#1  
قديم 04-05-2015, 07:10 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة اتفاق النووي .. زفة لترويج الاستسلام


اتفاق النووي .. زفة لترويج الاستسلام
ــــــــــــــــــ

(ياسر الزعاترة)
ـــــــ

16 / 6 / 1436 هــ
5 / 4 / 2015 م
ــــــــ

الاستسلام _13242.jpg


منذ الإعلان عن الاتفاق الأولي في لوزان، بدأ أبواق إيران في الترويج له بوصفه الفتح المبين، ولو رفضته إيران لكان فتحا مبينا أيضا، “ومن يدفع للزمار يطلب اللحن الذي يريد”، كما في المثل الإنجليزي.

لكن أية بلاغة مهما كان مستواها لن تخفي حقيقة الاستسلام الذي تم في لوزان، والذي سيكون أكثر وضوحا بعد أسابيع نهاية حزيران، وبالطبع في الاتفاق النهائي، ولا قيمة هنا لكل الحديث عن الاحتفاظ بالحق في التخصيب، أو بعدد من أجهزة الطرد المركزي، ولو كان المقال يحتمل لوضعنا كافة البنود، لكن المؤكد أن شروط التخصيب والعدد المسموح به من أجهزة الطرد، ومعها شروط التفتيش لمدة 25 عاما، وبعضها لن تسمح أبدا لإيران بالتفكير في إنتاج سلاح نووي، وبالطبع في ظل نص صريح بأن العقوبات ستعود في حال حدوث إخلال بالاتفاق، مع نص آخر يشير إلى أن العقوبات الخاصة بقضايا الإرهاب والصواريخ بعيدة المدى لن ترفع، وأن ما سيرفع هو العقوبات المتعلقة فقط بالبرنامج النووي.

من زاوية إيرانية داخلية يمكن القول إن حكاية النووي من ألفها إلى يائها تمثل معركة طويلة خاسرة، لو خاضها أي زعيم في العالم لاستقال بعد هذه النتيجة (ينطبق ذلك على خوضها من قبل تيار سياسي أو فكري، وهو التيار المحافظ هنا)، ولو كنا في بلد يتمتع بقدر مقبول من الحرية لنزل الناس إلى الشوارع؛ ليس للاحتفال بتوقيع الاتفاق كما حصل ليلة الجمعة في شوارع طهران (من نزلوا كانوا قلة)، ولكن للإطاحة بهذا التيار الذي أهدر عشرات المليارات في تأسيس مشروع، كما دفع أضعافها بسبب العقوبات التي ترتبت عليه، وها هو في النهاية يتنازل عنه من أجل رفع تلك العقوبات.

وإذا قيل إن إيران قد احتفظت بحق الاستخدام السلمي للطاقة النووية، فإن ذلك رد لا يبتعد كثيرا عن الهراء، لأن الجميع يعلم الهدف الأصلي للمشروع ممثلا في السلاح النووي، وليس الاستخدام المدني للطاقة النووية، لأننا نتحدث عن بلد غني جدا بالنفط والغاز، ولا يحتاج تبعا لذلك إلى طاقة نووية لأغراض مدنية. أما فتوى خامنئي بعدم جواز استخدام الأسلحة النووية، والتي ذكّر بها أوباما في سياق الإعلان عن الاتفاق فليست ذات قيمة، ليس لأنها سياسية وحسب، بل أيضا لأن أحدا في الأصل لا يتحدث عن سلاح نووي من أجل الاستخدام، بل من أجل الردع، لاسيما أن لدى الكيان الصهيوني، فضلا عن أمريكا من القدرات النووية ما يجعلها مؤهلة لإعادة إيران إلى العصر الحجري خلال ساعات، لكن الكيان كان وسيبقى حريصا على عدم كسر ميزان القوى الاستراتيجي الذي يعمل لصالحه.

لا شك أن الشارع الإيراني ليس غبيا، وهو تساءل طوال الوقت، وسيتساءل الآن أكثر عن جدوى هذا المسلسل الطويل من المعاناة إذا كان سينتهي على هذا النحو، وهذا البعد هو الذي يفسِّر أصلا تردد التيار المحافظ بزعامة الحرس الثوري والمرشد طويلا في إنجاز الاتفاق، هم الذين يعلمون تماما أنه سيمنح دفعة قوة معتبرة للتيار الإصلاحي، لكنهم وجدوا أنفسهم في حاجة ماسة لدفع كلفة نزيف كبير في سوريا واليمن والعراق، وهو نزيف يحتاج إلى رفع العقوبات لتحسين وضع الاقتصاد، فضلا عن حاجتهم إلى مصالحة الغرب، وهم يعادون غالبية المسلمين. ولعل الأكثر بؤسا في الاتفاق هو أنه لم ينص على الحصول على الأموال المجمدة في الولايات المتحدة لأنها ترتبط بقضية الإرهاب، وليس بالملف النووي، وهذا ما سيجعلها محطة ابتزاز أخرى مستقبلا، وبالطبع من أجل تغيير الموقف من الكيان الصهيوني، وهو ما سيكون مقبولا بالطبع، لأن عين إيران اليوم تركز على التحول لدولة المذهب ذات النفوذ الإقليمي الواسع، مع نسخ حكاية المقاومة والممانعة من الأجندة.

هذه هي النتيجة البائسة لمغامرة المحافظين المتعلقة بالاتفاق النووي، لكن النتيجة الأخرى التي ستطيح بهم في المستقبل هي تلك المتعلقة بمشروع التمدد المجنون الراهن، فبينما يعوّل الشارع الإيراني على أن يؤدي رفع العقوبات إلى تحسين وضعه، يركز المحافظون على الاستفادة من ذلك في دفع كلة الاستنزاف الراهن في سوريا واليمن والعراق، ما يطرح سؤالا كبيرا حول موقف الشارع من ذلك، لاسيما أن كل ما دفع وسيدفع لن يؤدي إلى نتيجة، فلا بشار سيحسم المعركة عسكريا، ولا الحوثي سيستقر وضعه على الأرض، ولا العراق سيأمن من دون حل معضلة التمييز الطائفي ضد العرب السنّة، ولا حتى حزب الله سيواصل حكم لبنان بسطوة السلاح.

هكذا تعانق إيران بقيادة المحافظين “الاستكبار”، وذلك بدل أن تذهب نحو تسوية مع جيرانها العرب والمسلمين، لكن هذا العناق لن ينفعها، فالنزيف هنا، والصفقة ينبغي أن تكون هنا، فعالم اليوم لم يعد كما كان، وأمريكا والغرب اليوم ليسوا آلهة الكون، ولن يفرضوا على هذه الأمة أن تخضع لإيران أو تقبل بجنون تمددها، وهي ستواصل مقاومتها حتى تدرك إيران حقيقة أن عليها أن تجلس على الطاولة من أجل التوصل إلى صفقة ترضي الجميع.

متى سيحدث ذلك؟ لا ندري، والمؤسف أنه لم تتوافر إلى الآن أية مؤشرات على الرشد المأمول، ونأمل أن تتوافر في القريب، لأن المعاناة تطال الجميع بدون استثناء، فيما يستمتع أعداء الأمة، وفي مقدمتهم الكيان الصهوني بهذا الحريق المدمر لجميع أعدائهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
لترويج, الاستسلام, النووي, اتفاق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع اتفاق النووي .. زفة لترويج الاستسلام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محاولة لترويج التأويل الحداثي عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 10-19-2014 07:48 AM
اتفاق تاريخي حول ملف ايران النووي Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 11-24-2013 10:28 AM
الاستسلام والذل ...من العبادات القلبية عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 02-14-2012 08:45 AM
درس الاندماج النووي مهند علوم وتكنولوجيا 0 01-09-2012 02:28 PM
درس الانشطار النووي مهند علوم وتكنولوجيا 1 01-09-2012 02:25 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59