عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-30-2018, 11:25 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي فورين بوليسي – مرحباً بكم في سورية 2.0


فورين بوليسي – جوناثان سباير – 25/1/2018
تكررت الفكرة القائلة إن الحرب الأهلية السورية آخذة في التلاشي بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، حتى أصبحت ممجوجة. لكنها لم تكن صحيحة تماماً في أي وقت.
في الفترة الأخيرة، أكد المسؤولون الأميركيون نية واشنطن الاحتفاظ بنحو 28 في المائة من الأراضي السورية لزمن غير محدد، بالشراكة مع قوات سورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد. لكن هذه الخطط تتعارض باطراد مع رؤى اللاعبين الدوليين الآخرين في البلد الذي مزقته الحرب. ويشمل ذلك حليف أميركا السابق، تركيا، التي أطلقت أخيراً “عملية غصن الزيتون” للتوغل داخل كانتون عفرين الذي يسيطر عليه الأكراد في شمال غرب سورية. وفي الأثناء، يشن نظام الرئيس بشار الأسد هجمات على المتمردين العرب السنة بشكل رئيسي إلى الجنوب، ويستكمل احتلاله لقاعدة أبو الظهور الجوية في شمال شرق محافظة إدلب.
كل هذا السفك للدماء لا يفسد فقط خطط واشنطن -وإنما يشكك أيضاً فيما إذا كان المشاركون في الحرب السورية أصبحوا في أي مكان قريب -باقتباس كليشيه آخر- من “نزف أنفسهم خارجين” من البلد. وحتى لو أن الديناميات التي تدفع الصراعات المتداخلة في الحرب السورية تقترب من نهايتها، فإنها لا تولِّد مستقبلاً سلمياً ومنظماً للسوريين الذين عانوا لوقت طويل. وبدلاً من ذلك، ثمة صراعات جديدة تنشأ الآن من رحم القديمة.
منذ أواسط العام 2014، كانت هناك حربان متوازيتان تجريان على الأرض السورية.
الحرب “الأصلية” هي القتال بين الثوار من العرب السنة ونظام بشار الأسد، والتي تتركز على المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في غرب سورية. أما الحرب الثانية، فهي المنافسة بين تنظيم “داعش” وبين التحالف الدولي الذي تجمع ضده بقيادة الولايات المتحدة.
والآن، أصبحت هاتان الحربان في الحقيقة قريبتين من الانتهاء. وقد تقرر مصير الحرب الأولى لصالح الأسد يوم 30 أيلول (سبتمبر) 2015 -يوم ظهرت أول طائرة حربية روسية في سماء سورية. ووجدت الثورة، التي تفتقر إلى أي قدرة أكثر من بدائية لمقاومة الطائرات، نفسها بلا حول ولا قوة في وجه مزيج قوة النار الجوية الروسية والقوة البشرية المدعومة والمزودة من إيران.
وبذلك، لم يعد بقاء النظام موضع شك. لكنه أصبح الآن كياناً مختلفاً عن ذاك الذي كان قد أطلق الحرب ضد المحتجين المناهضين للأسد في صيف العام 2011. وبعد سبع سنوات من ذلك، لم يعد النظام في دمشق على وشك إملاء الأحداث في سورية كما فعل ذات مرة، وإنما عليه بدلاً من ذلك أن يترك القرار لرغبات القوى الآخرى التي ضمنت بقاءه.
تقدم أحداث الأيام الأخيرة في عفرين مثالاً مفيداً. فقد عبر الأسد نفسه عن معارضته الشديدة للغزو التركي، وقال “إن العدوان التركي الوحشي على بلدة عفرين السورية لا يمكن فصله عن سياسة النظام التركي منذ اليوم الأول لاندلاع الأزمة السورية، والذي بني أساساً على دعم الإرهاب والمنظمات الإرهابية”.
وقال فيصل مقداد، نائب وزير خارجية النظام، للصحفيين في دمشق إن القوات السورية “مستعدة لتدمير الأهداف الجوية في أجواء الجمهورية العربية السورية”.
لكن رعاة الأسد الروس اتخذوا بوضوح موقفاً آخر من العملية التركية. فقد عمدت روسيا إلى سحب عسكرييها من الجيب الكردي قبل بدء العملية التركية. ولم تكن الطائرات التركية التي تقوم الآن بقصف المواقع الكردية في منطقة عفرين لتعبر الحدود من دون إذن روسي، بالنظر إلى وجود بطارتي دفاع جوي روسيتين من طراز “أس-400” لضمان قدرة موسكو على تخليص الأجواء السورية من أي تواجد غير مرغوب فيه. وقد طلب صانعو القرار الحقيقيون من حكومة الأسد التسامح مع هذا الوضع -وفي انسجام مع النمط، لم تنفذ الحكومة السورية تهديدها بإسقاط الطائرات التركية.
وبالمثل، تظهر الأحداث الأخيرة المدى الذي لم تعد فيه الثورة ظاهرة سورية في الأساس. فالثوار الذين يشاركون في عملية عفرين ضد القوات الكردية هم فعلياً متعاقدون عسكريون يعملون نيابة عن المصالح التركية. وقد لعبت هذه الجماعات الشمالية من الثوار -مثل “فيلق الإسلام”، ومجموعة “نور الدين زنكي”، و”جبهة الشام”- دور الوكالة الثانوي هذا منذ صيف العام 2016، عندما اتضح تماماً أنها لم تعد هناك أي إمكانية لأن يحقق الثوار انتصاراً استراتيجياً على الأسد.
والآن، تقاتل فصائل الثوار من أجل مجرد البقاء بشكل رئيسي. وليس لدى أولئك الذين يتمركزون في تركيا أو قريباً من حدودها أي خيار سوى الخدمة كوكلاء لطموحات أنقرة. (حتى مجموعة “هيئة تحرير الشام” المرتبطة بالقاعدة، التي تسيطر الآن على محافظة إدلب، لديها علاقة مثيرة للشك “تعاون ناعم” مع تركيا، والتي أملتها كما يبدو رغبة المجموعة في عدم مواجهة القوة الجوية الروسية). ويلعب الثوار في المناطق الأبعد إلى الجنوب دوراً مشابهاً لرعاتهم الخارجيين.
كما أن الحرب ضد “الخلافة” الزائفة لمجموعة “الدولة الإسلامية” تشارف على نهايتها أيضاً. ولم يتم تدمير المنظمة بشكل كامل -فهي ما تزال تحتفظ بمناطق سيطرة في صحارى دير الزور وما تزال قادرة على شن هجمات معاكسة مفاجئة- لكنها خسرت الغالبية العظمى من أراضيها. ومن الواضح أن “داعش” سيتحول مرة أخرى إلى منظمة تمرد عربية سنية وحشية متحركة، على نحو يشبه الشكل الذي اتخذه التنظيم قبل إعلان الخلافة في حزيران (يونيو) 2014.
وإذن، ما الذي تعنيه هذه التطورات للاتجاه المحتمل للتطورات في الفترة المقبلة في سورية؟
هناك ثلاثة “لاعبين” في سورية اليوم: كتلة النظام- إيران- روسيا، التي تسيطر على نصف مناطق البلد والغالبية العظمى من سكانه؛ وقوات سورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة، وتسيطر على منطقة دير الزور الجنوبية الغنية بالنفط والكثير من أفضل أراضي البلد الزراعية؛ والتحالف بين تركيا (وقطر بقدر أقل) والإسلاميين السنة والثوار الجهاديين في شمال غرب سورية. لكن هذه “المعسكرات” الواسعة ليست هياكل مغلقة؛ حيث يحتفظ الأعضاء المختلفون بعلاقاتهم الخاصة مع عناصر معينة من المعسكر المنافس. وهكذا، فإن تركيا والولايات المتحدة هما حليفتان ظاهرياً في الناتو، مع أن الولايات المتحدة متعارضة مباشرة مع بعض مجموعات الثوار الجهادية التي تتعاون معها تركيا.
ومن جهتهم، يحتفظ الأكراد بعلاقات مع روسيا ونظام الأسد، ولو أن منطقتهم للحكم الذاتي بحكم الأمر الواقع تكفلها الولايات المتحدة. وإذا كانت تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأخيرة التي تشير إلى وجود نية تركية لمهاجمة مدينة منبج جديّة، فإن ذلك سيضع أنقرة على مسار تصادمي مع مصالح الولايات المتحدة.
ومن جهة أخرى، تتحالف إسرائيل مع الولايات المتحدة، لكنها تعتمد على علاقتها العاملة مع روسيا لضمان قدرتها على العمل ضد الأهداف المرتبطة بالنظام السوري وإيران في جنوب سورية، واللذين يتحالفان بدورهما أيضاً مع روسيا، وهكذا.
لا تنطلق المنافسات الجديدة في سورية من الديناميات السورية الداخلية، وإنما من المصالح المتنافسة للقوى الخارجية، التي تجري على أطلال سورية المدمرة: الأتراك ضد الأكراد؛ وإسرائيل ضد إيران ووكلائها؛ والولايات المتحدة ضد إيران -والآن، ربما أنقرة ضد واشنطن. وكل هذه القوى الخارجية عازمة على كسب الميزة واحدتها على الأخرى في سورية. وهكذا، وحتى لو خفَت الصراعان الطويلان في سورية، فإن الحرب والنضال لا يغادران المنطقة. مرحباً بكم في سورية 2.0.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Welcome to Syria 2.0
ترجمة علاء الدين أبو زينة – الغد – 30/1/2018
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59