عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-07-2012, 08:20 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

المسألة الخامسة : توجيه التشابه بين الشريعة والقانون.

إن من يتأمل الأحكام الشرعيّة والأحكام القانونية يجد تشابهاً في ظاهر بعضها ، إلا أن هذا التشابه الظاهري لا يعني التوافق من كلّ وجه ، فمصادر التشريع في كل منهما مختلفة ، إذ هي في الشريعة أدلة الشرع المستندة للكتاب والسنة كما تقدم في مسألة الاستدلال ، أما القانون فمصدره وضع البشر ونظريّاتهم ، لكن هذا التشابه حدا ببعض المستشرقين لمّا رأوه بين الأحكام الشرعيّة والقانون الروماني إلى القول بأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أخذ من القانون الروماني في زيارتيه للشام قبل النبوة ، وهذا أمر مردود من عدّة أوجه ؛ الأول : أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان أُمّياً لا يقرأ ولا يكتب ، كما إنه كان صغيراً في زيارته الأولى فكيف تعلّم القانون الروماني ،


الثاني : أنّ التشابه الظاهري لا يعني التشابه من كلّ وجه ، ومما يشهد لهذا أن التوراة الكتاب المنزّل على موسى عليه السلام كان فيها تشابه مع شريعة الملك حمورابي ، فزعم بعض المؤرخين أن التوراة مأخوذة من شريعة حمورابي ، لكن ثبت عدم صدق هذا الزعم تاريخياً بثبوت عدم الاتصال بين البابليين الذين يعتبر حمورابي أحد ملوكهم ، والعبرانيين الذين بُعِثَ فيهم موسى عليه السلام. ومن نماذج التشابه بين الشريعة والقانون ما يلي :


1 - الرجوع للعرف عند النص عليه في مصدر الالتزام ، سواء الكتاب والسنة وما يستند إليهما في الشريعة ، أو النظام الصادر عن السلطة ، وكذلك العقد في القانون ، أو عدم وجود النص على غيره في الجميع.

2 – أن العقد مصدر للالتزام بما فيه بشرط عدم مخالفته للنصّ ، سواء الكتاب والسنة وما يستند إليهما في الشريعة ، أو النظام الصادر عن السلطة في القانون ، ولذا كانت من القواعد الفقهيّة والتي دوّنتْها بعض القوانين أنّ ما يثبت بالنص يُقدّم على ما يجب بالشرط ، كما إن من أصول القانون أن العقد شريعة المتعاقدين بشرط عدم مخالفة النظام.

3 - عدم تطبيق النظام بأثر رجعي ، فلا يُطبّق على الحالات التي وقعت سابقة عليه في القانون ، وكذا في الشريعة إذ يقول تعالى عن تحريم الربا والزواج بزوجات الآباء : (فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة 275، (عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) المائدة 95

4 - اعتبار أن الأصل براءة المتهم حتى تثبت إدانته ، أي حتى يثبت ناقلٌ عن هذا الأصل ، ومن قواعد الفقه الشرعي أن الأصل براءة الذمّة حتى يثبت شغلها بدليل ، وقد جاء في كتاب عمر لأبي موسى – رضي الله عنهما - : ( والمسلمون عدول بعضهم على بعض .. الخ ).( إعلام الموقعين لابن القيّم 68/1).



__________________


رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59