عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-19-2013, 04:31 PM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
سؤال الفتنة أشد من القتل


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفتنة أشد من القتل


هذا تعبير القرآن عن الفتنة مما يوحي بمدى أثرها في زعزعة ثقة الأمة بنفسها وفقدان التوازن بين أبنائها، ونشر بذور الفساد في أرجائها، مما يجعلها ضعيفة البنيان تتآكل من داخلها، حتى تنهار في النهاية أو على الأقل تعيش سليبة الإرادة، فاقدة المناعة أمام كل شر وكل ضرر.
والفتنة : الاختبار بالنار والابتلاء، والإعجاب بالشيء، والاستهتار به، والتدله بالشيء والاضطراب، وبلبلة الأفكار.

ومعظم هذه المعاني إن لحقت بفرد أو جماعة أضرت بها ما لم تكن لها حصانة من دين قويم وتقوى وصبر: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .
ولذا جاء في القرآن التحذير من الفتنة : واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك .
وذلك لأن الأعداء لا يخطر في بالهم أن يحولوا كل المسلمين عن إسلامهم وإنما كل آمالهم أن يصرفوا بعض المسلمين عن إسلامهم أو يصرفوا أكثر المسلمين عن بعض إسلامهم .

ووسائل الفتنة كثيرة ففتنة النساء ، وفتنة المال ، وفتنة الزوجات، والأولاد ، وفتنة الأقارب ، وفتنة العصبية لجنس بعينه أو قوم ، أو مذهب أو طائفة ، أو غير ذلك من ألوان تحيط بالإنسان الذي هو موطن الاختبار في الحياة .
والعصمة من هذه الفتنة وغيرها هي الاستمساك بحبل الله المتين : فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم . إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم .
وبغير هذا الاتباع للقرآن والسنة، لا حامي من فتنة ولا عاصم من ضلالة.

وكثير من الناس لا يحتكمون إلى الدين ولا يتمسكون بفضائل وقيم إلا إذا ضربتهم الفتنة بسوطها ، فذاقوا ألمها وعذابها ، بل إن بعض كبار الملحدين لجؤوا إلى إحياء الدين في نفوس أتباعهم لمقاومة شدة معينة أو التغلب على صعوبة بارزة.

وفي عالمنا الإسلامي تجد أناساً ـ في أوقات الرخاء ـ يعملون على إحياء الفتنة من مماتها، وبعثها من مرقدها، لتثير الأهواء بين المسلمين، فتفرق جماعتهم، وتخضد شوكتهم، وتقتل أخوتهم، فيصيرون كالغنم القاصية عرضة لافتراس الذئاب وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ، وهؤلاء ينبشون قبور الماضي القريب والبعيد، لعلهم يجدون رفاتا ينثرونه في وجوه المسلمين ليغمضوا عيونهم، ويسدوا أنوفهم ـ إن استطاعوا ـ حتى لا يؤذوا بما فعله ناشرو الفتنة الذين لا يخلو عملهم من شر يضر الناس ولو كان عن طريق الشبهات .
وناشرو الفتنة وناثروها بين الناس لا يظهرون على حقيقتهم، بل إنهم يلبسون لكل حالة لبوسها، ويتحدثون مع كل أحد بما يهوى، دون أن تصدق وعودهم، أو تكشف كلماتهم عن حقيقة موقفهم .

وقد يستهين البعض بما يثار من غبار الفتنة على الساحة،على اعتبار أن أثره حقير، وفعله في النفوس هين يمكن التغلب عليه في وقت قصير، والباطل بغير شك ضعيف الجذور، وإن انتفشت أغصانه، وامتدت ظلاله، ولكنه إن طال أمده وفترت النفوس عن مقاومته ترسب في قعر الحياة وأحدث آثاراً ضارة في البناء الاجتماعي والسلوكي للإنسان .
ولذا فإن علينا سد كل باب للفتنة مهما كان صغيراً ودرء الشر عن حياة الناس ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً دون استهانة بأي انحراف أو ميل عن الطريق المستقيم، فبداية الإنحراف تبدأ بخطوة ومعظم النار من مستصغر الشرر .


دمتم برعاية الرحمن وحفظه

المصدر: ملتقى شذرات

__________________

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59