عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-25-2012, 12:45 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي المانحون للمال The Money Givers


الإنسان فى عالم التكتلات الاحتكارية [10]
بقلم محمد يوسف عدس

رأينا فى مقالة سابقة كيف امتد تأثير التكتلات التجارية والصناعية إلى المهن الطبية عن طريق مؤسساتها الموصوفة بالخيرية .. وألمحنا فى هذا السياق إلى دراسة هامة قام بها جوزيف جولدن فى كتاب له بعنوان (المانحون للمال The Money Givers) وقد وعدت بمواصلة الموضوع فى مقالة لاحقة .. وهذه هى اللاحقة : إستطاع جون دى روكفلر (مؤسس إمبراطورية روكفلر) أن يكسب قلب قسيس كنيسة البابتيست عندما تبرع بستمائة ألف دولار فقط لجامعة شيكاغو، فأثنى على روكفلر من فوق منبر الكنيسة ووصفه بالمنقذ الذى أرسله الرب إلى الولاية فى الوقت المناسب .. ولكن روكفلر لم يكن ليعبأ بهذا الثناء من رجل دين ،.. مالم يتلو هذا اكتساحه للجامعة، وهذا ماحدث بالفعل فقد تمكّن روكفلر بهذه المنحة من السيطرة على الجامعة كلها .. إذ استطاع أن يفرض مرشحه دكتور وليام هاربر رئيسآ لها .. وخلال عامين من رئاسة الرجل المختار تطهّر كل أعضاء هيئة التدريس بالجامعة من أفكارهم السابقة عن روكفلر (الخبيث الخسيس) ليصبح المخلّص المبارك: مثلآ أستاذ فى الأدب وأستاذ آخر فى الإقتصاد أعلنا معآ : أن روكفلر فى عبقريته الخلاقة كان أعظم من شيكسبير وهوميروس ودانتى أليجْييرى.. وعلى عكسهما كان بروفوسور بيميس الذى إستمر على رأيه السلبي فى روكفلر فنال عقابه الفوري بالطُُرد من هيئة التدريس بحجة (عدم الكفاءة) .. ولم تُـثْنه هذه العقوبة الظالمة عن موقفه فكرر نقده على الملأ فى مظاهرة لعمال شركة بولمان سنة 1894. بعدها غاب فى عالم النسيان، لنفس السبب طرد رئيس جامعة سيراكيوز محاضرا فى الإقتصاد عنده إسمه جون كومانز .. [ المال هناك والسلطة هنا يفسدان الجامعات ورؤساء الجامعات].
لكن فى سنة 1953حدث تطور هام، إذ أثار بعض النواب الأحرار فى الكونجرس شكوي ضد تصرفات المؤسسات الخيرية الكبرى واستغلالها الإعفاء الضريبى فى غير موضعه، فأسند الكونجرس إلى سناتور (بى.كارول ريس) مهمة إنشاء لجنة تحقيق فى أوضاع هذه المؤسسات.. ولأن أصحاب هذه المؤسسات يرفضون تعريتها والكشف عن حقيقة أهدافها أمام الرأي العام الأمريكي تولى أصدقاؤهم من كبار رجال السياسة فى الحكومة المهمة القذرة بتعويق عمل اللجنة ووضع العراقيل أمامها،مما إضطر سناتور ريس أن يعلن فضّ اللجنة بعد أن قطعت شوطآ طويلآ فى تحقيقاتها .. ولأن التستر على الجرائم الكبرى لا يكتمل أبدا، فقد تسربت من التحقيقات وقائع مذهلة .. كان يراد طمسها أو التعتيم عليها ، كاشف هذه الحقائق هو نورمان دَدْ Norman Dud. .. الذى كان رئيسآ لفريق البحث وأكثر الخبراء معرفة بأسرار هذه المؤسسات ..أدلى بشهادته أمام اللجنة مؤكدآ فيها أن النظام التعليمى إبتداء من المرحلة الثانوية حتى نهاية التعليم الجامعى خاضع فى حقيقة الأمر لتوجيهات أناس ليس لهم أى معرفة بالتعليم أو التربية .. وأن أكبر همهم هو أن يخضع الطلاب لمناهج تعليم تضيّق آفاقهم المعرفية بحيث يصبحون ببغاوات تردد أهداف هذه المؤسسات .. ويدينون بالولاء لأصحابها .. وفى محاولة للإستفادة بعبقرية فريد جيتس (الذى سبق الإشارة إليه) سعى روكفلر بوعى ومنهجية لفرض سيطرته على التعليم الأمريكى وعلى الأخص التعليم الطبى .. وقد بدأت هذه العملية سنة 1901 بإنشاء معهد روكفلر للبحوث الطبية،الذى كان يضم فى مجلس إدارته أسماء طبية ذات توجّهات سياسية معيّنة من أمثال الدكاترة: إل إم. هولت و وكريستيان هرتر و تى.ميتشل برودن و هرمان إم . بريجز و وليام إتش ولش و ثيوبولد سميث و سيمون فليكسنر .. كان دكتورهرتر بالذات يُعدّ للقيام بمهام خاصة لحساب أسرة روكفلر .. و(بقدرة قادر) أصبح وزيرآ لخارجية أمريكا.. اما سيمون فليكسنر فقد كان مهيئآ لمهمة أكبر وإن لم يشتهر إسمه كما إشتهر هرتر ..ولكنه مع أخوه أبراهام فليكسنر الذى كان يعمل فى مؤسسة كارنيجى للتقدم التعليمي .. (ستلاحظ أن مؤسستى روكفلر وكارنيجى تعملان معآ كمؤسسة واحدة ذات أهداف مشتركة) .. والمهم أنه بفضل الأخوين فليكسنر أصبح كارنيجى وروكفلر فى بؤرة إهتمام المهن الطبية..

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59