المنشأة ولا تدخل في تكلفة السلعة، كنفقة صاحب المنشأة، وأجرة مسكنه، ومصروفات انتقالاته، وهذه النفقات تشبه إلى حد كبير ما يسمى في الفكر المحاسبي بالمسحوبات، التي هي عبارة عن عما يسحبه صاحب المنشأة من نقود أو سلع لاستعماله الشخصي. ومن المعروف أن هذه المسحوبات تسجل في الدفاتر لبيان نوع من العلاقة بين صاحب المنشأة ومنشأته، بعيداً عن الحسابات المعبرة عن نفقات المنشأة وإيراداتها، كما أن محلها ليس حسابات الاستغلال، وإنما الحساب الشخصي لصاحب المنشأة، الذي قد يعد تخفيضاً لرأس المال إذا لم تحقق المنشأة أرباحاً، حيث يعتبر صاحب المنشأة أو الشريك فيها قد سحب جزءاً من رأسماله لإنفاقه على نفسه.
كذلك فإن عمل صاحب المنشأة في منشأته لا يعتبر من قبيل التكلفة لدى رجال الفقه الإسلامي، وإذا كان الاقتصاديون يرون أن مقابل ما يبذله صاحب المنشأة في منشأته من مجهودات يعتبر من قبيل التكلفة. انطلاقاً من أن التكلفة لا تتمثل في المبالغ المدفوعة فقط. وإنما تشمل بالإضافة إلى ذلك، بعض النفقات الإفتراضية، مثل مكافأة المنظم (صاحب المشروع) عن المجهودات التي يبذلها في إدارة منشأته. لكن التطبيق المحاسبي الذي يعتمد في دراسة التحديد السليم للربح يقضي بعدم اعتبار ذلك من قبيل التكلفة. ويتفق في هذا مع رجال الفقه الإسلامي.


وفيما يتعلق بمفهوم التكلفة التي يحسب عليها الربح في بيوع المرابحة فيرى بعض الفقهاء. أنها تقتصر على التكاليف الصناعية. أما غيرها من التكاليف مثل تكاليف التسويق والإدارة فتدخل ضمن التكاليف. لكن لا يحسب عليها نسبة الربح.
يقول ابن رشد: "ويحسب في ثمن السلعة ماله عين قائمة كالصبغ والكمد والفتل (العمليات الصناعية) فإنه بمنزلة الثمن ويحسب له الربح.
وأما ما ليس له عين قائمة (ويتعلق بممارسة النشاط) فإنه يحسب في أصل الثمن، ولا يحسب له ربح"(31)


وجاء في حاشية الدسوقي: "وحسب على المشتري ماله عين قائمة (العمليات الصناعية) وأما ما ليس له عين قائمة. ولكنه أثر زيادة في قيمة المبيع فإنه يحسب ما خرج من يده فقط"(31)
بينما يرى البعض الآخر من الفقهاء أن التكلفة التي يحسب عليها الربح تشمل جميع التكاليف المتعلقة بالسلعة موضع البيع صناعية أو تسويقية أو إدارية. أي يحسب الربح على التكاليف الكلية.
يقول ابن رشد: "قال أبو حنيفة بل يحمل على السلعة كل ما نابه (أنفقه) عليها. (33)
ويقول ابن نجيم.. الأصل أن كل ما يوجب زيادة في رأس المال (تكلفة السلعة) حقيقة أو حكماً، يضعه إلى (التكلفة) وكذا ما اعتاده التجار كأجرة السمسار (34) .


ويقول ابن عابدين: "والمعتمد عليه في ذلك عادة التجار" (35) .
وبتحليل الآراء السابقة لرجال الفقه الإسلامي، نجد أنهم لمسوا المكونات الأساسية للتكلفة. وربطوا يبن بند التكلفة والوظيفة التي يخدمها بحيث يمكن القول أن التكاليف التي تزيد في قيمتها حقيقة او حكماً فتكاليف لتسويق والإدارة.

كما أنهم ناقشوا العلاقة بين التكاليف المبذولة في سبيل الحصول على السلعة أو في إنتاجها. وبين سياسات التسعير. فمنهم من يرى الأخذ بالتكلفة الكلية في تحديد تكلفة السلعة. كما في قول أبي حنيفة "يحمل على السلعة كل ما نابه عليها. ومنهم من رأى أن الربح عائد للتكاليف الصناعية فقط. وأن الربح المتفق عليه في بيع المرابحة. يحسب على أساس التكلفة التي لها عين قائمة –التكاليف الصناعية- أو على ثمن شراء السلعة المعاد بيعها دون إجراء عمليات صناعية عليها. وهناك من رأى أن المبدأ الذي يحكم في هذا الصدد "هو عادة التجار" على حد تعبير ابن عابدين السابق.


3- مفهوم التكلفة في شركات المضاربة الشرعية:
شركات المضاربة الشرعية. كما تبدو من وجهة نظر رجال الفقه الإسلامي يقتصر نشاطها على العمليات التجارية. حيث يتشارك اثنان أو أكثر، أحدهما (أو بعضهم) برأس مال فقط، وثانيهما (أو بعضهم) بعمل فقط (أو عمل و رأس مال) .
وقد ناقش الفقهاء تصرفات المضارب التي يترتب عليها نفقات تعد من قبيل التكلفة اللازمة لممارسة النشاط. والتي سنجدها كما سيتضح من آراء الفقهاء تتعلق ببنود التكاليف التسويقية، مثل تكاليف النقل. والضرائب على المشتريات، ومسموحات المبيعات والمشتريات وتكاليف الرحلات التجارية التي يقوم بها المضارب.
فالتكاليف التي تلزم لتسويق السلعة كتكاليف نقلها من موضع إلى موضع يرى الفقهاء أنها لازمة لتحصيل الربح، وتعتبر أحد بنود التكلفة، بينما التكاليف التي تلزم لنقل السلعة إلى محل المشتري. تقع على عاتق المشتري أما التكاليف التي تلزم لإعداد المبيع للتسليم إلى المشتري كالكيل والوزن فتقع على عاتق البائع.
يقول الشلبي: "المضارب له.. أن يستأجر السفن والدواب لحمل المال، لأن الربح يحصل بنقل المال من موضع إلى موضع ولا يمكنه ذلك بنفسه. (36)
يقول ابن قدامه: "وأجرة الكيال والوزان على البائع. لأنه عليه تقبيض (تسليم) المبيع.. وأما نقل المنقولات .. فهذا على المشتري لأنه يتعلق به حق توفيه".(37)
كذلك تعتبر من ضمن التكلفة النفقات الشخصية للمضارب، التي ينفقها أثناء قيامه بالرحلات التجارية. يقول ابن قدامه: "ينفق من المال بالمعروف. إذا شخص به عن البلد لأن سفره لأجل المال. فكانت نفقته منه."
قال أحمد. ينفق على نفسه، غير متعد بالنفقة ولا مضر بالمال. فإن كان معها مضاربة أخرى.. فالنفقة على قدر المالين". (38)




كما يعتبر من بنود التكلفة الرسوم الجمركية المدفوعة عن البضاعة المشتراة.
يقول أبو جعفر الدمشقي: "يستحب أن يستصحب رقعة بأسعار جميع البضائع في البلد الذي يري العود إليه بما ي***، وكذلك بمكوس (رسوم الجمارك) البضائع.
فإذا أراد أن يشتري شيئاً قارن بين سعره في البلد الذي يشترى منها، وسعره في البلد الذي يريد العود إليه. ثم يراعي المؤن التي تلزمه لحين الوصول". (39)


لقد لمس أبو جعفر بفكرته هذه، ما يجب أن تكون عليه تصرفات المضارب الذي يسعى للحصول على الربح. كما تنال الضرائب المدفوعة عن المشتريات باعتبارها من بنود التكلفة.
وهنا يثار تساؤل عن الزكاة المدفوعة باعتبارها ضريبة (40) ، تفرض في أموال التجارة والصناعة. على صافي الأصول المتداولة والربح، هل تعتبر من قبيل التكلفة أم لا؟.
اختلف الفقهاء في ذلك حيث يرى ابن حجر، أنه من قبيل التكلفة، فيقول "حسبت من الربح في الأصح كمؤن المال".(41)


بينما يرى آخرون أنها تعتبر استعمالاً للربح. يقول الإمام الشافعي: "وإذا دفع الرجل ألف درهم قراضاً على النصف فاشترى بها سلعة وحال عليها الحول وهي تساوي ألفين. فالزكاة على رب المال في الألف والخمسمائة ووقفت زكاة خمسمائة. فإن حال عليها حول من يوم صارت للعامل زكاها أن كان مسلماً.. والقول الثاني يحصى ذلك (أي عدد السنين) فإن سلم ربحه أدى زكته كما يؤدي ما مر عليه من السنين، منذ كان في المال فضل". (42)


كما جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: "أن زكاة القرض (رأسمال المضاربة) من عند ربه (صاحبه) على نفسه. فلا تجبر بالربح كالخسارة، والعامل هو الذي يزكي ما نابه من الربح . لسنة واحدة... لكن الذي لابن رشد في المقدمات، أنهما ان لداراً أو العامل. لزم العامل زكاة حصته في الربح لكل عام بعد المفاصلة" (34) .


ويقول ابن قدامه: "وإن دفع إلى رجل ألفاً مضاربة على أن الربح بينهما تصفان، فحال الحول وقد بلغ ثلاثة آلاف فعلى رب المال زكاة ألفين، لأن ربح التجارة حوله حول أصله، (وعلى المضارب زكاة حصته لأنها له) وليست ملكاً لرب المال، بدليل أن للمضارب المطالبة بها.
ومن أوجب الزكاة على المضارب فإنما يوجبها عليه إذا حال الحول حين تبلغ نصاباً بمفردها، أو يضمها إلى ما عنده من جنس المال والأثمان"(44) .


ويقول أبو الخطاب: "ويحتسب حوله (نصيب العامل من الربح) من حين ظهور الربح.. ولا يجب إخراج زكاته حتى يقبض المال، لأن المال بملك الربح بظهوره، فإذا ملكه جرى في حول الزكاة، ولأن من أصلنا أن في المال الضال والمغصوب والدين على مماطل الزكاة.. كذا هنا" (45) .
ويقول ابن قدامه: "وليس عليه إخراجها (زكاة المال) قبل القسمة، كالدين لا يجب الإخراج منه قبل قبضه. والعامل ليس عليه زكاة في حصته حتى يقتسما، ويستأنف حولاً من حينئذ"(46) .


ومن الآراء السابقة للفقهاء يتضح أن لأن في زكاة المال في شركات المضاربة رأيين، حيث يرى ابن حجر أنه من قبيل التكلفة بينما يرى الإمام الشافعي في أحد قوليه وابن قدامة (من فقهاء الحنابلة) وابن عرفة (من فقهاء المذهب المالكي) أن الزكاة تخصيص للربح، وليست عبئا عليه.
كما اختلفوا أيضا حول تحديد تاريخ بداية احتساب الحول الذي تجب في نهايته الزكاة على حصة المضارب في الربح، حيث يرى أبو الخطاب والإمام الشافعي وابن عابدين انه يبدأ حسابها من ظهور الربح لا تحققه، ويحصى عدد السنين التي انقضت قبل بيع السلع ثم تخرج الزكاة الواجبة عن عدد السنين التي مضت بعد اقتسام الربح ويستأنف بها حولا من حينئذ.
والربح نوع من نماء المال، وإن العبرة في النماء الخاضع للزكاة الواجبة،هو النماء التقديري، ولذا فإن الزكاة على الربح –بهذا المفهوم-ليست تكلفة، خلافا لابن حجر من فقهاء الشافعية، وإنما هي شبيهة بضريبة الدخل التي تعد استعمالا للربح، يؤيدني في ذلك طريقة حساب الزكاة على حصة المضارب كما يمكن أن تستنتج من آراء الفقهاء السابقة.




وإذا كانت الزكاة تجب حتى في ظل حدوث خسارة في احدى السنوات، على عروض التجارة (صافي الأصول المتداولة) ، فأرى أن تحسب لكن يؤجل اخراجها حتى تتحقق ارباح في الاعوام التالية لتخرج من هذه الأرباح. يؤيد ذلك رأي الإمام الشافعي في أحد قوليها الذي يقضي بحساب الزكاة على حصة المضارب في الربح حين تظهر الأرباح وعدم اخراجها (دفعها) الا بعد اقتسام الأرباح بين الشركاء.
ويجري التطبيق المحاسبي والتشريع الضريبي على اعتبار ضريبة الأرباح التجارية والصناعية-باعتبارها ضريبة دخل: استعمالا للربح وليست عبئا عليه، أي أنها ليست من قبيل التكلفة، بخلاف الضرائب الأخرى، التي تتحملها المنشأة، فانها تعد من قبيل التكلفة، وهذا التطبيق يتفق مع رأي رجال الفقه الاسلامي فيما يتعلق باعتبار الضرائب من بنود التكلفة عدا الزكاة باعتبارها ضريبة دخل على رأي بعض الفقهاء.
وكذلك تناول رجال الفقه الإسلامي، ما يشبه إلى حد كبير مسموحات المبيعات والمشتريات، ومردوداتهما في المحاسبة. حيث يقول ابن قدامة: "ويرد بالعيب فيما وليه هو، وفيما ولي صاحبه وان ردت عليه السلعة بعيب فله أن يقبلها، وله أن يعطي أرش (مقابل) العيب، أو يحط (يخصم) من ثمنه، لأن ذلك قد يكون أحظ (أحسن) من الرد"(47) .


ويقول ابن رشد: "ومالك يفرق بين العيب اليسير والكثير، فيقول إن كان العيب يسيراً لم يجب الرد ووجبت قيمة العيب (الخصم) ، وإن كان كثيرا وجبه الرد"(48) .
ويتضح من ذلك أن خصم العيب في المبيع أو المشتري ، يعتبر تخفيضا لثمن الشراء أو البيع لأنه خصم من الثمن.


وبتحليل ما سبق من آراء الفقهاء، يتضح أن النقاش حول التكاليف في شركات المضاربة، قاصرا على بنود التكاليف التسويقية مثل الأجور والنقل والمسموحات والضرائب، والسبب في ذلك الطبيعة التجارية لشركات المضاربة.


وبذا يتضح أن مفهوم التكلفة في بيوع المرابحة، وشركات المضاربة تشمل الخدمات الفورية مثل خدمات النقل والعمالة، والخدمات قصيرة الأجل المستفادة من السلع المشتراة للاستخدام في عمليات التصنيع أو البيع.


أما الخدمات طويلة الأجل المستفادة من الأصول الثابتة، فالواقع أن هذا العنصر من عناصر التكلفة، لم تكن ظهرت أهميته، فقد كانت الصناعة آنذاك حرفا يدوية بسيطة، ومن ثم لم تمثل الأصول الثابتة، والخدمات المستفادة منها نقطة نقاش بين رجال الفقه الإسلامي ، بيد أنه ليس ثمة ما يمنع من استنباط رأي رجال الفقه الاسلامي في هذا الصدد من مواضع أخرى غير فقه المعاملات.


فالأموال الموقوفة-في الفقه الاسلامي-لا تقصد لجنسها، وإنما لتستخدم المنافع المستفادة منها في المصالح الموقوفة عليها، ويجب على من يرعى شؤون الوقف المحافظة على مصدر المنافع، لأن الوقف مؤبد، لا تتعطل منافعه، إلا إذا تعذر الحصول عليها من مصدره. يقول الامام الشافعي في توضيح كيفية المحافظة على الدار الموقوفة وتوزيع ايراداتها: "وعلى كل وال يليها، أن يعمر ما وهي من هذه الدار، ويصلح ما خاف فساده منها ويصلح منها ما في الصلاح لها، والاستزادة في غلتها.. مما يجتمع من غلة (إيراد) هذه الدار. ثم يفرق ما يبقى منها على من له هذه الغلة"(49) .


وهكذا فإن النقص الحاصل في الدار الموقوفة. بسبب المنافع المتولدة منها. يجب أن يحجز مقابله من غلتها. حتى يمكن المحافظة على مصدر تولد الإيراد بالقيام بالإصلاحات اللازمة.
والأصول الثابتة تقتني للاستفادة بمنافعها في ممارسة النشاط ومن ثم يجب احتجاز قيمة هذا النقص من الإيراد المتولد عن ممارسة النشاط بالتطبيق لرأي الفقهاء في مصادر المنافع الموقوفة.
وبهذا تشمل التكلفة في الفقه الإسلامي. تكلفة الخدمات التي اسهمت في ممارسة النشاط سواء كانت خدمات فورية. أو قصيرة الأجل، أو طويلة الأجل.

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59