عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-31-2012, 07:20 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,164
ورقة وتداعت عليكم الأمم


وتداعت علينا الأمم
ـــــــــــــــــــــــــــــ

ـ لا يخفى على أحد ما وصلت إليه الأمة في هذا الزمان من
ضعف وهوان، أغرى أعداءها، فتكالبوا عليها تكالب الأكلة
على قصعتها، مصداقاً لما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه
وآله وسلم ـ في حديث ثوبان؛ حيث قال : ( يوشك الأمم أن
تتداعى عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ) . فقال قائل :
ومن قلة نحن يومئذ؟ قال : ( بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم
غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة
منكم، ولقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن ) . فقال قائل : يا رسول
الله، وما الوهن؟ قال : ( حب الدنيا وكراهية الموت ) .

ـ هذا التداعي الواقع في عالم اليوم لم يقتصر على الجانب
العسكري؛ بمحاولات اختراق بلاد المسلمين وإخضاعها بقوة
السلاح؛ بل أخد أشكالاً مختلفة، بعضها أطول مفعولاً وأعظم
ضرراً، وكلها ترمي إلى نزع هوية الأمة ومحو ثقافتها
الإسلامية؛ تارة بالتهجم والتطاول على دين الأمة ومقدساتها،
وتارة بإلقاء الشبهات والتشكيك في عقائد المسلمين وشرائعهم،
وتارة بالطعن في من نقل لنا هذا الدين من الصحابة والتابعين،
ثم أخيراً يبلغ الطعن مداه؛ بالطعن في القرآن الكريم، وفي
سيد المرسلين، صلوات ربي وسلامه عليه إلى يوم الدين .

ـ إن تداعي الجيوش الغازية على الأمة لم ينقطع عبر التاريخ،
وقد كانت الحرب سجالاً بين الأمة وأعدائها ....

ـ لكن الخطر الحقيقي الذي واجهته الأمة وشكل تهديداً فعليّاً
لوجودها وكيانها ـ ومن ثَمَّ كان تمهيداً لكل ما حاق بها من
هزائم لاحقة إلى يومنا هذا ـ جاء متأخراً، ولعل بوادره كانت
مصاحبة للحملة الفرنسية على مصر؛ ذلك أن الهزيمة
العسكرية أمام الفرنسيين كانت مقترنة أيضاً بهزيمة أخرى
نفسية عند طوائف كثيرة من المسلمين، ولاسيما من لهم تأثير
على واقع الأمة من المتنفذين؛ فللمرة الأولى ينظر فئام من
المسلمين إلى العدوِّ نظرة انبهار وإكبار، وللمرة الأولى بدأ
يدب الشعور في نفوس ضعاف الإيمان بأن للعدو عليهم فضلاً
؛ بما يملكه من وسائل وأدوات ومخترعات قصروا في
تحصيلها ؛ نتيجة أزمان من الجمود الفكري الذي خيم على
حياتهم .

ـ ونتيجة لهذه الهزيمة النفسية ؛ كان من السهل على كثير من
أبناء المسلمين أن يقعوا ضحايا للتداعي الآخر الذي أتى به
الأعداء ، وتناول ثوابت الأمة ومقدساتها ، فوافقت الشبهاتُ
التي بثها أعداء الدين من الكفار المتغلبين قلوباً خاوية من
اليقين ، فمادت بها وتمكنت منها ، حتى انحرف نفر من
المسلمين عن دينهم ، فلم يبقَ لهم منه إلا اسمه ، ثم تحولوا هم
كذلك إلى معاول بيد أعداء الأمة ، يهدمون بها ثوابتها من
الداخل .

ـ لقد حدد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث ( تداعي
الأمم ) المرضَ الذي آلت إليه حال الأمة بسببه إلى ما آلت
إليه ، كما أنه ـ بأبي هو وأمي ـ قد حدد الشفاء في حديث آخر،
أشبه ما يكون بالحديث الأول؛ إذ الداء فيهما واحد؛ حيث قال:
( إذا تبايعتم بالعِينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ،
وتركتم الجهاد ؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى تراجعوا
إلى دينكم ) ، فالداء واحد يدور حول التعلق بمظاهر حب
الدنيا والتعلق بمتاعها ، وكراهية الموت ، والعقوبة واحدة ؛
هي تداعي الأمم وتسلطها ، والعلاج المقرر هذا الحديث .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{م : إلا تنصروه فقد نصره الله ـ د/ ناصر بن سليمان العمرـ}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59