قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم
أَخْبَرَنَا ، أَبُو سَعِيدٍ نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِنَّمَا قُلْتُ : لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ بِمَاءٍ قَدْ تَوَضَّأَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ اللَّهَ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) يَقُولُ { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ } ، فَكَانَ مَعْقُولًا . أَنَّ الْوَجْهَ لَا يَكُونُ مَغْسُولًا إلَّا بِأَنْ يَبْتَدِئَ لَهُ بِمَاءٍ فَيُغْسَلَ بِهِ ، ثُمَّ عَلَيْهِ فِي الْيَدَيْنِ عِنْدِي مِثْلُ مَا عَلَيْهِ فِي الْوَجْهِ [ مِنْ ] أَنْ يَبْتَدِئَ لَهَا مَاءً ، فَيَغْسِلَهُمَا بِهِ .
فَلَوْ أَعَادَ عَلَيْهِمَا الْمَاءَ الَّذِي غَسَلَ بِهِ الْوَجْهَ كَانَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَوَجْهِهِ وَلَا يَكُونُ مُسَوِّيًا بَيْنَهُمَا حَتَّى يَبْتَدِئَ لَهُمَا الْمَاءَ ، كَمَا ابْتَدَأَ لِلْوَجْهِ { وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ لِكُلِّ عُضْوٍ مَاءً جَدِيدًا }
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } إلَى : { وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ } فَاحْتَمَلَ أَمْرُ اللَّهِ ( تَبَارَكَ وَتَعَالَى ) بِغُسْلِ الْقَدَمَيْنِ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ مُتَوَضِّئٍ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى بَعْضِ الْمُتَوَضِّئِينَ دُونَ بَعْضٍ .
فَدَلَّ مَسْحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنَّهَا عَلَى مَنْ لَا خُفَّيْنِ عَلَيْهِ [ إذَا هُوَ ] لَبِسَهُمَا عَلَى كَمَالِ طَهَارَةٍ . كَمَا دَلَّ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) صَلَاتَيْنِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَصَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ مِمَّنْ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ ، عَلَى بَعْضِ الْقَائِمِينَ دُونَ بَعْضٍ ، لَا أَنَّ الْمَسْحَ خِلَافٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا الْوُضُوءَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ .
زَادَ فِي رِوَايَتِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْهُ : إنَّمَا يُقَالُ : الْغُسْلُ كَمَالٌ وَالْمَسْحُ رُخْصَةُ كَمَالٍ وَأَيَّهمَا شَاءَ فَعَلَ .