عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-17-2014, 07:08 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة الجماعة الإسلامية في شبه القارة الهندية


الجماعة الإسلامية في شبه القارة الهندية*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

18 / 7 / 1435 هــ
17 / 5 / 2014 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجماعة الإسلامية _3877.jpg


لا شك أن قراءة تجربة الحركات الإسلامية التي نشأت وانتشرت في طول بلاد المسلمين وعرضها ذو فائدة علمية وعملية, فهي من ناحية تثري معلومات المسلمين عن أفكار وتوجهات أصحاب هذه الحركات والجماعات, ومدى اقترابها أو ابتعادها عن منبع الإسلام الصافي المتمثل بالكتاب والسنة.

ومن جهة أخرى فإن دراسة ممارسات هذه الجماعات تلقي الضوء على إيجابياتها وسلبياتها, مما ينير الدرب للتجارب الإسلامية المستقبلية على طريق تطبيق الإسلام الصحيح المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, ولعل من أهم هذه الجماعات الإسلامية التي نشأت في العصر الحديث, الجماعة الإسلامية في شبه القارة الهندية.

لمحة تاريخية عن الحركات الإسلامية في الهند
----------------------

بالرغم من أن الإسلام لم يتوغل في بلاد الهند في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع وصول جيوش المسلمين إلى بلاد الهند الساحلية وقتها, إلا أن عهد الملك المغولي محمود الغزنوي كان زمن وصول أشعة نور الإسلام وتوغله في تلك البلاد عام (388-421هجرية).

ومع تعاقب بعض الملوك الصالحين على هذه البلاد من أمثال: فيروز تغلق (752- 790هجري) و عالم كير (1078 – 1118هجري), إلا أن ذلك لا يعني انعدام الملوك المخاصمين للإسلام وتعاليمه, ومن أكثرهم عداء للإسلام الملك (أكبر) (964- 1014 هجري) الذي حلل الخمر والربا والزنا, وأمر بتعظيم شعائر كفرية كمنع ذبح البقرة المعظمة في الهند, إضافة لتعظيمه الشمس والنار, وأمره الناس بالسجود له عند الدخول عليه.

وكشأن أي عهد تكثر في ظلمات ملوك السوء والطغيان, وظلمات البدع التي يزداد شرها إذا تجاوزت حاجز العامة إلى كثير ممن يعدون علماء, ناهيك عن انتشار علماء الدنيا ممن يتزلفون إلى السلطان, فإن الله يرسل من يحارب كل ذلك بطرق ووسائل شتى, وكان من بين هؤلاء في شبه القارة الهندية: أحمد بن عبد الأحد الفاروقي الشهير (بالسرهندي), وولي الدين الدهلوي.

وبعد وهن الدولة الإسلامية في الهند في أواخر القرن السابع عشر الميلادي, ومع توسع نفوذ شركة الهند الشرقية البريطانية, التي دخلت البلاد في ثوب تجاري اقتصادي, إلى أن آلت إليها جميع مقاليد الأمور مع مطلع القرن التاسع عشر, وانحصر سلطان السلطة المركزية في القصر الملكي في دلهي العاصمة.

وبعد تمكن الجيش البريطاني من إخماد الثورة الكبرى ضده (1273ه/1857م), زالت المملكة الإسلاميّة وتسلمت الحكومة البريطانية مقاليد الأمور بدلا من شركة الهند الشرقية وازدادت معاناة المسلمين, وظهرت في أعقاب ذلك حركات إسلامية بقصد الخروج من الضعف والتخلف, ومن أشهر هذه الحركات العلمية: معهد ديوبند الذي أسسه ولي الدين الدهلوي عام 1867م, وكلية علي كره عام 1877م, وجمعية ندوة العلماء.

التعريف وأبرز الشخصيات
------------

الجماعة الإسلامية في شبه القارة الهندية الباكستانية: هي جماعة إسلامية معاصرة كرست جهودها في سبيل إقرار الشريعة الإسلامية وتطبيقها في حياة الناس, والوقوف بحزم ضد جميع أشكال الاتجاهات العلمانية التي تحاول السيطرة على المنطقة.

أبرز الشخصيات
-----------

1- أبو الأعلى المودودي: (1321 ـ 1399هـ ) مؤسس الجماعة وأميرها الأول, وُلِد في مدينة أورنك آباد الدكن بولاية حيدر آباد، وتلقى تعليمه وتربيته الأولى على يد والده السيد أحمد حسن الذي يرجع بنسبه إلى عائلة قطب الدين مودود الشهيرة بتدينها ومكانتها.

بدأ حياته الدعوية بالدخول إلى ميدان الصحافة عام 1918م، وفي عام 1920م كوَّن جبهة صحفية هدفها تبليغ الإسلام، وقد تنقل في عدد من الصحف كاتباً ومديراً ورئيسا, و كان لكتابه الجهاد في الإسلام الذي نشره عام 1928م دويٌّ واسع وأثر بالغ ضد الإنجليز والوثنيين وأعداء الإسلام في كل مكان, وهي تعتبر نهاية المرحلة الأولى من حياته, لتدخل المرحلة الثانية (1928-1932م) حيث غادر دلهي إلى حيدر أباد ليتفرغ للقراءة.

وكانت المرحلة الثالثة من حياته بخروجه من عزلته وإصداره مجلة (ترجمان القرآن) عام 1933م, والتي من خلالها انتقلت أفكاره إلى مسلمي شبه القارة الهندية / الباكستانية, مما مهَّد له الطريق إلى تأسيس جماعته الإسلامية فيما بعد.

في عام 1937 - 1938م قدم إلى لاهور تلبية لدعوة محمد إقبال 1873 - 1938م وأسس في قرية من قرى مدينة (باثانكوت) داراً للإسلام يربي فيها الرجال ويؤلف الكتب.

وجه المودودي - عن طريق مجلة ترجمان القرآن - دعوة لعلماء المسلمين وقادتهم لحضور المؤتمر الذي عقد فعلاً في 26 أغسطس 1941م / 1360هـ بلاهور بحضور 75 شخصاً يمثلون مختلف بلاد الهند, وتأسست في هذا المؤتمر الجماعة الإسلامية وانتخب المودودي أميراً لها.

كان للمودودي مواقف وفتاوى جريئة ضد الإنكليز, ومن أشهرها: فتواه الجريئة بتحريم العمل في خدمة قوات الاحتلال مما عرض الجماعة الإسلامية للهجوم من قبل القوى الاستعمارية منذ أول ظهورها, والتي كان سببا بالحكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم بعد ذلك، إلا أن هذه الأحكام لم تفتَّ في عضده بل زادته إيماناً راسخاً بدعوته وبمبادئه الإسلامية.

طلب المودودي إعفاءه من منصبه كأمير للجماعة لاعتلال صحته في نوفمبر 1972م, وانصرف بعدها إلى البحث والكتابة, واختير ميان طفيل محمد أميراً للجماعة بعده.

منحت جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام للمودودي في 27 فبراير 1979م، وقد تبرع بقيمة الجائزة لإنشاء مجمع المعارف الإسلامية بلاهور.

وفي 1/11/1399هـ الموافق 22/9/1979م انتقل المودودي إلى رحاب ربه إثر عملية جراحية أجريت له في نيويورك وقد نقل جثمانه إلى لاهور, بعد أن خلَّف وراءه دعوة و رجالاً ومكتبة عامرة من تأليفه ترجمت إلى لغات كثيرة وطبعت عديداً من المرات.

2- ميان طفيل محمد: من مواليد 1914م, دخل السجن مع المودودي وشارك في العديد من المؤتمرات واللقاءات داخل الباكستان وخارجها، يحمل شهادات جامعية في الفيزياء والرياضيات والقانون, وهو أحد الأعضاء المؤسسين للجماعة، عمل أميناً عاماً لها أيام المودودي، ثم حل محله عام 1972م أميراً للجماعة، وأعيد انتخابه مرة أخرى عام 1977م، واستمر في منصبه حتى عام 1987م.

3- قاضي حسين أحمد: كان أميناً عاماً للجماعة ثم انتخب أميراً لها بعد ميان طفيل محمد عام 1987م.

4- بروفسور عبد الغفور أحمد: كان أمير فرع الجماعة في كراتشي، وعضو البرلمان المركزي ووزيراً للصناعات والمواد المعدنية في وزارة 1978م.

5- أبو الليث الإصلاحي الندوي: أول أمير للجماعة في الهند، ثم ترك الإمارة، ثم أعيد انتخابه مرة ثانية وما يزال في منصبه.

6- أبو الكلام محمد أبو يوسف: أول أمير فعلي للجماعة من بنغلاديش بعد انفصالها عن الباكستان سنة 1972م

7- عباس علي خان: الأمير الحالي للجماعة.

أهم الأفكار والمعتقدات
-----------

1- عقيدة الجماعة - في الغالب - عقيدة أهل السنة والجماعة من حيث الدعوة، ولا يخرج فكرها في مجمله عن هذه العقيدة من دعوة إلى التمسك بكتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم, والعمل الحثيث من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية في واقع الحياة البشرية.

2- يؤخذ على المودودي وجماعته – كما جاء في كتاب زوابع في وجه السنة قديما وحديثا لمؤلفه الدكتور صلاح مقبول - عدم اعترافه بحكم المحدثين على الحديث, وقبوله الحديث بدلالة الذوق على صحته، وإن لم يكن إسناده صحيحًا، فهو يمجد ( الدراية ) على حساب ( الرواية )؛ ولذا فهو يرد بعض الأحاديث في البخاري التي لم يقبلها عقله أو ذوقه.

3- يرى المودودي أن الإسلام ليس نظاما فلسفيا محضاً للحياة بل هو نظام كامل تام للحياة، وما لم نر نموذجاً له ممثلاً أمامنا فلن نتمكن أبداً من تقديم أي خدمة للإسلام عن طريق الكلام والحديث.

4- يظهر فكر الجماعة وأميرها المودودي جليا في خطابه الذي ألقاه في كلية الحقوق بلاهور بتاريخ 19/2/1948م, حيث أعلن المودودي المطالبة بأربع نقاط رئيسية كأهداف للدولة الباكستانية الوليدة وهي:

ـ أن الحاكمية في الباكستان لله وحده وليس للحكومة الباكستانية إلا تنفيذ مرضاة الله.

ـ الشريعة الإسلامية هي القانون الأساسي للدولة.

ـ إلغاء جميع القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية ولا يوضع في المستقبل قانون ينافي الشريعة الإسلامية.

ـ على الحكومة الباكستانية أن تمارس سلطاتها ضمن الحدود التي حددتها الشريعة الإسلامية.

5- ورد في دستور الجماعة في الباكستان ما يشير إلى فكر ومعتقدات الجماعة: "أن تتخذ (الجماعةُ) كتاب الله وسُنة رسوله مصدرين للاحتجاج والاستناد في كل شأن من شؤون الحياة".

6- كما يظهر فكر الجماعة في تركيز جهادها ضد جهات أربعة كما يقول المودودي وهي: النظرية القومية الواحدة داخل الهند من خلال قومية مشتركة بين الهنادكة والمسلمين, وضد سيطرة وتحكم الحضارة الغربية, وضد القيادات التي تحمل أفكاراً تتعارض والفكر الإسلامي ضد الأفكار التي يراها تحمل طابع الجمود الديني.

أهم أهداف الجماعة ووسائل تحقيقهها:
-----------------------

1- الدعوة لكل من أظهر الإسلام أن يخلصوا دينهم لله ويزكوا أنفسهم لتتخلص من التناقض والنفاق.

2- الدعوة لكل أهل الأرض أن يستخلصوا الحكم الحاضر من الطواغيت المستبدة والفجرة والفَسَدة, وأن ينتزعوا الإمامة الفكرية والعلمية من أيديهم وينقلوها إلى أيدي المؤمنين المسلمين.

ولتحقيق أهداف الجماعة سلكت الجماعة الطرق والأساليب التالية :

1- تصحيح الأفكار وتعهدها بالغرس والتنمية لتوضيح الصراط المستقيم، ونقد الغرب الذي افتتن به أغلبية الناس.

2- استخلاص الأفراد الصالحين وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة.

3- السعي في الإصلاح الاجتماعي وهو يشمل كل طبقات المجتمع, واتخاذ الحلول العلمية لمشكلاتهم على أساس مبادئ الإسلام الإنسانية من أخوة وعدالة ومساواة.

4- إصلاح الحكم ويكون ذلك بإيجاد البرامج الإصلاحية للمفاسد الاجتماعية, ونشر الوعي الإسلامي الذي يمهد لتسلم رجال صالحين مقاليد الحكم, لينهضوا بالإصلاح على أساس كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

أهم إنجازات الجماعة:
----------

1- وقفت الجماعة إلى جانب اللاجئين والمجاهدين الأفغان إذ قدمت لهم المخيمات والمستشفيات وساندتهم، وما يزال هذا الأمر الشغل الشاغل للجماعة في الباكستان من مرحلة ما بعد الحرب.

2- دخلت الجماعة في صراع مع الاشتراكيين والهندوس واللادينيين لمدة تسع سنوات (1947م ـ 1956م) حتى وضع دستور 1956م الذي يعد انتصاراً للاتجاه الإسلامي وما يزال هذا الصراع يأخذ أشكالاً مختلفة حتى اليوم.

3- ساعدت الجماعة الإسلامية المجاهدين الكشميريين في جهادهم ضد الهند وقدمت لهم المؤن والمراكز الطبية والمخيمات.

4- عملت الجماعة على إيجاد حركة طلابية إسلامية منظمة عرفت باسم (إسلامي جمعية الطالبة) وهي جمعية مستقلة في نشاطاتها وإداراتها.

الجذور الفكرية والعقائدية
-------------

لا شك أن المودودي استمد دعونه ابتداء من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, حيث تأثرت دعوته غالبا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إذ كان شديد الإلحاح على تنقية العقيدة من شوائب الشرك وضرورة العود دائماً إلى النبعين الصافيين والرجوع إلى الدليل في كل أمر وترك البدع.

إلا أنه تأثر أيضا بالفيلسوف محمد إقبال الذي تغنَّى بفكرة انفصال الباكستان المسلمة عن الهند الوثنية، وكان شديد الإعجاب به, كما تأثر بدعوة الإخوان المسلمين وأثر فيها, إذ تدرس كتب كل منهما في مناهج الأخرى.

الانتشار وأماكن النفوذ

لا شك أن مركز الجماعة الإسلامية الرئيسي هو في مدينة لاهور ـ المنصورة بباكستان, كما أن للجماعة قيادات متعددة في كل من بنغلاديش والهند وسريلانكا وكشمير وغيرها, وللجماعة أيضا وجود ونشاط في الدول الغربية بين أفراد الجالية من شبه القارة الهندية.

ــــــــــــــــ

الفهارس

الجماعة الإسلامية في باكستان /نبذة تاريخية ودروس عملية : الدكتور صلاح الدين النكدلي

زوابع في وجه السنة ، د صلاح مقبول .

موقف الجماعة الإسلامية من الحديث النبوي ، محمد إسماعيل السلفي .

أبو الأعلى المودودي فكره ودعوته، أسعد جيلاني ـ ترجمة دكتور سمير عبد الحميد إبراهيم .

الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59