عرض مشاركة واحدة
  #84  
قديم 08-21-2014, 08:01 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,202
ورقة الليبرالية في نسختها العربية

الليبرالية في نسختها العربية
ــــــــــــــ

(رأفت صلاح الدين)
ــــــــــ

25 / 10 / 1435 هــ
21 / 8 / 2014 م
ـــــــــــــ
الليبرالية في نسختها العربية

إن سنة الله لا تتبدل ولا تتغير ولا تحابي أحدًا، فما بني على باطل فهو باطل، والله عز وجل هو خالق الإنسان، وهو أدرى بما يصلحه وما ينفعه في دنياه وآخرته، والإنسان مهما ازداد في العلوم والمعارف، ومهما اخترع من قوانين وآليات لإصلاح حال البشر - فجهده قاصر، وسعيه مبتور؛ لأن ما يجهله في هذا الكون أكثر مما يعرفه، وما يغيب عنه أوسع مما يدركه.

بين عشية وضحاها حدث ما لم يكن متوقعًا؛ حيث بدأت سحب الربيع العربي المحملة بسحب الخير تمطر أمنًا وعزًّا على بلادها، ويمسك الإسلاميون زمام الحكم فيها بعد عقود من الاضطهاد والاعتقال والتشريد، وفي نفس الوقت أوشكت حباتُ عقدِ أعتى أيديولوجية على وجه الأرض في الانفراط حبة حبة.

ولعل ذلك يدفعنا دفعًا إلى سبر أغوار الليبرالية في نسختها العربية ومعرفة حقيقتها وآلياتها؛ لنعرف كيف سقط المارد، وكيف هوت تلك الأسطورة التي لن يكون لها على الأقل تلك الهيبة والهيمنة والاحترام والتقديس لدى منظريها قبل شانئيها؟ وهذا يعتبر أعظم مكسب للإسلام والمسلمين[1].

تعريف الليبرالية:
------------

هي مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في السياسة والاقتصاد وكل مناحي الحياة، وينادي بالقبول بأفكار الغير وأفعاله، حتى ولو كانت متعارضة مع أفكار المذهب وأفعاله، وقد اختلفت وتعددت التعريفات لليبرالية؛ وذلك بسبب أنهم لم يتفقوا على آلية محددة لتطبيقها في الواقع.

فالليبرالية: (LIBERALISME) كلمة لاتينية، اشتقت من كلمة LIBER، التي تعني الحر، وغير المقيد بقيود، وغير الملتزم بأي التزام، والليبرالية: الحرية المطلقة، غير المقيدة بقيود.

جاء في الموسوعة الميسرة: "الليبرالية: مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في الميدانين الاقتصادي والسياسي".

أي معناها: التحرر التام من كل أنواع الإكراه الخارجي دولة، جماعة، فردًا، ثم التصرف وَفْق ما يمليه قانون النفس ورغباتها، والانطلاقة والانفلات نحو الحريات بكل صورها مادية، سياسية، نفسية، ميتافيزيقية (عقدية).

كما جاء في موسوعة لالاند الفلسفية (LIBERALISME): المعنى الفلسفي الحق للحرية هو الانفلات المطلق، لا بغياب النزوع، بل بالترفع فوق كل نزوع وكل طبيعة (ج.لاشلييه).

ويذكر في الموسوعة الفلسفية العربية: الليبرالية في الفكر السياسي الغربي نشأت وتطورت في القرن السابع عشر، وأن لفظتي "ليبرالي" و"ليبرالية" لم تكونا متداولتين قبل بداية القرن التاسع عشر، وأن كثيرًا من الأفكار الليبرالية موجودة في فلسفة "جون لوك" السياسية؛ فهو أول وأهم الفلاسفة الليبراليين.

وبحسب هذه المفاهيم والمعادلات والنتائج يمكن أن نصل إلى تحديد أدق لحقيقة الليبرالية بأنها تعني: الاستقلالية التامة للفرد، بالانكفاء على النفس، والتحرر من سلطة الغير، ثم الانفتاح على قوانين النفس والانفلات معها.

فتعريفات الليبرالية تُجمع على أنها انكفاء على النفس، مع انفتاح على الهوى؛ بحيث لا يكون الإنسان تابعًا إلا لنفسه، ولا أسيرًا إلا لهواه[2].

نشأة الليبرالية:
كثر استعمال الكلمة في أوربا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وهما قرنا الصراع بين الكنيسة (السلطة الكهنوتية)، والعلوم المادية والمكتشفات العلمية.

فالحرية التي أرادها القوم هي الحرية من تسلط الكنيسة على الأفكار والمكتشفات؛ فقد كانت الكنيسة تطارد علماء المادة ومكتشفي خصائصها، فحين أتى جاليليو بنظرية كروية الأرض بالأدلة والبراهين المادية، قامت قيامة الكنيسة وقتلَتْه، فكان العلماء وعامة الناس مضطهدين في أفكارهم وفي ممتلكاتهم.

وكان هذا الاضطهاد مبنيًّا على انحراف عقدي، من أن عيسى أحد الأقانيم الثلاثة للإله، وأنه صاحب الصلاحية المطلقة في الكون، وأنه وهب تلك الصلاحيات إلى الكنيسة؛ فهي وريثة المسيح، ولها ما كان لعيسى من القداسة والسلطان[3].

فالغرب أراد التحرر من الكنيسة التي ظلمتهم في كل مناحي الحياة.

فبدأ الفكر الليبرالي في مرحلته المبكرة داعيًا إلى حق التمرد ضد الحكومات التي تقيد الحريات؛ ولهذا أوحت الأفكار الليبرالية بالثورة الإنجليزية عام 1688م، والأمريكية عام 1775م، والفرنسية عام 1789م، وأدت هذه الثورات إلى قيام حكومات تعتمد على دساتير تقدس حق الإنسان في الحرية الشخصية بأوسع دوائرها، دون التزام تجاه شيء، إلا القوانين المصاغة أصلاً لحماية الحريات الشخصية[4].

من هنا ظهرت الليبرالية الغربية التي تعني حقَّ الفرد في الحياة كما يريد، دون التقيد بأي قيد أو شرط، ويعبرون عن ذلك بقولهم: (دعه يفعل ما يشاء، ويمر من حيث يريد)، ولا شك أن هذه المطالبة جاءت للتحرر من قيود الكنيسة، التي حرفت الإنجيل، وأخرجته من وحي إلهي إلى كلام بشري.

ولقد قامت حركة التنوير الأوروبية وَفْق تسلسل مرحلي تلقائي؛ بدءًا من العلمانية ثم الليبرالية وأخيرًا الديمقراطية، بحيث لا يمكن عزل أي مرحلة منها عن الأخرى، أو تجاوز اللاحقة منها السابقة، فكانت بداية النهضة الأوروبية مع حركة العلمنة التي تعني تحرر العقل العلمي من سلطان الكنيسة الجائر، وإعفاءَه من الالتزام بالولاء لما يتناقض مع أولى بديهياته، ونادت بإطلاق حرية العقل في التجريب والملاحظة بعيدًا عن المسلَّمات الأولية المتناقضة في النصوص الدينية، ولم يكُنْ ذلك يعني التملص من الإيمان الديني عند معظم العلمانيين، بل كانت حركتهم موجهة نحو تخليص العقل من سلطان الكنيسة؛ لعدم إمكان الجمع بينهما، ومن ثم عزل الإيمان الغيبي (الميتافيزيقا) عن الواقع التجريبي المحسوس.

بناءً على التسلسل المرحلي السابق ذكره، فإن الليبرالية الاقتصادية والأيديولوجية لم تنشأ في الغرب إلا بعد شيوع العلمنة، وتخليص العلم من سلطان الكهنوت، وهكذا فقد كان من الطبيعي أن تثور العقلية العلمانية على أيديولوجيا التسليم بالمطلق، ومنح العلم صفة النسبية، وتزامن ذلك مع تطلع الفرد للتحرر الاقتصادي من نير الإقطاع، وتحالف البورجوازية الناشئة مع الطبقة الكادحة التي أصبحت أكثر وعيًا وثقافة، مما أدى إلى تقلص سلطات الإقطاعيين، ومنح الطبقات الدنيا حرية العمل والتملك.

إثر ذلك التغيير العقلي والاجتماعي في المجتمع الأوروبي نشأ النظام الديمقراطي كتطور تلقائي ليحلَّ بديلاً عن نظام التوريث الإقطاعي الملكي، وما كان ذلك ليحدث لولا تغلغل الفكر العلماني الليبرالي في المجتمع، الذي أشاع مبادئ الحرية الفردية وحق تقرير المصير، مما أدى إلى تدخل الأفراد في انتخاب السلطة الحاكمة، ومن ثم نشوء النظام الديمقراطي القائم على الاقتراع ورأي الأغلبية[5].

الليبرالية في بلادنا العربية والإسلامية:
تعتبر الحملة الفرنسية على مصر بداية تاريخ الليبرالية فيها، بل وفي بلاد الإسلام؛ حيث بدأ الأمر بهزيمة عسكرية، أعقبها هزيمة نفسية خطيرة جرَّاء ما شاهده المصريون من مدنية وحضارة، تعمد الفرنسيون إظهارها أثناء الحملة.

وظهرت الليبرالية في كثير من الصور، منها السياسية والتشريعية، حتى الأخلاقية منها عن طريق سلوك الفرنسيات المرافقات للحملة، سواء في ملبسهنَّ ومسلكهنَّ.

ولم تكد تخرج الحملة الفرنسية من مصر حتى أثرت تأثيرًا نفسيًّا سلبيًّا في نفوس الكثير من المصريين، أعقبه ميل للخضوع والخنوع والتقليد.

ولم تمضِ إلا سنوات قليلة حتى ظهرت الطلائع الليبرالية في أمة الإسلام، أمثال: رفاعة الطهطاوي، وخير الدين التونسي، ثم أعقبهم: جمال الدين الأفغاني وتلاميذه الذين تربوا على أيديهم.

ثم كانت فترة الاستعمار الإنجليزي التي استمر وتعمق فيها المد الليبرالي، وتحت إشراف ذلك المستعمر، وضع الليبراليون أيديهم على كل منافذ التأثير، وقد تعاقبت على حكم مصر حكومات تنتمي إلى أحزاب سياسية، وكان أكثرها يحمل المبادئ الليبرالية في السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع؛ كحزب الوفد الضليع في علمانيته، الذي أسسه سعد زغلول، والذي تفرعت منه أو انشقت عنه أحزاب علمانية، تؤمن كلها بالمبادئ الليبرالية على اختلاف بينها في الوسائل، وفي المدة من (أكتوبر 1922م) وحتى قيام ثورة (يوليو 1952م)؛ أي فيما يقرب من ثلاثين عامًا، قامت في مصر إحدى وأربعون وزارة، كان الوفديُّون الليبراليون أو المنشقون عن الوفديين (السعديين) يتناوبون فيها مع غيرهم من العلمانيين على كراسي رئاسة الوزراء، ولم يكن التنافس بين هذه الأحزاب في الغالب إلا بقدر إثبات قدرتها على إحداث التغيير في بيئة المجتمع المصري وفق معايير الغرب، فماذا كانت الحصيلة؟

• وضع دستور علماني لمصر عام (1923م) على يد حزب الأحرار الدستوريين المتعاطفين مع الإنجليز، وهو الدستور الذي ظل معمولاً به مدة المد الليبرالي، والذي نص صراحة على أن التشريع حق خالص للبرلمان، وهو ما يعني تنحية الشريعة، وظل ذلك تقليدًا متبعًا بعد ذلك.

• في ظل الأحزاب الليبرالية، جرى (تأليف) أحكام مبدلة وضعية بدلاً من الأحكام الشرعية على يد (عبدالرزاق السنهوري) وفريقه، وهي الأحكام والقوانين المحادة للشريعة والمتناقضة مع أحكامها ومقاصدها، والتي أصبحت مصدرًا تستمد منه معظم الدول العربية فيما بعدُ قوانينها، وقد أحلَّت تلك القوانين كثيرًا من المحرمات، وألغت مرجعية الشريعة بشكل عملي.

• انطلقت مؤامرة (لبرلة) أو (تحرير المرأة) من حجاب العفة والكرامة، على يد قاسم أمين (تنظيرًا)، وهدى شعراوي وصفية زغلول (تطبيقًا)، وانتشرت العدوى بعد ذلك إلى بلدان عربية عديدة، حتى صارت بعض العربيات ينافسن الأوروبيات في (الليبرالية) الاجتماعية والأخلاقية.

• أرسيت قواعد التعامل الربوي لتبنى عليها صروح الاقتصاد، على يد (طلعت حرب) الذي أقام اقتصادًا وطنيًّا حرًّا، وأنشأ بنك مصر، وأقام المؤسسات والشركات ليؤكل الربا أضعافًا مضاعفة.

• أصل بطلان الحكم الإسلامي على يد (علي عبدالرازق) الذي بلغت (الليبرالية الدينية) على يديه أن زعم أن المسلمين أحرار في أن يهجروا تحكيم الشريعة؛ لأن الإسلام دين لا دولة.

• جرت لبرلة أو علمنة مناهج التعليم على يد المستشار القس (دنلوب) المفوض الإنجليزي الذي كلف بوضع المعالم الرئيسة لمناهج التعليم المصرية؛ بحيث يحيد فيها الدين والتاريخ الإسلامي، وتهمش اللغة، وتستلهم المبادئ الغربية.

• أما الصحافة والإعلام فلا تسل عن تعاون الفجار مع الكفار في إنشاء مؤسساتها وإرساء قواعدها على أسس منافية للدين عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا؛ حيث اشتهرت أسماء لأخبث قوى الهدم باسم الكتابة والفن والأدب، ولمعت أسماء كثير من النصارى واليهود الذين قاموا في ظل حماية الحكومات الليبرالية بهدم كل ما طالته أيديهم من قيم وأخلاق ومبادئ، بالتعاون مع حثالة من دروز لبنان، ونُصَيرية سوريا، وأقباط مصر، مع من داروا في فلَكهم من سقَطة القوم[6].

ثم تمضي القافلة حتى نصل إلى ظهور فئة من الليبراليين أطلق عليهم (الليبراليون الجدد) الذين يتسمون بالتطرف في أفكارهم، ومواقفهم السلبية من الإسلام، وولائهم للسياسة الأمريكية والإسرائيلية.

من أبرز سماتهم أيضًا: تناقضهم المخيف مع أبسط مفهومات الليبرالية، وهي الحرية والتعددية والاحتفال بالتنوع، كما أن الظاهرة (الليبرالية) الجديدة ذات طبيعة إقصائية وأحادية وموغلة في جلد الذات، والتبرؤ من تاريخ الأمة وأمجادها، والتشديد على أن الحداثة مرتبطة ارتباطًا جوهريًّا بالتنكر للدِّين، واستلهام التجرِبة الأوروبية في هذا السياق، ومن ثم إعادة تأويل القرآن والسنة ليتمشيا مع مقتضيات الحداثة المنشودة، بحيث يتم تبني المفهوم الغربي والطريقة الغربية والسياسات الغربية، والدفاع عنها وتسويقها بشتى السبل.

مثال آخر أكثر فجاجة.. محمد أركون؟ وهو مفكر جزائري، جلُّ مؤلفاته باللغة الفرنسية، وقد ترجم البعض منها مؤخرًا إلى العربية، وكذلك بعض نصوص محاضراته التي نشرتها بعض المجلات العربية.

عند أركون أهداف واضحة لمن يستقرئ أعماله ويصبر على التزوير والمراوغة واللعب بالكلمات في غير معانيها حتى يحصل على هدفه الكبير من كل مشروعه، وسائلُه نقد الكتَّاب الإسلاميين الذين ليست لهم صلة بالمدارس الغربية في الفكر، ويرى اعتبار المعرفة الإسلامية نموذجًا أسطوريًّا لا بد أن يخضع للدراسة والنقاش، ويرى المجاهرة باعتبار العلوم الإسلامية سياقًا معرفيًّا أسطوريًّا يزعج المسلمين ويهز إيمانهم، ولكن لا بد - كما يرى - من بناء مفاهيم جديدة مستمدة من الاحتياجات الجديدة كما فعل السلف، ويرى أن هناك مناطق عديدة في الفكر الإسلامي لا تُمَسُّ ولا يُفكَّر فيها، مثل: مسألة عثمان رضي الله عنه وقضايا جمع القرآن، والتسليم بصحة أحاديث البخاري، والموافقة على الأصول التي بناها الشافعي، ويرى أنه يضع أساسًا للاجتهاد وعقلانية جديدة.

ويرى أن القرآن عمل أدبي لم يدرس كما يجب إلا من قِبل ندرة، أهمهم عنده: "محمد أحمد خلف الله" عندما كتب عن القصص الفني في القرآن، وقال: إن القصة القرآنية مفتعلة.

كما يرى أن القرآن والكتب السابقة تعاني من سياق واحد، ويضع القرآن مع الأناجـيل في مستوى من الثبوت والدراسة واحد، ويرى أهمية النقد والتجديد.

وهو يرى أن الحديث هو جزء من التراث الذي يجب أن يخضع للدراسة النقدية الصارمة لكل الوثائق والمواد الموروثة، كما يسميها[7].

والأمثلة على جهالات وضلالات الليبراليين كثيرة، فمن بلاد الشام يظهر معنا مثلٌ آخر. امرأة لبنانية، استهوتها حركة تحرير المرأة، فخطَت فيها خطوات كثيرة، ولكن كل هذا التحرير المزعوم الذي حدث في لبنان لم يرضِها (كشف وجه، بل كشف غيره! واختلاط، وسياسة، وغناء، وتمثيل، ورقص... إلخ)؛ لهذا فقد ألَّفت -قبل سنوات - كتابًا بعنوان: (تحرير المرأة في لبنان)، ولكن من قرأ الكتاب عرف الخطوة الأخيرة التي سيوصلها التدرج في التحرير المزعوم لا محالة، ولو من البعض الجريء.

قالت في هذا الكتاب:
الدين هو أول عائق خارجي في سبيل تحرير المرأة، ثم تتجرأ أكثر وتخطو خطوة شيطانية لتقول: المشكلة الأساسية بالنسبة للدين الإسلامي هي مشكلة النصوص؛ أي في كونها منزلة، فهذا مما يجعل تحرير المرأة المسلمة أصعب بكثير من تحرير المرأة المسيحية، وثورة المرأة المسلمة يجب أن تكون أعنف وأقوى من ثورة المرأة المسيحية؛ لأنها ستقوم ضد النصوص، ثم تجهر بخطوتها الأخيرة قائلة: لا تمارس المرأة اللبنانية حقوقها هذه؛ لأنها محرومة من الحق الأساسي؛ أي: حق التحرر الجنسي، والعلائقي، الذي ما زال وقفًا على الرجل، وحقًّا له وحده.. والمجتمع اللبناني الذي يحجب عن المرأة أي حق بإقامة علاقة جنسية خارج الزواج يرغمها إما على الانحراف لإشباع حاجاتها بطرق وأساليب غير طبيعية، وإما أن تلجأ إلى الكبت، أو تلجأ لأساليب الجنس الشاذة؛ كالسحاق[8].

ولعل ما نشاهده هذه الأيام من ليبراليي دول الربيع العربي ونباحهم ليل نهار ضد الإسلام والشريعة الإسلامية، ودعوتهم للدولة المدنية (اللادينية) أمر زائد عن حده، وزاد حنقهم بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم في بعض الدول، فكأنما ارتكبت الشعوب خطيئة لا يمحوها إلا حملات الكذب والتشويه غير المسبوقة لكل ما هو إسلامي.

مع زعمهم أنهم دعاة الديمقراطية والتعددية، فإنهم لا يملون من الحديث على عدم أحقية الإسلاميين في الحكم.

مما ينفي مصداقيتهم والتزامهم بمبادئ الليبرالية الغربية، ويجعل الليبرالية العربية حالة فريدة من نوعها، قوامها: رفض هوية الأمة ودِينها وشريعتها.

ويزيد من الأمر غرابة أن موقف الليبرالية العربية المتعنت هو من الدين الإسلامي فقط؛ فمن المشاهد احترامهم الشديد للكنيسة وكهنتها، وزيارتهم المستمرة لها، ولعلنا نلاحظ طائفة من هؤلاء يدافعون باستماتةٍ عن الكنيسة وتصرفاتها حتى شك البعض في كونهم متنصرين.

لكنها الليبرالية العربية التي لا تتخذ عدوًّا إلا الإسلام فقط!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] بحث: وسقط صنم الليبرالية/ رأفت صلاح الدين/
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=89&book=6626
[2] المصدر السابق.
[3] الليبرالية تعريفها وتاريخها، د. خادم حسين إلهي بخش/ موقع صوت الحق.
http://www.soutulhaq.net/Show_archiv.php?mcat=1m&id=45
[4] دعاة اللبرلة! عقول محتلة، أم ولاءات مختلة؟، د. عبدالعزيز كامل، مجلة البيان 219.
[5] الليبراليون العرب، هل هم حقًّا ليبراليون؟ / أحمد دعدوش / مجلة البيان 219.
[6] دعاة اللبرلة! عقول محتلة، أم ولاءات مختلة؟/ مصدر سابق.
[7] محمد أركون ومعالم أفكاره/ د. محمد حامد الأحمري/
http://www.saaid.net/mktarat/almani/43.htm.
[8] دكتورة لبنانية متحررة تكشف آخر أوراق دعاة التغريب!/ سليمان الخراشي/
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/mm/44.htm

----------------------------------------
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59