عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11-07-2012, 06:41 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

الثاني عشر" يشتكي مثقف أخر من هؤلاء المثقفين الحداثيين في القرن الثاني عشر ويشتكي من الاختناق الذي كان يسود البلاد المسيحية و من اضطهاد رجال الكنيسة للمفكرين الأحرار مما جعله يفكر في الرحيل إلى أرض العرب، حيث الحرية الفكرية مكفولة: يقول بيير أبيلار:" الله يعلم كم مرة فكرت تحت ضغط يأس عميق في الرحيل عن الأرض المسيحية والعبور نحو الوثنيين( كذا أي المسلمين) للعيش هناك بسلام ، دافعا الجزية لأعيش مع أعداء المسيح
هكذا نقرأهم : أنثروبولوجيا المجتمعات البدوية بالتحليل الوظيفي : تعتبر "الوظيفية" هي الخاصية الأعظم بين خصائص البحوث الأنثروبولوجيه الحقلية في المدرسة البريطانية بوجه خاص فبنية القبيلة البدوية تشكل وحدة كلية و هي بالتأكيد أكبر من مجموع الأفراد و العائلات و الوحدات العشائرية التي تكونها. و من المنطقي في ضوء المماثلة البيولوجية أن نرى التغيرات التي تحدث في نظام معين مؤثرة في النظم الأخرى و أننا لا نستطيع أن نقوم بتحليل النسق القرابي في معزل عن دوره في التضامن الاقتصادي و التواؤم الايكولوجي و التمايز الثأري و لقد كان من نتائج هذا الاتجاه البنيوي الوظيفي في البحوث الانثروبولوجية الحقلية في المجتمعات البدوية ميل إلى التركيز الذي ينطوي على كثير من الاحترام لما أسماه رادكليف براون بالتفسير المتزامن أي تأويل الظواهر الاجتماعية بصوره كليه في حدود وظائفها الاجتماعية المعاصرة وقد جاء هذا بالطبع في كثير من الأحيان على حساب النماذج غير المتزامنة أو التفسير الوراثي في تحديد الوسائل التي أدت بالتنظيمات القبلية لنكون كما هي عليه في منطقة معينه في الوقت الحاضر ،يتابع واصفا الدراسات الحديثة بالخلل و بالعجز عن التوصل إلى معلومات صحيحة فيقول "و الواقع أننا لا نجد باحثا بين الأنثروبولوجيين الوظيفيين المحدثين ليتبنى مثل هذا التصور الفج للمجتمع في وحدته المثالية حيث يبدو الاختلال الوظيفي في الدراسات الحديثة في نوع من التلازم الجوهري مع ما يعرف بالتوازن الوظيفي و من الثابت و الواضح في الوقت الحاضر أن الاتجاه الوظيفي المتزامن الذي يفتقر إلى الأطر المرجعية التاريخية أو التتابعية و الوراثية لا يستطيع إطلاقا أن يخبرنا شيئا عن التغير الثقافي و الاجتماعي الذي تشهده المجتمعات البدوية في الوقت الحاضر......ونحن نجد أن الرؤية الوظيفية قد حققت تقدما كبيرا في فهم ما يحدث عند تغير المجتمع أو الثقافة فقد برهنت على ضحالة بل سخف الاتجاه الانتشاري في صورته الفجة التي ترى عناصر الثقافة كأكوام القش المتناثرة التي تنتقل من ثقافة لأخرى وذلك لأنه ليس من المفيد على أية صورة أن نعتبر المجتمع أو الثقافة مجرد تجمع لعدد كبير من العناصر المنفصلة يكون كل عنصر منها وحدة كلية بمعنى ما و ذلك إذا تصورنا كل وحدة من تلك الوحدات البنيوية المكونة للمجتمع تدين بخصائصها المتمايزة إلى موضعها في النسق الكلي الذي يصم و ينتظم تلك العلاقات المتداخلة التي تكون في مجموعها تلك البنية الاجتماعية.
كيف نقرأهم: (الوطن أم القبيلة ..الموضوع خطير للغاية)عنوانا لمقال سأبدأ به وهو أخر ما قرأت يوم الأحد 20 صفر في جريدة الحياة . و من المصادفة الغريبة أن يكتب هذا المقال مباشرة بعد التعديل الوزاري الكبير الأخير والذي أمر به سمو سيدي خادم الحرمين الشريفين يوم السبت الموافق 19 صفر 1430. و من ضمن أهداف هذا التعديل الوزاري إصلاحات إدارية وانفتاح على المذاهب و الثقافات يعبر عن احترام و اعتراف بها كمكون من مكونات الوطن (وهي محور بحثنا هذا لتحقيق انسجام اجتماعي) . كيف يأتي هذا المقال الذي يعارض توجهات القيادة الحكيمة و ما تسعى له في سبيل تحقيق انسجام اجتماعي من خلال إدارة و اقتصاد عادل للجميع في وطن الجميع؟ لقد وضع القبيلة في كفة و الوطن في الكفة الأخرى ! ضرب في قرار الملك تحت الحزام سأقرأ عليكم المقال كاملا ثم أعود لقراءته بالتفصيل:
يقول الدكتور الساعاتي " يجب أن نتذكر أن السعودية تأسست تحت راية واحدة وهي راية لا إله إلا الله محمد رسول الله و قبل ذلك كانت الحروب بين القبائل تطحن الشباب و تدمر الأخضر و اليابس في كل أنحاء شبه الجزيرة العربية. حتى قيض الله سبحانه و تعالي لهذه البلاد قائدها و مجمع قلوب أبنائها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل الذي جمع جميع الطوائف و الأعراق على مبدأ أن هذا الوطن للجميع وقاعدة العدل و المساواة هي الفيصل و الحكم بين كل الناس . و كان الأمل بعد أن أسس الملك عبدالعزيز هذه المملكة على مبادئ العدل والمساواة أن يكون التحلق حول القبيلة قد تراجع و أصبح في المركز الثاني ولا سيما أن الدين الإسلامي الحنيف الذي تربع على قلب كل إنسان سعودي يقاوم النزعة القبلية و يدعو إلى الوحدة الوطنية يقول الله سبحانه و تعالى " و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم وقوله "إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون و يقول الرسول صلى الله عليه وسلم"كلكم لأدم و أدم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم و يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى . وهكذا أصبحت الهوية السياسية للمجتمع السعودي هي الهوية الإسلامية و هي هوية مثاليه في كل الأحوال........ أعود مرة أخرى إلى خطورة انتشار مثل هذه المواقع و الخطورة ستكون أكبر إذا ترك هذا المد من الفضائيات ينتشر أكثر فأكثر دون التحرك نحو احتوائها وتصحيح مساراتها ورسالاتها لا سيما أنه يشهد نوعا من التوسع يبعث على القلق الشديد . والغريب أن المتحلقين حول القبيلة يتخذون من بعض الأحاديث النبوية تكئة لإثبات أن الولاء يجب أن يكون للقبيلة قبل أن يكون للوطن فيقولون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل و اصطفى من ولد إسماعيل كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا و أصطفى من قريشا بني هاشم واصطفاني من بني هاشم و قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم وخير الفريقين ثم تخير القبائل فجعلني من خير القبيلة ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم فأنا خيرهم بيتا و خيرهم نفسا...و تفسيرهم لهذه الأحاديث النبوية الشريفة أن الرسول يفاخر بالقبيلة و البيت و هذا غير صحيح فالرسول هنا يفاخر بمنزلة النبوة في شخصه يقول صلى الله عليه وسلم "بعثت من خير قرون بني أدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه و يقول الحق سبحانه وتعالى "إن هذه أمتكم أمة واحدة". والمؤسف أن الانزلاق إلى القبيلة بدأ من محطات الشعر الشعبي حيث أستخدم الشعر الشعبي في تمجيد الذات ومدح القبيلة مقابل ذم قبيلة أخرى و غمز قبيلة ثالثة على حساب كل القبائل، و حتى تلتهب المشاعر أكثر و تفور النفوس على بعضها بعضا أغدقت الملايين من الريالات على الفائزين المادحين للقبيلة لتشتعل القرائح و تنزف شعرا يفاخر بالقبيلة على حساب الوطن الذي يعد حبه من الإيمان.......وهكذا عوضا عن أن يحمل الشعر رسالة وطنية تدافع عن أمة الإسلام فإذا به يروج للفرقة و التشرذم و الانسلاخ من المجتمع الإسلامي الذي إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ......ولا شك أن الحل هو الاتصال و التواصل مع المسئولين عن الفضائيات التي تعني بنشر مبادئ القبيلة و محاولة إقناعهم بتوطين هذه الفضائيات وحملها على الدعاية للوطن قبل الترويج للقبيلة حتى تكون هذه المواقع قاعدة لنشر نظرية الوحدة الوطنية بين جميع المواطنين و في جميع أنحاء السعودية......إن الحكومة يجب أن تأخذ هذه القضية مأخذ الجد و تضع برامج جادة لإعادة هيكلة برامج الوحدة الوطنية ونشرها بين جميع أفراد الوطن في كل أنحاء المملكة بالذات في الأطراف حيث بدأت تتسلل إلى مجتمعنا السعودي - من الأطراف- بعض النعرات العنصرية و نؤكد أن حرية التعبير لم تكن قط ضد المصالح العليا للوطن و إذا كانت كذلك فإن المصلحة العليا للوطن تتقدم على حرية التعبير.إن المطلوب من الحكومة السعودية أن تهتم بمبدأ تكافؤ الفرص الوظيفية لكل السعوديين على قدم المساواة و الابتعاد عن توزيع المناصب و الوظائف على ألأساس القبلي و الاثني و هو ما يعد الشرارة الأولى التي أوقدت شعلة الاحتماء بالقبيلة و الرجوع إليها على حساب الرجوع إلى الوطن...الأغرب من ذلك أن بعض البيوت الحضرية العريقة في المجتمع السعودي اتخذت خطوات واسعة للانسلاخ من مجتمعاتها الحضرية و البحث عن جذور قبلية تحتمي بها مع أن كثيرا من المحاولات في مجتمعات مكة و جدة لم تفلح في العثور على قبيلة تدعي انتسابها إليها...إلا أن التوغل في البحث عن قبيلة أخذ يتسع شيئا فشيئا بين البيوت الكبيرة في مكة وجدة حتى باتت و كأنها قضية من قضايا حق تقرير المصير.....وهناك كثير من المحاولات التي نعرفها والتي لا نعرفها تؤكد أن الخطر يتهدد بالفعل الوحدة الوطنية و لذلك نستطيع القول إن هذا الكم الهائل من الفضائيات القبلية يعد بمثابة قنابل موقوتة يجب معالجتها وفضها لأن الاهتمام بالقبيلة في جميع شرائح المجتمع السعودي بات-للأسف-الخيار الأول أما الاهتمام بالوحدة الوطنية فأخذ يتراجع ليصبح الخيار الثاني و هذه مشكلة كبرى في الهوية السياسية....وواضح مما سبق أن المشكلة ليست فقط في القبائل التي تفاخر بعرقها و تغمز قبائل أخرى بأساليب مهينة و إنما تكمن المشكلة في معدل انتشار الخطاب الطائفي على حساب الخطاب الوطني الذي بدأ يتراجع في هوية وطن بأكمله و لذلك يجب أن تقنع الجميع بأن الانتماء للوطن الواحد هو الأمثل في زمن التجمعات الكبرى و القرية الكونية الواحدة" انتهى.
ظاهره خطاب وطني يحذر من القبلية ، فهي خطر داهم ومدعاة للتشرذم والتفسخ و مهددة للوطن و الانتماء و الإسلام . و يدعم الخطاب بكم من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية.
أما القراءة بين سطور هذا المقال ( وأدعو كاتب المقال لقراءة ما كتبه معنا) كالتالي:
يقول الدكتور ساعاتي "يجب أن نتذكر أن السعودية تأسست تحت راية واحدة وهي راية لا إله إلا الله محمد رسول الله و قبل ذلك كانت الحروب بين القبائل تطحن الشباب و تدمر الأخضر و اليابس في كل أنحاء شبه الجزيرة العربية".
ليس صحيحا هذه المعلومة فلم تكن هناك حروب بين القبائل تطحن الأخضر واليابس وكان هناك غزوات محدودة و لأسباب "اقتصادية". أما هذا القول ففيه دعوة ضمنية لمعرفة من كان يطحن و يدمر الآخر. و القبائل أكبر من أن تبحث في هذه الأمور أو تستجيب لها. فلمصلحة من يتم العبث بالتاريخ و تشويهه ؟
و يتابع " حتى قيض الله سبحانه و تعالي لهذه البلاد قائدها و مجمع قلوب أبنائها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل"
هنا تم إلغاء النسب آل سعود.لقد ذهب الرمز و هوية هذا الوطن "آل سعود"؟ ألسنا سعوديي الجنسية؟ لقد ألقيت في وقت نحتاج إليهم (كسعوديين بصفة عامة وكبدو وقبليين بصفة خاصة على الأقل اقتصاديا و هو العامل المحرك لكل فكر وصراع سياسي) أكثر من أي وقت آخر.
و يتابع " المبدأ أن هذا الوطن للجميع وقاعدة العدل و المساواة هي الفيصل والحكم بين كل الناس"
فعلا كان هذا المبدأ و قد دعا الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه و من بعده أبناؤه الملوك لهذه المبادئ. ومثالنا الملك فيصل رحمه الله الذي استدعى ابن محفوظ وطلب منه المساعدة في تقسيم الأراضي لتوزيعها على المواطنين بعدل و مساواة. انتهى الأمر الآن بسيطرة الحضارم على القطاع العقاري في جدة على ( حسب ما أورده أحد أبناء بن محفوظ على قناة العربية) حديثا.
يتابع "وهكذا أصبحت الهوية السياسية للمجتمع السعودي هي الهوية الإسلامية وهي هوية مثالية في كل الأحوال"
لم أفهم ما المقصود بالهوية السياسية. هل يوجد أكثر من هوية؟ سياسية اقتصاديه اجتماعيه....الخ. أعلم أن هناك سياسة اقتصادية ومصلحة سياسية و كلها تخدم الهوية. ولكن ما لا أعرفه أن الهوية السياسية للمجتمع السعودي هي الهوية الإسلامية......و الهوية الاقتصادية هي هوية عربية.... و الهوية الاجتماعية هي الهوية الهندية......! ما هذا!
وأقترح أن يعود الكاتب لما أوردناه سابقا بخصوص الهوية.
لنتابع ما يقول الدكتور الساعاتي "و المؤسف أن الانزلاق إلى القبيلة.....!
عدم توفيق في اختيار الكلمات و استهتار و تحقيرا للقبيلة. و لا يثير الفتن ويلهب المشاعر إلا هذه الكلمات!
يتابع الساعاتي " بدأ من محطات الشعر الشعبي حيث أستخدم الشعر الشعبي في تمجيد الذات و مدح القبيلة مقابل ذم قبيلة أخرى و غمز قبيلة ثالثه على حساب كل القبائل، و حتى تلتهب المشاعر أكثر و تفور النفوس على بعضها بعضا أغدقت الملايين من الريالات على الفائزين المادحين للقبيلة لتشتعل القرائح و تنزف شعرا يفاخر بالقبيلة على حساب الوطن الذي يعد حبه من الإيمان......."
كذب فلم يمدح أحد قبيلته على حساب الأخرى و لم يلمز قبيلة أخرى على الأقل علنا. ولم تغدق الملايين على الفائزين المادحين للقبيلة. هل يتمنى هؤلاء الكتاب أن تلمز القبائل بعضها بعضا هل يتمنون أن تثور النفوس؟ معلوم أن الفكرة إذا سيطرت على مخيلة صاحبها تماما فأنه أحيانا لا يستطيع التفريق بين كونها خيالية أو واقعية.
يتابع الدكتور الساعاتي "وهكذا عوضا عن أن يحمل الشعر رسالة وطنيه تدافع عن أمة الإسلام فإذا به يروج للفرقة و التشرذم و الانسلاخ من المجتمع الإسلامي".
إذا يقرر الكاتب أن مدح القبيلة و الارتباط بالتاريخ : أهم مكونات الهوية إضافة إلى اللغة ، ليس إلا تشرذم و انسلاخ من المجتمع الإسلامي.
يتابع الدكتور واصفا العلاج "ولا شك أن الحل هو الاتصال والتواصل مع المسئولين عن الفضائيات التي تعني بنشر مبادئ القبيلة ومحاولة إقناعهم بتوطين هذه الفضائيات وحملها على الدعاية للوطن قبل الترويج للقبيلة"
أولا: أن أكثر المحطات التي اهتمت بالتراث ومبادئ القبيلة ليست سعودية فقد بدأ الاهتمام بالقبيلة في الدول المجاورة مما يدلل على أن الإرث التاريخي مشترك في هذه الدول الشقيقة و القبيلة عنوان لا يقبل الاختفاء في جزيرة العرب عموما.
ثانيا: "اتصال....و تواصل مع (المسئولين في الفضائيات) ..... ومحاولة إقناعهم....و حملها..... : ترويج لأبجديات جريمة ثقافية عناصرها التخفي والتخويف ، و (حملها) تعني استخدام كل الوسائل والأدوات لتنفيذ الجريمة وبأي شكل و أي ثمن لتغيير الثقافات والقناعات.
ثالثا: حملها على الدعاية للوطن: فالوطن سلعة تستطيع بفيديو كليب التسويق له و الدعاية مثله مثل الفياجرا و سنافي و مولينكس وبالإمكان بيعه بسهوله! أي تربية وطنية هذه و أي فكر هذا الذي نقرأه؟
يتابع الدكتور ساعاتي"أن الحكومة يجب أن تأخذ هذه القضية مأخذ الجد.....
الحكومة يجب: هو إقصائي يقرر بكل قوة !
نتابع" إن الحكومة يجب أن تأخذ هذه القضية مأخذ الجد و تضع برامج جادة لإعادة هيكلة برامج الوحدة الوطنية ونشرها بين جميع أفراد الوطن في كل أنحاء المملكة بالذات في الأطراف حيث بدأت تتسلل إلى مجتمعنا السعودي - من الأطراف- بعض النعرات العنصرية......
الأطراف على حسب تعبيره: فالمملكة العربية السعودية جسم رئيس وأطراف. من هم الأطراف و ما هو الجسم الرئيسي؟ لنفصل قليلا:
جغرافيا :الرياض في المركز إذا هي جسم رئيسي ،
بريدة ، الطائف ، حائل ، وادي الدواسر ، خميس مشيط ، أبها ، حفرالباطن رفحا عرعر ، رماح ،....و كثير....كلها في الجسم الرئيسي
جغرافيا أيضا جدة ، الخبر ، جيزان ،القريات ، كلها في الأطراف
هل يعني تكثيف برامج الوحدة الوطنية و محاربة القبيلة في الأطراف تكثيفها في جدة و الخبر ؟ لا أعتقد أن الدكتور الساعاتي يقصد ذلك.
إذن لنقسم المملكة العربية السعودية إلى جسم و أطراف من حيث كثافة البدو والقبيلة، ولننطلق من المركز من الرياض بحثا عن القبيلة (الأطراف) : تتركز القبيلة في نجد ،المدينة المنورة ، مكة ، خميس مشيط، أبها ، وادي الغيل ، جيزان ، الدوادمي، عفيف وادي الدواسر رنيا الربع الخالي وشرقا في رماح ، شوية ، متالع النعيرية القرية العليا ،الرفيعة ، الصمان ،حفرالباطن، رفحا ، عرعر ، طريف ، القريات .تقريبا جميع محافظات المملكة حتى العاصمة الرياض لم تسلم من البدو تحتاج إلى فرز حيث يوجد فيها الكثير منهم خصوصا شرق الرياض. بالتالي وبمنطق الكاتب فإننا نحتاج إلى تكثيف برامج الوحدة الوطنية في غالبيه مدن و قرى المملكة.. و بناء عليه فإن السعوديون المواطنون يقعون فقط في بعض أحياء الرياض و بريده و جده و الخبر و البقية التي تشكل أكثر من 70% من مجموع سكان المملكة العربية السعودية ليسوا مواطنين صالحين!!
هل يفسر ذلك أن كل هذه الأطراف و خصوصا في الشمال لا تقارن البتة بما تهيأ لغيرها من ميزانيات وجامعات و اقتصاديات إلا ما بدأ به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حديثا: بالإمكان المراجعة و المقارنة لقوائم الأموال و المشاريع ......الخ. وما بقي إلا الثقافة و التراث ..........
يتابع الدكتور الساعاتي "إن المطلوب من الحكومة السعودية أن تهتم بمبدأ تكافؤ الفرص الوظيفية لكل السعوديين على قدم المساواة و الابتعاد عن توزيع المناصب والوظائف على الأساس القبلي و الاثني و هو ما يعد الشرارة الأولى التي أوقدت شعلة الاحتماء بالقبيلة و الرجوع إليها على حساب الرجوع إلى الوطن".
و بمراجعة سريعة لقوائم أسماء الوزراء و رؤساء مجالس إدارة الشركات والبنوك و المخططات العقارية توضح نسبة البدو و القبيلة مقارنه بغيرهم نعرف زيف هذه الجملة.
يتابع الكاتب "الأغرب من ذلك أن بعض البيوت الحضرية العريقة في المجتمع السعودي اتخذت خطوات واسعة للانسلاخ من مجتمعاتها الحضرية و البحث عن جذور قبلية تحتمي بها مع أن كثيرا من المحاولات في مجتمعات مكة و جدة لم تفلح في العثور على قبيلة تدعي انتسابها إليها...إلا أن التوغل في البحث عن قبيلة أخذ يتسع شيئا فشيئا بين البيوت الكبيرة في مكة وجدة حتى باتت و كأنها قضية من قضايا حق تقرير المصير....."
أليس ذلك بحثا عن هوية ؟ فالهوية تستمد من الجذور وهي بكل تأكيد في نهاية الأمر قضية حق تقرير المصير.
نتابع " وواضح مما سبق أن المشكلة ليست فقط في القبائل التي تفاخر بعرقها وتغمز قبائل أخرى بأساليب مهينة و إنما تكمن المشكلة في معدل انتشار الخطاب الطائفي على حساب الخطاب الوطني"
قبائل تغمز قبائل بأساليب مهينة ؟ نعود إلى التلفيق و الكذب والتحريض. ويضاف هنا قوله "انتشار الخطاب الطائفي" ليعطي بعدا دينيا "مقدس" لهجومه على القبيلة فطائفيا (كلمة ارتبطت ذهنيا باستحضار الخطاب الديني الطائفي بين الشيعة و السنة في عقلية المتلقي حديثا).و يفتح هنا الصراع على مصراعيه......لماذا الخوف الآن ونحن تعايشنا أكثر من 100 سنه يجمعنا وطن واحد يحترم كل الثقافات التي بدورها تحافظ على هذا الكيان الذي حقق أمنها و حريتها و معاشها ؟
و يختم الدكتور الساعاتي بالأتي " لذلك يجب أن تقنع الجميع بأن الانتماء للوطن الواحد هو الأمثل في زمن التجمعات الكبرى و القرية الكونية الواحدة" انتهى.
و هو بذلك يرمي إلى العولمة و زمن القرية الكونية الواحدة ويشترط ضمنيا إقصاء القبيلة لنجاحها . و هي أبعد ما تكون عن فكرة الإقصاء ولا تعني كما أسلفنا الذوبان في الثقافات الأخرى بقدر ما تعني أن يكون لاختلاف هذه الثقافات و تعددها دافعا لتقديم المزيد و المميز للبشرية عامة لا سيما و نحن حملة رسالة الإسلام بما يعنيه من قيم إنسانيه و أقترح أن يعود لما نقلناه سابقا عن الكاتب توماس فريدمان في دراسته للعولمة و ارتباط نجاحها بقوة التمسك بالجذور و شجرة الزيتون.
وأوضح الكاتب " عابد خزندار" :
أن التعليم و نشر الوعي كفيلان بإخراج المجتمع من الإطار القبلي إلى رحاب المجتمع المدني مستشهدا بدور الملك عبدالعزيز عندما وحد البلاد تحت مظلة الدولة على رغم محدودية التعليم في زمنه و أضاف " أن الملك عبدالعزيز نجح في القضاء على التعصب القبلي بزرع نواتي المواطنة و الدولة". و أبدى الأكاديمي سعيد الغامدي استياءه من تحويل الانتماء القبلي إلى ولاء للوطن يكون محدودا و تمجيد للذات و تهوين من شأن الأخر و طالب الجهات المختصة في وزارة الداخلية بإلغاء اللقب القبلي من الهوية الوطنية والاكتفاء باللقب العائلي.
"يهدد مجتمعنا اليوم سرطان العصبية القبلية التي أصبحت تُثار بشكل بشع ممقوت، يقوم بذلك بعض الشعراء الشعبيين العوام تساندهم بعض القنوات التي لا تفكر في العواقب، فأصبحنا نُمطر صباح مساء بقصائد هوجاء يمدح بها الشاعر قبيلته ويمجدها ويرفعها فوق النجوم وكأن هذه القبيلة صاحبة البطولات في بدر والقادسية واليرموك ويعرِّض بغيرها من القبائل":
إذا لم يكن أجدادنا هم أصحاب بدر و القادسية و اليرموك: فمن هم أصحابها و من أين أتينا نحن؟
قراءات غريبة للنصوص و التاريخ و تحريف واضح لقتل التاريخ:
يقول أحدهم في كتاب "لا غرابه بعد ذلك أن يطمح إلى أن يجعل نسبه في الذروة من الشرف و الرفعة و أن يجعل الآباء و الأجداد الذي ينتمي إليهم في مقام السادة العظماء أن اعتزاز الإنسان العربي بنسبه جعله يغلو فيه أحيانا فلا يرى نسبا يضاهي نسب قبيلته نبلا ولا شرفا ولا يرضي أن يتطاول أحد القبائل الأخرى فيدعي لنفسه نسبا اشرف من نشبه أو حسبا أشرف أرومة منه و ما الرواية الآتية إلا صورة من ذلك الغلو:
فقد ورد إن بدر بن معشر من بني مدركة وقف بالجاهلية بسوق عكاظ يفخر بنسبه و يقول
نحن بنو مدركة بن خنـدف من يطعنوا بعينه لم يطرف
و من يكونوا قومه يغطـرف كانه لجــة بحر مسدف
ثم مد رجله و قال أنا أعز العرب فمن زعم أنه أعز مني فليضربها. فلم يطق الأحمر بن مازن الهوازني عنجهيته تلك و إدعاؤه رفعة نسب قبيلته فوق أنساب القبائل الأخرى فأستل سيفه و ضرب رجله فأندرها من الركبة غير مبال بحرمة الشهر الحرام وقد كاد الشر أن يستفحل بين قبيلتي الرجلين لولا أنهم جنحوا إلى الصلح بينهما . تلك بلا شك صورة للغلو الشديد في التعصب القبلي و قد كانت غالبا هي الصورة السائدة في العصر الجاهلي و قد حدت تلك الحادثة بالأحمر الهوازني إلى المزيد من الفخر بنفسه وقبيلته حين صورها في قوله:
إني و سيفظـي حليفـا كـل داهية
من الدواهـي التـي بالعمد أجنيهـا
إني نقمت عليه الفخر حين دعا جهرا
و أبـرز عـن رجـلا يعريــهـا
ضربتـهـا أنفا إذ مـدهـا بطـرا
وقلت : دونكها خـذها بما فيهــا
لما رأى رجلـه بانـت بركبتهــا
أو مـا إلى رجله الأخرى يفديهــا
شاهدنا من القصة قول الشاعر"بطرا"ضربتها أنفا إذ مدها بطرا" أولا يستحق هذا القبيلي الأحمر بن مازن الهوازني التقدير والإكبار والإجلال على هذا الفعل العظيم حين أغاظه أن يمد الأخر رجله فخرا و بطرا و استهزاءا بالقبائل الأخرى ؟ أو ليست هذه دليل (يشق الوجه) على أن القبيلي و القبلية البدو والعرب لايطيقون الاستهزاء بالآخرين أو البطر والفخر على حساب القبائل الأخرى و في حضورهم ؟كيف تحور هذه الحادثة من الدعوة للتمسك بالقبلية و أخلاقها إلى محاربتهم؟ أو ليس هذا خلطا و تخبصا بدون علم ؟
يتابع الكاتب: "لا شك أنَّ عصبية اليوم هي امتداد لعصبية الأمس، وأن العصبية القبلية الحاضرة ما هي إلا بقايا لعصبية الجاهلية الغابرة"




كيف يتم توظيف الأيات لمحاربة القبيلة و البدو:
وفي معرض الرد على حديث رسول الله (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسماعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) يقول الكاتب: يبدو ، والله أعلم و إن ما عناه الرسول كذا ! وهل يقال في مثل هذه القضايا هكذا؟
و يتم فيما يلي تسييس الآيات الكريمة التالية لخدمة الغرض:
"وإن مما يؤيد هذا الاعتقاد ما ورد من آيات وأحاديث تذمُّ الفخر والتفاخر( ):
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمَان: 18].
وقال سبحانه: {وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحَديد: 23].
وقال عزّ وجلّ: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ *} [هُود: 10].
وقال تبارك اسمه: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا} [النِّسَاء: 36].
وقال جل وعلا: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَْمْوَالِ وَالأَْوْلاَدِ} [الحَديد: 20].
وقال عزّ مِن قائلٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ بِئْسَ الاسم الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *} [الحُجرَات: 11]".
"استخدام و تسييس" الآيات السابقة التي تحارب صفات الخيلاء والتنابز بالألقاب والسخرية و اللمز في محاربة القبلية ؟ و المقصود بالآيات و الأحاديث القبلي و غير القبلي و الناس أجمعين فالخيلاء والفخر تنطبق حتى على من لبس ثوبا طويلا يجره وراءه بدويا و غير بدوي علما بان ثياب البدو والقبائل لا تبعث على الخيلاء "مشققه وقصيرة". ولا نعتقد أنه يجوز أن تستخدم هذه الآية بهذه الصفة التي تجعلها كأنما أنزلت لمحاربة القبائل.
ومن مظاهر العصبية القبلية "التفرق الحسي و المعنوي : و عمية الرأي وترك الإمارة و رد الصاع صاعين و منه:
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا."
و المقصود بالجهل ليس الجهل الذي كتب فيه هذا الكتاب و لكن المقصود به الحرب بمعنى من يبدأ بحربنا سوف نرد له الصاع صاعين. و إن سلمنا بأنه الجهل بمعنى القتل و العربدة دون رحمة فالشاعر وضع شرطا لحدوثه و هو أن يكون دفاع عن النفس و ليس بدأ بالشر كما يظهر في صدر البيت. أليس كذلك؟
لا يعني ذلك أن الإسلام دعا إلى إلغاء العصبية القبلية . دعا إلى نبذ دعوى الجاهلية الخاصة بالتفاخر بالأنساب ودعا إلى التقوى و أنها المقياس أمام الله. ثم يا دكتور ألا تفتخر بما فعله والدك؟ هذا يعني إنك من بيت كريم له ما له من الصفات الكريمة و التربية الصحيحة. وتحافظ عليها ليفتخر أبنك لاحقا بك فترتدع عن بعض الأخلاق الفاسدة؟ ألا تفتخر بما يفعله ابنك و أن ذلك يعني إنك قمت بتربيته تربيه صالحة فتبذل المزيد من الجهد لتربيته ؟ كيف تلغي أداه مهمة في بناء الشعوب و الأمم و هي التربية ؟ وتأخذون من الآية فقط لتعارفوا و تنسون شعوبا و قبائل؟ كيف نتعارف إذا لم نكن معروفين أصلا؟ هل تريد أن تلغي لاحقا حق الأسرة المالكة بالفخر بالملك عبدالعزيز تمهيدا لماذا لاحقا؟ و هل أبناء عبد العزيز، أبناء مدرسة و جامعة عبدالعزيز مثل أبناء غيره؟ أو لا يكفي أن يتمنى الإنسان لحظات يستمع لعبد العزيز أو أحد أبناءه ليغير حياته بناء على نصيحة من عبد العزيز و أبناءه؟ عبدالعزيز من توحدت على يديه قبائل العرب و من دان له و أعترف مشارق الأرض و مغاربها و يصدق فيهم قوله تعالى " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك من تشاء تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير و أنت على كل شي قدير" كيف لمن تعلم و نشأ في بيته ؟ ألا يستحقون منزلة أعلى ؟ و كيف لزين العابدين و علي بن أبي طالب أن لا يفخر بنسبه للرسول الكريم صلى الله عليه و سلم؟
هي التربية ما نؤكد عليه و أهميتها و ضرورة المحافظة على هذه الأداة المهمة في تنشئة الشعوب.
هل يستطيع مفكرونا و المثقفين أن يقرؤوا الإسلام كما يقول إبراهيم غرابيه في مقالته حول الدولة في الإسلام"بدأت أعتقد انه ليس في الإسلام شي اسمه دولة إسلاميه...فالإسلام لا يطرح نموذجا محددا للدولة يمكن أن يقرأ الإسلام قراءة اشتراكيه و يمكن أن يقرأ قراءة علمانيه أو رأسماليه أو ليبراليه ...كل الأفكار ممكن أن تجد لها تأييدا في الإسلام ".لا اعتقد ذلك فمفكرونا و المثقفون يحملون فكرا متأخرا 350 سنه عن ركب الحضارة و هم يقرئون تاريخنا و مجتمعنا و رؤانا سيكولائيا بالطريقة التي كانت قبل 350 سنه كما يقول جورج بوليتزر "هذا العلم الذي دعي السكولائيه كان علما كتبيا لأنهم كانوا يدرسون فقط في الكتب"
يقول الكاتب يحي الأمير "هكذا كانت رحلة تلك القيم عبر الذهن العربي و عبر الثقافة العربية خرجت أولا من عصر كالح بالجهل و التهور و أنتج لها من الأدبيات ما أسهم في توثيقها و لعل أخطر ذلك هو الشعر الذي هو حجة في حياة و ثقافة الإنسان العربي ...وقد حمل تلك القيم و قام على حفظها و انتقالها من جيل إلى جيل... و لا زلنا إلى اليوم ندرس في مدارسنا عنترة الانتحاري و هو يقول : يدعون عنترة و الرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم . وندرس تهور الزير سالم و هو يقول: و لست بخالع درعي و سيفي إلى أن يخلع الليل و النهار وسفه عمرو بن كلثوم و هو يقول و نشرب إن وردنا الماء صفوا و يشرب غيرنا كدرا و طينا. هنا تؤخذ هذه الأبيات من السياق العام لها و تقرا قراءة خطأ قراءة نصيه خاطئة.
عصر كالح بالجهل و التهور تاريخنا وهذه الأشعار لم تنقل إلا القتل و الدمار والهلاك : ماذا عن القيم الأخرى الكرم و الشجاعة والأمانة والوفاء والصدق والمروءة و الفدا : ألم يكن لهذه القيم و في سياق تلك الأشعار أدوار أخرى في تنظيم المجتمع و الأخلاق و وقود تستمر به الحياة و تبنى عليه التربية . هل تقرأ فقط الجوانب السلبية . ألم تذكر الكرم و الشجاعة و الفداء و الغيرة و الستر و العطاء و القوة كقيم في القرآن الكريم و الحديث النبوي و الموروث الديني : هل هو هجوم على التاريخ كله هل هي رسالة جديدة و هل هو رسول أم هل نحن لسنا في الدنيا و انتقلنا إلى الدار الآخرة حيث لا قتل و لا هم و لا نصب ولاقصاص و لا كذب : هل تقرر أننا في المدينة الفاضلة و لا يوجد أعداء و لا يهود و لا قدس و لا حاجة لمعارك و لا حاجة لتربية إنسان مقاتل : وهل العالم المتقدم و الغرب يفكر نفس التفكير . هل للقضاء على الإرهاب و الفكر المنحرف (على حد رأيه طبعا) يتم تدجين الناس بدون شجاعة و بدون كرم بمعنى أخر نربي أذلاء بخلاء حقيرين ضعاف لا تاريخ لهم و لا قيم : كل ذلك لنكون وطنا يحوي هؤلاء "حيث القيم المادية فقط": و نكون قد انتقلنا من الإرهاب العقدي إلى الإرهاب المادي و حيث بالإمكان أن تشتري الولاء بسهولة و يذهب التجار إلى أوطان المادة بعد انتهاء البترول
"أن ما أحدثه محمد بن عبدالوهاب في فترة التأسيس الأولى كان قد أسس لخطاب عقائدي لكن الفترة الثالثة بقيادة الملك عبدالعزيز جاءت و سط معطيات و ظروف دوليه جديدة كان لا بد معها من الخروج من صورة القبيلة و الشيخ و الجماعة إلى صورة الوطن والمؤسسة الذي يتحرك وسط كيانات مماثلة مما يجعل تفاعله معها قائما على أشكال جديدة و غير مألوفة في ذلك المجتمع..........." و يتابع الكاتب:"فيما كان الملك عبدالعزيز يسعى لإقامة وطن مدني و كانت الانطلاقة من الأرض التي تعد واحدة من أكثر مناطق الجزيرة العربية بداوة و قبلية : أخذت قيم الديني تتداخل مع قيم القبلي وورثت نمطا من التدين المتشدد بدأ يخرج على الدولة نفسها حاملا السلاح مطالبا إياها بتطبيق شرع الله مع عدا اختلاف أي منصف حول سطحية هذا الطلب حين يوجه إلى حكومة كحكومة الملك عبدالعزيز . فيما بقي الموالون يحصلون على تنازلات و أماكن في سبيل تنازلهم مكنتهم من نشر ذات الفكر المتشدد و بسطه انطلاقا من الثمن الذي قدموه و المتمثل في عدم الخروج على الحاكم......" (
تداخل قيم البدوي و القبيلي مع الديني هو من أدخلنا هذه الأزمة ولكن تداخل قيم الديني مع الحضري و تداخله مع المكونات الثقافية الأخرى لا مشكلة فيه ! المهم وكما يورد الكاتب قيم الديني الملوث تداخلت مع قيم القبلي وأنتجت الفكر المتطرف!
من هم هؤلاء الذين أداروا و شكلوا و كلفوا بالوزارات المعنية بتشكيل الإنسان و تنشئة مواطن ؟ من هم الذين يخشون على مجدهم الزائف وهل هناك مجد يخشى عله البدو الآن غير قبليتهم؟
العقل الإداري العربي الحالي ليس عقلا عربيا خالصا فهو إما عقل عربي يمارس إدارة بقيم أجنبية أو عقل ليس عربي أساسا.
أخلاق و منظومة القيم البدويه هي البيئة الأنسب لنجاح إدارة الجودة الشاملة والكثير من قيمها تشكل القيم الإنسانية الأساسية لإدارة الجودة الشاملة و اللازمة لنجاحها.

الدولة الأموية في في المشرق و المغرب كانت دولة بدو تحمل قيم عربيه خالصة مكنتها من هذه الفتوح. و لما دخل الإسلام أمم أخرى غير العرب و هو ما يكون تقريبا قيام الدولة العباسية ووصول غير العرب إلى السلطة و مراكز اتخاذ القرار حيث بدأ التفكك و الانهيار في مختلف المجالات نتيجة لدخول قيم و منظومات أخلاق جديدة في الأمة العربية الإسلامية لم يتقبلها العرب فتراجعوا بقيمهم و منظوماتهم الأخلاقية إلى الصحراء وشكلت الدرع الواقي لهذه القيم التي رفضت الانخراط حتى في الفتوحات الإسلامية الأخيرة .
لم يشعر و يعتقد الكثير من الأفراد على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم بأنهم ينتمون إلى ثقافة وطنيه تجسد الشراكة و المساواة.
ليس صحيحا أن السعودية ككل مجتمع مغلق . فقط هم المنغلقين حاولوا فرض نموذجهم و فشلوا و وللهروب من المسؤولية ترمى التهم على البدو و الموروث الثقافي و غيرها. القبيلة البدوية في المملكة العربية السعودية لم تكن يوما عدوا للأخر بسبب ديني أو عنصري أو غيره
قد يكون الدين أفيونا للشعوب فمن يرهقه الفقر و يفقد كل أمل بالمستقبل : يستسلم للإرادة الإلهية.
الإسلام لم ينهى عن العصبيه القبليه فلماذا تربط العصبية الجاهلية بالعصبية القبلية ؟
هل لأن القبلية مرتبطة بالبدو ؟ لماذا" كمثال" لا يقال العصبية الحضرمية ؟ العصبية المناطقية؟ العصبية الحساوية أو حتى عصبية الرأي ؟ فإذا كانت العصبية القبلية مذمومة أليس من العدل
أن تحارب كل تلك العصبيات السابقة ؟
يوجد علاقة بين علامات ضعف الانتماء و القبيلة حيث أتضح أن هناك تناسبا طردياً بين تلاشي المفاهيم القبلية و علامات ضعف الانتماء.
يقال إن البدو يرتحلون و لا يرتبطون في المكان و لا يعرفون معنى الانتماء فهل السفر صيفا و امتلاك الشقق و الفلل خارج الوطن والانتقال من بريدة إلى الدمام لأغراض الوظيفة يضعف الانتماء؟
ضرورة المحافظة على وحدة القبيلة و لا مانع من الاندماج الاجتماعي للطبقات الأخرى و ذلك حق طبيعي إذا كان هناك إتحاد أخلاقي.
بالتأكيد أن شيوخ القبائل و كبار العوائل مفاتيح الحل . مؤثرين فاعلين . شيوخ قيم وصدق و كرم و شجاعة وحياء وهم بيوت عز وحظ ، و تلاميذ التاريخ والحياة . بالتأكيد ليسوا شيوخ المال والورق حفظة الكتب دكاترة علماء و أساتذة " الطفرة " .
"عمل القادة المسلمون الأوائل للحفاظ على التشكيل القبلي كي يكون عنصر تضامن وتمازج يشد بعضه بعضا ضمن الوحدة القبلية في مواجهة العدو المشترك ، ومن أجل أن يمنع الحزازات القديمة من الظهور. إن سعد بن أبي وقاص أدرك بثاقب بصره أن نظام الأسباع يكون أكثر صلاحا إذا جمع بين القبائل المشتركة في النسب أو المترابطة بروابط القربى
"فإنك إذا واجهت أهل المدن بالخطر ناضل كل منهم عن سلامة نفسه أما في الصحراء فتعظم نفس الإنسان و تنعدم الأنانية و يفرغ كل قصارى جهده في خدمة زملائه و مساعدتهم ، فإذا هدد الخطر قافلة من القوافل ، وعن لأحد أفرادها سبيل النجاة تنكب عنه و لم يترك رفقاءه لينجو بنفسه" أبن خلدون.
"إن القبائل حاربت لنصرة الإسلام ضمن الجيوش الإسلامية كوحدات قبليه و أول من أستقبل الرسول و نصر دعوته و ذاد عنه هم البدو الرحل بأخلاقهم و طباعهم و عاداتهم و في اعتقادي أن حضارات العالم ستمحى تماما كحضارات بابل و آشور و إن كتاب التاريخ المدرسي بعد ألفي سنه سيخصص عدة صفحات للعرب دون أن يذكر حتى الولايات المتحدة الأمريكية"ولفريد ثيسيغر
"أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر" أبن خلدون
الله حقيقة ناصعة عند هؤلاء البدو والإيمان به يعطيهم الشجاعة كي يتحملون و يصبروا. و الشك في وجوده شيء لايدركه العقل بل هو الكفر بعينه"
يقول ولفريد ثيسغر " لقد سئلت كثيرا : لماذا يعيش البدو في الصحراء ما دام أنهم يعيشون حياة قاسية؟ ولماذا لا يتركونها و يعيشون حياة أسهل في مكان أخر ؟". و قليلون من الناس صدقوني عندما قلت أنهم يعيشون هناك بكامل اختيارهم ، لقد كان في استطاعة القبائل البدوية السورية الكبيرة أن تسطو على أراضي الفلاحين الضعفاء و تسكن فيها وبدلا من ذلك ظلوا يسكنون الصحراء كقبائل رحل لأن تلك هي الحياة التي يعتزون بها . و عندما كنت في دمشق زرت عرب الرولة كثيرا وعلى الأخص لما كانوا مخيمين في الصيف عند الآبار خارج المدينة. وقد استحثوني لأن أرافقهم في هجرتهم السنوية التي تبدأ جنوبا إلى نجد حالما تنمو المراعي عقب أمطار الخريف و صرحوا إلي بأن الرجل لايجد الحرية إلا في الصحراء، و يجب أن يكون هذا الحنين إلى الحرية نفسه هو الذي دفع القبائل التي دخلت مصر إبان الفتح العربي لأن تمر عبر وادي النيل إلى الصحراء اللامتناهية تاركة وراءها الحقول الخضراء و أجمات النخيل الوارفة الظل و المياه الجارية وكل المسرات التي وجدوها في المدن التي احتلوها""أوفالين
لما كنت معهم لم يكن لديهم أية فكرة عن عالم غير عالمهم . و لم يكونوا متوحشين جهلاء. بل على العكس كانوا الورثة المتعصبين لحضارة قديمة جدا. و لقد وجدوا ضمن إطار مجتمعهم هذه الحرية الشخصية والتهذيب النفسي الذي تاقوا إليه. ...أما اليوم فإنهم يدفعون خارج الصحراء إلى المدن ، حيث لم تعد تكفيهم المزايا التي منحتهم الجلد والسيطرة في الماضي على قوى لا تقهر ، كالجدب الذي طالما قتلهم في الماضي و حطم نظام حياتهم..... ومنذ تركت جزيرة العرب سافرت عبر شعاب كراكورام و هندوكوش في جبال كردستان و أهوار العراق مدفوعا إلى الأمكنة البعيدة حيث لا تستطيع السيارات الوصول وحيث لايزال يعيش شي من العادات القديمة و لقد رأيت قسما من أروع المناظر في العالم وعشت بين قبائل عجيبة و غير معروفة و لكن واحدا من هذه الأمكنة لم يهزني كما فعلت صحراء الجزيرة العربية"
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59