( 1 ) .. شهادة أمريكى على حسن إسلام خليل عبد الكريم !
فى مقدمة كتابه " الأسس الفكرية لليسار الإسلامى " ، يورد الشيخ خليل عبد الكريم شهادة الصحفى الأمريكى ستيف نيقوس له ، بصحة الإسلام وحسنه شكلاً وموضوعاً ، ودهشته من أن الإسلاميين [ أو " الإسلامويين " كما يقول الشيخ ] يرفضونه بينهم ، ولا يعدونه واحداً منهم ، رغم " مظهره الإسلامى وسمته الإسلامى [ يشير الشيخ إلى لحيته و***ابه واللاثة البيبضاء التى يتعمم بها ] وخطاباته وطروحاته الإسلامية " .
ثم يعقب على ذلك متسائلاً : " كيف استطاع هذا الصحفى الأمريكى الذى لم يمكث معى أكثر من ساعتين أن يدرك أننى أقف على أرضية إسلامية لم أغادرها فى يوم من الأيام ، ولم يدرك ذلك الإسلامويون الذين زاملتهم فى سجون الناصرية ، وخرجت مع آخرين فى سبيل الله عدة أسابيع ... ؟ " .
وهو يمضى قائلاً إن بعضهم قد تحول إلى شيطان ناطق ومن أشد المهاجمين شراسة وضراوة . يقصد أنهم يتهمونه بكراهية الإسلام ومعتقداته والعمل على تشويهه مع التخفى تحت لافتة " الكاتب الإسلامى " ، وهو ما يفهم من وسمهم له ( كما يقول ) بـ " مفتى الماركسية " و " الشيوعى الملتحى " و " الشيخ الأحمر " [ص7]
ثم يصف شهادة الصحفى الأمريكى فى حقه بالأمانة معلناً تقديره البالغ لها ، وإن أضاف أنه رغم ذلك ليس بحاجة إلى شهادة الفرنجة [!] لتشكل دليل ثبوت على إسلاميته .
ألم يجد خليل عبد الكريم مؤمناً يشهد له بالاستقامة ، حتى يلجأ إلى شهادة كافر " أمريكانى " فى هذا الصدد ؟ .. إن هذا يعطينا فكرة جيدة عن صدى كتابات خليل عبد الكريم بين المسلمين !
( 2 ) .. كيل الكلام المعسول تمهيداً لدس السم فيما بعد
فى كتابه " لتطبيق الشريعة لا للحكم " ، يؤكد خليل عبد الكريم ، فى أكثر من موضع منه ، أن الإسلام ليس عبادات فقط ، بل هو إلى جانب هذا تشريعات وعقوبات ونظام سياسى . [ص49،66،101،114مثلاً]
وهو يوافق من يدعون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ، وإن كان يرى أنه لا بد من تمهيد كاف لذلك بإقامة مجتمع العدل والشورى . بل إنه يرى أن من يجحد الحدود أو يرميها بالقسوة فقد خرج على الملة ، كما يؤكد أنها صالحة لكل زمان ومكان . [ص45]
كذلك فهو يقرر أن أحكام الله التى نص عليها الوحى فى القرآن الكريم والأحاديث النبوية هى أحكام ملزمة واجبة التنفيذ . [ص39،49]
والكاتب يعترف بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد نجح فى تغيير أوضاع المجتمع العربى بعد كفاح شاق استمر ثلاثاً وعشرين سنة . [ص74] ، وأنه وأصحابه ، رضى الله عنهم ، كانوا يبدأون بأنفسهم أولاً فى أى شىء يدعون الناس إليه ، وهذا هو سر نجاحهم . [ص78]
والملاحظ أن الكاتب إذا ذكر النبى فى كتابه هذا أتبعه بالصلاة عليه ، وفى بعض الأحيان يصفه بالمعصوم ، وإذا ذكر الصحابى استرضى الله عنهم ، وعند استشهاده بشىء من القرآن يقول : " قال الله تعالى : ... " أو " أوحى الله لنبيه بكذا " .
[ وسوف نرى أنه فى كتبه التالية ، إذا ذكر النبى عليه الصلاة والسلام ، أو أحداً من الصحابة رضوان الله عليهم ، فإنه يورد الاسم مجرداً دون صلاة أو استرضاء ، وإذا أشار إلى نص قرآنى قال مثلاً : وتلا عليهم محمد قرآناً " أو ما إلى ذلك . بل إنه ، فى مقال له بمجلة القاهرة ، يصف عبارة " رضى الله عنه " وأشباهها بأنها مبالغة فجة ممجوجة فى التفخي والتعظيم والتبجيل . ( انظر مقاله " هذا من تجليات الحقبة الثالثة " ، مجلة القاهرة ، العدد 144 ، نوفمبر 1994 م ، ص 17 ) . ]
وقد وصل بكاتبنا الأمر إلى الحملة العنيفة على المستشرقين ، واتهامهم كلهم تقريباً بسوء الطوية وخبث النية ، وانبعاثهم فى مواقفهم وآرائهم تجاه الإسلام من أحقادهم الصليبية ، والتنديد بمحاولاتهم المستميتة فى الطعن فى القرآن ، والإساءة إلى شخص الرسول عليه الصلاة والسلام ، وإشاعة روح الهزيمة فى نفوس المسلمين ؛ تحقيقاً للمطامع الاستعمارية لدولهم ، التى يؤكد أن كثيراً منهم كانوا موظفين فى أقلام استخباراتها . [ص26]
[ وسوف نرى بعد ذلك كيف انقلب موقفه تماماً فى هذه القضية ، فأخذ يثنى على المستشرقين وعلمهم ، مع مهاجمة من دخل الإسلام منهم مهاجمة ضارية ، واتهامهم بالضحولة والسطحية وتفاهة الفكر . وحتى فى كتابه " لتطبيق الشريعة " لا يفوته أن يتهكم برجاء جارودى وبفرح المسلمين به وبإسلامه قائلاً إنه " أصبح ... البدر الطالع والنجم الساطع فى كل مؤتمر إسلامى " [ص26] .. مع أن من الإسلاميين من يختلف مع الأستاذ جارودى اختلافاً شديداً . وعلى أية حال فإننا نحب أن نوضح للقارئ أن جارودى كان واحداً من كبار المفكرين الشيوعيين ، ثم انقلب على الشيوعية ، وأعلن إسلامه ، كما أن أحداً لم يفضح الصهيونية فى أيامنا هذه مثلما فضحها جارودى ، الذى قدموه للمحاكمة لهذا السبب بمقتضى قانون جيسو ، هذا القانون الذى كان الشيوعيون الفرنسيون وراء إصداره . ومن هنا يدرك القارئ لماذا يكرهه الشيخ خليل عبد الكريم هذه الكراهية القتالة ].
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
|