عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-27-2013, 09:49 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

و الرواية الخامسة ما ذكره المؤرخ الثقة ابن قتيبة الدينوري (ت 276ه ) من أن السبئية الذين ادعوا ألوهية علي بن أبي طالب ، هم من أتباع عبد الله بن سبأ[1] . فقوله هذا شهادة صادقة على أن عبد الله بن سبأ و طائفته كانوا معروفين لدى الناس بأسمائهم و أفكارهم زمن ابن قتيبة.
و الرواية الأخيرة[2] أي السادسة مفادها أن عليا قال و هو على المنبر : من يعذرني في هذا الحميت الأسود أي ابن سبأ- الذي يكذب على الله و رسوله ، لو لا أن لا يزال يخرج علي عصابة تنعى عليّ دمه كما اُُدعيت عليّ دماء أهل النهر معركة النهروان مع الخوارج- لجعلتُ منهم ركاما[3] .
و توجد روايات أخرى- من روايات الشاهد الأول- أسانيدها ضعيفة ، و ذكرت عبد الله بن سبأ ، و لا يوجد من بين رجالها سيف بن عمر التميمي ، أولها[4] أن عليا بلغه أن ابن السوداء يتنقص أبا بكر و عمر ن فدعاه و همّ به ليقتله ، فكُلّم فيه ، فقال لا يُساكنني ببلد أنا فيه ،و سيّره إلى المدائن[5].
و ثانيها[6] أن عبد الله بن سبأ قال لعلي: أنت دابة الأرض ، أنت الملك ، أنت خلقت الخلق ،و بسطت الرزق، فقال علي: اتق الله ،و أمر بقتله ، فاجتمعت الرافضة و قالت لعلي : أنفه إلى سباط المدائن أي مدائن كسرى قرب بغداد- ، فإن قتلته خرجت علينا شيعته و أصحابه ، فنفاه إلى سباط المدائن ، حيث القرامطة و الرافضة ، ثم قامت طائفة من أتباعه ، فقال لهم علي : أرجعوا ، فأنا علي بن أبي طالب أبي مشهور و أمي مشهورة ، فقالوا : لا نرجع ، فحرّقه علي بالنار[7] .

و ثالثها[8] أن جرير بن قيس ذهب إلى المدائن بعد مقتل علي رضي الله عنه فوجد بها ابن السوداء أي ابن سبأ كان منفيا هناك- فقال له أن عليا قُتل ، فقال له ابن السوداء : لو جئتمونا بدماغه في مائة صُرة لعلمنا أنه لا يموت ، حتى يذودكم بعصاه[9] .
و الرواية الرابعة[10] مفادها أن عامر الشعبي ( ت 103ه ) قال : شر أهل الأهواء الرافضة ، منهم يهود دخلوا الإسلام للمكر به ، و مقتا لأهله ، و قد حرّقهم علي بن أبي طالب ، و نفاهم إلى البلدان ، كعبد الله بن سبأ ، نفاه إلى سباط[11] -أي بالمدائن - . و آخرها أي الخامسة مفادها أن عامر الشعبي قال : أول من كذب عبد الله بن سبأ[12] .
فهذه الروايات الخمس الضعيفة الأسانيد ، هي قد وردت من غير طريق الأخباري سيف بن عمر التميمي ،و فيها ذكر لعبد الله بن سبأ ، و هي من جهة أخرى قد اتفقت مع الروايات الصحيحة الأسانيد في ذكر ابن سبأ من غير طريق سيف ، مما يجعلها تتقوى بالروايات الصحيحة ، و يصبح ذكرها لشخصية عبد الله بن سبأ هو حقيقة لا خيال .
و الشاهد الثاني هو أنه توجد روايات كثيرة تٌثبت وجود السبئية كطائفة متميزة ، لها أفكارها و هويتها ، و تنتسب لعبد الله بن سبأ ،و استمرت في نشاطها من بعده قرونا ؛ و قد قسمتها أي الروايات إلى روايات صحيحة الأسانيد ،و أخرى ضعيفة الأسانيد ، فالصحيحة تضم سبع روايات ، أولها[13] ما رواه البخاري و غيره من أن عبد الله بن محمد بن الحنفية ( ت 98 أو 99ه ) كان يجمع-و في رواية يتبع أحاديث السبئية[14] .
و ثانيها قول الشاعر الأعشى الهمداني (ت 83ه) في المختار الثقفي الشيعي الرافضي و أصحابه من أهل الكوفة ، عندما هجاهم و وصفهم بأنهم سبئية ، في قوله:
شهدتُ عليكم أنكم سبئية + و إني بكم يا شرطة الكفر عارف[15]

و ثالثها[16] قول قتادة السدوسي (ت 117 ه) في تفسير قوله تعالى : (( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله ، و ما يعلم تأويله إلا الله ))- سورة آل عمران/ 7- فقال : (( إن لم يكونوا الحرورية الخوارج و السبئية فلا أدري من هم ))[17] .

[1] تأويل مختلف الحديث ،حققه محمد زهري النجار، بيروت، دار الجيل ، 1972، ص: 73 .

[2] رجالها : محمد بن عبدوس ، و محمد بن عباد ، و سفيان الثوري ، و سلمة بن كهيل ، و حجية بن عدي ، و هم كلهم ثقات . انظر : الذهبي : السير ، ج 13 ص: 531 .و ابن حبان : الثقات ، ط1، بيروت، دار الفكر، 1975،ج 9 ص: 90 .و احمد العجلي : معرفة الثقات ، ج 2 ص: 68 .و ابن حجر تهذيب التهذيب ، ج2 ص: 190 . و حسنها أيضا فهد العودة ، الإنقاذ ص: 23 .

[3] الدارقطني : جزء أبي طاهر ، حققه عبد المجيد السلفي ، ط1 الكويت ، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، 1406 ، ص: 52

[4] في إسنادها انقطاع ، لأن سماك بن حرب بن أوس لم يثبت أنه سمع من علي بن أبي طالب . فهد العودة : المرجع السابق ص: 28 .

[5] ابن عساكر: تاريخ دمشق، ج 29 ص: 9 ,

[6] في رجالها من لا يُعرف ، على ما قاله فهد العودة . المرجع السابق، ص: 29 . كما أن ذكر القرامطة في الرواية لا يصح ، لأنهم لم يظهروا إلا في القرن الثالث الهجري .

[7] ابن عساكر: تاريخ دمشق ، ج 29 ص: 10 .

[8] من رجالها : مجالد ،و حباب بن موسى و جرير بن قيس . الأول ضعيف ( الذهبي : السيّر ج 6 ص: 286.و المغني في الضعفاء ،حققه نور الدين عتر، د م ن، د ت ، ج2 ص: 542 . ) ،و الآخران لم أتعرّف عليهما .

[9] الجاحظ : البيان و التبيين ، ج 1 ص: 429 .

[10] من رجالها : عبد الرحمن بن مغول ، و هو كذاب . ابن أبي حاتم : الجرح و التعديل ، ج 4 ص: 310 .

[11] الخلال : السنة ، ج 3 ص: 497 .

[12] ابن عساكر : المصدر السابق ، ج 29 ص: 7 .

[13] رجالها هم : أبو بكر عبد الله بن محمد الحميدي،و سفيان بن عيينة ،و الشهاب الزهري، ، الأول ثقة ( الذهبي: السيّر ، ج 4ص: 130 ) ،و الآخران ثقتان مشهوران ، فالإسناد إذن صحيح .

[14] البخاري : التاريخ الكبير، حققه هاشم الندوي، بيروت ، دار الفكر، د ت ، ج 5 ص: 187 . و المزي : تهذيب الكمال، ج 16 ص: 87 . و الذهبي: نفسه ، ج 4 ص: 130

[15] ابن عساكر : تاريخ دمشق ، ج 34 ص: 486 . و ذلك البيت هو في ديوان الأعشى ، على ما ذكره الباحث محمد أمحزون ، تحقيق مواقف الصحابة ، ج 1 ص: 286 .

[16] رجالها : عبد الرزاق بن همام ،و معمر بن راشد ،و قتادة بن دعامة السدوسي ، هؤلاء كلهم ثقات مشهورون .

[17] الطبري: تفسير الطبري ، بيروت ، دار الفكر، 1405 ، ج 3 ص: 178 .و عبد الرزاق الصنعاني: تفسير الصنعاني،حققه مصطفى مسلم ، ط1 الرياض ، مكتبة الرشد ، 1410ه ، ج 1 ص: 115 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59