عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-11-2015, 06:50 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة الشخصية اليهودية الإسرائيلية وأثرها في صياغة الحرب النفسية

الشخصية اليهودية الإسرائيلية وأثرها في صياغة الحرب النفسية*
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


22 / 7 / 1436 هــ
11 / 5 / 2015 م
ــــــــــــ



الشخصية اليهودية الإسرائيلية وأثرها في صياغة الحرب النفسية

الكاتب : د . محمود فتوح محمد سعادات

أستاذ علم النفس المشارك

ـــــــــــــــــــــــ

إن قضية هذا الكتاب قضية هامة وضرورية في حياة صناع القرار من المسلمين بل تفيد عموم المسلمين كذلك، حيث يتناول مكنونات الشخصية اليهودية الإسرائيلية.

للوقوف على أبعاد الفكر اليهودي الإسرائيلي, حيث أن الصراع بين اليهود والمسلمين لم يكن جديدا ولا يزال مستمرا, وبالتالي فدراسة هذه الشخصية بأبعادها المختلفة يمكن المسلم من فهم الأسباب التي تجعل أفراد الكيان اليهودي الإسرائيلي أو مؤسساته يتصرفون بالكيفية التي يتصرفون بها.

واهتم الكاتب بدراسة طبيعة الصراع الذي يدور بيننا وبينهم في شتى مجالات الحياة، عن طريق ما سماه ب "الهجرة إلى عقولهم" ليعلم كيف يفكِّرون وكيف ينظرون إلى الآخرين، عن طريق دراسة الشخصية اليهودية الإسرائيلية التي شكَّلت العقلية اليهودية الإسرائيلية على مرِّ السنين.

إن دراسة هذه الشخصية تعكس الكثير من معالم الحرب النفسية اليهودية الإسرائيلية، وما كان هذا الكتاب إلا محاولة لإبراز الدور الذي لعبته الشخصية, ومن هنا جاءت أهمية الكتاب وأمثاله للدارس العربي ولصانع القرار أيضا, وربما تكمن أهميته أيضا من تخصص الكاتب في علم النفس فهو بلا شك سيضفي على الكتاب من تخصصه الكثير.

وجعل الكاتب كتابه هذا في ثمانية فصول، فصل منها كمقدمة لموضوعه وتمهيد له، وجاء فصلها الأخير كخاتمة وتوصيات على نسق الدراسات الأكاديمية لان الكتاب في الأصل دراسة بحثية قام بها الكاتب.

وفي الفصل الأول جعله الكاتب مدخلا إلى الدراسة وهو المدخل المألوف، حيث ذكر أسباب اختياره لموضوعه ومشكلاه وأسئلته ومنهجه وغير ذلك، وأخيرا شرح مصطلحات دراسته وما تعنيه لديه هذه المصطلحات.

وبدأ مباشرة في الفصل الثاني في الدخول إلى موضوعه مباشرة، فبدأ بدراسة مجتمع الكيان اليهودي الإسرائيلي، ليعطي للقارئ البيئة التي نشأت فيها الشخصية محل الدراسة، ليظهر اثر البيئة وما تثيره من عوامل تساهم في صياغة الشخصية وتكوينها وصبغها.

فوصف مجتمع الكيان اليهودي الإسرائيلي [1] عن طريق تحديد موقعه في فلسطين وما سبقه من اقتراح حول تكوين مجتمعهم في أوغندا ثم استقرار قرارهم على فلسطين، ثم تحدث عن حالة التجنيد العامة في هذا الكيان، وعن كونها إجبارية إلزامية على كل ذكر أو أنثى فوق سن الثامنة عشرة ولا يستثنى منها إلا العرب المسلمون المقيمون داخل فلسطين والمسيحيون، ولا يستثنى من المسلمين –حسب ما يعتقدون- إلا الدروز فقط فيسمح لهم بالانضمام للجيش الصهيوني، ويظل هؤلاء على قوة الاحتياط حتى سن الأربعين.

ثم تحدث عن الحالة الاقتصادية، وذكر أن دخل الفرد فيها من أعلى الدخول في المنطقة، ثم ذكر تقسيم السكان إلى يهود وعرب وتحدث عن توزيعاتهم في المدن وأغلب الأعمال التي يمارسونها ونسبة الديانات وغير ذلك من الإحصاءات الحديثة التي تخص سنة 2012، ثم تحدث عن عدة تقسيمات أخرى إحصائية مثل التقسيم الاثني والتقسيم الديني والتقسيم الأيدلوجي وذكر الأحزاب القائمة وتكتلاتها وأفكارها وأهدافها, ثم تحدث عن ثقافة هذا المجتمع والتعليم فيه وعن السلاح النووي والمفاعلات المعروفة وأماكنها وتواريخ إنشائها، ثم تحدث عن التوجهات هذا المجتمع ووضعها في جدول واضح.

ثم تناول الكاتب مصادر الفكر اليهودي الإسرائيلي, فذكر أنهم يستقون فكرهم من عدة مصادر منها:

- الكتاب "المقدس" العهد القديم.

- التلمود الفلسطيني والبابلي.

ثم تناول الكاتب الطوائف الدينية اليهودية داخل هذا المجتمع وضم بعضهم إلى بعض لكي يخرج بهذا التقسيم, فقسمهم إلى:

- الفرق الدينية اليهودية في العصر القديم كالفريسيين والمتعصبون والصدوقيين والسامريين وعبدة الإله الواحد "الهبسستريون" والعيسوية والقرائين والكتبة والمعالجين "ثيرابيوتاي".

- الفرق اليهودية في العصر الحديث، كاليهودية الليبرالية أو التقدمية واتباع فكر موسى مندلسون.

- اليهودية المحافظة.

- اليهودية الأرثوذكسية.

وبعد الفصل الثاني الممتع والغني الوفير في معلومات حول الأرضية التي نشأت عليها الشخصية، جاء الفصل الثالث الذي جعله الكاتب للحديث عن الشخصية اليهودية الإسرائيلية فتحدث عن سماتها بصفة عامة, ثم في مبحث خاص عن سماتها في ضوء القرآن الكريم والسنة المطهرة وهو مبحث ممتع ينبغي لكل دارس الرجوع إليه ولا يصلح اختصاره.

ثم تحدث عن سماتها في ضوء الأدب من خلال عدة كتابات لروائيين عالميين عنهم والتي ظهر منها سمات مشتركة لليهودي منها: الشره الشديد لجمع المال, القسوة المفرطة, الحقد والكراهية تجاه الغير, الخضوع والذلة أمام غلبة القوة للوصول للهدف.

أما عن كتاباتهم الأدبية أنفسهم عن الشخصية اليهودية, فرجع الكاتب إلى عدة أعمال روائية لهم واستخلص منها بعض من سماتهم بتشخيصهم هم لأنفسهم, فكان منها: الإحساس بالاضطهاد, الاستغلال وإضفاء طابع القداسة عليه, الطهرانية ويعني بها ادعاء الطهارة, العنصرية, تجاوز الأخلاق, الرغبة في تحقيق النبوءات.

ثم تحدث عن الشخصية اليهودية الإسرائيلية في ضوء علماء النفس, فتحدث عن التحليل النفسي للشخصية وما أظهره من سمات مشتركة لهم مثل [2]:

- الانطوائية.

- البارانويا "جنون العظمة".

- التوحد بالمعتدي.

- الاضطرابات الطفلية.

- العدوانية.

- فقدان أو ضعف الحس الأخلاقي ضد الأغيار.

- الإغراق في النزعة المادية "النفعية".

- السلوك الإسقاطي.

وبعد أن انتهى الكاتب من دراسة الشخصية اليهودية انتقل للجزء الثاني من دراسته في الفصل الرابع وقد خصصه للحرب النفسية، فتحدث عن مسمياتها وأهدافها وأنواعها ووسائلها وأدواتها وخصائصها وأساليبها في مبحث أيضا غاية في الروعة، وأؤكد أن كل مبحث من مباحث الكتاب يصلح وحده ليكون دراسة مستقلة أو كتاب مستقل، ويبدو أن الكاتب قد اضطر لاختصار الكتاب أو الدراسة فلم يخرج كل ما عنده فيه.

وبهذا المنهج المتتابع الجميل تحدث الكاتب في الفصل الخامس عن الحرب النفسية اليهودية الإسرائيلية التي شنتها على العرب والمسلمين فتحدث عن مراحلها, فأولها كان قبل قيام الكيان الصهيوني، أما المرحلة الثانية كانت بعد قيام الكيان الإسرائيلي، والثالثة كانت بعد حرب رمضان 1393هـ أكتوبر 1973م .

وتحدث عن سماتها التي اتسمت بها ومنها: سمة الهجوم, التخصص, التركيز, المركزية, المصداقية النسبية, التوقيت.

وتحدث عن أساليبها مثل: استغلال المعارك السابقة رصد يستشهد به, الحرص على إظهار التفوق التكنولوجي, إخفاء الأخبار المدعمة للخصم وتضليله عنها, استخدام أسلوب تحويل الأنظار السريع للأخبار, التخويف باستخدام الأسلحة النووية, الترويج لأسطورة الجيش الذي لا يقهر, التركيز على هدف واحد في وقت واحد, أسلوب خلق مصادر مختلفة للأخبار, إشاعة عدم الثقة بالنفس وايقاع المستهدف في التخبط الفكري, الرد السريع وعدم الاستجابة للضغوط, الانفراد بالجبهات, التدمير وارتكاب المجازر.

ثم تحدث عن الأجهزة التي تنفذ الحرب النفسية وقسمها إلى: أجهزة المخابرا, أجهزة الإعلام في مكتب رئاسة الوزراء, أجهزة الإعلام في وزارة "الدفاع", أجهزة الإعلام في وزارة الخارجية, الإذاعة والتليفزيون, النشاطات الإعلامية لوزارة السياحة, الجامعات والمعاهد المختصة, معاهد الرأي والشئون العربية.

وفي الفصل السادس تحث الكاتب عن أثر سمات الشخصية اليهودية الإسرائيلية التي تحدث عنها آنفا في صياغة الحرب النفسية اليهودية الإسرائيلية وعن استعدادات الشخصية للعمل في الحرب النفسية، فالشخصية العدوانية المليئة بالأحقاد يسهل عليها القيام بأسلوب التدمير وارتكاب المجازر, والتوحد بالمعتدي جعلت منهم معتدين شديدي الشراسة والعنف والإرهاب تجاه العرب والمسلمين وكذلك افتقاد أو ضعف الحس الأخلاقي ضد الأغيار، جعلت منهم لا يهتمون بالعرب فنشروا كل فاحشة وفقدوا كل إحساس بالإنسانية في تعاملهم مع العرب المسلمين فليس لهم في نظرهم أية حقوق, وسمة الكذب والتدليس ساهمت في بث الشائعات, وهكذا اسقط الكاتب كل سمة من سماتهم على أساليب الحرب النفسية التي كانت سماتهم عاملا مهما في نجاح هذه الحرب.

وكان لابد من استفادة تقدم للقارئ العربي والمسلم من هذه الدراسة وإلا كانت تعتبر –رغم عدم القصد- جزء من الحرب النفسية، فقدم الكاتب في الفصل السابع طرق التصدي للحرب النفسية اليهودية الإسرائيلية, فقدمها الكاتب في نقاط غاية في الأهمية ومنها:

- الإيمان بالله وقوة العقيدة، وذكر فيه مواقف القران الكريم وسيرة النبي الكريم في محاربة الحرب النفسية، وخاصة التي شنتها قريش.

- تطوير التعليم وتفعيل دوره.

- مواجهة الإعلام اليهودي الإسرائيلي بنفس أساليبه ووسائله.

- كتمان الأسرار وعدم المشاركة في ترويج إشاعاتهم.

- كشف نيات العدو وأهدافه.

- التصدي للقوى المستترة التي تروج الإشاعات.

- التلويح بالقوة.

- حسن اختيار توقيت المواجهة.

- إيهام وتضليل الخصم.

- الاستخبارات العسكرية.

- الاهتمام بالتدريب العسكري وأساليب الدفاع المدني.

- تنمية العلاقات الودية والصريحة بين القادة والمقاتلين.

- العمل على تماسك الجبهة الداخلية ووحدة الصف.

- استخدام الإعلام الموجه.

- التعاون الاستراتيجي العربي في مجال الإعلام.

- التعبئة المعنوية والإعداد المعنوي للجيش.

ثم جاء الفصل الخير وهو الفصل الثامن وذكر فيه الكاتب عددا من النتائج والتوصيات التي اشتملها هذا البحث بصيغة مختصرة، ليحسن الرجوع إليها لمن لا يجد وقتا لقراءة الدراسة.

ورغم ذلك انصح كل مهتم بان يقرا هذه الدراسة النافعة التي جاءت في 153 صفحة فقط، رغم أنها غزيرة الفوائد وتفتح آفاقا كثيرة من الدراسات والكتابات الأخرى, فجزا الله كاتبها الخير واجزل له المثوبة.

ـــــــــــــــــ

[1] ونلمح من الكاتب تكرار وصف " اليهودي الإسرائيلي " فبينهما تباين وتلاق فهو يدرس شخصية اليهودي الذي اغتصب الأرض في فلسطين فقط ولم يتطرق في دراسته إلى دراسة الشخصية اليهودية بصفة عاملة لا على النطاق الجغرافي ولا على النطاق التاريخي الزمني , فلينتبه القارئ لذلك

[2] وهذا هو ميدان تخصص الكاتب والباحث فراسته جادة وعلمية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــ
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59