عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-10-2016, 07:44 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة التدين.. الظاهرة الإنسانية الأزلية (2/ 3)

التدين.. الظاهرة الإنسانية الأزلية (2/ 3)
ــــــــــــــــــــ


(أنور قاسم الخضري)
ـــــــــــ

3 / 7 / 1437 هـ
10 / 4 / 2016 م
ــــــــــ






مع كل محطة من محطات الصراع التي كانت تنشأ في المجتمعات البشرية بين الدين والعلم، أو الدين والمصلحة، أو الدين وحاجات الفطرة، كان الدين هو الخاسر، لأنه والحالة هذه ليس إلا تدينا بشريا لا دينا إلهيا، فما يصدر عن الله –عز وجل- لا يتناقض ولا يتضاد. فالعلم الإلهي المحيط، والحكمة الربانية التامة، والقدرة التي لا يعجزها شيء، والإرادة والمشيئة الواحدة، هو ما يميز الدين السماوي: ((ولَو كَانَ مِن عِندِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختِلَافًا كَثِيرًا))، النساء: 82؛ وإذا كان الخلق خلقه والأمر أمره: )) أَلَا لَهُ الخَلقُ والأَمرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ))، الأعراف: 54، فإنه أعلم بخلقه وأحكم في أمره: ((أَلَا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ))، الملك: 14.

ويبقى السؤال كيف نشأ التدين الأول؟ وكيف نشأ التدين المنحرف؟!

منشأ التدين الأول:
----------

بعيدا عن تخرصات المدعين في نشأة التدين، والتي تذهب مذاهب شتى في ذلك، نقف في علمنا من ظاهرة التدين مع القرآن الكريم. فقد تضمن القرآن قصة النشأة الأولى للبشرية وكيف أنَّ آدم –عليه الصلاة والسلام- كان متصلا بالله تعالى في السماء، وأن هذا الاتصال لم ينقطع بعد نزوله في الأرض. يقول تعالى: ((قُلنَا اهبِطُوا مِنهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فمَن تَبِعَ هُدَايَ فلَا خَوفٌ عَلَيهِم ولَا هُم يَحزَنُونَ * والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ))، البقرة: 38- 39.
فالجماعة الأولى التي عاشت على الأرض هي جماعة متدينة بفطرتها وبموجب خطاب الله تعالى لأبيها آدم –عليه الصلاة والسلام. يقول تعالى مخبرا عن هذه الحقيقة التاريخية: ((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ومُنذِرِينَ وأَنزَلَ مَعَهُم الكِتَابَ بِالحَقِّ لِيَحكُمَ بَينَ النَّاسِ فِيمَا اختَلَفُوا فِيهِ ومَا اختَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعدِ مَا جَاءَتهُم البَيِّنَاتُ بَغيًا بَينَهُم فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِهِ واللَّهُ يَهدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّستَقِيمٍ))، البقرة: 213. وعن حبر الأمة عبدالله بن عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- أنه قال: كان بينَ آدمَ ونوحٍ عشرةُ قرونٍ كلُّها على الإسلامِ. وفي رواية: كلُّهم على شريعةٍ من الحقِّ، فاختلَفوا فبعث اللهُ النبيين مُبشِّرينَ ومُنذرِين[1].

إذن الخلاف نشأ فيما بعد، وإن بقيت غريزة التدين موجودة وراسخة، إلا أن الناس بدأوا يأخذون في تشكيل تدينهم بعيدا عن الهدى الإلهي. يقول الإمام الطبري: "فإنَّ دليل القرآن واضح على أنَّ الذين أخبر الله عنهم أنَّهم كانوا أُمَّة واحدة إنَّما كانوا أُمَّة واحدة على الإيمان ودين الحق، دون الكفر بالله والشرك به؛ وذلك أن الله -عز وجل- قال في السورة التي يذكر فيها يونس: ((ومَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فاختَلَفُوا ولَولاَ كَلِمَةٌ سَبَقَت مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَينَهُم فِيمَا فِيهِ يَختَلِفُونَ))، فتوعد الله -عز وجل ذكره- على الاختلاف لا على الاجتماع، ولا على كونهم أمة واحدة، ولو كان اجتماعهم قبل الاختلاف كان على الكفر ثم كان الاختلاف بعد ذلك لم يكن إلا بانتقال بعضهم إلى الإيمان، ولو كان ذلك كذلك لكان الوعد أولى بحكمته الله -عز وجل ثناؤه- في ذلك الحال من الوعيد، لأنها حال إنابة بعضهم إلى طاعته، ومحال أن يتوعد في حال التوبة والإنابة ويترك ذلك في حال اجتماع الجميع على الكفر والشرك"[2].

إذن لم تكن الجماعة البشرية الأولى جماعة ضالة تائهة، ولم يكن الإنسان مطلع ظهوره في الوجود بدائيا ساذجا منفكا عن المعرفة والإيمان.. بل كائنا مهتديا وجماعة مؤمنة[3]. هذا الأصل الحق والأساس الصواب في حقيقة تشكل التدين لدى الإنسان والجنس البشري، والبحث لا ينصرف إليه بل إلى أسباب الانحراف في التدين، وأَخذِ التدينِ صورا شتى متباينة، لأن هذا هو الطارئ والاستثناء.
وفي الحديث عن عياض بن حمار المجاشعي أنَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم في خطبته: (إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا)[4].

يقول الدكتور محمد عبدالله دراز -في كتابه العظيم (الدين)، بعد أن ناقش النظريات التي تتحدث عن ديانة الإنسان الأول: "هكذا عجزت وسائل العلوم أن تقدم لنا بيانا شافيا يطمئن إليه القلب عن ديانة الإنسان الأول. أما من أحب أن يسترشد بنصوص الكتب السماوية فإنه سوف يجد فيها ما يشد أزر القائلين بأولية العقيدة الإلهية الصحيحة، لا في الغريزة فحسب ((فِطرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا))، بل في التطور الزماني كذلك، فهذه النصوص تنادي بأن الناس بدأوا حياتهم مستقيمين على الحق مؤتلفين عليه، وأن الانحراف والاختلاف إنما جاء عرضا طارئا بعد ذلك: ((ومَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاختَلَفُوا))، وأن استمرار هذا الاختلاف واتساع شقته إنما كان بتأثير الوراثة، وتلقين كل جيل عقيدته للناشئين فيه، (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه). إلى ذلك كله فإن الكتب السماوية متفقة على أن الجماعة الإنسانية الأولى لم تترك وشأنها، تستلهم غرائزها وحدها بغير مرشد ومذكر، بل تعهدتها السماء بنور الوحي من أول يوم، فكان أبو البشر هو أول الأفذاذ الملهمين، وأول المؤمنين الموحدين، وأول المتضرعين الأوابين"[5].

انحراف التدين:
---------

يخلق الإنسان مزودا بغريزة التدين، وبفطرة مرشدة للتدين الحق. يقول تعالى: ((وإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وأَشهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدنَا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غَافِلِينَ))، الأعراف: 172. وهذا الميثاق هو ما تشهد به الفطرة: ((فأَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ ولَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لا يَعلَمُونَ))، الروم: 30.
قال ابن كثير رحمه الله: "فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره"[6]. وقال ابن القيم: "بل الطفل يختار مص اللبن بنفسه، فإذا مُكِّن مِن الثدي وُجِدَت الرَّضاعةُ لا محالة، فارتضاعه ضروري إذا لم يوجد مُعارضٌ، وهو مولود على أن يرضع؛ فكذلك هو مولود على أن يعرف الله، والمعرفة ضرورية لا محالة إذا لم يوجد معارض"[7].

وإذا قررنا أن الدين منهج شامل للإنسان فإن بدايات الانحراف عن الدين لم تكن كلية وسريعة، بل جزئية ومتدرجة؛ لأن مقاومة الغريزة الدينية والفطرة السليمة للانحراف مركبة في أصل النفس البشرية، لا تستسلم ولا تفنى. وهذا يتناسب مع طبيعة التدافع التي تحكم سنن الكون والحياة. وإذا صحَّ أنَّ تحول الفرد الواحد يتم بهذا التدرج الذي يغيب الفطرة أو يشوه حسنها، كماء جاء في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء)[8]؛ فإنَّ المجتمع الإنساني أولى بذلك. وجاء في حديث حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه- قال: سمِعتُ رسولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يقول: (تُعرَضُ الفتنُ علَى القلوبِ كالحصيرِ عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ سَوداءُ، وأيُّ قلبٍ أنكرَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ بَيضاءُ، حتَّى تصيرَ على قلبَينِ: علَى أبيضَ مِثلِ الصَّفا فلا تضرُّهُ فتنةٌ ما دامتِ السَّماواتُ والأرضُ، والآخرُ أسوَدُ مربادًّا كالكوزِ مُجَخِّيًا، لا يعرِفُ معروفًا ولا ينكرُ مُنكرًا، إلَّا ما أُشرِبَ مِن هواهُ)[9].

وصور الانحراف عن الدين تأخذ طابعين: طابعٌ يُنسَبُ إلى الدين ذاته، وطابعٌ يُخالفُ أحكام الدِّين وقوانينه ولا ينسب له. وما يميز الأول هو أن صاحبه لا يرى انحرافه أو مخالفته للدين، لأن مقصده بالأساس –غالبا- هو التدين وتعزيز الدين، في حين أن صاحب الانحراف الثاني لا يقصد التدين ويعلم مخالفة ما يقوم به للدين. صاحب الانحراف الأول يرى أنه مجتهد مأجور، وأن ما يمارسه أو يقوله أمر مرضي عنه، وصاحب الانحراف الثاني يرى أنه عاصٍ مستحق للعقاب، وأن ما يمارسه أو يقوله مغضوب عليه.
وهذا هو الاختلاف المشار إليه في قوله تعالى: ((ومَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فاختَلَفُوا))[10]. فمن غلبت عليه غريزة الشهوات غلبت عليه المعاصي، ومن غلبت عليه غريزة التدين غلب عليه الابتداع والغلو في الدين. والانحراف الثاني لا يوصف بكونه دينا أو تدينا بأي وجه من الوجوه، إلا إذا ادعى أصحابه ذلك –عياذا بالله، استهتارا بالدين، أما الانحراف الأول فهو ما يعرف بالدين (البدعي) أو (المحرف)، سواء بقى على أصله التوحيدي أو استحال إلى دين شركي. وربما تحول الانحراف الأول -مع مزاحمة الوضعي البشري للوحي الإلهي وكثرة المحدثات فيه- إلى دين مناف بالكلية للأديان السماوية، وصار صنعة بشرية محضة.

ومعظم الأديان الشركية الوضعية إنما استمدت فلسفة الدين من الأديان السماوية؛ وإن حولت وحورت في المضامين والمعاني والمفاهيم والطقوس والشعائر إلى حدِّ التناقض البين. فإثبات إله، أو خالق مدبر، فردا أو مجموعة، ثمَّ إصباغ الأوصاف والأسماء لها، وادعاء تأثيرها الخارق وقدرتها فوق الطبيعية، ونسبة التشريعات لها ولإرادتها، واعتبارها مقصدا للعبادة والدعاء والرجاء، إنما هي مماثلة للدين الأول ومضاهاة له!

هذا القدر المشترك هو الذي جعل كثيرا من الفلاسفة والباحثين المعاصرين الذين لم يهتدوا بهدى الوحي يتخبطون في موقفهم من الدين جملة وتفصيلا. فإنَّ هذا التعدد الكبير للأديان على امتداد التاريخ والجغرافيا في أكبر قضية في وجود الإنسان يدفع البعض للإلحاد وإنكار الإله والدين، واعتبار الدين "أفيونا للشعوب"، دون تمييز بين حق وباطل، وأصل صحيح وفرع مختلق!
وما يزيد من نفرة هذا الصنف من الناس من الأديان ما يصاحب الأديان البشرية الوضعية –أو الأديان السماوية المحرفة- من تناقض مع الفطرة، ومع العقل والعلم، ومع الخبرة الإنسانية، ومع مصالح الناس وحاجاتهم. فطبيعة الإنسان الجهل والظلم، ومقتضى الجهل مخالفة العقل والعلم والخبرة الإنسانية، ومقتضى الظلم تضييع مصالح الناس وحاجاتهم أو الاعتداء عليها. فإذا ما نسب هذا الجهل والظلم إلى الله –تعالى، وإلى مشيئته وإرادته، قاد ذلك للتشكيك في هذا الإله، وعلمه وحكمته ورحمته بعباده!
وهذا ما حذر منه الوحي، كتابا وسنة، من نسبة أقوال البشر وآرائهم وقوانينهم وأفهامهم إلى الله تعالى، بدون سند ولا برهان. يقول تعالى: ((ولَا تَقولُوا لِمَا تَصِفُ أَلسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وهَذَا حَرَامٌ لِّتَفتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لَا يُفلِحُونَ))، النحل: 116.
ويقول سبحانه: ((يَا أَهلَ الكِتَابِ لَا تَغلُوا فِي دِينِكُم ولَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الحَقَّ إِنَّمَا الـمَسِيحُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ رَسُولُ اللَّهِ وكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلَى مَريَمَ ورُوحٌ مِّنهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيرًا لَّكُم إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ومَا فِي الأَرضِ وكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا))، النساء: 171.

ويقول جل ثناؤه: ((وإِنَّ مِنهُم لَفَرِيقًا يَلوُونَ أَلسِنَتَهُم بِالكِتَابِ لِتَحسَبُوهُ مِن الكِتَابِ ومَا هُوَ مِنَ الكِتَابِ ويَقُولُونَ هُوَ مِن عِندِ اللَّهِ ومَا هُوَ مِن عِندِ اللَّهِ ويَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وهُم يَعلَمُونَ))، آل عمران: 78.
---------------------------------------
[1] السلسلة الصحيحة، للألباني: ج7/854.
[2] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري: ج4/280.
[3] يرى چيمس چورج فريزر (1854م -1941م)، عالم الإنثروبولوجيا الإسكتلندي، في كتابه المشهور (الغصن الذهبي- The Golden Bough)، أن كثيرا من الاساطير الدينية والشعائر الدينية أصلها منذ أيام ظهور الزراعة في عصر ما قبل التاريخ، وأن التطور العقلي البشري مرَّ بثلاث مراحل: ***** البدائي، والدين، والعلم.
ويرى سيغموند فرويد (1856م -1939م) الطبيب النمساوي ذو الأصل اليهودي، ومؤسس علم التحليل النفسي، أن الدَّين مجرد حالة نفسية سيكولوجية نابعة من آثار ومتبقيات فترة الطفولة، أو ما يصفها بعقدة "أوديب"، وهي فرضية تقوم على أن مرحلة تطور الطفل بين ثلاث سنوات وست سنوات تتميز برغبته في الاستئثار بأمِّه، لكنه يصطدم بواقع أنها ملك لأبيه، مما يجعل الطفل في هذه المرحلة من تطوره التي تمتد من السن الثالثة إلى التاسعة يحمل شعورا متناقضا تجاه أبيه: يكرهه ويحبه في آن واحد، جراء المشاعر الإيجابية التي يشمل بها الأب ابنه. وتجد عقدة "أوديب" حلها عادة في تماهي الطفل مع أبيه، لأن الطفل لا يستطيع أن يقاوم الأب وقوته فإنه يمتص قوانين الأب، فيتمثل عاداته وأفكاره وقوانينه في قالب فكري، فتتحدد سمات شخصية الطفل الأساسية في هذه الفترة التي تشكل جسر مرور للصغير من طور الطبيعة إلى الثقافة، لأنه بتعذر امتلاكه الأم يكتشف أحد مكونات القانون متمثلا في قاعدة منع زنا المحارم!
[4] رواه مسلم، برقم 2865.
[5] ص113.
[6] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: ج3/433.
[7] شفاء العليل، لابن القيم: ج1/300- 301.
[8] رواه البخاري ومسلم.
[9] رواه مسلم: برقم (144).
[10] يونس: 19.



-----------------------------------------
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59