قَحْـل الأوجـاع
لاَ تَهُزَّ يَا دِمَاغِي خَلايَا الأَرَق!
لاَ تَشُدِّي يَا ذِرَاعِي خَصَلاتِ الأَسَى!
ضُمِّي حَنِينِي..وَشَوْقِي..يَا مَلاَمِحَ السُّكُون..
أَشْرِقِي وَجْهَ البَرَاءَةِ..مِنْ بَيْنِ قُضْبَانِ السُّجُون !
لاَ تُلْجِمِي أَنْفَاسَكِ يَا حَشْرَجَةَ الضَّيْق!
آهـٍ ..
أَكَادُ أَسْمَعُ أَنَّاتِكِ بِأَلِفٍ مَمْدُودَةٍ مَكْلُومَة!
يَشُقُّ صُرَاخُهَا أَحْشَاءَ الكَوْن!
بَلْ صَفَعَتْنِي هَاؤهَا التَّنْهِيدِيَّة..كَرُوحِ الوَجَع.. مَصْدُوم حَزِين!
إِنِّي أَسْمَعُ تَأَوُّهَاتِكِ المَكْبُوتَة!
تَرَدُّدَاتُ نَشِيجِكِ بَيْنَ الخُفُوتِ..وَالصَّخَب!
أُنْصِتُ لَمُوَشَّحَاتِ الأَنِينِ..بَيْنَ ضُلُوعِ الحَنِين..
أَسْمَعُ وَشْوَشَاتِ الأَحْلاَمِ تُرْهِقُ قَلْبَ السَّمَاء!
أَرَى أُمْنِيَاتِي تَخْتَرِقُ عُمْقَ الصَّمْت!
وَلاَ سَبِيلَ لِمَنْفَذٍ تَتَنَفَّسُ مِنْهُ..سِوَى أَثْقَابٍ بَاهِتَةٍ ضَمَّتْ زَفَرَاتِ الْقَهْر!
اِحْضُنِي..يَا ذِرَاعِي.. آهَاتِ التَّبَارِيح..
يَمِّمْ..يَا حُلْمِي صَوْبَ الأَرَاجِيح..
تَيَمَّمِي..يَا رُوْحِي مِنْ أَوْجَاعِ الطَّرِيح!
سَمِّ..ومُدَّ كَفَّيْكَ يَا شَوْقِي.. لِلْجَرِيح..
تَكَلَّمْ..يَا طَمُوحَ الهَوَى..وَانْسِجْ خَيَالَ الرِّيح!
وَانْعَمِي..أَيَا عُرُوقَ الشِّتَاءِ.. بِدِفْءِ التَّرَاوِيح..
اِمْسَحِي شُؤُونَكِ الثَّرَارَةِ يَا عَيْنِي..بِمَنَادِيلِ الشَّمْس..
وَلْتَسْتَرْخِي أَجْفَانُكِ بَيْنَ أَحْضَانِ اليَاسَمِين..
أَزِيْحِي كُلَّ دَمْعَةٍ اتَّكَأَتْ عَلَى أَثِيرِ الجَفْن..
وَاصْنَعِي دَوَاءً لِعَيْنِ الجَمَالِ مِنْ شَكْوَى الأَيْن!
أَطْلِقِي بَسَمَاتِكِ مِنَ جُحْرِ الْعَبُوس..
اِنْقُضِي يَا ذِرَاعِي..جَدَائِلَ الْحَيَاة!
رَتِّبِي طَبَقَاتِ أَفْكَارِكِ عَلَى رُفُوفِ الأَمَل..
وَمَزِّقِي كُلَّ أَسْمَالِ المَاضِي الشَّاكِيَة..
اِشْتَرِي يَا عَيْنِي مِنَ الآيَاتِ كُلَّ رَسَائِلِ الرَّحْمَن..
فَلآلِيءُ الأَحْدَاقِ لاَ يَسْتَحِقُّهَا وَاعِدٌ صَادٍ!
لاَ يَسْتَحِقُّهَا.. خَاوِي الْقَلْبِ.. بَارِد!
لاَ يَسْتَحِقُّهَا.. مُشْتَاقٌ بَاهِتٌ المَلامِحِ جَامِد!
لاَ تَسْتَحِقُّهَا دُنْيَا..أَثْقَلَتْ بِغَوْغَائِهَا قَلْبٌ سَاجِد!
لاَ يَسْتَحِقُّونَ شِرَاءَ دُرَرِ الجُفُون، وَتَضْحِيَاتٍ عَبَثَتْ بِهَا الظُّنُون..
لاَ يَسْتَحِقُّونَ سَاعَاتِ انتِظَارٍ أَنْفَقَتْ كُلَّ الجُنُون..
لاَ يَسْتَحِقُّونَ..فَهُمْ مَازَالُوْا فِي أَهْوَائِهِم سَادِرُون.
اِجْمَعِي ..يَا ذِرَاعِي أَوْرَاقَ الحُلْمِ مِنْ مَائِدَةِ الأَلَم..
وَسَابِقِي آرَامَ الطَّبِيْعَة..
وَاقْطُفِي زَهَرَاتِ حُلْمٍ جَدِيدَة..
اُرْفُقِي بِجُمْجُمَة أَفْكَارِي المَزْحُومَة..
وَارْفَعِي كَفَّيْكِ عَالِيَتَيْنِ..تَسْتَسْقِيَانِ أَنْدَاءَ الرَّحْمَة!
فَحَتْمًا هُنَاك..
أَوَابِلُ تَنْتَظِرُ أَمْرًا قدسيًّا..
لِتَنْتَشِلَ نَبَضَاتِنَا الْعَطْشَى مِنْ قَحْلِ الأَوْجَاع..
إِلَى رِيَاضِ الْيَقِينِ..وَجِنَان السَّكِينَة..
فَفِي جَوْفِ الْغَيْبِ..مُفَاجَآتُ الْقَدَرِ الْجَمِيْلَة..
وَفِي بَاطِنِ المُسْتَحِيلِ..أَحْلامٌ يَانِعَة..
وَمِنْ عَجْعَجَةِ الأَصْوَات..
سَتُطْرَبُ أَوْرِدَةُ الأَرَق..
بِأَلْحَانِ الرَّبِيع............
الكاتبة : مريم مطر الشلوي