عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-10-2012, 01:26 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي الأزمة المالية العالمية


سنتناول في هذه الورقة العناصر التالية :
1- المقدمة
2- التسلسل الزمني للأزمة المالية
3- سمات الأزمة المالية الحالية وعلاقتها بالأزمات السابقة المثيلة
4- عالمية تأثير الأزمة المالية
5- أثر الأزمة المالية علي الاقتصاديات الناشئة
6- تأثير الأزمة المالية على أسواق المال والتجارة والاقتصاديات العربية
7- تأثير الأزمة المالية العالمية على مصر
8- سياسة العلاج ومواجهة الأزمة
9- تصورات ومقترحات إستراتيجية لإدارة المال العام والاستثمار والأعمال المصرفية العربية لتفادي مثل هذه المخاطر على الوضع الاقتصادي العربي مستقبلا
10-بعض الحلول بالنسبة للأسواق الناشئة
11-بعض التوصيات للتخفيض من أثار الأزمة المالية الراهنة بالنسبة للعالم العربي

المقدمة:
تعرض العالم في الآونة الأخيرة لأزمة مالية توصف بأنها الأسوأ ربما منذ أزمة الكساد الكبير على حد تعبير الخبراء الاقتصاديين. فمنذ مطلع عام 2008 تنبأت المؤشرات الاقتصادية المختلفة بحدوث كساد في النشاط الاقتصادي على المستوى العالمي . كان من أهم تلك المؤشرات الارتفاع المطرد في أسعار البترول؛ تكرر الأزمات الائتمانية في الأسواق العالمية؛ أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة؛ وارتفاع معدل البطالة.
ففي يناير 2008، ارتفعت أسعار البترول لتصل إلى 147 دولار للبرميل في يوليو، وذلك قبل أن تبدأ في الانخفاض بعد ذلك. وقد أدى ذلك الارتفاع الذي استمر لفترة إلى قفزة كبيرة في أسعار السلع الأساسية مما هدد بحدوث ركود أو "كساد" تضخمي Stagflation. أما في النصف الثاني من 2008 فقد شهدت أسعار معظم السلع انخفاضاً في ظل التوقع لحدوث كساد عالمي .
من ناحية أخرى، سجلت معدلات التضخم العالمية مستويات تاريخية، حيث كان هناك اتجاه عام لزيادة عرض النقود خاصة من قِــبل البنك المركزي الأمريكي "FED"، في محاولة للتخفيف من حدة أزمة الرهن العقاري الأمريكية. وقد كان هذا التضخم أكثر قوة في البلاد المصدرة للبترول حيث ارتفعت لديها احتياطيات النقد الأجنبي، مع الافتقار إلى حزمة من السياسات النقدية المناسبة – مثل عمليات السوق المفتوحة على سبيل المثال – وذلك للاحتفاظ بالمعدلات المستهدفة لأسواق النقد وأسعار الفائدة، فيما يٌسمى بعمليات التعقيم Sterilization . وقبل أن نخوض في تفاصيل ورقة العمل حري بنا أن مشير إلي تعريف الأزمة
الأزمة : موقف إعاقى ومشكلة صعبة غالبا غير مألوفة ومفاجئة وتؤدي إلي حالة عدم التوازن

التسلسل الزمني للأزمة المالية :

فبراير 2007: الولايات المتحدة تشهد ارتفاعا كبيرا في عدم قـدرة المقترضين على دفع مستحقات قروض الرهن العقاري، ما أدى إلى أولى عمليات إفلاس مؤسسات مصرفية متخصصة.
يونيو 2007: مصرف الاستثمار الأمريكي BearStearns، هو أول بنك كبير يعاني من خسائر قروض الرهن العقاري.
أغسطس 2007: البنك المركزي الأوروبي يضخ 94،8 مليار يورو من السيولة، والخزينة الفدرالية الأمريكية تضخ من جانبها 24 مليار دولار، كما تدخـلت العديد من البنوك الأخرى، مثل بنك اليابان والبنك الوطني السويسري .
سبتمبر 2007: بنك إنجلترا يمنح قرضا استعجاليا إلى مصرف Northern Rock لتجنيه الإفلاس، وقد تم بعد ذلك تأميمه.
أكتوبر 2007: مصرف يو بي إس السويسري يعلن عن انخفاض قيمة موجوداته بـ 4 مليار فرنك.
يناير 2008: الخزينة الفدرالية الأمريكية تخفـض نسبة الفائدة الرئيسية بثلاثة أرباع النقطة، لتصل إلى 3،5%، وهو إجراء وصفه الخبراء بأنه ذو بعد استثنائي .
مارس 2008: الخزينة الفدرالية الأمريكية تقول إنها مستعدة لتقديم مبلغ يصل إلى 200 مليار دولار إلى مجموعة محدودة من البنوك الكـبرى.
مارس 2008: العملاق المصرفي الأمريكي JP MorganChase يعلن شراءه لمصرف Bear Stearns، الذي يعاني من صعوبات، وهي العملية التي حظيت بدعم مالي من طرف الخزينة الفدرالية الأمريكية.
يوليو 2008: الضغط يشتد على مؤسستي Freddie Mac وFannie Mae الأمريكيتين المتخصصتين في إعادة تمويل القروض العقارية، والخزينة الأمريكية تعلن عن خطـة لإنقاذ القطاع العقاري.

وأغلق أيضا بنك فيرست هيريتج بنك بفروعه الثلاثة . وبيعت أصول البنكين المملوكين لشركة فيرست ناشيونال بنك القابضة إلى فروع بنك أوماها، وبلغت قيمة أصول المصرفين 6 .3 مليار دولار في نهاية يوليو/تموز منخفضة عما كانت عليه قبل ستة أشهر حيث كانت قيمتها 1 .4 مليار دولار . وأعلن بنك وتشوفيا كورب تكبده خسائر ربع سنوية قياسية في الربع الثاني من هذا العام بقيمة 86 .8 مليار دولار . وفي بريطانيا عقر الخصخصة تم تأميم بنك نورثرن روك البريطاني للتمويل العقاري والاستغناء عن أكثر من 2000 موظف في إطار جهود الحكومة البريطانية لإخراج البنك من أزمته الطاحنة وخسائره الضخمة من جراء تلك الأزمة . وأعلن رويال بنك أوف أسكتلند (آر بي اس) البريطاني عن خسائر بلغت 691 مليون جنيه إسترليني (35 .1 مليار دولار) في النصف الأول من العام الجاري .
وفي ألمانيا قرر مصرف كوميرتس بنك ثاني أكبر البنوك الألمانية الاستغناء عن تسعة آلاف وظيفة في إطار صفقة شراء منافسه دريسدنر بنك . وبلغت قيمة الصفقة 5 .14 مليار دولار فيما يوصف بأنه أكبر عملية إعادة هيكلة في القطاع المصرفي الألماني منذ أكثر من سبعة أعوام . ويبقى الباب مفتوحا أمام مزيد من التداعيات لأزمة الرهن العقاري على أسواق العالم من دون استثناء . وتوقع رئيس صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس حصول مزيد من المتاعب، ووصف وزير الخزانة الأمريكي السابق روبرت روبن تلك الأزمة بأنها أسوأ أزمة يمر بها الاقتصاد العالمي منذ الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي .

سمات الأزمة المالية الحالية وعلاقتها بالأزمات السابقة المثيلة :

يعزو بعض الباحثين أسباب الأزمة الحالية ابتداء إلى التحول من الاقتصاد الحقيقي إلى الاقتصاد المالي. وهذا التحول من اقتصاد عيني يقوم على السلع والخدمات إلى اقتصاد يقوم على أدوات مالية غير مرتبطة بأصول عينية هو الذي يهدد بانزلاق العالم إلى هاوية الكساد والإفلاس.
وبصورة أدق يرجع بعض الباحثين هذا الأمر إلى ثلاثة عناصر:
1- زيادة أحجام المديونية أو ما يطلق عليه اسم "الرافعة" Leverage
2- غياب رقابة البنوك المركزية على بنوك الاستثمار
3- غياب الرقابة أو الإشراف الكافي على المؤسسات المالية الوسيطة

ويتعرض بعض الباحثين لانهيار البورصات العالمية ويرجعوا ذلك إلى ثلاثة عوامل أيضا:
1- التوسع في منح الائتمانات عالية المخاطر للشركات العاملة في مجال الرهن العقاري
2- عدم قدرة مؤسسات التمويل العقاري على القيام بمبادرات الاستحواذ
3- عجز الحكومة عن توفير فرص العمل التي وعدت بها


عالمية تأثير الأزمة المالية :
يمكن رصد عالمية الأزمة من خلال عدة عوامل وهي :
العامل الأول : تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستورد في العالم حيث بلغت وارداتها 1919 مليار دولار أي 15.5 % من الواردات العالمية علم 2006 وعند حدوث بوادر الكساد الاقتصادي في الولايات المتحدة ينعكس الأمر علي صادرات البلدان الأخرى مثل البترول الذي تنهار أسعاره يوما بعد يوم .

العامل الثاني : حركة رؤوس الأموال والاستثمارات في الدول الناشئة وخاصة في أسواق المال . حيث تعرض أصحاب هذه الأموال للخسائر في بلدانهم يدفعهم لتسوية مراكزهم وتعويض خسائرهم ببيع أسهمهم في تلك الدول الناشئة .

العامل الثالث : هبوط أسعار الصرف وخاصة الدولار الذي هبط سعره مقابل العملات الرئيسية . وكثيرا من هذه الدول يربط عملته بالدولار وكثيرا من هذه الدول أيضا تحتفظ بالاحتياطيات النقدية بالدولار وبالتالي عند حدوث أي هبوط لسعر الدولار يعني بالضرورة انخفاض مماثل في عملات تلك الدول .

العامل الرابع : حركة السياحة العالمية فكثيرا من الدول الناشئة تعتمد في جزء كبير في ميزانياتها علي الإيرادات السياحية وفي مثل تلك الأحوال الاقتصادية الصعبة تقل حركة السياحة العالمية مما يسبب ضررا لهذه الدول .

العامل الخامس : الاحتياطيات الدولية والاستثمارات للدول الناشئة في مؤسسات المال الأمريكية . وبالتالي عند تعرض هذه المؤسسات للانهيارات إلي جانب التخفيض المستمر لأسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي أصاب الاستثمارات والاحتياطيات لهذه الدول بخسائر كبيرة .

أثر الأزمة المالية علي الاقتصاديات الناشئة :
وحول أثر الأزمة المالية وأثرها علي البلدان الأقل نموا والبلدان الناشئة من عجز في الحساب الجاري وعودة ذكري أزمة 1997 أزمة جنوب شرق أسيا . فيري بعض الاقتصاديين تيموثي ادامز أن الدول الناشئة أصبحت أقل استقلالية في مشكلاتها الاقتصادية وأصبحت تعاني من مشكلات اقتصادية مشتركة لأسباب تتعلق بالعولمة وحرية التجارة وحركة رءوس الأموال والاستثمارات الأجنبية . فقد تلقت هذه الأسواق في العام الماضي أكثر من 900 مليار دولار كتدفقات استثمارية ومن المتوقع أن تقل هذه التدفقات إلي النصف في عام 2009 وتكون هذه الاستثمارات علي هيئة استثمار أجنبي مباشر في هذه الدول للاستفادة من الموارد الطبيعية أو يكون علي شكل قروض للشركات في تلك الدول . ولذا من المتوقع حدوث أزمات كثيرة للشركات قد تصل إلي حد التأميم أو البيع للجمهور في تلك الدول ومن المتوقع أن تعاني ميزانيات الدول التي تعتمد اعتمادا كبيرا علي رأس المال الأجنبي من عجز كبير في الحساب الجاري لها .
أما سايمون جونسون فيري أن الدول الناشئة ستتأثر بشدة من هروب تدفقات رءوس الأموال الأجنبية فحركة رءوس الأموال والاستثمارات تتميز بالسرعة في حركتها ورد فعلها . كما قد تعاني هذه الدول من عجز كبير في ميزانيتها واحتياطياتها من النقد الأجنبي , وقد قسم سايمون الدول الناشئة إلي ثلاث فئات وهي :
الفئة الأولي : وهي الدول التي تعاني من عجز كبير في الحسابات الختامية لها نتيجة هروب تدفقات رأس المال الأجنبي وتضم هذه الدول دول أوروبا الشرقية والوسطي وبعضها منتشر في جميع أنحاء العالم .

الفئة الثانية : وهي الدول التي تعتمد اعتمادا كبيرا علي الاحتياطيات النقدية لها عند حدوث هروب لتدفقات رأس المال والاستثمارات ومثال لتلك الدول روسيا التي قامت بسحب أكثر من 200 مليار دولار من احتياطياتها لدعم البنوك في أزمتها .

الفئة الثالثة : وهي الدول التي تعتمد اعتمادا تاما علي الصادرات من السلع الأساسية أو الصناعية وتضم هذه الفئة من 80 إلي 90 دولة في العالم حيث الاعتماد الكلي ليس علي الاحتياطيات أو تدفق رأس المال ولكن علي التدفق النقدي نتيجة لتصدير السلع الأساسية كالبترول أو السلع الصناعية ومثال لذلك الصين .

فبالرغم من أن الصين تملك أكثر من 2 تريليون دولار احتياطيات نقدية يمكن لها أن تستخدمها في تلك الأزمة إلا أن المشكلة التي تواجه الصين ليست مشكلة تمويل إنما المشكلة التي تواجهها هي مشكلة أسواق تعاني من الجفاف وصعوبات في التصدير لدول تعاني من أزمات مالية .


تأثير الأزمة المالية على أسواق المال والتجارة والاقتصاديات العربية :
أ‌- ارتباط الاقتصاد الأمريكي ترتب عليه تخفيف أسعار الفائدة، من ثم ازدياد الطلب على العقارات أدى إلى ازدياد الطلب على العقارات أدت إلى منح القروض لأشخاص ليس لديهم ضمانات ومخاطر مرتفعة، مما أدى إلى عدم القدرة على الوفاء بالتزاماتهم مع تراجع مؤشرات الأسهم الرئيسية من ثم اشتغال فتيل الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية وانتقالها لمعظم دول العالم.
ب‌- معالجة المشكلة لدى أمريكا : ظهر في أمريكا خطان لمعالجة المشكلة:
1- ترك القطاع الخاص لمعالجة مشاكله دون تدخل الدولة
2- يجب تدخل الدولة في مثل هذه الظروف.
قدمت أمريكا خطة إنقاذ بقيمة 700 مليار دولار وجميع الدول المتضررة كذلك بدأت بضخ مئات المليارات من الدولارات لمواجهة نقص السيولة. ولكن هذا الإجراء لن يحقق توازناً مالياً للأسواق.
* تأثير الأزمة على اقتصاديات الدول العربية :
التأثير سيختلف من دولة لأخرى وذلك حسب تشابك اقتصادها مع الاقتصاد العالمي ولذلك ستكون الدول الخليجية من أكثر الدول تأثراً بذلك.
* على صعيد الأسواق المالية :
لقد كانت ردة الفعل مبالغ فيها نتيجة ذكر المستثمرين وهم يشاهدون تهاوي أسعار الأسهم في الأسواق العالمية وانسحاب المستثمرين الأجانب من الأسواق العربية.
* على مستوى القطاع المصرفي في الدول العربية :
إن تأثير أزمة الرهن العقاري الأمريكي على المصارف العربية هو محدود وأدى تدخل الحكومات لتوفير السيولة للمصارف إلى تجنيها أي أزمة سيولة.
* على مستوى قطاع العقارات :
بوجود عوائد نفطية عالية لدى الدول الخليجية فلن يكون هناك تأثير قوى في الفترة الحالية على مشاريع البنية التحتية إن مشاريع دبي الإنشائية المسرفة في البذخ من الممكن أن تتوقف إذا لم يتم تحويلها.
* على مستوى العلاقات التجارية العربية- الأمريكية :
سيكون هناك تأثير على الصادرات العربية من حيث انخفاض أسعار النفط بالإضافة لبعض السلع الأخرى.
* الدولار والأزمة العالمية :
حافظ الدولار على موقعه خلافاً للتوقعات.
وأيضا في هذا الإطار يمكننا تقسيم الدول العربية إلى ثلاث مجموعات من حيث مدى تأثرها بالأزمة، وهي:


- بالنسبة للمجموعة الأولى :
هي الدول العربية ذات درجة الانفتاح الاقتصادي والمالي المرتفعة وتشمل دول مجلس التعاون الخليجي العربية, فإن صادراتها تمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلي، ويعتبر النفط هو المصدر الرئيسي للدخل الوطني وقد لوحظ جراء تداعيات الأزمة انخفاض أسعار النفط من حوالي 150 دولارا للبرميل إلى حوالي 77 دولارا للبرميل حاليا، أي بانخفاض بنسبة 50%. ومما لا شك فيه أن هذا الانخفاض الحاد سيؤثر على وضع الموازنات العامة القادمة وعلى معدلات النمو الاقتصادي، إذ إن معدلات النمو في النصف الثاني من العام 2008 والعام 2009 ستنخفض مقارنة بمعدلات عام 2007 والنصف الأول من العام 2008 من ناحية أخرى، يلاحظ أن النشاط المالي لدول الخليج في العالم الخارجي كبير، حيث تم استثمار جزء لا يستهان به من عوائد النفط، وحيث يلاحظ أن دول الخليج أصبحت تمتلك صناديق ثروات سيادية تستثمر في الخارج خصوصا في الولايات المتحدة وأوروبا ومما لا شك فيه أن هناك بعض الصناديق التي يمكن أن تكون لها استثمارات في بعض المؤسسات المالية المتعثرة وتشير بعض التقديرات إلى أن خسائر صناديق الثروات السيادية في الدول الناشئة بما فيها دول الخليج تقدر بحوالي 4 مليارات دولار وتقدر الاستثمارات العربية بالخارج بحوالي 2.4 تريليون دولار، وكما هو معلوم فإن هذه الاستثمارات مملوكة للحكومات والأفراد ولكن معظمها يعود لدول الخليج وسوف تتأثر تلك الاستثمارات بحسب الجهة التي يتم الاستثمار فيها وكلما كانت تلك الجهة تتميز بدرجة عالية من المخاطر، فإن درجة التعرض إلى خسائر تكون أكبر، ومما لا شك فإن هناك بعض الخسائر ولكن غير معلن عنها وبالتالي نجد التأثير البالغ على دول الخليجوأيضا نجد تأثر الأموال الخليجية بالبنوك الأجنبية التي انهارت.

- المجموعة الثانية :
وهي الدول العربية ذات درجة الانفتاح المتوسطة أو وفق المتوسطة ومنها مصر والأردن وتونس , فإن تأثرها بالأزمة سيكون أقل من دول المجموعة الأولى باستثناء تأثر البورصات فسيكون في مستوى تأثر بورصات المجموعة الأولى

- المجموعة الثالثة :
وهي الدول وهي ذات درجة الانفتاح الاقتصادي والمالي المحدودة، فسيكون التأثير عليها محدودا أيضا ومنها السودان وليبيا.


تأثير الأزمة المالية العالمية على مصر :
مصر تأثرت في العديد من القطاعات (البورصة - السياحة- التصدير- النمو الاقتصادي – البنوك - الاستيراد - الاستثمارات الأجنبية)
بالنسبة للبورصة : نجد تأثر البورصة بشكل كبير نتيجة لتأثرها بالسوق العالمي وأيضا نتيجة لسحب الأجانب أموالهم من البورصة.
بالنسبة للسياحة : نجد تأثر مصر بشكل كبير حيث نجد أن توافد أعداد السائحين سيكون اقل .
وان جاءوا سيكون إنفاقهم محدود نتيجة تأثر أموالهم بالأزمة المالية.
بالنسبة للتصدير : نجد تأثر مصر بشكل كبير في صادراتها تقل قدرة الأسواق الخارجية على الاستيراد وأيضا تأثر المنتجين المصريين بالأزمة المالية.
بالنسبة للنمو الاقتصادي : نجد تأثر النمو الاقتصادي المصري بالأزمة المالية العالمية ونتيجة لتأثر الشركات بالأزمة مم يؤثر على النمو الاقتصادي وأيضا تقل فرص ظهور صناعات وابتكارات جديدة.
بالنسبة للبنوك :123 مليار جنية ودائع البنوك المصرية في البنك الدولي و 160مليار جنيه استثمارات البنك المركزي في الخارج .
بالنسبة للاستيراد : نجد تأثر مصر في استيرادها وأيضا نجد محاولة للصين لتحويل صادراتها للدول العربية ومنهم مصر نتيجة قلة استيعاب السوق الاوروبى لصادرات الصين وبالتالي نجد غزو للمنتجات الصينية.
بالنسبة للاستثمارات الأجنبية : نجد انخفاض الاستثمارات الأجنبية في مصر.
ستؤدى الأزمة المالية العالمية إلى حدوث تباطؤ في الاقتصاد المصري – نتيجة للركود الاقتصادي العالمي – ليتراجع معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى - في أسوأ الظروف يصل إلى 5% - خلال العام المالي الحالي ، وذلك بسبب التشابك مع الاقتصاد العالمي حيث أن 75% من الناتج المحلى الاجمالى يتمثل في التبادل التجاري فنحو 32% من صادراتنا تتجه للولايات المتحدة الأمريكية، 32.5% من الواردات تأتى من أمريكا والاتحاد الاوروبى ، وثلثي الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العامين الماضيين من أمريكا وأوروبا وتتوقع وزارة التنمية الاقتصادية أن تبلغ صافى الخسائر الناتجة عن الأزمة أكثر من 4 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي ، وأكثر القطاعات تضررا هو قطاع الصناعات التحويلية ، حيث من المتوقع تراجع الصادرات السلعية بنحو2.2 مليار دولار،كما تتوقع وزارة التنمية الاقتصادية انخفاض الميزان البترولي بنحو مليار دولار ، وانخفاض تحويلات العاملين المصريين بالخارج ، وانخفاض الإيرادات السياحية خلال عام 2009 مما ينعكس على كافة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة وانخفاض إيرادات قناة السويس (نتيجة لتباطؤ حركة التجارة العالمية ).
وبالنسبة للأثر الايجابي على الميزان التجاري فمن المتوقع انخفاض قيمة الواردات (انخفاض حجم وأسعار السلع المستوردة ) ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخسائر على قيمة الجنيه المصري والذي انخفضت قيمته أمام الدولار من 530 قرشا إلى 550 قرشا .وبالنسبة للموازنة العامة للدولة فان جانب الإيرادات سيتأثر سلبا نتيجة لتوقع تراجع حصيلة الضرائب والجمارك وحصيلة الخصخصة وستتزايد النفقات العامة على الرغم من توقع انخفاض فاتورة دعم السلع ،انخفاض أسعار البترول ،أسعار المواد الغذائية، وسيتم ضخ 15 مليار جنيه لمواجهة أثار الأزمة المالية العالمية مما يزيد من حجم العجز في الموازنة.

سياسة العلاج ومواجهة الأزمة:
ففي الولايات المتحدة : أوصى كل من محافظ البنك الفيدرالي ووزير الخزانة الأمريكي بضرورة تخصيص كم كبير من التمويل لإعادة الاستقرار للقطاع المالي الأمريكي. كذلك تدخلت الحكومة الأمريكية في سوق المال وذلك بمنع البيع على المكشوف لنحو 799 سهم مدرجة في سوق الأسهم الأمريكية. وتبلغ التقديرات المبدئية للتكلفة المالية للخزانة الأمريكية في المشروع الذي قدمته إدارة "بوش" في سبتمبر 2008 بحوالى 700 مليار إلى تريليون دولار أمريكي. والمفارقة الغريبة أن وصفة العلاج التي طرحتها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لمواجهة الأزمة تتعارض مع ما تنادي به دائما من حرية القطاع المالي.
وفي إطار الخروج من الأزمة أيضا فإن اللجوء للتأميم بات حلاً مطروحاً كورقة أخيرة في أيدي تلك الحكومات للدفاع عن الاقتصاد القومي . وقد شهد مسلسل تأميم بعض المؤسسات المالية حلقات عديدة، منها تأميم "إندى ماك Indy Mac" أحد أكبر مؤسسات القروض العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في يوليو 2008. فضلاً عن إنقاذ شركة التأمين الكبرى AIG مقابل امتلاك الحكومة لحصة تبلغ حوالي 80% من الشركة.
ولم يختلف الأمر كثيراً في أوروبا، حيث تم تأميم عدد من البنوك والمؤسسات المالية الأوربية. فقد شهد سبتمبر 2008 تأميم" براد فورد & بينجلى "Bradford & Bingley"، أكبر مؤسسات القروض العقارية في بريطانيا، كذلك قامت حكومة أيسلندا بشراء حصة 75% من Glitnir Bank""، ثالث أكبر مؤسسة إقراض في أيسلندا.
هذه الجهود المختلفة تأتى في إطار محاولات الدول استعادة توازنها الذي فقدته في ظل الأزمة المالية الراهنة، والذي كان أحد أهم أسبابها – إن لم يكن أهمها على الإطلاق- هو أزمة الرهن العقاري التي ولدها القطاع المالي الذي أصبح – على حد تعبير البعض – "طفلا يحتاج إلى وصاية"، هذه الوصاية هي التدخل الحكومي.




تصورات ومقترحات إستراتيجية لإدارة المال العام والاستثمار والأعمال المصرفية العربية لتفادي مثل هذه المخاطر على الوضع الاقتصادي العربي مستقبلا :
يوجد فرص للاقتصاديات العربية من خلال إعادة النظر في التنمية الاقتصادية في الإسلام وتعزيز مسيره الصيرفة الإسلامية وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي , وتحقيق هدف الأمن الغذائي العربي والعمل على تبني عملة عربية واحدة وعدم ربط العملة العربية بالدولار حتى يتم السيطرة على التضخم, والعمل على عدم التوغل في تطبيق حرية الأسواق بل تحسين المناخ الاستثماري لجذب رأس المال العربي ومن المفيد دمج البنوك التجارية والبنوك الاستثمارية لتكون قادرة على مواجهه الأزمات, وإعادة النظر في الاستثمارات العربية في الأسواق المالية العالمية.

وهناك بعض الحلول بالنسبة للأسواق الناشئة Emerging Markets :
1- فتح أسواق جديدة لمنتجاتها مع تجويد إنتاجها من السلع والخدمات
2- توسيع الأسواق القائمة منها، والعمل على تنمية الأسواق المالية العربية وترسيمها بإدخال الصناديق السيادية كصافي الأسواق وإدخال أدوات استثمارية جديدة ولكنها مدروسة
3- تلافي الأمراض البنكية الغربية لا سيما الأميركية منها Short Selling(البيع على المكشوف)
4- العمل على إنشاء أجهزة إنذار مبكر لاكتشاف الأزمات وتلافيها أو التخفيف من آثارها.
5- إيجاد مؤسسات تصنيف عربية من أجل دخول الشركات العربية في الأسواق العربية الأخرى، وكذلك من أجل تقييم الشركات والبنوك التي تطلب الإدراج المشترك لأسهمها،
6- دعم الصناعات المشتركة العربية لاسيما التحويلية من أجل التخفيف من أزمات البطالة وإيجاد فرص عمل للداخلين إلى سوق العمل.
وهناك أيضا بعض الحلول المقترحة أهمها:
1- انتشال البنوك المتعثرة
2- تبني برامج لزيادة دخول الطبقة المتوسطة، ومساعدتها في تجاوز أزمة المساكن
3- اللجوء إلى الضرائب كتمويل حكومي بدلا من الدين العام
4- التوقف عن التعامل بالمشتقات، وإعادة النظر بنظم أسواق المال، وبالقوانين الحاكمة لها، والتوقف عن التوريق وتقديم المعايير الأخلاقية على غيرها في التعامل بين البشر.


ويرى بعض الباحثين أن المصارف الإسلامية أقل تأثرا بالأزمة من غيرها باستثناء تلك التي تعاملت مع البنوك التقليدية بعقد المرابحة بسلع دولية، والتي تعاملت بالتوريق وبطاقات الائتمان وما شابه .



وفيما يلي بعض التوصيات للتخفيض من أثار الأزمة المالية الراهنة بالنسبة للعالم العربي :
1- الدعوة إلى تشكيل خلية أزمة عربية لاحتواء تداعيات الأزمة على الأموال والاستثمارات والأسواق والتجارة العربية، ودعوة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للاتفاق على خلية دولية مماثلة تنسق معها الخلية العربية.
2- دعوة المؤسسات المالية العربية والدولية إلى التحفظ في إصدار الأصول المالية للموجودات Leverages، وطرح الأسهم في أسواق المال، والإجراءات الائتمانية وضوابط الرهون العقارية ، لتكون متوازنة مع الموجودات العينية والأصول الحقيقية لممتلكات الأفراد والشركات والدول والمصارف، والعمل على منع صفقات المضاربات المحضة .
3- الدعوة إلى التزام بتطبيق نسب اتفاقية بازل-2 بخصوص التوسع في إقراض المصارف ليرتبط بالأصول المملوكة، وضبط التوسع في اللجوء إلى المشتقات المالية Financial Derivatives للتوسع في حجم الإقراض المتاح.
4- الدعوة إلى إعادة النظر بما يسمى بصناديق التحوط Hedge Funds ذات السيولة النقدية الهائلة والتي تملكها قلة قليلة من الأثرياء ، نظرا لخطورة المعاملات التي تجريها داخل أسواق المال بسبب انعكاسات انهياراتها الضخمة على التجارة والمال الدولي، وذلك رغم ما تتسبب به أموالها من إنعاش مؤقت للبورصات العالمية.
5- الدعوة إلى العمل على تطوير التمويل المؤسسي من المصارف والتمويل غير المؤسسي من السوق لتحقيق الربط المباشر بالسوق الحقيقية للسلع والخدمات، ولتقديم معايير أخلاقية في التمويل إلى جانب معايير الربحية.
6- الدعوة إلى تشجيع بحث الأزمة المالية الدولية في الجامعات العربية عبر البحوث والرسائل الجامعية للتوصل إلى رؤى تفصيلية تحمي الاقتصاد العربي.
7- الدعوة إلى صياغة تصور عربي مشترك ومتكامل فيما يتعلق بالأعمال المصرفية وأسواق المال والاستثمار والعلاقات مع أسواق العالم ومصارفها ، وبما يشكل وحدة عربية مالية متكاملة تحمي حقوق العرب وأموالهم من الهزات المالية الدولية التي يقوم بها كثير من المغامرين الدوليين، كما ثبت خلال القرن الماضي وعلى مشارف القرن الجديد.
8- الدعوة إلى إعادة النظر في التعامل مع الدولار كأساس للعملات العالمية وللنظام المصرفي والمالي والاقتصادي العالمي، وإعادة التفكير بنظام سلة العملات، ودعوة العرب لتوفير احتياطي قوي يشكل حماية كافية للعملات العربية.
9- الدعوة إلى تفعيل دور صندوق النقد العربي في مجال التنسيق النقدي وإصدار عملة عربية موحدة، مع ضمان احتياطيات كبيرة لها.
10-الدعوة إلى إعادة النظر بسياسات الاستثمار للمال العربي في الخارج وتحويله إلى الداخل العربي الأكثر أماناً ، وتوفير فوائض السيولة والاستثمارات العربية لإقامة المشروعات العملاقة لتحقيق تنمية وحركة اقتصاد استثماري قوي عربياً.
11- الدعوة إلى تقوية استقلالية أجهزة الرقابة الحكومية، وإعطائها الصلاحيات الكافية لأداء واجباتها ، وتوفير الحماية الكافية للعاملين فيها، ومراعاة أحكام الشريعة الإسلامية.
12- دعوة الدول العربية والإسلامية إلى الشروع بالعمل على تطبيق أنظمة الاقتصاد الإسلامي في بلادها بديلا للأنظمة الغربية الرأسمالية، وذلك بما ينسجم وأهداف بناء قاعدة تنمية مستدامة وعادلة.
13- دعوة الدول العربية للمساهمة في صياغة النظام المصرفي والمالي العالمي، وفي العمل على إعادة هيكلته Restructuring.
14- دعوة مجموعات المصارف الإسلامية إلى عقد مؤتمر دولي يبين أسباب انخفاض تأثر المصارف الإسلامية وأسهمها وموجوداتها نسبة إلى المصارف الأخرى التي تقوم على معاملات النظام المالي الرأسمالي، بهدف تدعيم النموذج الحضاري العربي والإسلامي.

المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59