#1  
قديم 06-08-2015, 06:06 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة الانتخابات التركية وتأثيرها


الانتخابات البرلمانية التركية وتأثيرها على العالم الإسلامي
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(إياد جبر)
ــــــ

21 / 8 / 1436 هــ
8 / 6 / 2015 م
ــــــــــــ

الانتخابات التركية وتأثيرها 807062015010822.png

حينما وصل حزب العدالة والتنمية إلى البرلمان عام 2002، كانت العلاقات التركية مع العالمين العربي والإسلامي عند مستوى يقترب من الصفر، فهل تساهم نتائج الانتخابات البرلمانية الجارية في دعم تلك العلاقات وتطويرها؟ أم أنها مرجحة للتراجع في حال نجحت العقبات المختلفة التي تعترض مسيرة الحزب الذي يحمل صبغة إسلامية؟ وهل العلاقات العربية التركية باتت مرهونة بهيمنة حزب يوصف بأنه إسلامي، على الأغلبية في البرلمان التركي؟ وما هي الانعكاسات المحتملة للانتخابات البرلمانية التي أنطلق قطارها اليوم على العالم الإسلامي؟

تبدو الإجابة على تلك التساؤلات صعبة لكنها قد تكون محور حديث النخبة في العالم العربي، لذلك تحتاج الإجابة عليها قراءة متأنية للواقع التركي خلال السنوات الأخيرة.
من نافلة القول أن النجاح الذي حققه حزب العدالة والتنمية في تثبيت الدولة المدنية بعد التخلص من سطوة الجيش على الحياة السياسة ومن تم السياسة الخارجية التركية، كان له أثر بالغ الأهمية على علاقات أنقرة بالعالم الإسلامي، وفي نفس الوقت لم يكن حجم الانجازات السياسية والاقتصادية والثقافية جراء انفتاحها على المنطقة محل رفض داخل المجتمع التركي، خاصة وأن الجزء الأكبر منه هم من المسلمين.
لكن ربط الانفتاح التركي على العالم الإسلامي، بحزب العدالة والتنمية فقط يظل محل شك، لأنه لا يعتبر جزءاً من الإسلام السياسي رغم أن مؤسسيه ملتزمون دينيا، بحكم انتمائهم إلى حزب الرفاه الذي أسسه نجم الدين أربكان عام 1970، لكنهم خرجوا من الحزب بعدما طوروا أفكارهم واختاروا أن يشكلوا حزبهم المستقل، فأصبح حزبهم الحالي يضم المحافظين في تركيا بكافة أشكالهم، وطبقا لاستطلاع للرأي أجري في سنة 2009. فإن الذين يعتبرون أنفسهم إسلاميين من أعضاء الحزب لا تتجاوز نسبتهم 27٪، أي أكثر من ربع الأعضاء بقليل، أما الباقون فهم إما مواطنون مستقلون محافظون أو كانوا أعضاء في أحزاب إسلامية أخرى.

فإن الحديث عن إمكانية تراجع العلاقات العربية التركية على المستويين القريب والمتوسط في حالة أي تعثر وارد لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات أمر من الصعب تصوره، لأن محددات تلك العلاقات لم تعد مرهونة بحزب سياسي بقدر ما هي مرتبطة بمجتمع بأكمله، كان ومازال لم يحقق أي نجاح على مستوى تطوير علاقاته بالدول الأوروبية أثناء سيطرة الجيش على السياسة التركية، فكان للعالم الإسلامي مفعول ***** على الاقتصاد التركي والدور السياسي والثقافي لهذا البلد، وما يعزز من صدقية هذا القول، ذلك الحضور المهم والأساسي لملفات المنطقة العربية في الحملات الانتخابية للأحزاب التركية، لاسيما القضية الفلسطينية والملفين السوري والعراقي.
فالمتتبع للحملات الانتخابية لتلك الأحزاب على اختلاف أيديولوجياتها، سيلاحظ أن العالم الإسلامي قد أصبح جزءاً أصيلاً منها، فحزب العدالة والتنمية بطبيعة الحال أكد عبر داوود أوغلو على "وقوف تركيا إلى جانب المضطهدين في المنطقة والعالم، مشيراً أن هناك من يسعى لمعاقبة تركيا على خلفية وقوفها إلى جانب المظلومين، لافتاً أن البعض لا يريد لتركيا أن تدافع عن فلسطين، سوريا، ومصر، بل يريدون لها أن تبقى منغلقة على نفسها، وأن تنشغل بمشاكلها".

في هذه الأثناء حاول حزب الشعب الذي يقوده كمال أوغلو أن يستغل الملف السوري لصالح حزبه من خلال تركيزه على أعداد السوريين الذي بلغ نحو مليون و700 ألف، وما لذلك من تأثير سلبي على الاقتصاد التركي، لكنه وعد بجهود سيبدلها حزبه لتحقيق السلام في سوريا.
حتى وان كانت تصريحات رئيس حزب الشعب رافضه لوجود اللاجئين السوريين في الأراضي التركية، إلا أنها تصريحات انتخابية تهدف إلى إرضاء شرائح معينة من المجتمع لكسب أصواتهم في الانتخابات، لأن التاريخ يقول أن لتركيا عمق تاريخي في استضافة اللاجئين والهاربين من الحروب والاضطهاد بغض النظر عن الحزب الحاكم، فسبق وأن استقبلت نحو مليون ونصف عراقي ومئات الآلاف من البلقان والشيشان حتى عندما هرب اليهود من الأندلس تم استقبالهم في تركيا. لكن مجرد استخدام ملف سوريا في الانتخابات من قبل تلك الأحزاب يؤكد على الحضور المهم للعالم الإسلامي في الانتخابات لأن هذا لملف له تأثير على المجتمع التركي بكافة توجهاته السياسية.
لكن حجم الإنجاز الذي تحقق على صعيد العلاقات التركية مع العالم الإسلامي بفضل الجهود التي بذلت من قبل حزب العدالة والتنمية خلال العقد الأخير، أمر لا يمكن إنكاره، كونه أسس لمصالح لا يمكن تجاهلها وإن كان العامل الديني قد لعب دور كبير في نجاحها.

على ضوء الأحداث التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط، وتراجع الدور التركي قليلاً بعد عزل الإسلاميين في مصر، وما ترتب عليه من تقزيم نفوذها في المنطقة، وعجزها في نفس الوقت عن مواجهة المخاطر المحدقة على حدودها مع سوريا والعراق، إلا أن التقاء مصالحها مع العالم الإسلامي تعززت من جديد بعد المصالحة الخليجية الداخلية وما صاحبها من تغول شيعي في المنطقة، مما جعل طموحاتها السياسية تبدو أكبر، لأن تخوفها من مواجهة الأزمات في سوريا والعراق لم يدم طويلاً، خاصة وأن مبررات أي تدخل تركي في هذين البلدين باتت حاضرة وغيرة مستهجنة عربياً وإسلاميا، لأنها ستكون في إطار المحور السني.
لذلك فان اجتياز حزب العدالة والتنمية للانتخابات البرلمانية سيعزز من تحرك تركيا ليكون لها دور جديد في المنطقة على الأقل في العراق وسوريا, خاصة وإنها كانت قد شرعت مؤخراً بإنشاء قاعدة عسكرية للتدريب في قضاء الشيخان شمال غرب مدينة الموصل. كما أن تصريح وزير الخارجية التركي في 25 مايو الماضي الذي قال فيه، أن تركيا اتفقت مع الولايات المتحدة على تقديم دعم جوي تركي لبعض فصائل المعارضة السورية، جاء ليؤكد على أن ذلك الأمر لم يتحقق إلا في إطار التقارب السعودي التركي، ولا شك أن ملامح هذا الدور الذي ستضطلع به تركيا الجديدة في الشرق الأوسط، سيكون أكثر وضوحاً بعد اجتياز الانتخابات البرلمانية.

في الختام، من المرجح إن النتائج المحتملة للانتخابات البرلمانية سيكون لها انعكاساتها على العالم الإسلامي بأشكال مختلفة، لكن أغلب الظن أنها لن تخرج عن إحتمالين:
الأول: في حال فوز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية المريحة، يمكن أن يعزز من الدور التركي في العالم الإسلامي، لأنه على الأرجح سيأتي في إطار المحور السني ودورة في ترتيب الوضع في سوريا والعراق، كما أن كسب التعاطف العربي مع هذا المحور سيتعزز من خلال معارضته لسياسات الكيان الصهيوني في المنطقة، خاصة وأن توجهات هذا المحور تتجه نحو تقويض المساعي الإيرانية في المنطقة.
الثاني: وفي حال فوز حزب العدالة والتنمية بنسبه غير مريحة واضطراره للدخول في ائتلافات مع أحزاب أخرى، وهو أمر يبقى وارد، يمكن أن يترتب عليه نوعاً من الجمود على مستوى السياسية الخارجية التركية تجاه العالم الإسلامي، لأن قدرة الحكومة الجديدة على التحرك الخارجي سيكون محدود لأسباب داخلية، مما يقلل من فرص احتمالات التدخل التركي في سوريا، لكن المصالح الاقتصادية والثقافية بين تركيا والعالم الإسلامي من الصعب الحديث عن تأثرها في كل الحالات لأنها تمثل مصلحة تركية قبل أن تكون عربية، كما أن الحديث عن محور سني تدعمه تركيا سيبقى محل شك.

-----------------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الانتخابات, التركية, وتأثيرها


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الانتخابات التركية وتأثيرها
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الانتخابات الرئاسية التركية عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 08-10-2014 06:47 AM
العولمة وتأثيرها على العمل المصرفي الإسلامي عبدالناصر محمود بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 05-07-2014 07:41 AM
وسائل الاتصال الحديثة وتأثيرها على الأسرة عبدالناصر محمود الملتقى العام 0 06-08-2013 09:34 AM
العوامل المضافة للغذاء وتأثيرها على حياة الناس Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 03-05-2013 02:50 PM
وسائل الاتصال الحديثة وتأثيرها على الأسرة Eng.Jordan الملتقى العام 0 01-18-2013 10:40 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:40 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59