عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-13-2012, 09:25 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

سقوط مرو:

خرج الجيش المسلم من " بلخ " مع الجيش التتري لفتح " مرو " وهي من أكبر المدن في ذلك الوقت وهي تقع حالياً في دولة " تركمانستان " المسلمة على بعد حوالي 250كم – شرق مدينة " بلخ " الأفغانية ؛ فسار إليها جيش كبير من التتار على رأسه بعض أبناء جنكيز خان ومعهم الجيش المسلم الذي خرج معهم من " بلخ " وعلى أبواب " مرو " وجد التتار أن المسلمين قد جمعوا لهم خارج المدينة جيشاً يزيد على مائتي ألف مسلم فدارت موقعة لرهيبة بين الطرفين على أبواب " مرو " ودارت الدائرة على المسلمين وأنطلق التتار يذبحون في الجيش المسلم حتى قتلوا معظمهم وأسروا الباقي ولم يسلم إلا القليل ونهبوا الأموال والأسلحة والدواب من الجيش ؛ ويعلق ابن الأثير على هذه الواقعة فيقول " فلما وصلت التتار إليهم التقوا واقتتلوا فصبر المسلمون ولكن التتار لا يعرفون الهزيمة " ؛ فهزم المسلمون وفتح الطريق إلى المدينة ذات الأسوار العظيمة ؛ وكان بها من السكان ما يزيد على سبعمائة ألف مسلم من الرجال والنساء والأطفال ؛ فحاصر التتار المدينة ودب الرعب في قلوب أهلها بعد أن فني جيشهم أمام أعينهم ..

ولم يفتح أهل " مرو " الأبواب للتتار لمدة أربعة أيام ولكن في اليوم الخامس أرسل قائد التتار رسالة إلى قائد مدينة " مرو" يقول فيها " لا تهلك نفسك وأهل البلد وأخرج إلينا نجعلك أمير هذه البلد ونرحل عنها " ؛ فصدق أمير المدينة ما قاله القائد التتري وخرج إليه فاستقبله القائد التتري استقبالا حافلاً واحترمه وقربه ؛ ثم قال له أخرج لنا أصحابك والمقربين ورؤساء القوم حتى ننظر من يصلح لخدمتنا فنعطيه العطايا ونقطع له الإقطاعيات ويكون معنا ؛فأرسل الأمير المخدوع إلى معاونيه وكبار وزرائه وجنده لحضور الاجتماع الهام مع ابن جنكيز خان ؛ فلما تمكن منهم التتار قبضوا عليهم جميعاً وقيدوهم بالحبال ثم طلبوا منهم أن يكتبوا قائمتين طويلتين :

القائمة الأولى :
تضم أسماء كبار التجار وأصحاب الأموال في المدينة .
القائمة الثانية :
أسماء أصحاب الحرف والصناع المهرة .
ثم أمر بن جنكيز خان أن يأتي التتار بأهل المدينة أجمعين ؛ فخرج كل أهل المدينة حتى لم يعد بالمدينة أحد قط ؛ ثم جاءوا بكرسي من ذهب وجلس عليه ابن جنكيز خان وبدأ يصدر الأوامر :
أولاً :
إخراج أصحاب الحرف والصناع المهرة وإرسالهم إلى منغوليا للاستفادة من خبراتهم الصناعية هناك .
ثانياً :
إخراج أصحاب الأموال وتعذيبهم حتى يخبروا عن كل أموالهم ؛ ففعلوا ذلك ومنهم من كان يموت من شدة الضرب ولا يجد ما يكفي لفداء نفسه .
ثالثاً :
يأتوا بأمير البلاد وكبار القادة ورؤساء القوم فيقتلون جميعاً أمام عامة أهل المدينة.
رابعاً :
دخول المدينة وتفتيش البيوت بحثاً عن المتاع والذهب والفضة ؛ حتى إنهم نبشوا قبر السلطان " سنجر " أحد سلاطين خوارزم القدامى وأستمر هذا البحث لمدة ثلاثة أيام .
خامساً :
أمر ابن جنكيز خان أن يقتل أهل البلد أجمعين فبدأوا يقتلون طل أهل " مرو " فقالوا أن المدينة عصت علينا وقاومت ومن قاوم فهذا مصيره ؛ ويقول ابن الأثير في ذكر ذلك " وأمر ابن جنكيز خان بعد أن قتلوا جميعاً أن يقوم التتار بإحصاء القتلى فكانوا نحواً من سبعمائة ألف قتيل" ففنيت مدينة " مرو " عن آخرها واختفى ذكرها من التاريخ .

سقوط نيسابور:

ثم جاوزوا مدينة " مرو " إلى مدينة " نيسابور " وهي مدينة كبيرة من مدن إقليم خرسان وتقع حالياً في الشمال الغربي لدولة " إيران " ؛ فاتجه إليها التتار بعد أن تركوا خلفهم مدينة " مرو " وقد خربت تماماً ؛ فحاصروها خمسة أيام ومع أنه كان يوجد بالمدينة جمع كبير من الجنود المسلمين إلا أن أخبار " مرو " وصلت إليهم فدب الرعب والهلع في أوساط المسلمين فما استطاعوا أن يقاوموا التتار ؛ فدخل التتار المدينة وأخرجوا كل أهلها إلى الصحراء ؛ وجاء من أخبر ابن جنكيز خان أن بعضاً من سكان " مرو " قد سلِم من القتل لأنهم ضربوا بالسيوف ضربات غير قاتلة فظن التتار أنهم قد ماتوا فتركوهم فهربوا ؛ لذلك في " نيسابور " أمر ابن جنكيز خان بقتل كل رجال المدينة بلا استثناء وأن تقطع رؤوسهم لكي يتأكدوا من قتلهم ؛ ثم قاموا بسبي كل نساء المدينة وأقاموا بالمدينة خمسة عشر يوما يبحثون في الديار بحثاً عن الأموال والنفائس ؛ ثم تركوها كما يقول ابن الأثير " أثراً بعد عين " .

سقوط هراه:

ثم اتجهوا إلى " هراه " في شمال أفغانستان فتوجه إليها ابن جنكيز خان بقواته المهولة ولم تسلم " هراه " من المصير الذي واجهته " مرو " و "نيسابور " فقتل كل من فيها من الرجال وسبى كل النساء وخربت المدينة كلها وأحرقت عن آخرها لكن أمير هذه المدينة وكان يدعى " ملك خان " أستطاع الهروب بفرقه من جيشه في اتجاه " غزنه " في أفغانستان بعيداً عن أرض القتال .

بسقوط " هراه " يكون إقليم خرسان بكاملة قد سقط في أيدي التتار ولم يبقوا فيه على مدينة واحدة ؛ كل هذه الأحداث تمت في عام 617- وهذا من أعجب الأمور التي مرت في تاريخ الأرض مطلقاً .


إقليم خوارزم:

من أشهر مدنه مدينة " خوارزم " مركز الخوارزميين وبها تجمع كبير من المسلمين وحصونها من أشد حصون المسلمين بأساً وقوة وهي تقع حالياً على الحدود بين " أوزبكستان " و" تركمانستان " تقع مباشرة على نهر " جيحون " وكانت تمثل للمسلمين أهمية إستراتيجية واقتصادية كبيرة .

سقوط خوارزم:

لأهميتها الكبيرة وجه إليها جنكيز خان أعظم جيوشه وأكبرها ؛ فقام هذا الجيش بحصار المدينة خمسة أشهر كاملة ولم يتم له الفتح فطلبوا المدد من جنكيز خان فأمدهم بجند كثير وزحفوا على المدينة زحفاً متتابعاً وضغطوا عليها من جميع الجهات حتى استطاعوا أن يحدثوا ثغرة في الأسوار ؛ فدخلوا المدينة ودار قتال رهيب بين التتار والمسلمين داخل المدينة وفني من الفرقين خلق كثير إلا أ، السيطرة الميدانية كانت للتتار ثم تدفقت على المدينة جموع كثيرة من التتار فحلت الهزيمة الساحقة بالمسلمين ؛ ودار على أشدة فيهم وبدأ المسلمون في الهروب والاختفاء في السراديب والخنادق والديار ؛ فقام التتار بهد سد ضخم كان مبنياً على نهر " جيحون " ليمنع المياه من دخول المدينة ..

فأطلق التتار طوفن من المياه الغزيرة على " خوارزم " فأغرقت المدينة بكاملها ودخل الماء في السراديب والخنادق والديار وتهدمت ديار المدينة بفعل الطوفان الهائل ؛ ولم يسلم من خوارزم أحد البتة وأصبحت المدينة العظيمة خراباً وتركها التتار وقد اختفت تماماً من على وجه الأرض وأصبح مكانها ماء نهر " جيحون " ؛ وهذا كما قال ابن الأثير " مالم يسمع به في قديم الزمان وحديثه اللهم إلا ما حدث مع قوم نوح – عليه السلام " .

بتدمير إقليمي خراسان وخوارزم يكون التتار قد سيطروا علي المناطق الشمالية والوسطي من دولة خوارزم الكبرى ووصلوا في تقدمهم إلي الغرب علي مقربة كبيرة من نهاية هذه الدولة على حدود العراق .

جلال الدين بن خوارزم:

ولكنهم لم يقتربوا بعد من جنوب دولة خوارزم الكبرى الذى كان تحت سيطرة رجل يدعي " جلال الدين بن خوارزم شاه " ابن الزعيم محمد بن خوارزم شاه زعيم الدولة الخوارزمية ، وكان جنوب الدولة الخوارزمية يشمل وسط وجنوب أفغانستان وباكستان وكان يفصل بينه وبين الهند نهر السند وكان جلال الدين يتخذ من مدينة غزنة مقرا له وهي تقع الآن في أفغانستان علي بعد 150 كم من مدينة كابل وهى مدينة حصينة تقع وسط جبال " باروجا ميزوس " الأفغانية .

موقعة غزنة :

عندما انتهى جنكيز خان من أمر الزعيم الرئيسي للبلاد "محمد بن خوارزم شاه " وأسقط دولته بهذا الشكل المريع بدأ يفكر في غزو وسط أفغانستان وجنوبها ، فهو يريد أن من أمر الابن " جلال الدين " الذى ورث الحكم بعد أبيه محمد بن خوارزم شاه ، فوجه جنكيز خان إلى غزنة وهي عاصمة ملك " جلال الدين " جيشاً كثيفا من التتار ، وبدأ جلال الدين بعد أن أصبح الوريث الشرعى للبلاد وبعد أن وصلته أخبار ما حدث فى شمال ووسط مملكة أبيه وما حدث لأبيه وكيف مات فى جزيرة نائية ،فجمع جيشاً كبيرا من بلاده وأنضم إليه أحد ملوك الأتراك المسلمين كان يدعى "سيف الدين بغراق " وكان شجاعاً مقداماً صاحب رأى ومكيدة وحرب وكان معه ثلاثون ألف جندي ثم أنضم إليه أيضا ستون ألفا من الجنود الخوارزمية الذين فروا من التتار أثناء غزوهم المدن الخوارزمية ، ثم أنضم إليه أيضا ملك خان و أمير هراة الذى فر منها بفرقة من جيشه ..

فبلغ جيش جلال الدين عددا كبيرا ، فخرج بهذا الجيش إلى منطقة بجوار غزنة تدعى " بلق" وهى منطقة ذات طبيعة جبلية وعرة وتقع وسط الجبال العظيمة ، وانتظر جيش التتار هناك فى ذلك المكان الحصين ، وبعد قليل جاء جيش التتار فدار بين الجيشين معركة من أشرس المعارك فى هذه المنطقة وقاتل المسلمون قتال المستميت فهذه أطراف المملكة الخوارزمية فلو هزموا في هذه الموقعة فليس بعدها أملاك ، فكان لحمية المسلمين ولصعوبة الأرض والطبيعة الجبلية وكثرة أعداد المسلمين وشجاعة الفرقة التركية بقيادة سيف الدين بغراق والقيادة الميدانية لجلال الدين أثراً واضحا في ثبات المسلمين أمام جحافل التتار فاستمرت المعركة ثلاثة أيام ، ثم أنزل الله – عز وجل – نصره علي المسلمين وانهزم التتار للمرة الأولى فى بلاد المسلمين وكثر فيهم القتل ، وفر الباقون منهم إلى ملكهم جنكيز خان وكان فى ذلك الوقت قد ترك سمرقند وتمركز فى منطقة الطالقان فى شمال شرق أفغانستان ..

وارتفعت معنويات المسلمين بعد هذه المعركة فقد كان قد وقر فى قلوب الكثيرين قبل المعركة أن التتار لا يهزمون ، ولكن هاهو إتحاد الجيوش الإسلامية في غزنة يؤتى ثماره فاتحدت فى هذه الموقعة جيوش جلال الدين مع بقايا جيوش أبيه مع الفرقة التركية بقيادة " سيف الدين بغراق " مع ملك خان أمير هراة واختاروا مكاناً مناسباً وأخذوا بالأسباب المتاحة فكان النصر .


موقعة كابل:

وعندما اطمئن جلال الدين إلى جيشه أرسل رسالة إلى جنكيز خان في " الطالقان " يدعوه فيها إلى قتال جديد وهذه هي أول مره يشعر فيها جنكيز خان بالقلق فجهز جيشاً أكبر وأرسله مع أحد أبناءه لقتال جلال الدين وتجهز الجيش المسلم للموقعة الثانية مع التتار ؛ والتقى الجيشان في مدينة " كابُل " الأفغانية وهي مدينة حصينة تحاط من كل جهاتها تقريباً بالجبال ؛ فشمالها جبال " هندوكوش " الشاهقة وغربها جبال " باروبا ميزوس " وجنوبها وشرقها جبال " سليمان " ؛ فدارت موقعة كابل الكبيرة وكان القتال عنيفاً أشد ضراوة من موقعة غزنة وثبت المسلمون وحققوا نصراً غالياً ثانياً على التتار بل وأنقذوا عشرات الآلاف من المسلمين الأسرى من أيدي التتار ؛ وارتفعت معنويات المسلمين أكثر وفرح المسلمون بهذا النصر .

الغنائم:

ثم تمكن المسلمون من شئ يعتبرة الكثيرون من الناس نعمة ولكن كثيراً ما يكون نقمة ألا وهو " الغنائم " الدنيا وكم أهلكت الدنيا من المسلمين ؛ روى البخاري ومسلم عن عمرو بن عوف ( رضي الله عنه ) قال ؛ قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم " ؛ وكانت قلوب المسلمين في هذه الحقبة من الزمان مريضة بمرض حب الدنيا إلا من رحم الله ؛ وكانت حروبهم حروب مادية ؛ حروب مصالح ؛ حروب أهواء ؛ ولم تكن حروباً في سبيل الله – عز وجل – لذلك كان لهم الانتصار مرة أو مرتين لحب البقاء والرغبة في الملك والخوف من الأسر ومن القتل فكانت لهم جولة أو جولتين ولكن ظهرت خبايا النفوس عند كثرة الأموال والغنائم ووقع المسلمون في الفتنة فاختلفوا على تقسيم الغنيمة ..

فقام " سيف الدين بغراق " وقام " ملك خان " أمير هراه قام كل منهما نصيبه في الغنيمة وحدث الأختلاف وارتفعت الأصوات ثم ارتفعت السيوف ليقاتل المسلمون على تقسيم الغنيمة ؛ وجيوش التتار مازالت تملأ معظم مدن المسلمين ؛ وكان ممن قُتل أخ لسيف الدين بغراق فغضب غضباً شديداً وقرر الانسحاب من جيش جلال الدين ومعه ثلاثون ألف مقاتل ؛ فحدث ارتباك كبير في جيش المسلمين وحاول جلال الدين أن يُصلح الأمور فأسرع إلى سيف الدين بغراق ليرجوه أن يعود إلى صف المسلمين والمسلمون في حاجة إلى كل جندي وفي حاجة إلى كل طاقة ؛ وفوق هذا فإن الفرقة التركية التي انسحبت هي أقوى فرقة في جيش جلال الدين ؛ لكن سيف الدين بغراق أصر على الأنسحاب وأنسحب بالفعل وأنكسر جيش المسلمين انكسارا كبيراً فأنكسر انكساراً مادياً ومعنوياً ولم يفلح المسلمين في استثمار النصر الغالي الذي حققوه في " غزنه " و " كابل " ؛ روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال؛ قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستحلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء "
............................
يتبع
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59