تأملات في غياب الرؤية الناضجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ إن غياب الرؤية الناضجة وغياب التفكير ، وانحسار النقد الذاتي ـ يحول دون تحقيق عمل يتلاءم مع تطلعات الأمة وتحدياتها ؛ فارتفاع صوت القول على صوت العمل ، وصوت النقد على صوت البناء هو الآخر لا يقدم عملاً ، ولا يحقق أهداف الأمة .
ـ إن أصوات انتقاد الواقع والتباكي عليه ليست جديدة ، بل هي منذ عقود عدة .
ـ ينصرف الناس إلى خطيب الجمعة فيحدثهم عن سوء أوضاع الأمة وغياب هويتها ، ويلتفون في منتدياتهم فيتبادلون الحديث نفسه بصراحة أكبر ، ويجتمع المفكرون وأصحاب القرار فيشخصون الواقع وأزماته ، يكتب الصحفي والمفكر فينتقد أوضاع المجتمعات ، فيعيش الناس في دوامة من انتقاد الواقع وذمه وعيبه ، ولكن ماذا ؟
ـ فماذا لو حوَّل الخطيب جزءاً من همه في حديثه للناس في أن يقدم لهم أفكاراً عملية ، ويقترح عليهم أعمالاً تسهم في بناء الأمة يطيقونها وتتلاءم مع قدراتهم وأوقاتهم ، ولو اعتنى بتعليم الناس كيف يربون أولادهم ، وكيف يحمونهم من تأثير الغزو المكثف الذي يواجههم ، وسعى هو لمشروعات عملية يطيقها ويستمر عليها فصار قدوة للناس ، ولو اهتم المعلم بتعليم تلامذته كيف يقدِّمون ، وكيف يعملون ، وكيف يسهمون في إصلاح واقع الأمة ، واهتم أستاذ الجامعة بذلك ، واهتم المشرف التعليمي بدفع المعلم نحو الإنتاج والأخذ بيده نحو العمل ومساعدته على تقديم ما يطيق .
ـ وماذا لو كان هذا خطاب الداعية والمصلح ، والمربي والموجه ، والكاتب والصحفي ؟
ـ إننا لا ندعو إلى إلغاء الفكر ، ولا إلى تسطيح العقول ، لكن إلى الوازن بين القول والعمل .
ـ إن الرجل البسيط الذي يكون همه في تقديم ما يطيق من جهد وعمل، في ميدان إغاثة ، أو دعوة غير المسلمين ، أو إنكار المنكرات ، أو تعليم القرآن ، أو التربية والتوجيه ، إن هذا يقدم خيرًا للأمة ونتاجاً يفوق طائفة من يجيدون تشقيق الكلام ، وتنحصر قضيتهم الكبرى في النقد وإسقاط الآخرين ثم لا يقدمون شيئاً(*).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) ـ دعوة لأن نكون منتجين : محمد بن عبد الله الدويش .
ــــــ البيان ـ ع: 202 ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ