والآن عدنا
ــــــ
(د. محمود مفلح)
ـــــــ
2 / 9 / 1436 هــ
19 / 6 / 2015 م
ـــــــــــ
لا تيأسنّ فإن الله غفار *** وجنة بعد هذا العمر أو نار
لا تيأسنّ وإن أبحرت في لجج *** من الذنوب وجيش الإثم جرار!
لا تيأسنّ وقل يا ربّ هأنذا *** أقبلت دمعي من عينيّ مدرار
قل للشياطين ممن كنت تعشقهم *** سيف اليقين بكفي الآن بتار
مضى الزمان الذي كنا به هملًا *** وهمي الآن تسبيح وأذكار
فطاعة الله قد ذقنا حلاوتها *** فكيف يخدعنا طبل ومزمار؟!
قد أد ظهري حملٌ لا نظير له *** وأثقل الحمل أوزار وأوضار
إن كنت ترحل في التلفاز منتشيًا *** ويلهينك أبطال وأدوار!
فإنَ قلبي بالفردوس منشغل تشدّني *** تشدّني عُرُبٌ فيه وأبكار
وليس إلا إلى الرحمن قافلتي *** وليس إلا طريقَ الله أختار
فهل أعود إلى صحبٍ شقيتُ *** بهم كأنهم حطب للنار أو نار!
وكيف أهجر قرآني ولي بصر *** وفي ثناياه جنات وأنهار؟
وكيف أهجر من لانت عريكتهم *** وكلهم إخوة في الله أبرار
وكلهم نشروا فوقي مظلتهم*** وكلهم حينما ناديتهم طاروا!
هم الذين أضاءوا ليل راحلتي *** والساجدون بهذا الليل أقمار
برد اليقين إذا ثارت مخاوفنا *** وبؤبؤ العين إما خان إبصار
وحينما زعزع الإعصار مركبنا *** وحين داهمنا موج وأمطار
مَدّوا إلينا مجاذيفًا وأحزمة ***ولم يبالوا بريح وهو زآر!
الحمد لله لا أمتٌ ولا عوج *** ولا طعام به شوك ومُرّار
الحمد لله هذا الدرب أسلكه *** درب المحبين إخلاص وإيثار
الحمد لله لا كأس تتعتعني *** ولا يراودني بالكأس عَقّار!
دنيا من البؤس قد خضنا ضراوتها *** وفي وجوه الضحايا منه آثار
والآن عدنا وعين الله تكلأنا *** كما يعود إلى الميناء بحّار!
-----------------------