الموضوع: عبادات المؤمن
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 03-02-2012, 01:44 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

كيف تخشع في صلاتك؟!
هناك وسيلتان لتحقيق الخشوع في الصلاة..
الأولى:إخراج الدنيا كم القلب والاقلال من الشهوة والمعاصي.
وابن عطاء صاحب الحكم، يقول: كيف يشرق قلب وصورة الدنيا منطبعة فيه، أم كيف يرحل الى الله وهو منكب على شهواته، أم كيف يدخل على الله ولم يتطهر من نجاسة غفلاته!
*جاء رجل الى الامام أحمد رحمه الله فقال له: يا امام، أعد طهوري، وأنام مبكرا، أريد قيام الليل وصلاة الفجر، فلا أستيقظ، فقال له الامام أحمد: ذنوبك قيدتك!. ثم قال له: لا تعص الله بالنهار.. فحينئذ تقوم الليل وتصلي الفجر!
فكم من أكلة ثقيلة منعت قيام الليل، وكم من نظرة الى حرام منعت من صيام يوم!
*ومثل تشعب الدنيا وانشغال الانسان بها كمثل طالب يذاكر دروسه في غرفته وبجواره شباك تحه شجرة عليها عصافير.. وكلما أراد أن يركز في المذاكرة وجد العصافير تزعجه، فيأخذ خشبة ليضرب ليضرب بها الشجرة فتطير العصافير، فيعود لمذاكرته، ولكن ما تلبث العصافير أن تعود مرة أخرى! فجاء والده فقال: يا بني لا تستريح من ازعاج العصافير الا بقطع الشجرة.. فاقطع يا أخي شجرة الشهوات من قلبك تخشع في صلاتك!
أما الوسيلة الثانية: فهي أن تفهم حركات الصلاة الظاهرة.. بأن تكون لكل حركة في الصلاة أو قبلها أثر في قلبك..
من أسباب الخشوع في الصلاة:
أولا: توضأ وأحسن الوضوء لكي يكون تطهيرا للبدن والروح معا.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" اذا توضأ العبد فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فاذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فاذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من أشفار عينيه، فاذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من تحت أذنيه فاذا غسل رجليه خرجت الخطايا من قدميه حتى تخرج من تحت أظافر قدميه"! رواه الامام أحمد 4\348.
فتذكر هذا الحديث عند بدء الوضوء هو أول مدخل للخشوع.
ثانيا: ستر العورة.. وعورة الرجل من الركبة الى السرة، وعورة المرأة جسمها كلها ما عدا الوجه والكفين.. ولنحرص على ستر عورات الظاهر والباطن أيضا وذلك بالتوبة النصوح واخلاص النية لله تعالى.
ثالثا: التكبير.. ويجب استحضار معنى اسم الله (الكبير) وأنه لا أكبر من الله تبارك وتعالى.. ولا تكن كذابا بأن يقولها لسانك ولكن في قلبك من هو أكبر من الله، أو ما هو أكبر من الله من متاع الدنيا الفانية أو متعها الزائلة! وقد جعل التكبير هو ذكر الانتقال بين حركات الصلاة لاستحضار هذا المعنى؛ فلا يسهو العبد ولا يفكر في الدنيا بل يخشع لله الأكبر سبحانه وتعالى.
رابعا: رفع اليدين.. ورمي الدنيا خلف الظهر.. فعندما تخلع نعليك عليك أن تخلع معهما الدنيا وشهواتها ومشاغلها.. والوقوف عركن من أركان الصلاة؛ ولهذا لا يجوز للقادر على الوقوف أن يصلي جالسا والا بطلت الصلاة لأن الله تعالى يقول:{ وقوموا لله قانتين} البقرة 238. ولا يجب رفع العينين، بل النظر يكون موضع السجود والرأس مطأطأ لله الواحد القهار. ولاحظ أن وقفة يوم القيامة هي هي وقفة الصلاة. يقول تعالى:{ يوم يقوم الناس لرب العالمين} المطففين6. الرأس محنية والنظر محل السجود، ثم تضع يدك اليمنى على اليسرى.. وهذا من دواعي الخشوع والأدب مع الله تبارك وتعالى. واعلم أن الله ينظر الى صلاتك.. وتخيل أنك في عمل من أعمال الدنيا وصاحب العمل ينظر اليك أو أنك بين يدي ملك طلب منك عملا ثم وقف ليراقبك.. فكيف ستؤدي هذا العمل؟!
بعد ذلك اقرأ الفاتحة، أم الكتاب، بخشوع وتدبر، واستمع الى الحديث القدسي الجليل الذي يقول فيه رب العزة جل وعلا:" قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فاذا قال العبد :{ الحمد لله رب العالمين}، قال الله:" حمدني عبدي"، فاذا قال:{ الرحمن الرحيم} قال الله:" أثنى عليّ عبدي" فاذا قال العبد:{ مالك يوم الدين} قال الله:" مجدني عبدي".. فاذا قال:{ اياك نعبد واياك نستعين} قال الله:" هذا بيني وبين عبدي" فاذا قال العبد:{ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}. قال الله:" هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل"!! رواه مسلم 876 والترمذي 2953.
فتخيل يا أخي.. الله يجيبك ويرد عليك ويقضي حاجتك.. والله لولا الشهوات والمعاصي لطارت قلوبنا من شدة الفرحة بكلام الله لنا.
وانتبه: عندما تقرأ الآيات اقرأها يتدبر وحضور قلب وعقل، فاذا قلت:{ الحمد لله رب العالمين}.. فاستشعر نعم الله عليك وهي كثيرة لا تحصى ولا تعد، وتذكر أنك تناجي ربك الذي خلقك ورزقك وأحياك ثم يميتك ثم يحييك.. فاذا قلت: {الرحمن لرحيم} فاستشعر سعة رحمة الله بعباده في الدنيا والآخرة، وكيف أنه أرحم بعباده من رحمة الأم بولدها.. فاذا قلت:{ مالك يوم الدين} فاستحضر في ذهنك يوم الحساب.. يوم توقى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.. وهكذا في سائر الآيات والسور، واعلم أنك عندما تقرأ الفاتحة تكون واحدا من ثلاثة:
رجل يحرك لسانه وقلبه غافل، وتلك منزلة الظلم لنفسه.
رجل يحرك لسانه وقلبه حاضر. وتلك منزلة المقتصد.
رجل يحس قلبه أولا بالمعاني ثم يترجم اللسان هذه المعاني، وهذه منزلة السابق بالخيرات بإذن الله جل وعلا..
ولكن كيف يتحقق معنى حضور القلب قبل قراءة اللسان؟!
يتحقق ذلك بعدة أمور:
أولا: حفظ القرآن الكريم أو أقصى قدر ممكن منه.
ثانيا: فهم ما تحفظه.
ثالثا: تصفية القلب من المعاصي والتوبة النصوح لله رب العالمين.
*وعندما تقرأ قل في نفسك: اللهم لك الحمد أن وفقتني لهذا المقام.. فلولاك ما حنيت ظهري أبدا.. ووالله ما ظهري لأحد غيرك.. واحرص أخي على أن ينحني القلب مع الظهر فيكتمل خشوع الظاهر والباطن.. وقل: سبحان ربي العظيم".. ومعناها تنزيه الله عن كل نقص.. ووصفه سبحانه بكل كمال؛ فهو سبحانه العظيم حقا، له العظمة والجبروت والملك والملكوت..
وعندما تسجد.. فتذكر أن التراب يسجد على التراب وليس في هذا غرابة، فالفرع انما يرد الى الأصل.. وسبح ربك كثيرا حتى يستقر المعنى في القلب والوجدان قبل أن يعبر عنه اللسان.. واعلم أن العبد أقرب ما يكون الى ربه وهو ساجد.. فاحذر أن تكون قريبا ببدنك فحسب.. ولكن قلبك بعيد.. هناك في الدنيا ومشاغلها..واحرص على كثرة الدعاء في السجود.. فان ذلك أدعى للاجابة.
ولما كانت السجدة الواحدة لا تطفىء لظى الشوق ونار الحب والاتصال بالله والتسبيح في ملكوت الله.. فلا بد من سجدة أخرى تروي عظش الظامئ وتنزل على القلب الركع العابد بردا وسلاما.. ولو قضى العبد حياته كلها ساجدا لله ما وفاه حق شكره.. كما تفعل الملائكة.. ولكن الله بعباده رحيم يقبل العمل القليل ويجزي عليه بالأجر الكثير.. فإذا ما فعلت ذلك في أول ركعة ثم فات بالركعة الثانية وافعل فيها كما فعلت في الأولى، واعلم أنه لا بد أن يزيد الخشوع وحضور القلب.. وتذكر قول القائل: من لم يكن في زيادة فهو في نقصان!! فإذا أتممت الركعة الثانية اجلس واقرأ التشهد " التحيات لله"، واستشعر عظنة الله وأنت أيها الضعيف الفقير تحي ربك القوي الغني.. فهل يصح أنت تخيه بلسانك وقلبك عنه منصرف؟! وكلمة " التحيات" كلمة جامعة للتحيات كلها وفيها توقير وتعظيم واجلال لله رب العالمين ثم قل" والصلوات الطيبات" فهذا كله لك يا رب فكل طيب لك ومنك.. وصلاتي هذه لك ودعواتي وكل أعمالي كذلك { قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين* لا شريك له وبذلك أمرت..} الأنعام 162-163. ثم سلم على خير الأنام صلى الله عليه وسلم " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" وتذكر أنه صلى الله عليه وسلم يرد عليك السلام كما أخبر هو في الحديث.
هل حييت ربك وسلمت على نبيك؟! حينئذ ترتفع قيمتك ويعلو قدرك ويصير حريّا بك أن تسلم على نفسك وعلى اخوانك من عباد الله لصالحين (من الانس والجن والملائكة وغيرهم من كل ما يعبد الله تعالى).. ثم ارفع اصبعك وقل:" أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله". وأسألك: هل رأيت أدلة وحدانية الله؟ هل ينفع أن تذهب الى المحكمة فتشهد وأنت لم تر؟ فكيف تشهد أن لا اله الا الله وأنت لم تره؟ّ والاجابة أنك رأيت آيات وحدانيته سبحانه، فأنت متأكد كأنك رأيت، بل وربما أقوى.. وأنت تذكر دائما قول القائل: وفي كل شيء له آية.. تدل على أنه الواحد.
ثم ترفع أصبعك لأن الشهاة تحتاج الى اثنين وأنت تشهد بلسانك وقلبك معا. ثم تذكر نبيك المصطفى فتصلي عليه وعلى أبيه وأبي الأنبياء سيدنا ابراهيم عليه السلام، واستحضر حينئذ انتمائك لسيدنا ابراهيم وأنه هو سمانا المسلمين.. فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم امتداد لسيدنا ابراهيم عليه السلام.. فأنت جذورك عميقة وضاربة في التاريخ. فاذا ما فرغت من التشهد ادع بما ورد في الأحاديث الصحيحة من أدعية جامعة مباركة، واستعذ بالله من أربع كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم:" من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة الممحيا والممات وفتنة المسيح الدجال" رواه مسلم 1324 وأبو داود 983. فإذا ما فرغت شلم عن يمينك وتذكر ملك اليمين الذي يكتب الحسنات.. ثم سلم عن شمالك وتذكر ملك السيئات.. وكيف أن أعمالك كلها مسجلة عند الله تعالى.. ولهذا يقول الكفار المجرمون يوم القيامة:{ مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} الكهف 49.
وصل صلاة مودّع للدنيا، مفارق لها، خائف لما ينتظره من حساب بين يدي الله رب العالمين، غير مطمئن الى قبول صلاتك، بل تشعر أنك أذنبت لعدم حضور قلبك وعقلك، ولذا بمجرد أن تسلم تستغفر الله على تقصيرك قائلا: استغفر الله ثلاث مرات، ثم قل: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام" رواه مسلم 1334 وأبو داود 1512.. ولماذا هذا الثناء بالذات؟ لأنه الدعاء الذي ستقوله عندما ترى الله تعالى في الجنة عندما يكشف الحجاب عن الله تبارك وتعالى يناديك فيمن ينادي:" يا أهل الجنة.. سلام عليكم، فيقولون: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والاكرام"..


ثم اسأل الله تعالى أن يوفقك الى طاعته كما يحب ويرضى.. فهو وحده الموفق لما فيه الخير والصلاح والهدى والرشاد فقل: اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، رواه الامام أحمد 5\245. ولم يقل عبادتك فحسب، بل قال حسن عبادتك، حتى تستمتع بالصلاة ومناجاة الله تبارك وتعالى.. واعلم أن الذكر والشكر وحسن العبادة هي عوامل وأسباب لسعادة.. لا في الدنيا فقط.. ولا في الآخرة فحسب، بل في كليهما.


ثم سبّح الله تعالى ثلاثا وثلاثين واحمده وكبره بمثلها وقل تمام المائة: الله أكبر كبيرا وسبحان الله العظيم وتعالى بكرة وأصيلا.. ثم ادع الله تعالى بما شئت.. فقد جاء في الحديث أن من أوقات الاجابة:" دبر الصلوات المكتوبة".
ثم انصرف من صلاتك بهدوء وسكينة وكن ابق على انتظار وشوق للصلاة التالية.. اذ من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله:" ورجل قلبه معلق بالمساجد" رواه البخاري 660 ومسلم 2377 والترمذي 2391 والامام أحمد 2\439.
----------------------
__________________


رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59