عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-09-2012, 01:31 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

تكملة لهذه المقدمة الثانية في أن الربع الشمالي من الأرض أكثر عمراناً من الربع الجنوبي و ذكر السبب في ذلك
و نحن نرى بالمشاهدة و الأخبار المتواترة أن الأول و الثاني من الأقاليم لمعمورة أقل عمراناً مما بعدهما و ما وجد من عمرانه فيتخلله الخلاء و لقفار و الرمال و البحر الهندي الذي في الشرق منهما و أمم هذين الإقليمين و أناسيهما ليست لهم الكثرة البالغة و أمصاره و مدنه كذلك و الثالث و الرابع و ما بعدهما بخلاف ذلك فالقفار فيها قليلة و الرمال كذلك أو معدومة و أممها و أناسيها تجوز الحد من الكثرة و أمصارها و مدنها تجاوز الحد عدداً و العمران فيها مندرج ما بين الثالث و السادس و الجنوب خلاء كله و قد ذكر كثير من الحكماء أن ذلك لإفراط الحر و قلة ميل الشمس فيها عن سمت الرؤوس فلنوضح ذلك ببرهانه و يتبين منه سبب كثرة العمارة فيما بين الثالث و الرابع من جانب الشمال إلى الخامس و السابع. فنقول إن قطبي الفلك الجنوبي و الشمالي إذا كانا على الأفق فهنالك دائرة عظيمة تقسم الفلك بنصفين هي أعظم الدوائر المارة من المشرق إلى المغرب و تسمى دائرة معدل النهار و قد تبين في موضعه من الهيئة أن الفلك الأعلى متحرك من المشرق إلى المغرب حركة يومية يحرك بها سائر الأفلاك في جوفه قهراً و هذه الحركة محسوسة و كذلك تبين أن للكواكب في أفلاكها حركة مخالفة لهذه الحركة و هي من المغرب إلى المشرق و تختلف آمادها باختلاف حركة الكواكب في السرعة و البطء و ممرات هذه الكواكب في أفلاكها توازيها كلها دائرة عظيمة من الفلك الأعلى تقسمه بنصفين و هي دائرة فلك البروج منقسمة باثني عشر برجاً و هي على ما تبين في موضعه مقاطعة لدائرة معدل النهار على نقطتين متقابلتين من البروج هما أول الحمل و أول الميزان فتقسمهما دائرة معدل النهار بنصفين نصف مائل عن معدل النهار إلى الشمال و هو من أول الحمل إلى آخر السنبلة و نصف مائل عنه إلى الجنوب و هو من أول الميزان إلى آخر الحوت و إذا وقع القطبان على الأفق في جميع نواحي الأرض كان على سطح الأرض خط واحد يسامت دائرة معدل النهار يمر من المغرب إلى المشرق و يسمى خط الاستواء و وقع هذا الخط بالرصد على ما زعموا في مبدإ الإقليم الأول من الأقاليم السبعة و العمران كله في الجهة الشمالية يرتفع عن آفاق هذا المعمور بالتدريج إلى أن ينتهي ارتفاعه إلى أربع، و ستين درجة و هنالك ينقطع العمران و هو آخر الإقليم السابع، إذا ارتفع على الأفق و بقيت تسعين درجة و هي التي بين القطب و دائرة معدل النهار على الأفق و بقيت ستة من البروج فوق الأفق و هي الشمالية و ستة تحت الأفق و هي الجنوبية و العمارة فيما بين الأربعة و الستين إلى التسعين ممتنعة لأن الحر و البرد حينئذ لا يحصلان ممتزجين لبعد الزمان بينهما يحصل التكوين فإذاً الشمس تسامت الرؤوس على خط الاستواء في رأس الحمل و الميزان ثم تميل في المسامتة إلى رأس السرطان ورأس الجدي و يكون نهاية ميلها عن دائرة معدل النهار أربعاً و عشرين درجة ثم إذا ارتفع القطب الشمالي عن الأفق مالت دائرة معدل النهار عن سمت الرؤوس بمقدار ارتفاع و انخفض القطب الجنوبي كذلك بمقدار متساو في الثلاثة وهو المسمى عند أهل المواقيت عرض البلد و إذا مالت دائرة معدل النهار عن سمت الرؤوس علت عليها البروج الشمالية مندرجة في مقدار علوها إلى رأس السرطان و انخفضت البروج الجنوبية من الأفق كذلك إلى رأس الجدي لانحرافها إلى الجانبين في أفق الاستواء كما قلناه فلا يزال الأفق الشمالي يرتفع حتى يصير أبعد الشمالية و هو رأس السرطان في سمت الرؤوس و ذلك حيث يكون عرض البلد أربعاً و عشرين في الحجاز و ما يليه و هذا هو الميل الذي إذا مال رأس السرطان عن معدل النهار في أفق الاستواء ارتفع بارتفاع القطب الشمالي حتى صار مسامتاً فإذا ارتفع القطب أكثر من أربع و عشرين نزلت الشمس عن المسامتة و لا تزال في انخفاض إلى أن يكون ارتفاع القطب أربعاً و ستين و يكون انخفاض الشمس عن المسامتة كذلك و انخفاض القطب الجنوبي عن الأفق مثلها فينقطع التكوين لإفراط البرد و الجمد و طول زمانه غير ممتزج بالحر. ثم إن الشمس عند المسامتة و ما يقاربها تبعث الأشعة قائمة و فيما دون المسامتة على زوايا منفرجة و حادة و إذا كانت زوايا الأشعة قائمة عظم الضوء و انتشر بخلافه في المنفرجة و الحادة فلهذا يكون الحر عند المسامتة و ما يقرب منها أكثر منه فيما بعد لأن الضوء سبب الحر و التسخين.
ثم أن المسامتة في خط الاستواء تكون مرتين في السنة عند نقطتي الحمل و الميزان و إذا مالت فغير بعيد و لا يكاد الحر يعتدل في آخر ميلها عند رأس السرطان و الجدي إلا أن صعدت إلى المسامتة فتبقى الأشعة القائمة الزوايا تلح على ذلك الأفق و يطول مكثها أو يدوم فيشتعل الهواء حرارة و يفرط في شدتها و كذا ما دامت الشمس تسامت مرتين فيما بعد خط الاستواء إلى عرض أربع و عشرين فإن الأشعة ملحة على الأفق في ذلك بقريب من إلحاحها في خط الاستواء و إفراط الحر يفعل في الهواء تجفيفاً و يبساً يمنع من التكوين لأنه إذا أفرط الحر جفت المياه و الرطوبات و فسد التكويني في المعدن و الحيوان و النبات إذ التكوين لا يكون إلا بالرطوبة ثم إذا مال رأس السرطان عن سمت الرؤوس في عرض خمس و عشرين فما بعده نزلت الشمس عن المسامتة فيصير الحر إلى الاعتدال أو يميل عنه ميلاً قليلاً فيكون التكوين و يتزايد على التدريج إلى أن يفرط البرد في شدته لقلة الضوء و كون الأشعة منفرجة الزوايا فينقص التكوين و يفسد بيد أن فساد التكوين من جهة شدة الحر أعظم منه من جهة شدة البرد لأن الحر أسرع تأثيراً في التجفيف من تأثير البرد في الجمد فلذلك كان العمران في الإقليم الأول و الثاني قليلاً و في الثالث و الرابع و الخامس متوسطاً لاعتدال الحر بنقصان الضوء و في السادس و السابع كثيراً لنقصان الحر و أن كيفية البرد لا تؤثر عند أولها في فساد التكوين كما يفعل الحر إذ لا تجفيف فيها إلا عند الإفراط بما يعرض لها حينئذ من اليبس كما بعد السابع فلهذا كان العمران في الربع الشمالي أكثر و أوفر و الله أعلم. و من هنا أخذ الحكماء خلاء خط الاستواء و ما وراءه و أورد عليهم أنه مغمور بالمشاهدة و الأخبار المتواترة فكيف يتم البرهان على ذلك و الظاهر أنهم لم يريدوا امتناع العمران فيه بالكلية إنما أداهم البرهان إلى أن فساد التكوين فيه قري بإفراط الحر و العمران فيه إما ممتنع أو ممكن أقلي و هو كذلك فإن خط الاستواء و الذي وراءه و إن كان فيه عمران كما نقل فهو قليل جداً. و قد زعم ابن رشد أن خط الاستواء معتدل و أن ما وراءه في الجنوب بمثابة ما وراءه في الشمال فيعمر منه ما عمر من هذا و الذي قاله غير ممتنع من جهة فساد التكوين و إنما امتنع فيما وراء خط الاستواء في الجنوب من جهة أن العنصر المائي غمر وجه الأرض هنالك إلى الحد الذي كان مقابله من الجهة الشمالية قابلاً للتكوين و لما امتنع المعتدل لغيبة الماء تبعه ما سواه لأن العمران متدرج و يأخذ في التدريج من جهة الوجود لا من جهة الامتناع و أما القول بامتناعه في خط الاستواء فيرده النقل المتواتر و الله أعلم. و لنرسم بعد هذا الكلام صورة الجغرافيا كما رسمها صاحب كتاب روجار ثم نأخذ في تفصيل الكلام عليها إلى أخره.

القسم الأول من تفصيل الكلام على هذه الجغرافيا
إعلم أن الحكماء قسموا هذا المعمور كما تقدم ذكره على سبعة أقسام من الشمال إلى الجنوب يسمون كل قسم منها إقليماً فانقسم المعمور من الأرض كله على هذه السبعة الأقاليم كل واحد منها أخذ من الغرب إلى الشرق على طوله. فالأول منها مار من المغرب إلى المشرق مع خط الاستواء بحده من جهة الجنوب و ليس وراءه هنالك إلا القفار و الرمال و بعض عمارة إن صحت فهي كلا عمارة و يليه من جهة شمالية الإقليم الثاني ثم الثالث كذلك ثم الرابع و الخامس و السادس و السابع و هو آخر العمران من جهة الشمال و ليس وراء السابع إلا الخلاء و القفار إلى أن ينتهي إلى البحر المحيط كالحال فيما وراء الإقليم الأول في جهة الجنوب إلا أن الخلاء في جهة الشمالي أقل بكثير من الخلاء الذي في جهة الجنوب. ثم أن أزمنة الليل و النهار تتفاوت في هذه الأقاليم بسبب ميل الشمس عن دائرة معدلي النهار و ارتفاع القطب الشمالي عن آفاقها فيتفاوت قوس الليل و النهار لذلك و ينتهي طول الليل و النهار في آخر الإقليم الأول و ذلك عند حلول الشمس برأس الجدي لليل و برأس السرطان للنهار كل واحد منهما إلى ثلاث عشرة ساعة و كذلك في آخر الإقليم الثاني مما يلي الشمال فينتهي، طول النهار فيه عند حلول الشمس برأس السرطان و هو منقلبها الصيفي إلى ثلاث عشرة ساعة و نصف ساعين و مثله أطول الليل عند منقلبها الشتوي برأس الجدي و يبقى للأقصر من الليل و النهار ما يبقى بعد الثلاث عشرة و نصف من جملة أربع و عشرين الساعات الزمانية لمجموع الليل و النهار و هي دورة الفلك الكاملة و كذلك في آخر الإقليم الثالث مما يلي الشمال أيضاً ينتهيان إلى أربع عشرة ساعة و في آخر الرابع إلى أربع عشرة ساعة و نصف ساعة و في آخر الخامس إلى خمس عشرة ساعة و في آخر السادس إلى خمس عشرة ساعة و نصف و إلى آخر السابع إلى ست عشرة ساعة و هنالك ينقطع العمران فيكون تفاوت هذه الأقاليم في الأطول من ليلها و نهارها بنصف ساعة لكل إقليمه يتزايد من أوله في ناحية الجنوب إلى آخر في ناحية الشمال موزعة على أجزاء هذا البعد. و أما عرض البلدان في هذه الأقاليم و هو عبارة عن بعد ما بين سمت رأس البلد و دائرة معدل النهار الذي هو سمت رأس خط الاستواء و بمثله سواء ينخفض القطب الجنوبي عن أفق ذلك البلد و يرتفع القطب الشمالي عنه و هو ثلاثة أبعاد متساوية تسمى عرض البلد كما مر ذلك قبل. و المتكلمون على هذه الجغرافيا قسموا كل واحد من هذه الأقاليم السبعة في طوله من المغرب إلى المشرق بعشرة أجزاء متساوية و يذكرون ما اشتمل عليه كل جزء منها من البلدان و الأمصار و الجبال و الأنهار و المسافات بينها في المسالك و نحن الآن نوجز القول في ذلك و نذكر مشاهير البلدان و الأنهار و البحار في كل جزء منها و نحاذي بذلك ما وقع في كتاب نزهة المشتاق الذي ألفه العلوي الأدريسي الحمودي لملك صقلية من الإفرنج و هو زخار بن زخار عندما كان نازلاً عليه بصقلية بعد خروج صقلية من إمارة مالقة و كان تأليفه للكتاب في منتصف المائة السادسة و جمع له كتباً جمة للمسعودي و ابن خرداذيه و الحوقلي و القدري و ابن إسحاق المنجم و بطليموس و غيرهم و نبدأ منها بالإقليم الأول إلى آخرها و الله سبحانه و تعالى يعصمنا بمنه و فضله.
الإقليم الأول، و فيه من جهة غربيه الجزائر الخالدات التي منها بدأ بطليموس بأخذ أطوال البلاد و ليست في بسيط الإقليم و إنما هي في البحر المحيط في جزر متكثرة أكبرها و أشهرها ثلاث و يقال أنها معمورة و قد بلغنا أن سفائن من الإفرنج مرت بها في أواسط هذه المائة و قاتلوهم فغنموا منهم و سبوا و باعوا بعض أسراهم بسواحل المغرب الأقصى و صاروا إلى خدمة السلطان فلما تعلموا اللسان العربي أخبروا عن حال جزائرهم و أنهم يحتفرون الأرض للزراعة بالقرون و أن الحديد مفقود بأرضهم و عيشهم من الشعير و ماشيتهم المعز و قتالهم بالحجارة يرمونها إلى خلف و عبادتهم السجود للشمس إذا طلعت و لا يعرفون ديناً و لم تبلغهم دعوة و لا يوقف على مكان هذه الجزائر إلا بالعثور لا بالقصد إليها لأن سفر السفن في البحر إنما هو بالرياح و معرفة جهات مهابها و إلى أين يوصل إذا مرت على الاستقامة من البلاد التي في ممر ذلك المهب و إذا اختلف المهب و علم حيث يوصل على الاستقامة حوذي به القلع محاذاة يحمل السفينة بها على قوانين في ذلك محصلة عند النواتية و الملاحين الذين هم رؤساء السفن في البحر و البلاد التي في حافات البحر الرومي و في عدوته مكتوبة كلها في صحيفة على شكل ما هي عليه في الوجود و في وضعها في سواحل البحر على ترتيبها و مهاب الرياح و ممراتها على اختلافها معها في تلك الصحيفة و يسمونها الكنباص و عليها يعتمدون في أسفارهم و هذا كله مفقود في البحر المحيط فلذلك لا تلج فيه السفن لأنها إن غابت عن مرأى السواحل فقل أن تهتدي إلى الرجوع إليها مع ما ينعقد في جو هذا البحر و على سطح مائه من الأبخرة الممانعة للسفن في مسيرها و هي لبعدها لا تدركها أضواء الشمس المنعكسة من سطح الأرض فتحللها فلذلك عسر الاهتداء إليها و صعب الوقوف على خبرها. و أما الجزء الأول من هذا الإقليم ففيه مصب النيل الآتي من مبدئه عند جبل القمر كما ذكرناه و يسمى نيل السودان و يذهب إلى البحر المحيط فيصب فيه عند جزيرة أوليك و على هذا النيل مدينة سلا و تكرور و غانة و كلها لهذا العهد في مملكة ملك مالي من أمم السودان و إلى بلادهم تسافر تجار المغرب الأقصى و بالقرب منها من شماليها بلاد لمتونة و سائر طوائف الملثمين و مفاوز يجولون فيها و في جنوبي هذا النيل قوم من السودان يقال لهم (( لملم )) و هم كفار و يكتوون في وجوههم و أصداغهم و أهل غانة و التكرور يغيرون عليهم و يسبونهم و يبيعونهم للتجار في***ونهم إلى المغرب و كلهم عامة رقيقهم و ليس وراءهم في الجنوب عمران يعتبر إلا أناسي أقرب إلى الحيوان العجم من الناطق يسكنون الفيافي و الكهوف و يأكلون العشب و الحبوب غير مهيأة و ربما يأكل بعضهم بعضاً و ليسوا في عداد البشر. و فواكه بلاد السودان كلها من قصور صحراء المغرب مثل توات و تكدرارين و وركلان. فكان في غانة فيما يقال ملك و دولة لقوم من العلويين يعرفون ببني صالح و قال صاحب كتاب روجار إنه صالح بن عبد الله بن حسن بن الحسن و لا يعرف صالح هذا في ولد عبد الله بن حسن و قد ذهبت هذه الدولة لهذا العهد و صارت غانة لسلطان مالي و في شرقي هذا البلد في الجزء الثالث من الإقليم بلد ( كوكو ) على نهر ينبع من بعض الجبال هنالك و يمر مغرباً فيغوص في رمال الجزء الثالث و كان ملك كوكو قائماً بنفسه ثم استولى عليها سلطان مالي و أصبحت في مملكته و خربت لهذا العهد من أجل فتنة وقعت هناك نذكرها عند ذكر دولة مالي في محلها من تاريخ البربر و في جنوبي بلد كوكو بلاد كاتم من أمم السودان و بعدهم و نغارة على ضفة النيل من شماليه و في شرقي بلاد و نغارة و كاتم بلاد زغاوة و تاجرة المتصلة بأرض النوبة في الجزء الرابع من هذا الإقليم و فيه يمر نيل مصر ذاهباً من مبدإه عند خط الاستواء إلى البحر الرومي في الشمال و مخرج هذا النيل من جبل القمر الذي فوق خط الاستواء بست عشرة درجة و اختلفوا في ضبط هذه اللفظة فضبطها بعضهم يفتح القاف و الميم نسبة إلى قمر السماء لشدة بياضه و كثرة ضوءه و في كتاب المشترك لياقوت بضم القاف و سكون الميم نسبةً إلى قوم من أهل الهند و كذا ضبطه ابن سعيد فيخرج من هذا الجبل عشر عيون تجتمع كل خمسة منها في بحيرة و بينهما ستة أميال و يخرج من كل واحدة من البحيرتين ثلاثة أنهار تجتمع كلها في بطيحة واحدة في أسفلها جبل معترض يشق البحيرة من ناحية الشمال و ينقسم ماؤها بقسمين فيمر الغربي منه إلى بلاد السودان مغرباً حتى يصب في البحر المحيط و يخرج الشرقي منه ذاهباً إلى الشمال على بلاد الحبشة و النوبة و فيما بينهما و ينقسما في أعلى أرض مصر فيصب ثلاثة من جداوله في البحر الرومي عند الإسكندرية. و رشيد و دمياط و يصب واحد في بحيرة ملحة قبل أن يتصل بالبحر في وسط هذا الإقليم الأول و على هذا النيل به بلاد النوبة و الحبشة و بعض بلاد الواحات إلى أسوان و حاضرة بلاد النوبة مدينة دنقلة و هي في غربي هذا النيل و بعدها علوة و بلاق و بعدهما جبل الجنادل على ستة مراحل من بلاق في الشمال و هو جبل عال من جهة مصر و منخفض من جهة النوبة فينفذ فيه النيل و يصب في مهوى بعيد صباً هائلاً فلا يمكن أن تسلكه المراكب بل يحول الوسق من مراكب السودان فيحمل على الظهر إلى بلد أسوان قاعدة الصعيد إلى فوق الجنادل و بين الجنادل و أسوان اثنتا عشرة مرحلة و الواحات في غربيها عدوة النيل و هي الآن خراب و بها آثار العمارة القديمة. و في وسط هذا الإقليم في الجزء الخامس منه بلاد الحبشة على واد يأتي من وراء خط الاستواء ذاهباً إلى أرض النوبة فيصب هناك في النيل الهابط إلى مصر و قد وهم فيه كثير من الناس و زعموا أنه من نيل القمر و بطليموس ذكره في كتاب الجغرافيا و ذكر أنه ليس من هذا النيل. و إلى وسط هذا الإقليم في الجزء الخاص ينتهي بحر الهند الذي يدخل من ناحية الصين و يغمر عامة هذا الإقليم إلى هذا الجزء الخامس فلا يبقى فيه عمران إلا ما كان في الجزائر التي في داخله و هي متمددة يقال تنتهي إلى ألف جزيرة أو فيما على سواحله من جهة الشمال و ليس منها في هذا الإقليم الأول إلا طرف من بلاد الصين في جهة الشرق و في بلاد اليمن. و في الجزء السادس من هذا الإقليم فيما بين البحرين الهابطين من هذا البحر الهندي إلى جهة الشمال و هما بحر قلزم و بحر فارس و فيما بينهما جزيرة العرب و تشتمل على بلاد اليمن و بلاد الشحر في شرقيها على ساحل هذا البحر الهندي و على بلاد الحجاز و اليمامة و ما إليهما كما نذكره في الإقليم الثاني و ما بعده فأما الذي على ساحل هذا البحر من غربيه فبلد زالع من أطراف بلاد الحبشة و مجالات البجة في شمالي الحبشة ما بين جبل العلاقي أعالي الصعيد و بين بحر القلزم الهابط من البحر الهندي و تحت بلاد زالع من جهة الشمال في هذا الجزء خليج باب المندب يضيق البحر الهابط هنالك بمزاحمة جبل المندب المائل في وسط البحر الهندي ممتداً مع ساحل اليمن من الجنوب إلى الشمال في طول اثني عشر ميلاً فيضيق البحر بسبب ذلك إلى أن يصير في عرض ثلاثة أميال أو نحوها و يسمى باب المندب و عليه تمر مراكب اليمن إلى ساحل السويس قريباً من مصر و تحت باب المندب جزيرة سواكن و دهلك و قبالته من غربيه مجالات البخة من أمم السودان كما ذكرناه و من شرقيه في هذا الجزء تهائم اليمن و منها على ساحله بلد علي بن يعقوب و في جهة الجنوب من بلد زالع و على ساحل هذا البحر من غربيه ترى بربر يتلو بعضها بعضاً و ينعطف من جنوبيه إلى آخر الجزء السادس و يليها هنالك من جهة شرقيها بلاد الزنج ثم بلاد سفالة من ساحله الجنوبي بلاد الوقواق متصلة إلى آخر الجزء العاشر من هذا الإقليم عند مدخل هذا البحر من البحر المحيط. و أما جزائر هذا البحر فكثيرة. من أعظمها جزيرة سرنديب مدورة الشكل. و بها الجبل المشهور يقال ليس في الأرض أعلى منه و هي قبالة سفالة. ثم جزيرة القمر و هي جزيرة مستطيلة تبدأ من قبالة أرض سفالة و تذهب إلى الشرق منحرفة بكثير إلى أن تقرب من سواحل أعالي الصين و يحتف بها في هذا البحر من جنوبيها جزائر الوقواق و من شرقيها جزائر السيلان إلى جزائر أخر في هذا البحر كثيرة العدد و فيها أنواع الطيب و الأفاويه و فيها يقال معادن الذهب و الزمرد و عامة أهلها على دين المجوسية و فيهم ملوك متعددون و بهذه الجزائر من أحوالي العمران عجائب ذكرها أهل الجغرافيا و على الضفة الشمالية من هذا البحر في الجزء السادس من هذا الإقليم بلاد اليمن كلها فمن جهة بحر القلزم بلد زبيد و المهجم و تهامة اليمن و بعدها بلد صغيرة مقر الإمامة الزبدية و هي بعيدة عن البحر الجنوبي و عن البحر الشرقي و فيما بعد ذلك مدينة عدن و في شمالها صنعاء و بعدهما إلى المشرق أرض الأحقاف و ظفار و بعدها أرض حضر موت ثم بلاد الشحر ما بين البحر الجنوبي و بحر فارس. و هذه القطعة من الجزء السادس هي التي الكشف عنها البحر من أجزاء هذا الإقليم الوسطى و ينكشف بعدها قليل من الجزء التاسع و أكثر منه من العاشر فيه أعالي بلاد الصين و من مدنه الشهيرة خانكو و قبالتها من جهة الشرق جزائر السيلان و قد تقدم ذكرها و هذا آخر الكلام في الإقليم الأول و الله سبحانه و تعالى و لي التوفيق بمنه و فضله.
الإقليم الثاني: و هو متصل بالأول من جهة الشمال و قبالة المغرب منه في البحر المحيط جزيرتان من الجزائر الخالدات التي مر ذكرها و في الجزء الأول و الثاني منه في الجانب الأعلى منهما أرض قنورية و بعدها في جهة الشرق أعالي أرض غانة ثم مجالات زغاوة من السودان و في الجانب الأسفل منهما صحراء نستر متصلة من الغرب إلى الشرق ذات مفاوز تسلك فيها التجار ما بين بلاد المغرب و بلاد السودان و فيها مجالات الملثمين من صنهاجة و هم شعوب كثيرة ما بين كزولة و لمتونة و مسراتة و لمطة و وريكة و على سمت هذه المفاوز شرقاً أرض فزان ثم مجالات أزكار من قبائل البربر ذاهبة إلى أعالي الجزء الثالث على سمتها في الشرق و بعدها من هذا الجزء الثالث و هي جهة الشمال منه بقية أرض وذان و على سمتها شرقاً أرض سنترية و تسمى الواحات الداخلة و في الجزء الرابع من أعلاه بقية أرض الباجويين ثم يعترض في وسط هذا الجزء بلاد الصعيد حافات النيل الذاهب من مبدأه في الإقليم الأول إلى مصبه في البحر فيمر في هذا الجزء بين الجبلين الحاجزين و هما جبل الواحات من غربيه و جبل المقطم من شرقيه و عليه من أعلاه بلد أسنا و أرمنت و يتصل كذلك حافاته إلى أسيوط و قوص ثم إلى صول و يفترق النيل هنالك على شعبين ينتهي الأيمن منهما في هذا الجزء عند اللاهون و الأيسر عند دلاص و فيما بينهما أعالي ديار مصر و في الشرق من جبل المقطم صحارى عيذاب ذاهبة في الجزء الخامس إلى أن تنتهي إلى بحر السويس و هو بحر القلزم الهابط من البحر الهندي في الجنوب إلى جهة الشمال و في عدوته الشرقية من هذا الجزء أرض الحجاز من جبل يلملم إلى بلاد يثرب في وسط الحجاز مكة شرفها الله و في ساحلها مدينة جدة تقابل بلد عيذاب في العدوة الغربية من هذا البحر. و في الجزء السادس من غربيه بلاد نجد أعلاها في الجنوب و تبالة و جرش إلى عكاظ من الشمال و تحت نجد من هذا الجزء بقية أرض الحجاز و على سمتها في الشرق بلاد نجران و خيبر و تحتها أرض اليمامة و على سمت نجران في الشرق أرض سبأ و مأرب ثم أرض الشحر و ينتهي إلى بحر فارس و هو البحر الثاني الهابط من البحر الهندي إلى الشمال كما مر و يذهب في هذا الجزء بانحراف إلى الغرب فيمر ما بين شرقيه و جوفيه قطعة مثلثة عليها من أعلاه مدينة قلهات و هي ساحل الشحر ثم تحتها على ساحله بلاد عمال. ثم بلاد البحرين و هجر منها في آخر الجزء و في الجزء السابع في الأعلى من غربيه قطعة من بحر فارس تتصل بم القطعة الأخرى في السادس و يغمر بحر الهند جانبه الأعلى كله و عليه هنالك بلاد السند إلى بلاد مكران و يقابلها بلاد الطوبران و هي من السند أيضاً فيتصل السند كله في الجانب الغربي من هذا الجزء و تحول المفاوز بينه و بين أرض الهند و يمر فيه نهره الآتي من ناحية بلاد الهند و يصب في البحر الهندي في الجنوب و أول بلاد الهند على ساحل البحر الهندي و في سمتها شرقاً بلاد بلهرا و تحتها الملتان بلاد الصنم المعظم عندهم، ثم إلى أسفل من السند، ثم إلى أعالي بلاد سجستان. و في الجزء الثامن من غربيه بقية بلاد بلهرا من الهند، و على سمتها شرقاً بلاد القندهار. ثم بلاد منيبار و في الجانب الأعلى على ساحل البحر الهندي و تحتها في الجالب الأسفل أرض كابل و بعدها شرقاً إلى البحر المحيط بلاد القنوج ما بين قشمير الداخلة و قشمير الخارجة عند آخر الإقليم و في الجزء التاسع ثم في الجانب الغربي منه بلاد الهند الأقصى و يتصل فيه إلى الجانب الشرقي فيتصل من أعلاه إلى العاشر و تبقى في أسفل ذلك الجانب قطعة من بلاد الصين فيها مدينة شيغون ثم تتصل بلاد الصين في الجزء العاشر كله إلى البحر المحيط و الله و رسوله أعلم و به سبحانه التوفيق و هو و لي الفضل و الكرم.
الإقليم الثالث: و هو متصل بالثاني من جهة الشمال ففي الجزء الأول منه و على نحو الثلث من أعلاه جبل درن معترض فيه من غربيه عند البحر المحيط إلى الشرق عند آخر و يسكن هذا الجبل من البربر أمم لا يحصيهم إلا خالقهم حسبما يأتي ذكره و في القطعة التي بين هذا الجبل و الإقليم الثاني و على البحر المحيط منها رباط ماسة و يتصل به شرقاً بلاد سوس و نول و على سمتها شرقاً بلاد درعة ثم بلاد سجلماسة ثم قطعة من صحراء نستر المفازة التي ذكرناها في الإقليم الثاني و هذا الجبل مطل على هذه البلاد كلها في هذا الجزء و هو قليل الثنايا و المسالك في هذه الناحية الغربية إلى أن يسامت وادي ملوية فتكثر ثناياه و مسالكه إلى أن ينتهي و في هذه الناحية منه أمم المصامدة ثم هنتانة ثم تينملك ثم كدميوه ثم مشكورة و ثم آخر المصامدة فيه ثم قبائل صنهاكة و هم صنهاجة و في آخر هذا الجزء منه بعض قبائل زناتة و يتصل به هنالك من جوفيه جبل أوراس و هو جبل كتامة و بعد ذلك أمم أخرى من البرابرة نذكرهم في أماكنهم. ثم إن جبل درن هذا من جهة غربيه مطل على بلاد المغرب الأقصى و هي في جوفيه ففي الناحية الجنوبية منها بلاد مراكش و أغمات و تادلاً و على البحر المحيط منها رباط أسفى و مدينة سلا و في الجوف عن بلاد مراكش بلاد فاس و مكناسة و تازا و قصر كتامة و هذه هي التي تسمى المغرب الأقصى في عرف أهلها و على ساحل البحر المحيط منها بلدان أصيلا و العرايش و في سمت هذه البلاد شرقاً بلاد المغرب الأوسط و قاعدتها تلمسان و في سواحلها على البحر الرومي بلد هنين و وهران و الجزائر لأن هذا البحر الرومي يخرج من البحر المحيط من خليج طنجة في الناحية الغربية من الإقليم الرابع و يذهب مشرقاً فينتهي إلى بلاد الشام فإذا خرج من الخليج المتضايق غير بعيد انفسح جنوباً و شمالاً فدخل في الإقليم الثالث و الخامس فلهذا كان على ساحله من هذا الإقليم الثالث الكثير في بلاده ثم يتصل ببلاد الجزائر من شرقيها بلاد بجاية في ساحل البحر ثم قسطنطينية في الشرق منها و في آخر الجزء الأول و على مرحلة من هذا البحر في جنوبي هذه البلاد و مرتفعاً إلى جنوب المغرب الأوسط بلد أشير ثم بلد المسيلة ثم الزاب و قاعدته بسكرة تحت جبل أوراس المتصل بدرن كما مر و ذلك عند آخر هذا الجزء من جهة الشرق و الجزء الثالث من هذا الإقليم على هيئة الجزء الأول ثم جبل درن على نحو الثلث من جنوبه ذاهباً فيه من غرب إلى شرق فيقسمه بقطعتين و يعبر البحر الرومي مسافة من شماله فالقطعة الجنوبية عن جبل درن غربيها كله مفاوز و في الشرق منها بلد عذامس و في سمتها شرقاً أرض و دان التي بقيتها في الإقليم الثاني كما مر و القطعة الجوفية عن جبل درن ما بينه و بين البحر الرومي في الغرب منها جبل أوراس و تبسة و الأوبس و على ساحل البحر بلد بونة ثم في سمت هذه البلاد شرقاً بلاد أفريقية فعلى ساحل البحر مدينة تونس ثم السوسة ثم المهدية و في جنوب هذه البلاد تحت جبل درن بلاد الجريد توزر و قفصة و نفراوة و فيما بينها و بين السواحل مدينة القيروان و جبل و سلات و سبيطلة و على سمت هذه البلاد كلها شرقاً بلد طرابلس على البحر الرومي و بإزائها في الجنوب جبل دمر و نقرة من قبائل هوارة متصلة بجبل درن و في مقابلة غذامس التي مر في نهرها في آخر القطعة الجنوبية و آخر هذا الجزء في الشرق سويقة ابن مشكورة على البحر و في جنوبها مجالات العرب في أرض و دان و في الجزء الثالث من هذا الإقليم يمر أيضاً فيه جبل درن إلا أنه ينعطف عند آخر إلى الشمال و يذهب على سمته إلى أن يدخل في البحر الرومي و يسمى هنالك طرف أوثان و البحر الرومي من شماليه يغمر طائفة منه إلى أن يضايق ما بينه و بين جبل درن فالذي وراء الجبل في الجنوب و في الغرب منه بقية أرض و دان. و مجالات العرب فيها ثم زويلة ابن خطاب ثم رمال و قفار إلى آخر الجزء في الشرقي و فيما بين الجبل و البحر في الغرب منه بلد سرت على البحر ثم خلاء و قفار تجول فيها العرب ثم أجدابية ثم برقة عند منعطف الجبل ثم طلمسة على البحر هنالك ثم في شرقي المنعطف من الجبل مجالات هيب و رواحة إلى آخر الجزء و في الجزء الرابع من هذا الإقليم و في الأعلى من غربيه صحارى برقيق و أسفل منها بلاد هيب و رواحة ثم يدخل البحر الرومي في هذا الجزء فيغير طائفة منه إلى الجنوب حتى يزاحم طرفه الأعلى و يبقى بينه و بين آخر الجزء فيها قفار تجول فيها العرب و على سمتها شرقاً بلاد الفيوم و هي على مصب أحد الشعبين من النيل الذي يمر على اللاهون من بلاد الصعيد في الجزء الرابع من الإقليم الثاني و يصب في بحيرة فيوم و على سمته شرقاً أرض مصر و مدينتها الشهيرة على الشعب الثاني الذي يمر بدلاص من بلاد الصعيد عند آخر الجزء الثاني و يفترق هذا الشعب افتراقه ثانية من تحت مصر على شعبين آخرين من شطنوف و زفتي و ينقسم الأيمن منهما من قرمط بشعبين آخرين و يصب جميعها في البحر الرومي فعلى مصب الغربي من هذا الشعب بلد الإسكندرية و على مصب الوسط بلد رشيد و على مصب الشرقي بلد دمياط و بين مصر و القاهرة و بين هذه السواحل البحرية أسافل الديار المصرية كلها محشوة عمراناً و فلجاً و في الجزء الخاص من هذا الإقليم بلاد الشام و كثرها على ما أصف و ذلك لأن بحر القلزم ينتهي من الجنوب و في الغرب منه عند السويس لأنه في ممره مبتدىء من البحر الهندي إلى الشمال ينعطف آخذاً إلى جهة الغرب فتكون قطعة من انعطافه في الجزء طويلة فينتهي في الطرف الغربي منه إلى السويس و على هذه القطعة بغد السويس فاران ثم جبل الطور ثم أيلة مدين ثم الحوراء في آخرها و من هنالك ينعطف بساحله إلى الجنوب في أرضي الحجاز كما مر في الإقليم الثاني في الجزء الخامس منه و في الناحية الشمالية من هذا الجزء قطعة من البحر الرومي غمرت كثيراً من غربيه عليها الفرما و العريش و قارب طرفها بلد القلزم فيضايق ما بينهما من هنالك و بقي شبه الباب مفضياً إلى أرض الشام و في غربي هذا الباب فحص التيه أرض جرداء لا تنبت كانت مجالاً لبني إسرائيل بعد خروجهم من مصر و قبل دخولهم إلى الشام أربعين سنة كما قصة القرآن، و في هذه القطعة من البحر الرومي في هذا الجزء طائفة من جزيرة قبرص و بقيتها في الإقليم الرابع كما نذكره و على ساحل هذه القطعة عند الطرف المتضايق لبحر السويس بلد العريش و هو آخر الديار المصرية و عسقلان و بينهما طرف هذا البحر ثم تنحط هذه القطعة في انعطافها من هنالك إلى الإقليم الرابع عند طرابلس و غزة و هنالك ينتهي البحر الرومي في جهة الشرق و على هذه القطعة أكثر سواحل الشام ففي شرقه غزة ثم عسقلان و بانحراف يسير عنها إلى الشمال بلد قيسارية ثم كذلك بلد عكاء ثم صور ثم صيداء ثم ينعطف البحر إلى الشمال في الإقليم الرابع و يقابل هذه البلاد الساحلية من هذه القطعة في هذا الجزء جبل عظيها يخرج من ساحل أيلة من بحر القلزم و يذهب في ناحية الشمال منحرفاً إلى الشرق إلى أن يجاوز هذا الجزء و يسمى جبل اللكام و كأنه حاجز بين أرض مصر و الشام ففي طرفه عند أيلة العقبة التي يفر عليها الحجاج من مصر إلى مكة ثم بعدها في ناحية الشمال مدفن الخليل عليه الصلاة و السلام عند جبل السراة يتصل من عند جبل اللكام المذكور من شمال العقبة ذاهباً على سمت الشرق ثم ينعطف قليلاً و في شرقه هنالك بلد الحجر و ديار ثمود و تيماء و دومة الجندل و هي أسافل الحجاز و فوقها جبل رضوى و حصون خيبر في جهة الجنوب عنها و فيما بين جبل السراة و بحر القلزم صحراء تبوك و في شمال جبل السراة مدينة القدس عند جبل اللكام ثم الأردن ثم طبرية و في شرقيها بلاد الغور إلى أذرعات و في سمتها دومة الجندل آخر هذا الجزء و هي آخر الحجاز. و عند منعطف جبل اللكام إلى الشمال من آخر هذا الجزء مدينة دمشق مقابلة صيدا و بيروت من القطعة البحرية و جبل اللكام يعترض بينها و بينها و على سنت دمشق في الشرق مدينة بعلبك ثم مدينة حمص في الجهة الشمالية آخر الجزء عند منقطع جبل اللكام و في الشرق عن بعلبك و حمص بلد تدمر و مجالات البادية إلى آخر الجزء و في الجزء السادس من أعلاه مجالات الأعراب تحت بلاد نجد و اليمامة ما بين جبل العرج و الصمان إلى البحرين و هجر على بحر فارس و في أسافل هذا الجزء تحت المجالات بلد الحيرة و القادسية و مغايض الفرات. و فيما بعدها شرقاً مدينة البصرة و في هذا الجزء ينتهي بحر فارس عند عبادان و الأيلة من أسافل الجزء من شماله و يصب! فيه عند عبادان نهر دجلة بعد أن ينقسم بجداول كثيرة و تختلط به جداول أخرى من الفرات ثم تجتمع كلها عند عبادان و تصب في بحر فارس و هذه القطعة من البحر متسعة في أعلاه مضايقة في آخر في شرقيه و ضيقة عند منتهاه مضايقة للحد الشمالي منه و على عدوتها الغربية منه أسافل البحرين و هجر و الاحساء و في غربها أخطب و الصمان و بقية أرض اليمامة و على عدوته الشرقية سواحل فارس من أعلاها و هو من عند آخر الجزء من الشرق لما على طرف قد امتد من هذا البحر مشرقاً و وراءه إلى الجنوب في هذا الجزء جبال القفص من كرمان و تحت هرمز على الساحل بلد سيراف و نجيرم على ساحل هذا البحر و في شرقيه إلى آخر هذا الجزء و تحت هرمز بلاد فارس مثل سابور و دار أبجرد و نسا و إصطخر و الشاهجان و شيراز و هي قاعدتها كلها و تحت بلاد فارس إلى الشمال عند طرف البحر بلاد خوزستان و منها الأهواز و تستر و صدى و سابور و السوس و رام هرمز و غيرها و أزجال و هي حد ما بين فارس و خوزستان و في شرقي بلاد خوزستان جبال الأكراد متصلة إلى نواحي أصبهان و بها مساكنهم و مجالاتهم وراءها في أرض فارس و تسمى الرسوم. و في الجزء السابع في الأعلى منه من المغرب بقية جبال القفص و يليها من الجنوب و الشمال بلاد كرمان و مكران و من مدنها الرودن و الشيرجان و جيرفت و يزدشير و البهرج و تحت أرض كرمان إلى الشمال بقية بلاد فارس إلى حدود أصبهان و مدينة أصبهان في طرف هذا الجزء ما بين غربه و شماله ثم في المشرق عن بلاد كرمان و بلاد فارس أرض سجستان و كوهستان في الجنوب و أرض كوهستان في الشمال عنها و يتوسط بين كرمان و فارس و بين سجستان و كوهستان، و في وسط هذا الجزء المفاوز العظمى القليلة المسالك لصعوبتها من مدن سجستان بست الطاق و أما كوهستان فهي من بلاد خراسان و من مشاهير بلاد سرخس و قوهستان آخر الجزء. و في الجزء الثامن غربه و جنوبه مجالات الحلج من أمم الترك متصلة بأرض سجستان من غربها و بأرض كابل الهند من جنوبها و في الشمال عن هذه المجالاة جبال الغور و بلادها و قاعدتها غزنة فرضة الهند و في آخر الغور من الشمال بلاد أستراباذ ثم في الشمال غرباً إلى أخر الجزء بلاد هراة أوسط خراسان و بها أسفراين و قاشان و بوشنج و مرو الروذ و الطالقان و الجوزجان و تنتهي خراسان هنالك إلى نهر جيحون.
القسم الثاني من تفصيل الكلام على هذه الجغرافيا
و على هذا النهر من بلاد خراسان من غرببه مدينة بلخ و في شرقيه مدينة ترمذ و مدينة بلخ كانت كرسي مملكة الترك و هذا النهر نهر جيحون مخرجه من بلاد و جار في حدود بذخشان مما يلي الهند و يخرج من جنوب هذا الجزء و عند آخر من الشرق فينعطف عن قرب مغرباً إلى وسط الجزء و يسمى هنالك نهر خرناب ثم ينعطف إلى الشمال حتى يمر بخراسان و يذهب على سنته إلى أن يصب في بحيرة خوارزم في الإقليم لخامس كما نذكره و يمده عند انعطافه في وسط الجزء من الجنوب إلى الشمال خمسة أنهار عظيمة من بلاد الختل و الوخش من شرقيه و أنهار أخرى من جبال البتم من شرقيه أيضاً و جوفي الجبل حتى يتسع و يعظم بما لا كفاء له و من هذه الأنهار الخمسة الممدة له نهر و خشاب يخرج من بلاد التبت و هي بين الجنوب و الشرق من هذا الجزء فيمر مغرباً بالحر إلى الشمال إلى أن يخرج إلى الجزء التاسع قريباً من شمال هذا الجزء يعترضه في طريقه جبل عظيم يمر من وسط الجنوب في هذا الجزء و يذهب مشرقاً بانحراف إلى الشمال إلى أن يخرج إلى الجزء التاسع قريباً من شمال هذا الجزء فيجوز بلاد التبت إلى القطعة الشرقية الجنوبية من هذا الجزء و يحول بين الترك و بين بلاد الختل و ليس فيه إلا مسلك واحد في وسط الشرق من هذا الجزء جعل فيه الفصل بن يحيى سداً و بنى فيه باباً كسد ياجوج و ماجوج فإذا خرج نهر و خشاب من بلاد التبت و اعترضه هذا الجبل فيمر تحته في مدى بعيد إلى أن يمر في بلاد الوخش و يصب في نهر جيحون عند حدود بلخ ثم يمر هابطاً إلى الترمذ في الشمال إلى بلاد الجوزجان و في الشرق عن بلاد الغور فيما بينها و بين نهر جيحون بلاد الناسان من خراسان و في العدوة الشرقية هنالك من النهر بلاد الختل و أكثرها جبال و بلاد الوخش و يحدها من جهة الشمال جبال البتم تخرج من طرف خراسان غربي نهر جيحون و تذهب مشرقةً إلى أن يتصل طرفها بالجبل العظيم الذي خلفه بلاد التبت و يمر تحته نهر و خشاب كما قلناه فيتصل عند باب الفضل بن يحيى و يمر نهر جيحون بين هذه الجبال و أنهار أخرى تصب فيه منها نهر بلاد الوخش يصب فيه من الشرق تحت الترمذ إلي جهة الشمال و نهر بلخ يخرج من جبال البتم مبدإه عند الجوزجان و يصب فيه من غربيه و على هذا النهر من غربيه بلاد آمد من خراسان و في شرقي النهر من هنالك أرض الصغد و أسر وشنة من بلاد الترك و في شرقها أرض فرغانة أيضاً إلى آخر الجزء شرقاً و كل بلاد الترك تحوزها جبال البتم إلى شمالها و في الجزء التاسع من غربه أرض التبت إلى وسط الجزء و في جنوبيها بلاد الهند و في شرقيها بلاد الصين إلى آخر الجزء و في أسفل هذا الجزء شمالاً عن بلاد التبت بلاد الخزلجية من بلاد الترك إلى آخر الجزء شرقاً و شمالاً و يتصل بها من غربيها أرض فرغانة أيضاً إلى آخر الجزء شرقاً و من شرقيها أرض التغرغر من الترك إلى الجزء شرقاً و شمالاً. و في الجزء العاشر في الجنوب منه جميعاً بقية الصين و أسافله و في الشمال بقية بلاد التغرغر ثم شرقاً عنهم بلاد خرخير من الترك أيضاً إلى آخر الجزء شرقاً و في الشمال من أرض خرخير بلاد كتمان من الترك و قبالتها في البحر المحيط جزيرة الياقوت في وسط جبل مستدير لا منفذ منه إليها و لا مسلك و الصعود إلى أعلاه من خارجه صعب في الغاية و في الجزيرة حيات قتالة و حصى من الياقوت كثيرة فيحتال أهل تلك الناحية بما يلهمهم الله إليه و أهل هذه البلاد في هذا الجزء التاسع و العاشر فيما وراء خراسان و الجبال كلها مجالات للترك أمم لا تحصى و هم ظواعن رحالة أهل إبل و شاء و بقر و خيل للنتاج و الركوب و الأكل و طوائفهم كثيرة لا يحصيهم إلا خالقهم و فيهم مسلمون مما يلي بلاد النهر نهر جيحون و يغزون الكفار منهم الدائنين بالمجوسية فيبيعون رقيقهم لمن يليهم و يخرجون إلى بلاد خراسان و الهند و العراق
الإقليم الرابع: يتصل بالثالث من جهة الشمال. و الجزء الأول منه في غربيه قطعة من البحر المحيط مستطيلة من أوله جنوباً إلى آخر شمالاً و عليها في الجنوب مدينة طنجة و من هذه القطعة تحت طنجة من البحر المحيط إلى البحر الرومي في خليج متضايق بمقدار اثني عشر ميلاً ما بين طريف و الجزيرة الخضراء شمالاً و قصر المجاز و سبتة جنوباً و يذهب مشرقاً إلى أن ينتهي إلى وسط الجزء الخامس من هذا الإقليم و ينفسح في ذهابه بتدريج إلى أن يغمر الأربعة الأجزاء و أكثر الخامس من هذا الإقليم الثالث و الخامس كما سنذكره و يسمى هذا البحر البحر الشامي أيضاً و فيه جزائر كثيرة أعظمها في جهة الغرب يابسة ثم ما يرقة ثم منرقة ثم سردانية ثم صقلية و هي أعظمها ثم بلونس ثم أقريطش ثم قبرص كما نذكرها كلها في أجزائها التي وقعت فيها و يخرج من هذا البحر الرومي عند آخر الجزء الثالث منه و في الجزء الثالث من الإقليم الخامس خليج البنادقة يذهب إلى ناحية الشمال ثم ينعطف عند وسط الجزء من جوفه و يمر مغرباً إلى أن ينتهي في الجزء الثاني من الخامس و يخرج منه أيضاً في آخر الجزء الرابع شرقاً من الإقليم الخامس خليج القسطنطينية يمر في الشمال متضايقاً في عرض رمية السهم إلى آخر الإقليم ثم يفضي إلى الجزء الرابع من الإقليم السادس و ينعطف إلى بحر نيطش ذاهباً إلى الشرق في الجزء الخامس كله و نصف السادس من الإقليم السادس كما نذكر ذلك في أماكنه و عندما يخرج هذا البحر الرومي من البحر المحيط في خليج طنجة و ينفسح إلى الإقليم الثالث. يبقى في الجنوب عن الخليج قطعة صغيرة من هذا الجزء فيها مدينة طنجة على مجمع البحرين و بعدها مدينة سبتة على البحر الرومي ثم قطأون ثم باديس ثم يغمر هذا البحر بقية هذا الجزء شرقاً و يخرج إلى الثالث و أكثر العمارة في هذا الجزء في شماله و شمال الخليج منه و هي كلها بلاد الأندلس الغربية منها ما بين البحر المحيط و البحر الرومي أولها طريف عند مجمع البحرين و في الشرق منها على ساحل البحر الرومي الجزيرة الخضراء ثم مالقة ثم المنقب ثم المرية و تحت هذه من لدن البحر المحيط غرباً و على مقربة منه شريش ثم لبلة و قبالتها فيه جزيرة قادس و في الشرق عن شريش و لبلة إشبيلية ثم أستجة و قرطبة و مديلة ثم غرناطة و جيان و أبدة ثم و اديش و بسطة و تحت هذه شنتمرية و شلب على البحر المحيط غرباً و في الشرق عنهما بطلموس و ماردة و يابرة ثم غافق و بزجالة ثم قلعة رياح و تحت هذه أشبونة على البحر المحيط غرباً و على نهر باجة و في الشرق عنها شنترين و موزية على النهر المذكور ثم قنطرة السيف و يسامت اشبونة من جهة الشرق جبل الشارات يبدأ من المغرب هنالك و يذهب مشرقاً مع آخر الجزء من شماليه فينتهي إلى مدينة سالم فيما بعد النصف منه و تحت هذا الجبل طلبيرة في الشرق من فورنة ثم طليطلة ثم وادي الحجارة ثم مدينة سالم و عند أول هذا الجبل فيما بينه و بين أشبونة بلد قلمرية و هذه غربي الأندلس. و أما شرقي الأندلس فعلى ساحل البحر الرومي منها بعد المرية قرطاجنة ثم لفتة ثم دانية ثم بلنسية إلى طرطوشة آخر الجزء في الشرق، و تحتها شمالاً ليورقة و شقورة تتاخمان بسطة و قلعة رياح من غرب الأندلس ثم مرسية شرقاً ثم شاطبة تحت بلنسية شمالاً ثم شقر ثم طرطوشة ثم طركونة آخر الجزء ثم تحت هذه شمالاً أرض منجالة وريدة متاخمان لشقورة و طليطلة من الغرب ثم أفراغة شرقاً تحت طرطوشة و شمالاً عنها ثم في الشرق عن مدينة سالم تقلة أيوب ثم سرقسطة ثم لاردة آخر الجزء شرقاً و شمالاً. و الجزء الثاني من هذا الإقليم غمر الماء جميعه إلا قطعة من غربيه في الشمال فيها بقية جبل البرنات و معناه جبل الثنايا و السالك يخرج إليه من آخر الجزء الأول من الإقليم الخامس يبدأ من الطرف المنتهي، من البحر المحيط عند آخر ذلك الجزء جنوباً و شرقاً و يمر في الجنوب بالحر إلى الشرق فيخرج في هذا الإقليم الرابع منحرفاً عن الجزء الأول منه إلى هذا الجزء الثاني فيقع فيه قطعة منه تفضي ثناياها إلى البر المتصل و تسمى أرض غشكونية و فيه مدينة خريدة و قرقشونة و على ساحل البحر الرومي من هذه القطعة مدينة برشلونة ثم أربونة و في هذا البحر الذي غمر الجزء جزائر كثيرة و الكثير منها غير مسكون لصغرها ففي غربيه جزيرة سردانية و في شرقيه جزيرة صقلية متسعة الأقطار يقال إن دورها سبعمائة ميل و بها مدن كثيرة من مشاهيرها سرقوسة و بلرم و طرابغة و مازر و مسيني و هذه الجزيرة تقابل أرض أفريقية و فيما بينهما جزيرة أعدوش و مالطة. و الجزء الثالث من هذا الإقليم مغمور أيضاً بالبحر إلا ثلاث قطع من ناحية الشمالي الغربية منها أرض قلورية و الوسطى من أرض أبكيردة و الشرقية من بلاد البنادقة. و الجزء الرابع من هذا الإقليم مغمور أيضاً بالبحر كما مر و جزائره كثيرة و أكثرها غير مسكون كما في الثالث و المغمور منها جزيرة بلونس في الناحية الغريبة الشمالية و جزيرة أقريطش مستطيلة من وسط الجزء إلى ما بين الجنوب و الشرق منة. و الجزء الخامس من هذا الإقليم غمر البحر منه مثلثة كبيرة بين الجنوب و الغرب ينتهي الضلع الغربي منها إلى، آخر الجزء في الشمال و ينتهي الضلع الجنوبي منها إلى نحو الثلثين من الجزء و يبقى في الجالب الشرقي من الجزء قطعة نحو الثلث يمر الشمالي منها إلى الغرب منعطفاً مع البحر كما قلناه و في النصف الجنوبي منها أسافل الشام و يمر في وسطها جبل اللكام إلى أن ينتهي إلى آخر الشام في الشمال فينعطف من هنالك ذاهباً إلى القطر الشرقي الشمالي و يسمى بعد انعطافه جبل السلسلة و من هنالك يخرج إلى الإقليم الخامس و يجوز من عند منعطفه قطعة من بلاد الجزيرة إلى جهة الشرق و يقوم من عند منعطفه من جهة المغرب جبال متصلة بعضها ببعض إلى أن ينتهي إلى طرف خارج من البحر الرومي متأخر إلى آخر الجزء من الشمالي و بين هذه الجبال ثنايا تسمى الدروب و هي التي تفضي إلى بلاد الأرمن و في هذا الجزء قطعة منها بين هذه الجبال و بين جبل السلسلة فأما الجهة الجنوبية التي قدمنا أن فيها أسافل الشام و أن جبل اللكام معترض فيها بين البحر الرومي و آخر الجزء من الجنوب إلى الشمال فعلى ساحلي البحر بلد أنطرطوس في أول الجزء من الجنوب متاخمة لغزة و طرابلس على ساحله من الإقليم الثالث و في شمال أنطرطوس جبلة ثم اللاذقية ثم إسكندرونة ثم سلوقية و بعدها شمالاً بلاد الروم و أما جبل اللكام المعترض بين البحر و آخر الجزء بحافاته فيصاقبه من بلاد الشام من أعلى الجزء جنوباً من غربيه حصن الحواني و هو للحشيشة الإسماعيلية و يعرفون لهذا العهد بالفداوية و يسمى مصيات و هو قبالة أنطرطوس و قبالة هذا الحصن في شرق الجبل بلد سلمية في الشمال عن حمص و في الشمال و في مصيات بين الجبل و البحر بلد انطاكية و يقابلها في شرق الجبل المعرة و في شرقها المراغة و في شمال انطاكية المصيصة ثم أذنة ثم طرسوس آخر الشام و يحاذيها من غرب الجبل قنسرين ثم عين زربة و قبالة قنسرين في شرق الجبل حلب و يقابل عين زربة منبج آخر الشام. و أما الدروب فعن يمينها ما بينها و بين البحر الرومي بلاد الروم التي هي لهذا العهد للتركمان و سلطانها ابن عثمان و في ساحل البحر منها بلد أنطاكية و العلايا. و أما بلاد الأرمن التي بين جبل الدروب و جبل السلسلة ففيها بلد مرعش و ملطية و المعرة إلى آخر الجزء الشمالي و يخرج من الجزء الخامس في بلاد الأرمن نهر جيحان و نهر سيحان في شرقيه فيمر بها جيحان جنوباً حتى يتجاوز الدروب ثم يمر بطرسوس ثم بالمصيصة ثم ينعطف هابطاً إلى الشمال و مغرباً حتى يصب في البحر الرومي جنوب سلوقية و يمر نهر سيحان مؤازياً لنهر جيحان فيحاذى المعرة و مرعش و يتجاوز جبال الدروب إلى أرض الشام ثم يمر بعين زربة و يحوز عن نهر جيحان ثم ينعطف إلى الشمال مغرباً فيختلط بنهر جيحان عند المصيصة و من غربها و أما بلاد الجزيرة التي يحيط بها منعطف جبل اللكام إلى جبل السلسلة ففي جنوبها الرافضة و الرقة ثم حران ثم سروج و الرها ثم نصيبين ثم سميساط و آمد تحت جبل السلسلة و آخر الجزء من شماله و هو أيضاً آخر الجزء من شرقيه و يمر في وسط هذه القطعة نهر الفرات و نهر دجلة يخرجان من الإقليم الخامس و يمران في بلاد الأرمن جنوباً إلى أن يتجاوزا جبل السلسلة فيمر نهر الفرات من غربي سميساط و سروج و ينحرف إلى الشرق فيمر بقرب الرافضة و الرقة و يخرج إلى الجزء السادس و يمر دجلة شرق آمد و ينعطف قريباً إلى الشرق فيخرج قريباً إلى الجزء السادس و في الجزء السادس من هذا الإقليم من غربيه بلاد الجزيرة و في الشرق منها بلاد العراق متصلة بها تنتهي في الشرق إلى قرب آخر الجزء و يعترض من آخر العراق هنالك جبل أصبهان هابطاً من جنوب الجزء منحرفاً إلى الغرب فإذا انتهي إلى وسط الجزء من آخر في الشمال يذهب مغرباً إلى أن يخرج من الجزء السادس و يتصل على سنته بجبل السلسلة في الجزء الخامس فينقطع هذا الجزة السادس بقطعتين غربية و شرقية ففي الغربية من جنوبيها مخرج الفرات من الخامس و في شماليها مخرج دجلة منه أما الفرات فأول ما يخرج إلى السادس يمر بقرقيسيا و يخرج من هنالك جدول إلى الشمال ينساب في أرض الجزيرة و يغوص في نواحيها و يمر من قرقيسيا غير بعيد ثم ينعطف إلى الجنوب فيمر بقرب الخابور إلى غرب الرحبة و يخرج منه جداول من هنالك يمر جنوباً و لبقى صفين في غربيه ثم ينعطف شرقاً و ينقسم بشعوب فيمر بعضها بالكوفة و بعضها بقصر ابن هبيرة و بالجامعين و تخرج جميعاً في جنوب الجزء إلى الإقليم الثالث فيغوص هنالك في شرق الحيرة و القادسية و يخرج الفرات من الرحبة مشرقاً على سمته إلى هيت من شمالها يمر إلى الزاب و الأنبار من جنوبهما ثم يصب في دجلة عند بغداد. و أما نهر دجلة فإذا دخل من الجزء الخامس إلى هذا الجزء يمر بجزيرة ابن عمر على شمالها ثم بالموصل كذلك و تكريت و ينتهي إلى الحديثة فينعطف جنوباً و تبقى الحديثة في شرقه و الزاب الكبير و الصغير كذلك و يمر على سمته جنوباً و في غرب القادسية إلى أن ينتهي إلى بغداد و يختلط بالفرات ثم يمر جنوباً على غرب جرجرايا إلى أن يخرج من الجزء إلى الإقليم الثالث فتنتشر هنالك شعوبه و جداوله ثم يجتمع و يصب هنالك في بحر فارس عند عبادان و فيما بين نهر دجلة و الفرات قبل مجمعهما كما يبغداد هي بلاد الجزيرة و يختلط بنهر دجلة بعد مفارقته ببغداد نهر آخر يأتي من الجهة الشرقية الشمالية منه و ينتهي إلى بلاد النهروان قبالة بغداد شرقاً ثم ينعطف جنوباً و يختلط بدجلة قبل خروجه إلى الإقليم الثالث و يبقى ما بين هذا النهر و بين جبل العراق و الأعاجم بلد جلولاء و في شرقها عند الجبل بلد حلوان و صيمرة. و أما القطعة الغربية من الجزء فيعترض، جبل يبدأ من جبل الأعاجيم مشرقاً إلى آخر الجزء و يسمى جبل شهرزور و يقسمها بقطعتين في الجنوب من هذه القطعة الصغرى بلد خونجان من الغرب و الشمال عن أصبهان و تسمى هذه القطعة بلد الهلوس و في وسطها بلد نهاوند و في شمالها بلد شهرزور غرباً عند ملتقى الجبلين و الدينور شرقاً عند آخر الجزء و في القطعة الصغرى الثانية من بلاد أرمينية قاعدتها المراغة و الذي يقابلها من جبل العراق يسمى باريا و هو مساكن للأكراد و الزاب الكبير و الصغير الذي على دجلة من ورائه و في آخر هذه القطعة من جهة الشرق بلاد أذربيجان و منها تبريز و البيدقان و في الزاوية الشرقية الشمالية من هذا الجزء قطعة من بحر نيطش و هو بحر الخزر و في الجزء السابع من هذا الإقليم من غربه و جنوبه معظم بلاد الهلوس و فيها همذان و قزوين و بقيتها في الإقليم الثالث و فيها هنالك أصبهان و يحيط بها من الجنوب جبل يخرج من غربها و يمر بالإقليم الثالث ثم ينعطف من الجزء السادس إلى الإقليم الرابع و يتصل بجبل العراق في شرقيه الذي مر ذكره هنالك و إنه محيط ببلاد الهلوس في القطعة الشرقية و يهبط هذا الجبل المحيط بأصبهان من الإقليم الثالث إلى جهة الشمال و يخرج إلى هذا الجزء السابع محيط ببلاد الهلوس من شرقها و تحته هنالك قاشان ثم قم و ينعطف في قرب النصف من طريقه مغرباً بعض الشيء ثم يرجع مستديراً فيذهب مشرقاً و منحرفاً إلى الشمال حتى يخرج إلى الإقليم الخامس و يشتمل على منعطفه و استدارته على بلد الري في شرقيه و يبدأ من منعطفه جبل آخر يمر غرباً إلى آخر هذا الجزء و من جنوبه من هنالك قزوين و من جانبه الشمالي و جانب جبل الري المتصل معه ذاهباً إلى الشرق و الشمال إلى وسط الجزء ثم إلى الإقليم الخاص بلاد طبرستان فيما بين هذه الجبال و بين قطعة من بحر طبرستان و يدخل من الإقليم الخامس في هذا الجزء في نحو النصف من غربه إلى شرقه و يعترض عند جبل الري و عند انعطافه إلى الغرب جبل متصل يمر على سمته مشرقاً و بانحران قليل إلى الجنوب حتى يدخل في الجزء الثامن من غربه و يبقى بين جبل الري و هذا الجبل من عند مبدأهما بلاد جرجان فيما بين الجبلين و منها بسطام و وراء هذا الجبل قطعة من هذا الجزء فيها بقية المفازة التي بين فارس و خراسان و هي في شرقيه قاشان و في آخرها عند هذا الجبل بلد أستراباذ و حافات هذا الجبل من شرقيه إلى آخر الجزء بلاد نيسابور من خراسان ففي جنوب الجبل و شرق المفازة بلد نيسابور ثم مرو الشاهجان آخر الجزء و في شماله و شرقي جرجان بلد مهرجان و خازرون و طوس آخر الجزء شرقاً و كل هذا تحت الجبل و في الشمال عنها بلاد نسا و يحيط بها عند زاوية الجزئين الشمال و الشرق مفاوز معطلة. و في الجزء الثامن من هذا الإقليم و في غربيه نهر جيحون ذاهباً من الجنوب إلى الشمال ففي عدوته الغربية رمم و آمل من بلاد خراسان و الظاهرية و الجرجانية من بلاد خوارزم و يحيط بالزاوية الغربية الجنوبية منه جبل أستراباذ المعترض في الجزء السابع قبله و يخرج في هذا الجزء من غربيه و يحيط بهذه الزاوية و فيها بقية بلاد هراة و الجوزخان حتى يتصل بجبل البتم كما ذكرناه هنالك و في شرقي نهر جيحون من هذا الجزء و في الجنوب منه بلاد بخارى ثم بلاد الصغد و قاعدتها سمرقند ثم سردارا و أشنة و منها خجندة آخر الجزء شرقاً و في الشمال عن سمرقند و سردار و أشنة أرض إيلاق ثم في الشمال عن إيلاق أرض الشاش إلى آخر الجزء شرقاً و يأخذ قطعة من الجزء التاسع في جنوب تلك القطعة بقية أرض فرغانة و يخرج من تلك القطعة التي في الجزء التاسع نهر الشاش يمر معترضاً في الجزء الثامن إلى أن ينصب في نهر جيحون عند مخرجه من هذا الجزء الثامن في شماله إلى الإقليم الخامس و يختلط معه في أرض إيلاق نهر يأتي من الجزء التاسع من الإقليم الثالث من تخوم بلاد التبت و يختلط معه قبل مخرجه من الجزء التاسع نهر فرغانة و على سمت نهر الشاش جبل جبراغون يبدأ من الإقليم الخامس و ينعطف شرقاً و منحرفاً إلى الجنوب حتى يخرج إلى الجزء التاسع محيطاً بأرض الشاش ثم ينعطف في الجزء التاسع فيحيط بالشاش و فرغانة هناك إلى جنوبه فيدخل في الإقليم الثالث و بين نهر الشاش و طرف هذا الجبل في وسط هذا الجزء بلاد فاراب و بينه و بين أرض بخارى و خوارزم مفاوز معطلة و في زاوية هذا الجزء من الشمال و الشرق أرض خجندة و فيها بلد إسبيجاب و طراز. و في الجزء التاسع من هذا الإقليم في غربيه بعد أرض فرغانة و الشاش أرض الخزلجية في الجنوب و أرض الخليجة في الشمال و في شرقي الجزء كله أرض الكيماكية و يتصل في الجزء العاشر كله إلى جبل قوقيا آخر الجزء شرقاً و على قطعة من البحر المحيط هنالك و هو جبل يأجوج و مأجوج و هذه الأمم كلها من شعوب الترك. انتهي.
الإقليم الخامس: الجزء الأول منه أكثره مغمور بالماء إلا قليلاً من جنوبه شرقه لأن البحر المحيط بهذه الجهة الغربية دخل في الإقليم الخامس و السادس و السابع عن الدائرة المحيطة بالإقليم فأما المنكشف من جنوبه فقطعة على شكل مثلث متصلة من هنالك بالأندلس و عليها بقيتها و يحيط بها البحر من جهتين كأنهما ضلعان محيطان بزاوية المثلث ففيها من بقية غرب الأندلس سعيور على البحر عند أول الجزء من الجنوب و الغرب و سلمنكة شرقاً عنها و في جوفها سمورة و في الشرق عن سلمنكة أيلة آخر الجنوب و أرض قستالية شرقاً عنها و فيها مدينة شقونية و في شمالها أرض ليون و برغشت ثم وراءها في الشمال أرض جليقية إلى زاوية القطعة و فيها على البحر المحيط في آخر الضلع الغربي بلد شنتياقو و معناه يعقوب و فيها من شرق بلاد الأندلس مدينة شطلية عند آخر الجزء في الجنوب و شرقاً عن قستالية و في شمالها و شرقها و شقة و بنبلونة على سمتها شرقاً و شمالاً و في غرب بنبلونة قشتالة ثم ناجزة فيما بينها و بين برغشت و يعترض وسط هذه القطعة جبل عظيم محاذ للبحر و للضلع الشمالي الشرقي منه و على قرب و يتصل به و بطرف البحر عند بنبلونة في جهة الشرق الذي ذكرنا من قبل أن يتصل في الجنوب بالبحر الرومي في الإقليم الرابع و يصير حجراً على بلاد الأندلس من جهة الشرق و ثناياه لها أبواب تفضي إلى بلاد غشكونية من أمم الفرنج فمنها من الإقليم الرابع برشلونة و أربونة على ساحل البحر الرومي و خريدة و قرقشونة وراءهما في الشمال و منها من الإقليم الخامس طلوشة شمالاً عن خريدة. و أما المنكشف في هذا الجزء من جهة الشرق فقطعة على شكل مثلث مستطيل زاويته الحادة وراء البرنات شرقاً و فيها على البحر المحيط على رأي القطعة التي يتصل بها جبل البرنات بلد نيونة و في آخر هذه القطعة في الناحية الشرقية الشمالية من الجزء أرض بنطو من الفرنج إلى آخر الجزء. و في الجزء الثاني من الناحية الغربية منه أرض غشكونية و في شمالها أرض بنطو و برغشت و قد ذكرناهما و في شرق بلاد غشكونية في شمالها قطعة أرض من البحر الرومي دخلت في هذا الجزء كالضرس مائلة إلى الشرق قليلاً و صارت بلاد غشكونية في غربها داخلة في جون من البحر و على رأس هذه القطعة شمالاً بلاد جنوة و على سمتها في الشمال جبل نيت جون و في شماله و على سمعه أرض برغونة و في الشرق عن طرف جنوة الخارج من البحر الرومي طرف آخر خارج منه يبقى بينهما جون داخل من البر في البحر في غزبيه نيش و في شرقيه مدينة رومة العظمى كرسي ملك الإفرنجة و مسكن البابا بطركهم الأعظم و فيها من المباني الضخمة و الهياكل الهائلة و الكنائس العادية ما هو معروف الأخبار و من عجائبها النهر الجاري في وسطها من المشرق إلى المغرب مفروش قاعه ببلاط النحاس و فيها كنيسة بطرس و بولس من الحواريين و هما مدفونان بها و في الشمال عن بلاد رومة بلاد أقرنصيصة إلى آخر الجزء، و على هذا الطرف من البحر الذي في جنوبه رومة بلاد نابل في الجانب الشرقي منه متصلة ببلد قلورية من بلاد الفرنج و في شمالها طرف من خليج البنادقة دخل في هذا الجزء من الجزء الثالث مغرباً و محاذياً للشمال من هذا الجزء و انتهى إلى نحو الثلث منه و عليه كثير من بلاد البنادقة دخل في هذا الجزء من جنوبه فيما بينه و بين البحر المحيط و من شماله بلاد إنكلاية في الإقليم السادس. و في الجزء الثالث من هذا الإقليم في غربيه بلاد قلورية بين خليج البنادقة و البحر الرومي يحيط بها من شرقيه يصل من برها في الإقليم الرابع في البحر الرومي في جون بين طرفين خرجا من البحر على سمت الشمال إلى هذا الجزء في شرقي بلاد قلورية بلاد أنكيردة في جون بين خليج البنادقة و البحر الرومي و يدخل طرف من هذا الجزء في الجون في الإقليم الرابع و في البحر الرومي و يحيط به من شرقيه خليج البنادقة من البحر الرومي ذاهباً إلى سمت الشمال ثم ينعطف إلى الغرب محاذياً لآخر الجزء الشمالي و يخرج على سمته من الإقليم الرابع جبل عظيم يوازيه و يذهب معه إلى الشمال ثم يغرب معه في الإقليم السادس إلى أن ينتهي قبالة خليج في شماليه في بلاد إنكلاية من أمم اللمانيين كما نذكر و على هذا الخليج و بينه و بين هذا الجبل ماداما ذاهبين إلى الشمال بلاد البنادقة فإذا ذهبا إلى المغرب فبينهما بلاد حروايا ثم بلاد الألمانيين عند طرف الخليج. و في الجزء الرابع من هذا الإقليم قطعة من البحر الرومي خرجت إليه من الإقليم الرابع مضرسةً كلها بقطع من البحر و يخرج منها إلى الشمال و بين كل ضرسين منها طرف من البحر في الجون بينهما و في آخر الجزء شرقاً قطع من البحر و يخرج منها إلى الشمال خليج القسطنطينية يخرج من هذا الطرف الجنوبي و يذهب على سمت الشمال إلى أن يدخل في الإقليم السادس و ينعطف من هنالك عن قرب مشرقاً إلى بحر نيطش في الجزء الخامس و بعض الرابع قبلة و السادس بعدة من الإقليم السادس كما نذكر و بلد القسطنطينية في شرقي هذا الخليج عند آخر الجزء من الشمال و هي المدينة العظيمة التي كانت كرسي القياصرة و بها من آثار البناء و الضخامة ما كثرت عنه الأحاديث و القطعة التي، ما بين البحر الرومي و خليج القسطنطينية من هذا الجزء و فيها بلاد مقدونية التي كانت لليونانيين و منها ابتداء ملكهم و في شرقي هذا الخليج إلى آخر الجزء قطعة من أرض باطوس و أظنها لهذا العهد مجالات للتركمان و بها ملك ابن عثمان و قاعدته بها بورصة و كانت من قبلهم للروم و غلبهم عليها لما الأمم إلى أن صارت للتركمان. و في الجزء الخاص من هذا الإقليم من غربيه و جنوبيه أرض باطوس و في الشمال عنها إلى آخر الجزء بلاد عمورية و في شرقي عمورية نهر قباقب الذي يمد الغرات و يخرج من جبل هنالك و يذهب في الجنوب حتى يخالط الفرات قبل وصوله من هذا الجزء إلى ممره في الإقليم الرابع و هنالك في غربيه آخر الجزء في مبدأ سيحال ثم نهر جيحان غربيه الذاهبين على سمته و قد مر ذكرهما و في شرقه هنالك مبدأ نهر دجلة الذاهب على سمته و في موازاته حتى يخالطه عند بغداد و في الزاوية التي بين الجنوب و الشرق من هذا الجزء وراء الجبل الذي يبدأ منه نهر دجلة بلد ميافارقين و نهر قباقب الذي ذكرناه يقسم هذا الجزء بقطعتين إحداهما غربية جنوبية و فيها أرض باطوس كما قلناه و أسافلها إلى آخر الجزء شمالاً و وراء الجبل الذي يبدأ منه نهر قباقب أرض عمورية كما قلناه و القطعة الثانية شرقية شمالية على الثلث في الجنوب منها مبدأ دجلة و الفرات و في الشمال بلاد البيلقان متصلة بأرضي عمورية من وراء جبل قباقب و هي عريبة و في آخرها عند مبدإ الفرات بلد خرشنة و في الزاوية الشرقية الشمالية قطعة من بحر نيطش الذي يمده خليج القسطنطينية.
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59