عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-29-2012, 09:03 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

وقيل : ( المراد بالمصدر اسم المعنى المنسوب إلى الفاعل أو النائب عنه كالامن والضرب والنخوة، فإنها أسماء المعاني المنسوبة في قولك : أمن زيد وضرب عمرو ونخيت علينا … فإن الفعل وضع للدلالة على الحدث والزمان فقط فما سوى الزمان المعبر عنه بالحدث هو اسم المعنى المنسوب إلى الفاعل أو النائب عنه فاسمه هو المصدر )(3). فدلالة المصدر على الزمن والنسبة إلى فاعل ومفعول تدل على انه من المشتقات وذلك اذا اضيف، لأن ( الاضافة في الاسم كالاسناد في الفعل فكل حكم يجب في إضافة المصدر من حقيقة أو مجاز فهو واجب في إسناد الفعل )(4). وثبوت النسبة للمصدر يجعل تعريف الفعل شاملا للمشتقات كلها، لان صيغ المشتقات تدل على النسبة، واسماء المصادر قد تجري مجرى الافعال اذا قصد بها صيغها فنسبت الى الفعل والمفعول وقد تباينت اقوال ابن هشام فيه لاهتمامه بالعامل دون الاستعمال والنسبة في كتابه شرح شذور الذهب، فقال في الكلام ( الحدث الذي هو التكليم تقول : ( اعجبني كلامك زيداً ) أي تكليمك اياه، واذا استعمل بهذا المعنى عمل عمل الافعال، كما في هذا المثال، كقوله : كلامك هندا وهي مصيغة أي تكليمك هندا فـ ( كلامك ) مبتدأ ومضاف اليه و ( هندا ) مفعول. وقال في المصدر : ( واحترزت بقولي ( الجاري على الفعل ) من اسم المصدر فإنه وإن كان اسماً دالاً على الحدث لكنه لا يجري على الفعل وذلك نحو قولك : ( أعطيت عطاء ) فإن الذي يجري على أعطيت إنما هو إعطاء، لأنه مستوف لحروفه، وكذا ( اغتسلت غسلاً ) بخلاف ( اغتسل اغتسالاً ) وقال في اسم المصدر ( ما اختلف في اعماله، وهو ما كان اسماً لغير الحدث فاستعمل له : ( الكلام ) فإنه في الاصل اسم للملفوظ به من الكلمات، ثم نقل إلى معنى الاثابة، وهذا النوع ذهب الكوفيون والبغداديون إلى جواز اعماله تمسكاً بما ورد من نحو قوله :

أكمرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتـاعـا

وقوله : لأن ثواب الله كل موحـد جنان من الفردوس فيها يخلد

ومنع ذلك البصريون، فأضمروا لهذه المنصوبات افعالاً تعمل فيها )1، فقد ذكر أول الامر ان اسم المصدرر يجري مجرى الفعل، ثم قال : إنه لا يجري مجرى الفعل، ولكنه يدل على الحدث فاستعمل له و ذلك لافتقاره إلى منهج يوحد مفرداته فمرة يكون مع البصريين واخرى مع الكوفيين، ولو تنبه إلى الاستعمال ودلالته فيه لوقف موقفاً آخر. إن دلالة الصيغة على النسبة في المشتقات الاسمية منها، والفعلية هي دلالة واحدة ربط الحدث بالذات الا أنها حين توصف بالنسبة التامة مرة وبالنسبة الناقصة مرة اخرى، فذلك من جهة ملاحظة قصد المتكلم في إفهام المخاطب، فإن كان المخاطب في نظره جاهلاً بالنسبة كان قصد المتكلم إفادتها والاخبار عنها ( بالاصالة ) فيقول : ( ضرب زيد ) وان كان المخاطب في نظره عالماً بالنسبة ، فإنه في هذه الحالة يجعل نسبة الضرب إلى زيد توطئة و ( تبعاً ) لإفادة نسبة اخرى هي موضع غرضه من الكلام مثل ان يقول : ( ضرب زيد تأديب، أو ظلم )2، ونسبة المصدر واسمه إلى معموله سبب عمله بدليل المفعول المطلق اذ المراد به نفس الحدث المعرى عن النسبة بالغاء وضع الهيئة، ولذا لا يعمل عمل فعله بالاتفاق، لخلوه من النسبة الموجبة لشبه الفعل، فالمصدر هو الاسم المشتمل على مادة تدل على الحدث وهيئة كاشفة عن انتساب الحدث إلى ذات نسبة تقييدية ناقصة. . وان اسم المصدر هو نفس المادة الدالة على الحدث من دون اعتبار النسبة ولا عدمها.

أما المشتقات فلها صيغ ذات معان نسبية مختلفة، إلا انها غير مستقلة بذاتها، ولها مواد دالة على ( حدث ) مستقل بنفسه أو قابل للاسناد والنسبة عند عروض الصيغة عليه، وهذا الحدث لا بد له من محدث أي ( ذات ) ينتسب إليها. وهذه الصيغ هي التي تحدد العلاقات بين الحددث والذات وتكون المادة والصيغة دالتين على معنى واحد هو الحدث المنتسب، كما في المصدر، أو تكون المادة والصيغة دالتين على الذات بدون نسبة أو تكونا دالتين على معنى مركب من ذات متصفة بالحدث كاسم الفاعل والمفعول، وتعد دراسة البنية الصرفية في النظم اللغوي مرتكزا مهما وبابا ثابتا ملحظاً إضافياً ثابتاً في مناهج التحليل النحوي الحديث وهذا بعض ما عرفه للعرب مؤرخو علم اللغة، إذ يعدونهم من أول من عني بالعلاقة بين صيغة الكلمة على مستوى الصرف ووظيفتها في التركيب على مستوى النحو، وذلك لأن الصيغة تدل على النسبة الرابطة لاجزاء الجملة، فهناك علاقة وثيقة بين المستويين الصرفي والنحوي واللغة العربية محظوظة جداً بوجود هذه الصيغ الصرفية، لأن هذه الصيغ تصلح لأن تستخدم أداة من ادوات الكشف عن الحدود بين الكلمات في السياق ويشكو معظم لغات العالم من عدم وجود مثل هذا الاساس الذي يمكن به ان تحدد الكلمات فاما اتخاذ الصيغة الصرفية اداة من ادوات خلق الحدود بين الكلمات في السياق فمزية اللغة العربية من كبريات مزاياها التي تفاخر بها، وتساعد الصيغة في الاعم الاغلب على تحديد الباب ايضاً.

والفصل بالصيغة بين الحدود لا يتم فعلاً الا اذا نسبت وفق اساليب العربية، إذ تتخذ الصيغ داخل التراكيب صوراً متعددة، فقد تنسب إلى الفاعل بالاضافة أو إلى المفعول، وقد تجرد للنسبة بالاسناد، وقد تسلب منها النسبة، فلا تصلح عندئذ للفصل اذا نقلت إلى العلمية أو لم يرد بها النسبة. ان عروض الصيغ المختلفة على المادة الواحدة يزيدها ثراء لغوياً ويضفي عليها المعاني المختلفة، اذا نسبت مما يجعل الكلم اكثر تماسكاً وإبانة عن الدلالات المختلفة.

والصيغ هيآت يتخذها الحدث لأداء المراد منه، فصيغ الافعال تدل على صدور الحدث من معلوم أو مجهول، فهي منبئة عن حركة الفاعلين والمفعولين بنسبةالحدث إلى من قام به أو اتصف به أو وقع عليه دون تكرار أو مدأومة، فاذا تكرر وعرف به صاحبه، صار صفة له، وذلك في صيغ المشتقات وتصبح قيوداً للذوات، ولكنها لا تشكل مع ما نسبت اليه كلاماً تاماً، واذا بولغ بها اصبحت قيوداً للاحداث بالذوات، وذلك في المصادر ومدلول هذه الصيغ هو ( نسبة ) الحدث إلى فاعله أو مفعوله.

إن الاحداث اذا صدرت عن فاعل أو وقعت على مفعول أو اتخذت حرفة أو آلة، لا بد لها من هيئة ( صيغة ) تكشف عن معناها، فالصيغة هي الالة الرابطة والكاشفة للمحدث أو المتصف به فاذا نظرنا إلى المعنى بوصفه علاقة بين الصيغة والفكرة حق لنا أن نقول : إن تغير الدلالة من عصر إلى عصر ليس الا ربط الفكرة بصيغة جديدة أو ربط الصيغة بفكرة جديدة.

إن تغير دلالة الصيغة يكشف عنه بالنسبة اذا تضمنت حدثاً إلى محدث، وذلك في الصفات، وقد لايراد بها النسبة أما صيغ الأفعال، فهي ملازمة للنسبة، لذلك قيل : ( كل لفظة تتركب من بنية ومن حدث، وبتفاعلهما الداخلي يتكون نسيج الكلام )(1)، أي من خلال علاقة الصيغة بالمادة تتولد النسب الرابطة للكلام، ولا شك أنه لو لم يختلف المعنى لم تختلف الصيغة، وتغير الصيغ يؤدي إلى تغير المعنى، وهذا يعني قيمة الصيغة في ايجاد النسبة تبعاً لما تحدثه الصيغ من اختلاف في المعاني، وإن كانت المادة المشتق منها واحدة، لذلك قيل : ( فاما في لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما ظن كثير من النحويين واللغويين )(2).

فالأوزان المختلفة لها معان مختلفة، واختلاف المعاني يقتضي تغير النسبة من أصلية إلى فرعية وبالعكس، فالمبالغة في الفعل تحوله إلى جامد أو صفة أو مصدر، والنسبة في ذلك ليست واحدة، وذلك ( أنك في المبالغة لا بد أن تترك موضعاً إلى موضع، اما لفظاً إلى لفظ، واما جنساً إلى جنس … ولذلك أيضاً اذا اريد بالفعل المبالغة في معناه، أخرج عن معتاد حاله من التصرف فمنعه، وكذلك نعم وبئس وفعل التعجب )(3).

و( وربما بولغ في الفعل فجاء تارة بالصيغة الاسمية كالمجاهدين والمؤمنين، لأنه للشأن والصفة )(1)، فالمبالغة في الفعل تعني تكرار الحدث من الذات وزيادته حتى يصبح قيداً أو صفة لها، فإذا بولغ في الصفة صارت حدثاً يمكن تقييده بالذات اذا نسب اليها بالاضافة مثل فإنما هي إقبال وإدبار تقول إقبالها وإدبارها يشق عليّ ولا يصح ان نقول أخوك وأبوك يزورني، وهذا يعني ان الفعل حدث مقترن بنسبة لا بزمن، لأنه لم يبالغ بالزمن وانما جاء الزمن من السياق والقرينة، فقد تسلب منه دلالته الزمنية، فيدل على ما يحدث دون قيد بزمن معين، نحو قوله تعالى (( وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وان منها لمايشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله – البقرة 74 ))، وقوله (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء – البقرة 228 ))، وقوله (( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين - البقرة 233 ))، ويبالغ في الفعل فيأتي وصفاً دالاً على المستقبل، نحو قوله تعالى (( لعلك باخع نفسك الا يكونوا مؤمنين – الشعراء 3 ))، أو تصحبه قرينة تعين زمنه، نحو قوله تعالى (( ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه – آل عمران 9 ))، أو يضاف إلى معموله فيدل على المعنى واضافته محضة، نحو قوله تعالى (( الحمد لله فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلاً – فاطر 1 ))، وقوله (( إن الله بالغ امره – الطلاق 3 )) ويبالغ في الوصف، فياتي مصدراً مخبراً به، نحو قوله تعالى (( إنه عمل غير صالح – هود 46 )) أو يكون وصفاً أو حالاً، نحو قوله تعالى (( وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم انفسكم امراً فصبر جميل – يوسف 18 ))، وقوله (( فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً – طه 77 )) وقوله (( ثم ادعهن يأتينك سعياً – البقرة 260 )).

أي ساعيات، فجاء المصدر بمعنى الفاعل لغرض المبالغة في الوصف، وذلك بتحويل اسم العين او الذات الى اسم معنى، نحو قوله تعالى (( ثم إرسلنا رسلنا تترا-المؤمنون44 )) مصدر وزنه فعلى ومعناه متواترين واحدا بعد واحد ، وقوله (( يوم يقوم الروح واملائكة صفا –النبأ 38 ))، أي مصطفين، وقوله (( وكانوا قوما بورا- الفرقا18 )) أي بائرين وبمعنى اسم المفعول، نحو قوله تعالى (( ويتخذها هزوا –لقمان6 )) أي مهزوءا بها ، وقوله (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقاتا –النساء 103 )) يعنى مكتوبا ، أي مفروضا ، وقوله (( تبغونها عوجا – آل عمران99 )) بمعنى معوجة، أي مائلة عن الحق . وتأتي ( فعيل) للدلالة على ثبوت اوصف الذي بمعنى فاعل، نحو قوله تعالى ((فبصرك اليوم حديد- ق )) وبمعنى مفاعل ، نحو قوله تعالى (( القيا في جهنم كل كفار عنيد- ق 4 ))، وقوله (( ولاتكن للخائنين خصيما – النساء 105 )) وبمعنى مفعول، نحو قوله تعالى (( كل نفس بما كسبت رهينة – المدثر38 )) ،كما تأتي (فعول) بمعنى فاعل ،نحو قوله تعالى (( وانزلنا من السماء ماءً طهورا –الفرقان48 )) وهي مبالغةفي طاهر وبمعنى مفعول ،نحو قوله تعالى (( هو الذي جعل لكم الارض ذلولا- الملك 15 )) ، أي مذلولة، فهي كركوب حلوب وتأتي فعّال للنسب الدال على الثبوت، نحو قوله تعالى (( وما انا بظلام للعبيد- ق 9 )) بمعنى ذي ظلم لقوله (( لاظلم اليوم – غافر 17 )).

المبحـث الثالـث

الحروف

وهي أدوات لإيجاد المعاني في غيرها تربط اجزاء الجملة بعضها ببعض، وقد نسبت العرب بالحروف فاستخدمت ( الياء ) في النسب، كما استخدمت الصيغة في النسب كذلك،

وإنما سمي حرفاً، لأن الحرف في اللغة : الطرف ، وهو في الطرف، أي في جانب مقابل الاسم والفعل حيث يقعان عمدة في الكلام ، وهو لا يقع عمدة، أي لا يقع منسوباً ولا منسوباً اليه، لأنه غير مستقل بذاته بخلاف الاسم والفعل، وهو ( كلمة دلت على معنى في غيرها )(1)، أو تعلق لفظاً بآخر وتربطه به، وهي حروف الجر والعطف والاستفهام والنداء والاستثناء.

والمعاني التي ذكرت للحروف مستقلة اما الحروف فمعانيها غير مستقلة، لذلك كانت ادوات رابطة تسهم في التأليف وتماسك السياق مع الضمائر المطابقة وتفيد التوضيح والتخصيص في التوابع.

ونسبة الحروف ليست اصلية كالاسمية والفعلية، لأنها لا تستقل مع مدخولاتها بكلام مفيد، الا في النداء وهو ايضاً لا يوقف عليه، لأن المدعو بحاجة إلى توضيح أو تخصيص وبيان لما دعي اليه، فناسب ان تاتي جملة الدعاء بهذا التركيب بدليل حاجتها الى جواب، فنسبته فرعية متممة للنسبة الاصلية، كما في حروف الجر والعطف والاستفهام والشرط، اما الجر ( فمختص بالاسماء، لأن كل مجرور مخبر عنه في المعنى، ولا يخبر الا عن الاسم، فلا يجر الا الاسم كزيد وعمرو في قولك : مررت بزيد ونظرت إلى عمرو )(2).

والاخبار نسبة، لأنه حديث يتضمن معنى غير مستقل بالاسناد، وصلة وإضافة، فالحروف تؤلف بين المعاني المتباينة، لتؤدي معنى واحدا، كما جيء بها اختصاراً وإيجازاً، لأنها جاءت نائبة عن الافعال التي هي بمعناها ( فالباء نابت عن الصق والكاف نابت عن اشبه، ذوكذلك سائر الحروف، وذلك من تمام المعنى لا يحسن حذف حروف الجر ونحوها لأن الغرض منها الاختصار، واختصار المختصر إجحاف )(1).

وهي تفضي أو توصل معاني الافعال إلى الاسماء والمراد بإيصال الفعل إلى الاسم تعديته إليه حتى يكون المجرور مفعولاً به لذلك الفعل، فيكون منصوب المحل، فلذا جاء العطف عليه بالنصب في قوله تعالى (( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم – المائدة 6 )) وسُميت حروف الاضافة لهذا المعنى، أي تضيف الأفعال إلى الاسماء أي توصلها اليها قال بعضهم – من هنا – سميت حروف جر، لأنها تجر معناها اليها( 2).

والفرق بين الجر والاضافة ان النسبة في الأول تكون بواسطة حرف ملفوظ والثاني مقدر، لأن ( المجرورات والمضاف اليه كل اسم نسب اليه شئ بواسطة حرف جر لفظاً أو تقديراً مراداً … ةاذا قلنا ما جاءني من احد وشبهه فهذا مجرور بواسطة حرف جر، ومع ذلك ليس بمضاف اليه، والجواب عنه من وجهين أحدهما أن تقول : الحروف الزوائد جيء بها كلها لمعنى فلا يتنافى كونها زائدة، والمعنى الذي جيء بها كونها لتأكيد تلك النسبة )(3)، فمن الحروف ما يجيء بنسبة كالابتداء والظرفية وغيرهما، ومنها ما تؤكد نسبة غيرها كالزوائد. والاضافة صلة ونسبة وقد تأتي بمعنى حرف غالباً، ( ولعل الفرق بين حرف الجر والاضافة ان حرف الجر معد للفعل كالهمزة والتضعيف، فكأنه من تمام الفعل وبعض حروفه فاذا قلت : ذهبت راكبة بهند فكانك قلت : أذهبت راكبة هند، إن المضاف من حيث المعنى هو المضاف اليه، لغرض بيان أن المضاف من أي جنس هو فعرف المقصود بالنسبة تعريفاً من حيث ذاته لا تعريفاً مستعاراً من غيره ثم اضيف بعد التعريف لغرض تبيين ان هذا المعروف من أي نوع هو )(4).

فالاضافة تركيب خاص بنسبة مقيدة للتعريف الذاتي، لأن المضاف والمضاف اليه كالكلمة الواحدة أما الجر فبيان للحدث بعد إسناده إلىمحدث معين أو غير معين كالابتداء والأنتهاء والظرفية وغيرها، والمضاف اليه مجرور المحل بخلاف المجرور بالحرف ، فانه منصوب المحل ، لأن المضاف اليه منسوب اليه بالاسم والمجرور متعدى اليه بفعل، والمنصوب غير المجرور، لأن التعريف والتخصيص علاقة بين اسمين والتعدية بين فعل واسم بواسطة، لأداء معنى الوصول بينهما، فتقيد، أي الاضافة المعنوية تعريفاً أي تعريف المضاف مع المضاف اليه المعرفة ، لأن الهيئة التركيبية في الاضافة المعنوية موضوعة للدلالة على معلومية المضاف، لأن نسبة أمر إلى معين يستلزم معلومية المنسوب ومعهوديته ، فان ذلك غير لازم ، كما لا يخفى، أي التعريف الذاتي والتعريف المستعار من شيء آخر، وهو التوضيح والتخصيص في الاضافة، والتعدية المبينة للحدث، ومن أجل هذا اختلف محل المضاف اليه عن محل المجرور لاختلاف المراد من كل منهما، بدليل امتزاج المضاف بالمضاف اليه، لأنه ذاتي، فكانا بين اسمين، لأن الاسم يعني الذات الشخصية أو المعنوية.

لذلك قالوا : ( المضاف مع المضاف اليه ككلمة واحدة، لأنهما معاً عبارة عن عدد واحد كعشرة ومائة والف ، فكان المضاف مع المضاف اليه ككلمة مؤنثة بالتاء )( 11) .لأن النسبة ربطت بينهما فجعلتهما كلمة واحدة لأدائها معنى واحداً ( فلما أرادوا أن يمزجوا الكلمتين مزجاً تكتسب به الأولى من الثانية التعريف أو التخصيص حذفوا من الأولى تمام الكلمة، وقد يحذف من المضاف هاء التأنيث اذا أمن البس كقوله تعالى (( وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ))( 22)، لذلك ارى ان العامل في المضاف اليه معنوي لا لفظي، وهو الاضافة، لأنها المعنى الرابط، وهو النسبة بينهما، كالاسناد في الجملة الاسمية والفعلية لأنها الركن الثالث لهما، لأن تقدير الحرف يخل بالتركيب ويغير المعنى، كما أن الاضافة تغني عنه وتقوم مقامه، وتقدير الحرف يجعل المضاف اليه منصوب المحل، لأن حرف الجر ينوب مناب الفعل، والذي يؤيد ذلك عطف المنصوب على المجرور، نحو قوله تعالى (( وامسحوا برءوسكم وأرجلكم – المائدة 6 )) وقوله (( يحلون فيها من أسأور من ذهب ولؤلؤا – الحج 23))، وقوله (( ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين – آل عمران 46 ))، وعطف المجرور على المنصوب، نحو قوله تعالى (( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين ايديهم وبأيمانهم – الحديد 12 ))، وقوله (( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل – الصافات 137 – 138 ))، وقوله (( الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض – آل عمران 191 ))، ومجيء إضافات لا يصلح معها تقدير حرف، نحو قوله تعالى (( فاليوم ننجيك ببدنك – يونس 92 )) فلا يصح تقدير ببدن لك، لأنه يعني امتلاكه لأكثر من بدن واحد، وهذا علأوة على تحويل المضاف المعرفة إلى نكرة، وإن أريد بالاضافة ( النسبة التي بين المضاف والمضاف اليه، فينبغي أن يكون العامل في الفاعل والمفعول ايضاً النسبة التي بينهما وبين الفعل، كما قال خلف العامل في الفاعل هو الاسناد لا الفعل )( 1). فالاضافة تركيب لغوي خاص يفيد التوضيح والتخصيص، ولا يشترط فيه معنى حرف جر والعامل هو معنى الاضافة.

واكتساب المضاف من المضاف اليه نتيجة النسبة، لأنها جمعت المتفرقين ووحدت بينهما وأضفت عليهما معنى واحداً، ومما يكتسبه المضاف من المضاف اليه التأنيث، لأنه (( قد يكتسب المضاف المذكر من المؤنث المضاف اليه التأنيث بشرط أن يكون المضاف صالحاً للحذف وإقامة المضاف اليه مقامه ويفهم منه ذلك المعنى نحو ( قطعت بعض اصابعه ) فصح تأنيث ( بعض ) لإضافته إلى أصابع وهو مؤنث، لصحة الاستغناء بأصابع عنه، فتقول ( قطعت اصابعه ))(2). بدليل حذف الهاء من (اقامة) في قوله (( واقامَ الصلاة – الانبياء 73)) تخفيفا، وهي عوض عن محذوف.

وصلاح الحذف وإقامة المضاف اليه مقام المضاف، لأنهما جزءا نسبة رابطة بينهما، فبدل الجزء على جزئه الآخر، للملازمة وأمن اللبس وهذا أيضاً مبرر لاكتساب المضاف المعاني المختلفة كالتوضيح والتخصيص والتذكير والتأنيث والإعراب والبناء وغيرها.


يتبع ..............
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59