الموضوع: نعمة الأبناء
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-28-2012, 10:36 AM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
سؤال نعمة الأبناء


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن ِالرَّحِيمِ
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه

نعمة الأبناء


كثيرون هم الذين أنعم الله عليهم بنعمة الأبناء، وتفضل عليهم بنعمة الذرية، وأكرم بها من نعمة.
إلا أن الكثيرين قد غفلوا عن إعطاء هذه النعمة حقها بالشكر لله الواهب ذي الفضل والمنَّ، وأنستهم الدنيا القيام بما لهذه النعمة من واجبات.. فبدلوا نعمة الله كفراً والعياذ بالله، ولا أقصد بالكفر هنا الكفر بالله والجحود به، بل كفر النعمة بعدم الشكر والبطر بما أنعم عليهم، فتراهم ينعمون ويتقلبون بأنعم الله لاهين عن المنعم، كأن لسان حالهم يقول: كما قال قارون: إنما أوتيته على علم عندي (القصص: 78).
ولأن نعمة البنوة والذرية لها هذه الأهمية، فقد جعلها الله من أحب النعم التي زين للناس بها في الدنيا، فقال جل شأنه: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث(14) (آل عمران)، فقرن سبحانه وتعالى حب البنين بحب ما لا تقوم الحياة إلا به، وجعل ذلك كله محبباً للنفس البشرية على وجه العموم.


والمسلم حين ميّزه الله سبحانه وتعالى عن غيره من البشر، وكرمه بإيمانه إنما أراد منه العلو والشموخ بكل شيء ليعيش بعزة وتميز ـ بسلوكه، وأخلاقه، وتربيته، وتعامله مع من حوله ـ ولا شك في أن من أول المهمات التي أُنيطت بالمسلم تربيته، وتكوينه لنفسه وأهله، وتنشئتهم التنشئة الصالحة التي تتوافق والمنهج الرباني الفريد، وهي مهمة، نجد الغالبية قد انصرفوا عنها، وانشغلوا بأمور أخرى ليست بأقل أهمية فحسب، بل ليس لها أهمية على الإطلاق، أو انشغلوا بأمور طلب الرزق، ومتاع الحياة الدنيا، ولو أنهم عقلوا وفهموا غايتهم في الحياة لأقبلوا على أولويات حياتهم دون تردد أو تأخير واضعين نصب أعينهم قول الحق لرسوله الكريم: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسئلك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى 132 (طه)، فإن كان طلب الرزق ـ الذي أُمرنا به بشتى الوسائل المباحة ـ قد أُمرنا بتركه هنا إن تعارض مع أولويات حياتنا، وهي عبادة الله سبحانه وتعالى، والمتمثلة هنا، بالصلاة، وأمر الأهل بها، وتعليمهم إياها، فما بالنا بغير ذلك من الأمور والشواغل على اختلاف مكانتها، وأهميتها بالنسبة لحياة المسلم؟

إن الحياة ما هي إلى سنوات، بل ساعات معدودة ثم ينتقل الواحد منا إلى الدار الآخرة ممتطياً عمله الذي قدم، تاركاً وراءه كل شيء من متاع الحياة الدنيا: المال، والأهل، والأولاد، فالسعيد من جعل أبناءه امتداداً له في الصالحات، والشقي من شقي بعمله الطالح في حياته، وبما يترك من ذرية بعد مماته، لهذا كانت الصدقة الجارية، والولد الصالح، والعلم النافع من أهم ما يورثه العبد المسلم، ومن أجل ما يحرص عليه، ذلك أنه يدرك تماماً أن هذه الموروثات امتداد له بعد مماته، تزوده بالأجر والثواب، وتمده به، وهو في عالم البرزخ تصديقاً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

ومن فضل الله وكرمه أن المسلم قد يحوز هذه الخصال حين يكرمه الله سبحانه وتعالى بالولد الصالح، فيرفع يديه مترحماً على والديه سائلاً لهما الرحمة والمغفرة، صباح مساء، وينقل ما تعلمه منهما من أدب ودين، ومعرفة لأبنائه وذريته من بعده، وينفذ وصيتهما في أعمال الخير، ويتصدق عنهما مما ورث وأُوتي، فما أغلاها من منحة، وما أجملها من عطية لمن أحسن استثمارها، وتوجيهها، بل ما أعظمها من هبة لو أمعنا النظر.

فلنتق الله في أبنائنا، فهم لنا أو علينا.. لنا امتداد في الصالحات إلى ما بعد الممات، أو علينا شراً، ووبالاً إن فرطنا في تربيتهم، وصياغتهم وفق المنهج الرباني الكريم.


دمتم برعاية الباري وحفظه

المصدر: ملتقى شذرات

__________________

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59