عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-15-2012, 07:21 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي الأنظمة التّعليمية الوافدة إلى غرب أفريقيا وآثارها على المجتمع



ورقة مقدّمة إلى ((ملتقى الجامعات الأفريقية))
تقيمه جامعة أفريقيا العالمية بالسّودان
يناير 2006م.

داود عبد القادر إيليغا
محاضر بكلية محي الدّين للدّراسات العربية والإسلامية
كولندى إلورن، ولاية كوارا، نيجيريا.
مقدّمة:
تتناول هذه الورقة الأنظمةَ التّعليميةَ الوافدةَ إلى منطقةِ غربِ أفريقيا باختلاف أنواعها ومشاربها وآثارها الإيجابية والسّلبية على المجتمع، وذلك من خلال الإجابة عن الأسئلة التّالية: ما هي ثقافة أهل غرب أفريقيا قديماً؟، وما هي الثّقافات الوافدة إليها وأنظمتها التّعليمية؟ وكيف وفدت هذه الثّقافات ونشأت وترعرعت؟ وهل لها أيّ تأثير في ثقافتنا في المنطقة؟ وما هي العوامل المساعدة لها في هذا التأثير لو كانت كذلك؟ ثّم ما هي الفروق بين هذه الثّقافات من حيث التّأثير؟.
وأتمنّى أن تساهم الورقة بما تحتويه في إصلاح المجتمعات الإسلامية الّتي يعتبر مجتمع غرب أفريقيا جزءاً منها. وعسى أن تستفيد منها كذلك السّلطات في إصلاح المجتمعات الإسلامية وبالأخصّ المسئولين المشاركين من أهل المنطقة في هذا المؤتمر، الّذي يتزامن مع القمّة الإفريقية لاجتماع رؤساء الدّول الأفريقية، المنعقد بالخرطوم ، السّودان وهي الأرض الّتي تتمتّع بموقعها " الجغرافي والاستراتيجي المتميّز في أفريقيا، الّذي نتج عنه الثّراء الواضح في التّبيان الإثني، والتعدّد اللّغوي والتّسامح الدّيني"[1].
ومن أهمّ ما يساعدني في تناول هذا الموضوع- في نظري- أنّني من أبناء منطقة غرب أفريقيا، وهي المنطقة الّتي عايشتُها وترعرعتُ فيها، عارفاً وملاحظاً فيها أسرار الأنظمة التّعليمية الوافدة إليها بل قد مَرَرْتُ خلال حياتي التّعليمية ببعضها.
وأتناول هذا الموضوع المشار إليه أعلاه خلال النّقاط التّالية:-
منطقة غرب أفريقيا أرضاً وشعباً:

يَحُدّ هذه المنطقة شمالاً بلادُ أفريقيا الممتدّة إلى الصّحراء الكبرى، وجنوباً بلاد الكنغو والمحيط الأطلنطي، وشرقاً بلادُ السّودان الشّرقي، وغرباً المحيط الأطلنطي[2].
وقد عُرِفَ غربُ أفريقيا في عهده القديم ببلاد التّكرور، ثمّ اشتُهِر باسم السّودان الغربي قبل الاحتلال الأوروبي، ومن أهمّ ممالكها؛ مملكة التّكرور، ومملكة غانا القديمة، ثمّ مملكة مالي السّابقة، وتلي هذه الممالك مملكة سنغا، وآهير، وبرنو، وبلاد هوسا ويوربا.... [3]. ولكن لمّا استولى على أراضيها الاستعماريون قسّموها إلى أقسام سياسية شتّى وحدّدوها تحديداً رسمياً على حسب أغراضهم الشّخصية، واخترعوا لكلّ منها عنواناً مخصوصاً.[4] وهي: مالي- السّنغال – غامبيا – موريتانيا - غينيا بشأو – غينيا كوناكري– سيراليون – ليبريا – ساح العاج –غانا – بوركينافازو – توجو – بنين – النّيجر – نيجيريا الّتي هي أعظمها سكّانًا وأوسعها أرضاً وأكثرها ثقافة[5]. وتبلغ مساحتها ستة ملايين كيلومتر مربّع تقريباً[6].
ويمكن تقسيم سكّانها حسب أصولهم العرقية إلى شعوب أو مجموعات رئيسة على النّحو التّالي:- شعوب يقطنون في النِّطاق الجنوبي من الصّحراء وهم المغاربة والطّوارق والتّيدا، و شعوب تشاد، وهم زنوج اختلطوا بقبائل التيّدا، وكذلك الفولا والهوسا وهم شعوب النّطاق الشّمالي، وشعوب من سلالات الماندينجو والكرو والإيبو واليوربا، وهؤلاء هم شعوب النّطاق الجنوبي، وأمّا الولوف والتّكلور والسّيرير والجولا[7]. فهم الشّعوب السّنغالية، و شعوب الماندي وهم مجموعة لغوية وليست سلالية وتضمّ الماندينجو والسّوننكا وغيرهم.[8] وأما مجموعة الصّونغاي والزبرما والاندي[9] فهم يعيشون حول وادي النّيجر الأوسط.
ثقافة غرب أفريقيا:
وكانت ثقافة غرب أفريقيا قبل الإسلام ثقافة يحكمها فكرٌ وثنيٌ، بُنِيَتْ مقولاته على مسلَّمات ديانات وضعية، خالياً من القيم العقلانية أو المادية المؤثرة[10]؛ فهي تفسِّر ظواهر الكون وفق رؤى الإنسان البدائي. ولما كانت هذه هي الثّقافة القومية فهي بالتّالي لم تكن تَعْرِفْ أصوليات التّعليم المدرسي، وإنّما كانت قناة التّعليم الوحيدة بها المنهج البيئي أو نظام الإقتداء الحرفي بالرّاشدين على سبيل التّلمذة الصّناعية[11].
ويصوّر لنا الشّيخ الحاج آدم عبد الله الألوري ثقافة غرب أفريقيا قديماً في أنّ نظام الحكم في المنطقة قبل الإسلام هو نظام أرستقراطي بحت، إذ يتوارث الحكّام مناصبهم كابراً عن كابر وزمام الأمر بيد الملوك، ويعاونهم أمناؤهم من كبار مواليهم المخلصين لهم، ومن رؤساء جنودهم الحارسين لمملكتهم ومن كهنتهم المشيرين لحركاتهم. أمّا القضاة فكبير كلّ عائلة قاضيها، ورئيس كل قبيلة حاكمها، وقاضي القضاة هو الملك الّذي يَعْتبر نفسَه نائباً عن الله في أرضه. ولكلّ كبيرٍ ورئيسٍ حقُّ سماعِ القضايا الصّغرى في ناحيته وولايته الخاصّة، أمّا القضايا الكبرى فإنّها تٌرْفَعُ إلى مجلس الملك فيجتمع الأعيان لسماعها، والنّظر فيها. وليس لهم قانون مدوّن في كتابٍ، إنّما يحفظون في صدروهم ما يتوارثونه عن أسلافهم من تقاليد وعاداتٍ.
أمّا العقوبات فأوّلها القتل لمن قتل نفساً بغير حقٍّ، أو كان لصّاً محارباً أو خائناً للوطن، أو مخالفاً لأمر السّلطان على سبيل الاستفزاز. ثمّ النّفي، وهو جزاء من استحقّ القتل من العظماء الّذين يخشى من قتلهم الفتنة. ثمّ الغرامة، وهو جزاء من زنى بامرأة محصنة متزوِّجة، فيُؤخذ ما يعدل ثلثَ المهر الأصلي على المرأة وتُسلَّم الزّوج الشّرعي تعويضاً له عن التّمتّع والتّلذّذ بالمرأة المتزوّجة، والرّهن هو ما يحبسه المديون لدائنه كأن يَحْبِِسَ عنده ولدَه ليستغلّه حتّى يدفع ما عليه من الدّين عاجلاً أو آجلاً[12].
الأنظمة التّعليمية الوافدة وطرق وصولها إلى غرب أفريقيا:
إنّ من أهمّ ما تتسم بها منطقة غرب أفريقيا وجود الطّرق المتعدّدة الموصلة إليها من زمنٍ بعيدٍ، الأمر الّذي جعل النّاس يأوون إليها رجالاً وركباناً على حسب أصولهم ومختلف عروقهم ولغاتهم وألوانهم. وهذا الّذي حثّ أهلَ المنطقة على فتح العلاقات التّجارية بينهم وبين شعوب أخرى.
"فقد ظهر التّجار العرب منذ النّصف الثّاني من القرن الثّامن الميلادي، وزاد نفوذهم بعد غزو المرابطين لمملكة غانا عام 1077م (479هـ). وكانت تلك الفترة المعاصرة للعصور الوسطى في أوروبا، هي فترة ازدهار لطرق التّجارة الصّحراوية من منتصف القرن الثّالث عشر الميلادي (السّابع الهجري) إلى نهاية القرن السّادس عشر الميلادي (العاشر الهجري)، فقد شهدت هذه الفترة طلباً ملحاً على منتجات غربي أفريقيا من جانب أوروبا وأفريقيا الشّمالية، وربّما ساعد على هذا أيضاً الحكومات المستعمرة في كلّ من أفريقيا الشّمالية وغرب أفريقيا"[13].
وقد اشتهرت أربعةُ طرقٍ تجاريةٍ بين شمالي القارة وغربها ووسطها وهي:
من تونس وليبيا إلى منطقة بحيرة تشاد. ومن تونس إلى بلاد الهوسا. ومن الجزائر إلى أواسط نهر النّيجر. وكذلك من المغرب إلى أعالى نهر النّيجر وحوض نهر السّنغال.
وكان قوام هذه التّجارة مقايضة الملح بالذّهب الّذي يكثر وجوده بين نهر النّيجر والسّنغال، كما كانت التّجارة تشمل *** الرّقيق وغيره من السّلع. واتخذ التّجار من هذه الطّرق وفروعها منافذ لتجارتهم. وكما هو الحال في سودان وادي النّيل، كان التّجار يجمعون بين دور التّاجر والعالم أو " المبشّر" في بثّ العقيدة الإسلامية. ونتيجة لهذه الصّلات السّلمية اتّسع نطاق التّجارة، وزادت الهجرة، فاتصل التّجار بالوطنيين وخالطوهم السّكن وكثرت المصاهرة وملء ذلك كلّه لانتشار الإسلام بين الشّعوب السّوداء الّتي تنتشر في هذا الإقليم مثل قبائل الولوف والتّكرور، والسّوننكة والدّيوله والصّونغى والماندنغو والفلاتة والهوسا والكانوري وغيرهم[14]. كما أصبح المحيط الأطلسي أداة ربط بين المنطقة وبين أوروبا والعالم الغربي بعد أن كان قد أدّى وجوده إلى فصل غربي أفريقيا عن العالم الخارجي من الجنوب والغرب ردحاً من الزّمن إلى أن تمّ الكشف الجغرافي، " [15].
ومن هذا المنطلق ندرك إمكانية وفود أنظمة تعليمية من شعوب أخرى نتيجة لدخول ثقافتها إلى المنطقة. ولعلّ أهمّها ما يلي:

أولاً: الثّقافة العربية الإسلامية وأنظمتها التّعليمية:
والثّقافة العربية الإسلامية هي الثّقافة " الّتي نشأت بقيام الدّولة الإسلامية بعد هجرة الرّسول



صلّى الله عليه وسلّم من مكّة إلى المدينة. وقد نمت هذه الثّقافة مع انتشار الإسلام من حدود الصّين شرقاً إلى الأندلس غرباً، وبلغت قمّة ازدهارها في القرنين الثّالث والرّابع الهجريين[16] ". واتّخذت هذه الثّقافة اللّغة العربية لغة لها، وهي الّتي كانت عبر العصور أثرٌ قويٌ في القارة الأفريقية، وهذا الأثر يتمثّل في الحياة الاجتماعية والسِّياسية والاقتصادية والثّقافية.
كيف دخل الإسلام وتمّ نشره في المنطقة؟ :
إنّ القارة الأفريقية هي أولى القارات الّتي حظيت بدخول الإسلام إليها – بعد ظهوره في الجزيرة العربية– ويرجع ذلك إلى هجرة المسلمين الأوّلين الّذين آمنوا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى الحبشة. [17]
ويقول الدّكتور يوسف فضل حسن عن انتشار الإسلام بعد هذه المرحلة " إنّ الإسلام بدأ انتشاره في القارة الأفريقية بعد سنواتٍ قليلةٍ من استتباب الأمر له في جزيرة العرب، فمن الرّكن الشّمالي الشّرقي للقارة الأفريقية تدفّق العربُ المسلمون حتّى بلغوا ساحل المحيط الأطلسي، كما توغّلوا تدريجياً عبر سواحل البحر والمحيط الهندي، ومنها انتقل الأثرُ العربيُ الإسلاميُ حتّى شمل أجزاء كبيرة من القارة الأفريقية "[18]
وأمّا دخوله في غرب أفريقيا بالتّحديد فقد رجّح بعض علماء هذه المنطقة القول بأنّ دخول الإسلام إليها يرجع إلى القرن الأوّل الهجري على يد عقبة بن نافع الصّحابي الجليل، إذ أنّه وصل إلى قبيلة من قبائل الرّوم في المنطقة فدعاهم إلى الإسلام فأسلم ملكهم من غير قتال وتزوّج عقبة بنتَ ذلك الملك واسمها (بج منغ)، فولدتْ له أولاداً نشأوا في بلاد أمّهم وتكلّموا بلغة أبيهم....[19]. ومن أهمّ من قاموا بنشره في المنطقة فصاعداً النّشّار الأربعة[20]، منذ (1300) إلى (1700)م، وهم المنديون المسمون تارة بـ (ونغرا) وتارة بـ(الماليين)[21] والفلبة المسمّون بـ((التّوراريون)) من (( فوتاتور)) والجخنكي وهم أتباع الحاج سليم الّذي أنشأ زمرتهم وحزبهم في ((مشينا)) ثمّ في ((بمبوك))، والقبيلة الكنتية الّتي هاجرت من القيروان إلى (تاهرت)) جنوب الجزائر ومنها هاجرت في القرن الخامس عشر إلى غرب أفريقيا[22].
ولمّا جاء الإسلام ودَانَ به كثيرٌ من أقطارها عَمِلَ أمراؤُها وملوكُها بالنّظام الإسلامي، وكان للعلماء والفقهاء دورٌ عظيمٌ في تبيين أحكامِ اللّه ورسولِهِ فيما يصدر للنّاس في حياتهم الفردية والاجتماعية. وعلى كلّ إقليمٍ أو قطرٍ إسلاميٍ ملكٌ أو سلطانٌ يَحمل لقباً معيناً مثل: "الماي" لأهل برنو، و"المنسا" لأهل مالي، و" الزا " و" السن" و"أسكيا" لأهل سنغاي، و "سركي" لأهل هوسا.
وأكثر أولئك السّلاطين علماء وفقهاء، وإذا لم يكن السّلطان نفسه عالماً فقيهاً اتخذ أحدُ العلماء البارزين وزيراً يدير له الدّولةَ على وفق الشّريعة. ولا بدّ من هيئةٍ شُوريةٍ على شكلِ لجنة التّقوى من كبار العلماء والفقهاء، على ما سنّ الخليفتان أبوبكر وعمر رضي الله عنهما من الأنظمة، لذلك تلقّب أكثرهم بأمير المؤمنين. وأوّل من تلقّب بأمير المؤمنين في هذه المنطقة هو محمّد أسيكيا الأكبر ثمّ الشّيخ عثمان بن فودى وخلفاؤه، وكان له أمراء في الأقاليم على نحو ما للخلفاء من الولاة والحكّام والأمراء. ولكلّ أميرٍ في إقليمه وزيرُ الدّولة وقائدُ الجنودِ والإمامُ الأكبرُ للصّلاة، وقاضي القضاة، وكبار العلماء، وكبار الجنود، وعمال الولايات[23].
نظام التّعليم العربي الإسلامي:
إنّ للعلم شرفٌ عظيمٌ وبه أظهر الله تعالى فضل آدم عليه السّلام على الملائكة وأمرهم بالسّجود له، وهو يقول}وعلّم آدم الأسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملائكة وقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين....{الآية[24] . ولأهميته نجد أنّ " أوّل ما نزل به القرآن الكريم هو الاهتمام بالعلم وهو قوله تعالى: }أقرأ باسم ربّك الذي خلق...{[25]. فقد كان التّعليم ولا يزال مصدر عزّ الأمم والمجتمعات، وأسّ سعادتها وتحضُّرها وتقدّمها، فبقدر ما تتعلّم الأممُ وتهتمُّ بتعليم أجيالها الصّاعدة، بقدر ما تحافظ على هويّتها ووجودها وبقائها، والعكس صحيح.. فما أهملت أمَّة قط تعليم شبابها، وإعدادهم إعدادًا بنَّاءً أصيلاً، إلا أُصِيبَتْ في صميمها، وعاشت ذليلةً مهينةً في مؤخر الأمم، وعلى هامش الحضارات[26].
ويُعتبر الحرفُ العربيُ من أكثر معطيات الحضارة الإسلامية إيجابياً في حيز المنفعة لشعوب غرب أفريقيا حيث فتح لهم الطّريق لاستيعاب أساليب جديدة لحضارتهم التّقليدية أثمرت نشاطاً فكرياً فاعلاً في كثير من أجزاء غرب أفريقيا في ذلك. الوقت، وبتعليم الإفريقيين الكتابة العربية انتقل تاريخ غرب أفريقيا من مرحلة الرِّواية الشّفهية إلى مرحلة التّدوين، كما وجدت اللّغات القومية إلى الحرف العربي الأبجدي الحفيظ على تلك الألسن[27].
بل " يفيد تاريخ هذه المنطقة أنّه لا يُعرف أيّ تعليم سابقاً سوى التّعليم العربي، حيث قامت فيها مدارس ومعاهد الدِّراسات الإسلامية والعربية في مدنٍ من دولٍ متعدِّدة من أهمّها، تمبكتو، بمالى، وكاشنة وبرنو وكنو وزاريا في نيجيريا. وقد ارتقى بها التّعليم حتى وصل المستوى الجامعي في العهد الماضي، وصار المتخرِّجون منها يكتبون الكتب والرّسائل في مختلف الموضوعات الدِّينية والأدبية. وقد برع الكثير منهم براعة تضعهم في مستوى الكتّاب العرب دون تفاوتٍ وحسبك أن نذكر على سبيل المثال الشّيخ عثمان بن فوديو وأخاه عبد الله بن فوديو ومحمد بن الشيخ عثمان بن فوديو"[28].
أنماط التّعليم الإسلامي في غرب أفريقيا قديماً وحديثاً:
للتّعليم العربي الإسلامي أنماط عدّة نذكرها من خلال النّقاط التّالية:[29]
أولاً: أنماط التّعليم الإسلامي في القديم:
تكمن أنماط التّعليم في ذلك الحين في نمطين أولاهما: ( الكتاتيب) وهي المدارس القرآنية للأطفال والصّغار وهي أوّل أنماط التّعليم وأشهرها، وهي أبسط مؤسسات التّعليم، ويلتحق بها العديدُ من أولاد المسلمين ذكوراً وإناثاً. وقد كانت المدرسة داخل المسجد أو داخل منازل خاصّة. ويُشرف على المدرسة شخصٌ واحدٌ، وأحياناً يساعده بعض الناّبهين من الطّلاب في عملية التدريس. وفي المدارس الابتدائية كان التركيز على حفظ أجزاء القرآن بالإضافة إلى قليل من القراءة والكتابة. وثانيهما: المدارس العليا وهي معاهد علمية للكهول والشّيوخ الكبار. ويقوم فيها معلّمون متخصصون يقومون بتدريس مختلف المواد. وكان للطّلاب حرية اختيار المواد، وحرية اختيار العلم وهكذا سبق التّعليم الإسلامي النّظام الأوربي في التّعليم، وعند تخرّجه من المدرسة العليا يحصل الطّالب على شهادة تمكّنه من العمل كمعلِّمٍ أو إمامٍ حسب تخصّصه. وصاحب المدرسة هو المشرف والإداري الوحيد للمدرسة. وخلافاًُ للمدارس الرّسمية فإنّه لا توجد هناك لوائح جامدة تحكم المدرسة إذ أن العلاقة بين المعلِّم والطّالب علاقة أبوية حميمة[30].

ثانياً: أنماطه في العصر الحديث:
للتّعليم العربي الإسلامي في هذا العصر أنماط عديدة ومن أهمّها:
1- الكتاتيب:
وترتكز الكتاتيب على تعليم المتعلِّمين مبادئ القراءة والكتابة، بالإضافة إلى حفظ أجزاء من القرآن الكريم. والغالب أن تكون الكتاتيب في المسجد، وقد تكون تحت أحد الأشجار أو في سطوح أحد المباني. ويتمّ التّعليم فيها بصورة تقليدية والمعلّم هو كلّ شيء في هذه الكتاتيب، ولا يفتقر في الغالب إلى إعداد وتأهيل فيكفي إتقانه للقراءة والكتابة وقدرته على تلاوة القرآن الكريم وحفظ أجزاء منه. ويلتحق بها المتعلّمون في سنٍّ مبكِّرٍ جدّاً، وفي أحيان كثيرة قبل الالتحاق بالمدرسة، ومنهم من يواصل التّعليم فيها حتّى يُتمّ حفظ القرآن، ومنهم من يتوقّف ويكمل تعليمه في المدارس النّظامية.
وتشترك المجتمعات الإسلامية الأفريقية الغربية في الاهتمام بتعليم أولادها القرآن الكريم، لكنّها تتفاوت في درجة هذا الاهتمام؛ ففي بعض المجتمعات لا يلتحق الطّالب بالمدرسة إلا بعد إتمام حفظ القرآن الكريم كاملاً، بينما ينقطع في غيرها عند وصول سنّ الدّراسة.
2- المدارس العربية الإسلامية:
وهي مدارس تُعنى بتعليم اللّغة العربية والعلوم الشّرعية، وقد تضيف بعض المقررات اليسيرة، وبخاصّة في الّلغة الإنجليزية أو الفرنسية حسب اللّغة السّائدة في الدّولة.
وتنتشر هذه المدارس في معظم دول أفريقيا ذات الأغلبية المسلمة أو التي يمثّل المسلمون فيها أقليات.
ويمثّل هذا النّمط من التّعليم أكثر مؤسسات التّعليم انتشاراً وأوسعها تأثيراً في نشر اللّغة العربية والعلم الشّرعي باعتبار تركيزها على هذا الجانب.
وَيَتَفَاوَتُ واقع هذه المدارس كماً وكيفاً باعتبارات عدّة من أهمّها درجة الاعتراف بهذا النّوع من التّعليم؛ ففي نيجيريا – على سبيل المثال- حيث تعترف الجامعات بالعديد من هذه المدارس فإنّها تتمتّع بقوّةٍ وانتشارٍ يختلف عن الدّول الأخرى الّتي لا تعترف بهذا النّوع من التّعليم، ولا يُتَاح لخريجيه فرصة المواصلة في الجامعات.
3- المدارس المزدوجة:
نشأ هذا النّمط من التّعليم علاجاً لما يعانيه خريجو المدارس العربية والإسلامية من صعوبة مواصلة الدِّراسة في الجامعات، ولعدم اعتراف كثيرٍ من مؤسسات القطاع العام والخاص بشهادات هذه المدارس.
وتقوم هذه المدارس على تدريس المتعلِّمين المناهجَ الّتي يدرسها طلاب المدارس العامّة، وتُضيف لتلك المواد تدريس اللّغة العربية والعلومَ الشّرعيةَ. وتمتاز بأنّها تتيح لخريجيها الفرص نفسها الّتي تتاح لخريجي المدارس العامّة، لكنّها تواجه صعوبات عدّة أهمّها التّمويل فتكاليفها أضعاف المدارس الإسلامية، كما أنّ الجمع فيها بين نظامي التّعليم يُضيف عبئاً زائداً على المتعلِّمين، وكثيراً ما يؤثّر على تحصيله في التّعليم النّظامي أو في التّعليم الشّرعي.
4- المدارس الجزئية:
وتقوم هذه المدارس على أساس تقديم تعليم مواد للمدارس العامّة، ولها تطبيقات عدة:
أ‌- المدارس الصّباحية: حيث تستفيد هذه المدارس من تأخّر بداية اليوم الدِّراسي للمدارس العامّة، فتقوم بتقديم الدّروس العربية والشّرعية في أوّل اليوم الدِّراسي قبل بداية دوام المدارس العامّة، ثمّ يواصل المتعلِّمون بالمدارس العامّة.
ب‌- المدارس المسائية: وتنتشر هذه المدارس في الدّول الّتي يتقدّم فيها اليوم الدّراسي؛ فتقوم بتدريس العلومِ العربيةِ والشّرعية في الفترة المسائية لطلابها الّذين يلتحقون في الفترة الصّباحية بالمدارس يعاني الطّالب من أنّه يكون منهكاً متعباً، كما يقول أحد المعلِّمين: الطّالب يأتي متعباً ومصاباً بالملل من المدرسة الحكومية فكيف نَصْنَع لترغيبه في العلم الشّرعي؟.
ج- مدارس نهاية الأسبوع: وتقوم هذه المدارس على اغتنام إجازة نهاية الأسبوع والّتي تكون يومي السّبت والأحد في معظم الدّول الأفريقية، فتقدم المدرسة يوماً دراسياً كاملاً يوم السّبت ونصف يوم الأحد، بالإضافة إلى الإفادة من إجازات نهاية العام الدّراسي أو منتصفه.
5-التّعليم الجامعي:
تجربة التّعليم الإسلامي والعربي في غرب أفريقيا في العصر الحديث في التّعليم الجامعي محدودة وجزئية، لكنّها تمثّل إنجازاً يستحقّ الوقوف عنده.
ومن أبرز مؤسسات التّعليم الجامعي في المنطقة (الجامعة الإسلامية) في النّيجر، وتضمّ عدداً من الكليات العلمية والأدبية. ومنها( جامعة الملك فيصل) في تشاد[31]، وكذلك (جامعة الحكمة) بمدينة إلورن، نيجيريا، الّتي افتتحت بكلية التّربية والشّريعة الإسلامية، وبجهود جبّارة مع إخلاص القائمين بالجامعة بعد توفيق الله تعالى منحت الحكومةُ النّيجيريةُ الفدراليةُ الجامعةَ ترخيصاً رسمياً كإحدى الجامعات العالمية وهي تؤدّي دوراً مهمّاً في المجتمع، ثمّ عدّلت برامجها وأنشئت فيها كلية العلوم الإنسانية، وكلية علوم الحاسوب، وكلية العلوم التّطبيقية. ومنها (الجامعية الإسلامية) التّابعة بولاية كاتشنا في نيجيريا، كما توجد (كلية الإمام مالك الجامعية) بمدينة إبادن بنيجيريا الّتي تركّز على قبول الطّلاب من أنحاء غرب أفريقيا. بل توجد محاولات عديدة وجهود مكثّفة من الجمعيات الإسلامية الخيرية والأثرياء الفاهمين لدينهم الحنيف في الدّولة نفسها لإنشاء جامعات إسلامية أخرى. وتجدر الإشادة للدّور الفعّال الّذي تؤدّيه هذه الجامعات الإسلامية في المنطقة لمساهمتها في التّنمية الاجتماعية والبشرية وتناسب برامجها مع متطلّبات المجتمع . كعنايتها بالعلوم الإنسانية والعلوم التّنموية والتّطبيقية ونحوها. بل تتميّز هذه الجامعات المذكورة بميزات لا تتمتّع بها بقية جامعاتنا في غرب أفريقيا من وضوح الهدف المبني على عقيدة إسلامية صالحة واتجاهات سالمة والتّواصل والتّداخل النّافع لأهل المجتمع كلّه واهتماماتها بالعلوم الحديثة. وكلّها تسعى إلى تحقيق خيري الدّنيا والآخرة للمجتمع.
وأمّا المدارس العربية الإسلامية في المنطقة عموماً فهي تعاني من مشكلات عديدة، جمعها البروفيسور يوسف الخليفة أبوبكر عند حديثه [32] عن مشروع تطوير التّعليم الإسلامي في أفريقيا في نقاطٍ عديدة وهي إهمال كثيرٍ من الدّول لها. وضعف إمكاناتها المادية " المتمثلة في المباني والأدوات والمرتبات" وافتقارها إلى المنهج التّربوي: المعلّم المدرّب، الكتاب المناسب، الوسائل التّعليمية الحديثة. وكذلك عدم الاعتراف بها وبشهاداتها في الدّاخل والخارج، وعدم مساواة خريجيها برصفائهم خريجي المدارس عند التّوظيف، واضطرارهم للعمل في أعمال هامشية. وعند محاولة اِلْتحاق خريجيها بالجامعات الإسلامية يعجز الكثيرون منهم عن مواصلة دراساتهم ويقضي بعضهم عدداً من السّنين في دراسة تمهيدية قبل الجامعة والعدد القليل الّذي يكمل الجامعة ويتخرّج منها يعود إلى بلده ليجد الطّريق مسدوداًَ أمامه فيعمل أعمالاً لا تتساوى مع مؤهّلاته الجامعية وفي درجة أقلّ بكثير من رصيفه خريج الجامعات الغربية أو الشّرقية. ومنها أنّ هذه المدارس مضروب عليها حصار من التّعليم العلماني. وكذلك ضعف تأثيرها في المجتمع، وضعف تأثير خريجيها في مجريات الأمور في بلادهم. كما تعاني من التّيارات العلمانية المحلية والوافدة الّتي تحاول القضاء عليها.فقد أشار البروفيسور أحمد شيخ عبد السّلام عند قيامه بتقويم عينات لمناهج التّعليم العربي الإسلامي في أفريقيا إلى أنّ معظم هذه المناهج لا تُحدّد الأهداف أو تنصّ عليها وبخاصة هدف تكوين الإنسان المسلم الكامل النّموء في كافة أوجه حياته[33].ومنها استخدام المسئولين في هذه المدارس مناهج مستوردة من الدّول العربية، فيجد الطّالب صعوبةً في فهم بعض محتويات المناهج الّتي لا تعبّر عن بيئته، وأحياناً تتحدّث بعض الكتب المدرسية عن نباتات وأشجار وحيوانات لا توجد في المنطقة، إذاً كيف يدرك هذا الطّالب معناها؟ ويشتدّ الأمر إنْ كان الطّالب مبتدئاً. والمفروض في رأي هو عدم استيراد هذه المناهج وتكون المساعدة في هذا الإطار في تأسيس (اتحاد علماء المناهج المسلمين) بالمنطقة بحيث يكون هدفهم في المقام الأوّل هو بناء وتصميم وتطوير مناهج المدارس العربية على الأسس الإسلامية الغرّاء، المبنية على العقيدة الصّحيحة مع مطابقتها لبيئتنا بغرب أفريقيا وتتناسب مع متطلّبات العصر.إضافة إلى تصميم الوسائل التّعليمية المناسبة لها، وإصدار الكتب المدرسية الخاصّة بالمنطقة. وإنشاء المطابع العربية الخاصّة بذلك. ويمكن أن يساعدهم فيها بعض خبراء المناهج من العرب الّذين لديهم معارف وخبرات سابقة عن المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى خطورة المناهج الغربية المستوردة إلى المجتمع، أو ثقافاتها الّتي تتبنّاها الدّول في المنطقة من الثّقافات الغربية الهابطة.حيث يرد أحياناً خلال دراسة الطّالب لمثل هذه المناهج أن يجد في الكتاب المدرسي شخصاً يصفونه بالبطل في الدّرس ليقتدي به الطّالب، وقد يكون ممّا يقوم به شرب الخمر، أو الزّنا والعياذ بالله. أو قد يجد صور النّساء العاريات، وهذا لا يتناسب مع ثقافته الّتي تحثُّ على العفاف والقيم الاجتماعية.
وأمّا التّعليم الإسلامي قديماً فقد ظلّ ينمو ويتطوّر من القرن السّابع الهجري حتى - أواخر القرن الثّالث عشر، ثمّ بدأ يتقلّص بسبب الاستعمار الّذي حارب الفكر الإسلامي واللّغة العربية، وعمل على نشر الثقافة الأوروبية واللّغة الإنجليزية والفرنسية بالبلاد فأخذت اللّغة الإنجليزية تحلّ محلّ اللّغة العربية بعد أن مهّد الإنجليز لتعلّمها السّبل والأساليب ورفعوا شأن من عرفها وجعلوها لغة رسمية للبلاد[34]، كالحالة نفسها في الدّول الّتي استعمرتها فرنسا.
ثانياً: الثّقافة الغربية وأنظمتها التّعليمية:
عرف الإنكليز هذه البلاد عام 1553م على أثرِ مغامراتهم السّياحية في شواطئ أفريقيا، وبدأوا في التّجارة مع أهلها، وكانت النّخاسة أهمّ سلعهم التّجارية، ولما ألغيت في أوربا عام 1807م تحوّلت إلى غلات البلاد وحاصلاتها، لقاء ما يأتون به من منسوجات ومصنوعات وأدوات زراعية وغيرها، ولمّا تفتّحت أعينهم على خيرات البلاد صاروا يتكالبون عليها حتّى اضطروا إلى عقد مؤتمر في برلين عام 1884م يضع حداً للتّنافس الدّولي على شواطئ أفريقيا، فسارعت كلّ من بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى وضع يدها على الأرض الّتي احتلّتها، وإلى عقد اتفاقيات مع ملوك تلك البلاد على إبرام الصّداقة التّجارية بين الطّرفين. ومنع تجارة الرّقيق وتحريمها بتاتاً، وكذلك إطلاق حرية التّبشير المسيحي في طول البلاد وعرضها، وإيقاف الحروب بين القبائل وتأمين طرق المواصلات.
ولم يكتفوا بهذه الاتفاقيات، بل صاروا يطمحون إلى ما وراءها في شئون الحكم وإدارة البلاد واستعمارها واستغلالها بالتّدريج. ولمّا شعر الملوك والأمراء بانفلات الزّمام من أيديهم هزّوا رؤوسَهم امتناعاً، فقامت بين الطّرفين مناوشات طويلة انتهت بسقوط الضّعيف تحت أقدام القوى، فسقطت لاغوس أوّل ما سقطت تحت إقدام الإنكليز عام 1862م[35].
ثمّ تغلغلوا في داخل البلاد وفعلوا بأهلها ما فعلوا بأهل لاغوس، فتمّ لهم الاستيلاء عيها ورفع رايتهم فوقها، وأطلقوا على بعضها المحمية الشمالية، وعلى البعض الآخر المحمية الجنوبية. ولقد أبت الإمارات الشمالية، وعلى رأسها حفيد ابن فودي المسمّى السّلطان الطّاهر، أن تستسلم للانكليز بل قاومتهم مدة قبل أن تنهزم عام 1903م. فخرج السّلطان مهاجراً وتبعه خلق كثير، فاقتفى الحاكم الإنكليزي أثره، وأدركه في بلاد غمبي، وقامت بينهما معركة شديدة واستشهد فيها السّلطان والوجهاء والأعيان، ولم يفلح منهم إلا محمّد بللو الملقب ب(ما يرنو) ومحمّد بن الأمير، وطائفة من العلماء فتأخّر الأوّل قرب مدينة سنار في السّودان الشّرقي واختط بها مدينة عرفت بلقبه (ما يرنو) ولازمها حتّى توفّي عام 1640م وجاور الباقون مكّة المكرّمة إلى أن توفّوا هناك رحم الله الجميع[36].
أمّا من ناحية فرنسا فلقد بدأت فرنسا في استعمار غرب أفريقيا بالتّجارة كما بدأ الإنكليز، ثمّ بعقد المعاهدات الودية مع الملوك والزّعماء ولما انكشف سرهم للزّعماء المسلمين في الاستعمار قاوموهم مقاومة شديدة أذهلتهم طويلاً ولم يتمكّنوا من التّغلّب عليها إلا بشراء الضّمائر وسياسة التّفريق للزّعماء المختلفين.
اتّخذت فرنسا مدينة دكار قاعدة لحكومتها في غرب إفريقيا، ومنها بدأ الاستعمار، ثّم نشطت إلى احتلال السّنغال كلّه عام 1817م. وحاربت الفولانيين والموريتانيين سنين طويلة. ولما تعيّن الجنرال (فدهرب) حاكما على السّنغال، وكان داهية كبيرة عمل على توسع حكومته فيما حولها، وصادف وقت قيام الحاج عمر الفوتي بالجهاد الإسلامي، وتأسيسه لدولة إسلامية في التّور وماسينا وتمبكتو، فقام بين الحاج عمر وقدهرب قتال عنيف، ونضال طويل، انتصر في مواقعها الحاج عمر مراراً غير أنّه وافاه الأجل عام 1862م[37].
فقام بالأمر بعده ابنه أحمد الّذي أقلق الجنود الفرنسيين وأوقف مصالحهم طويلاً حتّى اضطرّوا إلى التّهادن معه، كما تهادنوا مع زعماء المقاطعات الّذين قبلوا حماية فرنسا واحداً بعد احد فتمّ استيلاؤهم على السّنغال نهائياً 1893م. فهاجر أحمد بن عمر إلى شمال نيجيريا فمات بها[38].
ومهما تنس فرنسا لا تنسى ما لقيته من سامورى وكراموغو ومحمد الأمين في غرب أفريقيا.
ولمّا تمّ استيلاء الفرنج على غرب إفريقيا، تدافقت أمواج الإرساليات التّبشيرية بالتّتابع من انجلترا وفرنسا في شكل جمعيات مختلفة لبناء المدارس، والكنائس والمستشفيات في المدن والأرياف، ثمّ لما تحرّر العبيد السّود من أوروبا وتأسّست في سيراليون مدينة سميت بـ(فريتاون) عام 1772م بادر المبشِّرون إلى إنشاء كلية فورابي لتخريج الأساقفة من هؤلاء العبيد المتحرِّرين ليرسلوهم إلى تلك المستعمرات الجديدة مبشرين.
ونزلت الدّفعة الأولى من موجات التّبشير المسيحي إلى نيجيريا عام 1841م. ومن بينهم (صمويل أجاي كرواثر) الّذي تحرّر من المتحرّرين، وتخرّج مع المبشِّرين ثمّ أرسل إلى نيجيريا مع المرسلين[39]. وعمل بجدٍ ونشاطٍ لوضع الأحجار الأساسية للتّبشير الصّليبي بالتّعاون مع الاستعمار، ووضع الحروف اللاّتينية لكتابة لغة يوربا لترجمة الإنجيل بدل الكتابة العربية الّتي كان المسلمون يكتبون بها لغة يوربا[40] هناك، وأوّل مدرسة تبشيرية في لاغوس بنيجريا هي المدرسة الكاثوليكية الرّومانية 1844م. ثمّ مدرسة الجمعيات الإرساليات الكنسية عام 1859م ثمّ مدرسة البنات للجمعية المذكورة عام 1868م. وأوّل مدرسة حكومية غير تبشيرية بنيت عام 1882م. على أن الاستعمار كان يعمل جنباً إلى جنب مع التّبشير، وكلاهما يمهّد السّبيل للآخر، ويضع كلّ إمكانياته تحت تصرّف زميله، بل يخدم التّبشير الاستعمار أحياناً أكثر مما يخدم صليبه، كأن يختار الاستعمار كبار موظّفيه من كبار الأساقفة والمطارنة، فلا يستطيع المسلم أن يفرق بين الموظفين الحكوميين، وبين الأساقفة المبشّرين[41].
ولقد علمت أن الحضارة العربية الإسلامية هي الّتي تمكّنت في جميع الأجزاء الشّمالية في غرب أفريقيا قبل دخول الإفرنج، أما الأجزاء الجنوبية القريبة من شواطئ المحيط الّتي يقل بها العمران في القرون الوسطى، فهي الجهات التي لم يكن فيها الإسلام قوياً، كسواحل العاج والذّهب(ساح العاج وغانا حاليا) والدّاهومي ونيجيريا الجنوبية، ولقد كان التّعليم العربي منتشراً في جميع البلاد الّتي استوى فيها الإسلام مستوى الاستقرار والنّضوج، وكانت الثّقافة الإسلامية برّاقة في جميع البلاد الّتي تحكم بالشّريعة الإسلامية. بل كانت الحضارة العربية قائمة في جميع البلاد الّتي قامت فيها الحكومة الإسلامية.
ولمّا جاء المستعمرون والمبشرون غاظهم كلّ الغيظ أن يلتقوا بالإسلام في غرب أفريقيا ليس ديناً متمكناً في النّفوس فحسب، ولكنّه قوة حاكمة، ودولة قائمة، فلبسوا للمسلمين جلود النّمر، وصلّتُوا عليهم سيوف المكر، لا يرغبون فيهم إلاًّ ولا ذمة، بل شمّروا عن ساعدهم في سبيل القضاء على آثار الإسلام بكل جائزٍ ومستحيلٍ، حتّى ضربوا الثّقافة العربية بثقافتهم الإفرنجية، وهدموا بنيان علماء الإسلام بمعاول قساوسة الصّليب، وبدلوا الشّريعة بالقانون، وطاردوا الفقهاء من الدّواوين، وأحلّوا محلّهم المحامين، وأغروا طلاب اللّغة العربية بطلاب اللّغة الانجليزية والفرنسية، حيث تغلغلوا في القرى والأرياف، واقتنصوا أبناء الفلاحين وأغروهم بالأموال والأعراض، وأرسلوا من آمن بالصّليب منهم إلى أوربا، ليكملوا بها علومهم وليرجعوا إلى بلادهم زعماء معتبرين لدى الخاص والعام، فاغتر طائفة من أبناء المسلمين بتلك المظاهر فتنصّروا، فبقي المتمسكون بدينهم خارج الحظيرة ضعفاء مساكين متروكين في زاويا الإهمال يعيشون على هامش الحياة، ويأكلون من فتات الموائد، فلا جرم أن يحارب الاستعمار التّعليم العربي بالتعليم الإفرنجي بغية تحويل المسلمين عن دينهم، أو تسميم مناهج التّعليم العربي بالتّعليم الإفرنجي نفسه عليهم، حتّى يصير المسلمون أنفسهم حرباً على الإسلام وثقافته، لترسخ أقدام المستعمرين في بلاد الإسلام، ولتشييد النّصرانية على أنقاض الإسلام. وإنّ نزع لغة القرآن وتعاليم الإسلام من قلوب مسلمى غرب أفريقيا خطة مدبّرة، وحيلة منظمة، من الإنكليز وفرنسا على السّواء. ما ذا يعمل المسلمون واللّغة الإنكليزية أو الفرنسية أصبحت ضرورية؟.ومن صور تدبيرهم لنزع القرآن ما قال (لورد كرومر) وزير خارجية بريطانيا، في برلمانهم بمطلع القرن العشرين قولته المشهورة: "إنّ قدم الإمبراطورية الإنكليزية لن تَرسخ في البلاد الإسلامية ما دام هذا القرآن بيد المسلمين"[42].
لذلك فإنّ الّذين تلقّوا الإنجليزية أو الفرنسية في المدارس التّنصيرية الصّليبية بغربي أفريقيا، وظلّوا على دينهم الإسلامي قلّةٌ. وكلّ منهم كالقابض على جمرة نار[43].
بقي المسلمون في نيجيريا الإنكليزية محتارين في حالتهم هذه إلى أن جاء رجل من سيراليون اسمه (الدّكتور ويلمت بليدن)، كان مستشرقاً كبيراً، كما كان مديراً لمصلحة المعارف في سيراليون وسبق أن درس مثل هذه المشكلة مع المسلمين في سيراليون، فأكسبته خبرته لمعرفة طريقة حلّ هذه المشكلة في نيجيريا حسب طريقة حلّها في سيراليون. فطلب من الحكومة البريطانية عام 1895م إنشاء مدرسة حكومية خاصّة يتعلّم فيها أبناء المسلمين المعارف الإنكليزية إلى جانب ديانتهم الإسلامية، فوافقت الحكومة على هذا الطّلب، فأنشأت المدرسة في لاغوس عام 1897م، فانفتح الباب الحر أمام أبناء المسلمين ليتعلّموا.
ولمّا تأسست المدرسة الإسلامية الحكومية وتحسنت بها أحوال المسلمين الثّقافية، احتجّ المبشرون على ذلك بأن المدارس الحكومية من شأنها أن تتجرّد عن الشّارات الدّينية، فألغيت كلمة (الإسلامية) من اسم المدرسة، وبقيت حكومية، واختير ناظرها مدرسوها من غير المسلمين. فاستيقظ المسلمون على هذه المؤامرات، وعملوا على إنشاء الجمعيات الّتي تهتمّ بفتح المدارس الإسلامية، فتأسّست جمعية أنصار الإسلام 1923م، ثمّ الزّمرة الإسلامية 1926م، ثمّ جمعية نور الدين 1934م، ثمّ جمعية أنصار الإسلام 1945م. فملأوا المدن والقرى بالمدارس الإسلامية، الّتي جعلت همتها تسليح أبناء المسلمين بالثّقافة الانكليزية الّتي أصبحت ضرورة لأبناء البلاد، مع الإلمام بمبادئ الدّين، والتّاريخ الإسلامي، وقد أعدت هذه المدارس الطّبقة المثقّفة من أبناء المسلمين الّذين يشاركون أقرانهم المسيحيين في مختلف الميادين اليوم[44].
أنماط التعليم الغربي في غرب أفريقيا:
فقد بدأ التّعليم الإنجليزي ظهوره بنيجيريا مثلاً سنة (1841)م كما أشرنا إليه آنفاً على أيدي المبشرين المنصِّرين لغرس العقيدة النّصرانية في نفوس الأطفال وكان المبشرون بداية أمرهم يجمعون أطفال القرى باستعمال آلات اللّهو واللّعب ويوزعون الحلوى والأكسية عليهم، وكما كانوا يستعملون الكتب المصوّرة ذات الألوان الزّاهية بهدف جذب الأطفال إلى هذه المدرسة، وكان اتجاه المبشرين مركّزاً على شرق نيجيريا وغربها ....[45] حيث كان نصيب الشّمال في التّعليم ضئيلاً جداً.
وفيما يتّصل بالتّعليم العالي، فإنّ أوّل مدرسة عالية في نيجيريا هي كلية يابا الحكومية وقد أنشأت سنة (1934م)، وأدّى دوراً كبيراً قبل إنشاء الجامعات، وكانت أولى جامعات في نيجيريا أنشئت في مدينة إبادن تسمى جامعة إبادن (UNIVERSITY OF IBADAN) في الإقليم الغربي سنة (1938م) [46]، كما تمّ قبل هذه الجامعة إنشاء كلية جامعية تنصيرية بسيراليون، وهي جامعة فورابى (ForahbayCollege University of Sierra Leone)) الّتي أشارنا إليها سابقاً، عام 1827م[47]،.
ولعدم اهتمام الاستعمار بنشر الثّقافة والتّعليم بالشّمال حينذاك، حينما اتجه بكلّ جهده إلى الشّرق والغرب، ومن أجل هذا دبت اليقظة والغيرة في نفوس أهل الشّمال فأعادوا للثّقافة العربية نهضتها من جديد كما فتحوا بها المدارس المختلفة ليلحقوا أبناءهم بركب الثقافة المدنية وهكذا أنشأ أمراء المسلمين بالشّمال مدرسة العلوم العربية في كنو (KANO) سنة 1934، كما أنشأوا مراكز التعليم العربي الإسلامي في أبي أكوتة(ABEOKUTA) ومنها المركز الإسلامي للشيخ المرحوم آدم عبد الله الألوري في أغيغى AGEGE (سنة 1959م). واتجه كذلك أبناء المسلمين بالإقليم الغربي لإحياء الثقافة العربية والإسلامية فأنشأوا عدداً من المدارس لهذا الغرض واتجه أبناء الشّمال والغرب إلى إرسال المبعوثين إلى مصر، والسّودان وإلى البلاد العربية ليتفقهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم[48].
إلاّ أنّ في الوقت الحاضر في أغلبية دول غرب أفريقيا فإنّ أنماط التّعليم من حيث المراحل تكمن في المدارس الابتدائية والثّانوية والمعاهد العليا والجامعات.
آثار الأنظمة الوافدة على مجتمع غرب إفريقيا:
وما من نظام تعليمي إلا وله جملة من الأهداف والغايات الّتي يسعى إلى تحقيقها من خلال العملية التّعليمية. وتنبثق الأهداف في أغلب الأحيان عن المرجعية، الّتي تشكل القاعدة المنتجة والموجهة للأهداف، الأمر الّذي يعني وجود علاقة جدلية ترابطية بين المرجعية والأهداف، فإذا كانت مرجعية نظام ما مادية، فإن أهدافه تغدو هي الأخرى - في أغلب الأحيان- مادية، وإذا كانت مرجعيته روحية، فإن ذلك سينعكس على الأهداف، وكذلك الحال فيما لو كانت مرجعيته مادية روحية، فإن أهدافها ستصبح أهدافًا مادية روحية مترابطة[49].
وتوجد في عصرنا هذا نظم تعليمية عديدة ومنها الأنظمة التّعليمية الغربية، وهي الأنظمة التي تسود أوروبا الغربية (النظام التعليمي الفرنسي، والنظام التعليمي الإنجليزي، والنظام التعليميالبرتغالي، والنظام التعليمي الإيطالي).. والأنظمة التّعليمية الشّرقية، وتشمل الأنظمة التعليمية الّتي كانت تسود أوروبا الشّرقية(نظام تعليمي شيوعي، سوفياتي سابقًا). وكذلك الأنظمة التّعليمية العربية الإسلامية الّتي نبعت من الجزيرة العربية. وسأركّز حديثي على الأنظمة التّعليمية الغربية والأنظمة التّعليمية العربية الإسلامية لعلاقة تأثيرهما المباشر على مجتمع غرب أفريقيا.
وهدف الأنظمة التّعليمية الغربية هي تربية النّزعة الفردية، وهو اعتبار إنتاج فرد مادي (مواطن صالح) أسمى غاية وأعلى هدفٍ يرجى ويُتوقع من العملية التّعليمية، إذ ترى تلك الأنظمة أن زرع النزعة الفردية هو الوسيلة العليا لإنتاج فرد حريصٍ على مصالحه الخاصة، وجادٍّ في تحقيق رغباته وشهواته المختلفة بشتى الطرق والوسائل، ولذلك فإنّ الفرد في هذه المجتمعات لا يرى لنفسه قيمةً ولا وزنًا إذا عجز عن تلبية رغباته الآنية والمستقبلية. وبما أن تحقيق ملكية فردية يتوقف على تمتّع الفرد برغبة جامحة في العمل والجدية، والنشاط المضاعف، لذلك يجد المرء مبدأ العمل في هذه المجتمعات مبدأ أساسيًا ومهمًّا للبقاء، وأضف إلى ذلك أن العمل أيًّا كان نوعه في هذه المجتمعات، مقدَّس ومقبول وصحيح، مادام يحقِّق للفرد حيازة مال، فليس في هذه المجتمعات عمل دنيء أو وضيع أو شريف، فشرف العمل ودناءته مرتبط بناتجه، فالعمل الذي يترتب عليه جني نتائج جمة هو العمل الشّريف والعظيم، وأما العمل الّذي يترتّب عليه جني نتائج ضئيلة هو العمل الوضيع الدّنيء. وأيًّا ما كان الأمر، فإنّ الأنظمة التّعليمية تُصمَّم في هذه المجتمعات هادفة إلى تحقيق هذا المبدأ، مستندة إلى وحي مرجعية العلمانية، الّتي تقصي المبادئ والقيم الإلهية عن دائرة التّوجيه والإرشاد، وتوكل إلى العقل والذّوق البشريين مهمّة تحديد المبادئ والقيم، الّتي ينبغي اعتمادها والرّجوع إليها. وأمّا هدف الأنظمة التعليمية الشّرقية: فهي تربية النّزعة الجماعية، فإنتاج مجتمع مادي، والفكرة الشّيوعية الّتي تعتنق المادية الجدلية قد نشأت كردة فعلٍ على الفكرة الرّأسمالية، الّتي تتبنى العلمانية القائمة على تأليه الملكية الفردية، والدّفاع عنها، إذاً فإنّ الهدف الأسمى والغاية العليا من الأنظمة التّعليمية الشّرقية هو تربية النّزعة الجماعية لإنتاج مجتمع مادي جماعي. ويتحقّق هذا الهدف بمصادرة الملكية الفردية الّتي هي مصدر كلّ الشرور والأهوال، والفواجع والكوارث. وإنّ هذه الأنظمة تفسِّر المبادئ والقيم في المجتمعات بأنّها مخلّفات القديم البائد، ولذلك فلا اعتبار لأية قيمة تقف حاجزًا أمام تحقيق هدف إيجاد مجتمع مادي جماعي. وإن كان لابدّ من الاعتداد بقيمةٍ، فلتكن تلك القيمة قيمةً تقود إلى انتصار فكرة المادية الجدلية القائمة على مصادرة جميع نوازع الملكية الفردية، في سائر أشكالها ووسائلها. وبناءً على هذا المنطلق الّذي يقوم على القضاء على جميع صور الملكية الفردية، فإنّ هذه الأنظمة استطاعت أن تنتج مجتمعًا ماديًا ينتعش فيه الكسل والعطالة والبطالة، وما ذلك إلاّ لأنّ الفكرة في حدّ ذاتها تتعارض مع الفطرة الإنسانية، وتقتل في الأفراد روح المبادرة والإبداع والابتكار، إذ أنّ ناتج عمل العامل، وثمار كدّ الكادح ليست له، ولا حقّ له فيها على الإطلاق، وإنّما لجميع أفراد المجتمع، للعامل منهم وللكسول، للنّائم وللصاحي، وهكذا دواليك.
وعلى العموم، فإنّه يمكن القول: بأنّ أهداف الأنظمة التعليمية السائدة، الغربية والشرقية أهداف مادية بحتة، حيث تسعى الأنظمة التّعليمية الغربية إلى إنتاج فرد مادي، ولكن الأنظمة التّعليمية الشّرقية فتسعى إلى إنتاج مجتمع مادي، وكلاهما خاليان من الجانب الرّوحي السّامي..وأمّا الأنظمة العربية الإسلامية فتتميّز على غيرها من حيث أنّ سعيها هو إنتاج الفرد الصّالح الّذي ينطلق من توجيهات الوحي، ويتعامل بفعالية مع الواقع المعاش، ويسعى إلى تحقيق رفاهةٍ شاملة لكلِّ فردٍ من أفراد المجتمع، تحقيقًا لرسالته الكبرى المتمثّلة في إنقاذ البشرية جمعاء من براثن الشر والهلاك..[50]
فكأن الاختلاف بين أهداف هذه الأنظمة يكاد ينحصر في دائرة نقطة البدء والتّركيز، إذ أنها تتقاسم الاتفاق على الاهتمام بالجانب المادي، والتركيز عليه، فإنتاج الفرد المادي أو إنتاج الجماعة المادية.. وبناءً عليه، فليست ثمة غرابة في أن ينعدم الإحساس والمشاعر الإنسانية في حياة الأفراد والمجتمعات التي أنتجتها هذه الأنظمة، وأن تغدو المبادئ والقيم المعنوية قضايا نسبية لا قرار لها، ولا دور لها.
إنّ أهداف الأنظمة غير الإسلامية هذه على اختلاف درجاتها، غريبة على الحياة في المنطقة، ووافدة عليها، وذلك لأنّها أهداف تشكلت من خلال ظروف وأوضاع لا تعرفها المنطقة، ولا تربطها بها أية رابطة، بل هي أهداف تمّت صياغتها بعيدًا عن الواقع الإفريقي الغربي، وظروف الحياة في المنطقة، وبالتّالي عندما استوردت إليها وطُبِّقت في بعض أرجائها، ***ت لتلك الأرجاء صنوف المآسي والفظائع والفواجع والكوارث، لم تعرف المنطقة حتى هذه اللّحظة سبيلاً للخروج منها. فهدف إنتاج الفرد المادي -على سبيل المثال- أورث غرب أفريقيا أمراض الأنانية البغيضة، والرّشوة والحقد والحسد، والفساد السِّياسي والإداري، والانحلال الخلقي، وغيرها من خصال وأدواء التّخلف والتأخر، والتّقهقر، وغدت الانقلابات العسكرية، المبرَّرة وغير المبرَّرة أساسًا ومبدأ لا ينازع في مشروعيته، طمعًا في الاستئثار بثروات الأمم وخيراتها، والانفراد بها دون الآخرين، مما زاد المنطقة تخلفًا وتوسعًا، واستمراءً لحياة التأخر والتقهقر والهامشية. ولئن استطاعت الأنظمة التّعليمية الغربية إنتاج الفرد المادي ذي النّزعة الفردية، وخلت مجتمعات تلك الأنظمة من فشو أدواء التّخلف وخصاله، فإنّ مردَّ ذلك إلى وجود جملة من السّياج القانوني والاجتماعي والنّفسي والعقلي، والّذي ظلَّ ولا يزال عامل ترشيد وتهذيب لتلك النّزعة الفردية، بحيث إذا ما حاولت الحياد والانحراف بالفرد عن المسار المرســوم، كــان ذلك السّيـاج مقوِّمًا ومصحِّحًا لاعوجاج النّزعة.
ولما تبنت دول غرب إفريقيا هذه الأنظمة الغربية وحلُمَت بتحقيق هذا المبدأ، لم يكن ثمّ سياج قانوني قادرٌ على حماية مصالح عامّة النّاس، الأمر الّذي ترتّب عليه أن غدت تربية تلك النّزعة في شخصية الإنسان الإفريقي الغربي عامل هدمٍ وتدميرٍ على سائر المستويات، ويكفيها أن تكون هي السبّب في انتشار أمراض التّخلف والتّدهور من (الأنانية، والحقد، والكراهية، والبغضاء، والرّشوة، والدّجل، والفساد السِّياسي والإداري...).
وليتّضح الأمر أكثر فإنّني أضرب لكم بعض أمثلة من الواقع في مجتمعنا بغرب أفريقيا عسى أن نتفكّر أو نتدبّر بسعي جادٍّ لإنقاذ هذه المنطقة من ويلات الآثار السّيئة من الأنظمة التّعليمية الغربية الفاسدة.
أوّلاً: الفساد الإداري والسّياسي:
ويدخل في الفساد الإداري ظاهرة اختلاس أموال الدّولة، وبمجرّد تعيين بعضهم وزراء أو مديرى بعض إدارات الدّولة تجدهم أغنياء بعد مدّة وجيزة، وتجد حساباتهم في البنوك مليئة، ويبنون مباني عديدة، ويجمعون في ساحات بيتهم سيارات مختلفة وكأنّ بيتهم معارض للسّيارات، ولا يخاف بعضهم أن يُؤخروا دفع رواتب الموظّفين تحتهم، إذ يعرف بعضهم كيف يضعون رواتب عمّالهم في حساباتهم- بعد استلامها من الحكومة- وبعد مدّة معيّنة يتمّ سحبها وصرفها على الموظّفين علماً أنّ الأرباح الزّائدة تحسب مع حساباتهم، وليس هنالك متابعة ومراقبة جادّة تردع هؤلاء من هذا. بل ويمكن أن تجد بعضهم يستقرضون من بعض البنوك أموالاً طائلة ليسدِّدوها حيناً بعد حين، وبدلاً من تسديد هذه القروض، يتّصلون بالمسئولين أو بعض موظّفين في هذه البنوك لتُسحب منها ملفّاتهم بمقابل نسبة مئوية من المبالغ. ويُحرق بعضهم المكاتب الّتي وُدعت فيها هذه الملفّات!!!.
وقلّ أن تجد المقاولين مُوفين بالعقود، فالّذي تسمعه فقط هو منح مقاولٍ معيّن عقداً لتشييد طرقٍ أو بناء دوائر حكومية أو عمل في البلد وما أشبه ذلك، بملايين.... فهو لا يعمل شيئاً بل وقد تُفاجأ بمغادرته البلاد هارباً إلى الغرب للاستثمار هناك بما استلمه من الأموال. وقد قال اللّه تعالى: (يأيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود...).الآية[51]
وأمّا الرّشاوى في الدّوائر الحكومية فقد أصبحت عادةً في المنطقة، والغريب في نظرهم هو من يرفض قبول الرّشاوى، يعتبرونه شاذاً وأنّه لا يدرك قيمة العملات أو غبي لا عقل له. وفي أوساط الشّرطة بمختلف أنواعهم: كشرطة الجمارك، والجوازات وشرطة المرور والجيش معظمهم يتراشّون ويأخذ بعضهم مبالغاً من سائقي سيارات في الطّرقات من المواطنين الضّعفاء بمقابل إطلاق سراح هؤلاء السّائقين للمرور في الشّارع، كما اتخذ بعض القضّاة هذه القناة (قناة الرّشوة) موردَ الرّزق لهم. وبهذا يسلبون حقّ الضّعيف للقوّي.
والمعلوم أنّ القيام بالشّؤون التّربوية والتّعليمية أمانة في أعناق المسئولين التّربويين وكلّ المعنيين بالأمر وذلك لضمان مستقبل مشرق للبلاد، إلاّ أن الواقع غير ذلك إذ أنّ تخطيط المناهج الدّراسية في كثير من دول المنطقة كلّها تُبنى على أسُسٍ فكريةٍ غربيةٍ بل مستوردة منها، وهي ملابس جاهزة قد فُصِلَت لغيرنا على حسب أحجامهم، لكنّها تُلبس لمجتمعنا من للأسف الشّديد، وتكون المخرجات أسوأ نتيجة للمدخلات السّيئة. ومن زرع الشّوكَ لا يحصد عنباً.
ومن قبيل ذلك عدم اهتمام معظم الموظّفين بالعمل ومن بينهم بعض المعلِّمين والأساتذة في المدارس والجامعات، ويعمل بعضهم على هواه كأنّ الالتزام بأنظمة العمل ليس بضروري، ويحضر العملَ إن شاء ويغيب إن شاء، بل يقول بعضهم في بعض لغات المنطة (Ise Ijoba kese ise ase ku) معناها " أنّ العمل الحكومي لا يُتَفَانَى لأجله" ويستخدمون تلكم المقولة لمّا يريدون زرع التّكاسل في نفس العامل الحكومي المجدّ في عمله، أو عدم الاهتمام بالعمل خلال العمل عند الحكومة، ناسين أنّ هذه الأعمال ليست للحكومة بعينها بل هي ملك للشّعب لو تأمّلوا بدقّة، وكلّما يترتّب عليه سيعود أثره طبعاً على المجتمع. ومنها معلّمات يتاجرن لأقرانهن من المعلّمين في المدارس، ويسافرن – في الأيام الدِّراسية- لاستيراد البضائع - إن دعت الحاجة إلى ذلك في نظرهن- وتطمئّن قلوبهنّ على عدم فصلهنّ من العمل لاحتمال أن تُوجد بينهن وبين مدير المؤسسة علاقة أسرية أو غيرها، وقد تُتّفق على نسبةً مئويةً من الأرباح لهذا المدير!! ومنها كذلك استلام بعض المديرين رواتب المتوفّين من موظّفيهم. وكم ممن توفّوا من الموظّفين وما زال بعض المديرين يستلمون رواتبهم في العمل، ولا يصل شيء منها إلى ورثتهم!!!.
وأمّا الصّراعات القبلية فلها دور كبير في هدر الطّاقات والثّروات بل إنّ معظم ما تصرف ثرواتنا ومعادننا في المنطقة الحروب الأهلية وأكثرها بين القبائل المتنافرة. وإن نعجب نحن فلا يعجب المستعمرون الّذين مضوا في تحقيق هدفهم في ذلك إذ كلّ ذلك قنابل زرعوها قبل خروجهم منها. وهي تنفجر حيناً بعد حين. وهي الّتي تحوّلت إلى القوى الخارجية اليوم الّتي تضع بصماتها في مجالات كافة في المجتمعات. وعلى ذلك يسلِّط البروفيسور حسن مكي الضّوء ويقول " إنّ تاريخ أفريقيا المعاصر مجرّد حلقة من التّاريخ الأوربي، فقد انشغلت القبائل بصراعاتها على الموارد الرّعوية والزّراعية من مياه وأرض وتركت الدّولة للمستعمر، وحينما راح الاستعمار طبع بصماته على كل مجالات الحياة في أفريقيا من خدمة مدنية ممركزة وعملة وأوراق نقد وشيكات وصحف ومذياع وسينما عابرة لحدود العشيرة والقبلية، وجاءت كذلك مصطلحات الدّولة الحديثة، العابرة لحدود القبيلة والعشيرة من انتخابات واقتراع سري ودستور وجواز سفر ووثيقة إثبات الشّخصية والتّذاكر ثّمّ خدمات البريد وتذاكر السّفر والقوانين المدنية والجنائية والمناهج الاقتصادية والسّياسية ونظم الأجور والمرتبات وهياكل الدّولة من رأس دولة ووزير و**** وقائد جيش وعميد وسفراء وقناصل يمثلون الدّولة ولا يعرفون سلطان القبيلة ولا رأس العشيرة"[52].
ومن دلائل استمرارية الاستعمار إلى الوقت الحالي في المنطقة اتخاذ بعض الدّول في المنطقة عملاتها عملات أجنبية وهي الّتي ترتكز عليها. كاستخدام بعضها عملات فرنسية ألاّ يعني ذلك الاستعمار؟. بل الأشدّ من ذلك هو إدارة القوى الخارجية سياسات البلاد ووضع بصماتها على مجالات الحياة كلّها. وقد أشار البروفسور حسن مكي إلى ذلك حيث يقول: " تظلّ أهمّ آليات التّغيير السّياسي في يد القوى الخارجية والعامل الخارجي ممثلاً في أجهزة الاستخبارات وإمكانياتها التّمويلية والتّخطيطية الضّخمة، فهي الّتي تزكي نيران الحروب وتلهب المواقف وتصنع الحكّام "[53].
وأذكر أخيراً في هذا الإطار كثرة الإضرابات عن العمل، فهذه ظاهرة تتفاوت من دولة إلى أخرى، إلاّ أنّ أكثرها في دولة نيجيريا- على حسب معرفتي- وهي دولة تتمتّع أكثر من الدّول في المنطقة بثرواتٍ عديدةٍ ومعادن كثيرة، ولستُ أدرى لماذا لا تُصرف هذه الخيرات في توحيد صفوف المواطنين. وأغلب أسباب هذه الإضرابات عدم التّفاهم بين الحكومة واتحاد العمّال في الدّولة. وكلّ يتّهم الآخر بالتّقصير. ولا شكّ أنّ ما تولّده كثرة الإضرابات خسائر مادية كثيرة للدّولة.
ثانياً: الانهيار الخلقي:
ومما سبق ذكره خلال الحديث عن ثقافات غرب أفريقيا قبل دخول الإسلام من تنفيذ الإعدام للجاني القاتل وغيره ممّا ذكرنا ومن تطبيق الممالك المسلمة الغابرة الأحكام الشّرعية ونشر التّعليم العربي الإسلامي يفهم من ذلك أنّ الالتزام بالأخلاق الفاضلة والمحافظة على الأمن القومي من شيم أجدادنا في المنطقة، لكن قد خلف من بعدهم خلف أضاعوا الثّقافات الأصيلة الطّيّبة واتّبعوا الشّهوات واستبدلوا الأحسن بالّتي هي أدنى...وترتّب على ذلك الانهيار الخلقي في المجتمع.
وأقوى الوسائل المستخدمة في ذلك أى لمحو ثقافتنا هي الأجهزة الإعلامية الّتي من المفروض أن تؤدّي دوراً إيجابياً في محاربة الفساد في المجتمع وغرس أسس الأخلاق الفاضلة في نفوس النّشء. لكن للأسف الشّديد أنّ أجهزتنا الإعلامية اليوم هي في ذاتها منبع ومورد الفساد، سواء مرئية منها أو مسموعة، ولعلّك تصدّقني عند فتحك أكثر القنوات التلفزيونية القومية في المنطقة لمعظم الدّول، فأكثر ما تشاهد فيها دعايات لأنواع من الخمور، والأفلام الغربية الهابطة والأغاني الفاسدة، ومن تلك يَسْتَلهم الجيل القادم أخلاقهم ويتعلّمون منها طُرق وسبل تدمير الثّقافة الصّالحة، وتُشاهَد فيها فتيات كاسيات عاريات بل كلّها موضع للأشرار بأنواعها. وتجد فنّانين ومغنّيين وممثّلين في المنطقة يقدّمون أعمالهم محاكين فيها رصفائهم من الدّول الغربية ويتلّفظون بألفاظ سيّئة. بل أكثر ما تَسْمَع من الإذاعات أشرطةَ الفنّانين والمغنّين المفسدين لعقول شبابنا حيث لا يستحي بعضهم أن يصف عورات النّساء في أشرطتهم!!! وبدلاً من قيام الحكومات لمنع انتشار ومناولة أمثال هذه الأشرطة ومصادرتها تُروَّجُ لها في الأسواق، وتُخصّص لها من الأرزاق، وتُدعم من قبل الأغنياء والسّلطات، بحجّة أنّ أصحابها مساهمين في حراك اجتماعي ثقافي في البلد!!! وتسهّل لهم إجراءات السّفر إلى الخارج من منح تأشيرات وغيرها بدون عناءٍ ومشقّةٍ. وأمّا الجرائد اليومية والمجلاّت الدّورية ما هي إلاّ أداة لنقل القيم والأخلاق السّامية وإرشاد وتوعية المواطنين بالتّنمية الحقيقية وتقدّم البلاد، إلاّ أنّها في منطقتنا أداة لمحاربة الثقافة الّتي تحثّ المواطنين إلى الفضيلة والالتزام بالسّلوك السّوي بل الجرائد مليئة بالأكاذيب نظراً للعائد المادي، ومعظمها مليئة بصورالنّساء الماجنات ومزحومة بالأعمدة الفاحشة لا تأتي بأية فائدة للمجتمع لا من قريب ولا من بعيد لما تحتويه من الأفكار الهدّامة لتربية الأجيال القادمة.
إنّ الأدوار الّتي تلعبها الأجهزة الإعلامية في إفساد المجتمع أدوار جسيمة وخاصة في هذا العصر عصر العولمة وصراع الحضارات حينما يحاولون جعل دول العالم قريةً واحدةً، اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً ولغوياً[54]. ومن أهمّ ما تخذوها وسائل القنوات الفضائية والإنترنيت الّتي تعقّم بها عقول الأجيال بالأفكار المسمومة[55].
نعم إنّ من مظاهر الانهيار الخلقي في مجتمع غرب أفريقيا غياب عفّة النّساء، فاذهب إلى معظم الأسواق مثلاً في المنطقة تجدها مزدحمة بالنّساء الكاسيات العاريات، بحجّة مزاولة التّجارة وبعضهن يسافرن من بلدٍ إلى آخر مهما صعب السّفر وبعدت المسافة، وقُضيتْ في السّفر أياماً وشهوراً، فلا يبالين في هذا وذاك ما دامت الحركة حركة تجارية، ولا يفكّرن فيما سيترتّب على ذلك من أضرار على المجتمع في عدم الاهتمام بتربية الأولاد، ويصبح هؤلاء الأولاد مشرّدين وسرّاقاً وقطّاعَ طرقٍ، وما أشبه ذلك نتيجة لقصورهن في تربية هؤلاء الأولاد وقد صدق القائل:
الأمّ مدرسة إذا أعدَدْتها ** أعددتَ شَْعباً طيبَ الأعراق[56].
ومن أنماط الانهيار الخلقي في غرب أفريقيا، الاختلاط بين الطّلاب والطّالبات واحتكاك بعضهم مع بعض، محتّجين بالحرية. ومنها ارتداء معظم الطّالبات ملابساً لا تليق بهنّ، ويمكنك أن تزور بعض جامعاتنا في المنطقة كنموذج للتأكّد من هذه الأمراض الفتّاكة، ومجرّد دخولك حرم بعض الجامعات تجد الطاّلبات عاريات، وكأنهنّ جئن لمعارض أزياء النّساء!!!. وفي الإطار نفسه تجد بعض الشّباب في منطقة غرب أفريقيا مرتدين ملابس المجانين وقد قُصَّت أشعار رؤوسهم بأشكال جنونية، وهم لابسين ملابس مستوردة من الغرب المكتوب عليها باللّغات الأجنبية ككتاباتهم على بعضها باللّغة الإنجليزية (I'M CRAZY) ومعناها (أنا مجنون) وهل هذا يليق بعاقل فعلاً؟ بل تجد من يلبس ملابس تُحرّض الشّباب على الفساد بعبارة (JUST DOIT)، ومعناها ( افعله فقط ولا تتردّد)، ويعني ذلك أن يرتكب أيَّ جريمةٍ بدون تردّدٍ.
ومن أهمّ ذلك أيضاً ما ينتشر في هذه الآونة الأخيرة في بعض الجامعات في المنطقة ظهور وانتشار جمعية سرية (CURT SOCIETY)، تكثر بين الطّلاب في هذه الآونة الأخيرة ومهام هذه الجمعية إلحاق الأضرار لخصومهم من الطّلاب وقتلهم من غير حقٍّ، وإذا وقعت أية خصومة بين أحد أعضاء هذه الجمعية وطالب آخر، فالردّ الفعلي الوحيد منهم القتل، فكم من طلاب أُهْدرت أرواحهم في ذلك.
وعلى ذلك فإنّ منطقتنا في غرب أفريقيا تشكو من تلك الويلات وهي تبحث عن المنجى والملجأ لها، لتعود هذه المنطقة آمنةً مستقرّةً، ولكنّي أقول إنّ الطّريقَ الوحيدَ للخروج من هذه الأزمات كلّها الالتزام بقوانين الإسلام الّتي هي الموافقة لثقافتنا المذكورة سابقاً. إذ ليس كلّ ما وجده الإسلام في البيئة حين دخوله إليها من العادات والثّقافات منبوذة بل عدّل ما تحتاج منها إلى تعديل وأقرّ ما صلحت منها للمجتمع وأضاف ما تعود فائدتها للبشر، وحذّر ممّا تعود ويلاتها على المجتمع. وإذا نريد التّخلّص من هذه الويلات كلّها. فلنرجع إلى ثقافة أجدادنا الإسلامية وأنظمتهم التّعليمية الإسلامية كيف حقّقت لهم السّعادة ، مع أخذ قدر ما تتناسب مع ثقافتنا من ثقافات أخرى وأنظمتها التّعليمية. ولعلّنا نفهم ذلك حقيقة عند رجوعنا إلى القرآن الكريم حيث وصف لنا طريق النّجاح والتّخلصّ من هذه الأمراض الموبقة في آيات كثيرة ومنها قوله تعالى:}إنّ الله يأمركم بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكّرون{[57]. وفي محاربة الخيانة قوله تعالى}إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها..{[58] . وغيرها من الآيات الكريمة.
ولندرك تماماً بصمات الأنظمة التّعليمية العربية الإسلامية على منطقة غرب أفريقيا نستشهد بـشهادة أهل الثّقافة الغربية بذاتها وهو كلابرتون (CLAPPERTON) الرّحالة البريطاني في ملاحظاته: " إنّ شريعة القرآن في عهد (محمّد بلو)[59] كانت تُطبّق بكلّ قوّة، فجميع البلاد عندما تكون في غير حالة حربٍ فإنّها تعيش أماناً، حتّى كأن يُقال بأنّ المرأة يمكنها أن تعبر من أقصى طرف البلاد إلى الآخر حاملةً تابوتاً مملوءاً ذهباً"[60]. وتأكّدت هذه الملاحظة في سياق شهادة شاهد عيانٍ في عهد أمير كنو(إبراهيم دابُو)، فيقول محمّد زَنْغي أحدُ قضاة (كنو): " لقد أقام العدلَ، وأمر النّاس بالمعروف ونهاهم عن المنكر، وأباد المتمرّدين وقطّاع الطّرق، وقطع أيدي السّراق، وهَدَمَ دورَ الدَّعارة واستتبّ الأمن في بلده حتّى كان النّاس لا يُغلقون أبوابَ بُيوتهم في اللّيل، وتَتحرّك المواشي من دون رُعاة إلاّ في مواسم الأمطار، وأمّن الله الطّرقَ في عهده؛ حتّى إنَّ الفتاةَ لَتَسير من مدينة كُوكَاوَا إلى كَوارَا من دون أن تتعرّض لأذى[61]".
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجنّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، ويوفّقنا إلى ما فيه سعادتنا في الدّنيا والآخرة، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه وسلّم.




















الهوامش والمراجع:

[1]- انظر:مطوية منشورة لأنشطة ملتقى الجامعات الأفريقية، جامعة أفريقيا العالمية ص: 1، وانظر كذلك:
International University of Africa, ACTIVITIES in African Universities Congress, January, 2006,http://www.iua.edu.sd





[2]- عثمان عبد السّلام الثّقافي، (الدّكتور)، الإسلام في غرب أفريقيا، (القسم النّثري) مطبعة مدرسة سراج العلوم الإسلامية أوودي بكتى إلورن، الطبعة الأولى، 1993م، ص:2.وانظر مصطفى زغلول السّنوسي(الشّيخ) روائع المعلومات عن أقطار أفريقيا وبعض ما نبعت فيها من المملكات، مطابع الشّرق الأوسط، الرّياض، الطّبعة الأولى 1411هـ – 1991م، ص: 112.

[3] - عثمان عبد السّلام الثّقافي، (الدّكتور)، الإسلام في غرب أفريقيا، (القسم النّثري) المرجع السّابق ص:2.ومن يريد المزيد عن هذه الممالك فليتّطلع على المراجع التالية مثلاً: الإسلام في نيجيريا والشّيخ عثمان بن فوديو الفلاني، الطبعة الثّالثة1398هـ1978م (ن ط).ص: 20 – 25.وكذلك الهجرات السّياسية وأثرها في انتشار الإسلام في أفريقيا، دراسة تاريخية، لعبد الرّحمة أحمد عثمان، المركز الإسلامي الإفريقي في الخرطوم، شعبة البحوث والنّشر، إصدارة رقم (9) 1411هـ - 1991م.ص:14-24.وطالع كذلك مقالة ك. محمود باللّغة الإنجليزية عند حديثة عن الأدب العربي التّقليدي في نيجيريا، في:
Nigeria magazine, No. 145 1983.Gasikiya Corporation Limited, Zaria.The Arabic Literary Tradition in Nigeria.pp:37- 53.


[4]- المرجع السّابق.

[5] - مصطفى زغلول السّنوسي،(الشّيخ) مرجع سابق، وانظر مامادو كارمبيري، التّعليم الإسلامي في غرب أفريقيا، أوراق مقدّمة في ملتقى الحرمين الشّريفين لخريجي الجامعات السّعودية- المقام بنيجيريا – كانوا، تحت إشراف الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة (9- 11/14229هـ – 25 – 27 /12/2002م. ج 1 ص:235.

[6]- مصطفى زغلول، مرجع سابق.

[7] - والولوف همّ أكثرهم تطوّراً وكانوا يؤلّفون مجموعة من خمس ممالك وينتشرون في نطاق عريض بين السّنغال وغامبيا.


[8] - وقد نشأت في المنطقة الّتي يحتلّها اليوم الماندينجو دولتا غانا القديمة ومملكة مالى.

[9] - وكلمة صونغاوي تطلق على البلاد وليس على النّاس وهم زنوج مخلطون بالطّوارق والمغاربة أي بالعناصر البربرية والعربية.

[10] - إسحاق إبراهيم أولايولا، معوقات تعليم اللّغة العربية في المدارس العربية والثّانوية الحكومية في جنوب نيجيريا، مرجع سابق، ص: 53، نقلاً من محمد الجوهري، العلاقات الاجتماعية وقضايا التّنمية في العالم الثّالث، دار المعارف، القاهرة، 1982م، ص: 54.وانظر كذلك شيخو أحمد سعيد غلاندشي، حركة اللّغة العربية وآدابها في نيجيريا،الطّبعة الثّانية،1414هـ 1993م. ص:225، نقلاً من:
The Relevance of the University to our Society, Ahmadu Bello University Press,No1,Zaria 1972.



[11] - إسحاق إبراهيم أولايولا،معوقات تعليم اللّغة العربية في المدارس العربية والثّانوية الحكومية في جنوب نيجيريا، المرجع السّابق، ص: 53.

[12] - الشّيخ آدم عبد الله الألوري الإسلام في نيجيريا والشّيخ عثمان بن فودي الفلاني، مرجع سابق ص: 74. بتصرّف يسير.

[13] - محمد عبد الغني سعودي. الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي،المجلد الثاني عشر، إقليم غربي إفريقيا (أ). 1419هـ - 1999م.المملكة العربية السعودية، وزارة التعليم العالي،جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، عمادة البحث العلمي، ص: 24-25.

[14] - Fage J. An Atlas of African History, Cambridge 1961,p:120.

[15] - محمد عبد الغني سعودي. الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي، المرجع نفسه، ص:18.بتصرّف.

[16] - عبد الله عقيل عنقوي وآخرون: الحضارة الإسلامية: المقرر الرّابع برنامج العلوم الإسلامية والأدبية، وزارة المعرف، التّطوير التّربوي، الإدارة العامة للمناهج، المملكة العربية السعودية. الطّبعة الأولى 1407هـ/1987م. ص:3، بتصرّف يسير.

[17] - انظر مصطفى السّباعي، (الدّكتور) السّيرة النّبوية دروس وعبر، دار الورّاق، والمكتب الإسلامي،ص:53.

[18] - يوسف فضل. انتشار الإسلام في أفريقيا، دار جامعة الخرطوم للنّشر، 1979م، ص:16

[19] - أدم عبد الله الألوري، (الشّيخ) الإسلام في نيجيريا والشّيخ عبد الله بن فودي، مرجع سابق، ص:18

[20] - والقبيلة الأخيرة الكنتية تدّعى أنّها تنتمي إلى عقبة بن نافع، أنظر الحاج عثمان عبد السّلام الثّقافي الأدبي الألوري، الإسلام في غرب أفريقيا، مرجع سابق،ص:29.


[21] - وما زال بعض قبائل يوربا إلى يومنا هذا يقولون (ESIN IMALE)، أي دين الماليين، وذلك لدور الماليين الفعّال في نشر الدّين الإسلامي بمنطقتهم.

[22] - وللممالك الإسلامية الّتي أقيمت في المنطقة جهود جبّارة في نشر الإسلام في هذه المنطقة، بل قاموا بنشر الثّقافة العربية الإسلامية على وجه أكمل، وقد طبّقوا الشّريعة الإسلامية شؤون إداراتهم السّياسية. وللتّفاصيل راجع: الإسلام في نيجيريا والشّيخ عثمان بن فوديو الفلاني مرجع سابق، ص:20 – 25. وكذلك الهجرات السّياسية وأثرها في انتشار الإسلام في أفريقيا، دراسة تاريخية لعبد الرّحمة أحمد عثمان،مرجع سابق.ص:14-24.

[23] - الشّيخ آدم عبد الله الألوري الإسلام في نيجيريا والشّيخ عثمان بن فودي الفلاني مرجع سابق، ص:74.

[24] - سورة البقرة، الآية: 31

[25] - سورة العلق، الآية:1

[26] - قطب مصطفى سانو، (الدّكتور) النظم التعليمية الوافدة في أفريقيا قراءة في البديل الحضاري، سلسلة كتب الأمة، يصدرها مركز البحوث والدِّراسات، بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر،العدد 63.انظر الموقع التّالي:


[27] - إسحاق إبراهيم أولايولا، معوقات تعليم اللّغة العربية في المدارس العربية والثّانوية الحكومية في جنوب نيجيريا، مرجع سابق، ص:53.


[28] - أحمد شلبي، موسوعة التّاريخ الإسلامي، مكتبة النّهضة المصرية، ج/16، ص:609-610.بتصرّف يسير.

[29] - محمّد بن عبد الله الدّويش، التعليم الإسلامي العربي،قراءات أفريقية،المنتدى الإسلامي،العدد الأوّل،رمضان 1425هـ-2004م.ص:61-61.وانظر فاروق إمام محمد، تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في المدارس الابتدائية والثّانوية في شمال نيجيريا، ترجمة وتلخيص الأستاذ محي الدين جبرة، ندوة التعليم الإسلامي في أفريقيا، مرجع سابق، ص: 127-128. بتصرّف.

[30] - فاروق إمام محمد، تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في المدارس الابتدائية والثانوية في شمال نيجيريا، مرجع سابق ص: 127.

[31] - المرجع نفسه.

[32] - ندوة التّعليم الإسلامي في أفريقيا مشروع تطوير التّعليم الإسلامي في أفريقيا،ص:121-122.

[33] - تقويم لعينات من مناهج التّعليم العربي الإسلامي الثانوي في أفريقيا (بأداة تقويمية مقترحة) انظر التّفاصيل في كتاب ندوة التّعليم العربي الإسلامي في أفريقيا، مرجع سابق، ص:107.


[34] - الشّيخ آدم عبد الله الألوري موجز تأريخ نيجيريا، دار مكتبة الحياة، بيروت، 1965م،ص:94-95.

[35] - الإسلام في نيجيريا، مرجع سابق، ص145-146.، وقد سبق دخول هؤلاء الانجليز البرتغاليون حيث كانوا من أوائل السّابقين للتّنصير في غربي أفريقيا، وكان ذلك في نحو منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، فقد كان وصول أوّل مجموعة استكشافية تنصيرية في عام 1482م، في طريقها إلى (المنا ) بغانا، وقد مرّ الوفد في طريقه إلى غانا بسواحل أقطار عدّة بغربى أفريقيا شملت كلاً من السّنغال، وسيراليون، وليبيريا، وساحل العاج. حيث جرت محاولات منهم لإنشاء مراكز تنصيرية، إلاّ أنّ هذه المحاولات باءت كلّها بالفشل. ومن أحسن كتابات في التّنصير في غرب أفريقيا – في رأيي- ما كتبه الدّكتور بابكر حسن محمد قدرماري في مجلة الأمة، بعنوان التّبشير النّصراني في غربي أفريقا، رئاسة المحاكم الشّرعية والشّئون الدّينية دولة قطر، العدد الرّابع والأربعون – السّنة الرّابعة- شعبان 1404هـ - أيار (مايو) 1984م. ص:44- 47.

[36] - المرجع نفسه ص:146-147. وقد كتب البروفيسور أبو منقا أوراقاً قدّمها لمؤتمر الإسلام في أفريقيا، بعنوان موقف الخلافة السّكتية من الاستعمار البريطاني النّصراني، وقد فصّل الحديث وحلّل فيه ملابسات تلك الفترة من تاريخ الخلافة السّكتية، معتمداً في ذلك على ثلاثة مؤلّفات تعتبر هي الموجهات الفقهية الأساسية لموقف المسلمين حيال الاستعمار البريطاني النّصراني الّذي وقع عليهم، وهي رسالة الوزير إلى أهل العلم والتّدبر للوزير محمّد البخاري، ورسالة ونصيحة إلى المعاصرين المعتنين بما يدخلهم في زمرة المسلمين النّاجين للقاضي عبد الله بن علي بن أحمد. وإرشاد الحيارى في معاملة أئمتنا بالنّصارى لأبي بكر بن القاضي أحمد سعد. انظر الإسلام في أفريقيا، مجموعة أوراق مقدّمة في مؤتمر الإسلام في أفريقيا أقامته جماعة الفكر والثقافة الإسلامية (الخرطوم- السودان). في أبريل 1992م. بتحرير من بروفيسر مدثّر عبد الرّحيم ود.التّجاني عبد القادر.ص:148-166.

[37] - للحاج عمر جهود عديدة في رفع راية الإسلام ومقاومة المستعمرين الفرنسيين، وقد ساعدت حركته نشر الثّقافة العربية الإسلامية في مناطق الجهاد، وصار القرن التّاسع عشر الميلادي، وبحقّ، عصر ازدهار تلك الثّقافة العربية الإسلامية. انظر الحاج عمر التّكروري..فقيه من السّودان الغربي، بقلم د. عبد الله عبد الرّازق إبراهيم. مجلة الفيصل، العدد (146) – شعبان 1409هـ - السّنة الثّالثة عشرة – آذار (مارس)/ نيسان (إبريل) 1989م. ص: 146.

[38] - المرجع نفسه ص:147.

[39] - فقد أشار الدّكتور قدرماري في مقالته المشار إليها سابقاً أنّ قد تردد كثيراً أنّ التّنصير الصّليبي هنا كان من جهود مجموعة من الزنوج الأرقاء الذين أطلق سراحهم، ورجعوا إلى فريتاون بسيراليون ثمّ توجّهوا إلى نيجيريا، فاستقرّ بعضهم بلاجوس، وبعضهم بأبيأوكوتا، وبعضهم في بادجرى حيث عملوا في التّنصير. ولكن حقيقة الأمر أن المنصّرين الأوربيين هم الذين باشروا التّنصير بأنفسهم في جميع البلاد الّتي طرقوها بغربي أفريقيا، أما غيرهم ممن تمّ تحريرهم من الأفريقيين فقد كانوا معاونيين فقط، وذلك بدليل تواجد المنصّرين الأوروبيين بغربي أفريقيا إلى يومنا هذا. بل أنّه في عام 18600م حين تعب السّكان بجنوبي نيجيريا من هيمنة المنصّر الأوروبي، علا النّداء لتأسيس كنائس على نمط أفريقي، وتحت إدارة وسيطرة الأفريقيين، وقد عارض المنصّر الأوروبي هذا النّداء إلاّ أنّه أخيراً انتهى الأمر بتأسيس كنيسة بواسطة الأفارقة في لاجوس عام 1901م وسميت بكنيسة باثل الأفريقية. (Bethel African Church) "انظر مجلة الأمة، بعنوان التّبشير النّصراني في غربي أفريقا،مرجع سابق، ص: 45-46.نقلاً من:Babalola,E.O.Christianity in West Africa (An Historical Analysis) 1981,Ado,Nigeria.page 10.


[40] - وقد بدأت صحوة علمية تجاه إحياء كتابات اللّغات الإفريقية بالحرف العربي، ومن الّذين كتبوا في ذلك الأستاذ الدّكتور شيخ أحمد عبد السّلام، الّذي كتب كتابه ونشره بعنوان " كتابة لغة يوربا بالحرف العربي". وللأستاذ محمّد العاشر بحث مقدّم بمعهد الخرطوم الدّولي للّغة العربية للدّرجة الماجستير بعنوان: "كتابة لغة الهوسا بالحرف العربي المنمّط" وغيرها من كتابات لغات أفريقية بالحرف القرآني. وهناك ندوة علمية أقامتها منظّمة العربية للتّربية والثّقافة والعلوم عبر معهد الخرطوم الدّولي للّغة العربية بالخرطوم – وقد جعلني الله من اللّجنة التّنظيمية لها- وهي ندوة بعنوان "كتابة اللّغات الأفريقية بالحرف العربي" في عام 2001م.بقاعة الشّهيد الزّبير بالخرطوم، حيث حضرها جمع كثير من الباحثين والعلماء من أنحاء العالم.
وممّا يبشر بخير في ذلك كذلك إنشاء وحدة خاصّة تهتمّ بهذا الشّأن في جامعة أفريقيا العالمية تسمّى (وحدة كتابة لغات الشّعوب الإسلامية بالحرف القرآني) يديرها الدّكتور بابكر قدرماري، ويشرف عليها البروفسور يوسف الخليفة أبوبكر وقد تقلّدت الوحدة بتدريب الطّلاب من جنسيات مختلفة على كتابة لغاتهم غير العربية بالحرف القرآني المنمّط.وقد فرغت إلى الآن من تدريب (12) ويتراوح عدد المتدرّبين في كلّ دفعة (9-12) من البنين والبنات. انظر نشرة معهد اللّغة العربية بجامعة أفريقيا العالمية. لشهر نوفمبر ص:3

[41] - المرجع نفسه، ص: 148.

[42] - المرجع نفسه، ص: 149-150.

[43] - مجلة الأمة، بعنوان التّبشير النّصراني في غربي أفريقا،مرجع سابق،ص:49.

[44] - الشيخ أدام عبد الله الألوري الإسلام في نيجيريا والشّيخ عثمان بن فودي مرجع سابق، ص:151

[45] - المرجع السّابق، ص: 10 مع تصرّف يسير.

[46] - المرجع السّابق، ص: 10

[47] - انظر: http://fbcusl.com

[48] - المرجع السّابق.

[49] - قطب مصطفى سانو، (الدّكتور) النظم التعليمية الوافدة في أفريقيا قراءة في البديل الحضاري، سلسلة كتب الأمة، مرجع سابق. انظر:ummah_Book http://www.islam***.net/verz/library

[50] - المرجع السّابق.

[51] - سورة المائدة، الآية:1.

[52] - المرجع السّابق.

[53] - أنظر فاتحة الكتاب لإشكالية السّلطة في أفريقيا ( مع التّطبيق على نيجيريا) أمباى لو. مرجع سابق.

[54] - داود عبد القادر إيليغا، استراتيجيات نشر اللّغة العربية في ظلّ العولمة وصراع الحضارات، بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير في تعليم اللّغة العربية، بمعهد الخرطوم الدّولي للّغة العربية بالسّودان،(رسالة غير منشور) 1423هـ- 2002م. ص:19.

[55] - كل هذه ذات وجهين الخير والشّر إلاّ أنّ وجوه الشّر أكثر فيها حالياً.

[56] - بيت من قصيدة لحافظ إبراهيم، أنظر محمّد عبد الله مخيون وآخرون، القراءة للمرحلة الثّالثة وما في مستواها. جمعية الدّعوة الإسلامية العالمية، ص: 46.

[57] - سورة النّحل الآية:90

[58] - سورة النساء، الآية: 58

[59] - الشّيخ محمّد بللّو هو الولد الرّابع للشّيخ عثمان بن فوديو ، وأمّه حواء، وقد تلقّى تعليمه من أبويه عالمين. وكان أبويه وأجداده من أسرة عالمة انظر مقالة للأستاذ إبراهيم محمّد ب. زاغا. قي كلامه:
Ustas/Ibrahim Mohammed B.Zagga. The Political Idies of Shehu Usman Bin Fodiye as Actualized by His son Muhammad Bello the Amir al-Muminin of Sakkwato Caliphate.Shaykh Uthman Bin Fodi, Research Papers of the International Symposium Organized By I.U.A. in Cooperation with ISESCO,Khartoum:26th – 28th. Jumada Al-Akhirah, 1416 AH 19th. – 21st. November,1995 AD. Edited by Omar Ahmed Saeed & Abdul Qayum Abdul Halim Al- Hasan.p:245:

[60] - محمّد الثّاني عُمر موسى، الشّيخ عثمان بن فودي والطّريق لاستعادة الهوية،قراءات أفريقية، مرجع سابق، ص:41.

[61] - المرجع السّابق، والصّفحة نفسها، نقلاً من إبراهيم أدو: Sharia and the Press in Nigeria p:280
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59