كنت أظن أنني لن أتجرأ على قَلمي حتى لايتجرأ علي البعض مِمَن حباه الله إستعجال
الأمور والحُكم على المقالة لمُجرد إطلاعه على العناوين والقراءة المُستعجلة , ولا
يعلم أن مِن مكامن تعزيز النفس التروّي قليلا ً وأخذ المضامين وفق رؤية كاتبها ثم
تطبيقها على مايعلمه ويدركه في محيطه ليتبين له الحق أو الإعتراض بإنصاف وعدل .
- هُناك فروقات واضحة لبعض بني البشر كما أنها تخفى على البعض الآخر فهي تنجلي
وتنطلي والناس تسير وفق ماتُمليه عليها أفكارها المُستمدة مِن : ( شَاهد - سَمِعَ ) ,
تماما ً كالفرق الذي يُميز القدوة والأسوة عن بعضها البعض وتنطلي على الكثيرون للأسف .
فأحَد الصِفات التي لايعلمها الكثير مسألة العدد والكثرة والغلبة برفع الصوت وزخرفه ,
والحقيقة الجليّة لذوي القلوب النيّرة والأفئدة الطَاهرة أن مسألة الكُم لاتُقاس بالكيفية أبدا ً !!
فَمَها قال قائلٌ وصَرّح وتشدّق وأدغم الآيات وساق لنا من الكلمات الرّنانة مَا يجعله يفوق
عصره من المُتحدثين المتفوّهين فلا يعني لنا أن النَصر آتٍ وأن ماسمعنا وقرأنا هي
الحقيقة المرجوة التي كُنا ننتظرها .
- لاتأخذنا الصِراعات النفسية كل مأخذ ولا ننساق خلف الأهواء وتأثير العواطف , ولنتريث
حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود لا أن نحكم بما سمعنا ورأينا ولا حتى تصديقا ً لأهوائنا .
ولنقف قليلا ً عند مالك أبن أوس ونُحلل مانقرأه ونربط الآتي بما سبق ليتبين لنا إنصافنا
لأنفسنا بعين العقل والبصيرة ( فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) .
كان لأوس بن حارثة ولد واحد يدعى مالك, ولشقيقه الخزرج خمسة أولاد هم عمرو
وعوف وجشم والحارث وكعب, وعندما حضرت أوس الوفاة قال له قومه : كنا نأمرك
بالزواج في شبابك حتى حضرك الموت هلكت ولم تعقب سوى واحد . فقال الأوس :
لم يهلك هالك ترك مثل مالك . وهذا ما حدث فقد استطاع مالك ان يكون قبيلة الأوس
التي كانت ندا لقبيلة أولاد عمومته الخزرج .