عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-28-2016, 07:47 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,139
ورقة كـارثـة أوســلــو!


كـارثـة أوســلــو!
ــــــــــــــــــــــــ

(أحمد أبو دقة)
ــــــــــــــــــــ

26 / 12 / 1437 هــ
28 / 9 / 2016 م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كـارثـة أوســلــو! 827092016113806.png






قبل 23 عاماً من الآن عمت فرحة عارمة حديقة الأبيض حينما وُقِّعت اتفاقية تحولت إلى أسوء الكوارث لقضية الشرق الأوسط الأكثر أهمية وهي الصراع الفلسطيني والصهيوني. يقول فرايم كارش الباحث في معهد "بيغن - السادات للدراسات الإستراتيجية: إن "أوسلو" التي وُقِّعت في تلك اللحظة كانت أكبر خطأ في تاريخ الصهاينة، مضيفاً بأنها كانت بداية لحالة من التيه والتخبط بالنسبة للجانبين الفلسطيني والصهيوني.

كان من المفترض أن تحتويَ تلك الاتفاقية انتفاضة الحجارة الفلسطينية وحركات الإسلام السياسي التي أصبحت توجه الشارع الفلسطيني لحمل السلاح عام 1987 وعلى رأسها حركتا حماس و الجهاد الإسلامي، لكنها أنجبت معضلة عميقة تسببت في إنشاء كيان مسلح معادٍ للكيان الصهيوني على حدوده الجنوبية، كما عمقت الانقسامات الداخلية وزعزعت استقرار النظام السياسي وأضعفت موقف الحكومات الصهيونية على المستوى الدولي.
من تبعات أوسلو أنها تسببت بانعكاسات سيئة على منظمة التحرير الفلسطينية من خلال تضخُّم حالة الفساد بداخلها بالإضافة إلى الانقسامات التي تسببت بها الرأسمالية السياسية التي صنعتها أموال التبرعات التي من المفترض أن تنفقَ على مشاريع تساهم في قيام دولة فلسطينية.

لا يوجد شيء خفي فيما يتعلق بالكيانات التي نمت عقب أوسلو في الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة أو غزة، وهذه الكيانات أثرت على طريقة الصهاينة في الحياة. ساهمت " أوسلو" في منح حركة "حماس" فرصة لتكون لاعباً إقليمياً له قبول في العالم رغم التزامها بعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني والسعي إلى تدميره. أيضاً منح هذا الفشل الذي تعيشه الحكومة الصهيونية الكثيرَ من المنظمات التابعة لحماس والفلسطينيين فرصةً لتدمير الصورة الجيدة عن الكيان الصهيوني في الغرب، الأمر الذي تسبب في حملات مقاطعة لم تكن تُعرَف سابقاً أثرت على الاقتصاد الصهيوني.

أنضجت "كارثة أوسلو" بحسب التقرير حالة تصادم في المجتمع داخل الكيان الصهيوني بين الأقلية الفلسطينية وبين اليهود، تلك الحالة مرتبطة بالحروب التي شُنت على غزة والضفة والإجراءات التي يقوم بها الجيش هناك. اليوم أصبح للمنظمات الفلسطينية المعادية للكيان الصهيوني جماعات مؤيدة في الداخل ولها ممثلون في الكنيست، هذا الأمر أيضاً تسبب بصعود قوة اليمين الصهيوني وانهيار لقوى اليسار.

حتى لو نجحت منظمة التحرير الفلسطينية في الحصول على اعتراف بدولة فلسطينية كاملة، فإن الحكومة الصهيونية تريد سلاماً بدون دفع مقابل وكذلك الفلسطينيون يريدون أشياء لا يمكن التنازل عنه،ا مثل القدس وحق العودة. لذلك أوسلو منذ البداية مشروع كارثي، لأن من وقَّع عليه لا يستطيع التضحية لتحقيقه. كذلك فإن السلطة الفلسطينية لو تمكنت من السيطرة على قطاع غزة والضفة الغربية فإننا نشاهد بناءً هشاً لا يستطيع الحفاظَ على أجواء التنمية و الحرية لرعاياه، هناك قمع وفساد يتضخم دون وضع حد له، وخصوصاً في ما يتعلق بالنخب الحاكمة، كيف سيتمكن هؤلاء من بناء دولة في أجواء دكتاتورية قمعية؟
استمر الطرفان في إهمال الاتفاقيات الموقَّعة، وتعمدا كثيراً إلقاء اللوم على بعض القضايا العالقة للاستمرار في حالة الصراع دون التفكير بمسؤولية تجاه شعوبهم، منذ أوسلو ترأس الحكوماتِ الصهيونيةَ خمسة رؤساء وزراء: بيريز وباراك وشارون وأولمرت، ونتنياهو، أهملوا جميعاً رغبة الشعب الصهيوني للسلام وانقادوا لرغبات نخب اليمين.

ويجب التطرق إلى عدة تحولات فضحتها أوسلو، أبرزها:

أن حركة فتح التي كانت بمثابة الوصي على الحَراك الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني أصبحت تعاني من انقسامات داخلية كبيرة، والسبب في ذلك الصراع بين أقطابها على الحكم، الأمر الذي سمح لحركة حماس بالصعود سريعاً خلال العشر سنوات الماضية.
كذلك تسببت أوسلو على الصعيد الفلسطيني بتراجع دور اليسار الفلسطيني لصالح الجماعات الإسلامية، وبالنظر إلى المعادلة السياسية الجديدة على الساحة الفلسطينية فسنجد تعارضاً في البرنامج والخيارات وحتى السيطرة الميدانية، وهذا أدى إلى تغيرات جوهرية في أدوات النضال الفلسطيني.

كما خسر الشعب الفلسطيني عقب أوسلو تضامناً عربياً وإسلامياً واسعاً، وأضحت القضية الفلسطينية قضية الفلسطينيين وحدَهم بعد أن كانت بوصلة للكفاح العربي والإسلامي ضد النفوذ الاستعماري.

الشعب الفلسطيني الآن أمام مرحلة جديدة يجري فيها تحوُّل كبير متمثل في ضعف سيطرة خيار المفاوضات والبحث عن السلام إلى الاشتباك والصراع بوسائل جديدة. بالتزامن مع ذلك فإن من أسوء تبعات أوسلو فضحها للانحياز الواضح للأمم المتحدة طيلة سنوات الصراع، سواء من خلال تبنيها مواقف صهيونية، أو إصدار قرارات تدين المقاومة الفلسطينية وتعتبر الجرائم الصهيونية في الضفة والقدس حقاً مشروعاً!
تحولت الولايات المتحدة من طرف راعٍ للمفاوضات إلى طرف منحاز لصالح الحكومة الصهيونية، ومن شدة انحيازها رفضت وجودَ طرق للتحكيم بين الطرفين حتى استخدامها المتكرر للفيتو ضد مشاريع في مجلس الأمن كانت تدين حروب الجيش الصهيوني في الأراضي المحتلة.

في نهاية المطاف هناك جانبان لاتفاقية أوسلو بحسب التقرير:

أولهما: عدم استقرار المشهد السياسي والأمني داخل الكيان الصهيوني لصالح صعود المنظمات الإسلامية المعادية للكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية.
الأمر الآخر: وهو الصورة السوداء التي بدأت تتشكل في المجتمع الدولي عن الكيان الصهيوني وصعود اليمين المتطرف الذي أصبح يسيطر على كلِّ أدوات الحكم، مقابل سلطة فلسطينية هشَّة أصغر مشكلاتها تضخم الفساد.
------------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59