الموضوع: تفسير السعدي
عرض مشاركة واحدة
  #427  
قديم 01-15-2014, 08:13 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,217
ورقة

تفسير سورة الحج
ــــــــــــــــــــــــ
مدنية
ــــــ


الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ( 56 ) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ( 57 ) .
( الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ) أي: يوم القيامة ( لِلَّهِ ) تعالى، لا لغيره، ( يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ) بحكمه العدل، وقضائه الفصل، ( فَالَّذِينَ آمَنُوا ) بالله ورسله، وما جاءوا به ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ليصدقوا بذلك إيمانهم ( فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) نعيم القلب والروح والبدن، مما لا يصفه الواصفون، ولا تدركه العقول.
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا ) بالله ورسله وكذبوا بآياته الهادية للحق والصواب فأعرضوا عنها، أو عاندوها، ( فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) لهم، من شدته، وألمه، وبلوغه للأفئدة كما استهانوا برسله وآياته، أهانهم الله بالعذاب.
وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ( 58 ) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ( 59 ) .
هذه بشارة كبرى، لمن هاجر في سبيل الله، فخرج من داره ووطنه وأولاده وماله، ابتغاء وجه الله، ونصرة لدين الله، فهذا قد وجب أجره على الله، سواء مات على فراشه، أو قتل مجاهدا في سبيل الله، ( لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا ) في البرزخ، وفي يوم القيامة بدخول الجنة الجامعة للروح والريحان، والحسن والإحسان، ونعيم القلب والبدن، ويحتمل أن المعنى أن المهاجر في سبيل الله، قد تكفل برزقه في الدنيا، رزقا واسعا حسنا، سواء علم الله منه أنه يموت على فراشه، أو يقتل شهيدا، فكلهم مضمون له الرزق، فلا يتوهم أنه إذا خرج من دياره وأمواله، سيفتقر ويحتاج، فإن رازقه هو خير الرازقين، وقد وقع كما أخبر، فإن المهاجرين السابقين، تركوا ديارهم وأبناءهم وأموالهم، نصرة لدين الله، فلم يلبثوا إلا يسيرا، حتى فتح الله عليهم البلاد، ومكنهم من العباد فاجتبوا من أموالها، ما كانوا به من أغنى الناس، ويكون على هذا القول، قوله: ( لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلا يَرْضَوْنَهُ ) إما ما يفتحه الله عليهم من البلدان، خصوصا فتح مكة المشرفة، فإنهم دخلوها في حالة الرضا والسرور، وإما المراد به رزق الآخرة، وأن ذلك دخول الجنة، فتكون الآية جمعت بين الرزقين، رزق الدنيا، ورزق الآخرة، واللفظ صالح لذلك كله، والمعنى صحيح، فلا مانع من إرادة الجميع ( وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ ) بالأمور، ظاهرها، وباطنها، متقدمها، ومتأخرها، ( حَلِيمٌ ) يعصيه الخلائق، ويبارزونه بالعظائم، وهو لا يعاجلهم بالعقوبة مع كمال اقتداره، بل يواصل لهم رزقه، ويسدي إليهم فضله.

-------------------------------
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59