عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-18-2019, 11:16 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

والصحيح أن هذه العقـود صحيحة ما لم ينه عنها أو تخالف قواعد الشريعة ، لأن الأصل في العقود الإباحة ( ) .
وما يهمنا من هذه التقسيمات ، هو التقسيم الأول ، وكون الصحيح ينقسم إلى لازم وغير لازم .
فالعقد اللازم : هو كل عقد صحيح نافذ لا يقبل الفسخ أبداً ، أو يقبله ولكن لا يملك أحد الطرفين فسخه أو إبطاله إلا إذا حصل بينهما اتفاق على ذلك ( ) .
كالبيع والإجارة والمزارعة والخلع والصلح والحوالة .
والعقد غير اللازم : هو كل عقد يستطيع أحد طرفيه أن يفسخه بدون توقف على رضى الآخر ( ) .
كالزواج للزوج ، وكالرهن للمرتهن دون الراهن ، وكالوكالة ، والعارية ، والوديعة .
واللزوم قد يكون بالنسبة لطرف واحد ، وقد يكون بالنسبة للطرفين ( ) .














المبحث الثالث :
تعريف الوديعة لغة واصطلاحاً .

تعريف الوديعة لغة :
قال في معجم مقاييس اللغة : "ودع : الواو والدال والعين : أصل واحد يدل على الترك والتخلية .
وَدَعَه : تركه ، ومنه دَعْ ... ومنه الدَّعَة : الخَفْض ، كأنه أمر يترك معه ما يُنْصِب . ورجل متَّدِعٌ : صاحب راحة ، وقد نال الشيء وادعاً من غير تكلف ، والوَديع : الرجل الساكن . والُموَادَعَة : المصالحة والمتاركة ..." ( ) .
وقال في كتاب النظم المستعذب : "الوديعة مشتقة من قولهم : الشيء وادع، أي ساكن ، فكأنها ساكنة عند المودَع لا تحرك .
وقيل : إنها مشتقة من الدَّعة ، وهي الأمان ، أي هي في أمان من التلف عند المودَع .
قلت : وهذا الاشتقاق واحد ، ..." ( ) .

تعريف الوديعة اصطلاحاً :
عرفها الحنفية بأنها : "تسليط الغير على حفظ المال" ( ) .
ويناقش :
1 – بأنه لم يذكـر ما يختص به الشخص كالكلب المعلَّم ، وهو ليس بمال.
2 – وبأنه لم يذكر كونه متبرعاً ، فقد يكون مستأجراً لحفظ المال ومسلطاً عليه .
وعرفها المالكية ، بأنها : "ت**** بحفظ المال" ( ) .
وبعضهم عرفها ، بأنها : "استنابة في حفظ المال" ( ) .
ويناقش التعريفان :
1 – بأنهما لم يذكرا ما يختص به الشخص كالكلب المعلم ، وهو ليس بمال.
2 – وفي التعريف الثاني لم يذكر كونه متبرعاً أو بأجرة ، حيث إن المستأجر للحفظ نائب عن المالك في الحفظ .
3 – ثم إنهما لم يذكرا تسلط النائب على المال بكونه في يده ليحفظه ، فلا يصح إيداع سمك في ماء ، وعبد آبق .
4 – ثم إن الوديعة هي المال نفسه والذي ذكروه هو الإيداع ( ) .
وعرفها الشافعية كتعريف المالكية .
ويرد عليهم ما يرد على المالكية ( ) .
وعرفها الحنابلة ، بأنها : "المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض" ( ) .
وزاد بعضهم (أو المختص) بعد المال ، وهو أصح .
وهذا التعريف هو التعريف المختار ، لسلامته من المناقشات التي وردت على التعاريف السابقة .







المبحث الرابع :
تعريف الوكالة لغة واصطلاحاً .

تعريف الوكالة لغة :
قال في معجم مقاييس اللغة : "وكل : الواو والكاف واللام أصل صحيح ، يدل على اعتماد غيرك في أمرك ، من ذلك الوُكَلة ، والوَكَل : الرجل الضعيف ، يقال : وَكَلَةٌ تُكَلَةٌ ، والتوكُّل منه ، وهو إظهار العجز في الأمر والاعتماد على غيرك . ووَاكَلَ فلانٌ ، إذا ضيع أمره متكلاً على غيره ، وسُمي ال**** لأنه يُوكَل إليه الأمر . والوِكال في الدَّابَّة : أن يتأخر أبداً خلف الدواب ، كأنه يكل الأمر في الجري إلى غيره ..." ( ) .
قال في القاموس المحيط : "... وَكَلَ إليه الأمر وكْلاً ووكولاً : سلمه وتركه ... وتواكَلوا مواكلة ووكالاً : الكل بعضهم على بعض ... والتوكل : إظهار العجز والاعتماد على الغير ..." ( ) .
قال في الزاهر : "وال**** : الذي تكفل بما وكِّل به ، فكفى موكله القيام بما أسند إليه ... ويقال : وكلت أمري إلى فلان، أي فوضت أمري إليه فاكتفيت به.
واتَّكَل فلان على فلان : إذا اعتمد عليه" ( ) .
تعريف الوكالة اصطلاحاً :
عرفها الحنفية، بأنها : "إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم"( ).
ويناقش :
1 – "القيد الوارد في التعريف "إقامة الإنسان غيره مقام نفسه" لا يمنع من دخول بعض التصرفات التي لا تقبل النيابة كالعبادات البدنية التي لا تدخلها النيابة .
2 – هذا التعريف قد ينطبق على تعريف الإيصاء ، حيث لم يبين إن كان هذا التصرف في حال الحياة أو بعد الموت ، ولذا فإن هذا التعريف غير مانع" ( ) .
وعرفها المالكية ، بأنها : "نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروط بموته" ( ) .
ويناقش هذا التعريف :
أنه غامض العبارة ومخالف للقاعدة في التعاريف بأن يكون التعريف أوضح من المعرف ، وفيه ألفاظ يمكن الاستغناء عنها ( ) .

وعرفها الشافعية ، بأنها : "تفويض شخص ما له فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته" ( ) .
وعرفها بعضهم، بأنها : "إقامة ال**** مقام موكله في العمل المأذون فيه"( ).
ويناقش هذان التعريفان :
بأنهما "لم يحددا ما إذا كان الموكل فيه معلوماً حتى يتمكن ال**** من الوفاء بالوكالة حسب ما طلب منه" ( ) .
والتعريف الثاني يلزم منه الدور .
وعرفها الحنابلة، بأنها : "استنابة جائز التصرف مثله، فيما تدخله النيابة"( ).
ويناقش :
1 – "بأنه لم يبين ما إذا كان الموكل فيه معلوماً أو لا ؟" ( ) .


2 – وفيه تكرار في بعض القيود مثل : "استبانة" و "نيابة" ( ) .
التعريف المختار ، أن الوكالة هي :
استبانة جائز التصرف مثله في تصرف معلوم ليفعله في حياته .












الفصل الأول :
الاختلاف بين المتعاقدين في عقد الوديعة ،
ويشتمل على ثلاثة مباحث :

• المبحـث الأول : الاختلاف بين المتعاقدين في لزوم عقد الوديعة بعد انعقاده .
• المبحث الثاني : الاختلاف بين المتعاقدين في وجود عقد الوديعة .
• المبحث الثالث: الاختلاف بين المتعاقدين في حقيقة عقد الوديعة.









المبحث الأول :
الاختلاف بين المتعاقدين في لزوم عقد الوديعة بعدانعقاده.
فقد ينشأ اختلاف بعد انعقاد عقد الوديعة, هل يلزم المودَع الاستمرار في حفظها أم له فسخ ذلك؟
حكم عقد الوديعة أنه عقد جائز من الطرفين في الجملة ( ) ؛ لأنها نوع من الوكالة ( ) .
فمتى أراد المودِع أخذ وديعته لزم المستودَع ردها ؛ لقوله تعالى : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) ( ) . والوديعة أمانة فهو مأمور بردها .
فإن أراد المستودع ردها على صاحبها لزمه قبولها ؛ لأن المستودع متبرع بإمساكها فلا يلزمه التبرع في المستقبل ( ) .
قال في الحاوي : "لا يخلو حال من استودع وديعة من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون ممن يعجز عنها ، ولا يثق بأمانته نفسه فيها ، فهذا لا يجوز له أن يقبلها .
والحال الثانية : أن يكون أميناً عليها قادراً على القيام بها وليس غيره ممن يقوم بها ، فهذا ممن قد تعين عليه قبولها ، ولزمه استيداعها ، كما تعين الشهادة على الشاهد إذا لم يوجد من يتحملها سواه ، وكما يلزم الإنسان خلاص نفس يقدر على إحيائها إذا لم يوجد غيره ، لأن حرمة المال كحرمة النفس .
والحال الثالثة : أن يكون أميناً عليها وقادراً على حفظها ، وقد يوجد غيره من الأمناء عليها ، فهذا مندوب إليه ، وإن لم تجب عليه" ( ) .
وقال النووي : "قال أصحابنا : لو تعين عليه قبول وديعة فلم يقبلها ، وتلفت فهو عاص ، ولا ضمان ؛ لأنه لم يلتزم الحفظ" ( ) .
وقال في نهاية المحتاج : "(ولهما) يعني للمالك (الاستردادو) للوديع (الرد كل وقت) من الجانبين ، نعم يحرم الرد حيث وجب القبول ويكون خلاف الأولى حيث ندب ولم يرضه المالك" ( ) .
وقال في تقرير القواعدوتحريرالفوائد : "القاعدة الستون : التفاسخ في العقود الجائزة متى تضمن ضرراً على أحد المتعاقدين ، أو غيرهما ممن له تعلق بالعقد ، لم يجز ولم ينفذ ، إلا أن يمكن استدراك الضرر بضمان أو نحوه ، فيجوز على ذلك الوجه" ( ) .
وقال في المنثور في القواعد : "العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضرراً على الآخر امتنع وصارت لازمة" ( ) .
والحاصل : أن المتعاقدين إذا اختلفا في أصل عقد الوديعة فالأصل أنها عقد جائز لكل من المتعاقدين فسخه ، إلا أنه إذا كان هناك ضرر مترتب على فسخها فإنها قد تكون عقداً لازماً إذا لم يمكن إزالته ، كما لو كان إذا أخذها ربها غصبت منه أو سرقت فيلزمه تركها عند من يحفظها .
وكما لو كان المودَع يريد ردها في زمن غاب فيه المودِع أو سجن مع قرب زمن إطلاقه ووجوده فيلزمه حفظها إلى أن يوجد .
ومرد تقدير الضرر إلى العرف والعادة وتحديده راجع إلى القاضي .
ومتى قلنا باللزوم فعلى من كـان التفريط أو التعدي من جهته فعليه الضمان.
على أنه ينبغي التنبه إلى أن من لزمه حفظها ابتدائاً إذا لم يلتزم ذلك هو آثم ولكن لا ضمان عليه لأنه لم يلتزم حفظها .


















المبحث الثاني :
الاختلاف بين المتعاقدين في وجودعقد الوديعة .

وقد يكون سبب الاختلاف النسيان أو الجحود أو الرغبة في أكل المال بالباطل أو غير ذلك .
فإذا اختلف المتعاقدان في وجود عقد الوديعة ، فالعلماء هنا على قولين فيمن يقبل قوله :
القول الأول : أن القول قول المودَع ، وهو قول عند الحنابلة ( ) .
الدليل : أن الأصل عدمها ( ) .
والقول الثاني : أن القول قول المودَع بيمينه ، وهو قول المالكية ( ) والشافعية ( ) وقول عند الحنابلة ( ) .
الأدلة :
الدليل الأول : ما روى ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء قوم وأموالهم
لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر" ( ) .
الدليل الثاني : أن الأصل أنه لم يودعه فكان القول قوله ( ) .
الترجيح :
الراجح أن القول قول المودَع بيمينه ، لأن النص ورد بذلك ، ولأنه إن كان صادقاً لم تضره اليمين فلا يوجد ما يمنعه أن يحلف .
وهذا عند عدم وجود البينة .
وأما إذا قال نسيت ، أي نسي هل أُودِعَ شيئاً أو لا ؟ .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم ( ) : "ظاهر العبارة أنه لا يصدق .
والقول الآخر : أنه إذا أتى ببينة قبلت .
والظاهر أنه إذا حفت القرائن أنه كاذب كما لو كان قليل النسيان والوقت قريب فلا يقبل .
وإن كان صاحب نسيان والمسألة أخذت ستة أشهر وليس ممن يظهر عليه علامات الكذب فإنه يقبل ، لاسيما على القول الآخر الذي فيه القبول مطلقا"( ).







• المبحث الثالث: الاختلاف بين المتعاقدين في حقيقة عقد الوديعة. ويشتمل على ثلاثة مطالب :
o المطلب الأول : إذا ادعى المودع الإيداع وادعى المالك الغصب .
o المطلب الثاني : إذا ادعى المودع الإيداع وادعى المالك القرض .
o المطلب الثالث : إذا ادعى المودع الصدقة وادعى المالك الإيداع .








المبحث الثالث :
الاختلاف بين المتعاقدين في حقيقة عقد الوديعة ،
ويشتمل على ثلاثة مطالب :

المطلب الأول : إذا ادعى المودع الإيداع وادعى المالك الغصب :
وقد يكون سبب الاختلاف هو ضياع العين أو تلفها أو نسيان أحدهما أو اختلاط الأمر عليه ونحو ذلك .
وهنا اختلف العلماء على قولين :
القول الأول : أن القول قول المستودَع وهو قول المالكية ( ) والحنفية ( ) .
والأدلة على ذلك :
الدليل الأول : أن الأصل عدم العدوان ( ) .
الدليل الثاني : وأن المقر له يدعي عليه سبب الضمان وهو الغصب والمستودع منكر لذلك ولم يسبق منه إقرار بسبب موجب للضمان ، إنما ذكر أن صاحب المال وضع ماله في موضع فضاع ، وفعل الإنسان في مال نفسه لا يكون موجباً للضمان على غيره ( ) .
الدليل الثالث : أنه يدعي عليه في الغصب باب فجور فلا يصدق عليه ( ) .
القول الثاني : أنه إن قال المستودع أخذتها منك وديعة ، وقال الآخر : بل غصبتني ، فهو ضامن لها .
وهو قول عند الحنفية ( ) .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59