عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-02-2012, 11:23 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

إلى أن ثناهم راكدين، لما احتسوا، ... خليعين من بطش وفضل عقول
نشاوى على الزهراء، صرعى كأنهم ... أساكين قصر، أو جذوع نخيل
فصاح عنتر: لله أنت! اذهب مجاز. وغاب عنا. ثم ملنا عنه.
شيطان قيس بن الخطيم
فقال لي زهير: إلى من تتوق نفسك بعد من الجاهليين؟ قلت: كفاني من رأيت؛ اصرف وجه قصدنا أبي تمام. فركضنا ذات اليمين حينا، ويشتد في إثرنا فارس كأنه الأسد، على فرس كأنها العقاب، وهو في عدوه ذلك ينشد:
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر، ... لها نفذ، لولا الشعاع، أضاءها
فاستربت منه، فقال لي زهير: لا عليك، هذا أبو الخطار صاحب قيس ابن الخطيم. فاستبى لبي من إنشاده البيت، وازددت خوفا لجرأته، وأننا لم نعرج عليه. فصرف إليه زهير وجه الأدم، وقال: حياك الله أبا الخطار! فقال: أهكذا يحاد عن أبي الخطار، ولا يخطر عليه؟ قال: علمناك صاحب قنص، وخفنا أن نشغلك. فقال لي: أنشدنا يا أشجعي، وأقسم أنك إن لم تجد ليكونن يوم شر. فأنشدته قولي من قصيدة: منازلهم تبكي إليك عفاءها ومنها:
خليلي عوجا، بارك الله فيكما، ... بدارتها الأولى نحي فناءها!
فلم أر أسرابا كأسرابها الدمى، ... ولا ذئب مثل قد رعى، ثم شاءها
ولا كضلال كان أهدى لصبوتي، ... ليالي يهديني الغرام خباءها
وما هاج هذا الشوق إلا حمائم، ... بكيت لها لما سمعت بكاءها
عجبت لنفسي كيف ملكها الهوى، ... وكيف استفز الغانيات إباءها؟
ولو أنني أنحت علي أكارم؛ ... ترضيت بالعرض الكريم جزاءها
ولكن جرذان الثغور رمينني، ... فأكرمت نفسي أن تريق دماءها
إليك أبا مروان ألقيت رابيا ... بحاجة نفس ما حربت خزاءها
هززتك في نصري ضحى فكأنني ... هززت، وقد جئت الجبال، حراءها
نقضت عرى عزم الزمان، وإن عتا، ... بعزمة نفس لا أريد بقاءها
فلما انتهيت تبسم وقال: لنعم ما تخلصت! اذهب فقد أجزتك.
صاحب أبي تمام
ثم انصرفنا، وركضنا حتى انتهينا إلى شجرة غيناء يتفجر من أصلها عين كمقلة حواء. فصاح زهير: يا عتاب بن حبناء، حل بك زهير وصاحبه، فبعمرو والقمر الكالع، وبالرقعة المفكوكة الطابع، إلا ما أريتنا وجهك! فانفلق ماء العين عن وجه فتى كفلقة القمر، ثم اشتق الهواء صاعدا إلينا من قعرها حتى استوى معنا فقال: حياك الله يا زهير، وحيا صاحبك! فقلت: وما الذي أسكنك قعر هذه العين يا عتاب؟ قال: حيائي من التحسن باسم الشعر وأنا لا أحسنه. فصحت: ويلي منه؛ كلام محدث ورب الكعبة! واستنشدني فلم أنشده إجلالا له، ثم أنشدته:
أبكيت، إذ طعن الفريق، فراقها ...
حتى انتهيت فيها إلى قولي:
إن امرؤ لعب الزمان بهمتي، ... وسقيت من كأس الخطوب دهاقها
وكبوت طرفا في العلى، فاستضكت ... حمر الأنام، فما تريم نهاقها
وإذا ارتمت نحوي المنى لأنالها، ... وقف الزمان لها هناك فعاقها
وإذا أبو يحيى تأخر نفسه، ... فمتى أؤمل في الزمان لحاقها؟
فلما انتهيت قال: أنشدني من رثائك. فأنشدته:
أعينا امرأ نزحت عينه، ... ولا تعجبا من جفون جمادى
إذا القلب أحرقه بثه، ... فإن المدامع تلو الفؤاد
يود الفتى منهلا خاليا، ... وسعد المنية في كل واد
ويصرف للكون ما في يديه، ... وما الكون إلا نذير الفساد
لقد عثر الدهر بالسابقين، ... ولم يعجز الموت ركض الجواد
لعمرك ما رد ريب الردى ... أريب، ولا جاهد باجتهاد

(1/3)

__________________


رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59