تتعرض عين زبيدة التي تعد أضخم وقف في تاريخ الإسلام إلى الإهمال من قبل الجهات المختصة. «الاقتصادية»
خالد الرحيلي من مكة المكرمة
تتمتع السعودية بمواقع أثرية لها تاريخ طويل، وتحمل معها قصصا وعبرا، ومن أشهرها آثار عين زبيدة التاريخي، إحدى روائع أوقاف المسلمين، وتعدّ أول مشروع مائي في التاريخ، عندما أمرت بإجرائها أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية، زوجة هارون الرشيد وغلب عليها لقبها زبيدة، وذلك حين شعرت زبيدة أثناء حجها بمدى المشقة التي يعانيها الحجّاج والمعتمرون نتيجة شحّ المياه.
وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي يكتنف عين زبيدة التاريخية في مكة المكرمة، إلا أنها تعرضت للإهمال حيث بدأت تتهالك بعض مواقعها خصوصا المواقع التي تمر بالمشاعر المقدسة جراء أعمال التطوير والتحديث التي تجرى حاليا لإعمار المشاعر المقدسة وتدشين المشاريع الخدمية الأخرى لخدمة ضيوف الرحمن. وتعرضت بعض مجاري مياه عين زبيده للهدم والتلف خصوصا في منطقة مشروع تهذيب جبل مشعر منى مع منطقة العزيزية، حيث طالت أعمال التهذيب أجزاء من مجاري العين وسببت لها التلف ولحقت بها أضرار كبيرة.
يقول الدكتور عادل غباشي **** جامعة أم القرى أستاذ الآثار الإسلامية، إنه بحسب الوثائق والخرائط التي تعود لأكثر من 200 عام فإن قناة عين زبيدة تمتد في المنطقة المركزية حول المسجد الحرام، مرورا بوادي إبراهيم الخليل، وتصل في نهايتها إلى موضع يسمى بركة ما جل أو ما جن.
وأشار الدكتور غباشي إلى أن عين زبيدة أثر من الآثار الإسلامية المهمة وربما يكون الأول من حيث الأهمية نظراً لعمره الزمني الذي تجاوز 1200 عام، وأثره في إرواء سكان مكة وحجاج بيت الله الحرام بالماء الذي هو أساس الحياة، كما أن الأثر الإسلامي يعود بناؤه إلى عام 184هـ.
''الاقتصادية'' تجولت في منطقة المشاعر المقدسة، ورصدت تعرض بعض المواقع المخصصة لمشروع عين زبيدة للإهمال وعدم الاهتمام بها فترات زمنية طويلة. يبدو ذلك واضحا على هيئتها ومظهرها الخارجي في حين تعرضت بعض المواقع الأخرى للتلف والهدم جراء أعمال مشاريع تطويرية تشهدها المشاعر المقدسة منذ سنوات، كما أن بعض المواقع التي أشارت فيها الكتابات عليها بأنها أوقاف لمصلحة عين زبيدة، هي الأخرى لم تسلم على الرغم من إرثها التاريخي.
من جانبه، قال مدير أوقاف عين زبيدة توفيق جوهرجي، إن هناك لجنة مكونة من إمارة منطقة مكة المكرمة تضم وزارة العدل، وزارة المالية، وزارة الشؤون البلدية، ووزارة الكهرباء والمياه، واجتمعت اللجنة لدراسة التعديات التي طالت أجزاء من عين زبيدة في منطقة وادي نعمان، وتواصلت اللجنة مع المشرف على أحياء عين زبيدة الدكتور عمر أبو رزيزة من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه، سواء بترميمها أو إعادة بنائها للأجزاء التي هدمت، كما أننا سنرفع بكل المواقع المتضررة لوزارة الكهرباء والمياه كي تعمل معنا على رصدها وترميمها كون الوضع لا يحتمل التأخير في ظل أعمال ومشاريع كثيرة. لابد أن تكون هناك لجنة تقف لمتابعة المشاريع، وتطلع على الخرائط، وتحفظ مجاري العين ومواقعها وأوقافها في إرث تاريخي مهم بقي صامدا سنوات.
