عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-14-2012, 06:53 PM
الصورة الرمزية محمد خطاب
محمد خطاب غير متواجد حالياً
كاتب ومفكر
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: فلسطين
المشاركات: 533
افتراضي شخصيات قلقة في التاريخ الاسلامي - الحجاج بن يوسف الثقفي


الحجاج بن يوسف الثقفي
الحجاج بن يوسف الثقفي من الشخصيات القلقة في التاريخ الإسلامي كتب عنه الكثيرون , ونسجت حوله الكثير من الأساطير ونعت بأقبح الأوصاف والقي به في الدرك الأسفل مع القتلة والظالمين فيما كتب عنه .
.ومن الكتّاب من وجد له جوانب حسنه مدحها فيه ولكنه ذم فيه جونب أكثر وكان القدح فيه والذم أكثر, وباعتبار انه كان احد قادة الدولة الأموية هذه الدولة الرائدة في التاريخ الإسلامي فقد صورته كتب المعارضين أقبح تصوير ولم تجد له في تاريخه حسنة واحده حتى أن بعض الكتب روت انه حين ولد لم يقبل ثدي أمه حني لطخ الثدي بالدم فقبله ورضع الحليب مع الدم , وهذه قصص لا تستقيم مع المنطق السليم ولا البحث العلمي ولا حتى مع النزاهة العلمية .
ولقد طفت مع اغلب من كتب عن الحجاج فوجدت أكثرها لا يعطي هذا الرجل حقه أو ينصفه , حني المسلسلات المرئية كان المخرج يضع رؤيته بما يتماشى مع تسويق المسلسل ويوفر الإثارة وشد الانتباه لدي المشاهد .فكان عامل التسويق أهم من النزاهة في عرض الشخصية .
وأثناء احدي محاضراتي لطلبتي قمت بالسؤال عما يعرفونه عن الحجاج فكانت اغلب الإجابات تصب في الصورة السيئة عن الحجاج وسألت عن مصادر هذه المعلومات فكانت المسلسلات التلفزيونية او ما سمعوه من هنا وهناك عن أخباره .
ورأيت أن اعرض صورة عن حياة هذا الرجل لإنصافه وآمل مستقبلا أن تتحول إلي كتاب .
هو أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي بن أبي عقيل بن مسعود بن معتب بن مالك بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسى ( ثقيف ) وإليه تنسب القبيلة .
وكانت أمه الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي وهي سيدة نساء ثقيف وكانت قبل زواجها بوالد الحجاج متزوجة بالمغيرة بن شعبة وهو الصحابي الجليل .
عمل معلما للصبيان يعلمهم القران والحديث ولم يكن هذا العمل يلبي طموحاته علي الرغم من أن عمله هذا كان ذو تأثير كبير علي حياته فقد كان معظما للقران وأهله طيلة حياته والحقيقة أن الكثير يضع هذه المعلومة ويمضي ولكن مع انضباط الحجاج في حياته ولم يوصف بزلة أري أن هذا العمل الجليل دليل أكيد وواضح علي انه يعرف الدين وحدوده .
وانتقل إلي الشام إبان خلافة عبد الله بن الزبير والتحق بالشرطة وعمل فيها وأبدي انضباطا والتزاما شديدين دفع بالمسئولين آن ذاك أن يولوه قيادة الشرطة وعند ترأسه علي الشرطة أقام عودها وأصلح حالها وكانت في حالة يرثي لها فأصبحت الشرطة في أحسن حال وفي أتم صورة من الانضباط .
وأريد أن أنبه علي أن بعض من كتب عن الحجاج يلقي بهذه المعلومة ثم ينصرف عنها ولا يلقي لها بالا واني لأرجو أن انصف الرجل في ذلك , الكل اتفق أن الشرطة كانت في حال متردية حتى أهمت الخليفة فلما تولاها الحجاج ما الذي حدث استقامت وأصبحت علي أحسن حال وأصبح أداؤها في القمة لم يضع الحجاج اعتبارا لأحد فكان تطبيق القانون وإصلاح الحال هو الهدف فأبطل الرشاوى والتقاعس من الشرطة ولم يسمح لأحد أن يتخطى القانون أو يتجاوزه ولو كان من كبار الشرطة .
والمتأمل لشخصية الحجاج في هذه يري أن الحجاج رجل دولة حقيقي يطمح في إقامة القانون والعدل وان تسير أمور الدولة علي أحسن حال وفي غاية الاستقامة ومن منا لا يرغب في ذلك .
وهذا شأن المخلصين الجادين الذين يهمهم إصلاح الحال وانضباط الأحوال فهو رجل دولة بالمعني الصحيح يهمه أمرها ويشقي لصلاحها ولا يحابي أحدا في مصلحة الدولة العليا فهي فوق كل اعتبار وفوق الجميع وإن تصادم في ذلك مع علية القوم
لفت هذا العمل انتباه الخليفة عبد الملك بن مروان فضمه للجيش في قتاله لمصعب بن الزبير ثم أرسله علي راس جيش لمقابلة عبد الله بن الزبير والذي انهي المعركة لصالحه وخلص الدولة الأموية من منافس خطير لها .
وكان اقليم العراق وخرسان من أكثر الأقاليم اضطرابا وقلاقل وفوضي ,فقد ورثت الدولة الأموية كل الخلافات التي نشأت إبان خلاف علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه واستحالت هذه الخلافات إلي فرق متناحرة متحاربة منها الخوارج والتي افترقت علي فرق عديدة وكذلك فرق الشيعة والتي تفرقت علي أطياف شتي كان الكل يسعى للملك والخلافة تحت أعذار شتي فمن خوارج كفروا الجميع وخرجوا عليهم وكانت واقعة الجمل وعملية التحكيم في معركة صفين هما أساس وجود الخوارج وكان التشيع قد لبس أثوابا مختلفة منها الزبدية الأقل غلوا, ومنها الذي غالي في حب آل البيت رضوان الله عليهم لدرجة الإلوهية , ومنهم من لبس هذه المسوح كيدا للإسلام والمسلمين بعد ان أدال الإسلام دولتهم ,وكانت هذه الفرق سببا أساسيا في إزالة الدولة الأموية وهي عندي من أعظم الدول الإسلامية التي ظهرت ,فقد قدمت للإسلام أعظم الخدمات وفتحت الفتوح وامتدت رقعة الدولة الإسلامية حتى وصلت الأندلس وتوغلت لتفتح السند وشمال أفريقيا والهند وغيرها من الدول ورفرفت راية لا اله إلا الله فوق ربوع كانت تعبد الأصنام أو تسجد لغير الله
اما من الناحية الاقتصادية فقد أنشأت الدولة الأموية اقتصادا إسلاميا خالصا وسكت النقود الإسلامية بعد ان كانت معتمدة علي الاقتصاد البيزنطي في الاقتصاد والنقو
والحجاج كان احد رجالات هذه الدولة ورث معها كل الإرث الثقيل من تاريخ الخلاف الأول بين علي ومعاوية وكانت العراق علي الحال الذي وصفنا بل هي البقعة التي اجتمعت فيها كل الملل والنحل والفرق ومنها انطلق اغلب هذه الفرق .
ولي الحجاج علي العراق ليقيم اعوجاجها ويخمد الفتن ويقطع دابر الفتنة وينهي الخروج علي الدولة الأموية .وقد دام حكم الحجاج لها حوالي عشرين عاما
وعندما دخل العراق خطب خطبته الشهيرة ووضع فيها نظام حكمه ووضع أسس التعامل مع الرعية وقد توعد كل المخالفين والخارجين علي الدولة بالعقاب الصارم الحاسم وفي دولة تسود فيها الفوضى وانتهاك القانون إذ لابد من الحسم ولا يجوز التقاعس مع من تسول له نفسه بذلك
استطاع الحجاج أن يكسر شوكة الخوارج بعد معارك ضارية شديدة ويقتل شبيب الحروري ومن بعده قطري بن الفجأه وينهي صولتهم ووضع نظاما صارما في العراق أصبح الأمن والأمان هو الصفة السائدة فيه حتى أن الرجل يفقد الشيء فيعود بعد أيام فيجدها حيث فقدها وأصبح الإنسان آمنا علي ماله وعرضه وهو أول من سن التجنيد الإجباري , فبعد تقاعس الناس عنه لقتال الخوارج أمرهم بالخروج للقتال فكان كل قادر علي حمل السلاح في الجيش يقاتل معه الخوارج .
وفي عهد الحجاج أصبحت العراق مركز الجهاد الإسلامي ومبعث الفاتحين ومن قادته عقبة بن نافع الباهلي فاتح شمال إفريقيا وأسامة بن محمد الثقفي فاتح السند وكان ذو نظرة صائبة في الرجال يعرفهم ويختارهم فيحسن الاختيار
ولم تفتح مدينة إلا وشق الطرق فيها وأول بناء كان يبنيه فيها المسجد بل العديد من المساجد وشق الترع ورصف الطرق وعمر المدن كان رجل بناء وتعمير كان رجل عمران وتعمير
كان وراء فكرة بناء الاقتصاد الإسلامي وأشار بها علي الخليفة ووقف وراءها حتى تمت وكان أن طلب من الخليفة أن تكون الجزية المدفوعة للدولة الاموية لابد وان تكون بالنقد الإسلامي
دون الدواوين بالعربية وعربها بعد أن كانت بالفارسية
وله عمل هو له عند خالقه وهو تنقيط القران وتشكيله ليسهل علي الناس القراءة والحفظ
توفي الحجاج ولم يترك إلا فرسه وسيفه ومالا يعادل خمس عشرة دينارا فقط . ولم يعرف عنه ما يشينه في أخلاقه وتصرفاته .كان حافظا لكتاب الله معظما له . نهي الحسن البصري عن سبه وشتمه وما قيل عنه أخبار لا ترقي للحقيقة فمن كتب عنه اغلبهم من أعداء الدولة الاموية الكبيرة أو من أعداء الإسلام
رحم الله الرجل وطيب ثراه واسكنه فسيح جناته
محمد خطاب سويدان

المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59