عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-18-2012, 02:24 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي المعلم والمتعلم في التربية الإسلامية


بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الإمارات العربية المتحدة
وزارة التربية والتعليم والشباب
المنطقة الغربية التعليمية
توجيه التربية الإسلامية





الإهـــــــــــــــداء

إلى

معلمي التربية الإسلامية

الذين يعتزون بانتسابهم

إلى مهنتهم ويفخرون بها ويعتبرونها رسالة سامية





المقدمـــــــــــــــــــــة

المعلم والمتعلم هما محور العملية التربوية وعليهما تقوم ، من هنا كان الاهتمام بهما حتى تنجح هذه العملية ، وتصل إلى تحقيق الأهداف التربوية المنشودة ، وبناء جيل قوي مسلح بالعلم والقيم والأخلاق الفاضلة التي تؤهله للحياة الكريمة . من هنا كان هذا البحث ...

وقد تناول في البداية موضوع المعلم بشيء من التفصيل فتناول الأمور التالية :

1. المعلم ومكانته ، فبين من هو المعلم ودوره في العملية التربوية

2. الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم وقد ذكر الباحث ثلاث عشرة صفة مهمة لابد أن يتحلى بها المعلم .

3. تدريب معلم التربية الإسلامية , وأهم الجوانب التي يجب أن تراعى في تدريبه .

4. المقومات الضرورية والكفايات الأساسية التي يجب توفرها في المعلم:

· الكفايات الشخصية

· الكفايات العلمية

· الموقف التعليمي

· التواصل بين المعلم والطالب

5. تحدث البحث كذلك عن المتعلم ضمن الأمور التالية

· نظرة التربية الإسلامية للمتعلم

· سن التعليم في التربية الإسلامية

· مراحل التعليم في التربية الإسلامية

· أمكنة التعليم قبل انتشار المدارس

· حقوق المتعلم وواجباته

· آداب المتعلم

وأخيرا نسأل الله عز وجل أن يكون هذا البحث في المستوى المطلوب وأن يحقق الأهداف التربوية التي دفعت لإعداده وكتابته موجه التربية الإسلامية

عماد صالح إبراهيم محمد

الخميس 17 / ذي الحجة / 1422هـ

28 / فبراير / 2002





المعلم 000صفاته ، خصائصه 0000

000 المعلم والمتعلم هما قطبا العملية التعليمية ، ويرتبطان فيما بينهما ارتباطاً عضوياً ، لدرجة أن المربين المسلمين اعتبروا المعلم بمثابة الوالد للمتعلم0

يقول حجة الإسلام الغزالي : على المعلم أن يجري المتعلمين مجرى بنيه ، بأن يقصد إنقاذهم من نار الآخرة ، وهو أهم من إنقاذ الوالدين ولدهما من نار الدنيا ، لذلك صار حق المعلم أعظم من حق الوالدين ، فان الوالدين سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية، والمعلم سبب الحياة الباقية 0 ([1])

00000بالمعلم هو محور الرسالة التربوية والركيزة الأهم في نجاحها ، فمهما كان الكتاب المدرسي جيد العبارة ، رفيع الأسلوب وافي الفكرة ، وأنه مهما روعي في وضعه من القواعد والأسس فإنه لن يحقق الهدف المنشود إذ لم يقم على تدريسه مُعلم يتمتع بالكفاءة والقدرة والوعي والإخلاص والتقوى([2])0

من هو المعلم ؟؟

المعلم هو القائد التربوي الذي يتصدر لعملية توصيل الخبرات والمعلومات التربوية وتوجيه السلوك لدى المتعلمين الذين يقوم بتعليمهم 0

نعم إنه قائد تربوي ميداني يخوض معركته ضد الجهل والتخلف ببسالة فائقة سلاحه الإيمان بالله تعالى ، ونور العلم الذي يتحلى به، وهو يحقق الانتصار تلو الانتصار في الصباح وفي المساء ، وبذلك فهو يسعد الناس من حوله حتى وَصَفوه بالشمعة التي تحترق لتضيء الطريق أمام الآخرين، ولا شك أن هذا التشبيه له دلالته الهامة على مكانة المعــــلم على الرغم من أن تشبيه المعــــلم بالشمعة لا يروقني ، لأن الشمعة إذا انتهت خلّفت رماداً وفاقد الشيء لا يعطيه ، ولكنني أشبه المعلم بالشمس الساطعة التي تضيء لنفسها وتضيء للآخرين0

إن دور المعلم في بناء الإنسان وقيام الحضارة لا يستطيع أن يتجاهله أحد ، بل إن نجاح النظام التعليمي يعني نجاح الحضارة وتميزها 0- - - قال قائل الألمان لما انتصرت المانيا في الحرب السبعينية : لقد انتصر معلم المدرسة الالمانية ، وقال قائل فرنسا لما انهزمت في الحرب الثانية : إن التربية الفرنسية متخلفة وقال قائد الأمريكان لما غزا الروس الفضاء : ماذا دها نظامنا التعليمي؟"" ([3])

إذن فالمعلم هو الذي يصنع النصر وهو الذي يكون سبباً في الهزيمة0

يقول أحد الباحثين : يترك المعلمون آثاراً واضحة على المجتمع كله وليس على أفراد منه فحسب ، كما هو الحال مع الأطباء مثلاً ، فالمعلم في الفصل لا يُدرّسُ لطالب واحد فقط ، وإنما للعشرات وهو بهذا يمر على مئات التلاميذ خلال يوم واحد من أيام عمله ، ثم وإن الطبيب عندما يعالج مريضاً فهو إنما يعالج الجزء المعتل في بدنه فحسب وليس البدن كله 0 وهو لا يؤثر على المريض ذلك التأثير الذي يتركه المعلم على عقول طلبته وعلى شخصياتهم وكيفية نموها وتفتحها على حقائق الحياة ، وأحياناً على مسارات حياتهم ما بقي فيهم عرق ينبض.([4])

وبناءً على ما تقدم نجد أن علماء التربية والمهتمون بالتعليم عكفوا على دراسة الأمورالتي تخص المعلم فمن الباحثين من درس صفات المعلم النفسية ، وخصائصه المعرفية ، ومنهم من درس سلوكه وأثره على المتعلمين ومنهم من درس كيفية تعامله مع الطلاب ومنهم من بحث في أساليب التدريس السليمة 0000 الخ0

وقد تحدث (ايرل بولياس ، جيمس يونغ) في كتابهما عن المعلم والذي كان عنوانه :-

(A Teacher is Many Things)عن صفات وخصائص يتصف بها المعلم زادت عن عشرين صفة أهمها ([5]):-



1. المعلم مرشد فهو مرشد في رحلة المعرفة ، يعتمد على تجاربه وخبرته لأنه يعرف الطريق والمسافرين ويهتم اهتماماً بالغاً بتعليمهم 0

2. المعلم مربًّ :- يعلم وفقاً للمفهوم القديم للتعليم فهو يساعد الطالب على التعلم 0

3. المعلم مجدد وهو جسر بين الأجيال0

4. المعلم قدوة ومثلٌ ، في المواقف ، في الكلام ، في العادات ، اللباس .

5. المعلم باحث يطلب المزيد من المعرفة0

6. المعلم ناصح أمين وصديق حميم ومبدع وحافز على الابداع0

7. المعلم خبير وإنسان يعرف ، ويعرف أنه يعرف ان عليه ان يكون واسع المعرفة 0

8. المعلم رجل متنقل ، قصّاص ، ممثل، مناظر ، باني مجتمع .

9. المعلم يواجه الحقيقة ، طالب علم ومعرفة ، مقوّم ، مخلص ، المعلم إنسان .

وبناءً على ذلك نستطيع القول إن المعلم يجب أن يكون بمثابة الموجه الحازم للطفل والمرشد الهادي الذي يوجهه إلى ما فيه الإنتاج والخلق والسلوك الاجتماعي الصحيح الأخ الأكبر الذي يهيء لإخوانه الصغار الجو المناسب الذي يميلون إليه ، وعليه إن يعيش معهم فيه ويظهر أمامهم على طبيعته من غير تكلف أو كبرياء ، ومن واجبه كذلك أن يكون معيناً لهم يساعدهم على مقابلة الشدائد والتغلب على الصعاب ، بهذا فقط يستطيع أن يكسب ثقة تلاميذه وحبهم له، ويستطيع أن يؤثر في نفوسهم ويوجههم إلى ما فيه خيرهم وخير الإنسانية فكم من معلم محبوب أثر في تلاميذه أكبر الأثر فجعلهم يشغفون بأقل الأشياء جاذبية وأكثرها جفافا (ً[6]).







صفات ومقومات معلم التربية الإسلامية

يحتاج مدرس التربية الإسلامية إلى ميزات وخصائص معينة حتى يكون معلما ناجحا وقدوة لطلابه. كيف لا وهو يتعامل مع كتاب الله- عز وجل -ومع حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والتعامل معهما يحتاج إلى إنسان خاص متميز. من هنا كان لا بد لمعلم التربية الإسلامية من الصفات التالية:-
1. الإخلاص:-

إذا كان الإخلاص من كل العاملين والموظفين والمعلمين مطلوبا على درجة واحدة فهو يطلب من معلم التربية الإسلامية على عشر درجات. الإخلاص الذي يجعل معلم التربية الإسلامية يقوم بعمله ابتغاء وجه الله- عز وجل- أولا وأخيرا. وبالتالي فهو لا ينظر إلى حطام الدنيا؛ لأنه مستعد لأن يضحي في سبيل توصيل العلم للآخرين.قال تعالى :" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ،وذلك دين القيمة "([7])
2. الثقة بالله تعالى وبما شرع لعباده:-

يجب أن ترسخ لدى معلم التربية الإسلامية الثقة بأن شرع الله عز وجل الذي ارتضاه لعباده لا يمكن أن يعتريه ما يعتري الأنظمة البشرية من نقص وقصور لأنه شرع الله. قال تعالى: "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ".([8])

وعليه أن يغرس هذه الثقة في نفوس طلابه الذين يدرسهم ،ويعلمهم الاعتزاز بالانتساب لهذا الدين 0
3. التقوى :-

التقوى هي الخوف من الله عز وجل في السر والعلن والالتزام بما أمر الله عز وجل ، الأمر الذي يجعل المعلم يراقب الله عز وجل في كل تصرف تصرفه مع طلابه ، ( حضوره ، تحضيره، تدريسه ، امتحاناته ، 000) وسائر أعماله دافعه في ذلك الخوف من الله عز وجل وليس الخوف من القوانين والأنظمة والمسؤولين قال تعالى : " أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين "([9])
4. الصدق :-

من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها معلم التربية الإسلامية ، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "([10]) وقال r " إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا "([11]) 0 فلا يجوز بحال من الأحوال أن يُؤْثــَرَ على معلم التربية الإسلامية كذبا ولو مـِزاحاً ، فهو مرب وقدوة وينظر إليه طلابه وزملاؤه مثلا أعلى ، فعليه أن يحترم هذه المكانة ويحافظ عليها ولا ينزع ثقة طلابه به 0

وليذكر قول الله تعالى :" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد "([12])
5. الصبر :-

العملية التعليمية صعبة وشاقة وتحتاج إلى قوة تحمل عالية وعلى مدرس التربية الإسلامية أن يضرب المثل الأعلى في الصبر والتحمل مثله الأعلى في ذلك وقدوته رسول الله r ، الذي تحمل المشاق والصعوبات والإيذاء في تبليغ الدعوة ،وهو مع ذلك لم يتراجع ولم يهن أو يتضجر وإنما كان صابرا محتسبا ، وليتذكر دائما أنه يحمل رسالة سامية يوصلها لطلابه وله عليها الأجر العظيم عند الله 0قال تعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "([13]) وقال رسول الله r " والصلاة نور ،والصدقة برهان ، والصبر ضياء "([14])
6. الأمــــــــانة:-
من الخصال التي دعا إليها الإسلام الحنيف ، والتي يتوجب على ملم التربية الإسلامية الالتزام بها ، بل ويجب عليه أن يكون مثالا يحتذي بها ، ومن الأمانة أن يكون المعلم أمينا على عمله الذي يقوم به ،فيعد دروسه إعدادا سليما ، ويحرص على وقت تلاميذه ، وأن يكون أمينا في توصيل المعلومات لطلابه ،ولا يخجل من قول كلمة الحق ، ,أن يتصف بالأمانة العلمية فينسب الأمور والوقائع والأحداث لأصحابها ، قال تعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " ([15]) وقال رسول الله r " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان "([16])
7. حب المهنة والانتمــــــــــاء إليها :-

على مدرس التربية الإسلامية أن يكون محبا لمهنته راغبا فيها ، سعيدا في عمله بعيدا عن التضجر والتذمر يسعى إلى تنزيه مهنته وصيانتها عن دنيء المفاسد ،لا يتخذ علمه سلما يتوصل من خلاله إلى الأعراض الدنيوية من جاه أو مال أو سلطان أو سمعة أو شهرة أو خدمة أو تقدم على أقرانه ، وتنوه عن الطمع في رفق من طلبته بمال أ,خدمة أو غيرها بسبب اشتغالهم عليه وترددهم إليه " ([17])
8. سعة الأفــــــــق والاطـــــلاع :-

هذه الصفة تتطلب من معلم التربية الإسلامية أن يواظب على المطالعة والبحث وأن يشارك في الندوات والمؤتمرات العلمية والتربوية ، بما ينمي معارفه وقدراته ويوسع مداركه ويعمق نظرته للأمور ، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كان المعلم واسع المعرفة ، على دراية بتخصصه العلمي، مطلعا على العلوم الأخرى ، وعلى دراية بالقضايا المعاصرة ، والمشكلات المستجدة 0([18])
9. الثقافــــــة الشرعية الواسعـة:-
معلم التربية الإسلامية محط أنظار الطلاب والمعلمين في المدرسة وهو بمثابة المفتي لهم ، فكل من تصادفه مشكلة يتوجه بها إلى مدرس التربية الإسلامية ، فهذا يريد فتوى شرعية ، وهذا يريد تفسير آية قرآنية ، وهذا يريد معنى حديث شريف ، وذاك يريد حكم تجويد 000 الخ كل هذا لثقتهم بمدرس التربية الإسلامية ، فعليه أن يكون عند حسن ظنهم فيكثر من المطالعة في كتب الفقه والتفسير والحديث والتجويد والثقافة العامة 0
10. عارف بطبيعــــــة المتعلــــم :-
على المعلم أن يعرف أن لكل متعلم قدرات واستعدادات خاصة تختلف عن الآخرين ، وعليه أن يتعامل معه على هذا الأساس ، قال رسول الله r " نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم 0"([19]) ولا شك أن معرفة طبيعة المتعلمين تتطلب مهارات ومعايير معينة ، ويتطلب من المعلم فراسة وذكاء يميز من خلالهما قدرات المتعلم وإمكاناته ، ويتطلب منه معرفة ببعض القضايا التربوية ، حتى يستطيع إعطاء الطالب ما يستحق ، ولا بد هنا من تعريف الطالب بمستواه وإمكانياته وأنه إن طلب أكثر من طاقته فإن ذلك يضره ولا ينفعه 0
11. صائن لعلمـــه ونفسه عن المفاسد :-
معلم التربية الإسلامية كالثوب الأبيض الناصع أي شيء من الغبار يمسه يظهر فيه ، فغليه أن يحافظ على نفسه ويصونها من الوقوع في الشبهات ، ويبدأ ذلك بأن يترفع المعلم عن دنيء المكاسب ورذيلها طبعا ، وعن مكروهها شرعا ، ويتجنب مواضع التهم ، ولا يفعل شيئا يتعين نقص مروءة ، أو ما يستنكر ظاهرا وإن كان جائزا باطنا ، فإنه يعرض نفسه للتهمة وعرضه للوقيعة ويوقع الناس في الظنون المكروهه0([20]) وتبدو هذه ال***** للمعلم من خلال علاقته بالمتعلمين حين يصون نفسه عن الطمع في طلبته بمال أو خدمة أو غيره بسبب اشتغالهم عليه وترددهم إليه([21]) .
12. نـاصح للمتعلمـــــين رفيق بهـــم :-
معلم التربية الإسلامية قائد تربوي في مدرسته ، يلجأ إليه الطلبة – كما أسلفنا – في كل شيء ، فعليه أن يكون مستعدا لتقديم النصح والإرشاد لطلابه في كل وقت وفي كل حين ، وأن لا يبخل عليهم بذلك ، وأن يكون مستشارا أمينا في نصحه وإرشاده رفيقا بمن يطلب منه النصح والتوجيه .
ومن الضروري أن تبنى علاقات بين المعلم والمتعلم تسودها الثقة والمحبة المتبادلة ، لأن العلاقة القائمة على الثقة لها أهمية بالغة بالنسبة لعمل المعلم إذ أن منشأ هذه العلاقة الاحترام المتبادل وهذا يعني أن المعلم يحترم الطلاب كأفراد لهم مشاكل كثيرة ، ولكن لهم أيضا استقلالهم واعتبارهم .([22])
13. حســن في المظــــــــــهر العـــام :-
الإسلام يحث على النظافة ويدعو إليها ، ومعلم التربية الإسلامية مطالب أن يكون قدوة للطلاب والمعلمين في هيئته ومظهره ولباسه ، ولذلك وجب عليه أن يهتم بمظهره ولباسه ، فيكون دائما نظيف الثياب ، مرتب الهندام ، جميل الشكل ،يبتعد عن الثياب التي لا تليق به ،خاصة الثياب المزركشة والفاقعة الألوان الغريبة الشكل ، ولا يقلد الكفار في ملابسه أو شكله ، ومن السنة أن يستخدم المسلم الطيب إذا استطاع ، قال رسول الله r " من عرض عليه طيب فلا يرده ، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة "([23])
وهنا أحب أن أشير بملاحظة لمعلمة التربية الإسلامية حيث أن التزامها باللباس الشرعي الصحيح أمر مهم جدا فهي قدوة لطالباتها فلتحذر من الزينة غير المشروعة ومن تقليد الكوافر من النساء بزينة أو لباس أو تطويل أظافر ....الخ 0
وختامــــا أقول إن معلم ومعلمة التربية الإسلامية قدوة لطلابهما بل ولزملائهما من المعلمين والمعلمات وأي خروج لهما عن المألوف يحسب عليهما ويكون له أثرا سلبيا على طلابهما فيكونا قدوة سيئة بدلا من أن يكونا قدوة صالحة وعندها تكون الطامة الكبرى . فعليهما مراعاة ذلك وأخذه بعين الاعتبار.
إعداد وتدريب معــــلم التربية الإسلامية
العملية التعليمية صعبة وشاقة ، والمعلم في عمله يواجه مواقف مختلفة تحتاج إلى معرفة بكيفية التعامل مع هذه المواقف حتى يتمكن من القيام بعمله على أحسن وجه ، من هنا كان المعلم محتاجا إلى التدريب المناسب حتى ينجح في عمله .
وقد أجريت عدة دراسات حول تدريب وتقييم أداء المعلمين في التربية العملية ووضع لذلك أدوات خاصة في عدد من الجامعات منها ( جامعة منيسونا ، جامعة بوردو،جامعة كاليفورنيا ، جامعة نبراسكا ، جامعة يومنج ، جامعة ستانفورد، ) وعلى الرغم من اختلاف هذه الدراسات في أدواتها وأساليبها ومنهجيتها إلا أنها أكدت على ضرورة تدريب المعلمين ، واتفقت على أن جوانب التدريب يجب أن تركز على الجوانب التالية([24]) :-
1. المواصفات الشخصية للمدرس .
2. المواصفات المهنية الفنية .
3. جوانب متعلقة بالتدريس كعملية.
4. العلاقة بين المدرس والتلاميذ .
5. قدرة المدرس على التنظيم .

هذا وقد أجريت عدة دراسات في البلاد العربية حول تدريب المعلمين والطلاب في كليات التربية الذين سيعملون مدرسين في المستقبل ومن هذه الدراسات : دراسة أجريت في الكويت عام1979 بعنوان : تقويم البرنامج التربوي لإعداد المعلم في قسم التربية بجامعة الكويت ، دراسة أخرى أجريت قي العراق عام 1982بعنوان تقويم الإعداد المهني لطلبة كليات التربية في الجامعات العراقية ، وهناك دراسة بعنوان تقويم برنامج الإعداد التربوي لطلاب اللغة العربية بكلية التربية جامعة الملك سعود في الرياض، ودراسة أجريت في اليمن بعنوان تقويم معلمي العلوم في كلية التربية بجامعة صنعاء ، دراسة أجريت في الإمارات (1991) بعنوان تقويم برنامج الإعداد المهني لمعلمي المرحلة الثانوية ، أما في عُــمان فقد أجريت دراسة (1995) بعنوان تقويم برنامج إعداد معلمي التربية الإسلامية بالكليات المتوسطة بسلطنة عمان([25]) ،

يلاحظ أن هذه الدراسات على اختلاف أدواتها وبرامجها تؤكد على أهمية التدريب وضرورته للمعلمين قبل وأثناء الخدمة ، وتركز على جوانب مختلفة أهمها :
1. الجانب الشخصي والنفسي

2. الجانب العلمي التخصصي
3. الجانب المهني الميداني

والحقيقة أن هذه الجوانب مهمة جداً في إعداد المعلم وتدريبه ، وإذا تم إعداد برامج بصورة صحيحة تتناول هذه الجوانب فإن النتائج المتوقعة ستكون إيجابية ومثمرة 0

وسنقدم فيما يلي تصورا بسيطا حول هذه الجوانب 0

الجوانب التدريبية لمعلم التربية الإسلامية :-

أولاً :الجوانب الشخصية والنفسية :

· الاختيار المناسب لمن يرشح للعمل في تدريس التربية الإسلامية بحيث يكون ذو شخصية قوية ، ويتمتع بحسن المظهر والنطق السليم والخلو من العيوب الخَـلْـقِِـيَّة

· اختيار من له الرغبة والموهبة في العمل في مهنة التدريس بدافع وحب شخصي لهذه المهنة لأن ذلك سينعكس إيجابيا على عمله .

· إقناع من يختار للعمل بمهنة تدريس التربية الإسلامية بأن ما يقوم به مهنة سامية فهو يقدم للناس كتاب الله وسنة رسوله r القائل " إنما بعثت معلما([26]) " فمهنته هي مهنة الأنبياء والرسل الكرام ، إن شعور المعلم بهذا ستكون له آثار إيجابية على عمله وعلاقاته مع تلاميذه الذين يتعامل معهم .
ثانياً: الجانب العلمي التخصصي :

الجانب العلمي للمعلم تقوم به غالبا المؤسسات التعليمية من المعاهد والكليات والجامعات ، ولكن ليس كل من يتخرج من الجامعات والكليات على مستوى يمكنه من العمل في التدريس ، وقد أثبتت التجارب والوقائع العملية أن مستوى المعلم العلمي له أثر كبير على قدرته على التدريس . إن غزارة المادة العلمية هي أحد عناصر الكفاية الخاصة للعلم ، وتظهر أهمية ذلك من خلال ميل المتعلمين وحبهم ,وإعجابهم وإقبالهم على معلمهم ،لما يجدونه عنده من حسن تصرف ([27]).

وعلى الرغم من الدور الذي تقوم به المؤسسات التعليمية في إعداد المعلم فإن المعلم يحتاج إلى إعداد من نوع خاص :

· دورات خاصة في القضايا العلمية المتعلقة في المناهج التي سيقوم بتدريسها حتى يستطيع التعامل معها بسهولة ، فقد يختلف ما درسه في الجامعة مع ما يتم تدريسه ، فمثلا قد تكون دراسة المعلم الفقهية على المذهب الحنفي ويدرس منهاجا يتبع المذهب المالكي أو الشافعي .

· إعداد في أحكام تلاوة وتجويد القرآن الكريم عمليا لاسيما وأن الجامعات تدرس الأحكام غالبا نظريا ولا تهتم بالنواحي التطبيقية العملية إلا للمتخصصين في القراءات وليس لجميع طلبة كليات الشريعة .

· إرشاد المعلم إلى أهم المراجع العلمية اللازمة للمادة التي يقوم بتدريسها .

ثالثا :ًالجانب المهني الميداني :

يقصد بالجوانب المهنية تدريب المعلم على كيفية تنفيذ دوره كمعلم ، والحقيقة أن المعلمين الذين درسوا في كليات التربية تلقوا تدريبا عمليا على بعض القضايا التربوية اللازمة للمعلم ، ولكن مواجهة الطلاب في الموقف التعليمي الحقيقي يختلف عن التدريب أثناء مرحلة الدراسة ،

من مفاخر المسلمين أنهم أدركوا أن العلم وحده لا يكفي ليكون سلاح المعلم ، وعرفوا أن لابد من أن يضاف إلى العلم فن التربية ، ليتمكن المدرس من دراسة نفسية الطفل والنزول إلى مستواه والاتصال العاطفي به ليكون ذلك جسرا يوصل خلاله العلم إلى عقل التلميذ. قال ابن عبدون : والتعليم صناعة يحتاج إلى معرفة ودربة ولطف ، فإنه كالرياضة للمهر الصعب الذي يحتاج إلى سياسة ولطف حتى يرتاض ويقبل التعليم ([28])

ومن القضايا التربوية التي يحتاج المعلم إلى التدريب عليها:

1. الإدارة الصفية والتفاعل الصفي

2. التخطيط التربوي ( اليومي والسنوي )

3. أساليب التدريس والتقويم

4. استخدام الوسائل التعليمية الحديثة .

5. تحليل المناهج والتعامل مع الكتب المدرسية

6. الأنشطة الطلابية اللاصفية

7. التعامل مع الطلاب وحل مشاكلهم .

















الكفايات الضرورية للمعلم

أولاً: الكفايات الشخصية للمعلم

المعلم هو العنصر الفعّال في عملية التعليم ، فبمقدار ما يحمل في رأسه من علم وفكر ، وما يحمل في قلبه من إيمان برسالته ، ومحبة لتلاميذه ، وما أوتي من موهبة وخبرة في حسن طريقة التعلم يكون نجاحه وأثره في أبنائه وطلابه وكثيراً ما كان المعلم الصالح عوضا عن ضعف المنهج وضعف الكتاب ،وكثيراً ما كان هو المنهج والكتاب معاً. ([29])

فالمعلم هو الربان الذي يسخر براعته ومهارته في إيجاد التناسق والتفاعل الإيجابي بين العوامل التي تؤثر على سير السفينة نحو وجهتها بسهولى ويسر .

لا شك أن شخصية معلم التربية الإسلامية تعلب دوراً مهما في إيجاد المحبة والمودة بينه وبين تلاميذه ، فما هي مقومات الشخصية التي يجب أن تتوفر في معلم التربية الإسلامية ؟ .

1 - الإخلاص والتقوى :

الإخلاص والتقوى عاملان ضروريان لنجاح المعلم في أداء رسالته فكيف إذا كان هذا المعلم معلما للتربية الإسلامية؟. قال تعالى:

" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً " ([30])

وإحسان العمل لا يكون إلا بالإخلاص والتقوى .وشعور المعلم بأن ما يقوم به هو رسالة سامية يستحق عليها الأجر والثواب من الله تعالى يدفعه للعمل بفاعلية وكفاءة وإتقان امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم :" أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه "([31])

إن شعور التلاميذ بإخلاص معلمهم وحرصه على مرضاة الله تعالى يغرس في نفوسهم شعوراً عميقاً بالمسئولية وتدفعه لأداء واجباتهم برغبة وبصورة مستمرة كما أنه يغرس في نفوسهم محبة معلمهم ومدارسهم .

2- قوة الشخصية :

إن قوة الشخصية عامل مهم جداً في نجاح المعلم في إدارة صفه وحسن قيادته لتلاميذه ، من خلال حديثه ونظراته إليهم ، ودون أن يلجأ إلى الصراخ أو رفع الصوت أو حمل العصا والتهديد والوعيد بل بما يملكه من قدرات قيادية وغزارة علمٍ ومحبةٍ لتلاميذه .

ونعني بقوة الشخصية في التدريس القوة المعنوية التي تمكن المدرس في أن يمتلك زمام صفه وَتحمل تلاميذه على أن يقبلوا عليه ، ويمتزجوا به ويستجيبوا له، وطبيعي أن هذه الشخصية لا ترتبط دائما بضخامة الجسم أو جهامة الوجه أو غلظ الصوت 0([32])

ومن ميزات الشخصية القوية الجاذبية التي نقصد بها أن يكون المعلم عادياً في طريقة مشيته وجلوسه وحديثه بحيث لا يكون ملفتاً للنظر أو تشتيت الفكر أو مدعاة للنفور من المتعلمين ، وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية عدم معاناة المعلم من تشوهات خلقية ملفتة للغير سواء كانت وراثية أو بسبب الحوادث .([33])



لقد اشتكى بعض المعلمين في أحد المدارس الثانوية من تصرف طلابهم في أحد الصفوف ومشاكستهم في الحصص ، و عندما حققت الإدارة في الموضوع فوجئت أن أحد المعلمين له من الحب والاحترام والتقدير عند ذلك الصف ما يجعلهم يستمعون إليه بكل أدب واحترام واستمتاع وعند سؤالهم قالوا إن هذا المعلم يتمتع بشخصية قوية أخاذة ، فما أن يدخل الصف حتى يمتلك قلوبنا وعقولنا بمظهره وتعامله وقوة إقناعه ومحبته ، الأمر الذي يجعلنا نسمع له برغبة وحب بينما غيره من المعلمين لا يفهمنا ولا نفهمه .

3- الذكاء

الذكاء من أهم الصفات التي يحتاج إليها المدرس كما يحتاج إلى العقل المرن وبعد النظر وتنويع الأساليب لأصناف الناس ، كما يحتاج إلى تفهم نفسيات المخاطبين وعقولهم وواقعهم ومستوياتهم الخلفية واتجاهاتهم ([34])

فالمعلم في أي مرحلة من مراحل التعليم لابد أن يكون على مرتبة مقبولة من الذكاء ليتمكن من توصيل المعلومات لطلابه من أيسر السبل وأفضلها ، وإن ذكائه كفيل بأن يبقى احترام طلابه له وتنقذه من كثير من المواقف المحرجة ويساعده على ترتيب المعلومات .([35])

ومن مقومات الذكاء في أداء المعلم قدرته على الإبداع والتأمل في التعامل مع المعلومات ، لأن دور المعلم يتعدى مجرد تقديم المعلومات وشرح المفاهيم إلى استنارة تفكير التلاميذ نحو التأمل والتحليل والوقوف على مشارف حقائق وتفسيرات ونظرات جديدة ([36])

وهنا لا بد أن أذكر إخواني المعلمين أن من علامات ذكاء المعلم أن يحفظ أسماء تلاميذه ويناديهم بها، لا أن تنتهي السنة الدراسية وهو لم يحفظ نصف أسمائهم .

إن مناداة التلميذ باسمه يرفع معنوياته ويجذبه إلى أستاذه الأمر الذي يقوى العلاقة بينهما بينما مناداته بـ ( يا هذا ) أو ( أنت ) ( أنت ) يغرس في نفسه الجفاء والبعد .

ومن علامات الذكاء أن يحفظ المعلم مواعيده مع طلابه فلا ينساها أو يتناساها .

ويذكر كل طالب بما قام به من عمل أو نشاط أو جهد .

ومن الذكاء وحضور البديهة وسرعة الخاطر وغير ذلك مما يحتاج إليه المدرس لحسم المشكلات الطارئة ، وحسن التصرف في المواقف التي لم تدخل في حسابها ([37])

4 -- الحماس

من الخصائص الانفعالية اللازمة للمعلم قدرته على إظهار الحماس اللازم في عمله بدرجة إيجابية لتثير المتعلمين وتدفعهم نحو عملية التعلم والمشاركة فيها بفاعلية وحماس .

ومن علامات حماس المعلم أن يظهر اعتزازه بمهنته وأن يذكرها في المجالس بافتخار واعتزاز ، وأن يرفع رأسه عالياً ويقول أن معلم ولا فخر ، أما المعلم الذي يخجل من مهنته ويتوارى من الناس حياءً وخجلاً ليس بمعلم ولا يمكن أن يحبه طلابه ، إن من أراد أن يحبه تلاميذه يفخر أمامهم بعمله فيفخرون به ويحبونه ، أما عندما يرى التلاميذ أستاذهم يسخر من مهنته فإنه يسقط من عيونهم ويكون سبباً في احتقار التلاميذ لمهنة التعليم والمعلمين جميعاً .

إن الشخص الذي يختار التدريس كمهنة ومستقبل يجب أن يتحمل مسؤولية احترام مهنته والارتباط بمثلها العليا ([38])

وكم آلمني أن أسمع معلماً سأله أحد أقاربه عن مهنته قائلاً .. وأنت ماذا تفعل ؟ وما وظيفتك ؟ فكان الجواب : " والله .. والله .. إهه ، طلعت معلم !!!" . فما كان من قريبه أن قال له " يا لله… الشغل مش عيب !!".

من كان من المعلمين هذه نفسيته كيف يحبه طلابه ويحترمونه ؟؟ . وما رأيك أخي المعلم فيمن يقول :" بئس التعليم مهنة " ؟ وفيمن يقول :" إن سوء حظي هو الذي القاني في مستنقع التدريس الآسن "!!

وكيف يحب التلاميذ من يقول : إذا خرجت من المدرسة نسيت كل شئ فيها لأنني لست على استعداد على حمل هموم وأوجاع ومآسي المدرسة إلى البيت .

أخي المعلم :-

إن هذه العبارات القاسية ليست من نسج الخيال ، بل إنها حقائق ، وللأسف قالها معلمون خبرتهم في التعليم ليست قليلة .

إن المعلم المتحمس لمهنته ومادته ، يعتبر نموذجاً سلوكياً جيداً لتلاميذه ويدعوهم إلى حبه وتقليده لا شعورياً في هذه الصفات وعلى النقيض من ذلك ، فإن المعلم الخمول واللابالي يبعث في تلاميذه شعوراً بالملل والرتابة ، والجمود فيؤدي إلى فتور المتعلمين وسلبيتهم وكراهيتهم للمادة الدراسية .([39])

تشير بعض الدلائل إلى أن مستوى حماس المعلم في أداء مهمته التعليمية يؤثر في فاعلية التعليم على نحو كبير 0 وقد بينت بعض الدراسات وجود ارتباط ايجابي بين حماس المعلم ومستوى تحصيل طلابه ، كما بينت هذه الدراسات أن الطلاب أكثر استجابة نحو المعلمين المتحمسين ،والمواد التي تقدم على نحو حماسي 0([40])

إن من مظاهر حماس المعلم لمهنته اعتزازه وافتخاره بها وإقباله عليها بنفس راضية مطمئنة العمل بجد واجتهاد وفاعلية يشارك في الأنشطة العامة والخاصة ، لا يتخلف عن اجتماع ولا عن دورة تربوية أو مهنية ، يتقبل التوجيهات والتوصيات ويطبق اللوائح والتعليمات ويلتزم بأخلاقيات المهنة . ويعتبر عمله قبل أن يكون واجباً رسالة سامية ينتظر ثوابها من الله عز وجل .

5-الحلم والحزم :

قال تعالى :" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين " ([41])

توجيه رباني من الله عز وجل موجَّه إلى المعلم الأول محمد صلى الله عليه وسلم يبين له أن لينه ورحمته كانت سبباً في التفاف الصحابة من حوله وحبهم له ، وإنه لو كان فظاً وغليظ القلب لا نفضوا من حوله .

أخي المعلم :

رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوتك في تعاملك مع تلاميذك فكن عطوفاً ليناً محباً كن معلماً حليماً تمتص أسوء التصرفات التي يمكن أن تصدر عن تلاميذك لأن الطـــلاب ( بفطرتهم يميلون إلى الحركة واللعب ، وعدم تقدير المسؤولية وعدم الانضباط ، مما يستدعي أن يكون المعلم متصفاً بالأناة والحلم في معالجة مواقفهم ) ([42]) ولا شك أن التلاميذ يحبون المعلم الحنون العطوف اللّيّن الجانب وتزداد محبتهم له عندما يعلمون أن حلمه وعطفه ليس نابعاً من ضعف شخصيته وإنما من محبته لهم ، فهو حازماً حكيماً في معالجة المواقف معالجة مناسبة متزنة بقوة وحزم وبعيداً عن العصبية والانفعال وبعيداً عن التهاون أو القسوة والشدة والبطش ، متمثلاً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ".([43])

إن التلاميذ يحترمون المعلم اللين من غير ضعف أو تهاون حيث يفسر الضعف أو التهاون بالعجز فيستغله التلاميذ بالتسيب والتفلت ، ويحبون المعلم الحازم من غير بطش أو قسوة لأن البطش والقسوة تغرس في نفوس الطلاب الأسى والنفور وخير الأمور الوسط .

6_ حسن المظهر

المعلم محط أنظار التلاميذ الذين تبقى عيونهم شاخصة إليه طوال الوقت الذي يقضيه بينهم ، ولذلك كان واجب المعلم أن يهتم بمظهره ولا ينسى نفسه لأن التلاميذ ( يحترمون معلميهم ويحبونهم بغض النظر عن اختلاف أحجامهم أو أطوالهم وأعمارهم وذلك إذا توافرت فيهم سمات ومميزات معينة ، فمن خلال هندامك المتزن وملابسك ونظافتها وترتيبها وتناسقها ومن خلال طريقة تصفيف شعرك والعنــــاية به ،ومن خــــلال نبرات صوتك بين علوه وانخفاضه يقترب منك التلاميــذ ويلتفون حولك ). ([44])

ونظراً لأهمية المظهر في شخصية المعلم أحب أن أقف هنا مع بعض الأمور الأساسية التي ينبغي على معلم التربية الإسلامية أن لا يُهملها ولا يغفل عنها لأهميتها في إبراز شخصيته وجعلها محبوبة لدى التلاميذ .

ومن هذه الأمور :-

1- ما يتعلق بإصلاح الهيئة العامة للجسم .:-

عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله r :" عشرة من الفطرة :

قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ،وقص الأظافر وغســـل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء " قال الراوي ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة ؛ قال وكيع – وهو أحد رواته – انتقاص الماء ؛ يعني : الاستنجاء ([45])

لقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوتيّ جوامع الكلم عدة أمور هامة جداً على المعلم أن يهتم بها حتى يظهر بالمظهر المحبب لتلاميذه ومن هذه الأمور :-

1- قص الشارب : لأن طول الشارب لا يدل على الرجولة ولا على الفتوة بل يظهر الإنسان بصورة غير محببة للنفس .

2- إعفاء اللحية ويعني إطلاقها مع تهذيبها وتربيتها بحيث تنير وجه الرجل وتجعله مميزاً عن الكفار.

3- السواك : لما فيه من فوائد جمة في تنظيف الفم وتطهيره قال رسول الله r :" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " ([46]) .

4- -قص الأظافر : فالأظافر يمكن أن تخفي تحتها الأوساخ والقاذورات التي يمكن أن تنزل في الطعام أو الشراب . وهنا نذكر الأخوات المعلمات خاصة بعدم إطالة الأظافر لأن في ذلك تشبهاً بغير المسلمين وقد نهينا عنه .

5- ومن الأمور الهامة في إصلاح الهيئة العامة للجسم النظر في المرآة .

عن عائشة رضي الله عنها قالت : أبصر النبي r ركوة فيها ماء، فاطلع فيها فرأى رأسه ولمّته ووجهه ، فقالت عائشة فقلت له في ذلك فقال:" إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليهيء من نفسه فإن الله جميل يحب الجمال ([47])

(2) ما يتعلق باللباس والهندام

عن أبي الأحوص عن أبيه قال : أتيت r في ثوب دون ، فقال :

ألك مال ؟ قال : نعم ، قال من أين المال ؟ قال ؛ قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق ، قال : " فإن آتاك الله مالاً فليرَ أثر نعمة الله عليك وكرامته ".([48])

قال علي بن أبي طالب([49]) :

أَجِدِ الثّياب إذا اكتسيت فإنها زَيْنُ الرجالِ بها تُعَزُ وَتُكْرمُ

وَدَعِ الَّتواضُـــعَ في الثياب تجوّبا فالله يعــــلم ما تُجنّ وتَكتُـمُ

فرثاث ثوبك لا يــزدك زلفـــة عند الإله وأنت عبد مجــــرم

وبهاءُ ثوبك لا يضـــرك بعد أن تخشى الإله وتتقي ما يحـرم

· على المعلم أن يحسن اختيار ملابسه بحيث تتناسب مع شكل جسمه وهيئته فلا يلبس الرجل البدين الملابس الضيقة ويلبس النحيف الملابس الفضفاضة الملفتة للنظر

· على المعلم أن يحسن اختيار ألوان الملابس التي يرتديها بحيث تكون متناسقة ومناسبة لهيبته ووقاره فلا تكون من الألوان الصارخة أو المزركشة الملفتة للنظر .

· الاهتمام بنظافة الملابس وترتيبها ، فلا ينام المعلم في ملابسه ثم يأتي بها صباحاً إلى المدرسة .

· على المعلمة أن تلبس اللباس اللائق المحتشم المتفق مع مبادئ ديننا الحنيف لأنها قدوة أمام طالباتها . فعلى المعلمة أن تغرس في نفوس طالباتها الحشمة والعفة لا أن تكون سافرة متبرجة .وهنا أذكر معلمات التربية الإسلامية أن ما يقمن به من تصرف يعتبر تشريعا بالنسبة للطالبات ، فإذا رأت الطالبات معلمتهن متزينة ومتعطرة وتسير في الشارع اعتبرن ذلك حلالا وخرجن مثلها متزينات متعطرات الأمر الذي يجعلها قدوة سيئة في الدنيا وتحمل أوزارهن في الآخرة 0

· أحب أن أذكر المعلمين الكرام أن لبس البدلة وربطة العنق جائز شرعاً وليس محرماً ولا ممنوعاً ، واعتقد أن إمكانيات المعلمين تسمح لهم بارتـــداء الملابـــس الأنيقة والجميلة دون مبالغة وترف

(3) الذوق العام وحسن المظهر

· على المعلم أن يلاحظ الروائح التي يمكن أن تنبعث منه لأن لها دور كبير وهام جداً في جذب الطلاب ومحبتهم له أو نفورهم منه .

عن جابر رضي الله عنه قال :قال النبيr : من أكل ثوماً أو بصلاً ، فليعتزلنا ، أو فليعتزل مسجدنا " ([50])

وفي رواية أخرى " من أكل البصل والثوم ، والكرات ، فلا يقربن مسجدنا ،فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " ([51])

إن من الروائح الكريهة جداً والتي ينفر منها التلاميذ وقد تورث لديهم سلوكيات سلبية وخطيرة رائحة التدخين التي تنطلق من المعلمين المدخنين ، فمن الطلاب من ينفر منها وينتقد المعلم المدخن وينفر منه ، ومن الطلاب من يبرر سلوكه السيء بالتدخين بسلوك المعلمين المدخنين .

وهنا أقدم نصيحة للمعلمين بترك التدخين لأنه حرام شرعاً ولأنه مضرّ بالصحة أو على الأقل التزاماً بتعليمات وزارة التربية والتعليم بالامتناع عن التدخين نهائياً في المدارس .

*وقفت معلمة أمام طالباتها في طابور الصباح تدعوهن إلى الاصطفاف ، فقالت لها إحداهن : لماذا تعدين طعام الغداء في الصباح يا أبلة ؟ فقالت لها المعلمة وكيف عرفت ذلك فأجابتها الطالبات بصوت واحد رائحة الطعام التي في ملابسك يا أبلة ….!!!

وأخيراً وحتى لا نطيل في هذا الموضوع كثيراً أقول إن علىمعلمي ومعلمات التربية الإسلامية أن يعملوا ما بوسعهم حتى يكونوا كالشامة البيضاء النقية في الجلد الأسود ، وعليهم أن يهتموا بملابسهم ومظهرهم العام وأن يراعوا الذوق العام فيستعملوا الطيب والروائح الطيبة ويبعدوا عن ما يشوه صورتهم أمام تلاميذهم .

7- الصدق في القول والعمل

قال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) " ([52])

من القضايا الهامة في حياة المعلم أن يكون صادقاً مع نفسه ومع طلابه ، وأن يلتزم بما يقول وأن يكون صادقاً فعلاً في هذا الأمر ، فعندما يرى التلميذ أستاذه ملتزماً بما يقول ولا يناقض قوله فعله لا شك أن ذلك يدفعه إلى حبه وإلى احترامه . أما إذا خالف المعلم قوله فعله فإنه سيخسر دينه أولاً ، ثم يخسر ثقة تلاميذه ومحبتهم ثانياً .

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله r يقول :" يُؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتاب بطنه ، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار ، فيقولون : يا فلان ما لك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى قد كنت آمرٌ بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه " ([53])

فعلى المعلم أن يكون صادقاً مع طلابه ويكون قدوة لهم ، فكيف يتحدث المعلم عن أضرار المخدرات والمنكرات والدخان وبعد ذلك يشعل الدخان وينفثه في وجوه طلابه؟

كيف يحدثهم عن حرمة الغيبة والنميمة والكذب ثم يمارس ذلك فيقف يغتاب مثلاً زملاءه المعلمين وينتقدهم ويفضل نفسه عليهم أمام طلابه ؟.

كيف يحث المعلم تلاميذه على صلاة الجماعة فيذهبوا إلى المسجد فلا يجدوه فيه وهو جار المسجد ؟

مثل هذه السلوكيات تنزع الثقة بين المعلم والمتعلم ، والمتعلم الذي لا يثق بمعلمه لا يمكن أن يحبه .

قال الشاعر ([54])

لا تنــه عن خــلق وتأتي بمثــله عــــار عليك إذا فعلت عظيــم

يا أيهـــــا الرجــل المعــلم غيــره هــــلا لنفسـك كان ذا التعليـــم

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيمــــا يصــح به وأنت سقيم

ابدأ بنفســـك فانههــا عن غيّهـــا فإذا انتهت عنه فأنت حكيـم



8- احترام العلم وإعزازه





ثانياً:الكفايات العلمية للمعلم



إن مهنة التدريس من المهن التي تحتاج إلى ثقافة عامة واسعة ، لتهذب روح المعلم ، وتقوّم سلوكه وخلقه ، وتنمي عقله وتنظمه ، وتهذب ذوقه الفني وتكشف عما لديه من استعدادات فنية وقدرات إبداعية .

ومن هنا كان لابد للمعلم من كفايات علمية حتى يكون على مستوى المهنة التي يضطلع بها ومن هذه الكفايات :

(1) المعلم ذو ثقافة عامة واسعة :

كلما ازدادت ثقافة المعلم وسعة اطلاعه كلما كان أقدر على التعامل مع طلابه وتقديم المادة العلمية لهم ، والمعلم ذو الثقافة العالمية يستطيع أن يجذب الطلاب إليه ويجعلهم يحبونه ، لا اعتقادهم بأنه يمتلك قدرات عالية يمكن أن يستفيدوا منها ولهذا فعلى المعلم ( ألا يدع فناً من العلوم المحمودة ، ولا نوعاً من أنواعه إلا وينظر فيه نظراً يطلع به على مقصده وغايته ، ثم إن ساعده العمر ظل يتبحر فيه وإلا اشتغل بالأهم منه واستوفاه وتطرف من البقية فإن العلوم متفاوتة وبعضها مرتبط ببعض ([55]).

ومن هنا أرى أن على المعلم أن لا يحصر نفسه في تخصصه فقط بل لا بد من الإطلاع على العلوم الأخرى ، والمعلم الناجح الذي يستطيع أن يأخذ من كل علم جانباً ولو بسيطاً .

من القضايا المؤسفة التي تحصل في مدارسنا أن مدرس مادة علمية يجهل بعض القضايا التاريخية أو الجغرافية لبلده وأمته بحجة أنه علمي ومتخصص في المواد العلمية أو العكس تجد مدرساً للمواد الاجتماعية أو الفلسفية قد نسي أبسط القواعد أو المعارف العلمية فنجده يعطي بعض الأمثلة أو المعلومات الخاطئة حولها مما يثير الضحك والاستهزاء من قبل تلاميذه .

فلابد إذن من إلمام المعلم بالثقافة الواسعة ، لأن وظيفة المدرس هي تقديم التلميذ لمجتمعه وتقديم المجتمع للتلميذ ([56])

(2) متعمق في مادته :

من الأمور البارزة التي تجذب المعلم إلى المتعلمين وتكسبه احترامهم غزارة المادة العلمية التي يمتلكها ، فإذا أراد المعلم أن يمتلك قلوب تلاميذه لا بد أن يملك عقولهم بما يقدمه لهم من علم ومعرفة .

( وإذا أراد المعلم أن يحقق ذاته ويُحتَرم من تلاميذه أن يطالب نفسه في كل يوم باستفادة علم جديد ، ويحاسبها على ما حصّله ، ويجتهد في الاشتغال في العلم قراءة ومطالعة وتعليماً ومباحثة ومذاكرة وفكراً وحفظاً وإقراءً غيرها) ([57])

ومن هنا نرى أن المعلم الجيد لا يقطع صلته بالمادة التي يعلمها أبداً ،إنه يقرأ بتوسعٍ وتعمقٍ ، ويقبل على الدراسة والبحث بشغف ، ليتمكن لمَّ أطراف المادة وتقديمها بأحسن صورة لطلابه ، ولا يكتفي أبداً بما يجده في الكتاب المدرسي ، ولا بد أن يتوقع من تلاميذه أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات دقيقة وواضحة ، وبدون سعة الإطلاع لا يستطيع الإجابة .

ومما يؤسف له ما نجده من انصراف المعلمين بشكل عام عن المطالعة والبحث واقتصارهم على ما تقدمه لهم الكتب المدرسية المقررة حتى أصبحوا نسخاً عنها ، بل ونجد من المعلمين من ينزعج إذا تم تحويله من مرحلة دراسية إلي أخرى لأنه سوف يتعامل مع كتب ومناهج جديدة ، والأدهى والأمر أنه إذا كلّف ببحث أو دراسة فإنه يشعر وكأنه كُلّف بنقل جبل من مكانه وإذا كلًف خاطره وقام بهذا البحث فإنه يقوم به على مضض ولا يكلف نفسه أن يعده إعداداً علمياً سليماً .

(3) المعلم باحث ونامٍ في مادته :

من القضايا التي تجذب المعلم إلى طلابه وتغرس في نفوسهم حبه واحترامه ، أن يأتيهم بالجديد دائماً ، ويأبى أن يشرب طلابه من الماء الراكد أو يأكلوا طعاماً من اليوم الفائت . وإنما يحاول أن يأتيهم بالجديد في كل حصة ، ولا يكون له ذلك إلا إذا كان دائم البحث والإطلاع ، وطلب العلم والسهر عليه .

إن العالم اليوم شديد التغير ، يعيش ثورة تكنولوجية هائلة ، يتبعها ثورة معرفية موازية لها ومن لا يتابع كل جديد ، يجد نفسه متأخراً وقد فاته الركب .

إن المعلم الذي لا يطور نفسه ويبحث بجد واجتهاد سيجد نفسه يركض خلف طلابه ولا يستطيع اللحوق بهم مهما أسرع الخطى .

ومن الأمثلة الشاهدة على ذلك أن طالباً سأل مدرساً في حصة الحديث الشريف عن درجة صحة الحديث الذي يدرسهم إياه فقال المعلم سوف آتيك بالإجابة غداً أو في الحصة القادمة 0 وبعد مدة سأل الطالب أستاذة ، هل تحققت من صحة الحديث يا أستاذ؟ فأجابه المعلم لم استطع التحقق منه لأنه ليس لدى مصدر موثوق حتى أتحقق منه ، أنا آسف . فقال الطالب : لا بأس يا أستاذ ! خذ هذه الورقة فقد راجعت الحديث بنفسي على جهاز الحاسب الآلي من موسوعـة الحديث الشـــريف و أحضرته لك مخرجاً من خمسة عشر مرجعاً ومطبوعاً بنفس خط كتابة الحديث الشريف في الكتب المعتمدة 0

لقد سبق هذا الطالب أُستاذه ، فان لم يتدارك المدرس نفسه في البحث والاجتهاد واستخـــدام الوسائل الحديثة ، ويكون طالب علم حقيقي فســوف يتجاوزه طـــلابه

ولا أظن أن مدرساً يتجاوزه طلابه علمياً يمكن أن يكون محبوباً لديهم ، بل على العكس سوف يعتبر متخلفاً لا يستحق الحب والتقدير 0

فعلى معلم التربية الإسلامية أن يكون ملماً بكل الفنون التي يمكن أن تسخر لخدمة المادة العلمية، ولا يرحم الطلاب المعلم الذي يقول أنا لا أعرف استخدام الحاسوب وليس عندي حاسوب في وقت أصبح الأطفال يستخدمونه 0





4- المعلم متواضع وموضوعي :

قال تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماء "([58])

المعلم الحقيقي هو الذي يعرف قيمة العلم ، ويعرف أنه مهماً تعلم وارتقى في علمه يبقى طالب علم ولا يمكن أن يغتر بعلمه ، وبالتالي فإن المعلم المتواضع في علمه لا يتردد في أن يقول لا أدري إن كان لا يدري ، وكم يكبر المعلم في عيون تلاميذه ويكبر حبهم له عندما يقف أما مهم يقول لا أدري ، بل إن الأهمَّ من ذلك أن يعترف بخطئه ويتراجع عنه ، فهو ليس معصوماً عن الخطأ، فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل

إن المعلم يعرف الكثير فإذا سئل وقال لا أدري فإن ذلك لا يضع من قدره كما يظن بعض الجهلة ، بل يرفعه ، لأنه دليل على ثقته بنفسه ،وقوة دينه وتقواه ، وطهارة قلبه ، وكمال معرفته وحسن نيته … وإنما يأنف من قول لا أدري من ضعف ديانته وقلة معرفته ، لأنه يخاف من سقوطه من أعين الحاضرين ، وهذه جهالة ورقة دين ، وربما يشتهر خطؤه بين الناس فيقع فيما فرّ منه ويتصف عندهم بما احترز عنه ([59])

فالمعلم إذا شعر بخطأ صدر عنه سارع إلى الرجوع عنه انطلاقاً من الأمانة العلمية حيث الأمانة من لوازم الإيمان .

سئل العلامة ابن باديس رحمه الله عن مسألة فقهية ، فأفتى فيها بغير المشهور ، ولما تبيّن له الصواب رجع إليه ، ونبه على ذلك الخطأ وأورد الصواب في مجلة الشهاب ، وقد كان يكفيه أن يوضح تلك المسألة للسائل فحسب ، وعلل صنيعه ذلك قائلاً :" أردت أن تكون لكم درساً في الرجوع إلى الحق وأضاف موضحاً : تركت لكم مثلاً أنه إذا كان الإنسان عالما يجب عليه أن يعيش للعلم " ([60])

ويذكر أحد الموجهين أنّه حضر حصة تلاوة عند أحد المعلمين ، وأثناء تلاوة المعلم أخطأ في تلاوة كلمة ولم ينتبه لنفسه وبعد أن انتهى من التلاوة طلب من أحد الطلبة أن يتلو الآيات ، وأثناء تلاوة الآيات قرأ الطالب الكلمة خطأ كما قرأها المعلم ، فأوقفه المعلم وصوّب له الخطأ فقال الطالب أنت قرأتها هكذا يا أستاذ ، فقال المعلم إن كنت قرأتها هكذا فقد أخطأت وأنا آسف والصواب أن تقرأها هكذا .. فقال الطالب مسروراً شكراً يا أستاذ .

لا شك أن المعلم الذي يقول لا أدري عندما لا يدري ويعترف بخطئه إذا أخطأ يكسب ثقة تلاميذه ومحبتهم ويقبلون عليه بالسؤال والاستفسار ، لشعورهم بأنه صاحب حقيقة يجهر بها ولا يخشى في الله لومة لائم.

5 -المعلم نامٍ مهنياً :

المعلم الناجح يجب أن يكون ناميــاً في مهنته بالإضافة إلى نموه في مادتــه العلمية وتعمقه فيها ، فعلى المعلم أن يقرأ في الكتب التربوية الخاصة بمهنة التدريس، ليتعرف على أساليب التدريس والوسائل التعليمية اللازمة لعمله ، وأن يتعرف على فن التعامل مع التلاميذ وعلى المناهج التعليمية وكيفية التعامل معها وهذا لا يتحقق إلا إذا قام بالبحوث والدراسات الخاصة بالأمور التربوية .

فعلى المعلم أن يمتلك القدرة على عرض الأفكار بطريقة سهلة وواضحة وجذابة في نفس الوقت ولا بد له من حسن استخدام الوسائل والتقنيات المعينة في التدريس وتوظيفها في تحقيق أهداف الدرس .([61])

لقد صادف الميدان التربوي الكثير من الكفــاءات العلمية من المدرسين ولكنهم فشلوا في توصيل علمهم إلى تلاميذهم لأنهم لم يمتلكوا مهارة توصيل المعلومة ومهارة التدريس.

وإذا لم يستطيع المعلم من توصيل المعلومة للمتعلمين ولم يستطيع التعامل معهم بالأسلوب السليم فإنه سوف يسقط من عيونهم ، وعندها يكون قد فشل فشلاً ذريعاً .

ومن مفاخر المسلمين أنهم أدركوا أن العلم وحده لا يكفي ليكون سلاح المعلم ، وعرفوا أن لا بد من أن يضاف إلى المعلم فن التربية ليتمكن المدرس من دراسة نفسية الطفل والنزول إلى مستواه والاتصال العاطفي به ، ليكون ذلك جسراً يوصل المعلم من خلاله العلم إلى عقل التلاميذ .([62])

6-المعلم مُبدع :

كلما كان المعلم مبدعاً ومبتكراً في طريقة تعامله مع طلابه كلما كان محبوباً لأن الروتين الدائم والرتابة في العمل يؤديان إلى الملل والسآمة والنفور ، ومن هنا على المعلم أن يجدد دائماً في أساليبه التدريسية وفي إعداد وسائله التعليمية وفي طريقة تقويمه وفي طريقة تعامله مع طلابه وفي الأنشطة اللاصفية التي يكلف بها طلابه وأن يعمل دائما على التجديد والإبتكار .

























ثالثاُ:الموقف التعليمي

من أهم الكفايات التي تقرب المعلم من تلاميذه وتجعلهم يحبونه بحق ومن كل قلوبهم نجاحه في موقفه التعليمي .

ولكن ما هو المقصود بالموقف التعليمي ؟ يمكن القول باختصار أن الموقف التعليمي هو ما يتم بين المعلم وتلاميذه من تفاعل داخل غرفة الصف يهدف إلى إكساب المتعلم الخبرات التعليمية .

ومن أهم مقومات نجاح الموقف التعليمي للمعلم نجاحه في الأمور التالية :-

1- إيجاد محك بين المعلم والطالب .

لا بد من إيجاد معيار أو محك للتعامل بين المعلم والطالب حتى ينجح الموقف التعليمي بينهما . ويمكن بناء هذا المعيار أو المحك وفق الأمور التالية :

1- عرّف بنفسك وباسمك بوضوح .

2- احفظ أسماء الطلبة جميعاً .

3- أشعر الطالب أو المتعلم بأهميته .

4- أدخل الصف في الوقت المحدد ودون تأخير وقد أعددت كل شيء .

5- كن جادا في العمل والتدريس .

6- كن صديقاً للطلبة وأكد على ذلك .

7- طبق ما تقول لتكن قدوة لطلابك .

8- كن على استعداد أن تقول لا أعرف .

9- تناول المواضيع الحساسة بدبلوماسية .

10- تجنب النبرة الشاذة .

2- الإدارة الصفية :

بعد أن يوجد المعلم معياراً سليماً للتعامل بينه وبين تلاميذه لا بد أن يمتاز بحسن الإدارة الصفية ، لأن قيادة المعلم لصفه قيادة سليمة وصحيحة من أهم مقومات نجاح الموقف التعليمي

ومن أهم مظاهر الإدارة الصفية السليمة :-

1. حفظ النظام والهدوء داخل غرفة الصف ، فالمعلم الذي لا يستطيع أن يحفظ النظام والهدوء داخل صفه ، لا يدير صفه إدارة سليمة .

2. أن لا يحدث المعلم ما يشتت أذهان الطلبة داخل الصف لأن مهمته أن يجذب انتباههم لا أن يشتت أذهانهم

3. يحسن التصرف مع الحالات والمواقف الطارئة التي تحدث داخل غرفة الصف ويعالجها بحكمة ورويّة .

4. أن ينفذ المعلم خطته الدرسيّة بالشكل الصحيح بحيث يحقق الأهداف التعليمية التي خطط لها .

5. أن يتحلى المعلم بروح الديمقراطية في علاقاته بتلاميذه فلا يمارس التسلط في الرأي أو الإكراه في الاختيارات ([63]).

6. على المعلم أن يحترم تلاميذه في أشخاصهم وحقوقهم الإنسانية والاجتماعية والتفريق بين هذا الاحترام الشخصي وتقييم مستواهم التحصيلي الأكاديمي ([64])

3- يراعي الفروق الفردية :

المعلم الناجح هو الذي يتعامل مع الطلبة كل حسب قدرته وفهمه ، ولا شك أن مراعاة الفروق الفردية من الكفايات الهامة للمعلم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم) يدعو دائما إلى مراعاة الفروق الفردية بين الناس في التعامل معهم .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن منهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة ، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما يشاء " ([65]).

وفي حديث آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني لا أتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا ، قال فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضباً في موعظة أشد مما غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذٍ فقال " يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم َّ الناس فليوجز ، فإن من ورائه الصغير والكبير وذو الحاجة" ([66]) .

ومن هنا فإن على المعلم أن يتعامل مع تلاميذه وما يطيقون فإن منهم السريع الفهم والحفظ ، ومنهم شديد الذكاء ، ومنهم المتوسط والبطيء ، فيعامل كل منهم حسب قدرته .

ومما لا ريب فيه أن معرفة طبيعة المتعلمين تتطلب مهارات معينة ومعايير معينة أيضاً . لذا يطلب من المعلم أن يكون ذا فراسة يتوسم المتعلمين ويكشف الفروق الفردية بينهم لأن المعلم عندما يعرف طبيعة المتعلم ويعرف استعداداته وقدراته فإنه يطالبه أن يثبت في الأخذ ولا يكثر ، بل يأخذ قليلاً ، قليلاً حسب ما يحتمله حفظه أو يقرب من فهمه .([67])

ولما كان لكل متعلم قدرات واستعدادات خاصة به ، لذا ترتب على المعلم أن يسير معه بقدر فهمه فلا يلقي إليه ما لا يبلغه عقله فينفره أو يخبط عليه عقله اقتداء في ذلك بسيد البشر حيث قال : نحن معاشر الأنبيــــــاء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم "([68])

وفي مدارسنا يواجه المعلم مستويات من المتعلمين تختلف في مستوياتها الاجتماعية والفكرية والعقلية واستعداداتها وقدراتها ، فعلى المعلم أن يكون عارفاً بطبيعة تلاميذه ليكون قادراً على التعامل معهم لأنه بحسن تعامله معهم يكسب محبتهم .

فعلى المعلم أن يدفع المتفوقين وأصحاب القدرات العالية لمزيد من التحصيل بإثراء معلوماتهم بالواجبات اللاصفية التي ترقى بهم وتشجعهم على البحث والتحصيل . وأن يعامل أصحاب القدرات الضعيفة بلطف ولين وأن يُوجه لهم الأسئلة السهلة ويكلفهم بالواجبات التي تناسب قدراتهم ويشجعهم ويعزز الاستجابات الصحيحة لهم حتى يجذبهم إليه ويحببهم بمادته بل وبالمادة العلمية بشكل عام .

4- استخدام أساليب التشويق :

من الأمور التي ت*** انتباه الطلبة للموقف التعليمي استخدام المعلم لأساليب التشويق ، ويقصد بالتشويق الفن العملي في تطبيق المغريات وإثارة الرغبة بغرض جعل التلميذ يعمل بطريقة مرغوبة وبعبارة أدق وأقصر : تنظيم مثير للسلوك " ويتم ذلك عن طريق :-

1. اختيار مواد دراسية وتقديمها للطالب بطريقة مثيرة تدفعه للعمل بحماس.

2. استخدام أدوات كالثواب وحاجة الفرد للتحصيل بغرض إثارة الفرد للتعليم .

أهم الأساليب التي يمكن أن تؤدي إلى التشويق وكسب انتباه الطلبة :-

(1) إثارة حب الاستطلاع عند الطلبة .

(2) إيجاد الصدمة عن طريق تقديم مثير فعّال ي*** انتباه الطلبة من خلال بيان تناقض عقلي في موقف تعليمي مثلاً .

(3) تغيير البيئة الطبيعية في غرفة الصف .

(4) استخدام كل الحواس لإثراء التعلم إن أمكن .

(5) استخدام حركة المعلم وتنقله داخل غرفة الصف.

(6) تنويع أساليب التدريس باستمرار .

(7) تغيير نغمة الصوت من وقت لآخر .

(8) تجنب السلوك المشتت لانتباه الطلاب .

(9) تمثيل الأدوار إن أمكن .

(10) استخدام نشاطات متنوعة .

ومن أهم الأمور التي على المعلم أن يحسن التشويق فيها :

التهيئة الحافزة للحصة . كلما استطاع المعلم أن يثير دافعية المتعلم للحصة كلما كان ناجحاً في موقفه التعليمي ، لذا كان على المعلم أن يخطط كيف يقدم تهيئة حافزة مبتكرة ومشوقة لتلاميذه . ثم يتابع أساليب التشويق الأخرى في كل موقفه التعليمي.

5- التعـزيـز :

من أهم سلوكيات المعلم التي تكسبه محبة تلاميذه " التعزيز " فإذا كان من الأسس النافعة في التعليم والتربية تسديد الخطأ والأخــــذ بيد المتعلم في رفق فإنَّ مما يكملها تشجيع من أصاب وأحسن،والإشادة بإحسانه والثناء عليه ليزداد نشاطاً في الخير، وإقبالاً على العلم والعمل ويضيف إحساناً إلى إحسان فالرسول صلى الله عليه وسلم هكذا كان ([69])

روى البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه سأل النبي r يوما فقال : من أسعد الناس بشفاعتك ؟ فقالr: (لقد أ، لا يسألني أحد عن هذا الحديث أولى منك ، لما علمت من حرصك على الحديث ) ، وروى مسلم وأحمد في المسند أن النبي r سأل أبي بن كعب رضى الله عنه : ( يا أبا المنذر أيُّ آيٍّ في كتاب الله أعظم ؟) فقال آية الكرسي ، فقال r ( ليهنك العلم أبا المنذر )

تصور شعور هذين الصحابيين رضي الله عنهما وهما يسمعان الثناء من النبي r 0

ومما لا شك فيه أن مثل هذا التشجيع والثناء هو من الحوافز والدوافع للتعلم ، وهذا أحد ميادين اللقاء بين المعلم والمتعلم التي تكسب المعلم محبة تلاميذه ه ([70])

ومن أساليب التعزيز التي يمكن أن يستخدمها المعلم :

1) التعزيز المعنوي : ويكون التعزيز المعنوي بالثناء والمديح على المتعلم الذي يؤدي سلوكاً تعليماً ناجحاً ونافعاً فيقول له : أحسنت في إجابتك ، بارك الله فيك ، جزاك الله خيراً ،أنت طالب مثالي ، وقد يكتب له في الإجابات التحريرية سواء في كراسات الواجب أو الامتحانات ، نظيف ومرتب ، خطك جميل ،…..الخ

2) التعزيز المادي : يكون التعزيز المادي بتقديم هدية أو جائزة خاصة عند المتعلمين في السنوات الأولى في المرحلة التأسيسيه والابتدائية العليا ، وقد يكون بالدرجات مثلاً عند طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية .

وللأسف إن كثيراً من المعلمين من يتجاهل هذا الموضوع ويبخل على تلاميذه حتى بكلمة الشكر والثناء على أهميتها ، فكم مرة جاء أبناؤنا فرحين مسرورين يصرخون بأعلى أصواتهم عند دخولهم البيت " أنا حصلت على جائزة ، أنا حصلت على حلوى اليوم من المعلم ، وكم مرة جاءت البنت الصغيرة فرحــــة مسرورة تقول لأمها لقد كتبت ليّ المعلمة اليوم : ممتازة ، يا شاطرة ، يا أمورة …الخ ".

إن الإنسان مفطور على حب من أحسن إليه ، والإنسان بفطرته يحب أن يشكر على علمه أي بمعنى آخر يحتاج إلى التعزيز .

إن المعلم عندما يزوره الموجه التربوي ويجلس معه ليناقشه إن لم يثنِ عليه ويمدحه ويبين له الإيجابيات التي نفذها في الحصة ينفر منه ويعتبره ثقيل وصعب التعامل .

لقد قمت بحكم عملي كموجه تربوي بزيارة معلمة متميزة في مادتها وأدائها واستخدامها للوسائل التعليمية ، وبعد الحصة وأثناء المناقشة بادرتها بذكر سلبيات الحصة ، وكانت على عجلة من أمرها لانشغالها بحصة أخرى فذهبت ، فكتبت لها في



السجل التراكمي الخاص بالزيارات ، وجاءت لتوقع عليه ، فأخذت تقرأه بدقة وكلمة كلمة ، ثم وقعت وتنفست الصعداء فقلت لها ما هذا؟ لم أرك منزعجة من قبل مثل هذه المرة . فقالت عندما ذكرت ليّ سلبيات الحصة ظننت أنني معلمة فاشلة وذهبت للحصة الثانية وأنا منفعلة وتوقعت أن تكتب ليّ حاجات مزعجة ، فقلت لها على العكس إن إيجابيات الحصة أكثر من أن تحصى وتعد ، ولمعرفتي بك كمعلمة متميزة أحببت أن أنبهك إلى بعض الهِّنات البسيطة في الحصة فقط فأنت معلمة ذات خبرة واسعة فقالت طمنتني طمَّنك الله ، الآن بهذه الكلمات البسيطة أعدت إلىّ ثقتي بنفسي. فقلت لها هل عرفت الآن قيمة التعزيز وأهميته بالنسبة للمعلم ، إن قيمة التعزيز في نفس المتعلم أكثر ولذلك كتبت لك في التوصيات " أرجو من المعلمة الفاضلة زيادة التعزيز لطالباتها "

6- حسن استخدام الوسائل التعليمية :

من علامات نجاح الموقف التعليمي للمعلم ، حسن استخدام المعلم للوسائل التعليمية . والوسيلة التعليمية هي كل ما يستخدمه المعلم والمتعلم داخل الصف وخارجه بهدف نقل خبرة أو تحسين أداء ولا تعتمد على اللفظ .

ومن حسن استخدام الوسيلة التعليمية ، استخدام الوسيلة في الوقت المناسب وبالقدر المناسب .

ولا شك أن استخدام الوسيلة التعليمية يجعل الموقف التعليمي أكثر تشويقاً وجاذبية مما يؤدي إلى زيادة التفاعل بين المعلم والمتعلم . لذلك على المعلم أن يعد الوسائل المناسبة لدرسه .

هناك وسائل تعليمية موجودة داخل غرفة الصف لو أحسن المعلم استغلالها لأغنته عن كثير من الوسائل التي تحتاج إلى إعداد وتكاليف ..

1. السبورة : السبورة هي أفضل وسيلة تعليمية لأنها موجودة داخل كل فصل دراسي ولا تحتاج إلى تكاليف أو جهد ويستطيع استخدامها كل المتعلمين بلا استثناء .

فعلى المعلم أن يحسن استخدام السبورة فينظفها ويرتبها ويجعلها تشد انتباه الطلاب .

ومن قواعد حسن استخدام السبورة :

- تقسيم السبورة إلى أقسام مناسبة لاستغلال أكبر قدر منها.

- الكتابة بخط واضح ومقرؤ ومنظم .

- استخدام الطباشير الملونة مع مراعاة عدم إحداث أصوات لها أثناء الاستخدام .

- تحديد الحاجات التي ينقلها المتعلمون عن السبورة بدقة .

- وضع خطوط تخت العناوين الرئيسية أو كتابتها بخط واضح متميز.

2.الكتاب المدرسي : الكتاب المدرسي من الوسائل التعليمية الهامة التي يجب على المعلم أن يهتم بها ويوظفها بشكل جيد حيث أن وجود الكتاب المدرسي مع الطالب ضروري فمن خلاله يوضح المعلم أفكار الدرس ويحل أسئلة التقويم ….الخ .

7- روح الدعابة والمرح :

إن إلقاء المعلومات العلمية وتداولها في الصف يدخل الملل والسآمة على المتعلمين

فتشت أذهانهم ويصبح تقبلهم للأفكار صعباً والمعلم الناجح هو الذي يزيل الملل والضجر عن طلابه بعبارة رقيقة ، بدعابة عابرة تضحك التلاميذ وتعيد لهم الحيوية والنشاط يداعب الصغار ويدخل السرور على نفوسهم .

عن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ يقال له أبو عمر وهو فطيم – كان إذا جاءنـا قال : يا أبا عمــير، ما فعل النغير([71])، لنغر كان يلعب به ، وربما حضرت الصلاة وهو في بيتنا فيأمرنا بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينفخ ثم نقوم خلفه فيصلي بنا ([72])

في هذا الحديث عدة فوائد تربوية ([73]):-

1- استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب التكنية للطفل " يا أبا عمير " والتكنية تكسر الميوعة في نفس المتعلم .

2- الجملة سهلة النطق سهلة الاستيعاب وسهلة الحفظ أيضاً.

3- نزل الرسول صلى الله عليه وسلم للمستوى العقلي للطفل ، فعلى المعلم أن ينزل إلى مستوى المتعلم وهذا يدخل السرور إلى نفسه وقلبه فيزداد محبة لمعلمه .

4- في كنس البيت تدريب عملي على المهارات .

من هنا كان علىمعلم التربية الإسلامية أن يحسن الموقف التعليمي قدر الإمكان بدعابة ، نكتة قصيرة ، تعليق جاد على موقف ، ربط الدرس بالواقع ، مثال حي ، تدريب عملي ، مهارة يدوية ، ويحذر من وصف الطلاب بأوصاف مؤذية ، أو مناداتهم بألقاب أو أسماء لا يحبونها لأنها تقلب الموقف رأسا على عقب وبدلاً من أن تكسبه محبة طلابه ، تعدم الثقة بينهم وتغرس العداوة والبغضاء.

وأذكر في هذا الصدد مثالاً واقعياً حصل معي ، فقد كنت أدرس طلاباً في الصف الثاني الثانوي قبل خمسة عشر عاماً حيث وجهت سؤالاً إلى أحد الطلاب فأجاب عنه إجابة سليمة ، وكان بجواره طالبُ يلهو بورقة في يده ، فقلت له أعد الإجابة التي قالها زميلك . فنظر إليّ وقال لا أعرف فقلت له ألم تسمع الإجابة أم أن عقلك( تيفال لا يلصق به العلم ) فضحك وضحك معه التلاميذ ، وبعد يومين جاءني إلى غرفة المعلمين قال أريدك يا أستاذ لو سمحت فقلت ماذا تريد ، فقال: لقد آذيتنني كثيراً وجعلتني محل سخرية من أصحابي وزملائي في الصف فقلت مستغرباً كيف؟؟ فقال لقد سماني أصحابي ( تيفال ) ولا ينادونني إلا بهذا الاسم حتى كرهتك وكرهت حصتك فقلت له أنا آسف وسوف أعالج الموقف .

وذهبت إلى الصف واعتذرت له اعتذاراً شديداً أمام زملائه ورجوتهم أن يكفوا عن مناداة زميلهم بما لا يحب .

8- الأساليب التعليمية :

تعتبر الأســـاليب التعليمية التي يستخدمهــــا المعلم العمود الفقــري للموقف التعليمي ، ولا شك أن نجـــــاح المعلم في تنويع أساليبه واختيار الأساليب المناسبة لكل موقف تعليمي يؤدي إلى نجـــاح الموقف التعليمي وإكساب الطلاب الخبرات التعليمية المطلوبة بشكل سليم .

والمعلم الناجح الذي يختار الأسلوب المناسب للموقف التعليمي فحصة التلاوة مثلاً يصلح لها أسلوب التعلم التعاوني ، ويمكن أن يشجع المعلم فيها التعلم

الذاتي بإعطاء الطالب فرصة النطق والتصويب لنفسه بنفسه .

أما درس وحصة العقيدة أو الفكر الإسلامي فإن التعلم التعاوني مفيد فيها ويكون التعلم الذاتي أكثر فائدة إذا توفرت المصادر والكتب اللازمة للبحث وتحديد إجابات الأسئلة التعليمية

فعلى المعلم أن يختار الأسلوب المناسب وعليه أن ينوع أساليبه دائماً وليبتعد قدر استطاعته عن أسلوب المحاضرة التلقينية لأنها أقل الأساليب كفاءة وأقلها إنتاجية ويبغضها المتعلمون .

ومما لاشك فيه أن المتعلم يقترب من المادة كلما حقق فيها نتائج طيبة ، وإذا أحب المتعلم المادة العلمية تعلق بمن يعلمها وكيف يمكن للمتعلم أن يستوعب المادة العلمية ويحقق فيها مستوى علمياً عالياً إذا كان المعلمين يستخدم فيها أساليب عقيمة منفرة ؟

ومن الأساليب التي يجب على المعلم أن لا يهملها الاستقراء والاستنباط والاستكشاف حيث أنها تثير دافعية المتعلمين وتشد انتباههم . وسيأتي الحديث عن هذه الأساليبب التفصيل في فصل قادم إنشاء الله

9-كلام المعلم ونبرات صوته:

كلام المعلم ونبرة صوته تؤثر على في الموقف التعليمي ومما يتطلب منه أن لا يرفع صوته زائداً على قدر الحاجة ، ولا يخفضه خفضاً لا يحصل معه كمال الفائدة ، ويكره له سرد الحديث ، ويستحب له التمهل فيه .

عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد الكلام كسردكم إذا تكلم تكلم بكلام فصل يحفظه من سمعه "([74])

إن من المعلمين من يقتل أشد الدروس حيوية وإثارة بسبب أنهم يقدمونها بطريقة ميتة لا تبعث الحيوية إطلاقاً . لذلك نصح المربون المعلم أن تكون حركاته وإشاراته ولفتاته حقيقية ومضبوطة لا زيادة فيها ولا مبالغة ، فإتقان استخدام لغة الجسم

لا تقل عن استخدام اللغة العادية على الإطلاق ، بل إنهما يكملان بعضهما والهدف واحد هو توصيل جيد للطلاب … حتى سرعة المعلم في الحديث ثم توقفه فجأة ، وتقليل سرعته يعطي أثراً طيباً عند التلاميذ ، فيما لوعرف المعلم كيف يستخدمه،إن هذا الأسلوب قد يشد طالباً يكون قد سرح خياله بعيداً عن الدرس،أو يوقظ آخر أوشك أن ينام،وهو أيضاً قد يثير اهتمام ثالث كان يعبث بأظافره أو يهتم بمعاكسة جاره "

وفي هذا المقام لا بد أن نذكر أن المعلم في مدارسنا يواجه في صفه عدة لهجات نابعة من تنوع جنسيات الطلاب الموجودين فيه ولا سبيل له لجمع المتعلمين جميعاً إلا أن يتخلى هو عن لهجته الخاصة ويتحدث باللغة العربية السليمة ويحث المتعلمين باستمرار على التحدث باللغة العربية الفصيحة .

نحن نعيش في دول عربية مسلمة أصيلة ، وعلى المعلم أن يحافظ على هويتها العربية الإسلامية بالتمسك باللغة العربية والتحدث بها والدعوة إليه لأنها لغة القرآن الكريم ، قال تعالى :" إنا أنزلناه قرآنا عربياً " وكل يوم نشاهد ما تواجهه هذه اللغة المقدسة من جحود وهجمات من أبناءها وأعدائها ، فإن لم يكن معلم التربية الإسلامية من أنصار اللغة العربية السليمة الفصحى فمن يكون لها؟





10-ادعوهم بأسمائهم :

مما يزيد التواصل بين المعلم والمتعلم في الموقف التعليمي أن ينادي المعلم كل طالب في الصف باسمه بدلاً من أن يقول : أجب أنت . وانتبه يا هذا . وقد يتطور الأمر فينادي المعلم طلابه بأسماء أو ألفاظ وألقاب لا يحبونها ، فيقول : تكلم " يا أفندي " ..، اسمع يا شاطر ،… الخ فينفر طلابه منه لأنهم سيعتقدون أنَّ هذه الأسماء أو الألقاب يقصد بها الإهانة والسخرية والاستهزاء.

إن معرفة المعلم لطلابه ومناداتهم بأسمائهم ، يشبع بالطالب الحاجة الطبيعية للتقديــر ويجعله يشعر أنه ينتمي إلى مجموعة قويــــة ، مما يحقق عنده الحاجة إلى الاطمئنان ، ويسهل على المعلم والإداريين في المؤسسة التعليمية ضبط سلوكه وتوجيهه مضافاً إلى ذلك أن التلميذ غالباً ما يسعى إلى أن يكون عند حسن ظن معلمه به .([75])

ومما يؤسف له أن بعض المعلمين لا يحفظ أسماء طلابه حتى بعد مضي نصف العام الدراسي حتى أن أحد الزملاء حدثني مرة وهو شديد الحرج قائلاً : لقد مر بي بالأمس موقف محرج جداً ، فقلت وما هو ؟ قال ، لقد صادفني طالب في السوق وسلمّ عليَّ وقال كيف حالك با أستاذ ؟ فقلت له أهلاً بك يا .. ولم أعرف اسمه فقال "حمد" فقلت معذرة يا حمد !! كيف حالك؟ وما هي أخبارك ! أين تدرس الآن ؟ وكيف أحوال دراستك ؟ فقال ليّ ما بك يا أستاذ ؟ أنا حمد عندك في الصف الثاني الثانوي ، اليوم كنت عندنا في حصة !!! فاحمر وجهي وخجلت من نفسي وقلت سامحني يا بني لقد اختلط عليّ الأمر بينك وبين طالب آخر تخرج في العام الماضي من المدرسة . إن الذي يقرأ القرآن الكريم يجد أن الله عز وجل في كثير من الأحيان نادى أنبياءه ورسله بأسمائهم : قال تعالى " وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين "([76]) .وقال تعالى :" فلما آتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين "([77]) فإن لم يناديهم بأسمائهم ناداهم بألفاظ وصفات محببة إليهم قال تعالى :" يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير "([78])

11-العدل :

العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه .

إذا كان العدل مطلوباً في كل الأمور ، فإن العدالة في العملية التعليمية أساس لنجاح العدل في الأمور الأخرى ، لأن تربية الإنسان على العدالة منذ نعومة أظفاره تجعله يعيش هذه الحالة عندما يصبح في مستوى يطالب فيه بتطبيق العدالة. والمعلم هو منشيء العدالة ، وهو معلم العدالة ، فإذا كان المعلم غير عادل مع تلاميذه فعلى العدالة السلام . لا سيما إذا كان معلما للتربية الإسلامية 0 قال تعالى:" إن الله يأمر بالعدل والإحسان "([79])، وقال تعالى :" وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"([80]) وقال صلى الله عليه وسلم " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عَدْل …"([81])

أليس المعلم إماماً في صفه ؟! أليس المعلم مرب وموجه ؟ فكيف لا يكون عادلاً؟ . إن غياب عدالة المعلم تنشيء في الطفل الحقد والبغضاء والسخط والكراهية للمعلم وللمجتمع وللمدرسة وللتعليم وبمعنى آخر إن ظلم المعلم في تعامله مع تلاميذه يؤدي إلى تدمير العملية التعليمية برمتها .

تظهر عدالة المعلم وتتأكد حين ينال كل طالب الفرصة نفسها التي ينالها زميله في التعبير عن رأيه ، وفي تصحيح المعلم لمعلوماته ، وفي مجال الثواب والعقاب وغيرها .

ذلك إن المتعلمين يتميزون بالحساسية الشديدة تجاه عدالة معلميهم ، هذه العدالة قد لا يدرك بعضهم أهميتها ولكنها مع ذلك ربما تترك آثاراً في نفسيات المتعلمين ، وقد تؤثر على تحصيلهم العلمي في المادة التي يعلمها هذا المعلم خاصة ، بمجرد شعورهم بتحيزه وعدم عدالته ومحاباته لمتعلم على حساب آخر([82]).

ومن الأمور التي لا بد من العدالة فيها :-

1-على المعلم أن يكون عادلاً في التعامل بشكل عام مع المتعلمين لا سيما إذا تعامل مع جنسيـــات مختلفة من المتعلمين الذين يفســــرون الأمور بأهـوائهم ولا يرحمون المعلم في أي تصرف يميز طالباً عن آخر

2-العدالة في إعطاء الدرجات بحيث يأخذ الطالب حقه بالكامل إن كان سلباً أو إيجاباً .

3-العدالة في التعزيز والثواب ، لأن المتعلم يتأذى من المعلم الذي يقدر ويشجع ويعزز طالباً أكثر من الآخر ، سواء كان التعزيز ماديا أو معنوياً ، طفل صغير يعود إلى أمه فيقول لها إن المعلم اليوم قال للأولاد صفقوا لفلان ولكن عندما أجبت أنا إجابة ممتازة لم يقل لهم صفقوا .. فلماذا ؟

4-كما أن العدالة مطلوبة في الثواب فإن العدالة مطلوبة أيضاً في العقاب ، فالمعلم العادل هو الذي يصدر العقوبة على كل الطلاب بالتساوي فلا يجوز أن يعاقب المعلم طالباً بخصم درجة مثلاً وآخر بكلمة عادية على نفس السلوك المخالف.

حكى العلامة ابن عابدين أن الإمام أبا يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة وقاضي القضاة زمن هارون الرشيد قضي بين هارون الرشيد ونصراني في خصومة وقعت بينهما فقضى أبو يوسف للنصراني على الخليفة ، ولما أدركته الوفاة قال: اللهم إنك تعلم أني وليت هذا الأمر فلم أمِل إلى أحد الخصمين حتى في القلب إلا في خصومة النصراني مع الرشيد لم أُسَوِّ بينهما – أي في ميل القلب – وقضيت للنصراني على الرشيد وبكى([83]) .

في نهاية هذه الفقرة لا بد أن نقول إن على المعلم أن لا يظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض عنده في مودة أو اعتناء مع تساويهم في الصفات من سن أو ديانة أو فضيلة فإن ذلك مما يوحش الصدر وينفر القلب ، ولا يقدم أحداً على أحد ، ولا يهتم بأحدهم أكثر من الآخر وليذكر قول الله تعالى :" ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى "([84]) ، وليذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "([85]).

وفي نهاية الحديث عن الموقف التعليمي أحب أن أختم ببعض التوصيات لزيادة فاعلية المعلم في موقفه التعليمي حتى يقدم درسه وحصته بالشكل المناسب .

وقد وردت هذه التوصيات في كتاب الارتقاء بفاعلية هيئات التدريس. ([86])

(1) يجب أن يكون عرض الدرس واضحاً وهادفاً .

(2) ينبغي مراقبة مدى استيعاب الطلاب للمادة المعروضة وقدرتهم على تطبيقها تطبيقا صحيحا وملائما وذلك بشكل منظم ، إعطاء ( تدريبات وحل مسائل وتوجيه الأسئلة ).

(3) ينبغي تعريف الطلاب بمدى تقدهم كما ينبغي تصحيح أخطائهم وسوء فهمهم ، قبل أن يتراكم ذلك ويتداخل مع التعليم التالي ، والذي يطلق عليه في المصطلحات التربوية ( التغذية الراجعة المصححة ) .

(5)ينبغي أن تكون المعلومات والشروح التي يقدمها المعلمون إلى الطلبة واضحة ومفهومة وبين أكثر الطرق أهمية والتي يمكن أن يتبعونها ما يلي:-

· تقديم عرض عام للدرس وللمادة التي يحتويها.

· -أسهب في عرض الدرس ،، كلما كان ذلك ضرورياً وتزداد أهمية الإسهاب عندما يتم تعلم مفاهيم صعبة أو عرض نقاط واضحة .

· -تجنب الخروج عن الموضوع وتناوله مباشرة.

· -إذا شككت في فهم الطلاب ، راجع مدى فهمهم ، وقد تفيد الأسئلة والواجبات

· -استخدم مؤشرات لفظية للتأكيد ( هذا مهم جداً ) ،( سجل هذه الملاحظة) ، ( ضع خطاً تحت هذه العبارة ).

· -استخدم – خلال الشرح – مصطلحات وأوصاف أكثر دقة .

(6) إن العرض بالمشاهدة والشرح اللفظي مجتمعين ، أكثر فعالية من أيهما بمفرده .

وهنــــــــــا أحب أن أُكد أن نجاح الموقف التعليمي للمعلم سيجعل الطالب محبَّا للمادة التي يدرسها ومتعلقاً بها ، وحبُ الطالب للمادة وتعلقه بها يعنى حبه للمعلم الذي يقوم بتدريسها وتعلقه به .


رابعاً: التواصل بين المعلم والطالب

بعيداً عن المواقف التعليمية ، وبعيداً عن الأساليب والوسائل والكتب والكراسات كيف تكون العلاقة بين المعلم والطالب ؟ لاشك أن شخصية المعلم وكفايته العلمية والثقافية وموقفه التعليمي سينعكس بشكل كبير على علاقته بالطالب

يستجيب التلاميذ استجابة وجدانية لخصائص المعلم، وتؤثر هذه الاستجابة الوجدانية في أحكامهم على فعالية التدريس . وقد أكدت البحوث على أن التلاميذ يقدرون في المعلم: المهارة في التدريس والوضوح ، والاهتمام بالعمل,والتحكم الجيد في الفصل , والعدل والحياء, والصبر والمرح, والفهم القائم على التعاطف والاهتمام بالتلاميذ , ورغبته في معاونتهم والعطف عليهم والاهتمام بمشاعرهم ، ومن ناحية أخرى فهم لا يحبون في المعلم التردد في أثناء الأداء الطيب , والمحاباة والعقاب وعدم الاستقرار وسرعة الاستثارة والثرثرة والحذر والتسلط وسرعة الانفعال. ([87])

وقد تحدثنا سابقا عن شخصية المعلم وكفايته العلمية وموقفه التعليمي،وحتى تكتمل الحلقة ويتم البناء لابد أن يكسب المعلم تلاميذه خارج الصف والمدرسة وحتى يحقق ذلك عليه أن يجعل التواصل بينه وبين تلاميذه مستمراً ويحافظ على استمراره.

ومن الأمور التي تدعم التواصل بين المعلم وتلاميذه

أولاً: الثقة المتبادلة:

إن ثقة المتعلم بالمعلم مهمة جداً ، فالثقة أساس المحبة والمودة ، وأهم المثيرات التي تثير دافعيه المتعلم للتقبل من المعلم ولذلك فإن على المعلم أن يغرس الثقة في نفوس ([88]) طلابه ، فكيف يكسب المعلم ثقة طلابه؟

1-الصدق في القول والفعل فعلى المعلم أن يلتزم التزاماً تاماً بما يقول ويدعو إليه. فالمعلم الذي يدعو طلابه إلى الالتزام بالوقت وعدم التأخر عن الحصص يجب عليه أن لا يتأخر ثانية واحدة عن بداية الحصة

2-القدوة في السلوك , المعلم بسلوكه وأخلاقه يكون محل ثقة وتقدير من التلاميذ.

3-حسن التعامل مع الطلاب يؤدي إلى الثقة

4-الكفاءة والقدرة في التدريس واستعداد المعلم الاعتراف بإمكانياته العلمية

5-اعتراف المعلم بخطئه, واستعداده أن يقول لا أدري دون خوف أو وجل من تلاميذه

إن ثقة المتعلم بأستاذه لها نتائج مهمة جداً على المتعلم:

1- إثارة دافعة المتعلم للتعلم

2- اتخاذ المعلم قدوة في كل شيء

3- إن ثقة المتعلم بالمعلم يجعله يفضي بهمومه ومشاكله وأسراره لأستاذه

4- لجوء المتعلم إلى المعلم ليحل له مشاكله ويساعده في أموره كلها

وعلى المعلم أن يثق بالمتعلم ويشعره بوجوده ومكانته ، فإن تكلم سمع له، وإن تحدث صدقه ، وإن لجأ إليه بمشاكله استجاب له
ثانياً :العلاقات الإنسانية

إن المعلم الجيد هو الذي يعرف بأن عملية التعلم إنما هي اتصال بين شخصين إحداهما شخصية المتعلم لكل أفكاره وعواطفه واتجاهاته ، والآخر هو المعلم بكل أفكاره وانفعالاته واتجاهاته أيضاً .([89])

فعلى المعلم أن يقدر المشاعر الإنسانية لدى المتعلمين ، ويشاركهم فيها ، فالمتعلم قد يحزن على موت صديق أو قريب ، أو مصيبة أصابت أهله ووطنه ، ويفرح في المناسبات التي فيها أفراح، فعلى المعلم أن يحترم هذه المشاعر ويحاول المشاركة فيها قدر المستطاع.

وكذلك على المعلم أن يشارك تلاميذه في الرحلات العامة وفي الاحتفالات ، والمناسبات بمرح ولهو بريء في حدود المألوف ،ودون تجاوز الخطوط الحمراء التي يجب أن تفصل بين المعلم وطلابه في التعامل .

إن المعلم الإنسان ، هو المعلم القادر على التواصل مع الآخرين والمتعاطف والودود والصادق والمتحمس والمرح والديمقراطي والمنفتح والمبادر والقابل للنقد والمتقبل للآخرين0([90])

لقد التقيت مع أحد طلابي بعد خمس عشرة سنة وقد عرفني ولم أعرفه بعد هذه المدة ، فقال ألا تذكرني يا أستاذ أنا فلان ، هل نسيت مدرسة … الثانوية ….. ألا تذكر يوم أن أعد طلاب صفنا وتحت إشرافك طعام الإفطار في رمضان وتناولناه في ساحة المدرسة ، هل تُنسى تلك الذكريات الحلوة؟

إن المعلم الذي يغلق أذنيه ، ويوصد قلبه ، عما يقوله المتعلمون إنما يحمل نفسه بعيداً عن تلاميذه ويصبح كل منهم غريباً عن الآخر ويجهل عنه كل شيء([91])

إن المعلم الذي يستمتع بالتعاون مع الآخرين من أجل الصالح العام يكون معلماً ناجحاً في عمله مع تلاميذه والمعلم الذي لا يحب العمل الجماعي ويقلقه التعاون مع الآخرين ويجد المتعة في التفرد والانعزال تتعرض العملية التعليمية على يديه إلى الفشل الذريع. ([92])
ثالثاً : المعلم ناصح أمين وصديق حميم

المعلم ناصح لتلاميذه أمين على مصلحتهم ، وهو صديق لهم ، وحتى يكون المعلم صديقاً حميماً للطالب عليه—كما أسلفنا -- أن يكسب ثقته ، وبكسب الثقة تنجح النصيحة ويتقبلها التلاميذ وعلى المعلم أن يعقد صفقة صداقة بينه وبين تلاميذه،صداقة منبعها الثقة والنصيحة والحرص عليهم . ، فالإنسان قد لا يبيح بأسراره ولا يفصح عنها لأخيه ولكنه يفصح عنها لصديقه ليساعده على حل مشاكل، فهل يصل المعلم مع تلاميذه إلى مرتبة الصداقة الحقيقية، التي تجعل الطالب يفتح له قلبه ويبيح له بأسراره ويشاركه في مشاكله ؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) ([93])فعلى المعلم أن لا يدع فرصة مهما كانت إلا واستغلها في نصيحة المتعلمين ، فلا يقبل منهم موقفاً أو سلوكاً غير سوي إلا وبادر بتقديم النصيحة ، فهو أحرص منهم على أنفسهم ، وأقدر منهم على معرفة مصالحهم0

رابعاً: الحلم والتواضع:

قال تعالى : " واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " ([94])وقال تعالى : " فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى " ([95]). وقال تعالى : " خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين "([96]).

وقال تعالى " ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور " ([97])

تتفاوت درجات الناس بالثبات أمام المثيرات ، فمنهم من تستخفه التوافه، فيثور على عجل ،ومنهم من تستفزه الشدائد فيبقى على وقعها الأليم محتفظا برجاحة فكره وتوازنه ([98])

والذي يدرس سيرة خير الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام يجد أنه ضرب أروع الأمثلة في الحلم والتواضع ، ولا شك أن معلم النربية الإسلامية لن يجد قدوة له خير من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يلتزم بأخلاقه ويستن بسنته ، فإذا بحث عن التواضع فإنه يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين ، يتعامل مع الصغير كما يتعامل مع الكبير ، يحدث الصبيان ويداعبهم ،ولا ينكر بأنه في يوم من الأيام كان يرعى الغنم . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r " ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم ". قال أصحابه : وأنت ؟ فقال " نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة " ([99]) وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبتُ ، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت " ([100])

فليكن المعلم في تعامله مع تلاميذه مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم فيتحمل منهم ما يصدر عنهم من تصرفات وسلوكيات، حيث أن التلميذ طفل كثير الحركة مهما كان كبيراً ،وليتعامل معهم بلطف وتواضع . فإذا دخل صفه فليسلم على طلابه، وإذا وجدهم في ساحة المدرسة فليقف معهم ويشاركهم حديثهم 0

وعلى المعلم أن يتنازل عن كبريائه ويتواضع لتلاميذه ويحلم عليهم ويأخذهم بعطفه وحنانه ولينظر ماذا يحصــــل وكيف يتصرف التلاميذ بعد ذلك ، لقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أُدعُ على المشركين وألعنهم فـقال : " إنما بعثت رحمة لم أُ بعث لعاناً " ([101])وعلى قدر ما يضبط المعلم نفسه ويملك قوله ويتجاوز عن الهفوات تكون منزلته .

فالتواضع من أخلاق العلماء ، لأن العالم الحق لا يركبه الغرور ولا يستبد به العجب ، لأنه يدرك بيقين بأن العلم بحر لاشطآن له ولا يصل أحد لقراره وصدق الله العظيم إذ يقول " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ([102])

وليعلم المعلم أن قافلة العلم والعلماء مديدة طويلة ضاربة في أغوار الماضي ، موصولة بالحاضر ممتدة في المستقبل ، وما هو إلا واحد منها ، فلا ينبغي له أن يغبط فضل السابقين أو ينكر جهد اللاحقين.

وعليه أن يصبر على جفاء المتعلمين ، وسوء أدبهم في بعض الأحيان ، فيبسط عذره بحسب الإمكان ويوافقه مع ذلك على ما صدر منه بنصح وتلطف لا بتعنت ولا تعسف قاصداً بذلك حسن تربية أو تحسين خلقه وإصلاح شأنه([103])

أذكر أن أحد الطلاب وقف في أول حصة أدخلها الفصل يستهزأ ويسخر ويتطاول ، فتجاهلته أول مرة ، وفي المرة الثانية ، ثم قلت له بكل أدب يبدو أنك ضجرت من الحصة وتحتاج إلى أن تخرج لتشرب الماء أو الشاي فما رأيك . فقال نعم فقلت له تفضل ، فخرج . وبعد انتهاء الحصة طلبت منه أن يسير معي في ساحة المدرسة وقلت له : لقد رأيت فيك رجولة وشهامة فلم أقبل منك أن تهدرها في حركات صبيانية فأخرجتك من الفصل ، وأقول لك أنك رجل وفيك شهامة وأنا لست غاضباً منك فهل تعاهدني أن تتصرف تصرف رجولة في الحصص القادمة . فقال نعم ، فلم أصادف منه سلوكاً مخلاً طوال العام الدراسي بل كان يمنع حدوث أي شغب في الحصة .

وفي المقابل فقد وقعت في خطأ جسيم عندما انفعلت وثارت أعصابي من الطلبة في صف آخر عندما وجدتهم لم يقوموا بواجباتهم ، فانهلت عليهم بالتوبيخ وصببت جام غضبي فما كان منهم إلا أن تمردوا وأصروا على عدم القيام بالواجبات مرة ثانية عندها أدركت مدى حكمة الرسول r عندما قال:" ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ". ([104])

خامساً : المعلم موجه ومرشد

يظهر دور المعلم التوجيهي الإرشادي من خلال مجموعة من الخدمات التي تهدف إلى مساعدة المتعلم في فهم نفسه وفهم مشاكله ، وندفعه ليستغل الإمكانات الذاتية لديه من قدرات ومهارات واستعدادات وميول ، والإمكانات في البيئة التي يعيش فيها فيختار الطرق المناسبة ليحل مشاكله بشكل عملي يؤدي إلى تكيف المتعلم مع نفسه ومع مجتمعه وبالتالي إلى بناء الشخصية المتكاملة جسمياً وعقلياً وروحياً واجتماعياً ، ويبدو كل هذا من خلال سلوكيات معينة يقوم بها المعلم .([105])

المعلم كالطبيب الذي ينظر إلى المريض فيحدد العلاج ويصف الدواء ، ويحدد له الطعام والشراب المناسب والذي يبعد المرض عنه ويعجـِّل له بالشفاء ويمنع من الطعام أو الشراب الذي يزيد المرض أو يؤخر الشفاء عنه، والمعلم هو أعرف الناس بتلاميذه ، يعرف ميولهم ، وإمكانياتهم وقدراتهم وما يناسبهم ويصلح لهم ، فهو القادر على توجيه طلابه إلى التعليم العام أو الفني. وهو القادر على توجيههم إلى القسم العلمي أو الأدبي في المرحلة الثانوية.

والمعلم هو القادر على رسم الحياة الجامعية لتلاميذه وهنا يكبر المعلم في عيون طلابه ، وتسموا علاقتهم به وتزداد محبتهم له عندما يعلموا أنه يحمل همهم ويسأل عنهم وعن دراستهم حتى بعد أن انتهت علاقتهم بالمدرسة وتخرجوا منها.

يتابع بعض المعلمين أمور الجامعات وشروط القبول فيها ويزود طلابه بها أولاً بأول ، وأعرف من الطلبة من ينسب الفضل في دخوله للجامعة ونجاحه فيها إلى بعض أساتذته الذين قدموا له النصائح والإرشادات والتوجيهات في اختيار الدراسة والكلية والجامعة.

بل إن بعض الطلبة قد اتصل بأستاذه من بلاد بعيدة , من ألمانيا اتصل أحد الطلبة ليسأل أحد المعلمين في تغيير تخصص كذا بدلاً من كذا.

ومن الطلبة من جاء إلى المدرسة بعد غياب سنة أو سنتين في خارج البلاد يشكر فيها المعلمين ويعترف لهم بالفضل والجميل ، بل إن أحد الطلبة بعد أن أنهى دراسته خارج الدولة جاء إلى المدرسة ودعا جميع المدرسين والإداريين إلى طعام الغداء ، وأعد لهم مائدة تليق بهم ، وبعد الانتهاء من الغداء وقف يشكر الجميع على جهودهم قائلاً : لولا توجيهاتكم وإرشاداتكم ونصائحكم ما وصلت إلى ما وصلت إليه وأنني أعترف وأقر بما

قاله أمير الشعراء أحمد شوقي :

قم للمعلم ووفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا

حق على كل طالب أن يقف بأدب وخشوع أمام أساتذته ومعلميه يقدم لهم الشكر والعرفان0



ختاما أقول:

أيها المعلم :

كن مشعل هداية، وكن مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر والجهل والظلام، داعياً للهدى والنور وتذكر قول الرسول عليه السلام " من دلّ على خير فله مِثلُ أجرِ فاعله"([106]) 0وتذكر قول الرسول عليه السلام " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيئاً ، زمن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل أثام من اتبعه إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيئاً([107])0

وختاماً أسأل الله عزل وجل أن يجعلنا هداةً مهديين لا ضالين ولا مضلين ،

اللهم اجعلنا مبشرين ميسرين ولا تجعلنا منفرين معسرين يارب العالمين 0



المتعلم في التربية الإسلامية

نظرة التربية الإسلامية للمتعلم

اهتم الإسلام بالتعليم مع أول آية نزلت من القرآن الكريم فقال تعالى (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم*))([108])

وقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله عز وجل تحث على طلب العلم وتبين مكانة العالم والمتعلم والجزاء العظيم الذي ينتظره فقال تعالى : ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ))([109]) وقال تعالى : (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ))([110]) .

وأما الأحاديث الشريفة التي تحث على التعلم فكثيرة يصعب إحصاؤها في هذا الموقف ولكن نذكر بعضا منها ، روي عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله r (( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ))([111]) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال: (( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ))([112]) وقال r (( من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عَـرْفَ الجنة يوم القيامة ))([113]) – أي ريحها—وقال r: (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه))([114])
هذه النصوص الكريمة من الكتاب والسنة دفعت المسلمين إلى طلب العلم وبذل كل ما يستطيعون من أجل تحصيله ، فسافروا ورحلوا من أجله المسافات البعيدة إلى شتى أقطار الأرض باحثين عن حديث أو تفسير آية أو حلا لمسألة فقهية .

وقد برهن الطالب المسلم على حماسة منقطعة النظير في طلب العلم ، وكان في هذا حديد العزم ،قوي الإرادة ، فذلل العقبات التي قامت في سبيله ،وتغلب على الصعوبات التي اعترضته ، ولم يكن الطريق إلى طلب العلم ممهدا ، ولا كانت الحياة ميسرة سهلة ، ولكن الطالب المسلم لم يكترث بالشوك ، ولم يبال بالمخاطر ، وألقي بنفسه ليصل إلى هدفه دون تردد أو فتور .([115])









نستخلص مما سبق الأمور التالية:-

1. حث الإسلام على طلب العلم، وجعل العلم الشرعي الذي يحتاجه المسلم في أمور حياته اليومية كأحكام العبادات وأمور العقيدة فرض على كل مسلم ومسلمة، قال rالتربية الإسلامية frown.gif" طلب العلم فريضة على كل مسلم " ([116]) .

2. بيّنَ الإسلام منزلة طلاب العلم وما لهم من الأجر العظيم في طلبه فقال صلى الله عليه وسلم :" من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهَّلَ الله له به طريقا إلى الجنة "([117]) . وقال صلى الله عليه وسلم :" مَنْ غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجْرِ حَاج ٍ تاماً حَجُّهُ " ([118]) .

3. جعل الإسلام للمتعلم منزلة متميزة وهامة وقدمه على المعلم في الحديث الشريف الذي يحث على تعلم القرآن الكريم الذي سبق ذكره فقال صلى الله عليه وسلم :" خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ([119]) .

4. أسس الإسلام عمل التربية الإسلامية من داخل الفرد، أي من قلبه وضميره ونفسه ، فالتربية الإسلامية تجعل المسلم يتعامل مع الله مباشرة على أساس من الإحسان الذي معناه أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّهُ يراك.

5. التربية الإسلامية تربية شاملة فهي قد جمعت في تناسق وتناغم وانسجام رائع منذ أول يوم بين تأديب النفس وتصفية الروح وتقوية الجسم والعناية بكل ما يجعل حياة الإنسان على وجه الأرض سعيدة ورغده .

6. وضع الإسلام الأسس السليمة لطرق تدريس صالحة تحترم شخصية المتعلم وحاجاته وميوله وتدفعه إلى المشاركة الإيجابية الفعّالة في العملية التربوية ، وتعوده على البحث والتقصي والصبر في سبيل المعرفة .([120])



سن التعليم في التربية الإسلامية

لم يحدد الإسلام سِناً معيناً لتلقي العلم ، وبالتالي لم يحدد المربون المسلمون سنا لبداية التعليم ، وترك الآباء أحرارا في تعليم أبنائهم ، ولم يُقَيَدوا بسنٍ معينة لإرسال أبنائهم إلى الكتاب أو أماكن التعليم ، ولم تَفـْرض الدولة على الآباء تعليم أبنائهم ، ولكن الآباء اهتموا بذلك لأن التعليم فرضا من الفروض التي فرضها الإسلام وحث عليها .

وقد أدرك المربون المسلمون بوضوح أن التبكير في طلب العلم له فائدة لبيرة ، وعظيم جدوى لنشاط الجسم وصفاء الذهن ولهذا آثروا أن يكون طالب العلم شابا وأن يكون عازبا ، فاستحبوا التغريب عن الأهل والبعد عن الوطن تفرغا لواجبات العلم .([121])

وكان من نتائج إقبال الطلاب على حلقات التعليم وهم في سن مبكرة أن حذقوا قسطا كبيرا من العلوم ، ووصلوا إلى مراكز علمية مرموقة ، وهم في مطلع الشباب ومقتبل العمر ، وتدل النتائج التي حصل عليها كثير من التلاميذ على أنهم بذلوا جهدا كبيرا يدعوا للدهشة والإعجاب ، لقد أكمل تاج الدين الكندي القراءات العشر وله عشرة أعوام ، وحفظ الإمام الشافعي القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين ، وحفظ الموطأ وهو ابن إحدى عشرة سنة ، وكان يقال له وهو ابن خمس عشرة سنة إفـْتِ يا أبا عبد الله فقد آن لك والله أن تـُفـتي ، وكان ابن سينا قد حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين .([122])

وأما ابن جماعة فيرى أن طلب العلم يحتاج إلى أن يغتنم الشخص وقت فراغه ونشاطه ،وزمن عافيته وشرخ شبابه ونباهة خاطره ، وقلة شوا غله ، قبل عوارض البطالة أو مواقع الرياسة. ([123])

مراحل التعليم في التربية الإسلامية :-

تنقسم مراحل التعليم في أيامنا الحاضرة في أغلب الدول المتمدنة والمتحضرة إلى أربعة أقسام هي :

1. التعليم الابتدائي .

2. التعليم الثانوي .

3. التعليم الجامعي .

4. البحث والدراسات العليا .

ويرى الدكتور أحمد شلبي رحمه الله في كتابه القيّم- تاريخ التربية الإسلامية- أن هذه المراحل موجودة في التربية الإسلامية في العصور الوسطى فيقول: ([124])

ومما يدعو للدهشة أن هذه المراحل الأربعة كانت موجودة ومتميزة في العصور الوسطى عند المسلمين ، ويذكر في تأييد ذلك ما كتبه ابن خلدون في المقدمة عن ضرورة التدرج في تلقين العلوم للمتعلم، حيث أن نظرية ابن خلدون عن مراحل التعليم عند المسلمين تقوم على أن تلقين العلوم إنما يكون مفيدا إذا كان التدرج شيئا فشيئا وقليلاً قليلاً ، بحيث يلقي عليه المدرس:

أولا : مسائل من كل باب من الفن هي أصول ذلك الباب ، ثم يشرحها له على سبيل الإجمال مراعيا قوة عقله واستعداده.

ثانيا : يرفعه في التلقين عن تلك الرتبة إلى أعلى منها ويستوفي الشرح والبيان ويخرج عن الإجمال إلى أن ينتهي إلى آخر الفن فتجود مَـلـَكَتِهِ.

ثالثا : ثم يرجع به و قد شدا فلا يترك عويصا و لا مغلقا إلا وضحه وفتح له مُقفلُه فيصل إلى المرحلة الرابعة وقد استولى على مَلَكَتِهِ في هذا الفن .

والحق أن ما يفهم من ما قاله ابن خلدون لا يدل على مراحل التعليم كما قال شلبي، وإنما يدل على التدرج في التعليم ، تعليم موضوع معين أو فن من الفنون، حيث يتم تعلمه بالتدرج الذي طرحه ابن خلدون.

على أن المسلمين عرفوا في الواقع ما يشبه هذه المراحل التعليمية الثلاث، فقد وجد التعليم الابتدائي في الكتاب، حيث كان التلاميذ يتلقون مبادئ عامة يسيرة، وأما التعليم الذي يشبه التعليم في المرحلة الجامعية فقد وجد في دكاكين الوراقين ومنازل العلماء والصالونات الأدبية، أما المسجد فقد وجدت فيه المرحلتان الثانية والثالثة ، إذ كان يعقد فيه حلقات يختلف مستواها، فمنها ما هو إلى الإجمال والوضوح أمْـيَل وهذه أقرب إلى التعليم الثانوي ، ومنها ما هو أرفع مستوى وأكثر عمقا وهو ما يشبه التعليم الجامعي .

أما المرحلة الرابعة مرحلة الأبحاث والدراسات العليا فقد عرفها المسلمون دون شك ، ومن أبرز الشواهد عليها ما كان في بيت الحكمة ، حيث كانت مدرسة للبحث التجريبي المستند إلى الملاحظة والتجربة ، وأنها كانت مزيجا {جامعة ،دار كتب ، ومكتب ترجمة }([125])

وخلاصة القول أن المسلمين عرفوا مراحل التعليم الأربعة وإن كانت لم تحدد فواصل واضحة بينها ، ويمكن تلخيص هذه المراحل بما يلي :

¨ المرحلة الابتدائية : وهي مرحلة الكتاب .

¨ المرحلة الثانوية : في المسجد

¨ المرحلة الجامعية : في المسجد والصالونات الأدبية ودكاكين الوراقين .

¨ المرحلة الرابعة : الأبحاث والدراسات العليا ،في بيت الحكمة وما يشبهها.



أمكنة التعليم قبل انتشار المدارس :

يعتبر عام 459هـ حدا فاصلا فيما يختص بأمكنة التعليم عند المسلمين، ففي هذا العام افتتحت في بغداد أول مدرسة من مجموعة المدارس الكثيرة المنظمة التي أنشأها الوزير السلجوقي الفطيم نظام الملك، وقد انتشرت هذه المدارس في العالم الإسلامي حتى شملت البلدان والقرى الصغيرة ([126])

وقبل انتشار المدارس كانت حلقات التعليم لا تتبع نطاقا واحدا بل كانت تعقد في أمكنة مختلفة المشارب والأساليب والمدرسين وما إلى ذلك.

وسنتناول في بحثنا هذا بعض أمكنة التعليم كما أوردها الدكتور أحمد شلبي في كتابه تاريخ التربية الإسلامية ([127]) .
أولاً : الكتاب

لقد وجدت الكتاب قبل ظهور الإسلام ، أصبحت بعد ظهور الإسلام المكان الرئيسي للتعليم ، دعت إلى ظهور حاجات التوسع في نشر الدين و انتقال العرب من حال البداوة إلى حالة الحضارة .

وقد عرف المسلمون نوعين من الكتاب : الكتّاب الخاص بتعليم القراءة والكتابة وكان غالبا ً ما يكون في منازل العلماء ، والكتاب لتعليم القرآن الكريم ومبادئ الدين الإسلامي ومكانه في المساجد غالباً .
ثانيا : القصور

لقد وجد نوع من التعليم الابتدائي في قصور الخلفاء والعظماء ، كي يمد أبناء هؤلاء ما يؤهلهم لتحمل الأعباء التي سينهضون بها ، ويرتبط هذا النوع من التعليم بالنوع السابق إلى حد ما ، لأن هدف كليهما الصبيان ، غير أنه يختلف عنه أن معلم النوع الأول يسمى معلماً كتّاب وهنا في القصور يسمى مؤدباً .
ثالثا :ً حوانيت الوراقين

ظهرت هذه الحوانيت في مطلع الدولة العباسية ، وانتشرت سريعاً في البلدان والعواصم المختلفة و حفلت كل مدينة بعدد منها ، ولم تكن مهنة الوراقة في عهد الدولة العباسية تقف عند حد الصفقات التجارية وبيع الكتب ، وإنما تعد ذلك إلى مهام بالغة الأهمية ، حيث كان الوراقون ينسخون الكتب ، ويعرضونها للراغبين فيها ، وهكذا كانت حوانيت الوراقين تشكل تجمعاً للطلاب والعلماء يتذاكرون فيها ويتناقشون ، حتى كان الجاحظ يكتري دكاكين الوراقين يبيت فيها .

رابعا: منازل العلماء

جرى التعليم الإسلامي في المنازل مبكرا ،وقبل نشأة المساجد ،يوم اتخذ رسول الله r دار الأرقم بن أبي الأرقم مركزا يلتقي فيه بأصحابه ومن تبعه ليعلمهم مبادئ الدين الجديد ، بالإضافة إلى ذلك كان رسول الله r يجلس بمنزله بمكة ويلتف حوله المسلمون ليعلمهم ويزكيهم ، وقد اتخذت بعض المنازل فيما بعد ملتقى للطلاب والمدرسين .

خامسا ً: الصالونات الأدبية

ظهرت هذه الصالونات بشكل متواضع في العصر الأموي وانتشرت بقوة وتفوق في العصر العباسي واتضحت فيها التقاليد والحضارات الأجنبية التي اقتبسها الخلفاء من الممالك العظيمة التي خضعت لهم ، فأصبح الصالون يُؤَثث أثاثا رائعا ، وقد كانت لهذه الصالونات الأدبية آداب خاصة وتقاليد معينة يجب أن يراعيها أولئك الذين كان يسمح لهم بحضورها، سجلت مفصلة في بعض الكتب الخاصة التي تناولت هذا الموضوع .
سادسا ً : البادية

لعبت البادية دورا مهما في تعليم اللغة الصحيحة في الوقت الذي فشى فيه اللحن، فانتهز أهل البادية الفرصة فوفدوا إلى القرى والمدن وجلسوا يعلمون، وفي الوقت نفسه، ذهب آخرون من الحضر إلى البادية ليتعلموا اللغة من منبعها الأصيل، ولهذا نجد البادية في القرنين الأولين للهجرة بدور المدرسة في الوقت الحاضر.

سابعاً : المساجد

ارتبط تاريخ التربية الإسلامية بالمسجد ارتباطا وثيقا منذ أول يوم وقد قامت الحلقات الدراسية في المسجد منذ إنشائه ، واستمرت على مر السنين والقرون لا سيما وأن معظم الدراسات في الأيام الأولى كانت تتعلق بأمور الدين كالعقيدة والعبادة، وقد توسع المسلمون في استخدام المسجد فأصبح مكانا للعبادة ومعهدا للتعليم ودارا للقضاء ، وقد اهتم المسلمون ببناء المساجد كثيرا حتى أن بغداد وصل عدد المساجد فيها إلى ثلاثين ألف مسجد .









حقوق المتعلم وواجباته :

اهتم الإسلام بالطفل وتربيته وتعليمه وتأديبه، وقد سبقت التربية الإسلامية التربية الحديثة في اهتمامها بالطفولة وتعليمها وتربيتها ، بل لقد وصل اهتمام الإسلام بالطفل إلى ما قبل ولادته ، فأمر بحسن اختيار الأم التي ستتولى الحمل والولادة والرضاعة والتربية والتي سيكون لها دورا كبيرا في التربية والتعليم والمتابعة .



ومن الحقوق التي رعاها الإسلام والتربية الإسلامية للمتعلم :

1. ألزم الإسلام الوالدين أن يُحسنا اختيار الاسم لطفلهما ، قال رسول الله r " خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن والحارث "([128]) ،

جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر رضي الله عنه الولد وأنـَّبهُ على عقوقه لأبيه ونسينه لحقوقه ، فقال الولد : يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ قال : بلى، قال فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر رضي الله عنه : أن يحسن اختيار أمه ، ويحسن اسمه ، ويعلمه القرآن الكريم ، فقال الولد : يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك فأمي زنجية ، وسمّاني (جُعلاً) أي خُنفساء ،ولم يعلمني من الكتاب حرفا واحدا ، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له : جئت تشكو عقوق ابنك ، وقد عققته قبل أن يعقك ، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك .([129])

2. الاهتمام بصحة الطفل وتغذيته ، فحث الإسلام على الرضاعة الطبيعية من الأم لـِما في ذلك من فوائد عظيمة تنعكس على حياة الطفل وصحته مستقبلا ، وأمر بإمداده بالعناصر الأساسية التي تساعد على نموه نموا سليما ، وقد أورد الإمام ابن القيم في كتابه" تحفة المودود في أحكام المولود " قوله : ينبغي أن يكون رضاع المولود من أمه ، وينبغي التدرج في الغذاء ،فأول ما يطعمونهم اللبن ، والخبز المنقوع في الماء الحار والحليب ، ثم البطيخ والأمراق الخالية من اللحم ، ثم ما لطف من اللحم بعد مضغه أو رضه ليصير ناعما .[130]

3. إبعاد الطفل عن كل ما يفزعه من الأصوات أو المناظر المؤذية والفظيعة حتى لا يؤثر ذلك على عقله وحواسه وعواطفه تأثيرا سلبيا فينعكس عليه فيصرفه عن العلم أو يضعف قدرته عليه .

وقد اهتم الإسلام بالعقل وتربيته وصقله ، وجعله مناط التكليف ، فعلى الإنسان أن يحافظ على عقله ولا يفسده بالمنكرات كالخمر والمخدرات ....الخ ، وعلى الوالدين الاهتمام للنواحي العقلية والمؤثرات التي تؤثر بها سلبا أو إيجابا .

4. إبعاد الطفل عن مجالس اللهو الباطل ومجالسة أقران السوء وفضول الكلام ، وهنا ينبغي على الوالد أن يكون قدوة لولده ، وألأم قدوة لابنتها ، وعلى الوالدين أن يعملا على إكساب أولادهما الصفات الحسنة والأخلاق الطيبة ويكونوا قدوة لهم

ويخطئ من يظن أن حُسن التربية يقتصر على الطعام والشراب والكسوة الفخمة والدراسة المتفوقة ، ولا يبالون بالتربية على الخلق الكريم والتدين الصادق

5. حفز الطفل على الانطلاق والابتعاد عن الكسل وحب الراحة ،وأن تكون راحته فيما يـُجِـم منيه نفسه،ولكن دون أن يكون هناك إرهاق له وضغط عليه، بل يكلف بما يكفل له تنمية عقله وجسمه بطريقة متناسقة.

يقول ابن القيم: وينبغي لوليه أن يجنبنه الكسل والبطالة والدعة والراحة، بل يأخذه بأضدادها ، ولا يريحه إلا بما يُجم ّنفسه نفسه وبدنه للشغل ، فإن الكسل والبطالة عَواقِبُ سوء ومَغَبةُ نَدَم ، وللجد والتعب عواقب حميدة ، أما في الدنيا وإما في الآخرة ، وإما فيهما ، فأروح الناس أتعب الناس ،واتعب الناس أروح الناس ، فالسيادة في الدنيا والسعادة في الآخرة .([131])



6. تقوية الوازع الديني للولد وتنمية خلق الحياء لديه ، وعلى الوالد أن يعلمه الأدب في كل الأمور ، آداب الطعام والشراب ، وآداب المجالس والطريق ، وآداب الحديث .... اقتداء برسول الله r الذي لم يدع موقفا إلا وقام بالتوجيه والتعليم . عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قل : كنت غلاما في حجر رسول الله r وكانت يدي تطيش في الصّحفة فقال لي رسول الله r : " يا غلام سمِّ الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك ".([132])

وعلى الوالد أن يحذر من الإفراط في التدليل للولد فإن ذلك يفسده لأن الطفل كثير الخطأ محتاج إلى ضبط سلوكه بصفة مستمرة ، تكون في كثير من الأحيان على خلاف مزاجه ، كما أن رغبات الطفل لا حدود لها ولا بد من فطامه عن السيئ منها كما يفطم عن ثدي أمه حين يكون أحب شيء إليه .

وفي الجانب الآخر فليحذر الأب من الشدة والقسوة على ولده فإنها تؤدي إلى إذلاله وإهانته وانكسار نفسه وشعوره بالإحباط ، فينشأ قاسيا حقودا غليظ القلب .

7. أن يرسل الطفل إلى التعليم في سن مبكر كما يرى ذلك الإمام الغزالي في الإحياء ، فيتعلم القرآن الكريم والحديث الشريف وأخبار الصالحين ، فيغرس في نفسه حب الصالحين والمتقين([133]) ، قال أبو بكر بن العربي – أحد المربين المسلمين -- : وللقوم في التعليم سيرة بديعة ، وهي أن الصغير فيهم إذا عَقِلَ بعثوه إلى المكتب فيتعلم الخط والحساب والعربية .

8. ينبغي أن يُؤذن للمتعلم بعد الانصراف من الكُـتّاب بأن يلعب لعبا يريحه من تعب المكتب ،فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه بالعلم يميت قلبه ويبطل ذكاءه وينغص عليه العيش .([134])فاللعب جزء من حياة الطفل،ومنعه منه يعني له شيئا كثيرا ، ويخطئ من يظن من الآباء بأن الطفل ليس له إلا كتبه ومذكراته، فاللعب يرفه عن النفس ويريح العقل ويكسب الطفل همه ودافعيته للحفظ والمذاكرة ومغالبة العلم .

9. من حق المتعلم أن يوفر له المعلم الكُفء المتخصص القادر والمتمكن من المادة العلمية ، فبمقدار ما يكون المعلم قادرا ومتمكنا من علمه بمقدار ما يستفيد المتعلم لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، والله عز وجل يقول :" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم تعلمون ."([135]) فالسؤال يوجه لأهل الذكر وأهل العلم وليس للجهلة ، فلا بد من إعداد المعلم إعدادا سليما ومناسبا من الناحية العلمية والتربوية ليتمكن من قيادة العملية التربوية بشكل سليم .

10. المساواة بين المتعلمين جميعا في حق التعليم ، فلا فرق بين غني وفقير وقريب أو بعيد ، حضري أو قروي أو من البادية بل الجميع متساوون في هذا الحق الذي أقره الإسلام منذ أول آية نزلت ، قال تعالى:" إن أكرمكم عند الله

أتقاكم ". ([136])فلا فرق بين الناس في أي شيء إلا في التقوى فلا يجوز التمييز بينهم في التعليم لأي سبب من الأسباب ، روي عن الحسن البصري قال :" إذا قوطع المعلم على الأجرة فلم يعدل بينهم – أي الصبيان – كتب من الظلمة."([137])

ومن المساواة أن تعطى الأنثى حقها في التعليم ،فالإسلام لم يقصر التعليم على الذكور دون الإناث ،قال تعالى : "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون."([138])

وننوه هنا إلى أن كثيرا من العلماء الذين برزوا ونبغوا كانوا من الطبقات الفقيرة بل كانوا أيتاما كالبخاري ومسلم والشافعي وابن حنبل وغيرهم .



آداب المتعلم

تحدث علماء التربية الإسلامية عن المتعلم وآدابه وأفاضوا في ذلك كثيرا، وقد فصّلوا في هذه الآداب بشكل يبين أهمية التزام المتعلمين بها ومراعاتها إذا أرادوا العلم والتحلي بصفاته.

وقد صنف العلماء أبوابا في :

¨ آداب المتعلم مع نفسه.

¨ وآدابه مع شيوخه وأساتذته.

¨ وآدابه مع أقرانه.

¨ وآدابه في حلقات العلم .

¨ آداب المتعلم مع الكتب والمكتبات (أدوات العلم) .

وفي هذا البحث سيلقي الباحث الضوء على أهم الآداب التي ينبغي لطالب العلم أن يتحلى بها بشكل شمولي ودون الخوض في التفاصيل.

1. الإخلاص: فعلى المتعلم أن يطهر قلبه من الأدناس لِيَصْلُحَ لقبول العلم وحفظه ويقصد بتعلمه وجه الله عز وجل ، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال " قال رسول الله r : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى "([139]) .وفال رسول الله r :"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه ، وإذا فسدت فسد الجسد كـُلّه ، ألا وهي القلب"([140])

فعلى طالب العلم أن يتوجه بإخلاص إلى الله عز وجل وأن لا يقصد في العلم أمور الدنيا الزائلة كالمال والجاه والمناصب([141]) ...الخ .

2. أن يغتنم التحصيل وقت الفراغ و النشاط و حال القوة و الشباب ، وقلة الشاغل قبل عوارض البطالة ، و ارتفاع المنزله و جاء في الخبر : مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر و مثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء ، و هذا باعتبار الغالب ، و إلا فمن كبر لا ينبغي له أن يحجم عن الطلب فإن الفضل واسع والكرم وافر .([142])

وإذا كان طلب العلم فريضة على كل مسلم ، فالعلم عبادة والعبادة لا تنتهي حيث يقول الله عز وجل :" واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ."([143])

3. أن يقطع المتعلم ما يقدر عليه من العلائق الشاغلة والعوائق المانعة عن تمام الطلب وكمال الاجتهاد ، قال الشافعي رضي الله عنه : لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح ، ونقل عن الخطيب البغدادي قال : لا ينال هذا العلم إلا من عطل دًكانه ، وخَرّب بستانه وهجر إخوانه ومات أقرب أهله فلم يشهد جنازته، وقد قيل " العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك "([144])

4. الحلم والصبر والأناة ، وأن يكون حريصا على العلم مواظبا عليه في جميع أوقاته ليلا ونهارا ، خضرا وأسفارا ، ولا يُذهـِبَ شَيئا من أوقاته في غير العلم إلا بقدر الضرورة لأكل ونوم قدرا لا بد منه .

5. أن ينظر لمعلمه بعين الاحترام والإجلال والإكرام ، ويعتقد فيه الأهلية فإن ذلك ينفعه ، وكان بعض السلف إذا توجه إلى شيخه تصدق بشيء وقال : اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني ، قال الشافعي : كنت أتصفح الورق بين يدي مالك رحمه الله صفحا رقيقا هيبة له لئلا يسمع وقعها . وقال الربيع : والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر هيبة له .([145])

6. أن يَعِرفَ للمعلم حـَقّه ولا ينسى له فضله، ويعلم أن ذُلـّهُ لشيخه عـِز. وخُضوعِه له فَـخر ، والتشمير في خدمته شَرف ، قال رسول الله r :"تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والوقار وتواضعوا لمن تعلمون منه ."([146])

ويقال أن الشافعي رحمه الله عوتب على تواضعه للعلماء فقال :

أهين نفسي فهم يكرمونها ولن تكرم النفس التي لا تهينها

وعلى المتعلم أن يبجل معلمه في خطابه وجوابه ، في غيبته وحضوره ولا يناديه عن بعد ، بل يقول :يا سيدي ويا أستاذي ،ويل أيها العالم أو الحافظ ، ويخاطبه بصيغة الجمع نحو : ما تقولون في كذا ؟ وأن يصبر على هفوة تصدر من شيخه أو جفوة أو سوء خلق ، ولا يصده ذلك عن ملازمته ويتأول أفعاله على أحسن تأويل ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ذَلـَلـتُ طالبا ففزت مطلوبا . وقال الشاعر :

فاصبر لدائك إن أهنت طبيبهُ واصبر لجهلك إن جفوت معلما

إن المعلم والطبيب كلاهمــــا لا ينـــصحان إذا لم يُكــــــرمــا

7. ومن الآداب التي ينبغي على المتعلم الالتزام بها كذلك أن لا يدخل على أستاذه في غير المجلس العام بغير إذنه سواء كان الشيخ وحده أو معه غيره، فإن استأذن ولم يؤذن له انصرف، ولا يكرر الاستئذان فإن لم يعلم الأستاذ يكرر الاستئذان ثلاثا أو يطرق الباب طرقا خفيفا ثلاثا بقدر ما يسمع ، وأن يجتهد على أن يسبق في الحضور إلى المجلس قبل حضور الشيخ ، ولا يتأخر بحيث يجعل الشيخ في انتظاره ، وإذا حضر ولم يجد الشيخ انتظره حتى لا يفوت على نفسه درسه ، وإن كان الشيخ نائما صبر حتى يستيقظ ، وروي أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يجلس في طلب العلم على باب زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو نائم ، فيقال له ألا نوقِظَه لك ؟ فيقول لا.وكذلك كان السلف يفعلون .([147])

8. أن لا يسار في مجلسه ولو في مسألة ولا يغمز أحدا ولا يكثر كلامه بغير ضرورة ، ولا يحكي ما يُضْحِك أو ما يتضمن سوء أدب ، ولا يتكلم بما لم يسأله شيخه عنه ، ولا يضحك من دون الشيخ ، وإن غلبه الضحك تبسم بغير صوت ، ولا يغتاب أحدا في مجلسه ، وأن يخص الشيخ بالتحية وإن كانت له حاجة سبق القوم إلى خدمته ، ولا يمل من طول صحبته ، وإنما هو كالنخلة تنتظر حتى يسقط عليك منها منفعة .([148])

9. أن يُحسن خطابه مع الشيخ بقدر الإمكان ولا يقول له (لـِمَ) و(لا) ولا

( نـُسَـلـِّم) ولا (من نَقَلَ هذا ) ..... وإذا سمع الشيخ يذكر حكما في مسألة أو فائدة مستغربة أو يحكي حكاية أو ينشد شعرا وهو يحفظ ذلك أصغى إليه إصغاء مستفيد في الحال متعطشا إليه فرح به وكأنه لم يسمعه قط ، قال عطاء : إني لأسمع الحديث من الرجل ,وأنا أعلم به منه ، فأريه من نفسي أني لا أحسن منه شيئا ، وعنه قال : إن الشاب ليتحدث بحديث فأسمع له كأني لم أسمعه ولقد سمعته قبل أن يولد .([149])

10. على المتعلم أن لا يبدأ علمه بدراسة الاختلاف بين العلماء أو بين الناس مطلقاً في العقليات و السمعيات ، فإنه يحير الذهن و يدهش العقل ، بل يتقن أولاً كتاباً واحداً في فن واحد ، و ليحذر في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات ، فإنه يضيع زمانه و يفرق ذهنه , بل يغطي الكتاب الذي يقرأه أو الفن الذي يأخذه , و ليحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجه فإنه علامة الضجر و عدم الفلاح . (1)

11. على طالب العلم أن يتأدب مع حاضري مجلس شيخه فإنه أدب معه و هم رفقاؤه , ولا يجلس في وسط الحلقة و لا قدام أحد إلا لضرورة , و لا يفرق بين اثنين و لا بين متصاحبين إلا بإذنها , و إن أساء بعض الطلبة لا يتدخل و يترك الأمر للشيخ و يقدم النصيحة لهما سراً .

12. أن ُيرغّب بقية الطلبة في التحصيل ويدلهم على مضانه ، ويصرف عنهم الهموم المشغلة عنه ، ويهون عليهم مؤونته و يذاكرهم بما حصل له من الفوائد والقواعد والغرائب وينصحهم في الدين فبذلك يستنير قلبه ويزكو عمله ويثبت إخلاصه .

13. على المتعلم أن يقبل على كل علم مهما كان مصدره ولايجوز يقيد نفسه إلى معلم أو أستاذ واحد لأن عقيدة الإسلام تلزم المتعلم طلب الحقيقة اقتداءاً برسول الله r([150]) . وليعلم أن الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها مراعياً أن لا يتعارض هذا العلم مع العقيدة الإسلامية ورح التشريع الإسلامي الحنيف .

14. ينبغي على طالب العلم أن يحرص على تحصيل الكتب التي يحتاج إليها شراءً أو إجارةً أو إعارة لأنها آلة تحصيل العلم ، ولا يجعل تحصيلها وجمعها هدفاً ونصيباً له من الفهم ، بل لا بد من الوعي بما فيها وقد أحسن القائل : -

إذا لم تكن حافظاً واعياً فجمعك للكتب لا ينفع

15. على طالب العلم أن يتابع التقنيات التربوية والعلمية ويستفيد من التكنولوجيا الحديثة في تحصيل العلم ، لأ نمثل هذه الأمور من مستلزمات الحياة المعاصرة ، وتسهل على طالب العلم الوصول للمعرفة خاصة الحاسوب وشبكة المعلومات ( الإنترنت INTARENET) .












المراجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــع

1- ناصر (إبراهيم ) 0- مقدمة في التربية 0- الطبعة السادسة عمان : جمعية عمال المطابع الأردنية ، 1986م

2- رمضان ( محمد رفعت ) وآخرون 0- أصول التربية وعلم النفس 0- الطبعة الرابعة 0- القاهرة : دار الفكر العربي، 1957م

3- سعد الدين ( محمد منير) 0- المدرسة الإسلامية في العصور الوسطى –0 الطبعة الأولى بيروت : المكتبة العصرية ، 1995م .

4- التميمي ( عز الدين ) وزميله 0- نظرات في التربية الإسلامية 0- الطبعة الأولى عمان : دار البشير ، 1985م

5- شعلان ( محمد سليمان ) وآخرون 0- اتجاهات في أصول التدريس 0- الطبعة الأولى 0- القاهرة – دار الفكر العربي ،1981م.

6- أحمد ( المبروك عثمان ) وآخرون 0- طرق التدريس وفق المناهج الحديثة 0- الطبعة الثانية 0- طرابلس : منشورات كلية الدعوة الإسلامية ،1400هـ/1990م .

7- النعيمي ( عبد الله الأمين) 0- طرق التدريس العامة 0- الطبعة الأولى 0- مصراته( ليبيا) : الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع ، 1402هـ /1993م.

8- مرسي ( محمد عبد العليم ) 0- المعلم والمناهج .. وطرق التدريس لا طبعة 0- الرياض : عالم الكتب للنشر والتوزيع 1985م .

9- إبراهيم ( عبد العليم ) 0- الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية 0- الطابعة العاشرة القاهرة : دار المعارف .

10- أندرسون ( لورين .و.) الارتقاء بفاعلية هيئة التدريس ؛ ترجمة محمد جمال ، نجوى سامي 0- لا طبعة 0- منشورات اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم ، وزارة التربية والتعليم والشباب ، أبو ظبي .

11- أبو حطب ( فؤاد ) ، صادق ( آمال) 0- علم النفس التربوي 0- الطبعة الثانية القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ،1980م.

12- نشواني ( عبد المجيد) 0- علم النفس التربوي 0- الطبعة السادسة 0- عمان دار الفرقان ،1993

13- لقرضاوي( يوسف) 0- الرسول والعلم 0- الطبعة الأولى 0- بيروت : مؤسسة الرسالة ، 1984م

14- الهاشمي ( عابد توفيق ) 0- طرق تدريس الدين 0- الطبعة الرابعة عشرة 0- بيروت مؤسسة الرسالة ، 1993م .

15- فرحان ( اسحاق أحمد )0- أزمة التربية في الوطن العربي 0- الطبعة الأولى 0- عمان : دار الفرقان ، 1986م

16-الغزالي ( محمد) 0- خلق المسلم 0- لا طبعة ، القاهرة : دار الدعوة 1986م .

17- إبراهيم ( صبحي طه رشيد) 0- التربية الإسلامية وأساليب تدريسها 0- الطبعة الثانية0- عمان دار الأرقم ، 1986م.

18-فرحان ( إسحاق أحمد )0- التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة 0- الطبعة الأولى0- عمان ، دار الفرقان للنشر والتوزيع 1982م

19-البغدادي ( أحمد على بن ثابت الخطيب )0- كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 0- تحقيق الدكتور محمد رأفت سعيد ، الطبعة الأولى ،- الكويت : مكتبة الفلاح ، 1981م .

20- حميداتو ( مصطفى محمد ) 0- عبد الحميد باديس وجهوده التربوية 0- الطبعة الأولى 0- منشورات وزارة الأوقاف القطرية – الدوحة قطر 1997م.

21- حجازي ( عبد الرحمن عثمان ) 0- المذهب التربوي عند ابن سحنون 0- الطبعة الثانية 0- بيروت المكتبة العصرية 1995م

22- ايريل بولياس ، جميس يونع 0- المعلم أمة في واحد 0- تعريب ايلي واريل ، دار الآفاق الجديدة بيروت

23- الغزالي ( أبو حامد محمد ) 0- إحياء علوم الدين 0- دار المعرفة ، بيروت 1402هـ ، 1982م

24- محمد نجيب مصطفى،الوسائل التعليمية مفهومها ، أهميتها ، جامعة الأزهر ، كلية التربية، (مذكرة في الوسائل )0

25-د0 إبراهيم محمد الشافعي،التربية الإسلامية وطرق تدريسها، الطبعة الثانية، الكويت : مكتبة الفلاح ،1404هـ/1984م

26- د 0 حسين حمدي الطوبجي، وسائل الاتصال التكنولوجي والتعليمي، الطبعة الثانية عشر ، الكويت : دار القلم للنشر والتوزيع ، 1412هـ/1992م0

27- د0محمد محمود الحيلة ، تكنولوجيا التعليم بين النظرية والتطبيق الطبعة الثانية، عمان :دار المسيرة للنشر والتوزيع، 1421هـ/2000م0

28- د0عبدالرحمن صالح عبد الله ، أساليب التدريس والتقويم في التربية الإسلامية،الطبعة الأولى، عمان: دار البشير ، 1418هـ/1997م

29-د0محمد عبد الرحمن طوالبة ، استخدام الوسائل التعليمية وأساليب إنتاجها ، جامعة اليرموك : كلية التربية والفنون ، مذكرة في الوسائل ، إربد ، ناصر للخدمات الجامعية

30-د0 ماجي الحلواني حسين ، تكنولوجيا الإعلام في المجال التعليمي التربوي ، لاطبعة ، القاهرة : دار الفكر العربي ، 1988م0

31-يوسف القرضاوي ، فتاوى معاصرة ، الطبعة الثانية ، القاهرة : دار آفاق الغد ،1401هـ/1981م0

32-- محمد عبد الرحمن الجاغوب ،أثر استخدام التلفاز التعليمي في تدريس المطالعة والنصوص ، رسالة ماجستير /الجامعة الأردنية ،1990 (غير منشورة)

33-حسام المستريحي ، كيف تستخدم الكمبيوتر والإنترنت ،لاطبعة ، عمان : دار أسامة للنشر والتوزيع ، 1999م0

34-عبد الله عبد العزيز الموسى: استخدام خدمات الاتصال في الإنترنت بفاعلية في التعليم ، ملخص محاضرة ، www.angelfire.com/ia/ibrahima

35- الهام حسن نواوي ، تصور مقترح لاستخدام الإنترنت في تفعيل الأساليب الإشرافية

36-- فتحي يوسف مبارك ،الوسائل التعليمية /جامعة الأزهر ،مذكرة في الوسائل التعليمية

37- السيد محمد علي، الوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم

38- اليونسكو ، التليفزيون ومواصلة تدريب العاملين، القاهرة :اتحاد إذاعات الدول العربية ،1961

39-محمد خيري كاظم ، الوسائل التعليمية والمنهج 0- الطبعة الثانية ، القاهرة : دار النهضة العربية ، 01982

40- عبد الوهاب عبد السلام طويلة ،التربية الإسلامية وفن التدريس الطبعة الأولى ، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، 1418هـ ،1997م



41-زغلول راغب النجار ، أزمة التعليم المعاصر ، الطبعة الأولى ، الكويت :مكتبة الفلاح ،1400/1980م

42-إسماعيل محمود القباني ، التربية عن طريق النشاط ، الطبعة الثانية ، القاهرة ، الناشر (غير معروف) 1984م

43-برهان الدين الزرنوجي ، تعليم المتعلم طريق التعلم ؛ تحقيق مصطفى عاشور ،لا طبعة ،القاهرة :مكتبة القرآن للطباعة والنشر والتوزيع ، لا تاريخ.

44- عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني ،أجنحة المكر الثلاثة ؛ التبشير، الاستشراق ، الاستعمار ، الطبعة الأولى ، دمشق،بيروت : دار القلم ، 1395/1975

45- عبد الرحمن صالح عبد الله ،المرجع في تدريس علوم الشريعة ، الطبعة الأولى ، عمان: دار البشير ، مؤسسة الوراق ، 1418/1997 (القسم الثاني) مجموعة من المؤلفين ،تحرير عبد الرحمن صالح عبد الله .















1- أبو حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ، ج2 ص55 0
2- عز الدين التميمي ، نظرات في التربية الإسلامية ص 103



3-- اسحق الفرحان ، التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة ، ص11

1- محمد عبد العليم مرسي ، المعلم والمناهج وطرق التدريس ص14

2- (أيريل بولياس، جيمس يونغ ) المعلم أمة في واحد ،تعريب :أيلي أريل

3- محمد رفعت رمضان وآخرون ، أصول التربية وعلم النفس ، ص167

1- سورة البينة الآية (5)

2- سورة فصلت الآية ( 42 )

3- سورة التوبة الآية (13)

4- سورة التوبة الآية (119)

5- رواه البخاري و مسلم

1- سورة ق الآية ( 18 )

2-سورة الزمر الآية ( 10)

3- رواه مسلم في صحيحه

4- سورة النساء الآية (58)

5- رواه البخاري ومسلم

6- ابن جماعة ، تذكرة السامع ، ص (19)

7- عبد الرحمن صالح عبد الله ، المرجع في تدريس علوم الشريعة ، ص (334)

1- رواه أبو داود من حديث عائشة

2- ابن جماعة ، تذكرة السامع ، ص ( 19-20)

3- محمد منير سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ص (141)

4- ( ايرل بولياس،جيمس يونغ) ، المعلم أمة في واحد ص ( 76)

1- رواه النسائي ، كتاب الزينة

2- رشدي أحمد طعيمة ، المعلم ،كغاياته ، تدريبه ،ص (107- 121)

1- عبد الرحمن صالح عبد الله ، المرجع في تدريس علوم الشريعة ، ص(354-358)

2- ابن ماجه ، سنن ابن ماجه ، المقدمة رقم الحديث (225)

3- محمد منير سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ، ص (131)

1- أحمد شلبي ، تاريخ التربية الإسلامية ، ص (210)

1- يوسف القرضاوي ، الرسول والعلم 0

2- سورة الملك الآية 0(2)

3- حديث حسن رواه أبو يعلى والطبراني

4- عبد العليم إبراهيم ، الموجه الفني

1-- المبروك عثمان أحمد ، طرق التدريس وفق المناهج الحديثة


2-عابد الهاشمي ، طرق تدريس التربية الإسلامية

3- عز الدين التميمي ، نظرات في التربية الإسلامية ص (118)

4- المبروك عثمان ، طرق التدريس وفق المناهج الحديثة

5- عبد العليم إبراهيم ، الموجه الفني

1- محمد سليمان شعلان وآخرون ، اتجاهات في أصول التدريس

2- -المبروك عثمان ، طرق التدريس وفق المناهج الحديثة

3- -عبد المجيد نشواتي ،علم النفس التربوي ،ص (239)

1--سورة آل عمران الآية (159)

2-عز الدين التميمي ، نظرات في التربية الإسلامية ، ص (116)

3-- متفق عليه

4- محمد شعلان وآخرون ، اتجاهات في أصول التدريس

1- رواه مسلم

2- رواه النسائي

3- كنز العمال 6/643، وروي عند مسلم مثل هذا المعنى

4- رواه أحمد والنسائي

5- محمد رفعت سعيد، كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ،ج/2 ،ص(28)

1- متفق عليه

2- رواه مسلم

1- سورة الصف الآية (6)

2- أخرجه البخاري ومسلم

3- أبو الأسود الدؤلي

1- أبو حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ، ج1/ ص(51)

2- عابد توفيق الهاشمي ، طرق تدريس التربية الإسلامية

3- محمد منير سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ،ص (133)

1- سورة فاطر الآية (28)

2- - محمد منير سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ،ص (164) نقلا عن ابن جماعة تذكرة السامع ص (42-43)

3- مصطفى محمد حميداتو ، عبد الحميد بن باديس ، ص(128)

1- المبروك عثمان وآخرون ، طرق التدريس وفق المناهج الحديثة

2--أحمد شلبي ،تاريخ التربية الإسلامية، ص(210)

1- المبروك عثمان وآخرون ، طرق التدريس وفق المناهج الحديثة


1-المصدر السابق


2-رواه مسلم

3 -متفق عليه

4 -محمد منير سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ،ص(137)

5 --روي عن أبي داود من حديث عائشة : انزلوا الناس منازلهم 0

1- يوسف القرضاوي : الرسول والعلم ص(129)

2- محمد منير سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ، ص (150)

1- النغير طير صغير

2- رواه البخاري ومسلم الترمذي وأبو داود

3- نجيب خالد العامري ، أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية ص(101)

1- رواه البخاري

1- محمد منير سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ، ص(143)

2- سورة الصافات آية ( 104-105)

3- سورة القصص آية(30)

4- سورة التوبة آية (73)

1- سورة النحل آية (90)

2- سورة الحجرات الآية (9)

3- رواه مسلم

4- عبد الفتاح أبو غدة * رسالة المسترشدين * ص125

1- محمد منير سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ص145

2- سورة المائدة آية (8)

3- متفق عليه

4- الارتقاء بفاعلية هيئة التدريس. منشورات اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم \ أبو ظبي.

1- فؤاد أبو حطب ، علم النفس التربوي

2 -المبروك عثمان ، طرق التدريس وفق المناهج الحديثة

3-المبروك عثمان ، طرق التدريس وفق المناهج الحديثة

1- عبد المجيد نشواتي ، علم النفس التربوي ،ص (239)

2- المبروك عثمان ، طرق التدريس وفق المناهج الحديثة

3- نفس المصدر

1-رواه مسلم

2-سورة الشعراء الآية (215)

3-سورة النجم الآية (32)

4- سورة الأعراف ، الآية (199)

5- سورة الشورى الآية (43)

6- محمد الغزالي ، خلق المسلم ،ص (110)

7- 3-متفق عليه

8- 4-رواه البخاري

1- -رواه البخاري

2- -سورة الإسراء الآية (85)

3- -محمد سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ص (149)

4-- متفق عليه

5- محمد سعد الدين ، المدرسة الإسلامية ص(153)

1- رواه مسلم

2- رواه مسلم

1- سورة العلق الآيات (1-5)

2- سورة المجادلة الآية (11)

3- سورة الزمر الآية (9)

4- رواه مسلم والبخاري

5- رواة مسلم

6- رواه أبو داود 3179، ابن ماجه 248، مسند أحمد 8103

7- رواه البخاري

8- أحمد شلبي ، تاريخ التربية الإسلامية ؛

1-- أخرجه ابن ماجة .

2-- رواه مسلم .

3-- مجمع الزوائد / رجاله ثقاة .

4-- رواه البخاري.

5-- تركي رابح ، دراسات في التربية الإسلامية ص 22

6-- عبد الله عبد الدايم ، التربية عبر التاريخ ، ص 183

1- أحمد شلبي ، تاريخ التربية الإسلامية ، ص303

2- المصدر السابق ، نقلا عن ابن جماعة " تذكرة السامع"

3- أحمد شلبي ، تاريخ التربية الإسلامية .

1- عبد الله عبد الدايم، التربية عبر التاريخ ،ص 199

2- أحمد شلبي – تاريخ التربية الإسلامية – ص43 وما بعدها .

3- أحمد شلبي – تاريخ التربية الإسلامية – ص43 وما بعدها .


1- أخرجه أحمد في مسنده / 16947

2- مصطفى السباعي ، أخلاقنا الاجتماعية ، ص 160/161

3- ابن القيم ، تحفة المودود في أحكام المولود .

1- ابن القيم ، تحفة المودود في أحكام المولود

2- رواه البخاري ومسلم

3- محمد الغزالي ، إحياء علوم الدين ، ج3،فصل رياضة النفس وتهذيب الأخلاق

4- المصدر السابق .

1- سورة الأنبياء ،الآية (7)

2--سورة الحجرات ، الآية (13)

3-رواه ابن ماجه

4-سورة النحل الآية (97)

1- رواه البخاري ومسلم / باب الإيمان.

2- رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم

3- ابن جماعة ، تذكرة السامع والمتكلم

4- شفيق محمد زيعور ، الفكر التربوي عند العلموي ص128

5- 5-سورة الحجر الآية (99)

6- شفيق محمد زيعور ، الفكر التربوي عند العلموي .

7- عبد الأمير شمس الدين ، المذهب التربوي عند ابن جماعة ص (121)

8-

1- شفيق محمد زيعور ، الفكر التربوي عند العلموي ص (135)

2- شفيق محمد زيعور ، الفكر التربوي عند العلموي ص

3- عبد الأمير شمس الدين ، المذهب التربوي عند ابن جماعه ص (127)

1- ماجد عرسان الكيلاني ، الفكر التربوي عند ابن تيميه ص147 .
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59