عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-01-2016, 02:14 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,372
افتراضي إشكاليات تحليل الخطاب في الدراسات الإعلامية العربية


إشكاليات تحليل الخطاب في الدراساتالإعلامية العربية :الدراسات المصرية نموذجا ، المجلة العلمية لكلية الآداب ، جامعةالمنيا ، أبريل 2004 ( بحث منفرد).

إشكاليات تحليل الخطاب في الدراساتالإعلامية العربية
الدراسات المصرية نموذجا

د. محمدشومان

مقـــدمــة :

ارتبطت نشأة وتطور بحوث ودراساتالإعلام في العشرينات من القرن الماضي بالنموذجين الوضعي والسلوكي positivist and behaviourist paradigm، فقد استمد التخصص الجديد الكثير من منطلقاته ومفاهيمه وأطرهالنظرية والمنهجية من هذين النموذجين ، في هذا الإطار ركزت بحوث الإعلام - وما تزال - علي تأثير وسائل الإعلام في الجمهور اعتماداً علي ما يعرف بدراسات الجمهور ،وأهملت إلى حد كبير دراسة مضمون وشكل الرسالة الإعلامية التي يفترض أنها تحدثالتأثير المطلوب أو المرغوب من وجهة نظر المرسل أو القائم بالاتصال سواءً كان شخصاًأو مؤسسة إعلامية .

وحتى عندما التفت الباحثون لأهمية دراسة شكل ومضمونالرسالة الإعلامية لم تعرف الدراسات الإعلامية سوي التحليل الكمي لمضمون أو محتوىالرسالة الإعلامية ، والذي ذاع صيته بفضل مقال بريلسون Berelson الشهير ، والذينشره عام 1952 بعنوان التحليل الكمي للمحتوي في أبحاث الاتصال . واستناداً إلىمساهمات بريلسون وآخرون سادت تقاليد التحليل الكمي الدراسات الإعلامية ، وأصبحتجزءًا من التقاليد البحثية في حقل الدراسات الإعلامية ، بينما اختفت أو غيبتالدراسات الكيفية واتهمت بالتحيز والبعد عن الموضوعية ، ويرصد تومبكنس استمرار هذهالظاهرة في أقسام وكليات الإعلام الأمريكية والمجلات العلمية حيث قام بتحليل ملخصاتالبحوث المنشورة في المجلات الإعلامية الأمريكية في الفترة من 1988-1994 ووجد ستةبحوث فقط استخدمت مناهج بحوث كيفية ،وفسر تومبكنس ذلك في ضوء عاملين هما الاعتقادالسائد بين الباحثين بأن المجلات العلمية لا تنشر البحوث الكيفية ، بالإضافة إلىنقص التدريب علي تحليل المضمون الكيفي (Tompkins, 1994 , PP 44-50)

لكنيمكن إضافة عامل ثالث لتحليل تومبكنس يتمثل في قلة الاهتمام بدراسة مضامين الرسائلالإعلامية والذي ارتبط بنشأة تخصص الإعلام في إطار الوضعية والسلوكية ، من هنا يذكرلنجر عام 1998 أن الرسائل في النصوص الإعلامية لم تحظ فعليا بالاهتمام الأول فيمجال بحوث الإعلام خلال الخمس عشرة إلى العشرين سنة الأخيرة ، وظهرت كثير من البحوثفي التسعينات تركز علي عمليات إنتاج واستقبال الأفراد أو المجموعات للرسائلالإعلامية ، وذلك رغم أن الأفراد المتلقين يفسرون النصوص الإعلامية وفقاً لحياتهمالشخصية وخبراتهم وتجاربهم الذاتية إلا أن للنص ذاته تأثير حاسم علي تفسيراتهم (Langer,1998 ) .

علي أن سيادة وهيمنة مناهج وأدوات التحليل الكمي لم تمنعمن ظهور كثير من الانتقادات التى انصبت علي شكلية وعدم موضوعية فئات تحليل المضمونالكمي التي تدعي بدون أساس علمي الدقة والموضوعية ،و تنزع إلى تفتيت النص ،وتحويلهإلى مجرد أرقام وبيانات إحصائية لا تكشف عن معني النص أو المعاني التي يحملها ، إنالتحليل الكمي عكس التحليل الكيفي يهمل سياق النص وعلاقات القوي داخله ،ومنظورالفاعل ، فضلاً عن عدم الاكتراث بالمعاني الضمنية أو غير الظاهرة في النص ( عبدالرحمن وآخرون , 1983) من هنا بدأت تظهر- وعلي استحياء- محاولات لاستخدام مناهجوأدوات للتحليل الكيفي في دراسة النصوص الإعلامية، وقد اتسمت في البداية بالترددوالخلط وعدم الوضوح أو التكامل المنهجي والإجرائي ، لكنها شكلت نوعًا من المواجهةوالتحدي للتقاليد السائدة في مجال الدراسات الإعلامية (Curtin, 1996) .

وفيمطلع السبعينيات من القرن الماضي اتجه عدد من الباحثين الاسكندنافيين في مجالالإعلام إلى تأييد واستخدام التحليل الكيفي للمحتوي من منظور أيديولوجي ،وعرف هذاالتوجه بالاتجاه الإنساني humanistic trend والذي ركز علي علاقات القوة التي تحاولالنصوص الإعلامية التعبير عنها ، كما سعي لتطوير أدوات التحليل الكيفي مستفيدًا منالتطور الذي تحقق في مجال الدراسات اللغوية والسميولوجية( العلاماتية )، وتحليلالنص ، وكان من أبرز ممثلي هذا الاتجاه الباحث الدانماركى بيتر لارسن Beter Larsen ، والذي أكد أن التحليل الكيفي ليس غاية في حد ذاته ، ووفقا لمايرينج Mayring فإنالتحليل الكيفي للمحتوي يقوم علي الفحص الدقيق لمصادر المادة المزمع تحليلها ، وعلىالملاحظة الصريحة والفهم الذاتي للذين يقومون بالتحليل ، مع الاهتمام أيضا بوجهاتنظر الآخرين ، بالاضافة الي تقبل نتائج إعادة التفسير ،وتعتبر المصطلحاتالسميولوجية والنظرية البراجماتية للمعنى وقواعد التفسير علي أساس التحليل البنيويللنص من أدوات عملية التحليلي الكيفي ،والتي تتضمن المبادئ الأساسية لتلخيص وشرحوهيكلة المادة محل الدراسة ( Langer, 1998- Howley, 1999)

لكن هذه الأدواتالمنهجية لم تكن كافية لدراسات الرسائل أو النصوص الإعلامية في علاقاته المتشابكةوالمعقدة مع الرسائل السابقة ، ومع بنية المجتمع والقوة المهيمنة عليه ، من هناتطورت محاولات التحليل الكيفي في الثمانينات من القرن الماضي باتجاه تبنى منهجيةتحليل الخطاب ،وتحليل الخطاب النقدي، وقد تأثرت هذه المحاولات بهيمنة إتجاه ما بعدالبنيوية . ورغم عدم الاتفاق علي مفهوم الخطاب إلا أنه أصبح يستخدم علي نطاق واسعفي تحليل النصوص الإعلامية ، وقد نشأ مفهوم الخطاب في إطار دراسات اللغة والألسنيةأو علم اللغة الحديث، رغم أن الألسنيون الأوائل أمثال سوسيرSaussure 1857-1913،وهلمسلف Hjemslew 1899- 1965، وجاكبسون Jakobson 1896- وغيرهم لم يناقشوا موضوعالخطاب وإنما كان بيسنس Buyssens أول من طرح مسألة الخطاب في الدراسات الألسنية عام 1943،ولكن النقلة الألسنية الكبيرة في مسائل الخطاب جاءت علي يد بنفست Benvenist 1902-1967وفي الوقت الحالي هناك توجه كامل- كما يقول الزواوي بغورة- في فرنسا يسميتحليل الخطاب ، ويظهر في أشكال مختلفة يمكن تصنيفها إلى أربع منظومات كبري هي ،المنظومة المنطوقية ، والمنظومة الحجاجية ، والمنظومة السردية والمنظومة الخطابية ،وقد ارتبطت الأعمال الأولى للبنيويين الفرنسيين- أمثال كلود ليفي شتراوس ، ورولانبارت ، وجان لكان وميشيل فوكو - بهذه الأشكال من تحليل الخطاب (بغورة ، 2004).

ويمكن القول أن السيميولوجيا ( العلاماتية ) قد قادت في الستيناتوأوائل السبعينات حقل تحليل النصوص الإعلامية، ووفرت للباحثين أسلوبًا لتحيل المعني، بينما هيمن التحليل الأيديولوجي علي هذا الحقل في أواخر السبعينات وبدايةالثمانينات ، وقد زود الباحثين بمنهج للتفكير في العلاقات بين المعني والبنيةالاجتماعية ،ومنذ منتصف الثمانينات وحتى الآن أصبحت نظرية الخطاب هي التي تقودعمليات تحليل النصوص الإعلامية ، ولقد دفعت نظرية الخطاب الباحثين إلى إعادةالتفكير في العلاقة بين المعنى والبنية الاجتماعية ،من خلال التركيز علي السلطة منداخل نظام المعني وليس من خارجه ، فنظم المعني نفسها تعتبر سلطة ،وهي لا تظهربسهولة كنظم ، مثل بنية اللغة بل من خلال ممارسات ذات دلالة ، إنها ليست ببساطةالمعاني المرتبطة بالممارسات الاجتماعية ، كما يقول ألتوسير في نظرية الأيديولوجية، بل إن المعني والممارسة لا يمكن التمييز بينهما فهما مترابطان ، أي أن المعني هوالممارسة في نظرية الخطاب (Tolson, 1996, p196 ) .

إن الخطاب ليس هو اللغة،كما توجد اختلافات عميقة بين الخطاب والنص، وذلك رغم نشأتهما التقليدية منالدراسات اللغوية ، إن الخطاب والنص يبحثان في البناء والوظيفة لوحدات اللغة الكبرى، كما تطورا في نفس الوقت تقريبا ،لذلك هناك من يعتبرهما متطابقين ، لكن لاشك فيوجود فروق كبيرة بينهما علي مستوي المفاهيم والمناهج والوظائف ، فالخطاب يركز علياللغة والمجتمع . (Tankard,1994 ) بالإضافة الي أن الخطاب متحرك ومتغير ، وله جمهوروهدف وقصد معين ، ويتشكل من مجموعة من النصوص والممارسات الاجتماعية .

ويشيرالخطاب - كما يقول فيركلاو - إلى استخدام اللغة حديثا وكتابة , كما يتضمن أنواعًاأخرى من النشاط العلاماتي مثل الصور المرئية - الصور الفوتوغرافية ،الأفلام،الفيديو ،الرسوم البيانية - والاتصال غير الشفوي – مثل حركات الرأس أو الأيدي ... الخ – ويخلص إلى أن الخطاب هو أحد أشكال الممارسة الاجتماعية ، ثم يستخدم فيركلاوالخطاب بمعني أضيق حين يقول : "الخطاب هو اللغة المستخدمة لتمثيل ممارسة اجتماعيةمحددة من وجهة نظر معينة" ، وتنتمي الخطابات بصفة عامة إلى المعرفة ،وإلى بنـاءالمعرفــة . (fairclough ,1995,pp 53-56 )

علي أن فيركلاو وغيره من الباحثينفي حقل تحليل الخطاب النقدي قد توسعوا في تعريفاتهم واستخداماتهم لمفهوم الخطاببحيث غدا عندهم يشمل كل شيء ، وتقع تحت مظلته تخصصات ومجالات واسعة في العلومالاجتماعية ومن منظور نقدي . وقد ترافق ذلك بالتوسع في استخدام تحليل الخطاب النقديعبر تخصصات مختلفة ولأغراض متباينة ، مع غياب التعاون بين هذه التخصصات ، ما أدىإلى عدم الاتفاق علي ما هو تحليل الخطاب، وكيف يمكن تطبيقه ، وما هي حدودهوإمكانياته ، ومثل هذه الحالة لا تقلق الكثير من الباحثين حيث يري البعض أن كثيرًامن المفاهيم والنظريات التي تستخدم في العلوم الاجتماعية لا يوجد حولها اتفاق ،كماهو الحال في عدم الاتفاق حول تعريف الأيديولوجية بين التخصصات المختلفة . (Tankard,1994)

إن عدم الاتفاق علي مفهوم الخطاب واستخداماته لم تمنع منانتشار بحوث تحليل الخطاب وتناولها لموضوعات ومجالات متعددة ، من بينها تحليلالخطاب الإعلامي ، الذي يعتبر تطورًا مهمًا لمجال التحليل الكيفي للرسائل الإعلاميةوشروط إنتاجها وتداولها وتأثيرها في الجمهور ، فضلا عن تفاعلاتها مع الظروفالتاريخية و المجتمعية .

مجمل التطورات السابقة فيما يتعلق بتطور تحليلالنصوص والرسائل الإعلامية انعكست بصور مختلفة، وأحيانا متباينة علي البحوثوالدراسات العربية في مجال الإعلام ، كما كان لها - وبدرجات مختلفة - نماذجهاوممثليها ، ولكن بصفة عامة كانت تلك التطورات المنهجية والنظرية تنتقل إلى الدراساتوالبحوث العربية بفارق زمني كبير ، كما كان يجري تبنيها أحيانا بطريقة آلية وبدونتمثل لخصوصيات اللغة والثقافة العربية . وتكفي الإشارة هنا إلى أن البحوث الإعلاميةالعربية، والتي صدرت باللغة العربية في الجامعات المصرية استخدمت تحليل المضمونالكمي لأول مرة في مطلع السبعينات ، وقد هيمن التحليل الكمي للرسائل الإعلامية عليدراسات وبحوث الإعلام- خاصة رسائل الماجستير والدكتوراه – في مصر خلال السبعيناتوالثمانينات ، إلي ان ظهرت في نهاية الثمانينيات أول دراسة استخدمت تحليل الخطاباعتمادا علي مساهمات اللغويات واللغويات النقدية ، حيث استخدمت التحليل الاسلوبيوالدلالي (خليل ,1989 ). ثم ظهرت بعدها العديد من الدراسات والرسائل العلمية التياستخدمت منهجية تحليل الخطاب .


أولاً :إشكالية الدراسة :

ترتبطإشكالية الدراسة بمجمل الإشكاليات الخاصة بتطور تحليل الرسائل والمضامين الإعلاميةوأهمها عدم التوازن بين التحليل الكمي والكيفي في دراسات وبحوث تحليل مضمون الرسائلالإعلامية ،وهيمنة التحليل الكمي علي التقاليد العلمية والمنهجية في مجال بحوثودراسات الإعلام علي المستويين العالمي والعربي . ورغم محاولات استخدام مناهجوأدوات التحليل الكيفي ، وتطورها باتجاه استخدام تحليل الخطاب والاستفادة من علوماللغويات ، والسيميولوجيا وعلم الاجتماع ، وعلم النفس الاجتماعي والدراسات الادبيةوالاثنوجرافيا والدراسات الثقافية ،إلا أنه لا يوجد اتفاق حول الخطاب , كما تختلفالمفاهيم النظرية والاستخدامات العملية لمفهوم الخطاب ، وقد انعكست تلك الإشكالياتعلي المحاولات العربية لتحليل الخطاب الإعلامي ، والتي لم تتمكن من تحدي التقاليدالعلمية السائدة و استخدام مناهج وأدوات التحليل الكيفي ، ومناهج تحليل الخطاب إلافي مطلع التسعينات ، وبعد أن أنجزت بحوث ودراسات تحليل الخطاب في الدولالاسكندنافية و بريطانيا وأستراليا وألمانيا والولايات المتحدة خطوات مهمة علي طريقالتبلور المنهجي والإجرائي .

وتتبلور الإشكالية الرئيسية لهذه الدراسة فيأن الفجوة الزمنية والعلمية بين مدارس تحليل الخطاب في العالم والمحاولات العربيةفي هذا المجال قد وفرت للباحثين العرب فرصة الإطلاع علي ما قدمته مدارس التحليلالكيفي ومدارس تحليل الخطاب فى العالم من مساهمات نظرية وتطبيقات عملية ،لكنهاضاعفت من حدة ونوعية الإشكاليات التى تواجهها البحوث العربية في مجال تحليل الخطابالإعلامي - كما تجسده البحوث والدراسات التي أجريت في مصر باللغة العربية – حيثانتقلت الإشكاليات المعرفية والمنهجية الخاصة بمفهوم الخطاب وحدود استخداماتهونتائجه إلى الدراسات العربية ،مما أدى إلى بعض الخلط المفاهيمي والمعرفي فياستخدام بعض الدراسات العربية لتحليل الخطاب . من هنا فإن الدراسة تسعي إلى مناقشةإشكاليات تحليل الخطاب في الدراسات الإعلامية العربية .

ثانيا :أهدافالدراسة :

في ضوء الإشكالية الرئيسية للدراسة وما ارتبط بها من إشكالياتيمكن تحديد أهداف الدراسة في :

1-
التعرف علي الملامح الرئيسية لمدارس تحليلالخطاب والتي جاءت من تخصصات وعلوم مختلفة ، وأثرت علي البحوث العربية في مجالتحليل الخطاب الإعلامي.

2-
الكشف عن أهم الاختلافات المعرفية والمنهجية بينمدارس تحليل الخطاب ، والتي أدت إلى عدم الاتفاق حول مفهوم الخطاب ، وحدوداستخدامات تحليل الخطاب ، ونتائجه .


3-
رصد وتحليل نشأة وتطور البحوثوالدراسات الإعلامية العربية التي ظهرت في مصر واستخدمت مفاهيم وأدوات ومناهج تحليلالخطاب .

4-
الوقوف علي مدي الدقة والوضوح في مفاهيم وإجراءات استخداموتطبيقات تحليل الخطاب في الدراسات العربية ،في ضوء تأخر ظهورها واعتمادها عليمدارس تحليل الخطاب الأوربية والتي تعاني من إشكاليات عدم الاتفاق علي مفاهيمالخطاب وحدود استخدامات تحليل الخطاب ونتائجه .

ثالثا : تساؤلات الدراسة :

1-
ما هي العلاقة بين تحليل الخطاب والدراسات اللغوية من جهة , وبين تحليلالخطاب ودراسة النص من جهة ثانية ؟
2-
ما هي الجذور المعرفية لتحليل الخطاب؟ وماهي أهم مفاهيم الخطاب واستخداماته ؟
3-
ما المقصود بتحليل الخطاب والتحليلالنقدي للخطاب ؟ وما هي حدود استخداماتهما ؟
4-
ما المقصود بالخطاب الإعلاميوكيف يمكن تمييزه عن بقية الخطابات في المجتمع ؟
5-
إلى أي مدي يمكن التقريب بينالمدارس المختلفة لتحليل الخطاب ؟
6-
لماذا تأخر ظهور الدراسات والبحوثالإعلامية التي استخدمت تحليل الخطاب ؟
7-
ما هي الظروف والتحديات التي أحاطتبنشأة الدراسات والبحوث العربية التي استخدمت مفاهيم تحليل الخطاب ؟
8-
كيفانعكست الإشكاليات المنهجية الخاصة بمفاهيم الخطاب وحدود استخداماته علي الدراساتوالبحوث العربية في مجال تحليل الخطاب الإعلامي ؟
9-
ما هي أهم موضوعات الدراساتوالبحوث الإعلامية العربية التي أجريت في مصر واستخدمت مفاهيم ومناهج تحليل الخطاب؟
10-
ما هي أهم الأصول المعرفية والإجراءات المنهجية التي استخدمتها الدراساتالعربية في مجال تحليل الخطاب ؟
11-
كيف يمكن مواجهة وحل الإشكاليات التي تعانيمنها الدراسات والبحوث الإعلامية العربية التي اعتمدت علي تحليل الخطاب ؟

رابعا : حدود الدراسة وأهميتها :

تستمد هذه الدراسة أهميتها منحداثة استخدام تحليل الخطاب فى البحوث والدراسات الإعلامية العربية ، ومن ثم قلةالكتابات النظرية والتطبيقات العملية في مجال تحليل الخطاب ، مع وجود قدر من الغموضالمفاهيمى والاضطراب النظري حول تحليل الخطاب واستخداماته ،من هنا تبرز أهميةالتأصيل النظري للموضوع ،ومناقشة إشكاليات استخدام تحليل الخطاب في البحوثوالدراسات العربية ،بغية التوصل إلى بعض المقترحات لتطوير استخدامات تحليل الخطابالإعلامي في البحوث والدراسات العربية .
وتقتصر الدراسة علي وصف وتحليل نماذج منرسائل الماجستير والدكتوراه التي نوقشت وأجيزت في كلية الإعلام جامعة القاهرة ،واستخدمت تحليل الخطاب ، ويأتى اختيار رسائل الماجستير والدكتوراه في ضوء :-
-
فرضية أن تلك الرسائل تراعي القواعد والتقاليد العلمية ، كما تلتزم بأكبر قدر ممكنمن الدقة المنهجية .
-
معرفة ومتابعة الباحث للمساهمات النظرية والتطبيقية فيمجال تحليل الخطاب الإعلامي في مصر .
-
عدم قدرة الباحث علي الإطلاع علي بحوثودراسات تحليل الخطاب الإعلامي في تونس والجزائر والمغرب ، وذلك بالرغم من محاولاتهالعديدة للحصول علي نماذج منها . ويمكن القول أن تلك المحاولات كشفت عن ندرة البحوثوالدراسات المكتوبة باللغة العربية عن تحليل الخطاب الإعلامي في دول المغرب العربي،لذلك ربما تقدم البحوث والدراسات المصرية نموذجًا للمساهمات العربية في مجال تحليلالخطاب الإعلامي .

وإذا كانت العناصر السابقة تمثل حدودًا أو قيودًا معلنةمفروضة علي الدراسة ، فان هناك قيودًا وحدودًا ضمنية أو غير معلنة تقتضي الأمانةالعلمية الاعتراف بها وتتمثل في ارتباط موضوع الدراسة بمجال عمل الباحث واهتماماتهمما قد يخلق نوعًا من التعاطف غير المعلن مع الموضوع ، كما أن محاولته للوقوف عليمدي دقة ووضوح استخدام الدراسات التي تشكل عينة الدراسة لمنهجية تحليل الخطاب ربمايوقعه في إشكالية تقييم زملاء وأصدقاء من باحثي الإعلام في مصر تربطهم والباحثعلاقات مهنية وشخصية، فضلا عن أن إدراج الباحث لرسالته للماجستير ضمن عينة الدراسةربما يوقعه في إشكالية تقييم الذات بما لها وعليها من سلبيات وإيجابيات .

خامسًا : الإجراءات المنهجية :

تندرج الدراسة ضمن الدراسات الوصفيةالتحليلية ، لذلك اعتمدت علي المنهج المسحي بشقيه الوصفي والتحليلي ، بالإضافة إلىالمنهج المقارن ، أما عينة الدراسة فتكونت من 9 رسائل للماجستير والدكتوراه نوقشتفي كلية الإعلام جامعة القاهرة، خلال الفترة من 1990 إلى 2003،وقد اختيرت هذهالرسائل بطريقة عمدية بحيث يتوافر فيها شرطان ،الأول تقديم إطار نظري حول منهجيةالخطاب واستخداماته ، والثاني استخدام منهجية الخطاب في تحليل موضوعات إعلاميةمتنوعة ، ويمكن القول أن هذه العينة تمثل أكثر من نصف رسائل الماجستير والدكتوراهالتي استخدمت تحليل الخطاب في كلية الإعلام جامعة القاهرة .



سادسًا :مدارس تحليل الخطاب الإعلامي :

سبقت الإشارة إلى تعدد وتداخل التخصصاتوالمدارس اللغوية والألسنية والأدبية والفلسفية التي تستخدم مفهوم الخطاب ومنهجيةتحليل الخطاب، الأمر الذي أدي إلي اختلاط وأحيانا غموض مفهوم الخطاب والأسسالمعرفية والنظرية لمنهجية تحليل الخطاب واستخداماته ، من هنا تأتي أهمية عرضوتحليل أبرز هذه المدارس والتخصصات في الدراسات الألمانية والاسكندنافيةوالأنجلوسكسونية للوقوف علي أهم مساهماتها النظرية والتطبيقية في مجال تحليل الخطاببعامة والخطاب الإعلامي بخاصة ، وسيحاول الباحث عدم التقيد بالمدرسة الفرنسية فقطوالتي كان لها فضل الريادة ،إذ لا يمكن القبول بادعاء دومينك مانجينو Maingueneau - الباحث الفرنسي المتخصص في تحليل الخطاب - والذي يحصر تحليل الخطاب داخل المدرسةالفرنسية وحدها (يوسف , 2004)

1-
مدارس التحليل اللغوي للخطاب الإعلامي :

تظهر الأصول النظرية لتحليل الخطاب اللغوي في أعمال عالم اللغة الشهيرفردينالد دي سوسير ، الذي أسس المدرسة البنيوية في دراسة اللغة ، والتي تطورت بعدذلك واهتمت بتحليل الأسلوب ، والنص ، وبالتطبيقات اللغوية في مجالات وسياقات مختلفة، لعل أهمها النظريات الأدبية الحديثة والمعاصرة اعتمادا علي مفهوم تحليل الخطاب . (Bartton, 2002, pp 575-598) .

في هذا الإطار ظهرت اتجاهات في دراسةالأسلوبية ، الأول أقرب إلى البلاغة ، والثاني يدرس علاقة التعبير بالفرد أوالجماعة ، وقد أسس شارل بالي علم الأسلوبية اعتماداً علي دراسات سوسير في اللغة ،وقد عرف علم الأسلوبية بأنه يبحث في لغة جميع الناس بما تعكسه – لا من أفكار خالصةبل من عواطف ومشاعر ، وأن موضوع الأسلوبية هو لغة كل الناس ...فجميع الظواهراللغوية بمستوياتها المختلفة يمكن أن تكشف عن الخواص الأسلوبية في اللغة، لكنتلاميذ بالي ضيقوا من مجال بحث الأسلوبية وحصروه في الدراسات الأدبية، كما أخضعواالجوانب الجمالية للتحليل اللغوي اعتماداً علي مناهج نفسية وبنيوية ، وقد أوضحسوسيير أن علم الأسلوب يمثل المجال اللغوي كإبداع بينما علم اللغة يمثل المجالاللغوي كتطور وتاريخ ،كذلك ظهرت اتجاهات أحدث اهتمت بشخصية المؤلف و بعملية التفاعلبين المؤلف والقارئ ( فضل, 1985, ص ص 21 - 37 ) ، وقد اهتم علماء اللغة منذ وقتطويل باللغة المستخدمة في وسائل الإعلام حيث ركزوا على تركيب الجمل والقواعدالنحوية والبلاغية المستخدمة ، كما ناقشوا السمات البنائية والبلاغية الخاصة للغةالإعلام أو ما عرف بالخطاب الإعلامي .

وتعرضت الدراسات اللغوية التقليديةوالأسلوبية إلى انتقادات واسعة بسبب تركيزها علي اللغة أو الأسلوب بعيداً عن السياقالمجتمعي ، وعلاقات القوة داخل المجتمع ، من هنا ظهر ما يعرف بالاتجاهات اللغويةالاجتماعية ، والتي اهتمت بدراسة اللغة الإعلامية من منظور اجتماعي ثقافي برز بوضوحفي أعمال عالم اللغويات الاجتماعية بل Bell والذي اهتم بدراسة علاقات الارتباط بينالملامح اللغوية المتغيرة وبين الملامح المتغيرة للسياق الاجتماعي . وقد خلص عليسبيل المثال إلى أن درجة تبسيط نطق نهايات الكلمات في لغة المذيعين تختلف فيما بينمحطات الإذاعة في نيوزيلندا وفقا للمهن الرئيسية لجماهير المستمعين (Fairclough, 1995, p 27) .

وتركز دراسة تحليل الخطاب ذات المنحي اللغوي الاجتماعي عليالنص الكامل سواءً كان مكتوباً أو منطوقاً ، كما تهتم أيضاً بشكل النص،وبنيتهوتنظيمه علي كل المستويات الفونولوجية - علم الأصوات الكلامية – والقواعد النحوية ،لكن اللغة هنا تشمل القواعد النحوية وتركيب الجملة ومستويات تنظيم النص في مفاهيمخاصة، فضلاً عن بنية المناقشات العامة والتي تتجلى من خلال ما هو اجتماعي وسياسيوالقواعد المؤسسية لممارسة الحوار (Currtin, 1996 ). إن السؤال الرئيسي الذي يسعىتحليل الخطاب إلى الإجابة عليه هو لماذا أخذ هذا النص هذا الطريق ولم يأخذ طريقاًآخر؟، وتري كوتس جينيفر coates jennifer أن إجابة هذا السؤال تتطلب تحليل ستةمستويات هي :-

-
أن الخطاب يشكل من خلال الكلمة كما أنه يشكل الكلمة
-
اللغة تشكل الخطاب والخطاب يشكل اللغة
-
الممارسة تشكل الخطاب ، كما أن الخطابيشكل الممارسة
-
الخطاب يشكل من خلال الخطاب السابق – خطاب الماضي – والخطابيشكل إمكانيات خطاب المستقبل
-
الخطاب يشكل من خلال وسيلته ،كما أن الخطاب يشكلإمكانيات هذه الوسيلة
-
الخطاب يشكل بواسطة غرضه ، كما أن الخطاب يشكل الأغراضالممكنة
وتؤكد كوتس جينيفر أن الخطاب يرتبط باللغة والدراسات الأدبية ودراساتالتعبير والاتصال وتخصصات أخرى متعددة (Jennifer, 1988, pp237 - 247 )

ومهدتالمساهمات السابقة إلى ظهور مدرسة اللغويات النقدية critical linguistics فيالسبعينات من القرن العشرين ، بجامعة إيست انجليا علي يد مجموعة من الباحثين ،وتقومهذه المدرسة علي محاولة الدمج والتأليف بين الدراسات اللغوية النظامية والدراساتاللغوية الاجتماعية والمناهج النقدية والدراسات السميولوجية ، حيث تنطلق من تعددوظائف النص ،خاصة النص الإعلامي ،فهناك الوظيفة الفكرية – تكوين الأفكار – ووظيفةتصوير العلاقات الاجتماعية والهويات الاجتماعية ، كما تنظر هذه المدرسة إلى النصوصكنتاج لاختيارات من بين نظم الخيارات المتاحة من ناحية النحو ومفردات الكلمات وماإلى ذلك ، ويعتبر الخطاب هنا مجالاً للعمليات الأيديولوجية وللعمليات اللغوية ..معوجود علاقة محددة ومقررة بين هذين النوعين من العمليات ، وبشكل محدد يمكن أن تحملالاختيارات اللغوية داخل النصوص معناً أيديولوجياً ، كما تركز تلك المدرسة عليعملية الإقرار أو التقديم representation أي طريقة عرض الأحداث، والوظيفة الفكريةأي المتعلقة بفكرة معينة (Howley, 1999-Fairclough,1995,p 23 ) . ولعل ترو Trew ،وهودج و كريسHodg and Kress من أبرز رموز تلك المدرسة، حيث قدم الأول أبحاثاً عديدةحول مسيرة الخطاب في الصحف ،ركز فيها على عملية تحويل المواد الإخبارية الواردة منوكالات الأنباء والمصادر الأخرى إلى تقارير إخبارية منشورة ، والتغييرات التي تخضعلها القصة الإخبارية من تقرير لآخر ،أو من التقارير إلى التحليل المعمق .. إلىالمقالات الافتتاحية ، عبر فترة زمنية معينة ، فقد يحذف الفاعل بهدف ترك القويالفاعلة أو الجهات المسئولة غير محددة ، كما قد تعاد صياغة الجمل أو يقع الاختيارعلى كلمات محددة بطريقة معينة تتضمن اختيارات وتحيزات أيديولوجية ، بينما ركز هودجو كريس علي سلاسل التناص في الممارسات الخطابية ، وعلي أهمية اختيار المفرداتاللغوية والضمائر والأفعال المساعدة . وميز هودج و كريس بين النص والخطاب من ناحيةالمفاهيم والإجراءات النظرية والمنهجية والأهداف التي يسعى كل منهما إلى تحقيقها،فالخطاب هو العملية الاجتماعية التي تكون النصوص متضمنة فيها ، بينما النص هو جزءمن الخطاب ، أي أن النصوص هي تجليات للخطاب ، كما ميز هودج وكريس بين الخطابوالأشكال الأدبية رغم أنهما يحملان معاني اجتماعية .( Gunter and Roert, pp67-73- penny**** ,2002)

وقد بلور هودج وكريس نموذجاً لتحليل الخطاب من خلال النظرإلى اللغة كأيديولوجية ، تماما كما فعل هاليداي Halliday في السبعينات من القرنالعشرين ، حيث استفادا من نظرياته في تحليل الخطاب ، واتفقا معه في أن قواعد اللغةهي اختيارات وليست قواعد ، كما أن النحو هو نظرة للواقع وليس عملا محايدا كمايعتقدمعظم الناس ،لذلك ركزا علي أن اللغة والتركيبات اللغوية يمكن أن تتحدد وتتمفصل معالأيديولوجية ، وتمنح الشرعية لمؤسسات السلطة في المجتمع ، ويتكون نموذج هودج وكريس من شبكة من المفاهيم تشمل الفاعلين والأفعال أو العمليات والمفعول به ،والعلاقات بينها ، وعلي سبيل المثال عندما نقرأ جملة (البوليس أطلق النار عليالمشاغبين)، فإن الفاعل واضح بينما المشاغبون هم المتأثرون بالفعل ، لكن عندما نقرأ (ويجري رجل الشرطة) ، فإننا لا نعرف ما هي طبيعة العلاقة وما هو سياق وهدف قيام رجلالشرطة بذلك ، وهل هو هنا في دور الفاعل أم المفعول به(Delinger,1995 - Tankard,1994)

ورغم أهمية الاستنتاجات التي توصل إليها الباحثون اعتماداًعلى الأطر النظرية والنماذج التحليلية لمدرسة اللغويات النقدية إلا أنها تعرضتلانتقادات عديدة نظراً لإهمالها بحث قواعد التركيب اللغوي والنحوي ، وكذلك لعدماهتمامها بطبيعة فهم أو تأويل الجمهور للنصوص التي تشكل الخطاب الإعلامي ، أي أنالتحليل ينحصر في إطار العمليات التي يقوم بها المحللون.



2-
ميشيلفوكو وتحليل الخطاب :-

منحت أعمال فوكو الخطاب كمفهوم ومنهج للتحليل حياةجديدة وفتحت آفاقاً رحبة أمام الباحثين في العلوم الاجتماعية ،حيث أسس مفهوماًللخطاب لا يقوم علي أصول ألسنية أو منطقية ،بل يتشكل أساسا من وحدات سماهابالمنطوقات ، وهذه المنطوقات تشكل منظومات منطوقية تسمي بالتشكيلات الخطابية ، هذهالتشكيلات تكون دائماً في حقل خطابي معين ، وتحكمها قوانين التكوين والتحويل ، وعليهذا الأساس يخلص الزواوي بغورة إلى أن الخطاب يختلف عن الجملة والقضية ، كما يختلفالتحليل الخطابي عن تحليل اللغة والتحليل المنطقي ، ذلك أن تحليل الخطاب يعتمد عليالوصف الأركيولوجي والتحليل الجينولوجي – و يسعى الأول إلى سن قوانين ندرةالمنطوقات وتراكمها ، أما الثاني فهو يعني البحث عن البدايات لكن بطريقة غيرتقليدية تختلف عن الطريقة التقليدية التاريخية حيث تركز علي تبين الإنقطاعاتوالفواصل – من أجل الكشف عن ندرة وخارجية وتراكم وقبلية الخطابات أو بتعبير دقيقيقوم علي التحليل التاريخي للخطابات ، ولا تعود مرجعية الخطاب إلى الذات أو إلىالمؤسسة أو إلى الصدق المنطقي أو إلى قواعد البناء النحوي ، وإنما إلى الممارسة ( بغورة , 2000 , ص ص 124 – 144 )

وركز فوكو علي نقد وهدم التفكير الغربي الذيكان دائماً يركز علي معني أن نكون بشراً بدلاً من كيف نكون بشراً ، وفي هذا السياقأكد علي وفاة الفاعل الموحد أو الوحيد وظهور كثير من الفاعلين ، فالبشر ليس همالفاعل الوحيد بل هم منتجات الممارسات الخطابية ، كذلك فإن الموضوعات ليست حقائقاجتماعية بل هي عملية تتعلق بكيف يأتي الفاعلون بالأشياء إلى الوجود من خلال اللغة، لذلك يمكن القول بوجود علاقة بين السلطة أو القوة power واللغة ، وبالتالي يجباعتبار الفاعلين تكوينات اجتماعية تم إنتاجها من خلال الخطابات الاجتماعية التي تضعهذه التكوينات الاجتماعية في حقل علاقات القوة .( Langer, 1998 )

ولعلتهميش فوكو لدور البشر كفاعلين اجتماعيين هو ما عرضه لكثير من النقد ، بالإضافة إلىتعدد وغموض بعض المفاهيم الأساسية التي اعتمد عليها في تحليله للفكر الغربي ، وفيمقدمتها مفهوم الخطاب ذاته ، حيث أشار إلى الخطابات كتصريحات ، وعرف تحليل الخطابعلي انه تحليل للأداء الشفوي ، كما اعتبر الخطابات عوامل نشطة لتكوين وبناء المجتمعمع تبعيتها في الوقت نفسه لمجتمع معين أو مؤسسة معينة ، وفي موضع آخر اعتبرالخطابات تعبيراً عن علاقات القوة ، كما تشير أيضاً إلى كل ما يمكن التفكير فيه أوكتابته أو قوله بشأن موضوع أو شيء معين ،ويهدف تحليل الخطاب لدي فوكو إلى تنويرالبنية غير الواعية التي تحد من طريقة تفكيرنا ، وفي كتابه الشهير (أريكولوجياالمعرفة) حاول فوكو إنشاء طريقة غير تأويلية وغير جدلية وغير متعلقة بنظرية المعرفةلوصف وتصنيف التكوينات الخطابية التاريخية ((Langer, 1998. إن تحليل الخطاب يتعارضمع منهج التحليل المنطقي ومنهج التأويل ، إذ لا يبحث في باطن الخطاب ولا خلف اللغةلكنه يتوقف عند حرفية الخطاب ، عكس التأويل الذي يبحث في باطن الخطاب مسائلا المعنيوالمضمون والفكرة المستترة وراء اللفظ ( بغوره 2004)

ويخلص الزواوي بغورةإلى أن الخطاب يتنافى وما تعودنا علي تسميته في إطار تاريخ الفكر بالنص ، والأثروالقضية والجملة والمجال العلمي أو الفرع العلمي ، إن المفهوم الخاص بالخطاب لايمكن اشتقاقه مباشرة من الألسنية أو التحليل الخطابي أو فلسفة التحليل ، ولكن فينفس الوقت لا يمكن فصله عن مجمل الحوارات والمناقشات والأسئلة المطروحة والمناقشاتوالأسئلة في هذا الميدان والتي كانت موضع تفكير فوكو ، وإن بطريقة مختلفة وبمفاهيممغايرة ( بغورة , 2000 ، ص 111).

ويحتل مفهوم المعرفة والسلطة ( القوة) مكانة مركزية عند فوكو، حيث ناقش كافة أشكال السلطة ، وقد حدد مفهوم المعرفة- السلطة بالجمع والربط بينهما لا بالفصل والتمييز كما هو الحال عند الفلاسفةوالباحثين الماركسيين أو المنتمين لمدرسة فرانكفورت ( بغورة ،2000 ، ص ص 231- 243) ،وعارض فوكو فكرة أن السلطة مساوية للعنف والإخضاع والهيمنة كقاعدة أساسية ، بليمنح السلطة دوراً إيجابياً ، دور الإنتاج دون إهمال للعنف كممارسة أو كحل تلجأإليه السلطة في بعض الأحيان ، ثم يعرف السلطة بأنها مجموعة من علاقات القوي ضمناستراتيجيات محددة ( بغورة ،2000، ص233) ، لكن قد تتمفصل السلطة والمعرفة في الخطاب، يقول فوكو" يجب ألا نتخيل عالماً للخطاب مقسماً بين الخطاب المقبول والخطابالمرفوض ، أو بين الخطاب المسيطر والخطاب المسيطر عليه،بل يجب أن نتصوره كمجموعةعناصر خطابية تستطيع أن تعمل في استراتيجيات مختلفة (وذلك ) لأن الخطابات عناصر أوكتل تكتيكية في حقل علاقات القوي ، قد تكون هناك أشكال متباينة منها وحتى متناقضةداخل الإستراتيجية الواحدة نفسها ، وبالعكس يمكن أن تتنقل هذه الخطابات بيناستراتيجيات متناقضة دون أن يتبدل شكلها ( بغورة , 2000 , ص 278)، ويخلص الزواويإلى أن الخطاب ليس فقط موضوعًا من الموضوعات كالمعرفة والسلطة والذات ، بل الحقل أوالميدان الذي منه تتمفصل المعارف والسلطات والذوات ، لذلك لا يمكن أن نقول أن هناكخطابات مقبولة وأخرى مرفوضة ( بغورة ،2000, ص 278)

ويلاحظ أن الباحثين قداختلفوا حول تصنيف مساهمات فوكو ، فهناك من يري انها تدخل في سياق ما بعد الحداثة ،بينما يعتبره آخرون ما بعد بنيوي ،لأنه يؤكد علي الوجود الإنساني اعتمادا على أشكالالمعرفة والخطابات التي تعمل من خلال اللغة ، إن اللغة والخطابات تحدد الواقعبالنسبة لنا ،كما أن الخطاب يشكل هويتنا وسلوكنا ..فالخطابات تحدد الحياةالاجتماعية من حولنا ..وتحدد من نحن وطريق حياتنا .. إن الخطاب يشكل هويتنا وسلوكناكما ينعكس في الصراع حول السلطة Tolson, 1996 ,p-234.pp421-422)) .


ولاشك أن أعمال فوكو قد أحدثت تأثيرات معرفية ومنهجية واسعة، كماأثارت جدلاً واسع النطاق وخضعت لقراءات متعددة ، وأدت بعض تلك القراءات إلى تطويرلبعض مفاهيم فوكو نفسه ، حيث أعاد بعض الباحثين تعريفها وتوظيفها في مجالات متنوعةمن بينها بحوث ودراسات تحليل الخطاب الإعلامي ، حيث تكاد لا تخلو دراسة في تحليلالخطاب الإعلامي أو في التحليل الكيفي لمضامين وسائل الإعلام إلا وتستفيد من أعمالفوكو ، رغم أنه لم يكتب عن وسائل الإعلام أو الثقافة الشعبية بشكل مباشر ، وتبدوتأثيرات فوكو واضحة في أعمال تحليل الخطاب الإعلامي التي قدمها علماء اللغويات خاصةاللغويات الاجتماعية واللغويات النقدية ، كما ستظهر بوضوح في أعمال فيركلاو ، وفانديك وآخرين .



3-
التحليل السميولوجي للخطاب الإعلامي :-

السيميولوجيا Semiology والسيميوطيقا مصطلحان منقولان عن الإنجليزية ،وهما بدورهما منقولان عن الأصل اليوناني Semeion بمعني الإشارة أو العلامة ، ولذلكفقد ترجم المصطلح إلى العربية أحيانا بعلم الإشارة وأحيانا أخري بعلم العلامات ،وإنفضل معظم الباحثين العرب ترجمتهما كما هما في الأصل الإنجليزي أو الفرنسيالسيميولوجيا والسيميوطيقا ، ويترجمهما البعض بالسيمياء ،والسميائية ،والرمزية (النفادي , 2002 ) ، وإذا كان موضوع العلامة هو أساس علم السميولوجيا فإن وسائلالإعلام تنقل وأحيانا تخلق فيضًا من العلامات والرموز، من هنا ظهر الاهتمام بدراساتسيميولوجيا الخطاب الإعلامي ، وقد بدأ هذا الاهتمام بدراسة صور الإعلانات أو الصورالإشهارية في الأربعينات من القرن العشرين حيث أثير نقاش واسع حول العلاقة بينالسميولوجيا واللسانيات ،بمعني هل سيميولوجيا الصورة مجرد نقل حرفي مباشر لمفاهيماللسانيات مطبق علي النماذج البصرية ؟ وفي إطار محاولات الإجابة علي هذا السؤالتطورت مناهج تحليل الصورة الإشهارية (الإعلانية ) استنادًا إلى لسانيات دي سوسيير ،وانثربولوجيا ك. ليفي شتراوس ورياضيان شانون ،وأعمال بول ريكور التأويلية، وأبحاثرولان بارت السميولوجية ، والأعمال الخاصة بالتواصل التي بدأت في سنة 1960 فيالمدرسة العليا بباريس ، ويختزل ك . كوست أنواع المناهج التي انبثقت عن هذه الأبحاثفي مجال تحليل الصورة في منهجين اثنين هما المقاربة اللسانية ، والمقاربة البلاغيةالتي تزعمها رولان بارت ، ثم ظهر بعد ذلك المنهج البنيوي الذي تزعمه لوي بورشر L.porcher ، ومنهج السميائيات السردية الذي تزعمه فلوش J.M.Floch ( غرافي , 2002، صص 221-249) .

وتفاعلت هذه المناهج مع بعضها تأثيرًا وتأثرًا وأنتجت الكثيرمن البحوث حول خطاب الصورة الإشهارية (الإعلانية ) والصورة الفوتوغرافية ،والصورةالسينمائية ، ومع انتشار الصور التليفزيونية اتسع مجال عمل تلك النوعية من دراساتتحليل الصور وعلاقاتها بالنص المصاحب من جهة وعلاقتها بالواقع من جهة أخرى ،معالأستفادة من الاتجاهات المعاصرة في تأويل الخطاب . في هذا السياق أفردت مجلةالاتصال الفرنسية عام 1964عددًا خاصًا ساهم فيه عدد من الباحثين الذين وضعوا الأسسالأولية لمشروع تحليل الخطاب أهمهم بريموند ، و تودوروف ، و مينز ، ورولان بارت ( القرني ،1997،ص ص37-52 ) ، لكن تأمل أسماء هؤلاء الباحثين يرجح القول بأن محاولاتهمانصبت علي وضع أسس تحليل الخطاب السميولوجي في وسائل الإعلام أو بعبارة أخرى تحليلالخطاب الإعلامي من منظور سميولوجي فقط ، بيد أن مساهماتهم مهدت الطريق لظهورمساهمات لعدد من باحثي الإعلام والاجتماع في السبعينات والثمانينات، ربما كان منأبرزهم هارتلي Hartleyالذي ركز علي تحليل النشرات الإخبارية التليفزيونية من خلالمجموعة من الأكواد والأعراف السميولوجية التي تشكل أساس الملامح اللغوية والمرئيةللفقرات الإخبارية ، ويشمل تحليل الأكواد المرئية Virsual cods الطرق المختلفةلتقديم الأخبار مثل ظهور رأس مذيع الأخبار أو المراسل ..واستخدام الصورالفوتوغرافية الثابتة والتقارير المصورة ..وإطار الصور وتحركات الكاميرا ، ويفترضهذا التحليل أن الاختيارات المتاحة في نطاق الأكواد المرئية بما في ذلك الخياراتالتقنية المتعلقة بعمل الكاميرا تحمل معاني اجتماعية ، وكذلك اختيار الموضوعاتوتركيب الفقرات والجمل ، ودور المذيعين في توجيه الحديث ، من هنا يركز التحليل عليربط خصائص النصوص بالأيديولوجيات الصريحة والضمنية) Fairclough 1995, p 24 ).

4-
تحليل المحادثة :

في إطار نقد وتجديد علم الاجتماع التقليدياقترح عالم الاجتماع الأمريكي هارولد جارفينكل Harold Garfinheld في منتصف الستيناتمن القرن الماضي الاهتمام بتحليل الأساليب التي يستخدمها الناس العاديين في حياتهماليومية لتفسير أنشطتهم وجعلها مفهومة سواء لأنفسهم أو للآخرين ، وفي هذا السياق صكجارفينكل مصطلح الاثنوميثودولوجيا Ethnomethodology والذي يعني منهجية الجماعة أوبالأحرى منهجية دراسة الإدراك العام للجماعة ،وقد نهضت الاثنوميثودولوجيا علي خلفيةفلسفية متنوعة منها الفينومولوجيا، وفلسفة فيتجنشين ،بالإضافة الي كثير من إتجاهاتما بعد البنيوية وما بعد الحداثة ، واهتمت باللغة والمعني وبالطريقة التي يسهم بهاحديثنا في خلق واقعنا الاجتماعي ،وقد ظلت الاثنوميثودولوجيا إتجاهًا مقبولاً للبحثلدي قلة من الباحثين إلا أنه قد أصبح جزءًا من قلب نظرية علم الاجتماع بفضل أعمالانتوني جيدنز (مارشال ،2000،ص ص87-91 ) .

وفي ضوء مساهمات الاثنوميثودولوجياأسس هارفي ساكس قواعد لتحليل المحادثة أو ما يعرف أحيانا بخطاب الحياة اليومية سواءكانت أحاديث هذا الخطاب تجري بشكل رسمي أو غير رسمي ، وبغض النظر عن طبيعة الاختلافأو الاتفاق بين أطراف المحادثة اليومية . و قد استخدم هيريتاج و جريتباتش و هاتسبيهذه القواعد لتحليل الأحاديث والحوارات في وسائل الإعلام المختلفة ، وركز هيريتاجعلي الصيغ التي يستخدمها من يقومون بإجراء الأحاديث ضمن نشرات الأخبار لتلخيص ماقاله المتحدثون ، حيث يؤكدون علي نواحي معينة ويهملون جوانب أخري ،ويري هيريتاج Heritageأن هذه الصيغ عبارة عن آداة تقنية أو فنية يستخدمها الذين يجرون الأحاديثلإدارة تلك الأحاديث في نطاق القيود التي يضطرون للعمل في ظلها . ولكن توجداختلافات في معايير وقواعد إجراء الأحاديث نتيجة التطور الزمني وإمكانيات وخصائص كلوسيلة إعلامية والأسلوب الخاص للشخص الذي يجري الحوار، ويخلص فيركلاو إلى أن تحليلالمحادثة قد أضاف موردًا جديدًا إلى اللغويات الوصفية من خلال دراسة عمليات توجيهالحوار والتحكم في الموضوع وصياغة الأفكار ، لكنه تجاهل الكثير من الجوانب التييهتم بها الوصف اللغوي حيث يركز علي التفاعل أثناء الحوار، كذلك لم يهتم تحليلالمحادثة بربط خصائص اللغة والحوار بعلاقات القوة والأيديولوجيات والقيم الثقافيةداخل المجتمـع(Fairclough, 1995, p 22 ). ورغم هذا النقد إلا أن تحليل المحادثة قدحقق انتشارًا في السنوات الاخيرة بعد استخدامه علي نطاق واسع في دراسات تحليلالمحادثات والحوارات عبر الإنترنت .

5-
تحليل الخطاب في إطار مدرسة التحليلالثقافي :-

تأسست مدرسة التحليل الثقافي العام cultural generic analysis فيرحاب مركز الدراسات الثقافية المعاصرة بجامعة برمنجهام في بريطانيا عام 1964، إلاأن أصولها ربما ترجع إلى نهاية الأربعينات ومطلع الخمسينات ،ومن أبرز أعلامهاريشارد هوجارت Richard hoggert ، وتومبسون P. Thompson ، وستيورت هال Stuart Hall،لكن ربما كانت أعمال ريموند ويليامزRaymond Williams الأكثر أهمية في تأسيس هذهالمدرسة التي ربطت بين الثقافة والإعلام في إطار اهتمامها بتحليل معني الثقافة ،وتحول الثقافة إلى سلع تنتج وتوزع علي نطاق واسع في ظل المجتمع الرأسمالي ، من هناظهر مفهوم الثقافة الجماهيرية المادية ،وكيف أن وسائل الاتصال الجماهيري تلعب دورًابالغ الأهمية في إنتاج وترويج الثقافة الجماهيرية وعلاقة ذلك بأسلوب الحياةوالأيديولوجية والوعي في المجتمع (Munns and Rajan,1995)

وفي إطار اهتماماتمدرسة التحليل الثقافي بالإعلام ظهرت كثير من البحوث التي تناولت بالتحليل الخطابالإعلامي من زاوية تأثيره في خلق أو تغييب الوعي لدي الجمهور ، وكذلك دور الخطابالإعلامي في عملية التفاعل الاجتماعي ، وقد طور ستيوارت هال مفهوم الضمنية والتصريحوالتغيير في اللغة ،وأكد أن المعني هو نتاج العملية الجدلية بين النص والقارئ فيسياق اجتماعي وتاريخي معين ، وخلص إلى أن وسائل الإعلام لا تعكس الواقع وإنما تقومبإنتاجه عبر المعاني والاختيارات الأيديولوجية التي تنتجها أو تروج لها ( Hall, 1977,pp 123-129 ) .

واستفادت بحوث تحليل الخطاب في هذه المدرسة من أعمالجوفمان Goffman، ومن النظرة متعددة الوظائف للنص التي طورها هاليداي ، كما اقتحمتمجالات جديدة علي يد مونتجمري حيث تناولت الحوارات المفتوحة مع الجمهور في برامجالإذاعة والتليفزيون وعملية السرد ، والتناص بين النصوص الأدبية ونصوص البرامجوالخطابات الإعلامية المختلفة ،كما قام تولسن بدراسة تطور عمليات إجراء الحديث ،وخلص إلى أن هذا التطور أدى إلى تجزئة الجماهير المستمعة و تنحية الجمهورالعامFairclough, 1995 , p 32) ) ، ويمكن القول أن باحثي التحليل الثقافي العاماستخدموا مناهج وطرق في تحليل الخطاب قريبة من تحليل المحادثة إلا أنها تختلف معهافي النظرة الشاملة للمحادثة في وسائل الإعلام في علاقتها بالمجتمع،حيث تربط بينتحليل المحادثة وبين الأيديولوجية وعمليات السيطرة في المجتمع .

6-
منهجتحليل الخطاب الاجتماعي الإدراكي :

ارتبط هذا المنهج بأعمال الباحث الهولنديفان ديك في تحليل الأيديولوجية والخطاب السياسي و الخطاب الإعلامي ، والذي ربط فيهبين الجوانب النحوية والتركيبات اللغوية والسردية والإدراكية في دراسة النص ،بالإضافة إلى استخدام مناهج تحليل الخطاب ، وربما يرجع الطابع التكاملي لمنهج فانديك إلى جذوره الأولى حيث دعا في السبعينات من القرن الماضي - وقبل تحوله إلى مجالتحليل الخطاب- إلى ضرورة اهتمام نظريات تحليل النص وتحليل الخطاب الإعلامي بالنصوصذات الصلة وسياق النص ، كما دعا أيضا إلى الجمع بين المؤشرات الكمية والكيفية فيتحليل الخطاب , من هنا توسع في تحليل عينات كبيرةً نسبياً من الأخبار والموادالإعلامية ( (Langer,1998.

ويمكن القول أن فان ديك قد انتقل إلى مجال تحليلالخطاب في مطلع الثمانينات من القرن الماضي ، حيث اهتم بالتكوينات الخطابية لتحليلالخطابات الإعلامية مع الأخذ في الاعتبار كل المستويات والأبعاد الكلية والجزئيةداخل النص ، كالتنظيم العام للنص ، والفكرة الرئيسية ، والبنية التخطيطية للنص ،والبنية الجزئية والتي تشمل الكلمات وتركيب الجمل والآليات البلاغية والدلالاتاللفظية والقيم الإخبارية ... الخ . وركز فان ديك علي عملية إنتاج واستقبال النصوصوفق نموذج إدراكي أطلق عليه البنية أو البنيات الفوقية superstructures التي تسكنالنصوص الإعلامية , في الوقت ذاته فإن النصوص الإعلامية تعتبر مركز تجمع ووسيلةإظهار لهذه البنيات الفوقية ، من هنا اهتم فان ديك بدراسة الخطاب السياسيوالأيديولوجية المعلنة والمضمرة التي يحملها الخطاب الإعلامي بكافةأشكالهFairclough,2000, pp 163-195))

ويرى فيركلاو أن فان ديك قام بتطويرنموذج لتحليل الأخبار المنشورة في الصحف بصفة خاصة باعتباره خطاباً مكوناً من ثلاثةأبعاد هي النص ، وممارسة الخطاب ، والممارسة الاجتماعية الثقافية ، ويعتبر التركيزعلي ممارسة الخطاب وسيلة لربط التحليل النصي بالتحليل الاجتماعي - الثقافي ، ويتابعأن أبحاث فان ديك مثل الدراسات السميولوجية الاجتماعية أنجزت انتقالاً مهماً منتحليل النص- وهو مجال اهتمام اللغويات النقدية - إلى تحليل الخطاب Fairclough,1995, p 29) ) .

وتلعب الأيديولوجية دوراً جوهرياً في المنهجية التحليلية لفانديك ، فالأيديولوجيات من وجهة نظره هي أطر تفسيرية تقوم بتنظيم المواقف ، وتعتبرأيضاً أساساً للإدراك ، واهتم فان ديك بقضايا التمييز الإثني في الصحافة سواءً فيإطار الثقافة الواحدة أو بين ثقافات متعددة ، كما ركز علي قضايا الإدراك متأثراًبمفهوم فيسكFiske عن الإدراك ، حيث أشار إلى أن الصحفيين ومستخدمي وسائل الإعلاميملكون نماذج ذهنية بشأن العالم ، وبالتالي يكون النص في الواقع مثل جبل ثلجي منالمعلومات ، وقمة هذا الجبل هي فقط التي يعبر عنها فعلياً بالكلمات والجمل ، أماالباقي فيفترض أنه مكون من الكلمات والصور المكتوبة والنماذج المعرفية لدي مستخدميوسائل الإعلام ، وبالتالي يترك عـــادة دون الإفصـاح عنـه(Delinger,1995 (

والشاهد أن فان ديك ركز علي الخطاب الإعلامي المنشور في الصحف أكثر منبقية وسائل الإعلام ،خاصة التليفزيون ، كما ركز علي التحليل اللغوي وأهمل عمليةالتناص ،أي كيفية بناء النصوص من خلال تكوينات الخطابات والأنواع الأدبية ، كذلكإهتم بممارسات صنع الأخبار واستقبالها باعتبارها عملية مستقرة تسهم في إعادة إنتاجعلاقات الهيمنة وأيديولوجيات التمييز ، غير أنه لم يهتم بتنوع وعدم تجانس تلكالممارسات Fairclough, 1995 , p 30) ) . إلا أن إسهامه المهم تمثل في تحديده لمفهوموأبعاد التحليل النقدي للخطاب وعلاقاته بالدراسات اللغوية وبالنظرية النقدية لمدرسةفرانكفورت ، وإقراره بتعدد مجالاته وتنوعها ، ومن ثم ضرورة استخدام مناهج وأطرنظرية تكاملية . ((Van Dijk,1998

7-
المدرسة الألمانية في تحليل الخطابالإعلامي :

ظهرت في إطار الجامعات الألمانية مدرستان نقديتان في تحليلالخطاب الإعلامي ، ربما كان أهم ما يميزهما عن المدارس الفرنسية والبريطانيةاهتمامهما باللغة والبلاغة وبالإستراتيجيات الجدلية داخل الخطاب، وتعرف المدرسةالأولى بمدرسة ديوسبرج The Duisberg School وارتبطت بسيجموند ييجرSiegfried Yager الذي تأثر بأعمال ميشيل فوكو وبمدرسة فرانكفورت وباللغويات النقدية ، وقد أسس منهجهفي التسعينات من القرن الماضي علي نقد لكل من البحث اللغوي التقليدي والبحثالاجتماعي ، فاللغويون - كما يقول - يركزون بحثهم بصفة رئيسية علي النواحي الشكليةللغة دون الانتباه إلى مضمون النصوص والممارسة الخطابية والمحيط الاجتماعي والثقافيللنصوص، كما انتقد البحوث الاجتماعية الكيفية لافتقارها إلى نظرية أو طريقة بحثمحددة لتأويل النصوص ،ثم اعتمد ييجر علي مقولات المدرسة الثقافية التاريخية التيأسسها عالم النفس الاجتماعي فيجوتسكي في تطوير نظرية تعيد تعريف العلاقة بين الفعل acting والتفكير والاتصال ، والعلاقة بين الفرد والمجتمع ، وأكد ييجر أن النصوصليست شيئاً فردياً فقط ، وإنما تمثل دائماً شيئاً اجتماعياً ، فالنصوص أجزاء منخطابات فوق فردية ،وكما ذهب ميشيل فوكو يري ييجر أن أجزاء الخطاب سواء كانت نصوصاًأو أجزاء من نصوص يمكن أن تشكل سلسلة خطابية يمكن وضعها علي مستوي خطابي واحد أوعدة مستويات خطابية – علي سبيل المثال في السياسة ، والتعليم ، والإعلام – وبالتاليتمثل السلاسل الخطابية تدفقا للأجزاء الخطابية عن نفس الموضوع .

ويري ييجرأن تحليل النص هو أول تحليل للخطاب إذا اعتبرنا أن النصوص هي أجزاء من خطاب تمتدجذوره اجتماعيا وتاريخيا ، كما يؤكد أن تحليل الخطاب يهدف إلى فك الاشتباك بين نصوصوخطابات معينة لأن النصوص والخطابات المختلفة تتداخل وتخلق توتراً خطابياً ، ويقترحييجر التركيز علي تحليل العقد الخطابية أو النصوص المركزية في سلسلة خطابية لأن هذهالنصوص سابقة زمنياً في السلسلة الخطابية أو تتناص مع خطابات أخرى . ويؤكد ييجر أنإجراءات تحليل الخطاب يجب أن تظل كيفية ، كما ينفي وجود وصفة أو إجراءات روتينيةيمكن تطبيقها عالمياً عند تحليل الخطاب، لكن يجب أن يصمم تحليل الخطاب لكي يكونمتفقاً مع اهتمامات البحث وأهدافه ومضمون الخطاب محل التحليل ، في ضوء ذلك يقترحييجر أن يشمل تحليل الخطاب تحليل البنية الكلية للخطاب ، وتحليل السياق اللفظي ،وغير اللفظي ، والتحليل اللغوي علي المستوي الجزئي للنص ، وأخيراً التحليل النهائيللرسالة والجمهور المستهدف والإطار الأيديولوجي والاجتماعي للخطاب والملامح اللغويةلفهم الخطاب والآثار المقصودة (Langer,1998 ).

أما المدرسة الألمانيةالثانية فتعرف بمدرسة فيينا ، وترتبط بأعمال أستاذة اللغويات التطبيقية روث فوداك Ruth Wodak التي تعتبر أشهر من يمارس تحليل الخطاب علي المستوي العالمي في الدولالناطقة بالألمانية ، وتقيم فوداك في فيينا وتكتب أبحاثها بالألمانية والإنجليزيةوالفرنسية ، ويعتمد منهجها لتحليل الخطاب علي الأبحاث اللغوية الاجتماعية ، وأعمالمدرسة فرانكفورت وميشيل فوكو ، بالإضافة إلى الدراسات الثقافية لستيوارت هال ،ونظرية رأس المال الرمزي لعالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو ، كما استفادت فوداكمن أعمال عالم اللغة الألماني يوتس ماس Utz maas- أثرت أعماله أيضاً في مدرسةديوسبرج - الذي يعرف الخطابات بأنها أشكال لغوية ترتبط بالممارسة الاجتماعية ويجببحثها من نواحي التاريخ وعلم الاجتماع ، مع الاهتمام بالبعد البلاغي والتأويلي . أما فوداك فتميز بين ثلاثة مستويات من التحليل هي : المضمون والإستراتيجيات الجدليةوالملامح اللغوية ، كما تؤكد على أهمية البحث في تاريخ الخطابات من خلال منهج متعددالمستويات ، ولذلك تجمع أعمال مدرسة فيينا بين التحليل التاريخي والكمي علي مستويالخطاب والممارسة الاجتماعية ، وبين التحليل الكيفي علي المستوي الجزئي النصي ، (Langer , 1998 - Delinger,1995 )

ولعل أهم ما يميز أعمال روث فوداك ومدرسةفيينا هو الإهتمام بالبعد التاريخي للخطاب وبالإستراتيجيات الجدلية والملامحاللغوية ، لكن الطابع العام لتلك المدرسة يقترب من حقل اللغويات أكثر من حقل تحليلالخطاب الإعلامي ،حيث تمنح فوداك الأولوية للتحليل اللغوي مع الإعتراف بأهميةالنواحي التاريخية والاجتماعية ، ذلك أن التأكيد على كل من بنية نصوص الإعلاموسياقها الاجتماعي يمكن أن يساعد الباحثين النقديين علي تغيير طبيعة الرسائلالأيديولوجية أو الكشف عن الإعتبارات التي تؤثر في بنية هذه الرسائل ((Wodak, 1999,pp, 185-193 .

8-
التحليل النقدي للخطاب لنورمان فيركلاو:-

منحقل الدراسات اللغوية انتقل عالم اللغة الإنجليزي نورمان فيركلاو Norman Fairclough إلى تطوير نموذج للتحليل النقدي لكافة أشكال الخطاب بما فيها الخطاب الإعلامي ، ثمقام مؤخرًا بتوسيع مجال عمل نموذجه التحليلي بحيث يشمل كافة مجالات البحوثالاجتماعية ، فالتحليل النقدي للخطاب هو تحليل للعلاقات الجدلية بين الخطاب - والذيلا يشمل اللغة فقط بل والسميولوجيا والصور المرئية - وكل عناصر الممارسة الاجتماعية، ومع ذلك يؤكد فيركلاو أن التحليل النقدي للخطاب يهدف إلى توضيح كيف أن التغييراتفي استخدام اللغة تعكس التغييرات الإجتماعية – الإقتصادية والتي ترتبط بعلاقاتالقوة والهيمنة في المجتمع ، لذلك يدعو فيركلاو علماء الاجتماع إلى تجديد أفكارهمومناهجهم وأدواتهم البحثية لدراسة الخطاب Fairclough , 2000))

وبغض النظر عننتائج تلك الدعوة ،تكتفي الدراسة الحالية بعرض ومناقشة أعمال فيركلاو في علاقتهابالخطاب الإعلامي ، حيث يمكن القول بأن فيركلاو تأثر بشكل واضح باللغويات النقديةوبأعمال ميشيل فوكو وأعمال غرامشي عن الهيمنة الإيديولوجية ، إضافة إلى تأثرهالواضح بعالم الإجتماع الفرنسي بيير بورديو ،ويتفق فيركلاو مع علماء اللغة جزئيًافي تعريفه للخطاب ، ثم يؤكد اختلافه معهم ، فالخطاب هو اللغة المستخدمة لتمثيلممارسة إجتماعية من وجهة نظر معينة ، والخطابات تشكل وتعيد إنتاج الهوياتالإجتماعية والعلاقات الإجتماعية وتمثل نظم المعرفة لمستخدم اللغة ، ويعتبر كل خطابجزءًا من نظام خطابي داخل مؤسسة معينة أو مساحة معينة من المجتمع ..ويضع التحليلالنقدي للخطاب تصورًا للممارسات الخطابية لمجتمع معين – أي الطرق المعتادة لإستخداماللغة من هذا المجتمع – باعتبارها شبكات معينة ، أطلق عليها أنظمه الخطاب ، ويتكوننظام الخطاب لمؤسسة إجتماعية أو مجال اجتماعي معين من كافة الأنماط والممارساتالخطابية المستخدمة في تلك المؤسسة أو ذلك المجال ..كذلك تعتبر نظم الخطاب مجالاًوبؤرة للصراع والنزاع الإجتماعي وأحد مجالات الهيمنة الثقافية .

ووفقالنموذج فيركلاو فإن تحليل أي نمط معين من الخطابات ، بما في ذلك الخطاب الإعلامييتضمن تناوب التركيز علي جانبين مترابطين و متكاملين هما : الأحداث الإتصالية ،ونظام الخطاب ، ويشمل الجانب الأول علي تحليل للعلاقات القائمة بين ثلاثة أبعاد أوملامح للحدث الإتصالي هي:
-
نص : قد يكون مكتوبًا أو شفويًا ،والنصوص الشفويةقد تكون مذاعة فقط أو مذاعة ومرئية كما في التليفزيون ، وفي هذا المستوي يجب تحليلالمعجمية ، مفردات اللغة ، ودلالات الألفاظ ،والنحو وصوتيات النص ونظام كتابته ،وكذلك التماسك المنطقي ، والتركيبات النصية والوظائف المختلفة لكل جملة،وسيميولوجيا النص من كافة النواحي ، وما ينتجه كل ذلك من معاني متعددة ومختلفة ،سواء كانت معلنه أو مضمرة .
-
ممارسة الخطاب: يقصد به تحليل عمليات إنتاج النصواستهلاكه ، والنواحي النفسية والإدراكية الخاصة بكيفية توصل الأفراد إلى تأويلاتمعينه أو ما يعرف بالعمليات التأويلية .إضافة الي تحليل التناص والذي يهدف إلىالكشف عن كيفية تشكل واستخدام النصوص وتشابك الأنواع الأدبية والخطابات المختلفةالممزوجة في النص ، والتي قد تتضمن استخدامًا تقليديا لأنماط موجودة بالفعل أواستخدامًا إبداعيًا أو مزجًا بينهم .
-
ممارسة إجتماعية ثقافية للتياراتالإجتماعية والثقافية السائدة والتي يشكل الحدث الإتصالي جزءًا منها ، ويتناولالتحليل هنا مستويات مختلفة ،منها السياق المباشر للحدث أو السياق الأوسع نطاقاللممارسات المؤسسية ، ويمكن تناول الكثير من جوانب الممارسة الإجتماعية الثقافيةلعل أهمها الجانب الاقتصادي ، والسياسي المتعلق بقضايا القوة والأيديولوجية ، علاوةعلي الجانب الثقافي المرتبط بالقيم والهوية (Fairclough, 1995)

ورغم أهميةنموذج فيركلاو إلا أنه يعتبر نوعًا من التفكير النظري المجرد حيث لم يختبر علي نحوجاد ، ولم يستخدمه سوي عدد محدود من البحوث والدراسات ، وهذا الوضع يختلف عن منهجيةميشيل فوكو في تحليل الخطاب والتي ربما اكتسبت طابعًا عمليًا تطبيقيًا عميقاًوشاملاً ساعد في تطوير وتجديد مكوناتها النظرية .

ملاحظات حول تحليل الخطابالاعلامي :-

لعبت مدارس الخطاب السابقة دورًا مهمًا في التقريب بين تحليلالخطاب من ناحية ، ودراسة الإعلام من ناحية ثانية ، لكنها لم تنجح في بلورة أطرنظرية واضحة والاتفاق على إجراءات منهجية محددة لعملية تحليل الخطاب الإعلامي ، عليالرغم من تبلور تيار يدعو إلي التأليف بينها أو استعارة بعض المفاهيم التحليليةواستخدامها، أو إعادة تعريفها واستخدامها في سياقات جديدة . ويبدو أن غياب الاتفاقبين مدارس تحليل الخطاب يرجع الي اختلاف وتباين التخصصات ومجالات الدراسة والرؤىالفكرية والمعرفية للمنتمين لهذه المدارس ،أوربما أصبح الاختلاف وعدم الاتفاق أحدمظاهر عصر ما بعد البنيوية أو عصر ما بعد الحداثة الذي نعيشه، والذي يؤكد إيهاب حسنعلى أن اللاحسم والذاتية هما أبرز سمتين لهذا العصر (بيتر بروكر ، 1995،ص ص29-31) ،ومع ذلك يمكن رصد أهم نقاط الاختلاف والاتفاق بين مدارس تحليل الخطاب ممثلة في :-

1-
باستثناء الدراسات اللغوية التقليدية التي استخدمت مفهوم الخطاب ،يلاحظ الباحث حضورًا مؤثرًا وقويًا لمنهجية ميشيل فوكو ومفاهيمه الأساسية في تحليلالخطاب الإعلامى، مع وجود اختلاف في درجة اعتماد كل مدرسة على منهجية فوكو ، في هذاالإطار يمكن القول بأن مدارس تحليل الخطاب الألمانية أكثر تأثرًا بمنهجية ميشيلفوكو ، مقارنة بأعمال فيركلاو وفان ديك ، وقد نجح الأخير في دمج وتطوير البعدالإدراكي في عملية تحليل الخطاب ، بينما لفت فيركلاو الانتباه إلى أهمية تحليلممارسات إنتاج النصوص الإعلامية واستهلاكها ، أي استقبال الجمهور وتفاعله مع الخطابالإعلامي ، فضلاً عن اهتمامه بعملية بناء النصوص والخطابات الإعلامية .

2-
إن التوجه النقدي في تحليل الخطاب -والذي أصبح أحد أهم السمات الهيكلية لمدارستحليل الخطاب – ارتبط بالتأثر الواضح بمدرسة فرانكفورت ومدرسة التحليل الثقافيوأعمال ميشيل فوكو، وأخيرًا أعمال عالم الإجتماع الفرنسي بيير بورديو، وقد تجسد هذاالتوجه النقدي في التركيز علي دراسة علاقات السلطة والهيمنة داخل المجتمعوالأيديولوجية ، وكذلك اختيار موضوعات للدراسة التطبيقية ذات طابع اجتماعي وسياسيمؤثر ، مثل قضايا التمييز العنصري والتمييز ضد المرأة وضد الأقليات والفئات المهمشةفي المجتمع .

3-
تلعب الأيديولوجية دورًا مهمًا في التحليل النقدي للخطاب ،فاللغة اختيارات أيديولوجية ، كما أن الخطاب ممارسة ذات طابع أيديولوجي من حيثالتكوين والتأثير ، مع ملاحظة أن مدارس تحليل الخطاب استخدمت مفهومًا للأيديولوجيةوالسيطرة الأيديولوجية أقرب ما يكون للغرامشية الجديدة ، حيث يتفق فان ديك وروثفوداك و فيركلاو علي أن ممارسة القوة في المجتمعات الديمقراطية الحديثة لم تعدتعتمد علي الإكراه بالدرجة الأولى بل علي الإقناع ، أي أصبحت عملية أيديولوجيةبالمعني الغرامشي ، ويري فان ديك أن الأيديولوجية هي أطر تفسيرية كما تعتبر أساساًلإدراك المواقف الاجتماعية ( Delinger,1995 )


4-
رغم أهمية الأعمالالتحليلية للخطاب الإعلامي التي قدمت في إطار مدارس تحليل الخطاب إلا أنها تظلقليلة نسبياً من حيث الكم والنوع ، وبالتالي فإن كثيرًا من المفاهيم التحليلية التياستخدمت لم تختبر علي نطاق واسع ، خاصة المفاهيم التي اعتمد عليها فيركلاو والتي لميستخدمها إلا في تحليل عينات محدودة ، اختارها بدون توضيح لأسباب ومبررات هذاالاختيار ، من جانب آخر فإن أغلب دراسات تحليل الخطاب الإعلامي ركزت علي خطابالصحافة المنشورة ، ولم تمنح الخطاب الإعلامي في الإذاعة و التليفزيون اهتماماًمماثلاً ، ربما لصعوبات تتعلق باختيار العينات ، وتحليل الصوت و الصور.

5-
يمكن القول بأن مدراس تحليل الخطاب اعتمدت علي عينات صغيرة من المواد الإعلامية ،خاصة المواد المنشورة في الصحف ،واعتبرت نفسها نوعًا من التحليل الكيفي ، ومن ثم لمتهتم بالمؤشرات الكمية ( Curtin, 1996) ، بل ركزت علي الفهم والتأويل ، انطلاقا منفكرة مهمة عبر عنها ييجر- استنادًا إلى ميشيل فوكو – وتدعو إلى ممارسة التحليل وفهمالخطاب من خلال التعرف علي القواعد والإجراءات الروتينية الخطابية في كل جزء منالخطاب ، وبالتالي يمكن حل مشكلة التعميم النمطي عن طريق الاستمرار في تحليلالأجزاء المختلفة من الخطاب (العقد الخطابية والنصوص المركزية ) حتى لا يوجد شيءيمكن العثور عليه بواسطة هذا التحليل ،ويؤكد ييجر أن تجاربه الذاتية في مجالالدراسات التجريبية تشير إلى أنه بعد تحليل عدد قليل من أجزاء الخطاب لا توجدمعلومات أو ملاحظات جديدة (Langer, 1998 ).

لكن ربما كان فان ديك الوحيدالذي خرج في محاولاته البحثية التطبيقية عن التوجه السابق ، وقام باختيار عيناتكبيرة نسبية ،ركز فيها على الأفكار العامة والبنيات الكلية للنصوص، وحاول من خلالتحليلها التوصل إلى مؤشرات كمية وكيفية ، ويري الباحث أن محاولات فان ديك اقرب إلىالمناهج الإجرائية التقليدية كما أنها حالت دون التعمق في دراسة النصوص الإعلاميةوسبر غور الخطاب الإعلامي الذي يختلف عن بقية أنواع الخطابات في المجتمع من عدةأوجه ،لعل أهمها: عمليات وظروف الإنتاج ، والتوزيع ، وعمليات الاستقبال أو التلقي ،والتي تتوقف بدورها على طبيعة الخطاب الإعلامي وهل هو مقروء أم مسموع أم مرئي Fairclough, 1995) )

6-
مهما يكن من أمر الاتفاقات أو الاختلافات بين مدارستحليل الخطاب فإن منهجية تحليل الخطاب الإعلامي بات تقليدًا علميًا معترفاً بهومتناميًا ، ويكتسب كل يوم أرض جديدة رغم عدم وضوح مفهوم الخطاب وتضارب واختلافالمفاهيم والأطر النظرية الخاصة بتحليل الخطاب، لكنه وبشكل عام يعتمد علي عدة علوماجتماعية كما يدمج بين المساهمات الحديثة والنقدية في مجال اللغويات واللغوياتالتطبيقية والنقد الأدبى ، كما يزاوج بين التحليل اللغوي والسميولوجي ،ويستفيد منالاتجاهات الحديثة في التأويل ، والتيارات النقدية في علم الاجتماع والانثربولوجى ،والدراسات الثقافية ، وعلم النفس الاجتماعي .

من جانب آخر يمنح منهج تحليلالخطاب الخطاب الإعلامي أهمية خاصة ، وفي الوقت نفسه يراعي خصوصيته من زاوية تعددأشكاله ومضامينه سواء كان مكتوبًا أو مذاعًا أو مرئيًا ، بالإضافة إلى علاقتهالجدلية بالمجتمع ، فهو لا يعكس الواقع أو علاقات القوة والهيمنة في المجتمع فقط ،وإنما يساهم في بنائها عبر عمليات التناص بين الخطابات والتفاوض بينها ، ولاسيماالتفاوض بين منتج الخطاب والجمهور الذي يستقبله ، كما يلعب الخطاب الإعلامي دورًامؤثرًا في بناء العلاقات الإجتماعية وتحديد الهويات الإجتماعية والثقافية ، فهوعملية مستمرة ومعقدة تتفاعل فيها وعبرها قوي ومتغيرات محلية ودولية تعكس أوضاعالمجتمع وثقافته والمرحلة التاريخية التي يعيشها .

تحليل الخطاب فيالدراسات الإعلامية العربية :-

وقع إختيار الباحث علي تسع دراسات مصريةكنموذج للدراسات العربية التي استخدمت منهجية تحليل الخطاب في مجال الإعلام ، كانمن بينها أربع رسائل للماجستير ،وخمس رسائل للدكتوراه ،هي :-
1-
إنقرائية الخبرالصحفي اللغوية : بالتطبيق علي الخبر الصحفي في جرائد الأهرام والجمهورية خلال عام 1978،رسالة ماجستير، إعداد :محمود إبراهيم خليل ،1989
2-
تطور فكرة القوميةالعربية في الصحافة المصرية 1924- 1952، رسالة ماجستير ، إعداد :محمد عليشومان،1990
3-
التطور الأسلوبي والدلالي للغة الصحافة اليومية في الفترة من 1960-1980،رسالة دكتوراه ،إعداد : محمود إبراهيم خليل ،1993
4-
تأثير السياسةالخارجية للدولة في المعالجة الصحفية للشئون الدولية ، دراسة مقارنة للصحافةالمصرية خلال الفترة من 1990-1992، رسالة ماجستير ، إعداد : هشام عطية عبد المقصودمحمد ،1995
5-
علاقة النخب السياسية المصرية بالصحافة وتأثيرها في أنماط الأداءالصحفي في التسعينات ، رسالة دكتوراه ،إعداد :هشام عطية عبد المقصود محمد ، 1998
6-
الخطاب الديني في الصحف المصرية خلال الفترة ما بين عامي 1882-1914 ،رسالة دكتوراه ، إعداد : محمد احمد يونس ،2000
7-
التغطية الصحفية الغربية لشئونالعالم الإسلامي خلال عقد التسعينات ،رسالة دكتوراه ، إعداد : محمد حسام الدينإسماعيل ،2001
8-
صورة مصر في الخطاب الصحفي لمراسلي الصحف ووكالات الأنباءالعربية العاملة في مصر خلال الفترة من 1990-1996، إعداد: وائل محمد عارف قنديل ،رسالة دكتوراه ،2002
9-
موقف الصحافة المصرية من الثورة العرابية في الفترة من 1877-1882، إعداد : محمد عبد الحفيظ الباز ، رسالة ماجستير ، 2003

ومن خلالقراءة وتحليل الرسائل السابقة، فضلاً عن خبرة الباحث الشخصية ومعايشته عن قرب لظهورتلك الدراسات وغيرها ، تتكشف مجموعة من المعلومات والحقائق لعل أهمها :-

1-
ترجع بداية ظهور واستخدام مفهوم الخطاب ومناهج تحليل الخطاب في الدراسات الإعلاميةالمصرية إلى نهاية الثمانينيات من القرن العشرين ، وهي بداية متأخرة زمنيا مقارنةبالدراسات الإعلامية الأوربية التي استخدمت تحليل الخطاب ، لكن يمكن القول أن هذاالتأخير يرجع إلى هيمنة مناهج وأدوات التحليل الكمي ، واعتبارها داخل المؤسسةالتعليمية التجسيد الوحيد للبحث العلمي في الدراسات الإعلامية التي تتناول تحليلالنصوص والرسائل الإعلامية ،من هنا واجهت المحاولات الأولى لاستخدام تحليل الخطابمقاومة عنيفة وانتقادات واسعة ، حيث اعتبرت نوعا من التمرد أو الخروج عن التقاليدالعلمية السائدة التي تنتمي إلى الوضعية والسلوكية بمدارسها المختلفة ونزعتها إلىالتعامل الكمي والإحصائي مع النصوص والرسائل العلمية معزولة عن سياقها الاجتماعيوالسياسي والتاريخي ، أي التعامل مع النص بمعزل عن شروط إنتاجه وتداوله واستهلاكه ،كما نظر البعض إلى محاولات استخدام تحليل الخطاب بوصفه نوعًا من الرغبة لديالباحثين الشباب في الاختلاف أو تقليد الجديد دون فهم أودراية كاملة بمناهج تحليلالخطاب وخلفياته الفلسفية والمعرفية.

2-
ارتبط استخدام تحليل الخطاب فيالدراسات الإعلامية بجيل جديد من الباحثين الشبان الذين حاولوا تقديم إضافة جديدتتجاوز ما هو سائد في حقل تحليل النصوص والرسائل الإعلامية كما تعاملوا معها بوصفهاخطاباً . ولاشك أن هذا الجيل استفاد من تشجيع أساتذة كبار كانت لهم انتقادات واسعةلتحليل المضمون الكمي ودعوا لتجاوزه والبحث عن أدوات ومناهج تحليل جديده ، فيمقدمتهم خليل صابات ومختار التهامي ،ولعل الكتاب الجماعي للأساتذة عواطف عبد الرحمنونادية سالم وليلي عبد المجيد قد عكس هذه الدعوة وجسدها ، وقدم وبشكل عملي أول دعوةوممارسة عملية لتجاوز الأدوات والمناهج السائدة .(عبد الرحمن وآخرون ،1984 ) لاسيماوأن الثلاثة كن قد مارسن تحليل المضمون الكمي ثم انتقدنه بعد أن اكتشفن العديد مننقاط ضعفه وجوانب قصوره ، وقد اهتمت عواطف عبد الرحمن بالدعوة إلى إعادة الاعتبارللتحليل الكيفي والانفتاح علي مساهمات المدارس الفرنسية والأوربية في تحليل المضمونوعدم الاكتفاء بالمدرسة الكمية التقليدية التي وضع أساسها بيرلسون .

3-
أنمعظم الدراسات الإعلامية التي استخدمت تحليل الخطاب تناولت نصوص أو مضامين صحفية ،أي ما يعرف بخطاب الصحافة المطبوعة بينما أهملت تحليل الخطاب الإعلامي المسموعوالمرئي في الإذاعة والتليفزيون ، وكذلك أهملت الخطاب الإعلاني(الإشهاري) والذييجمع بين النص الصورة والنص المقروء . وذلك رغم التطور الكبير في تحليل خطاب الصورةوالذي أحرزته مدارس تحليل الخطاب الأوربية ، و يمكن تفسير ذلك في ضوء صعوبات عمليةتحليل الخطاب المسموع والمرئي ،وعدم توافر أطر نظرية وتقاليد بحثية راسخة في مجالتحليل الخطاب تستطيع أن تتعامل مع هذه الصعوبات ، من هنا ربما كان البدء بتحليلالخطاب الصحفي المطبوع والمقروء في مصر أسهل على الباحثين الذين يقتحمون مجالاًجديدًا ، في هذا السياق تعتمد عينة الدراسة الحالية علي دراسات تحليل الخطاب الصحفيفقط ، حيث لم يجد الباحث رسائل علمية في كلية الإعلام تناولت تحليل الخطاب المسموعوالمرئي وتنطبق عليها شروط اختيار عينة الدراسة .

4-
رغم إقتصار الدراساتالتي استخدمت تحليل الخطاب علي الخطاب الصحفي ، إلا أنه يوجد تعدد وتنوع في موضوعاتومجالات هذه الدراسات ، ولعل عينة الدراسة تكشف عن هذا التنوع ، فقد ركزت أربعدراسات على قضايا مهنية تتعلق بالأداء الصحفي ( خليل ، 1989، 1993)،(محمد، 1995 )،(قنديل، 2002)، بينما تناولت دراستان موضوعات ذات طابع فكري تاريخي ، وتتعلقتحديدًا بتاريخ الأيديولوجية ،( شومان ،1990، يونس، 2000) حيث اختصت الأولى بالخطابالقومي العربي في الصحافة المصرية ، بينما اختصت الثانية بالخطاب الديني في الصحافةالمصرية ،وتناولت إحدى الدراسات تأثير السياسة الخارجية للدولة في المعالجة الصحفيةللشئون الدولية (محمد، 1995) بينما اهتمت دراسة محمد حسام ومن منظور عبر ثقافيمقارن علي التغطية الصحفية الغربية لشئون العالم الإسلامي في التسعينات (إسماعيل، 2001) ، وقد شاركه في المنظور نفسه وائل قنديل (قنديل ،2002)، أما دراسة الباز فقداتخذت موضوعاً تاريخياً يتعلق بموقف الصحافة المصرية من الثورة العرابية 1877-1882(الباز ،2003) .

وبمقارنة موضوعات الدراسات العربية مع التراثالعلمي في مجال تحليل الخطاب الصحفي يجد الباحث أن ثمة اتفاق واضح بينها، فتاريخالفكر والأيديولوجيا ، ولغة الصحافة وكذلك الصور المتبادلة بين الشعوب كلها موضوعاتمشتركة تناولتها الدراسات الأوربية والعربية ، وذلك رغم قصور مستوي التحليلومنهجيته في الدراسات العربية ، واعتماده علي حجم كبير من العينات .

5-
ضعفومحدودية الأطر النظرية والمنهجية التي اعتمدت عليها الدراسات العربية في مجالتحليل الخطاب ، إذ خلت تلك الدراسات من العرض التحليلي الشامل لمدارس تحليل الخطابالإعلامي ، وغابت بعض المدارس عن دائرة اهتمام الدراسات العربية ، فعلي سبيل المثاللم تظهر مدارس تحليل المحادثة ، والتحليل السميولوجي ، كما لم تظهر المساهماتالألمانية وكذلك مساهمات الباحثين في الدول الاسكندنافية .

من جانب آخر فإنتبني بعض مدارس وأدوات تحليل الخطاب جاء منفصلاً عن الفلسفات أو الرؤى الكلية التيظهرت تلك المدارس في إطارها ، أي أن الخلفية المعرفية تكاد تكون غائبة أو غير واضحة، ربما باستثناء دراستي محمود خليل للماجستير والدكتوراه حيث اعتمد فيهما علياللغويات واللغويات النقدية ،و استخدم على وجه التحديد التحليل الأسلوبي والتحليلالدلالي مع ربطهما بالسياق المجتمعي ( خليل، 1989 – 1993 ) ورغم أهمية دراستي خليلإلا أنهما لم تتجاوزا حدود التحليل اللغوي وعيوبه التي تعرضت لها هذه الدراسة فيموضع آخر .

أما دراسات شومان وهشام عطية ومحمد حسام الدين فقد عرضت لبعضمدارس تحليل الخطاب لكنها لم توضح بشكل كاف الخلفية المعرفية لهذه المدارس ، كما لمتقدم إطارا نظرياً متماسكاً بل إن الدراسات الثلاث ربما تكون قد قدمت وبدرجاتمتباينة خلطًا مفاهيميًا ونظريًا ، فدراسة شومان التي حاول فيها- ولأول مرة - تجاوزمدارس التحليل اللغوي والدلالي للخطاب الصحفي ، جمعت بدون وعي معرفي ومنهجي بينبنيوية ميشيل فوكو وتأويلية بول ريكور ومساهمات دومينيك ما نجينو Maingueneau، رغمما بينهم من خلافات ، وقد أدى هذا الخلط المعرفي والمنهجي إلى اعتماد الدراسة نوعاًمن تحليل الخطاب يجمع بين المؤشرات الكمية والكيفية (شومان، 1990) أما دراستي هشامعطية للماجستير والدكتوراه فقد قدمتا تحليلاً أدق وأعمق من دراسة شومان غير أنهماوقعتا في نفس الخلط النظري و المفاهيمي ، ( محمد 1995-1998 )، ونجح محمد حسام فيالاطلاع على عدة مدارس لتحليل الخطاب، كما كان له فضل عرض أعمال فيركلاو غير أنه لميستفد من هذا العرض في بلورة إطار نظري أو تطوير أدواته التحليلية ( إسماعيل 2001)

والمفارقة أن الدراسات الأحدث وقعت في نفس الأخطاء السابقة ، كما لم تقدمجديدًا على صعيد بلورة مفاهيم أو أطر نظرية لتحليل الخطاب الصحفي ، بل اعتمدت فيالغالب علي الدراسات العربية السابقة ، ومن ثم نقلت الكثير من جوانب قصورها ( يونسوقنديل والباز)، وتجدر الإشارة إلى أن محاولة يونس إعادة تعريف الخطاب بطريقةانتقائية وعلى أسس لغوية تراثية استنادًا إلى أعمال سيف الدين الأمدي ، والإمامالجويني ، ثم تمييزه بين الخطاب بالمفهوم الشرعي والخطاب الديني ، لكنه اختزلالأخير بطريقة تعسفية في مجموعة المقولات والتصورات والرؤى التي تطرحها الجماعةالصحفية إزاء قضايا المجتمع مستندة إلى الدين الإسلامي بشكل مباشر أو غير مباشر (يونس , 2000، ص ص4-7 ) أي انه تجاهل حقيقة وجود خطاب صحفي للأقباط واليهودالمصريين ، واختزل الخطاب الديني في مصر في الخطاب الإسلامي فقط .

6-
تعكسمدارس تحليل الخطاب في العالم حالة من عدم الاتفاق والجدل حول مفهوم الخطاب ، وهلهو نظرية أو منهج ، كما تعكس تعددًا في استخدام أدوات وطرق تحليل الخطاب ، وحدودهذا التحليل، ومثل هذه الحالة لا تعكسها الدراسات العربية التي استخدمت تحليلالخطاب ، فثمة اختلافات ولكن من دون جدل أو نقاش علمي ، كما أن أغلب هذه الاختلافاتتفتقر إلى الأسس النظرية والمعرفية فضلاً عن محدودية الممارسات والتطبيقات العمليةالتي يمكن الاعتماد عليها في إثراء الجدل والنقاش العلمي .وربما يمكن تفسير ذلك فيأن مستوى ونوع الدراسات العربية في مجال تحليل الخطاب الإعلامي لم ترتبط بوضوحبمدارس تحليل الخطاب الأوربية ، ولم تتواصل معها أو حتى تنقل عنها بوضوح ، بمعنيأنها كانت مجرد ظلال غير محددة الأبعاد لبعض تلك المدارس .

7-
أن الضعفالنظري والمنهجي في الدراسات العربية التي شكلت عينة هذه الدراسة يتجسد في عدةمستويات تفصيلية تتعلق ب :-

-
الاعتماد على عدد محدود من المصادر والمراجعالتي تكررت في الدراسات العربية وتناقلتها إما عن لغاتها الأصلية أو مترجمة ،بالإضافة إلى النقل والاقتباس عن دراسات تحليل الخطاب الإعلامي في صورة اقرب ماتكون إلى إعادة إنتاج الشيء نفسه بكل إيجابياته وسلبياته .
-
باستثناء دراستيخليل اللتان اعتمدتا علي نظريات التحليل اللغوي مع استخدام التحليل الأسلوبيوالدلالي ، استخدمت عينة الدراسات العربية في تحليل الخطاب مسار البرهنة ، وتحليلالقوي الفاعلة ، وتحليل الأطر المرجعية ، وقد تكرر استخدام هذه الأدوات الثلاث- كلها أو بعضها - بصورة نمطية في الإجراءات المنهجية للدراسات التي استخدمت تحليلالخطاب ، مع اختلاف في مستوى وعمق التحليل بحسب جدية الباحث وموضوع بحثه وحجم عينةالنصوص والرسائل الإعلامية التي اختارها ،ويمكن القول أن هذه الدراسات قد نقلتالأدوات الثلاث عن أطروحة مارلين نصر حول تحليل الخطاب الناصري(نصر , 1983) بدوناطلاع أو معرفة بأسسها المعرفية والنظرية وارتباطها العميق بالدراسات اللغويةواللغويات النقدية والحجاجية التي اعتمدت عليها ،ثم قام شومان وهشام عطية بتطويروتوضيح إجراءات مسار البرهنة ، بينما نقلت بقية الدراسات عنهما وعن مارلين نصر بدونتطوير أو تأصيل نظري ، خاصة فيما يختص بتحليل القوي الفاعلة وتحليل الأطر المرجعية .

-
علي عكس ما هو سائد في دراسات تحليل الخطاب الإعلامي في العالم استخدمتالدراسات العربية عينات كبيرة ومتنوعة من النصوص الصحفية الأمر الذي يفسر حجمهاالكبير حتى أن بعضها تجاوز الألف صفحة ، ومع ذلك لم تقدم تحليلا معمقا ، وعلي سبيلالمثال استخدم شومان ويونس كمية هائلة من النصوص الصحفية عبر عشرات من السنين ،وشملت عدة صحف , بل وأحيانا عشرات الصحف والمجلات مما أضعف من مستوي التحليلونوعيته ، وحال بينه وبين التعمق في فهم وتحليل الخطاب (شومان ,1990 , – يونس , 2000) . أما دراسة محمد حسام التي غطت ثلاثة أشهر فقط ( اسماعيل , 2001) ، وكذلكالدراسات التي اقتصرت علي سنة واحدة ( خليل ,1989 )، أو سنتين (محمد, 1995) ، أوأقل من ست إلى سبع سنوات (قنديل ،2002- الباز, 2003 )، فقد اعتمدت علي عينات كبيرةمن الصحف ، وبالتالي لم تنج من السطحية في التحليل أو التشتت أحيانًا ، وإن كانتأفضل حالاً من دراستي شومان ويونس ، حيث توصل أغلبها إلى نتائج مهمة ساعدت على سبرأغوار الخطاب الصحفي وفهم آلياته وعلاقاته بسياقه التاريخي وفضائه المجتمعي .

-
جمعت خمس دراسات من إجمالي عينة التحليل بين تحليل الخطاب وبين تحليلالمضمون الكمي التقليدي بطريقة تعسفية وشكلية ، وبدون إدراك للتناقض النظريوالمعرفي بين تحليل الخطاب والتحليل الكمي ، ومن ثم قدمت مبررات نظرية أو منهجيةضعيفة وغير مفهومة لهذا الجمع التعسفي ، مما قاد إلى نتائج متناقضة أو غير مقنعة ،ولعل دراسة شومان تكشف عن هذا الخلط فقد قام بإحصاء عدد الأطروحات والبراهينالمستخدمة واتخذ من أكثرها تكررًا معيارًا لتقدير أهميتها وتأثيرها داخل بنيةالخطاب ، وهو إجراء لا يتفق مع المنطلقات والأسس النظرية والمعرفية لتحليل الخطاب ،كما أن خليل مزج وبشكل فيه قدر من الاجتهاد بين التحليل الكمي والكيفي ، حيث أشارفي أطروحته للماجستير إلى استخدامه لـ "أسلوبي التحليل الكمي والكيفي وذلك اتساقاًمع طبيعة مشكلة وأهداف الدراسة "(خليل ،1989،ص35)، أما في أطروحته للدكتوراه فقدأعلن التزامه بأسلوبي التحليل الكمي وبخاصة فيما يتعلق بالأسلوب الصحفي والتحليلالكيفي وبخاصة فيما يتعلق بالدلالة الصحفية "(خليل, 1993،ص3)

وبعيدا عن هذاالمزج يعرف محمد حسام تحليل الخطاب ويستخدمه بوصفه مدخل تحليل كمي – كيفي ( إسماعيل،2001 )، أما قنديل فقد حاول استخدام تحليل المضمون بطريقة كيفية مبتكرةتهدف إلى" تنظيم المادة الأولية للكتلة التحريرية ، وقولبتها ضمن فئات مضمونية يمكنالإفادة من دلالاتها ومؤشراتها" ( قنديل ، 2002 ،ص33 )

-
ارتباطًا بالملاحظةالسابقة يمكن القول بأن الدراسات العربية في مجال تحليل الخطاب قد شغلت نفسها بقضيةالتحليل الكمي أم الكيفي التي تجاوزتها أغلب مدارس تحليل الخطاب الأوربية ، ثمحاولت أن تأخذ موقفًا وسطيًا يمزج بين الأساليب الكمية والكيفية في التحليل ، تحتدعوي أن طبيعة البحث وأهدافه يفرض نوعية التحليل والأساليب المستخدمة ، وهذه الدعوةظهرت بوضوح في دراسات خليل وشومان وهشام وآخرين ، لكن هذه الدعوى لم تؤصل نظريًاوظلت قاصرة ومحصورة في استخدام التحليل الأسلوبي والدلالي ، و مسار البرهنة ،وتحليل القوي الفاعلة ، وتحليل الأطر المرجعية ، ولم تتعرف علي مناهج وأدوات أخرىفي التحليل ، من هنا لم تطور بشكل حقيقي وجاد من أدواتها للدمج أو التكامل بينالتحليل الكمي والكيفي .





الخاتمة :-

يستخدم مفهومالخطاب في مجالات بحثية متنوعة وتخصصات متعددة في إطار الآداب والعلوم الاجتماعية ،وقد ارتبطت نشأته بحقل اللغويات ثم تطور مع ظهور عدة نظريات ومناهج في تحليل الخطاب، ورغم هذا التوسع والانتشار في استخدام الخطاب وتحليل الخطاب فإنه لا يوجد اتفاقحول المفهوم والإطار النظري والمنهجي لتحليل الخطاب ، بل ظهرت عدة مدارس يوجد بينهانقاط اتفاق واختلاف عديدة ، ولعل أهم نقاط الاتفاق هي التوجه النقدي في تحليلالخطاب ، والاتجاه للتقريب بين مدارس تحليل الخطاب ، حيث سقطت أو تكاد الحدودالتقليدية بينها ، خاصة بعد أن سعي الكثير من الباحثين للدمج والتأليف بين مفاهيموطرق لتحليل الخطاب تنتمي لمدارس متعددة من جهة ، وبعد أن ظهر اتفاق واسع علي أنهلا توجد طريقة واحدة أو إجراءات منهجية متفق عليها لتحليل الخطاب من جهة ثانية .

واهتمت مدارس تحليل الخطاب بتحليل الخطاب الإعلامي وفي مقدمتها اللغوياتواللغويات النقدية ،والسميولوجيا ، ومدرسة التحليل الثقافي ، ومدرسة التحليل النقديللخطاب ، لكن الأعمال التحليلية للخطاب الإعلامي التي قدمتها هذه المدارس ما تزالقليلة نسبيا من حيث الكم والنوع ،ومع ذلك أصبحت منهجية تحليل الخطاب الإعلاميتقليدًا علميًا معترفا به ، ويكتسب كل يوم أرضاً جديدة حيث يتيح إمكانية التحليلالنقدي العميق والمتعدد المستويات ( الكلي والجزئي-العام والخاص- الدوليوالمحلي-المجتمعي والإعلامي - ظروف إنتاج الخطاب الإعلامي وآليات استقبالهواستهلاكه ) .

ولاشك أن اهتمامات التحليل النقدي للخطاب الإعلامي ومجالاتعمله تمكنه من تجاوز جوانب القصور في التحليل الكمي التقليدي لمضمون النصوصالإعلامية الذي نشأ في إطار التقاليد البحثية الوضعية والسلوكية - تبنته وروجت لهلسنوات طويلة المدرسة الأمريكية الإعلامية - وأدى إلى تفتيت النص وعزله عن سياقهالتاريخي والمجتمعي وإهمال المعاني غير المباشرة أو الضمنية التي يحملها النص .

وبالنسبة للدراسات الإعلامية العربية كما تعكسها حالة مصر - التي تعتبر منأوائل الدول العربية التي أنشأت معهدًا للصحافة ثم كلية مستقلة للإعلام عام 1974 - فإنها لم تعرف أو تمارس منهجية تحليل الخطاب إلا في نهاية الثمانينات ومطلعالتسعينات ، حيث سادت منهجية تحليل المضمون الكمي التقليدي وأصبح جزءًا من تقاليدالمؤسسة العلمية في مصر ، مما أخر ظهور واستخدام منهجية تحليل الخطاب في الدراساتالإعلامية ، وخاصة أنها اعتبرت خروجاً عن التقاليد العلمية السائدة ومحاولة لتجريبمنهجية غامضة غير محددة نظريًا ومنهجيًا ولا يوجد حولها اتفاق ، لكن بفضل تشجيع عددمن أساتذة الإعلام وجهود عدد محدود من الباحثين الشبان ظهر عدد من أطروحاتالماجستير والدكتوراه تبنت منهجية تحليل الخطاب ، ورغم قلة عدد دراسات تحليل الخطابالإعلامي في مصر إلا أنها نجحت في كسب مشروعية الوجود ، وباتت تقليدًا معترفاً بهحيث أصبح من المقبول في ضوء التقاليد العلمية المعمول بها في الجامعات المصريةوالمجلات العلمية الدورية إجراء ونشر دراسات تحليل الخطاب الإعلامي ، كما أن هناكأعدادا متزايدة من أطروحات الماجستير والدكتوراه قيد الإعداد تتبني منهجية تحليلالخطاب الإعلامي المطبوع والمسموع والمرئي .

وتعتمد الدراسة الحالية عليعينة من هذه الأطروحات التي نوقشت في كلية الإعلام لإلقاء الضوء علي وضعية الدراساتالعربية في مجال تحليل الخطاب الإعلامي ، حيث خلصت الدراسة إلى اقتصار تلكالأطروحات علي تحليل الخطاب الصحفي فقط ،حيث لم تظهر دراسات في تحليل الخطابالمسموع والمرئي فضلا عن خطاب الإعلان (الإشهار)، علي أن دراسات تحليل الخطابالصحفي اختارت موضوعات مهمة ، اتسمت بالتعدد والتنوع والانشغال بقضايا معاصرةومطروحة علي جدول أعمال المدارس الأوربية في مجال تحليل الخطاب الإعلامي.

لكن يمكن القول بأن دراسات تحليل الخطاب الصحفي التي ظهرت في مصر قد نقلتبعض المفاهيم والأطر النظرية عن بعض مدارس تحليل الخطاب الأوربية ، بينما لم تتعرفعلي مدارس أخرى مهمة مثل المدرسة الألمانية ومساهمات باحثي الدول الاسكندنافية ،كما لم تستفد من الأعمال التأسيسية لميشيل فوكو ربما لأنه لم يكتب بشكل مباشر عنمجال الإعلام والخطاب الإعلامي ،الأمر الذي أدى إلى ضعف ومحدودية الأطر النظريةوالمنهجية التي اعتمدت عليها الدراسات العربية في مجال تحليل الخطاب الإعلامي،وافتقارها إلى العمق النظري والمعرفي ، وقد أدى هذا الضعف إلى الوقوع في مشكلاتمفاهيمية و منهجية وإجرائية مثل غموض مفهوم الخطاب، واعتماد بعض الدراسات عليمنهجية الدراسات اللغوية فقط ،ووقوع دراسات أخرى في نوع من الخلط الغريب بين تحليلالخطاب وتحليل المضمون الكمي التقليدي ، واستخدام النوعين معًا وبطريقة تعسفية وغيرمبررة في بعض الدراسات ، بالإضافة إلى استخدام عينات كبيرة من النصوص الصحفية تغطيسنوات طويلة ، مما أثقل كاهل تلك الدراسات وأسفر أحيانا عن أنماط من التحليل السطحي .

وربما تكمن مشكلة اختيار الدراسات العربية لعينات كبيرة من النصوص إلىالتأثر بالمنهجية الوضعية السلوكية التي تفترض المساواة بين أهمية النصوص وإمكانيةاختيار عينات ممثلة ،وهو ما ترفضه أغلب مدارس تحليل الخطاب حيث أن النصوص لا تتساويفي الأهمية ، كما أن هناك نصوص مركزية أو حاكمة يطلق عليها ييجر العقد الخطابية ،فضلا عن ضرورة فهم واستيعاب التناص والتشابك والتكرار بين النصوص والذي قد لا يضيفجديدًا لتحليل الخطاب ، لذلك فمن المهم تحديد العقد والتشكيلات الخطابية والممارساتغير الخطابية والتركيز عليها في التحليل بغض النظر عن كم النصوص التي ستخضع للتحليل، ولاشك أن اختيار النصوص المركزية التي تسجل الخطاب وتحولاته هي إشكالية نظريةوإجرائية يدور حولها نقاش واسع ، من الضروري أن يتابعه الباحثون العرب في مجالتحليل الخطاب ، ويشاركون فيه نظريًا وعمليًا .

أيضا ربما يكون من المهم ليسفقط الانفتاح والتواصل مع مدارس تحليل الخطاب الأوربية ، بل الانفتاح والتواصل معالدراسات العربية التي أجريت في المغرب العربي في مجال تحليل الخطاب عامة والخطابالإعلامي خاصة ، والتي يبدو أنها تناولت موضوعات بالغة الأهمية ، كما تابعت بوعيوعن قرب مدارس تحليل الخطاب خاصة المدرسة الفرنسية، لكن العقبة التي تحول دون تعميمالاستفادة من هذه الدراسات علي النطاق العربي تكمن في أن معظمها كتب باللغةالفرنسية ، من هنا يقترح الباحث ترجمة ونشر بعض من هذه الدراسات تدعيمًا للتواصلوالحوار العربي – العربي في مجال تحليل الخطاب الإعلامي .


المراجــع :-

1- Tompkins,Phillip,k..principles of rigor for assessing evidence in qualitative , communication research, western journal of communication,1994.

2- Roy Langer, the concept of discourse analysis of complex communication events,[
عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة الروابط], ( Accessed 12-9-2004).

3-
عواطف عبد الرحمن ،نادية سالم ، ليلي عبد المجيد،تحليل المضمون في الدراسات الإعلامية ، القاهرة ، العربي للنشر والتوزيع ،1983 .


4-PartriciaA.Curtin,****ual analysis in mass communition studies:Theory and Methodology,1996,http:// list.msu.edu ( Accessed 19-7-2004).

5- Kevin Howley, ****ually mapping newpaper discourse,[
عزيزيالزائر يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة الروابط] ( Accessed 2-10-2004).


6- ndrew Tolson ,mediations , **** and discourse in ,1996. media studies, Arnold,London



7-James W.Tankard,reappraising discourse analysis and iplications for news studies,1994,[
عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل لمشاهدةالروابط]. ( Accessed 1-10-2004).


8- Norman fairclough,Media Discourse,London, Edward Arnold ,1995.


9- Ellen Barton,Resources for discourse analysis in compesition studies, V36,i4,2002 .

10-
صلاح فضل ،علم الأسلوب ،مبادئه وإجراءاته ،القاهرة ، الهيئة المصرية العامةللكتاب،1985.


11- . Kress,Gunter and Hodge, Roert,******** as ideology,London, Routledge and Kegan Paul,1979.

12 - Coates Jennifer ,ed,******** and Gender, A reader , Maiden,MA,Blackwell.1988.

13- Alastair Penny**** , critical applied linguistics in A Davies and C.Elder,eds,Handbook of applied linguistics Oxford:Blackwell,2002.

14 - Analysis, Brett Delinger,Critical Discourse [
عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيللمشاهدة الروابط], 1995 .

15-
الزواوي بغورة،مفهوم الخطاب في فلسفة ميشيلفوكو ، القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة ،2000 .


16 -
السيد النفادي،السيميوطيقا علاقتها بالفلسفة والعلم عند كارناب ،الكويت ، المجلس الوطني للثقافةوالفنون والآداب ، عالم الفكر ، يوليو – سبتمبر 2002 .

17 -
محمد غرافي ،قراءة في السميولوجيا البصرية ، المرجع السابق ، ص ص 221-250.

18-
علي بنشويل القرني ، الخطاب الإعلامي العربي ،المجلة المصرية لبحوث الإعلام ، كليةالإعلام ، جامعة القاهرة ، 1997.


19-
جوردن مارشال, موسوعة علمالاجتماع ،المجلد الأول ، ترجمة محمد محمود الجوهري وآخرين ، القاهرة ، المجلسالأعلى للثقافة ،2000 .


20- Roger Bromley ,Cultural Studies in Britain". In A Cultural Studies Reader. History, Theory, Practice. ed. Jessica Munns and Gita Rajan. London and New York: Longman, 1995.

21Hall, Stuart: Culture, the Media and the "Ideological - Effect'. In James Curran, Michael Gurevitch & Janet Woollacott (Eds.): Mass Communication and Society. London: Edward Arnold.1997.

22-TeunA.van Dijk,Critical Discourse A nalysis ,1998, www, hum.uva.nl/teun/cda.htm, ( Accessed 12-1-2005).

23- - Fairclough, Discoure,social theory and social research:the discourse of welfare, journal of sociolingustics,4,2000.

24- Roy langor, the concept of discourse analysis of complex communication events, 1998 , [
عزيزي الزائر يتوجبعليك التسجيل لمشاهدة الروابط].

25- Ruth Wodak,critical discourse analysis at the end of the 20th century.in:Research on ******** and Social interaction,32,1999.


26-
بيتر بروكر ، الحداثة وما بعد الحداثة ، ترجمةعبد الوهاب علوب ، أبو ظبي ، منشورات المجمع الثقافي ، 1995 .


27-
مارلين نصر ، التصور القومي في فكر جمال عبد الناصر 1952-1970: دراسة في عمالمفردات والدلالة ، القاهرة ، دار المستقبل العربي ،1983 .


28 -
محمودإبراهيم خليل ، إنقرائية الخبر الصحفي اللغوية : بالتطبيق علي الخبر الصحفي فيجرائد الأهرام والجمهورية خلال عام 1978،رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الإعلام ،جامعة القاهرة ، 1989.

29-
محمد علي شومان ، تطور فكرة القومية العربية فيالصحافة المصرية ( 1924- 1952 )، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الإعلام ، جامعةالقاهرة ،1990.

30-
محمود إبراهيم خليل ، التطور الأسلوبي والدلالي للغةالصحافة اليومية في الفترة من 1960-1980، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية الإعلام، جامعة القاهرة ،1993.

31-
هشام عطية عبد المقصود محمد ، تأثير السياسةالخارجية للدولة في المعالجة الصحفية للشئون الدولية ، دراسة مقارنة للصحافةالمصرية خلال الفترة من 1990-1992، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الإعلام ،جامعة القاهرة ،1995.

32 -
هشام عطية عبد المقصود محمد ، علاقة النخبالسياسية المصرية بالصحافة وتأثيرها في أنماط الأداء الصحفي في التسعينات ، رسالةدكتوراه غير منشورة ، كلية الإعلام ، جامعة القاهرة ، 1998.

33-
محمد احمديونس ، الخطاب الديني في الصحف المصرية خلال الفترة ما بين عامي 1882-1914 ، رسالةدكتوراه غير منشورة ، كلية الإعلام جامعة القاهرة ،2000.

34-
محمد حسامالدين إسماعيل ، التغطية الصحفية الغربية لشئون العالم الإسلامي خلال عقد التسعينات، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية الإعلام ، جامعة القاهرة ،2001.

35-
وائلمحمد عارف قنديل ، صورة مصر في الخطاب الصحفي لمراسلي الصحف ووكالات الأنباءالعربية العاملة في مصر خلال الفترة من 1990-1996، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كليةالإعلام جامعة القاهرة ،2002 .

36-
محمد عبد الحفيظ الباز ، موقف الصحافةالمصرية من الثورة العرابية في الفترة من 1877-1882، رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية الإعلام ، جامعة القاهرة ، 2003.

37 -
احمد يوسف ، السيموزيس وتخومالنقد ، ورقة غير منشورة ، 2004.

38-
الزواوي بغورة ، تحليل الخطاب منالوجهتين الوصفية والتاريخية ، ورقة غير منشوره ، 2004.
__________________
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59