الموضوع: فاطمة المرنيسي
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-02-2012, 09:18 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

من كتاب العابرة المكسورة الجناح
ظل جاك مأخوذاً أمام لوحة أنجر " الحمام التركي " لوقت طويل لحد لم أجسر معه على إزعاج تأملاته ولحظات خلوته مع حريمه ، بعدها التفت إلي وكأنه أفاق من ذهوله ليعود إلى الواقع ، وليدعوني إلى التوجه نحو قاعة Denon لالتقاء بجاريته المفضلة La grande odalisque التي رسمها الرسام نفسه أي " أنجر " ثم قال لي :

" إن الرجال الغربيين أذكى من نظائرهم الشرقيين في الجانب المالي . ولذلك فإن الدولة هي التي تمول حريمي بكاملة . تصوري المصاريف التي سيكلفني لو كنت أؤدي فاتورات التدفئة والإنفاق على كل هؤلاء النساء العاريات في طقس باريس البارد . إن الجمهورية الفرنسية هي التي تعتني بهن ,ولذلك يمكنني أن أنساق لكل أوهامي متحرراً من كل الأعباء المادية . وكل ما علي القيام به لزيارة هؤلاء السيدات اللآئي ينتظرنني في الظل ويترقبن خطواتي في صمت ، هو أن أحزم ربطة عنقي المعقودة كالفراشة بإتقان " .

حبست ضحكتي لأننا وصلنا إلى الهدف . كنا أمام " الوصيفة الكبرى " التي رسمها أنجر سنة 1841 . أدركت للتو بأني أعرفها جيداً من خلال النسخ العديدة التي رأيتها لها في الكتب والمجلات . كانت مثالاً حقيقياً للجمال . أخبرني جاك بأن أفضل وصف لها كتب من طرف أمريكي " روبير روزنبلوم " وهو أستاذ لتاريخ الفن بجامعة نيويورك :" كائنة الحريم اللاهية التي لم يلطخ الغبار أقدامها قط . الوصيفة المستسلمة التي تبدو وكأنها لا توجد هنا إلا لبعث المتعة فينا ... إنها ترفل في بذخ مزخرف ، يحفها الطلس والحرير والفرو والريش ."( روزنبلوم ، أنجر )

صمت جاك وغرق في تأمل محظيته ويده على ربطة عنقه . لم يكن الوحيد على كل حال ، كان هناك عشرات الرجال ومن ظمنهم الكثير من السائحين ينظرون بإعجاب إلى الوصيفة الكبرى . كان الظل الذي يسود القاعة ذات السقوف العالية يزيد من جمال الإنارة الخافتة التي تغشى جسد هذه المرأة المستلقية وهي عارية ، أو بالأحرى مرتدية لإزار ملون مزين بالجواهر ويبدو أنها فوجئت بالفنان الذي يقتحم سريتها ، إذ أنها استدارت وأرسلت نظرة كما لو أنها سمعت للتو حركة وراء ظهرها .

همس لي جاك بأن هذا العري الهش يشكل السر في الجاذبية *****ية التي تمارسها الوصيفة الكبرى . ثم حكى لي أول لقاء معها ، الذي كان بمثابة لحظة قوية في تربيته . لقد قال لي بأن رؤية ولد صغير لأمرأة عارية كان من المستحيلات تقريباً عندما كنت صغيراً . وكان بإمكان الفن وحده أن يدخل رجل المستقبل إلى عالم العري الأنثوي . " لقد كنت في الحادية عشر من عمري حين صحبتنا " الأخت بندكتين " وهي معلمتنا في المدرسة الدينية بالحي إلى متحف اللوفر . وقد لاحظت التأثير الذي مارسته اللوحة علي إذ أنها همست لي : لا تنظر إليها بهذه الطريقة يا صغيري " .

لقد كان هذا العري يزعجني أنا الأخرى ، إلا أن ذلك يعود إلى أسباب مغايرة . سبق وأن قلت أن النساء لم يكن عاريات في الحريم ، لأن فاقدي العقول هم اللذين يتجولون عراة . لم تكن النساء ترتدين الثياب فقط ، ولكنهن كن في الحريم التركي الذي استوحى منه " أنجر " لوحاته ، يلبسن أزياء كأزياء الرجال ، أي سراويل فضفاضة وقمصاناً قصيرة . وقد دهش الأوربيون الذين كان لهم حظ الدخول إلى قصور السلاطين لرؤية هذه الأشباح المخنثة .

من بين هؤلاء " جان تفنو " الذي أبدى بالغ اتلدهشة عندما عاين بأن النساء في الحريم سافرات ...............


الذكاء أم الجمال ؟
لقد قتل ( إدجار ألن بو ) فعلاً شهرزاد في قصته " ألف ليلة وليلتين " ... وقد كانت طريقة قتلها فظيعة . الأدهى من ذلك أنه يعلن بأنها وجدت لذة مرضية في قتلها :" شعرت بارتياح كبير حين كان الحبل يضيق حول رقبتها . ما هو الذنب الذي ارتكبته الحاكية لتنال مثل هذا العقاب ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دمتم بخير


__________________


رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59