عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-14-2013, 11:06 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

وإذا كان ( كينز ) قد رأى أن من واجب الدولة أن تتدخل من خلال الإنفاق وتقليصه في حالة الانكماش والتضخم فإنه يرى وجوب تدخل الدولة والتأثير على توزيع الدخول تلك النقطة التي كانت واحدة من أكبر نقاط الضعف في الدولة الرأسمالية، وذلك من خلال فرض الضرائب التصاعدية، وضريبة الدخل، وضريبة الإرث، وهذا يحقق تقدما عظيما في تخفيض الفوارق الكبرى في الثروة والدخل، ويرى أن امتناع الطبقة الميسورة عن دفع هذه الضرائب يعاكس نمو الثروة أكثر مما يساعد عليه ذلك، لأن التجربة تبين أن ادخار المؤسسات وأموال الاستهلاك تؤمن في الظروف الحالية ادخاراً. يفيض عن الكفاية كما يتبين لنا أن الآراء التي تعيد توزيع الدخل في منحنى ملائم للميل إلى الاستهلاك قادرة على أن تسرع كثيراً. في تنمية رأس المال.



وهكـذا اعتقـد ( كينز ) أن التفـاوت الكبير في توزيـع الدخـل يميـل إلـى زيـادة الادخـار والحـد مـن الاستثمار وهـو بهـذا يتفق مع ( ماركس ) و ( روبنسن ) إلا انه أفصح عن آرائه بصورة أكثر دقـة ومهـارة ويلاحـظ أن ( كينز ) ظل يعتقـد أن العوامـل النفسانيـة والاجتماعية هـي التـي تبـرر ذلك التفـاوت فـي الثـروات والمداخيـل، ولكنه مع ذلك كان يـرفض أن تكون هنـاك أسبـاب حقيقيـة تبيـن



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

(1) ويلاحظ أنه هناك عدة طرق لمعالجة الطلب الفعال والتضخم. أحدهما ما ذكرناه أعلاه. وثانيهما تخفيض الاستهلاك إلا إن هدا النوع من المعالجة يتوقف على الدخل وعلى الميل إلى الاستهلاك، وقد رأينا أنه محكوم بمقدار إقناع الناس بالادخار عند كل مستوى من مستويات الدخل وهذا مشكوك فيه في الأوقات العادية. وثالثها هو فرض ضرائب على الدخل الذي كان يتم إنفاقه على الاستهلاك. وهذا الإجراء فعال للحد من التضخم إلا أن له مصاحبات ضارة بأن يزيد من الادخار السالب أو يقلل من الاستثمار، لأنه يسمح لسعر الفائدة بالارتفاع وبالتالي تختنق المشاريع الأقل ربحا. رابعا: مهاجمة التضخم برفع سعر الفائدة وهذا يؤدي بدوره إلى تقييد الاستثمار وما يترتب عليه من آثار المضاعف على الدخل، وقد يؤدي إلى الانكماش، وقد يسبب تشاؤماً يزيد عن الحد بالنسبة لرجال الأعمال.

فـوارق بـارزة كالفـوارق الحاليـة فوجـود الفـوارق فـي الثـروة مبـررة عنـده بـأن، هناك نشاطات بشريـة نافعـة تتطلـب لتؤتـي أكلهـا كامـلاً مهما كـان الربح وإطار الملكية الخصوصية بـل أكثـر، إذ ان بأمكـان كسـب النقـود وتشكيـل ثـروة يستطيع أن يوجـه بعـض الميـول الخطـرة فـي الطبيعـة البشريـة إلـى طريقـة تكـون فيهـا هـذه الميـول نسبيـاً غيـر مضـرة فـاذا لـم يجـر ارضـاء هـذه الميـول علـى هـذه الطريقـة فقـد تجـد منفـذاً فـي القسـوة وفـي النشـدان الجامـح للسلطـة الشخصيـة، ولئـن يمـارس المـرء طغيانـه علـى حسـاب المودع فـي المصـرف خيـر من أن يمارسه علـى مواطنيـه.



ويلاحظ مما تقدم أن تدخل الدولة من خلال ما تفرضه من ضرائب هو في الحقيقة يحد من مزايا الملكية فيما يتعلق بالدخول ذلك لأنها تؤثر على حق الملكية الخاصة من حيث مدى ما تعطيه لصاحبها من دخل ومع ذلك فإن الأثر الكامل لهذه الضرائب لا يبدو واضحا ولا يحقق أهدافه إلا في ضوء معرفة اتجاهات الإنفاق العام وهي بدون أدنى شك عند ( كينز ) لا تخرج عن الأهداف الاجتماعية.



ثمـة شـيء ثالـث، يـرى ( كينـز ) ضـرورة قيـام الدولة بتنظيمه وهو ميل معدل الفائدة إلى الارتفاع، وقد ضل ( كينز ) على مدى نظريته الواسعة يؤكد هذه الحقيقة ويلح عليها فهو يرفض ذلك التبريـر الـذي يذهب إليه التقليديون(1) والذي يفيد أن ارتفاع سعـر الفائـدة يقـدم التشجيع الكافي للادخـار، لأنـه يعتقـد أن المقـدار الفعلي للادخار يتحدد تحديداً دقيقـاً بواسطة سيالة التوظيف، وأن التوظيـف إنما يتزايد كلمـا انخفض معـدل الفائدة، وان لا تسعى إلى رفعـه إلى المقـدار المقابـل للاستخـدام التـام، فهو يرى أن المقادير الحقيقية للادخار والاستهلاك الإجماليين لا تتعلق إطلاقاً فـي هذه القضيـة بـل يعتقـد أن كـل شيء يتعلـق بنسبـة ملائمة معدل الفائدة للتوظيف مع أخذ فعاليـة الرأسمـال الحديـة بعيـن الاعتبـار ومـن ثـم فـأن معـدل الفائـدة لـو كـان موجهـا بحيـث يبقـى الاستخـدام التـام دائمـاً لا استعادة الفضيلة حقوقها ولتعلقت سرعة تراكم الرأسمال بضعف الميل إلـى الاستهـلاك، وهـو يـرى أن السياسـة النقديـة فـي تخفيـض معـدل الفائـدة بإمكانهـا أن تنجـح إذا اعتبرهـا الـرأي العـام سياسـة ممكنـة معقولـة ومطابقـة للمصلحـة العامـة إذا استنـدت إلـى اعتقـاد راسـخ ودعمـت مـن سلطـة لا تتعـرض لخطـر الإزاحـة وذلك، لأن الـرأي العـام قـد يـألـف وبسرعـة انخفـاض معـدل الفائـدة وبالتالـي قـد يتبـدل التنبـؤ الاصطلاحـي بالمستقبـل، حينئـذ تكـون الطريـق مفتوحـة أمـام تقـدم جديـد، وهكـذا دواليـك حتـى نقطـة مـا. ويقـدم لنـا انخفـاض معـدل الفائـدة لأجـل طويـل فـي إنكلتـرا بعـد هجـر معيـار الذهـب مثـلاً هامـاً لمثـل هـذا التطـور.





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

(1) يعد معدل الفائدة بالنسبة للمدرسة الكلاسيكية العامل الذي يسير بطلب التوظيف والاستعداد للادخار إلى التوازن، فالتوظيف يمثل طلب الموارد للتوظيف والادخار يمثل العرض أما معدل الفائدة فهو سعر الموارد للتوظيف الذي يجعل هاتين الكميتين متساويتين، وهكذا فإن سعر الفائدة يستقر كأي سوق أخرى عند معدل الفائدة عند نقطة تساوي المقدار الموظف بهذا المعدل مع المقدار المدخر بنفس المعدل. وقد تحدى ( كينز ) هذه النظرية إذ أعلن أن الادخار والاستثمار يجري تعيين كل منهما بصورة مستقلة عن الأخرى، ويرى ( كينز ) أن معدل الفائدة ليس السعر الذي يحقق توازن طلب الموارد للتوظيف والميل إلى الامتناع عن الاستهلاك المباشر، بل هو السعر الذي تتفق عنده الرغبات في إبقاء الثروة في شكل سائل مع كمية العملة الجاهزة ومعنى دلك أن معدل الفائدة لو كان اقل ارتفاعا لكان مقدار العملة الإجمالي الذي يود الجمهور الحفاظ عليه أكبر من الكمية المعروضة، ولو كان أكثر ارتفاعا لكان هناك فائض من مقدار العملة لا يود أحد أن يحافظ عليه ، ومن هنا يكون معدل الفائدة هو مكافأة الإحجام عن السيولة لفترة معينة وليس هو مكافئة الادخار.

وإذا كان ( كينز ) مدفوعاً إلى دعوة السلطة إلى ضرورة تخفيض معدل الفائدة بإيمانه إن هذا التخفيض هو الذي يشجع على الاستثمار فإنه كان مدفوعا بعامل آخر هو تضايقه الشديد من قيـام طبقة غنية تعيش على ملكيتها الأوراق المالية أكثر مما تعيش على الإنتاج، وقد أطلق عليها اسم حملة وثائق الدخـل، وقـد بشر ( كينز ) باختفاء حامل وثائق الدخل، أو الرأسمالي بلا مهنة من المجتمع وبصورة تدريجية دون أن يتطلب دلك القيام بثورة وذلك حين يميل معدل الفائـدة إلـى الانخفاض حتى يصل الصفـر واعتقـد أن اختفاء هذه الطبقة سيجر إلى الكثير من التبدلات الجذريـة الأخرى في هـذا النظام لأنه باختفاء حامـل وثائـق الدخل إنما تختفي معه تدريجياً القدرة القهريـة لدى الرأسمالي على أن يستثمر بصورة تبعية القيمة التي تمنحهـا القـدرة للرأسمـال ذلك أن الفائـدة (( لا تكافئ اليوم أي تضحية حقيقيـة، كذلك ريـع الأرض، ففي وسـع مقتنـي الأرض، لأن الأرض نـادرة ولكن حيـن تفسـر نـدرة الأرض بعلة ذاتية فإنـه ليس هناك أي سبـب ذاتـي يبـرر نـدرة الرأسمال أي: لا توجـد أي تضحية حقيقية يمكن للمكافـأة المقدمـة بشكـل فائـدة أن تدفع على ميولها )) وهكـذا يكـون ( كينز ) ومن خلال تعليقه السابق قـد رجع إلى ذات المبـدأ الـذي ناـدى به ( أرسطو ) في خصوص الفائدة فهو يرى أن الرأسمال في حد ذاته غير منتج(1) ورأى أن العمل بما فيه الخدمات الشخصية التي يسديها المنظم ومساعدوه هي عنصر الإنتاج الوحيد وهذا الأمر هو الذي يفسر اعتبار وحدة العمل هي الوحدة ألميتافيزيقية الوحيدة اللازمة في مذهب ( كينز ) دونما حاجة إلى وحدتي - العملة والزمن - وهكذا يكون قد حبذ قيام مجتمع يعتمد فيه الأفراد على ما ينتجون مـن سلع وخدمات في حياتهم أكثر من أولئك الذين يمتصون قوة الناس ويحتكرون الثروات ويكتنزون الأموال.



وفي نهاية المطاف يلخص ( كينز ) نتيجة مفادها أن إسناد بعض السلطات الإدارية التي كانت متروكة للمبادرة الخاصة إلى مؤسسات مركزية أمر لابد منه ذلك لأن الدولة في مركز يسمح لها بأن تأمر البنك المركزي بالقيام بعمليات السوق المفتوحة، وبشراء أوراق مالية، وبتخفيض سعر الفائدة وستؤدي هذه الإجراءات إلى جعل تمويل الاستثمار أرخص مما كان، وقد يصبح من اللازم على الدولة حينما يكف المنظمون عن القيام باستثمارات جديدة أن تقوم هي نفسها ببرنامج استثمار حكومي، ومع ذلك فإن ( كينز ) لا يرى أي (( سبب واضح يبرر تبني اشتراكية دولة تشتمل على القسم الأكبر من وسائل الإنتاج وإذا تمكنت من تحديد الحجم الإجمالي للموارد المخصصة لزيادة هذه الوسائل، والمعدل الأصلي للمكافحة الممنوحة لمقتنيها فإنها تكون قد قامت بكل ما هو ضروري )) ومع ذلك فإن ( كينز ) لا يمنع من تطبيق تدابير اشتراكية شريطة أن لا يهدم ذلك التقاليد العامة للمجتمع، وتأسيساً على هذا فإن وجود مؤسسات توجيهية مركزية لازمة لتأمين الاستخدام التام يؤدي بالضرورة إلى توسيع تلك الوظائف التي تقوم بها الدولة.



ومن خـلال العرض السابـق يتضح لنـا أن ( كينز ) قـد استطاع وببراعة أن يهدم القواعـد الأساسية الاقتصادية للنظام الحر وبصورة أرغمت ألد خصومه بالاعتراف له بالفضل، وتركت تأثيرها على المفكريـن الاشتراكييـن والتقدمييـن من كـل الاتجاهات باستثناء الاتجاه الوحيد الذي لم تؤثر فيه هذه الأفكار وهم الاشتراكيون الماركسيون لأنهم قد أقاموا قطيعة واسعة بين ما يعتقدون، وبين كامـل الفكـر المعـارض، ومـن هنـا اعتبـر كتـاب الاقتصاد الماركسي النظرية الكينزية مثابة انعطاف



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

(1) يرى ( كينز ) أنه بدلا من ان نقول عن رأس المال أنه منتج من الأفضل أن نقول إنه يقدم خلال وجوده دخلا أعلى من كلفته الأصلية الذي من اجله نستطيع أن ننتظر من الرأسمال أن يسدي خلال وجوده خدمات إجمالية تقود قيمتها الإجمالية سعر عرضه الأصلي هو أنه نادر، وهو نادر لأن معدل الفائدة المرتبطة بالعملة يسمح لهذه بان تنافسه، ومن هنا يبدو فضل مبدأ ما قبل الكلاسيكي والقائل بأن العمل هو الذي ينتج كل شيء بمساعدة الصناعة.

للاقتصاد السياسي البرجوازي الـذي أصبـح ذرائعيـاً بعـد أن كان تبريرياً، وأن ذرائعيتـه تضعـه فـي غالب الأحيان في خدمة الطبقة البرجوازية وأن الغايات التي يسعى إليها من تدخل الدولة هو إنقاذ النظام الرأسمال وأن كل ما فعله أنه أقام بناء نظريا ضخما داخل الرأسمالية كنوع من الدواء الذي يستطيع أن يمد في عمر الرأسمالية بعض الوقت وأنه قد يكون لوصفات ( كينز ) مفعول ما في تأخير أزمة الرأسمالية لبعض الحين على حد تعبير ( فارجا ) عميد النظريين السوفيت.



وفـي الحقيقة فإنه ليس من العدل إن نصف الفكر الكينزي بمثل هذه الأوصاف، لأن ( كينز ) كان يصدر في أفكـاره بعيـداً عن ذلك النزاع العقائدي الناشب بيـن النظاميـن الاشتراكـي، والرأسمالي بـل كان يبني كيانه النظري وفق منطق .متماسك لا دخل له بالموضوعة العقائدية، وهكذا جاءت الحلول التي اقترحها صالحة لأي نظام بغض النظر عن الخلفية العقائدية، المهم أن تأخذ الدولة علـى عاتقهـا توفير العمالة، ومحاربة الانكمـاش بوسائـل فعالـة، ومن هنـا فـأن تأثيـر ( كينز ) على الشؤون العمالية كان ولم يزل أعظم بمراحل كبيرة من أثر أي اقتصادي آخر في القرن العشريـن، ولعل أهميـة التحليل الكينزي الـذي صاغه بتماسك ومهارة، يرجع إلى وجهة نظر تاريـخ المذاهب الاقتصادية هـو أن نظريتـه كانـت قابلة للتطبيـق تطبيقـاً حاضـراً، وهكـذا لعـب هـذا التحليل دوراً بارزاً وأساسيا في تمكين بريطانيا من التغلب على تلك الصعوبات التضخمية للحرب العالمية الثانية، كما إن هذا التحليل كان هو الأساس في السياسة العالمية التي جاءت في أعقـاب الحرب الكونية الثانية.



وفـي الحقيقـة فـأن التحليل العاري عن الغرض للنظرية الكينزية يجعلنـا بـإزاء واحـد من اكبـر منظـري المذهـب الاجتماعـي، ذلك لأن الغايـات التـي يسعى إليها والأهـداف التي يرمي نحوها هي فـي التحليـل النهائي أهداف اجتماعية وهكذا فأن القطيعة بين نظريته العامة، وبين النظرية التقليدية سواء ما تعلق منها بموضوع العمالة الكاملة، أو في موضوع معدل الفائدة، أو في معالجات التضخم، والإنفاق الحكومي، أو في توزيع المداخيل ونظرته إلى الفوارق في الثروة - في كل ذلك إنما يصدر من مفهوم اجتماعي وغالبا ما كان يبـرر آراءه وأفكـاره على أسـاس من تحصيل المنافع الاجتماعية كمـا سبق أن بينا جانبا منها ضمن تحليلنا السابق، بل إن اضطلاع الدولة بمسؤوليتها في المواضيع السابقة هو بحد ذاته مبرر عند ( كينز ) على أساس ضرورة ان تلعب الدولة دورا اجتماعيا من خلال النشاط الاقتصادي على أن المواضيع التي ناقشها هي في حد ذاتها لها مغزى اجتماعياً عميقاً، ولعل من المفيد أن نسوق مقطعاً من نص ( كينز ) في معرض بيانه للسبب الـذي أكسب ( ريكاردو ) دلك الانتشار الواسع وأن مرده أنه ( نال شفاعة السلطة ) لأنه عرض كثيرا من المظالم الاجتماعية، والقساوات البينة لابد منها في سير ركب التقدم والمساعي لتعديل هذه الأوضاع على أنها تولد الشر أكثر من الخير في نهاية المطاف واستحق تأييد القوى الاجتماعية المهينة المتعصبة خلف السلطة ( لأنه قدم بعض التبريرات لنشاطات الرأسمالي الفردي الحرة ) .



وهذا الذي أسلفته هو السبب الرئيسي الذي دفعي إلى اعتباره واحدا من أبرز منظري المذهب الاجتماعي.











أسباب الازمة الاقتصادية الحالية



ان كـل من تحدث عن اسباب الازمة المالية الحالية يحاول ارجاعها الى اسباب فنية مثل شحة السيولة لدى المصارف ومرد هـذه الشحة يرجـع الى عجـز المقترضين عن سـداد الديون ولعـل سبب هـذا العجز مرده الى مشكلة الرهـون العقاريـة وهـذا صحيح من الناحية الفنيـة البحتـه خصوصاً اذا مـا علمنا ان حجم الديون العقارية في امريكا فقط قد زادة على عشرة ترليون يضاف الى هـذا ان هـذه المديونية ليست محصورة في البنك الذي اقـرض وانمـا في العـادة يتـم فـي ضل النظام المصرفي الرأسمالي بيع هـذه الديـون الى بنـوك وشركات اخـرى مقابل استحصال مبالغها أو جزء منها او بيعها الى شركات التامين مما يعني اننا بازاء شبكة اخطبوطية مالية شديدة التعقيد. ولنـا ان نتصور حجـم المشكلة اذا علمنا ان الاقراض في امريكا فقط قـد تـم بأكثـر مـن ضعفي الناتج القومي الامريكي.



ومما يزيد المشكلة تعقيداً ان شح السيولة لدى المصارف والشركات قد ادى الى تراجع الطلب الكلي على الاستهلاك نتيجة لعدم وجود سيولة لدى الافراد والمؤسسات مما ادى بدوره الى الكساد لعدم وجود طلب حقيقي فعال على السلع والخدمات ان هذه المشكلة مشكلة معقدة ومركبة ذلك ان الاستهلاك في النظام الرأسمالي هو الداينمو والمحرك الاساس للاقتصادات الرأسمالية الكبرى وهكذا وقع الاقتصاد الرأسمالي في متواليات من التدهور مما ادى الى دخوله في مرحلة الركود العظيم.



لقد توهمت الرأسمالية في مرحلة من مراحلها انها قادرة على قيادة العالم اقتصادياً خصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتفرد امريكا بالقطبية الواحدة في ادارة العالم سياسياً واقتصادياً وفي مرحلة التسعينات وما تلاها باتت امريكا من خلال المؤسسات المالية التي تسيطر عليها مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ( الجات ) وغيرها من المؤسسات المالية العالمية تصدر وصفات جاهزة وشروطاً ربما كانت في اغلبها ضالمة ومجحفة بحق الدول والشعوب النامية مما جعل فكرة الدولة القومية او الدولة السيدة التي تقود اقتصاداتها وفق فلسفة اجتماعية ترتب فيها اولويات كل دولة تنحسر نتيجة لاستجابة الدول للوصفات التي تقدمها الادارة الامريكية.



يضاف الى ما تقدم ان الادارة الامريكية وبحكم انفرادها بقيادة العالم قد عبأت العالم اعلامياً بمقولة مفادها ان الرأسمالية هي النظام الاقتصادي الاوحد القادر على تسيير مختلف الفعاليات الاقتصادية وبنجاح وصولاً الى الرفاه وهذا ما حدى بكثير من مفكريها الى الكتابة بموضوعات مثل نهاية التاريخ كما عبر عنه ( فوكا ياما ) وصراع الحضارات ( همنتجون ) وغيرهما من الذين صوروا الرأسمالية بانها الجنة الموعودة وان العالم سيصل الى هذه الجنة مضطراً ومجبراً وان اختلفت ادواتهم ووسائلهم فبعضهم سيصلها بقطار واخر سيصلها بطائرة وثالث سيصلها على بعير فالعالم كله مرغم على الوصول الى جنة الرأسمالية الموعودة.



وربما فسر لنا هذا الذي تقدم من بعض الاوجه حملات امريكا في غزو العالم سواءً في العراق او افغانستان وتدخلها السافر في كثير من شؤون الامم والشعوب باعتبار ان هذه الاعمال هي الصدى المنطقي لقيادة العالم وان كنا ندرك الان وبيقين ان هذا يعد واحداً من اسباب الازمة المالية التي تعانيها امريكا.



وهكذا ونتيجة للاوهام العديدة دخل الاقتصاد الرأسمالي في سوق اقرب للقمار منه الى الاقتصاد وذلك من خلال استعمال الادوات الاستثمارية المسمومة او الملوثة. ان قراءة متأنية لارقام الاقتراض والاقراض في امريكا فقط ترشدان الى ان هناك فساداً مالياً ضخماً وشكلاً من اشكال المقامرة الفعلية على حد تعبير ( جوزف ستيغليتز ) الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد.



ان غياب الرقابة على السوق والايمان بالحرية الكاملة والمطلقة للاسواق الرأسمالية ومنع تدخل الدولة ولا في اي مستوى من مستويات التدخل هما العاملان الاساسيان التي ترتكز اليها الرأسمالية صحيح ان الرأسمالية بعد الركود العظيم في الثلاثينيات ومن خلال نظرية ( كينز ) وفلسفته في الاقتصاد قد ادت الى تدخل محدود للدولة مما انعش الاقتصاد الرأسمالي الا ان هذا التدخل وكنتيجة للغرور والغطرسة قد غاب بعد التسعينيات خصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وعادت الرأسمالية بعد هذا التاريخ الى ايدلوجية عدم تدخل الدولة في السياسات الاقتصادية وقد وجد تبريراته في الموروث الادبي الاقتصادي الرأسمالي خصوصاً لدى المحافظين الجدد.



ان ازمة اليوم لم تحدث بين ليلة وضحاها فمنذ اواخر سبعينات القرن الماضي، اثر سلسلة من التغييرات القانونية والتكنولوجية، رفعت القيود على النمو وعلى امكانية جني الارباح التي كانت مفروضة على المؤسسات المالية، فقد سمح لصناديق التقاعد بالاستثمار في أسواق الاوراق المالية، واصبح بامكان السماسرة عرض بيع أسهم في الصناديق الاستثمارية المشتركة، وسمح لانواع مختلفة من البنوك الاندماج ودخول مجالات تجارية جديدة، وادى استعمال الات الصرف الالية وبرمجيات الاتجار بالاسهم الى خلق شبكة مالية الكترونية تعمل على مدار الساعة. ومنذ سبعينات القرن الماضي وحتى عام 2005 ، ارتفعت نسبة الامريكيين الذين يملكون اسهماً من 16 بالمائة الى اكثر من 50 بالمائة. وكما يشير ( روبرت رايخ ) ، وزير العمل السابق في ادارة كلنتون، في كتابه (Supercapitailsm الرأسمالية المفطرة ) ، حصل تغيير جذري في نظرة الامريكيين الى المسائل الاقتصادية " وتحول المدخرون الى مستثمرين، واصبح المستثمرون ناشطين" .



الوكلاء الاستثماريون الذين كانو يبحثون، في اعقاب حقبة ( فولكر ) التي تميزت بمعدلات تضخم متدنية، عن طريق جديدة لجني ارباح تفوق 10 بالمائة، كانوا المحرك وراء كل ذلك. وانتشرت الابتكارات المالية بمساعدة السياسيين المشجعين للسوق، لاسيما ( رونالد ريغن ) و ( مارغريت تاتشر ) . وقد تخللت ذلك فترات من الازدهار المفرط والانهيارات هل تتذكرون ازمة بنوك الادخار والاقراض في ثمانينات القرن الماضي؟ لكن سرعان ما تم نسيانها بفضل استمرار تنامي الازدهار الذي ادى الى انتشار الفلسفة القائلة ان " السوق تدير نفسها بنفسها ". وخلال تسعينات القرن الماضي، استمر رفع القيود، وكانت احدى اهم النقاط التي تعكس هذا التغيير الغاء قانون ( غلاس ستيغل ) الذي يفرض الفصل بين البنوك التجارية والبنوك الاستثمارية.



ان المضاربات في هذه المشتقات المالية تعد واحدة من اخطر افات السوق وقد كانت ولاتزال سبباً في كثير من الكوارث والازمات حتى وصفها رئيس فرنسا السابق ( جاك شيراك ) بانها وباء الايدز في الاقتصاد العالمي ولخطورتها اصدرت السيدة (لاروش) رئيسة معهد شلر العالمي بياناً بعد كارثة تسونامي بعناون ( ما هو اجدى من المساعدات نظام اقتصادي عالمي عادل جديد ) وقد تضمن البيان توصية على غاية من الاهمية مفادها ان المضاربات في المشتقات المالية والعملات التي وصلت مؤخراً وفق اخر احصائية لبنك التسوية العالمي الى 2000 ترليون دولار يجب مسحها كلياً وجعلها غير قانونية عن طريق اتفاقية بين الحكومات.

ان ظهور المضاربات بهذا الشكل يذكرنا بالوسيط الانتهازي الذي عبر عنه ( كينز ) في نظريته العامة للاقتصاد بحامل الوثائق حيث تحول من حامل حقيبة اسهم الى حامل كومبيوتر وهكذا قام الاقتصاد الرأسمالي المعاصر على الادوات والمشتقات المالية الملوثة التي تسمى بالمضاربة ومن هنا تم خلق تعامل نشط على سهم او سند دون ان يكون هناك تبادل فعلي حقيقي للسلع او المنافع مصحوباً بالكذب او الخداع وصورية العقود والتأمر ونحو ذلك مما هو من مساوء التعامل بالسوق الرأسمالية.



استغلت البنوك اقتصاد العرض والطلب المتأتي من ذلك ( ويقول البعض انها استغلت تضارب المصالح ) لتنمو اكثر، وتبرم صفقات دمج ضخمة متنامية الارباح وتعرض اسهمها في الاسواق بشكل مربح جداً. إبطال ذلك القانون اتاح للبنوك التي تقدم خدمات مصرفية للافراد مثل "ستي غروب" وغيره دخول سوق المشتقات الائتمانية المربحة ( التي تضمنت امكانية الاستثمار في اسهم مدعومة بقروض سكنية والقروض المدعومة بأصول، التي تشكل خليطاً من قروض مختلفة، وهي من المسببات الاساسية للازمة الحالية ) . واصبح الوكلاء الاستثماريون انفسهم من مدخني السيجار، ويلبسون افخر الملابس وباتوا نماذج تجسد الثراء يتم تخليدها في الكثير من الكتب والافلام في تلك الحقبة. انتشار التداول بالسندات والى ذلك العقد زاد من ثرائهم ( وثراء مديري الشركات الذين كانوا يعملون لمصلحتهم ) مما صعب في الوقت نفسه تحديد القيمة الحقيقية للصفقات. معظم الناس يجمعون الان على ان النزعتين مجتمعتين شكلتا خليطاً مؤذياً. يقول جوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل : " من خلال السماح للبنوك التجارية بدخول هذا المضمار الاكثر خطورة، وتشجيع توزيع السندات المالية كبدل اتعاب، اصبح هناك تركيز قصير الامد على جني الارباح بسرعة، مما خلق ثقافة قائمة على المقامرة ".



طبعاً كان الاقتصاد قد تغير عام 2001 ، مما صعب جني الارباح، لكن بفضل تدني معدلات الفائدة (بنك الاحتياطي الفدرالي خفض معدل الفائدة الى 1 بالمائة عام 2003 في حقبة غرينسبان) ، بقيت القروض سهلة المنال. تدني معدلات الفائدة ادى ايضا الى ازدهار سوق المشتقات المالية القائمة على القروض، أي الاوراق المالية التي تشكل مزيجاً من القروض والتي تسببت بالازمة الحالية، فيما كان يبحث المصرفيون عن وسائل لزيادة ارباحهم في حقبة الفوائد المتدنية. بين عام 2000 وفترة الذروة الصيف الماضي، ارتفعت قيمة سوق المشتقات المالية القائمة على القروض المتخلفة، وهو نوع المشتقات المالية الاساسي، من 100 مليار دولار الى 62 ترليون دولار. وفي حين عبر العقلاء أمثال وارن بافيت ( الذي وصف هذه المشتقات بأنها "اسلحة دمار شامل مالية") والمؤسسات مثل ( بانك فور انترناشونال سيتلمانتت ) عن قلقهم، اصر اخرون مثل غرينسبان على انها تلعب دوراً مهما في الحد من المخاطر من خلال توزيع المخاطرة.



وهكذا قدمت البنوك الامريكية للمواطنين قروضاً بزيادة ربوية تتضاعف مع طول المدة مع غض الطرف عن الضمانات التي يقدمها المقترض او الحد الائتماني المسموح به للفرد لشراء منازل ونشطت شركات العقار في تسوييق المنازل لمحدودي الدخل مما نتج عنه ارتفاع اسعار العقار، ولم تكن البنوك وشركات العقار بأذكى من محدودي الدخل الذين استغلوا فرصة ارتفاع عقاراتهم بأكثر من قيمة شرائهم لها، ليحصلوا من البنوك على قروض ربوية كبيرة بضمان منازلهم التي لم يسدد ثمنها والتي ارتفع سعرها بشكل مبالغ فيه نتيجة للمضاربات، وقدمت المنازل رهنا لتلك القروض.





ومن هنا وجد في الرهون العقارية محركاً رئيساً في الاقتصاد الامريكي نظراً لانه كان يتم اعادة تمويل المقترض كلما ارتفعت قيمة عقاره مما شجع على استمرار الانفاق الاستهلاكي وبالتالي استمرار النمو في الاقتصاد الامريكي وما لم يتم التنبه اليه من قبل الادارة الاقتصادية هو ان هذه الطفرة لم تكن نتاج اقتصاد حقيقي لانها كانت قائمة على سلسلة من الديون المتضخمة التي لم يكن لها اي ناتج في الاقتصاد الفعلي فهي عبارة عن اوراق من السندات والمشتقات يتم تبادلها والتضارب عليها في البورصات وعندما عجز المقترضون عن السداد استشعرت البنوك وشركات العقار بمقدار الكارثة الحقيقية مما جعلها تعمد الى وسائل تفاقم الازمة وذلك عندما قامت ببيع ديون المواطنين على شكل سندات لمستثمرين عالميين بضمان المنازل كما حولت الرهون العقارية الى سندات اصطلح على تسميتها بـ ( عملية التوريق ) وتم بيعها وعندما تفاقمت المشكلة لجـأ الكثيـر من المستثمرين الى شركات التأمين التي وجـدت في الازمـة فرصة للربـح حيـث يمكنهـا فـي حالـة امتناع محدودي الدخل عن السداد ان تتملك مساكنهم وبدءت شركات التأمين تأخـذ اقساط التأميـن على السنـدات من المستثمرين العالميين وكـل ذلك كـان يجـري بخـداع كبيـر لهؤلاء المستثمرين من خلال اخفاء الحقائق عن طبيعة موقف هذه السندات.



لقد عجز اصحاب المنازل من محدودي الدخل عن تسديد الاقساط والزيادة الربوية المصاحبة لها مما أضطر الشركات والبنوك من بيع المنازل موضوع القرض او النزاع وهكذا ادى هذا الاجراء الى هبوط اسعار العقارات مما جعلها غير قادرة على تغطية ديون الشركات العقارية ولا البنوك ولا شركات التأمين وعندما طالب المستثمرون الدوليون هذه الشركات والبنوك والمؤسسات المالية بحقوقهم تبيـن لهم افلاسهـا وهكذا سقطت شركـات ومؤسسات مالية كبـرى في فـخ الافـلاس مثـل ( فاني ماي ) و ( فريدي ماك ) و ( مصرف ليمان براذرز ) والذي سجل بأفلاسه اكبر عملية افلاس في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية) وسيطرت الحكومة الامريكية على 80 % من شركة التأمين "اي اي جي" مقابل قرض بقيمة 85 مليار دولار لدعم سيولة الشركة، وبعدها انهار بنك الاقراض العقاري "واشنطن ميوتشوال" الذي تم بيعه الى بنك "جي بي مورغان" بعد ان سيطرت المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع وهي مؤسسة حكومية تقدم خدمة التأمين على ودائع عملاء البنوك والمؤسسات المالية في الولايات المتحدة الامريكية، ولم تقف تداعيات الازمة عند حدود امريكا بل تخطت المحيط لتصيب بلهبها معظم دول العالم المرتبط باقتصاد امريكا.



ان مشكلة الرأسمالية لم تعد فقط في امتلاك البنوك للسيولة اللازمة بل ايضا في النظام الانكلو سكسوني برمته فالتفكير الاقتصادي الذي راج وعلى مدى اربعين عاماً الماضية هي ان الاسواق قادرة على ضبط ايقاعها وان الفكرة القائلة ان ما هو لمصلحة وول ستريت هو ايضا لمصلحة الشعب لم تعد قادرة على الصمود في مواجهة هذه التداعيات ومن هنا اصبح تأثير الايدلوجية الرأسمالية التقليدية والتي اسس لها ريغان و تاتشر في مهب الريح ودخلنا عصراً جديداً يدعوا الى اعتماد قوانين جديدة واصلاح النظام المالي وسمعنا اصواتاً ترتفع باقامة منتدى عالمي لاعادة النظر في الرأسمالية كما عبر عنها ( ساركوزي ) حين اعلن ان شرعية تدخل القوى العامة في عمل النظام المالي لم تعد موضع نقاش بل ان وزير المالية الالماني ( بير شتاينبروك ) ذهب الى ان الازمة ستؤدي الى نهاية امريكا كقوة مالية عظمى وقالت المستشارة الالمانية ( انجلا ميركل ) قبل بضع سنوات كان من الشائع القول ان الحكومات ستزداد ضعفاً مع انتشار العولمة لكن رأي كان مخالفاً وقالت ان الامريكيين والبريطانيين هم الذين رفضوا اقرار المزيد من القوانين المالية خلال قمة الدول الصناعية الكبرى الثمانية.





ومن خلال كل ما تقدم نستطيع ان نلخص الاسباب الرئيسة في الازمة الحالية بالاتي:



اولاً: تفشي الربا.

ثانياً: المضاربات الوهمية والصفقات الصورية.

ثالثاً: بيع الديون.







المعالجة الحالية



عمدت الادارة الامريكية وكذلك الادارات الرأسمالية عموماً لمعالجة الازمة المالية الى الادوات الاتية :

1. تخفيض سعر الفائدة.

2. ضخ السيولة في البنوك.

3. شراء الأصول أو عمليات التأميم الجزئي أو الكلي.

4. ضمان الودائع بنسب محددة قانونياً.



ان اعـادة النظـر في الادوات المتقدمة تدلنـا على انهـا اجـراءات مؤقتـه الهـدف منها اشاعة جـو مـن الثقـة لـدى الجمهور وتوسيع دائـرة الانفـاق على الاستهلاك حتى لا يقـع الاقتصـاد في عملية ركـود.



ان تصور المشكلة هي مجرد شحة في السيولة تصور لا يخلوا من التبسيط والسطحية اذا قدمنا حسن الضن ذلك لان المشكلة لم تعد شحة السيولة اللازمة بقدر ما هي اختلالات هيكلية في النظام الرأسمالي الانجلو سكسوني نفسه فعندما يزول تأثير ( ايدلوجيا ريغان وتاتشر ) امام اعيننا فاننا ندخل عصراً جديداً تكثر فيه القوانين الصارمة وتقل فيه المضاربة ويزداد التدخل الحكومي في الاسواق.



ان العشرين عاماً الماضية مهدت لحقبة وصلت فيها ديون البنوك الى نسبة قياسية بلغت 33 / الى 1 في بنك ( مورغان ) و 28 / الى 1 في ( غولدمان ساكس ) و ( ميرلي لينش ) وهكذا في بقية البنوك الأمريكية.



ان ضخ السيولة سواء من خلال شراء الاصول او قانون مضخة الرواج لوحده ليس كافياً علماً ان هذا الاجراء بحد ذاته يعد مشكلة لان هذا الضخ سيتم بواحد من الطرق الاتية:





1. طبع النقد والتمويل بالعجز

وهذا معناه زيادة التضخم وفقدان المجتمع لقيمة ثرواته الحقيقية نتيجة لتأكل القيمة من خلال التضخم.







2. الاحتياطي الحكومي

يجب علينا ان نضع دائماً حقيقة مهمة وهي ان هذا الاحتياطي ليس لا نهائياً وبما انه نهائي ومحدود فأننا سنصل في مرحلة ما الى عجز الدول عن تمويل نفسها باعتباره ناتجاً موضوعياً عن عجز المؤسسات المالية.



اننا حتى الان لم نر من المشكلة الا رأس جبل الجليد وليس بمقدور اي خبير اقتصادي اياً كان مستواه ان يدعي وبيقينيه معرفة حجم الاموال التي اهدرت ولا مقدار المشكلة واتجاه بوصلتها.



يضاف الى ما تقدم ان الاموال التي تم ضخها بالقياس الى حجم القروض وانخفاضها وانخفاض ضماناتها والاموال التي ذهبت الى الاشخاص على شكل ارقام كبيرة كل ذلك يؤشر ان مبلغ 750 مليار دولار لا يشكل رقماً ذو اهمية لحجم المشكلة خصوصاً اذا علمنا ان مشكلة الرهن العقاري لوحده تقريباً بقيمة 10 تريليون وان الاقراض قد تم باكثر من ضعفي الناتج القومي الامريكي وان حجم سوق المشتقات المالية بين عام 2000 والى الصيف الماضي قد ارتفع من 100 مليار الى 62 تريليون دولار.



ان نظريـة عجز الـدول في مرحلة ما ليست مستحيلة بل واقع الحال يدعمها كما هو حاصل اليـوم فـي ( ايسلندا ) .



وفي تصوري انه في المحصلة النهائية ستضطر امريكا للخروج من نظام الرأسمالية (الانجلو سكسوني) الى نظام مالي اكثر عقلانية واقرب الى المذهب الاجتماعي منه الى الرأسمالية التقليدية واقتصاد السوق.



ان ضخ السيولة يهدف الى ابتلاع الادوات المسمومة والملوثة التي ابتدعتها الرأسمالية وفي اعتقادي انها لن تكون قادرة على ابتلاعها وانها في النهاية ستصل الى مرحلة العجز عن ضخ السائل النقدي باعتبار ان الاحتياطيات محدودة ونهائية.
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59