عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-13-2013, 09:55 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي مكتبة الأزهر ‏رقمنة التاريخ المخطوط


الموسوعة العربية :
أحمـد محمود أبو زيد: مصر
التاريخ 201331212595171.jpg
تحتل مكتبة الأزهر مكانة كبيرة لما تحويه من نفائس المخطوطات النادرة التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من ‏ألف عام، وتعتبر هذه المكتبة من أقدم المكتبات الإسلامية وأشهرها في مصر والعالم الإسلامي، فهي المكتبة ‏الثانية في مصر بعد دار الكتب المصرية، وتؤدي رسالة ثقافية مهمة، حيث يقصدها الباحثون من مختلف دول ‏العالم للاطلاع على المخطوطات النادرة التي تحتويها ويندر وجودها بالمكتبات الأخرى، وتقوم بتبادل صور ‏مخطوطاتها مع مكتبات الجامعات الإسلامية ومراكز البحوث العالمية المهتمة بالتراث الإسلامي على مستوى ‏العالم كله.‏
عمر هذه المكتبة يزيد عن 900 عام، فقد ورد ذكرها في الكتب لأول مرة عام 517 هجرية، وتضم بين جنباتها ‏ما يقرب من 125 ألف كتاب، تقع في نحو ربع مليون مجلد تقريباً، منها حوالي 42 ألف مخطوط، تعد من أندر ‏المخطوطات، وتشمل مختلف علوم المعرفة.‏
وقد ارتبط تاريخ هذه المكتبة بنشأة الجامع الأزهر في عهد الدولة الفاطمية، حيث تحول الجامع بعد إنشائه بعدة ‏سنوات إلى معهد عالٍ تدرس فيه الفقه والشريعة وعلوم الدين، وحرص الخلفاء والولاة والعلماء على تزويده ‏بالمخطوطات والكتب الدينية والعلمية التي يحتاجها طلاب العلم، فقد أمر (الحاكم بأمر الله الفاطمي) بنقل نصف ‏الكتب التي كانت بدار الحكمة إلى الجامع الأزهر، وبلغ عدد كتبها في ذلك الوقت أكثر من خمسين ألف كتاب.‏
خزانة الكتب
وكان كل رواق من أروقة الجامع يحتفظ بالكتب والمخطوطات الخاصة به، حتى تكونت خزانة للكتب، بدأت ‏الإشارة إليها في كتب التراث بعبارة صغيرة أطلقها (بن ميسر) في كتابه (أخبار مصر)، قال فيها: إنه أسند إلى ‏داعي الدعاة (أبى الفخر صالح) منصب الخطابة في الجامع الأزهر مع رعايته لخزانة الكتب به.‏
واستمرت خزانة الكتب بالأزهر تقوم بدورها التنويري في خدمة العلم والدين حتى جاءت الحملة الفرنسية على ‏مصر بقيادة نابليون عام 1798م، ودخل الفرنسيون الأزهر وأهدروا الكثير من كتب الخزنة، وأخذوا بعض ‏الكتب والمخطوطات، ونقلوا بعضها إلى باريس، والتي ما تزال موجودة هناك حتى اليوم، وأحرقوا أمهات الكتب ‏للتدفئة بها وخربوا الأروقة وما بها من مخطوطات.‏
وبعد خروج الفرنسيين من مصر تشكلت لجنة عام 1805م، لجمع ما تبقى من كتب ومخطوطات في أروقة ‏الأزهر، البالغ عددها 24 رواقاً، وإنشاء خزانة عامة للكتب داخل الجامع الأزهر، ومحو آثار التخريب الذي ‏أحدثته الحملة الفرنسية على الأزهر وتراثه.‏
فقد كان في الأزهر العديد من الأروقة، والرواق عبارة عن مكان يعيش فيه مجموعة من الطلاب من بلد واحد، ‏فكان هناك رواق للأتراك وآخر للمغاربة وغيره للشوام وهكذا، وكان يوجد في كل رواق من هذه الأروقة مكتبة ‏خاصة به يستخدمها طلاب الرواق وغيرهم من الطلاب الآخرين، ولكن هذه المكتبات كان ينقصها التنظيم المتبع ‏في المكتبات الكبيرة، مما أدى إلى ضياع العديد من الكتب النفيسة التي كانت موجودة في هذه المكتبات، سواء ‏بالتلف أو الإهمال أو السرقة، أو بيع القائمين على المكتبات لهذه الكتب لمن يدفع، وكانوا يبيعونها بأثمان بخسة. ‏
ثم ضمت إلى المكتبة الأزهرية مكتبة رواق الأحناف، التي كانت تحوي مطبوعات نفيسة ونادرة ومخطوطات ‏قيمة، وكذلك ضم إليها الرواق العباسي, وشغلت المكتبة هذين المكانين إلى جانب المكان الأصلي في المدرسة ‏الأقبغاوية، وهي إحدى مدارس الأزهر التاريخية التي أنشئت في العصر المملوكي، ثم استكملت الفهارس ‏الخاصة بالمكتبة، وتم إصدار الجزء السابع منها، وقامت المكتبة بمعاونة هيئة اليونسكو بتصوير المخطوطات ‏النادرة بها، وكان مجموع ما تم اختياره من هذه الكتب (3497) مجلداً، وذلك للاحتفاظ بهذه الصور بحيث يمكن ‏الاستعاضة بها عن أصول الكتب إذا تعرضت للتلف أو الضياع.‏
وفي عام 1853م أمر ديوان عموم الأوقاف بجرد مكتبات المساجد والتكايا وأروقة الأزهر في سجلية جامعية، ‏بلغ فيها مجموع هذه المجلدات 18564 مجلداً.‏
محمد عبده والمكتبة
وفى عهد الشيخ محمد عبده شيخ الأزهر، عام 1897م، أنشئت مكتبة للأزهر، وقام الإمام بدور كبير في جمع ‏شتات هذه المكتبة، والذي تفرق بين أروقة الجامع، وفي المساجد الكبرى بالقاهرة، وقام بتعيين أول إدارة للمكتبة ‏بقرار رسمي سنة 1314هـ.‏
واستطاع محمد عبده المحافظة على ما تبقى من أمهات الكتب وأندر الدوريات، وقد كان محمد عبده يمتلك رؤية ‏حضارية واسعة، لذلك سعى إلى توسيع مقتنيات المكتبة بما يكفل لها الاستمرار، فدعا فضلاء المصريين إلى ‏التبرع بمكتباتهم الخاصة، واستجاب له عدد من هؤلاء، كان من بينهم: الشيخ حسونة النواوي شيخ الأزهر، ‏والشيخ العروسي، والشيخ الإمبابي، ومفتي الديار المصرية الشيخ عبد القادر الرافعي، ومفتي الديار المصرية ‏الشيخ محمد بخيت المطيعي، ووزير المعارف المصري سليمان باشا أباظة، والشيخ محمد حسنين البولاقي ‏وغيرهم، وبلغ عدد المكتبات الموهوبة للمكتبة الأزهرية 32 مكتبة خاصة.‏
وقد كان عدد الكتب بالمكتبة وقت إنشائها عام 1897م، 7703 كتب, منها 6617 كتاباً بطريقة الإهداء و1086 ‏كتاباً بطريق الشراء, وأصبح عددها في عهد محمد عبده 18564 كتاباً، وكان عدد مواردها وفنونها 28 فناً، ‏تشتمل على المصاحف والقراءات والتفسير والحديث ومصطلح الحديث وفقه الأئمة الأربعة والنحو والصرف ‏والبلاغة والتوحيد والمنطق والتصوف والأدب والمديح والآداب والمواعظ والأحزاب والأوراد والأدعية ‏والوضع وآداب البحث والعروض والفلك والميقات والحساب والهندسة والطب والفنون والمجامع.‏
فهرسة المكتبة وتصنيفها
لم يكن لهذه المكتبة في بدايتها فهارس منظمة، فيما عدا محاولات لم يكتب لها التوفيق حتى عام ‏‏1362هـ/1943م. حيث عني المسؤولون بالأزهر بسد النقص، وبدئ في وضع فهرس مفصل لمحتويات المكتبة, ‏وتم ذلك عام 1369هـ/1950م، وهو فهرس أبجدي بأسماء الكتب، وقد صدر في ستة مجلدات مجموع صفحاتها ‏‏(3595) صفحة، وأهدي هذا الفهرس إلى الجامعات المصرية والهيئات العلمية في مصر وغيرها من الأقطار ‏العربية وبعض جامعات أوروبا وأمريكا وآسيا، وإلى بعض العلماء البارزين في مصر.‏
ومع التطوير الذي تعرضت له المكتبة خلال القرن الماضي، تم تزويدها بكل الفنون والعلوم، حتى بلغ عدد كتبها ‏في السنوات الأخيرة 79132 كتاباً، تقع في 183668 مجلداً، وأصبحت موزعة إلى 60 فناً لكل منها عنوان ‏خاص تشمل: المصاحف، القراءات، علوم القرآن، التفسير، مصطلح الحديث، الحديث، الأصول، فقه الأئمة ‏الأربعة، المواريث، حكمة التشريع، الفقه العام، علم الكلام، المنطق، آداب البحث، الفلسفة، التصوف، آداب ‏الفضائل، لغة، صرف، نحو، وضع، بلاغة، عروض وقوافي، أدب، تاريخ، تقويم البلدان، الأخلاق والتربية ‏والاجتماع، القوانين واللوائح، الطب، الحساب، الهندسة، الجبر والمقابلة، الفلك، الهيئة، الأدعية والأوراد، تعبير ‏الرؤيا، الحرف، الفراسة والكف، الخط والرسم والإملاء، الاقتصاد السياسي، التجارة والصناعة، مسك الدفاتر ‏الزراعية، الطبوغرافيا، الكيمياء والطبيعة، الفروسية والفنون الحربية، الموسيقى، الصور والرسوم، النحل ‏الإسلامية، شرائع غير إسلامية، دوريات، إحصائيات ونشرات وتقارير، معارف عامة، اللغات الأجنبية، اللغات ‏الشرقية.‏
‏42 ألف مخطوطة‏
وتضم المكتبة كنوزاً من المخطوطات في كثير من الفنون، لا تتيسر في مكتبة أخرى، حيث بلغت مخطوطاتها ‏حتى اليوم نحو 42 ألف مخطوطة، يرجع البعض منها إلى القرن الثالث الهجري، وتحتوي على مخطوطات ‏نادرة، مثل كتاب (غريب الحديث) لـ(ابن سلام)، الذي كتب سنة (311هـ) على رق غزال، ومصاحف نادرة بها ‏عدد حروف القرآن وآياته وكلماته وتفسير معانيه، ومصحف مكتوب باليد على جلد غزال. ومعظم الكتب ‏والمخطوطات القديمة مكتوبة بأيدي مؤلفيها.‏
وفي المكتبة أيضاً مخطوط كتب عام 155 هجرية، وهذه المخطوطات متاحة لرواد المعرفة على اختلاف ‏أجناسهم للاطلاع والاستعارة، وتتبادل المكتبة مع المكتبات الأخرى المخطوطات النادرة لنسخها أو تصويرها ‏والاستفادة منها في الدراسات والأبحاث. ‏
وبالإضافة إلى الكتب باللغة العربية، تضم المكتبة 2006 كتب باللغات الأجنبية، وهناك مكتبة خاصة بالرسائل ‏الجامعية فيها 1644 كتاباً بالعربية من رسائل الماجستير والدكتوراه و2933 باللغات الأجنبية.‏
مبنى حضاري للمكتبة
ولما كان مقر المكتبة الملحق بالجامع الأزهر، والذي أنشئ عام 1314هـ/1897م، غير صالح لأداء رسالتها ‏العلمية كاملة، رأى القائمون على أمر الأزهر أن يكون ضمن التخطيط لمباني الجامعة الأزهرية إنشاء مبنى ‏خاص بالمكتبة تستوفى فيه حاجاتها على غرار المكتبات العلمية الحديثة.‏
والمبنى الجديد للمكتبة يتكون من 14 طابقاً، ويقوم على خدمته 109 موظفين، وتتوافر فيه كل الخدمات التي ‏يحتاجها طلاب العلم والباحثون مثل الفهارس واستخدام نظام الميكروفيلم، إضافة الى تصنيف المكتبة بشكل ‏علمي في 14 إدارة لتوفير سرعة الأداء، وتخصيص ثلاثة أدوار للمخطوطات والمقتنيات النادرة، إلى جانب ‏قاعة للمكفوفين من الباحثين وطلبة العلم.‏
ولا شك أن هذا المبنى الجديد بتقسيماته المختلفة يعتبر نقلة حضارية كبرى لهذه المكتبة العريقة التي مرت ‏بمراحل متعددة من الطمس والتخريب، وما زالت تحتفظ حتى اليوم بما فيها من مخطوطات نادرة وكتب تراثية ‏تشمل كافة فنون العلم والمعرفة.‏
وقد بدأت مكتبة الأزهر في السنوات الأخيرة، عملية المسح الضوئي لجميع مخطوطاتها، بعد الاتفاق مع إحدى ‏الشركات العالمية للحاسبات الآلية، بحيث يتضمن تصوير كل مخطوط ثلاث صور، الأولى للمستفيد، والثانية ‏تحفظ في أحد البنوك المعنية بحفظ التراث، والثالثة يتم تداولها لمن يرغب في اقتنائها.‏
وهذا التحول الرقمي للمكتبة بمخطوطاتها وكنوزها، يدعم توافر النفائس التي تزخر بها المكتبة، وإتاحتها ‏للمطلعين ومستخدمي الإنترنت وجميع الباحثين والزائرين من جميع أنحاء العالم، إذ لا يوجد من هذه ‏المخطوطات نسخ أخرى في أي مكان في العالم، وبالطبع تصبح هذه النسخ بصيغتها الإلكترونية متوافرة للجميع.‏
المكتبة في العصر الرقمي
ومع ظهور الكمبيوتر وشبكة الإنترنت وحدوث طفرة كبيرة في تطور المكتبات، وظهور النشر الإلكتروني؛ ‏واكبت مكتبة الأزهر هذا التطور التكنولوجي والمعلوماتي الكبير، ودخلت على الإنترنت من خلال موقع (شبكة ‏المكتبات المصرية)، والذي يتم من خلاله الاطلاع على الكتب المختلفة. هذا إلى جانب موقع الأزهر ‏والمؤسسات الدينية في مصر مثل دار الإفتاء ووزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.‏
فقد استدعت ثورة المعلومات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن تواكب المكتبة الأزهرية العصر الذي تعيش ‏فيه، بهدف نشر الثقافة الإسلامية، وتسهيل عملية الاطلاع عليها، إذ إن مهمة المكتبة ليست وضع الكتب على ‏الأرفف، ولكن نشرها للاستفادة منها.‏
وقد بدأ منذ عام 2000م، الإعداد لإطلاق موقع عملاق في فضاء الإنترنت يحمل اسم (الأزهر أون لاين) يضم ‏محتويات المكتبة الأزهرية العريقة، ويوفر هذا المشروع العملاق كافة الخدمات البحثية للباحثين والمهتمين ‏بالثقافة الإسلامية وتراثها العريق، كذلك يوفر إمكانية البحث في محتويات المكتبة عن أي مخطوط أو كتاب ‏يحتاج إليه الباحث مقابل تكلفة قليلة.‏
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59