هكذا وبدون سابق تصميم أو دافع قررت بعد طول خيبة أن أكون في عداد الناجحين وظيفياً، فكرت ثم فكرت كيف لي أن أضع قدمي على بداية سلم المتميزين ؟
أراهم أمامي يتدافعون ويتسابقون وعلامات الانتصار وملامحه الظاهرة في وجوههم تغري الضعفاء أمثالي لدخول ناديهم ...أردت أن اقتفي أثرهم لعلي أجد دروب النجاح التي يتحدثون عنه في جلساتهم البرجوازية المصطنعة ..
بدأت بتهجئة إيماءات التصنع والكبر والتجمّل التي يستخدمونها ... لعلي أستوعب مصدرها ومآلها ، وأجزم أنني وصلت لفك شيفرة انتصاراتهم من أول محاولة
نعم هم منتصرون ولكن كمتطلب سابق لأي انتصار في زمننا الموبوء بالنفاق يجب أن يتخلى الإنسان عن أغلب مبادئه الأخلاقية وبنفس الوقت عليه أن يدّعيها زوراً وبهتاناً
و يجب عليه أن يتقن فن التغاضي عن أي خطأ أو إثم يراه وفق قاعدة لا أرى لا أسمع لا أتكلم ...
" حاضر سيدي "هي الجملة المحببة لدى السادة وأصحاب المعالي والرياسة ، ومن يعتاد قولها مقتنعاً أو غير مقتنعاً بها ( الأمر سيّان) يبدأ طريق النجاح ..هي مفتاح النجاح وكلمة السر الأولى لدخول مزاج المسؤولين حتى لو لم تجاب مطالبهم وحتى لو تهرب قائلها من تبعاتها لاحقاً ...المهم أن تداعب هذه الجملة أسماعهم ليشعروا أنهم مسؤولين ..
لا يهم أن تنجز أو تحسن أدائك الوظيفي ..لا يهم أن تكون ماهراً ومنتمياً لمكان عملك ..لا يهم أن تكون مجتهداً ومثابراً كل هذه الأمور انساها تماماً إذا أردت أن تنجح كل ما عليك ان تمتهن التزلف وتمدح وتصفق وتسير خلف المسؤولين بإذعان ..
لهذا لن تتغير الأحوال في عالمنا العربي لا بثورات ولا بدون ثورات ...لن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب.. لن نكون شعوب منتجه .. لن يقتلع الفساد المتجذر في ثقافتنا الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية ...
وسيكون النفاق والفساد سيد الموقف دائماً
لك الله يا وطني الكبير