عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 01-18-2012, 08:33 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,217
7

ألبراليون هؤلاء ؟
----------------

اللبرالية صنفان : صنف أصلي مصنوع في الغرب، وصنف
مغشوش يباع في العالم العربي باسم الصنف الأصلي.
أصحاب الصنف الأول يبيعون بضاعة من صنع أيديهم
فتستطيع لذلك أن تتحاور معهم وتدلُّهم على مواطن الخلل في
بضاعتهم ، وهي كثيرة . وقد يستمعون إليك ، وقد يعترفون
لك بما في بضاعتهم من عيوب ثم يحاولون تغييرها كما ظلوا
يفعلون على مرِّ السنين . لكنك لا تستطيع أن تفعل ذلك مع
مروجي البضاعة المغشوشة ؛ لأن بائعيها ليسوا أصلاء ؛
وإنما هم مقلدون مزيفون لا يستطيعون ترويج بضاعتهم إلا
بتسميتها بالاسم الذي اختاره المصنعون الأصلاء ودافعوا عنه
وأعطوا أنفسهم حرية إعادة النظر في بضاعتهم وتعديلها
وتبديلها . كيف تتجادل مع إنسان يعترف لك بأن مَثَله الأعلى
أن يتحول إلى أوربي يأخذ من أوربة كل شيء حتى الديدان
التي في بطون أبنائها كما كان أتاتورك يقول، أو يقول لك :
( لكي نكون مثل الأوربيين يجب أن نسير في الدرب نفسه
الذي ساروا عليه . ونأخذ حضارتهم بما فيها من حلو ومُرِّ ،
وخير وشر ). كما كان طه حسين يصر ،أو يردد ما كان يقوله
الدكتور زكي نجيب محمود قبل أن يمنَّ الله عليه بالهداية :
( إنه لا أمل في حياة فكرية معاصرة إلا إذا بترنا التراث بتراً،
وعشنا مع من يعيشون في عصرنا علماً وحضارة،ووجهة
نظر إلى الإنسان والعالم،بل إني تمنيت عندئذٍ أن نأكل كما
يأكلون ،ونجدَّ كما يجدُّون ،ونلعب كما يلعبون،ونكتب من
اليسار إلى اليمين كما يكتبون ). كيف يمكن أن نتحاور مع
إنسان مثل هؤلاء غمس نفسه في بؤرة التقليد والتبعية فلم يعد
يرى إلا ما رآه له من أتبعه ؟

رأى اللبراليون الزائفون كما رأى الشيوعيون من قبلهم أن
أكبر عائق يسد على الأمة طريق التبعية هذا هو الإسلام ،
فأصيبوا كما أصيب الشيوعيون من قبلهم بداء عضال يسميه
بعض الغربيين (الإسلامفوبيا) . تحولت دعوة الشيوعيون
بسبب هذا المرض من دعوة ذات أساس اقتصادي إلى دعوة
همُّها الترويج لثقافة الشارع الغربي الرأسمالي . ثقافة الرقص
والغناء والسفور ومعاقرة الخمور،حتى أصبحوا ـ كما كنا نقول
لهم ـ مجرد وكلاء لثقافة ذلك الشارع الرأسمالي .والذي حملهم
على هذا هو أنهم وجدوا أن القيم الإسلامية المعادية لذلك
الفجور هي التي كانت من أهم أسباب ابتعاد الشباب عنهم ،
فأرادوا أن يقولوا للشباب كونوا معنا نحرركم من تلك القيود
ولا تكون مع الإسلاميين الذين أثقلوا كواهلكم بتكاليف
المعتقدات والعبادات والحلال والحرام، وما علم المساكين كما
لا يعلم إخوانهم المسمَّون اليوم باللبراليين : أنهم يتبعون بذلك
طريقاً خطَّه لهم العدو منذ زمان بعيد وحذرهم ربهم منه :
{يَا بَنِي آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطَانُ كَمَا أَخرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الجَنَّةِ
يَنزِعُ عَنهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِما }[الأعراف:27].
{ إِنَّمَا يَأمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ }[ البقرة : 169] .

إذا كان الشيوعيون في بلادنا كانوا قد صاروا مجرد عملاء
لثقافة الشارع الغربي الرأسمالي ، فما هكذا كان إخوانهم في
البلاد الغربية .لقد كان أولئك يحاربون تلك الثقافة ؛حتى إن
ابنة ستالين قالت في كتاب لها : إن والدها كان ينهاها من
ارتداء التنانير القصيرة! وكانت تسجيلات بعض الأغاني
والموسيقى الغربية كموسيقى الروك آند رول لا تدخل البلاد
الشيوعية إلا مهربة.
يقول أ.د/ جعفر شيخ إدريس :
عندما هيأ الله ـ سبحانه وتعالى ـ لنا زيارة موسكو بعد سقوط
الاتحاد السوفييتي مباشرة،وجدنا نساءهم يرتدين ثياباً هي
أكثر حشمة مما رأينا النساء في البلاد الأوربية والأمريكية
يرتدينه. لكننا علمنا بَعدُ أن الأمر تغير بعد أن فُتح باب
الاتصال بالغرب على مصراعيه .

واللبراليون المزيفون في بلادنا يكررون الآن مأساة مرض
الإسلاموفوبيا مع فارق كبير :هو أن الشيوعيين كانوا بسبب
تبعيتهم للاتحاد السوفييتي أعداء للاستعمار الغربي.لكن
أصحاب اللبرالية المغشوشة في بلادنا يشيدون بهذا الاستعمار
ويرون فيه المنقذ الوحيد لهم من آثار القيم الإسلامية ،والقادر
وحدَه على تحقيق لبراليتهم المعادية للإسلام.
يقول أ.د/ جعفر إدريس : لقد سمعت ـ والله ـ بأذني رجلاً في
إحدى دول الخليج كان يتمنى أن تزحف القوات الأمريكية على
بلده بعد أن تنهي مهمتها في العراق .ثم عرفت بَعدُ أن ذلك لم
يكن موقفاً شاذاً؛وإنما كان أمراً يجاهر به أصحاب اللبرالية
المغشوشة من العرب الساكنين في البلاد الغربية،بل ينظمون
مظاهرات تؤيد بوش وتصفَّق له .

المقلدون من أمثال من يسمُّون أنفسهم باللبراليين في بلادنا
يأخذون عن الغرب مذاهب باطلة لجأ إليها الغرب لظنه أنها
تحل مشكلات يواجهها ،فيتبنون تلك الفلسفات والمذاهب
الباطلة ثم يزيدون الأمر ضِغثاً على إِبَّالة بمحاولتهم فرضها
على بيئة ليس فيها أمثال تلك المشكلات .بعض منتقديهم في
بلادنا ـ بما فيهم بعض الإسلاميين ـ يأخذون عليهم هذا الجانب
الأخير،أي جانب محاولتهم لفرض الأفكار والقيم والفلسفات
الغربية على بيئة لا تشبه البيئة الغربية التي نشأت فيها تلك
الأفكار والمعتقدات بما أنها في نفسها باطلة فإنها لا تصلح لا
للشرق ولا للغرب. نعم ! إنها قد تكون قد أدت من الناحية
العملية إلى وضع هو أخف ضرراً من الوضع الذي حلَّت
محلَّه في البلاد الغربية ؛ لكن هذا لا يجعلها حقاً أو صواباً .
ثم إنهم لا يكتفون بأخذ المذهب الباطل ،بل يحاولون أن
يتقمصوا الشخصية الغربية وأن ينظروا إلى الأمور بنظرتها
حتى لو لم يكن لتلك النظرة علاقة بالفلسفة أو المذهب الذي
أخذوه منهم وتبنَّوه .

البليَّة الثالثة التي أصابت هؤلاء المقلدين العمين ؛أنهم
يستوردون بعض المذاهب والأفكار الغربية لحل مشكلات لا
وجود لها في العالم الإسلامي .من أحسن الأمثلة على ذلك
دعوتهم جميعاً إلى العَلمانية التي يسوَّغ الغربيون لجوءهم إليها
بكثرة الحروب التي حدثت عندهم بسبب الحكم الديني ،كانوا
إذا حكمت طائفة منهم (كاثوليكية أو برتستانتية)لا تكتفي
بسيطرتها السياسية،بل تحاول أن تُكره أصحاب الطوائف
الأخرى على تغيير معتقداتهم والدخول معهم في طائفتهم .
وهذا شيء لم يحدث في العالم الإسلامي ؛بل إن أهل السُّنة
الذين كانوا مسيطرين سياسياً على معظم العالم الإسلامي لم
يجبروا المعتزلة ـ مثلاً ـ على تغيير عقائدهم ،بل لم يجبروا
اليهود والنصارى على تغيير أديانهم .لقد أعطوا خصومهم من
حرية العبادة وحرية التصرف في شؤونهم الخاصة ما لا
تعطيه العلمانية. ثم إن العلمانية حدثت في أوربة بموافقة
رجال الدين وربما مساعدتهم ؛ فلماذا يحاول هؤلاء العمون
فرضها على أناس يرونها مضادة لدينهم ؟
هذا ما كان من أمر اللبراليين المقلدين ؛ فما بال اللبراليين
الأصليين ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
{م:البيان :ع:288ـ أ.د. جعفر شيخ إدريس ـ حفظه الله}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59