عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-27-2012, 03:20 PM
الصورة الرمزية محمد خطاب
محمد خطاب غير متواجد حالياً
كاتب ومفكر
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: فلسطين
المشاركات: 533
افتراضي الدولة العثمانية المفتري عليها


بسم الله الرحمن الرحيم
تعرضت الدولة العثمانية إلي الكثير من الإهانات والقدح والذم ، وتم إلقاء اللوم عليها بأنها سبب تخلف العرب
كما تبني كاتبوا التاريخ الإسلامي الحديث تصنيف الدولة العثمانية كدولة استعمارية استعمرت العرب واحتلتهم وكانت سببا في التخلف العلمي والفكري الذي نعيشه الآن ، ولعل أكثر هؤلاء الكتاب من العلمانيين أو الليبراليين الذين لا يعترفون برباط الدين أو بالدين أصلا
وكنت اقرأ في الكتب المدرسية لبعض الدول العربية ومع الأسف جملة الاستعمار التركي أو العثماني ، وقد يتساءل البعض لماذا الحديث عن الدولة العثمانية الآن بعد هذا الردح الطويل من الزمن، والإجابة بسيطة وسهلة جدا إن الحاضر الذي نعيشه هو ابن الماضي ، فليس اقل من أن نعرف ماضينا لنحكم علي حاضرنا ، وليكون لنا عبرة وقاعدة نحكم بها علي الأحداث التي نعيشها الآن ونري كم هي متقاربة ومتصلة.
أريد أن أضع قاعدة نتعامل بها ونبني حكمنا علي أساسها ( أن الغرب لا يرجو لنا الخير أبدا ) واني اتحدي أن يأت احد بواقعة واحدة من التاريخ الحديث أو المعاصر أو عصر الفضاء والفضائيات حادثة واحدة كان الغرب يرجو لنا الخير من تقديم العون أو النصيحة
الدولة العثمانية دولة إسلامية كان المذهب الحنفي مذهبا رسميا للدولة تحكم به وتقضي علي أساسه ، وتدل سجلات الدولة العثمانية علي ذلك ، وقد أنشأت الدولة العثمانية ( مجلة الإحكام العدلية) وهي عبارة عن تقنين للتشريع الإسلامي مبنية علي المذهب الحنفي وهي لاتزال مرجعا لكل دارس في التشريع إلي الآن.وهو تطور كبير في هذا المجال .وكانت المجلة انتقال من المذهبية إلي روح تنظر إلي الفقه الإسلامي نظرة تكامل وشمول
تعرضت الدولة العثمانية إلي كيد الكائدين من الداخل والخارج حتى من أبنائها متعاونين مع الدول الغربية بحسن نية أو بغيرها هادفين إلي إرساء قواعد النهضة والعدل والرقي .واحتوت الدولة العثمانية علي كثير من الجنسيات والأقليات الذين كادوا لها علي الرغم من أنهم وجدوا بها الأمن والأمان
وكان قيام الدولة العثمانية ونشأتها عن طريق الجهاد في سبيل الله ونشر الدين الإسلامي كما حافظت الدولة العثمانية علي التراث الإسلامي وحفظت الإسلام وأهله فترة لا تقل عن 600 عاما ، بعد سقوط الدولة العباسية في بغداد .فقد ظهرت الدولة العثمانية في ثنايا رد الفعل الإسلامي إزاء أوربا الآخذة بالتوسع في شرق البحر المتوسط خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر ورغم استعارتها لتقنيات أوربيه فإنها تمثل اقوي وانجح رد فعل ومقاومة لإطماع أوروبا ونظرتها التوسعية .
نشأت الدولة العثمانية علي يد عثمان بن ارطغرل (1258 - 1324 ) وتنامت الدول وامتدت بترقب وخوف من الدول الغربية حنى كان فتح القسطنطينية علي يد السلطان محمد الثاني والذي غلب عليه لقب محمد الفاتح بعد العبقرية التي أبداها في فتح المدينة ، وقد حاول المسلون الأوائل أيام الصحابة رضوان الله عليهم وأيام الدولة الأموية العظيمة الشامخة فاستعصت عليهم .وكان لهذه المدينة عند الغرب أهمية قصوى فهي تمثل الكنيسة الشرقية البيزنطية ، كما أنها البوابة إلي أوربا.وسميت المدينة المفتوحة بعد ذلك باسطنبول أو اسلامبول أو الأستانة وأصبحت عاصمة للدولة العثمانية ومركزا ثقافيا للعالم الإسلامي .
ولم يعدم الغرب وسيلة إلي نخر جسم الدولة العثمانية فقد شعروا بخطرها فقد أصبحت في قلب أوربا تهددهم وتقض مضجعهم
وعندما وصل العثمانيون إلي شرق أوروبا وكانت كلها سجون أبدية يتوالد فيها الفلاحون للعبودية فكسروا أغلال السجون وأقاموا مكانها صرح الحرية الفردية ، وقضوا علي النظام الإقطاعي الارستقراطي الذي كان سائدا في أوروبا ، وحل مكان ذلك في الدولة العثمانية للداخلين في حكمها نظام المواطن الحر والرعية المتساوية الحقوق فوصل في دولتهم الشركسي والصقلي وغيره إلي اعلي المراتب في الدولة .وتعلمت أوروبا علي يد محرريها سيادة القانون علي الأحساب والأنساب والطوائف .وقامت الدولة العثمانية بفتح بلاد البلقان كما تقدمت في شرق أوروبا ووسطها حتى استولت علي بودابست عاصمة المجر واستمرت وحدها تصارع المد والأطماع المسيحية حنى بدأت تضعف ف القرن السابع عشر
فترتب علي ذلك تطور هائل في اتجاه الحرية والديمقراطية الغربية الحديثة ، وكانت القرون الأولي بسيطرة العثمانيون عصورا ذهبية شمل فيها الناس الأمن والرخاء والسلام الروحي والتسامح الديني والخضوع لسلطان القانون وظهر ذلك أكثر وبوضوح مع السلطان سليمان القانوني (1520 - 1560 ) الذي أنقذ المغرب العربي الإسلامي من أن يبتلعه الأسبان وحلفاؤهم من المسيحيين ،وساد بأساطيله البحر المتوسط
ولقد رويت بالبلقان وملدافيا ومدن أخري أمثلة كثيرة عن عدل آل عثمان .ولا يزال الفن المعماري العثماني مشرقا في أوروبا إلي الآن .
قلنا إن الدولة العثمانية كانت تعج بالجنسيات والملل المختلفة وهي النقطة التي دخل منها الغرب ليسقطوا الدولة العثمانية ، وأوحوا للعرب تحديدا أن تركيا سبب تخلفهم وأنهم إذا ساعدوا الحلفاء في حربهم ضد العثمانيين ، فان لهم الاستقلال والانسلاخ عن الدولة العثمانية ، وبالمقابل ظهرت النعرة الطورانية علي يد مثقفي الأتراك الذين درسوا في أوربا ، وتم الإيحاء لهم أن العرب هم سبب تخلف الأتراك ولابد من ترك الإسلام وأهله حتى يتم التطور المنشود فكانت ابرز هذه الاتجاهات جمعية( الاتحاد والترقي ) والتي ارتبطت بالماسونية ، وقد ساعدت الإرساليات والجمعيات التبشيرية المسيحية علي ذلك ودفعت في هذا الاتجاه بكل قوة . وقد ظهر في العالم العربي جمعيات ذات نعرة قومية قطرية مثل ( جمعية مصر الفتاه ) وكذلك في لبنان والتي كانت تسمي جبل لبنان وهي تابعة لسوريا .
وما هو جدير بالذكر أن أسس اليقظة القومية العربية قامت علي أكتاف ناصيف اليازجي ،وبطرس البستاني وهما مسيحيان أسسا مع زملائهم الأمريكان سنة 1847 أول جمعية عربية وهي ( جمعية الأدب الحديث ) وقد أصدر الكاتبان مجلة شعارها ( حب الوطن من الإيمان ) وتم شتم رجال الدين فيها
وهكذا تم دق الإسفين بين العرب والترك وعمل العرب بكل قوتهم علي الانفصال عن الدولة العثمانية وساعدوا الغرب في حربهم ضدها فحاربوا معها ضد الدولة العلية ، وتفتت الدولة وانهزمت فهل وفي الغرب بوعده وكان للعرب استقلالهم ، كيف ضاعت فلسطين ؟ كيف ضاع لواء الاسكندرونة ؟ كيف ضاعت سبته ومليله؟ كيف وجدت بين كل بلدين عربيين مشاكل حدودية ؟ كيف تكونت الجامعة العربية ؟ وعلي يد من ؟ لماذا لا يستطيع العربي التنقل من دولة لأخري ؟ أين التكامل العربي الاقتصادي والسياسي ؟ ألف سؤال وسؤال ؟؟؟
قال الأديب الكبير شكيب ارسلان رحمه الله عندما طلب منه العرب مساندتهم للانفصال عن الدولة العثمانية " أن اعمل تحت حكم دولة ضعيفة خير من أن اعمل علي توحيد العرب مرة أخري "فشتم وسب فقال لشاتميه " سوف يأتي علي العرب يوم هو أحلك من السواد
ما رأي مثقفينا العرب ؟
محمد خطاب

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
محمد خطاب
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59