عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-11-2012, 08:33 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي الصورة النمطية عند الناس تجاه الفلسفة


لا تتفلسف!

الكاتب : د. بندر الهذال - الرياض

هناك صورة نمطية عند الناس تجاه الفلسفة على أنها مرادف للهرطقة والكلام الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، وذلك في قولهم (لا تتفلسف!), عندما يتكلم شخص ما في موضوع يجهله البعض, أو عندما يبدي رأياً مخالفاً لرأي الآخر. وهي في واقع الأمر خطاب موجه للعقل يبحث عن الحقيقة، فهي إبداع المفاهيم، وموجودة في كل التخصصات، فلكل علم فلسفته التي تبحث في ماهيته محاولةً إيجاد جواب لكل تساؤل نابع من العقل البشري المستنير لفهم ومعرفة مسائل جوهرية في حياة الإنسان. وفي ذلك، تفعيل لغريزة السعي للمعرفة الصحيحة إذن، يبدأ الإنسان (بالتفلسف) عندما تنقصه المعلومات الكافية حول موضوع ما. ولا تتعارض الفلسفة مع الدين الإسلامي الحنيف, فقد برز علماء مسلمون لا يشق لهم غبار في علم الفلسفة أمثال الكندي والغزالي والفارابي وابن باجة وابن رشد. فكان علماء المسلمين يستخدمون الحكمة مرادفاً للفلسفة كتعريب لكلمة
La Philosophie وهي كلمة يونانية الأصل مكونة من philo ومعناها: حب، وSophia ومعناها: حكمة.
فهي تدعو البشر إلى التأمل والتفكير والاستنتاج المنطقي، فهذه كلها آليات غرزها الله في خلقه. والفلسفة هي الشغف وراء الحصول على المعلومة, وكشف الغموض, وحب الاستطلاع, والبحث في ماهية الأشياء. والافتقار إلى كل هذه الرغبات كفيل بالتخلف والعيش في غيبوبة خطيرة سببها تعطيل العقل وتهميشه.
والمتأمل لوضع المناهج المدرسية في مدارسنا يجدها تفتقر لهذا العلم، إذ تم تغييبه كلياً لأسباب أجهلها!. وتدريس هذا العلم لا يتعارض, كما قلت في بداية المقال، ولا يتنافى مع مبادئ وثوابت الشريعة الغراء. فالشارع المقدس يدعو البشر إلى تحكيم العقل وإلى التأمل والتدبر في هذا الكون وأسراره، والسعي وراء المعرفة والبحث في طبيعة الأشياء، إذ قال سبحانه وتعالى: (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض), وقال الله تعالى: (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، وقال تعالى: (أفلم يدبروا القول)؛ فهذه الآيات الكريمة تبرز ضرورة التفكير والتأمل, وكل هذا من أساسيات علم الفلسفة.
وينطوي على تهميش هذا العلم تعطيل الجزء الأيمن من الدماغ الذي يرتكز على عمليات تخص الخيال والألوان، وإجراء دراسة تحليلية تفصيلية لموضوع ما. أما الجزء الأيمن فهو مسؤول عن التحليل واللغة والقراءة والكتابة والعلاقات المنطقية. إذ يقدر المختصون أن التعليم عندنا هو تعليم تقليدي يقدس الكلمات والأرقام والعلاقات المنطقية، مما يعكس مضمون الاختبارات التي تقيس ما يقوم به الجزء الأيسر من الدماغ. وهذا النوع من التعليم يضرب بعرض الحائط رؤية المتلقي للمعلومة, ولا يركز على الفهم تركيزاً أساسياً. وهذا النوع أيضاً يغيّب تماماً الفلسفة كعلم, إذ يعتمد على إعطاء المعلومة المباشرة دون أن (يتفلسف) المتلقي في إعطاء رأيه, ودون أن يكتسب كيفية الوصول إلى المعلومة والاستقلالية في التعلم. ورغم كون نصفي الدماغ متخصصين في عمليات مختلفة، غير أنهما مرتبطان فيما بينهما، إذ هناك علاقة طردية كلما ازداد الارتباط بين النصفين كلما زاد حافز التعلم والإبداع. وكثير من علماء التربية المتخصصين يحذرون من إعطاء المعلومات المباشرة التي تؤخذ على أنها مسلمات مقدسة يحرم التناقش فيها، بل يجب أن يكون الطالب مساهماً بدور فعال في تحديد كيفية التعلم ومضمون ما يتعلمه. وهذا يعني أن يعرف الطالب الطرق والوسائل التي تتيح الوصول للمعلومة، فهذا يساعد على تحفيز الدماغ وذلك بتنشيط قسميه: الأيمن والأيسر.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59