عرض مشاركة واحدة
  #106  
قديم 04-30-2015, 08:02 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,207
ورقة أساطير علمانية على الإسلام

أساطير علمانية على الإسلام*
ــــــــــــــ

11 / 7 / 1436 هــ
30 / 4 / 2015 م
ـــــــــــــ




غريب أمر العلمانيين العرب، فهم أكثر دفاعا عن الغرب وحضارته المزعومة من الغرب نفسه، كما أنهم أكثر عداوة لدين الله الإسلام، وأشد تهجما عليه من أسيادهم اليهود والصليبيين، رغم أن الكثير منهم قد يكونوا مسلمين!!

والأعجب من ذلك هو تطاولهم على الحقائق التاريخية المأكدة والموثقة عربيا وغربيا، واتهامهم المسلمين والحضارة الإسلامية بأساطير لم يجرؤ أحد من قبل على اتهامهم بها، دون دليل أو برهان إلا ما يجدونه من شبهات في كتب المستشرقين غير الموضوعيين، وما يجدونه في نفوسهم من بغض لهذا الدين.

وضمن هذا السياق يأتي مقال أحد هؤلاء ويدعى "مالك بارودي" بعنوان "لا ينفع العقّار في ما أفسده الإسلام" المنشور على موقع الحوار المتمدن العلماني، الذي لا يمكن وصفه إلا بأنه تفريغ لحقد دفين على دين الله الإسلام دون مبرر إلا التزلف إلى الغرب والتقرب من أزلامه في الدول العربية والإسلامية.

كانت بداية المقال باتهام المسلمين بأسطورة مفادها: "أن المسلمين يستعملون أحدث إنتاجات العقل والعلم الآتية من وراء البحار، ويتسابقون للحصول عليها وإستعمالها لتسهيل حياتهم والتّمتّع بالرّفاهيّة، وفي نفس الوقت يكرهون من وفّر لهم كلّ تلك الإختراعات والإكتشافات بإعتبارهم كفّارا ومشركين حرامٌ شرعًا موالاتهم وإتّباعهم وحتّى التّشبّه بهم، ولا يفوّتون فرصة دون سبّهم وشتمهم عن بكرة أبيهم والدّعاء عليهم بالخزي والفناء..."

والحقيقة أن في هذا الكلام أكثر من مغالطة، أولها أن عدم المولاة لا يعني السب والشتم والدعاء على جميع الغربيين بالفناء، وإنما يعني أن لا نقلد عاداتهم التي لا تتفق مع تعاليم الإسلام، وثانيها أن اعتبارهم غير مسلمين لا يعني بالضرورة أنهم محاربين، بل يعني الحث على دعوتهم إلى دين الله الإسلام، وهو ما يحصل بالفعل، ولعل الإحصائيات التي تشير إلى دخول الكثير من الغربيين في الإسلام خير رد على مزاعم الكاتب العلماني.

أما الأسطورة الثانية فهي غريبة من نوعها, حيث زعم أن المسلمين – بل والإسلام – يكرهون العقل و العلم ويعادونهما فقال : "ويكرهون العقل الذي إبتكر وخلق وصوّر وطوّر ويعتبرونه قاصرًا، كما يعتبرون الإحتكام إليه بدعة شيطانيّة وسبيلا للكفر والفساد... ويكرهون العلم، ذلك أنّ أكبر علمٍ في نظرهم هو حفظ القرآن كالببّغاوات وتوهّم تفسير هلوساته التي لم يجتمع على فهمها إثنان منذ إدّعاء رسولهم للنّبوّة وترديد خرافات الأحاديث التي أكل عليها الدّهر وشرب..."

وبعيدا عن تطاول الكاتب على كتاب الله وسنة رسوله بما يخرجه من رقبة الإسلام، فإن في اتهامه المسلمين باعتبار الاحتكام للعقل بدعة شيطانية عار عن الصحة، فالعقل سبيل لفهم مضمون كتاب الله وسنة رسوله، وإنما المنهي عنه تقديم العقل على النقل فحسب، وأما اتهامه المسلمين بكراهية العلم فهي جرأة لا تقل عن جرأته على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فمن المعلوم أن أول آيات القرآن "اقرأ"، وكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تحث على طلب العلم، فكيف يوصف دين يدعو إلى كل ذلك بكراهية العلم والعقل ؟!

وتأتي ثالثة الأساطير لتأكد مدى حقد العلمانيين العرب على دين الله دون دليل أو برهان، حيث يزعم الكاتب العلماني فيها أن "هؤلاء – أي المسلمين - لم يساهموا بشيء يُذكر في مسار الحضارة الإنسانيّة، فمعظم تاريخهم يتلخّص في إضمار الحقد للآخرين والسّعي لتحطيمهم وهدم حضاراتهم والعيش على أنقاضها...."

والعجيب في الأمر أن أسياد أمثال هذا الكاتب من كبار المفكرين والعلماء الغربيين لا يستطيع أن ينكر فضل الحضارة الإسلامية على الغرب وعلى الإنسانية جمعاء، ولعل ما اعترفت به المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها الشهير "شمس العرب تسطع على الغرب" خير شاهد على ذلك، فكيف ينكر أمثاله هذه الحقيقة التاريخية إلا أن يكون بعيدا كل البعد عن الموضوعية والمهنية في الكتابة ؟!

وإذا كان الكاتب قد ختم مقاله بالقول: "كل عقاقير العالم لن تُفلح في إصلاح ما أفسده الإسلام منذ أربعة عشر قرنا"، فإن القول الأصح هو : "إن كل عقاقير العالم لن تفلح في إصلاح ما أفسدته العلمانية منذ نشأتها وحتى الآن".

ــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــــ
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59