#1  
قديم 06-30-2013, 11:16 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي دراسة في بعض أسجاع العرب الاجتماعية




شَعْرَنــة الحياة:




د. عبدالله بن سليم الرشيد
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كلية اللغة العربية- قسم الأدب

مدخل:
في نثر العرب آثار لم يُلتَفت إليها، مع كثرة ورودها في كتب المتقدِّمين، وتردُّدِ أغلبها على الألسنة، ولم يُخضِعها أحدٌ - فيما أعلم- للدراسة الأدبية؛ لأنّها ليست كثيرة، وللجهل بقائليها، وتباعد معانيها في الظاهر، واختلاف مناسباتها.
ومن هذه الآثار أقوالُ ساجع العرب في الأنواء، وهي شائعة مشتهرة، وأقوالُ العرب في أحوال القمر، وأسجاعٌ أخرى أنطقت في بعضها العربُ ما لا ينطق.
وهي أقوال لا يُعرف لها قائل، ولا حُقِّق زمن قولها، لأنَّها متداولة في معجمات اللغة وكتب المعاني، والأغلب أنَّها ممَّا قيل في زمن مبكِّر.
وقد رأيت اتخاذها مادة لهذا البحث، مُدخلاً في نطاقه بعض النصوص النثرية التي لم تُنسَب إلى قائل معيَّن، بل تأتي في سياق (قالت العرب), أو (العرب تقول)، شريطة أن تكون مسجوعة.
وقد وصفتُها بـ (الاجتماعية)؛ لوثيق علاقتها بأحوال المجتمع العربي، من حيث إنّها تصوِّر أنماطاً من التفكير، وألواناً من وسائل العيش، وطرق التواصل.
وقد جعلت هذه الدراسة في أقسام أربعة، بادئاً بدراسة ما قيل في الأنواء، مثنِّياً بدراسة أسجاعهم في أحوال القمر، مُردِفاً بدراسة أسجاع على ألسنة الحيوان، ثم بدراسة أسجاع أخرى متفرِّقة، خاتماً ببيان ما يجمع بين هذه الأسجاع من حيث المعاني والأداء.
1- أقوال ساجع العرب في الأنواء:
1-1 قال أبو حنيفة الدينوري مبيِّناً أسباب ما قالوا من السجع في الأنواء، رابطاً إياه ببعض أحوالهم: "وقد سَجَعَت العرب في النجوم أسجاعاً بما أدركوا من طول تجربتهم، أحكم علمَها الماضي، وقد ورِثَها الباقي، فسارت متواترة محفوظة، وهي من أشدِّ الأمم تفقّداً لذلك وعناية به؛ لأنَّ جُلَّهم قُطّانُ بَوادٍ...تُبّاعُ غيث، قليل على غيره تعويلُهم، فأبصارهم إلى السماء طامحة، وبنواحيها مُوَكَّلة، يطبِيهم البرقُ إذا لمع، والغيث إذا وقع، والماء إذا نقع، ويُظعِنُهم الحرُّ إذا وهَج، ويُجهِدُهم البردُ إذا ركد، فهم بين نجعة وحضور، لهم في كلِّ ريح تُهب، وكوكب يطلع، ونجم ينوء، أمرٌ مُسْهِر أو مُنِيم"([1]).
وفي كلام بعض اللغويين على هذه الأسجاع لهجة تُعلِي قيمتها، وتُبرِز ما تنطوي عليه من قِيَم في المعاني والأداء، يقول الأبهري: "واشتدَّت عنايتهم بما يحدث في الجو من حرّ وبرد ومطر، وما يتجدَّد في الأرض من طلوع نبت وبلوغه، وهَيْجه ويُبْسه، وما يلزم من العمل والسعي... فوصفوا ذلك عند طلوع كل نجم، بكلام مسجَّع، يأثِره قرن عن قرن، ويرويه فيما بينهم خلَف عن سلَف، ويدرسونه حتى يعرفه الصغير والكبير، وفيها غريب ومعانٍ تدخل في اللغة، لا يعرفها إلا العلماء بها"([2]).
1-2 ويستوقف الناظر في هذه الأسجاع, أنَّ من روَوْها نسبوها إلى (فقيه العرب)، وأحياناً إلى (ساجع العرب).
وفي التعبير عن قائلها أو قائليها بـ (فقيه) تنويهٌ بما حوت من المعاني الدّقاق، التي يحتاج الناس إلى معرفتها، فليس القائل امرأ لا يدرك مواضع القول ومعانيه، بل هو (فقيه)، ينبغي أن يُؤخذ كلامه مأخذ التسليم.
أما التعبير عنه بـ(الساجع)، ففيه التفات إلى الأسلوب أو النمط الذي اختير لتكون منسوجة عليه؛ لأنَّها مسجوعة، وتكاد بعض جملها تكون شعراً.
1-3 إنَّ هذه الأسجاع التي تتناول الأنواء، توجز ما يقع من تغيُّرات في الجو، وما يتبع ذلك من اختلاف في التعايش معها، حتى إنَّها تشمل بعض ما يتعلَّق بالمأكل والمشرب والملبس والمنام.
وإذا صحّ حكم الساجع على مظاهر الطبيعة لأنها ليست مما يُخلِف في العادة، كقوله: "توقَّدت الحِزَّان"، و"لم يبقَ بعُمانَ بُسرة، إلا رُطَبة أو تمرة"، و"حسرت الشَّمسُ القناع، وأشعَلت في الأفقِ الشُّعاع، وترقرقَ السرابُ بكلِّ قاع"؛ فأحكامه على تصرُّف الناس واختلاف سعيهم في معاشهم، أو تدبيرِهم لأمور حياتهم لا يعني تحقّقَ ذلك، بقدر ما هو وصايا ونصائح للتكيُّف مع تقلّبات الجوّ، فقوله: "إذا طلع النجم، اتُّقِيَ اللحم" نصيحة واضحة, وإن لم تكن مباشرة، ومثلها: "تُخُوِّفت السيول".
ثم يعمد الساجع إلى أمر آخر قد لا يكون ذا صلة وثيقة بالأنواء وتغيّراتها، وهو تقويم طباع الناس، بمدح العمل الحسن وذمّ السيئ ضمناً:
"إذا طلع الشرَطان, استوى الزمان, وخضِرت الأغصان، وتهادت الجيران"([3]). فهو هنا ينعت ظواهر طبيعية، ويُلحِق به ما يُحَسِّن الحياة في نظره: "تهادت الجيران"، وهو بلا شك مرتبط بواقعهم؛ لأنَّ أحوالهم حينئذ تحسُن، فيمكنهم التهادي.
ومثل هذا قوله: "إذا طلعت الطرفة، بكَّرت الخُرْفة، وكثُرت الطُّرْفة، وهانت للضيف الكُلْفة"، فما هذه الجملة الأخيرة – مع انطوائها على البُشرى- إلا حثٌّ على إكرام الضيف الذي له في أدبياتهم شأن معروف، أمَّا قوله: "إذا طلع السِّماك، ذهب العِكاك، وقلَّ على الماء اللِّكاك"، فهو أشبه بالنصح والتقويم للسلوك، إذ يحثّ على إقلال الازدحام على الموارد. وأقول مثل هذا عن قوله: "قصُر النهار للصائم"؛ إذْ يوحي بالحثِّ على انتهاز فرصة قصر النهار بالصيام فيه.
والتوجيه المباشر في هذه الأسجاع قليل جداً، فلم يأتِ إلا في نصٍّ واحد هو قوله: "إذا طلعت الزُّبانى، أحدَثتْ لكلِّ ذي عيالٍ شانا... فاجمع لأهلك ولا تَوانى([4])". ولعلّ هذه الصّراحة في التوجيه هي التي جعلت قوله: "إذا طلع النجم، اتُّقِيَ اللحم، وخِيفَ السُّقْم" يُنسَب لـِ "بعض أطباء العرب"([5]).
والساجع يعمد في الغالب إلى الشدائد فيحذِّر منها، ويُلفتُ الناس إلى الاستعداد لها. ويقلّ في سجعاته ذكر الخصب والنعمة؛ لأنَّه موقنٌ بحاجة الناس إلى التعريف بالطارئ المُقلق، والإعداد له، أكثر من حاجتهم إلى تعريفهم بما ينعمون فيه.
وأقواله موجزة مكثَّفة، فهو يُومئ إلى المعنى إيماءً، ويدلّ ببعض ما يذكر على آخرَ غيره، فقوله مثلاً: "فلا تغْذُوَنَّ إمَّرةً ولا إمَّرا" مخصوصٌ في ظاهره بالإمَّر([6])، ولكنه يريد "جميع الغنم، وخصَّ الضأن؛ لأنَّها أعجز عن الطلب من المَعْز، والمعْز تدرك ما لا يدرك الضأن"([7]). وقوله: "لولا نوء الجبهة، ما كان للعرب رفهة" فيه إيجاز لمعانٍ كثيرة، فنوء الجبهة هو أنفع نجوم السماء, بإذن الله، فمطره نافع للأرض([8])، والرِّفهة, تشمل الرِّفْه في المأكل والمشرب والملبس ومرعى النَّعَم وغيرها.
وهذه المعاني التي جاءت في كلام الساجع مؤيَّدة ببعض الشعر والرجز، فلبعضهم مثلاً:
إذا سُهيلٌ مغربَ الشمسِ طلعْ فابنُ اللبونِ الحِقُّ والحِقُّ جَذعْ([9])
وفي الخراتَيْن وغيرهما قال الرّاجز:
إذا رأيت أنـجماً من الأسد جبهتَه أو الخراةَ والكـتَدْ
بال سهيلٌ في الفضيخ ففسدْ وطاب ألبانُ اللِّقاحِ فبـردْ([10])
ما يعني أنّها معانٍ شائعة متداولة، يأثِرها خلف عن سلف.
1-4 أشار البلاغيون إلى أنَّ للمعاني ألفاظاً تشاكلها([11])، وهو ما يصدِّقه كثير من هذه الجمل، فقد ساير اللفظُ المعنى في هذه السّجَعات، واشتدَّ وقع الألفاظ مع اشتداد المعاني، ورقّ لرقَّتها، مثلما نجد في قوله: "إذا طلع النجم، فالحرُّ في حدْم، والعُشب في حطْم، والعانات في كدْم"، ذلك أن نطق هذه الألفاظ وانسيابها (حدم، حطم، كدم) ليس مثل رِقَّة الألفاظ الماثلة في قوله: "إذا طلع سعد السعود، نضر العود، ولانت الجلود، وكُرِه في الشمس القعود"، ففي النَّصِّ الأخير امتداد في النفَس، يوفّره المدُّ عند التلفّظ بـ (العود، الجلود، القعود)، وهو امتداد نفَسِي مريح لناطقه، يتماهى مع ارتياح القائل للمعاني التي يتغيّاها.
ولكن امتداد النفَس بالمدود لا يؤدي إلى راحة المتكلِّم إذا اشتمل النصّ على ألفاظ ليست كذلك، مثلما أجد في قوله: "إذا طلع الإكليل، هاجت الفحول، وشُمِّرت الذيول، وتُخُوِّفت السيول"؛ ذلك أنَّ الأفعال التي تواترت فيه (هاجت، شُمِّرت، تُخُوِّفت)- وبخاصة الأخيران اللذان بُنيا للمجهول، فلم يكن التلفّظ بهما سلِساً- هذه الأفعال اعترضتْ سبيل المدود، فعكَّرت ما توفِّره من راحة للنفَس؛ فكان ذلك أوفر لدقّة التعبير عن المعاني.
ومن مظاهر دقَّة التعبير مجيء التصغير في قوله (طلع النجم غُدَيَّة), فقد صغَّر الوقت قصداً؛ لأنَّ الحَرَّ يحتدم من أول طلوع الشمس([12])، وكذلك التعبير بالفعل (وحوح) في قوله: "وحوح الوِلْدان"، فتكرار الواو والحاء يُشاكل ما يُسمَع منهم عند تشكّي شدة البرد. وهذه الدقَّة تؤيِّد وجهة النظر التي رأت أن الأدب القديم – وبخاصة ما كان شفويّاً- كان أكثر توفيقاً في معالجة اللغة([13]).
وجرس الألفاظ في الغالب مناسب للمعاني، فالنصّ المذكور سلفاً: "إذا طلع النجم، فالحرُّ في حدْم..."، احتوى (الدَّال)، وهو حرف انفجاري مجهور، و(الحاء والرّاء والعين)، وهي أحرف مجهورة، وجاء تركيب الألفاظ مناسباً لكلمة (النجم) إيقاعياً، وهو ما سمّاه بعض القدماء (تعادل الوزن)، وهو مستحسن في نظرهم ومطلوب([14])، وقد تمثّلت فيها الشِدَّة المرادُ التعبير عنها، فالألفاظ فيه تابعة للمعاني، وهو ما اشترطه بعض البلاغيين للحكم على السجع بالجودة والإحكام([15]).
وقد حمل المتن اللغوي في أغلب هذه الأسجاع إحساس الإنسان بما في الكون من قوة وطاقة، يعجز تجاهها([16])؛ ففيها تعبير بصيغ تدلّ على وقوفٍ حائرٍ لا يستطيع إلا التسليم بالأمر، مثل: "نشف الثرى، وأَجَن الصَّرى"، و"اقشعَرَّ السَّفْر"، و"اشتدّ الزمان"، و"أعجلت الشيخَ البوْلة، واشتدَّت على العيال العَوْلة". إنَّ كلَّ هذه التغيرات تُظهِر عجز الإنسان وضعفه؛ إذ إنَّه يجد بعض آثارها في ماله بل في نفسه، فلا يستطيع إلى دفعها سبيلاً.
1-5 وحيث إنَّ الساجع محكوم بكلمات لا بدَّ أن يبنيَ عليها أسجاعه، كان مجال الانتقاء عنده ضيِّقاً، إذ ليس هو كمن يبتدئ الكلام بما شاء من الألفاظ.
ثم إنَّه بعد ذلك محكوم بمعانٍ لا بُدّ أن يحيط بها، ويستوعبها، فهي مستحوذة على اهتمامه. والاضطرار إلى المعاني في البلاغة أشدُّ منه إلى الألفاظ([17]).
ومن ثَمّ كانت البراعة في الصياغة المسجوعةِ، المحُوطة بما ذُكر، الملزوزةِ في قرَن، كانت أظهرَ، ودلالتُها على تمرّس الساجع بفنون القول والمهارة الفنية أكبر.
وبناء هذه الأقوال على السجع المتكلَّف لا يقدح في قيمتها؛ مثلما لا يقدح تكلُّف الوزن والقافية في الشعر([18])، ذلك أنَّ المقاصد التي يريدها القائل تجعل السَّجع أساساً في كلامه. و"السَّجع من مميِّزات البلاغة الفطرية، فهو في أكثر اللغات يجري باطِّراد في الحِكَم والأمثال"([19])، وقد عُرِف ميل الأذواق العربية إليه منذ الجاهلية([20])، فهو هنا متَّصلٌ بما عُرف به كثير من النثر العربي. وهو منهج في بناء الكلام، رأى بعض الباحثين أنه يُورث المهابة، ويحفظ السيرورة، وأنه مظهر من مظاهر الافتتان بالقول([21]).
وغالب سجعاته جاءت منسابة مع السياق الذي هي فيه، ولم يُضطرَّ لتغيير كلمة، إلا كلمة (الطَّرْف)([22])، فقد جعلها (الطَّرْفة)؛ ليستوي له السجع([23]).
1-6 وقد وُفِّق الساجع إلى استثمار ألفاظ الأنواء في بناء ألوان من البديع، كالمجانسة بين (الطَّرفة) و(الطُّرْفة)، و(الهقْعَة) و(الفقعة)، و"جاء الشتاء كالكلب، وصار أهل البوادي في كرْب" ، ولزوم ما لا يلزم، مثل: "إذا طلعت الطَّرْفة، بكَّرت الخُرْفة، وكثُرت الطُّرْفة"، و: "إذا طلعت البلدة، زَعِلت كلُّ تُلْدة".
ويُلحَظ غيابُ فنَّيْن من البديع كثيرَيْ الورود في كلام العرب، وهما الطباق والمقابلة، فليس في هذه الأسجاع شيء منهما، والعلّة في نظري بادية، وهي أن ألفاظ كلِّ نص قيل في نوء من الأنواء تأتي غير متضادَّة، لأنَّها تخدم معنىً واحداً في الغالب، فما قيل في نوء الشَّوْلة – مثلاً- كلُّ جمله يفيد معنى اشتداد البرد، وما قيل في سعد السعود يفيد معاني طيب الزمان: "ذاب كلُّ جمود، واخضرَّ كلُّ عود، وانتشر كلُّ مَصْرود".
1-7 تسيطر على هذه الأسجاع الجُمل الفعلية، وشذَّ عنها أسجاع ثلاثة في طلوع النجم (الثريا): "إذا طلع النجم، فالحرُّ في حدْم، والعُشب في حطم، والعانات في كدْم". "إذا أمسى النجمُ بقَبَل، فشهرُ فتىً، وشهرُ حَمَل، وإذا أمسى النجمُ بدَبَر، فشهرُ نَتاجٍ وشهرُ مطر، وإذا أمست الثرَيّا قمّةَ راس، فليلةُ فتىً وليلةُ فاس"، وفي طلوع الدلو: "إذا طلعت الدَّلْو، فالربيع والبدو، والصَّيف بعد الشَّتو".
وإنما غلبت الجمل الفعلية؛ لأنها أسجاعٌ تنظِّم شؤون الناس، وتبيِّن لهم ما يفعلون في كل أوان، والجمل الفعلية مرتبطة بالحركة والتغيُّر، وما هذه الأسجاع إلا إيجاز لتغيّرات الأجواء وتبدُّل الأزمان، ما بين قيظ قائظ، وصيف لافح، وخريف جافٍ، وشتاء قارس، وربيع زاهر، فكان الانصراف إلى التعبير عن ذلك كلِّه بالأفعال أدعى للتوازن مع طبيعة الزمان المتغيرة، ومن أجل إيقاع الحقائق في النفوس.
إنَّ اللغة في هذه النصوص وأشباهها تتراءى في حال حياة وحركة([24])، من خلال الأفعال المتوالية، التي جاء الساجع بها على أنَّها حقائق واقعة، فيخبر بما سوف يقع، اعتماداً على التجربة، فما وقع سلفاً يتكرَّر خلفاً.
وهو يعبِّر عن كلِّ أحوال الزمان بالجملة الشرطية المبدوءة بـ (إذا)، ولهذا الحرف دلالة القطع بوقوع ما بعده([25])، فلا محيد له عن التعبير به؛ لأنَّ اختلاف الزمان وتتابع الأنواء وما يقع فيها أمر محتَّم.
على أن تلك الجمل الاسمية القليلة تحتوي معاني الحركة والمغالبة والتوتّر، فمعانيها تخدم الجوَّ العامَّ الذي تعبِّر عنه هذه الأسجاع.
1-8 استوقفني في تلك الأسجاع أنَّ البناء للمجهول يأتي للفعل الذي يقع من الناس: "جُنِيَ النخلُ بُكرة...ولم تُترك في ذات دَرٍّ قطرة"، "امتِيزَ عن المياه زُلفة"، "رُفع كيْل، ووُضِع كيلٌ وقَيْل"، "ضُرِب الخباء...وكُرِه العراء"، "شُمِّرت الذيول، وتُخُوِّفت السيول"، "أُكِلت القِشْدة"، "زُمَّت الأسقية"، "هِيبَ الجَزْو"، "اقتُضِيَ الدَّين"، "اتُّقِيَ اللحم، وخِيفَ السُّقْم".
أمَّا الفعل الذي لا يدَ للناس فيه، من حيث إنَّه ظاهرة طبيعية، أو سلوك من سلوك الحيوان, فهو مبني للمعلوم أبداً: "توقَّدت الحِزَّان، واستعرَت الذِّبّان، ونشَّت الغُدران"، "توقَّدت المـَعْزاء، وكنَسَت الظِّباء"، "حَسَرت الشمسُ القناع، وأشعلتْ في الأفق الشعاع، وترقرق السرابُ بكلِّ قاع"، "طاب الهواء"، "تربَّل النضْر"، "نضر العود"، "كثُر الثَّعْد"، "استوى الزمان، وخضِرت الأغصان"، "تزيَّنت الأرض كلَّ الزين".
وسرّ اعتماد المبني للمجهول فيما هو من عمل الإنسان, انطواؤه على شيء من التخويف في بعضها مثل: "وشُمِّرت الذيول، وتُخُوِّفت السيول"، إضافة إلى أن تشمير الذيول وتخوُّف السيول لا يقع من الناس كلهم، فناسب حينئذٍ أن يكون الفاعل مجهولاً. وقوله:(زُمَّت، هِيب،...) هو أدعى لإيقاع الهيْبة والتوجّس، والحضّ على الاستعداد، وهذا ممَّا قصد إليه الساجع، فهو إذ يقول (زُمَّت) يريد (زُمُّوا)، وإذ يقول: "شُمِّرت الذيول، وتُخُوِّفت السيول" يريد (شمِّروا.. واحذروا).
ومن دواعي العدول إلى المبني للمجهول كونه أكثر تحقيقاً للإيجاز الذي تمتاز به تلك الأسجاع.
أمَّا البناء للمعلوم في مثل: "حسرت الشمسُ القناع، وأشعلتْ في الأفق الشعاع، وترقرق السرابُ بكلِّ قاع", فهو أمر حتميّ الوقوع، لا يد للإنسان فيه، ولا بدّ فيه من ذكر الفاعل؛ دفعاً للتوهّم، فلو قال مثلاً: (أشعِل الشعاع)؛ لالتبس المراد به، فهل هو شعاع الشمس، أو هو شعاع يشعله البشر؟، ثم إنَّ التصريح باسم (الشمس) في هذا السياق مهمٌّ جداً؛ لعلاقتها الشديدة بما يطرأ على المناخ من تغيّر.
1-9 كان ممَّا اشترطه ابن الأثير للكلام المسجوع "أن تكون كلُّ واحدة من الفقرتين المسجوعتين دالةً على معنى غير المعنى الذي دلَّت عليه أختها"([26]). وهذا هو ما توافر في هذه الأسجاع، فإنَّ كلّ جملة تضيف معنى جديداً في الغالب، فقوله: "إذا طلعت الدَّلْو، هِيبَ الجَزْو، وأنسَلَ العفو، وطلب الخِلْوُ اللهو", أفاد أموراً ثلاثة، أمراً يتعلق بالنبات، وثانياً يتعلق بالحيوان، وثالثاً يتّصل بالإنسان. وقد استغرق هذا التعبير الموجز أهمَّ مكوِّنين من مكوِّنات البقاء في حياة الإنسان.
وبعضها هو نوع من الإطناب، كقوله: "إذا طلع القلب، جاء الشتاء كالكلب، وصار أهل البوادي في كرْب"، فالجملة الثانية (وصار...) هي ضربٌ من الإطناب؛ فقد أفادت الجملة التي قبلها معنى اشتداد البرد.
1-10 يبدو لقارئ هذه الأسجاع ما تختزنُ من صور فنية، أغلبها صورٌ حقيقية، تمثُلُ من خلالها صورة المجتمع العربي- أو جزء منه على الأقل- في أحوال الكرب والجدب، والنعيم والخصب، ولكنها تحوي إلى ذلك صوراً تُوُسِّل في تركيبها بضروب من البيان، أبرزها الاستعارة، مثلما في قوله: "جرى السرابُ على الأكْم"
"حسرت الشمسُ القناع"
"وقيل للبرد: اهْدَه"
وهي استعارات يشي بعضها بما أوتي الساجع من قدرة بيانية، فقد شخَّص المعنويات في بعض هذه الأمثلة، واستقام له التعبير غاية الاستقامة حين جعل الناس - لِشدَّة ما يعانون- يناشدون البرد: اهدَه.
إنَّ الاستعارة توفِّر "تلاقياً بين سياقين ودلالتين، فالكلمة المستعارة من محيط بعيد عمَّا يجري في السياق الأساسي لا تنفصل دلالتها وتتحول، بل هي تحمل ظلال السياق القديم، وتكتسب من هذا الإطار الدلالي الجديد، فتغدو كلمة جديدة"([27])، وأضرب المثل باستعارة الساجع الفعل (تزيَّن) في قوله: "تزيَّنت الأرض كلَّ الزين"، فقد جاء به من محيط أنثوي؛ لأنَّ الغالب فيه أن يُستعمل مع النساء، فهنَّ في الغالب ذوات الزينة. واستعارته إياه لما حفلت به الأرض من مظاهر الربيع صرَّح بالمعنى المراد في سياقه الجديد، ولم يفارق ظلال سياقه الأول، فالأرض وربيعها عند العربي هي الحياة، مثلما تُعدّ المرأة جزءاً مهمّاً من الحياة أيضاً. والجِدَّة هنا في صبغ الأرض بصبغة أنثوية محبَّبة.
وكذلك استعارته (توقَّد) في قوله: "توقَّدت المَعْزاء"، فقد كانت ناجعة في إسباغ صفة جديدة على (المَعزاء) - وهي الأرض الصلبة-، إذ تتمثَّل للسامع ناراً تلهَّب، لا حجارة.
ومن التشبيهات النادرة في هذه الأسجاع قوله: "جاء الشتاء كالكلب"؛ واختيار الكلب للتشبيه موفّقٌ؛ لصلته بحياتهم ومعرفتهم بطبائعه، وبخاصة حين يكون ضالاًّ مُصْحِراً، والبرْد يزداد قسوة وشدّة في الصحراء. وجذر (ك ل ب) تجتمع فيما يُشتقُّ منه معاني الشِّدَّة والجهد والإلحاح، ومنها الكلَب، وهو اشتداد البرْد([28]).
وأكثر أقوال الساجع تعتمد الكناية، مثل: "وجعل صاحب النخل يرى"، مكنِّياً عن إطلاع النخل، فصاحبها يرى الثمرة وقد كبرت، و"جُنِيَ النخلُ بُكرة"، وإنما يُجنى بُكرة فراراً من الحر([29])، "ورمتْ بأنفسها حيث شاءت الصبيان"، كناية عن طيب الهواء وانكسار البرد، "وتلاقت الرعاء بالنمائم"، قيل في شرحها: "لأنهم حينئذ يفرغون، ولا يشغلهم رعي، فيتلاقون ويدسُّ بعضهم إلى بعض أخبار الناس"([30]).
وهذه الصور الفنية مكتملة العناصر، فهي مستقاة من عالم حسِّي، "ابتغى الراعي شُكَيَّة"، "نشَّت الغُدران"، "عرِقت العِلْباء". ولا شكَّ في أنَّ "الصور الحسِّية التي تعبِّر عن موقف إنساني عام هي أكثر الصور تأثيراً"([31]). وأكثرها يعبِّر عن الطبيعة البدوية الغالبة على العرب، فالألفاظ مشتقة من تلك البيئة، وصادرة عنها.
وهي وثيقة الصِّلة بعالم نفسي يعيشه الساجع، وما تلك الجمل التي تحوي توجيهاً إلا ترجمة لآراء الساجع في الحياة والناس.
والانفعال ظاهر فيها، فقوله مثلاً: "تنازَت السَّفَهَة، وقلّت في الأرض الرُّفْهَة", يعبِّر عن انفعال الساجع تُجاه بعض ما لا يرضى من واقعه في الجملة الأولى- واختيار لفظ (السفَهَة) مؤذنٌ بهذا - وانفعالٍ نفسيٍّ آخر تُجاه ما يرى الناسَ عليه من الضيق وقلّة المتَع في الجملة الأخرى. وقوله: "وصار أهل البوادي في كرْب", تعبير دقيق عمّا يقاسيه أهل البوادي عند احتدام البرد، وقد عبَّر عنه بصورة فنية تترجم ذلك التفاعل الذي يعيشه الساجع مع قومه.
أمَّا القيمة, فهي متمثِّلة في إعطائها صورةً كاملة عن أحوال العرب مع تقلُّب أجوائهم، ويمكن عدُّ أسجاع الأنواء – مجتمعةً- صورةً كلِّيّة، أشبهَ بلوحة فنية، تُوجز أحوال العرب في معايشهم وسُبُل تكيُّفهم مع بيئتهم، وما يطرأ عليها من تغيرات.
وقيمة الكناية بخاصة – وهي الغالبة على الأسجاع- تتجلّى في ثنائية الدلالة، لأنَّ اهتمام القائل - والسامع من بعدُ- يصل إلى الزاوية المؤثرة في كيان التجربة([32])، وهي التي يكون الإلحاح عليها، والعناية بها، فقوله مثلا: "وصار في الأرض لُمَع", كناية لطيفة عن العشب، جنح من خلالها الساجع إلى إحداث هِزّة الطرب بالفأل؛ لأنَّ نبات العشب والتماعه هو من أكبر مظاهر استمرار الحياة عندهم.
1- 11 ما الذي دعا العرب إلى أن يجعلوا كلامهم على هذا النحو من الاتِّساق والإيجاز؟, ولِمَ آثروا أن يكون تقييد المعارف محكوماً بتلك الصياغات؟
إنَّه الحاجة إلى نقل التجارب أوَّلاً، ذلك أن تعاهُد المعاني بصياغة موجزة واضحة موقّعة أدعى إلى بقائها على الألسن، وانتقالها من جيل إلى جيل، والعمل بمقتضاها.
وهذا القصد مشهودٌ له بالتحقُّق، وهو قصدٌ صرّح به بعض البلغاء، فعبد الصمد الرقاشي, يُسأل: لِمَ تُؤْثِر السجع على المنثور، وتُلزِم نفسك القوافي وإقامة الوزن؟([33])، فيقول: "إنَّ كلامي لو كنت لا آملُ فيه إلا سماع الشاهد، لقلَّ خلافي عليك، ولكني أريدُ الغائبَ والحاضر، والراهنَ والغابر، فالحفظُ إليه أسرع، والآذانُ لسماعه أنشط، وهو أحقُّ بالتقييد، وبقلَّة التفلُّت، وما تكلّمت به العرب من جيِّد المنثور، أكثر مما تكلّمت به من جيِّد الموزون([34])، فلم يُحفَظ من المنثور عُشْرُه، ولا ضاع من الموزون عُشْرُه"([35]). وهذا القول صريح الدلالة على أنَّه كان يُنظَر إلى الكلام المسجوع نظرة تقدير([36])، وأنَّ السجع عنصر كريم في بلاغة العرب([37]).
ثم إنَّهم حريصون على أن يظلَّ للكلمة سحرها وبريقها في أبنائهم وحفدتهم، فهم يُعنَون بها في سياقها العام وسياقها الخاص، لإدراكهم قيمة البيان والبلاغة.
فأمَّا السياق العام, فلأنَّها تخدم طبيعة البيان العربي، من حيث إيثارُ الجزالة والفخامة، وتلوينُ القول بكلِّ ما يُقتدر عليه من ألوان البلاغة.
وأمَّا السياق الخاص، فلأنَّ فيها ما يسِمُها بِمِيْسَم ذي صبغة مائزة، فهي تدور في فلك تنظيم الحياة، وإيجاز متطلباتها المعيشية، وألفاظُها وتراكيبُها تشي بخصوصيتها.
1-12 ليس الساجع في رأيي امرأ واحداً، ولم تصدر تلك السجعات عن لسان واحد، ولكنها أقوال تراكمت، ومرّت بقرون عدّة، فصقلتها التجارب، وهذّبتها المعارف المتجدِّدة، وأضيف إليها وزِيد فيها، بدليل أنَّه قيل في بعض الأنواء أكثر من نص، ولاختلاف الروايات في بعض النصوص، وفي بعضها ما يدلّ على تأخر زمنها؛ لأنَّها صارت أقرب فهماً، وأضحت لغتها ألين، مثل: "إذا طلعت الزُّبانى، فاطلب ما يكفيك زمانا، واستعددْ لشتائك ولا توانى"، ودخل في بعضها العامي مثل: (أحَبُّوا إلى الوليف الرجعة).
بل إنَّ بعضها حُوِّر ليكتمل إيقاعه فيُعَدَّ شعراً، فقوله: "إذا طلع النجم غُدَيَّة، ابتغى الراعي شُكَيَّة". غُيِّر بحذف (إذا), فصار بيتاً من مجزوء الرمل([38])، ومثله قوله: "إذا طلع النجمُ غُدَيّا، ابتغى الراعي سُقَيّا"، وقوله: "إذا طلع النجم عشاءً، ابتغى الراعي كساءً"، فقد حُذِفت منهما (إذا) كالأول. ثم زيد انزياحُ الأخيرة فصارت:
إذا الثريّا طلعت عشاءَ فبِعْ لراعي غنمٍ كساءَ([39])
وهذا الشعر المُستَولَد من ذلك النثر الفني يؤكِّد ما ذهب إليه الجاحظ من أن "الشعر حديث الميلاد"([40])، وكأنَّ الذي نثره ابتداءً كان يُضمِرُ أن يقوله شعراً، ولكنَّه كان في موقف ارتجال، فلم تسعفه القدرة أو القريحة على أن يأتي به موزوناً.
1-13 إسباغ الشعرية على الأساليب عند وصف التصرُّف في المعايش, يكاد يكون دأبَ جُلِّ العرب بادية وحاضرة، سأل عبد الملك بن مروان رجلاً من العرب: كيف علمك بالكواكب؟ فقال: لو لم أعرف منها غير النجم([41]) لكفاني:
إذا طلعت من المشرق حصدت زرعي
وإذا توسَّطت السماء جردت نخلي
وإذا سقطت في الغرب دفنت بذري
هذا تدبير معيشتي ([42]).
1-14 إنَّ هذه الأسجاع التي تحفظ مظاهر تغير الجو، بهذا النمط الموجز المكثّف، الذي يستغرق المعاني، ويفصِّل بعضها، هي- في رأيي- إرهاصٌ للمنظومات العلمية التي راجت بعد القرن الثاني؛ ويمكنُ عدُّها مهاداً وثيراً قدح فكرة النظم العلمي، ويسّر لها أن تنمو وتعظم فيما بعد.
2- القمر الشاعر:
2-1 التفت العرب إلى القمر ومنازله، فعبَّروا عنها تعبيراً شعرياً، كان فيه القمر في موقف من يُسأل عن أحواله، فيجيب إجابات فيها نفَسٌ شعري([43]).
فهو يصف حاله في كل ليلة، ويبيِّن مقدار بقائه في السماء، بأسلوب توافرت فيه خصائص التعبير اللغوي البليغ المحكم، الذي يُومئ إلى المعنى ويوحي به، ولا يجعله صريحاً مكشوفاً.
وهذه السجعات في أحوال القمر تعليم أو تدريب على البيان، فإنَّ بلاغة الإيجاز، وضروب البيان فيها يمكنُ أن تُعَدَّ أنموذجاً يُحتذى، وهل يبعُد أن يكون قائلها قاصداً هذا المقصِد؟
2-2 وتتماهى معاني هذا السجع مع معاني الإنسان نفسه وحياته، فالقمر – وهو ما أميل إلى أنه اتُّخِذ رمزاً للإنسان- في الليلة الرابعة عشرة يقول: "أغشى دُجُنَّاتِ السحاب"، والتعبير بالغِشيان يتوفّر على قدر كبير من الإيحاء بالقوة([44])، وهو ما يريده الساجع رمزاً للإنسان، فهو في منتصف عمره قوي شديد. ثم يقول في الليلة الخامسة عشرة : "تمَّ الشباب، وانتصف الحساب"، وفي إحدى لياليه الأخيرة يقول: "دنا الأجل، وانقطع الأمل".
2-3 لقد أحسن الواضع اختيار الألفاظ لمعانيه، فعمد إلى التصغير للدلالة على القليل في قوله "رضاع سُخَيلة، حلَّ أهلها برُميلة"، واستعمل لفظ (الخشوع) دالاّ به على مقدار النقص الذي أصاب القمر: "بطيء الطلوع، بيِّنُ الخشوع"، والاستعمال المجازي لـ (خشع) ثريٌّ بالمعاني، فهو يشمل الانكسار وخضوع البدن والصوت والبصر([45])، ففيه دلالة دقيقة على المراد.
وأوجز غاية ما يكون الإيجاز، وكلّ الأسجاع موجز، غير أن من أمثل النماذج على هذا هو قوله: "سِرْ وبِتْ"، وهو يريد "سرْ فيَّ وبتْ، فإنني أبقى بقدر ما يبيت إنسان ويسير"([46])، وقوله: "لا أطلع إلا ريثما أُرَى".
2-4 وألفاظ سجعات القمر شديدة الصّلة بالبيئة العربية (البدْويّة) في الغالب، كهذه الطائفة: (سُخيلة، رُميلة، خلِفات، دُلجة الضبُع، الجَزع)([47])، وسائرها وبخاصة ما قيل فيما بعد الليلة العاشرة تنعتق الألفاظ فيه من صلتها بهذه البيئة، وهذا ما يجعلني أميل إلى أنها ممَّا أُضيف في زمن متأخِّر، وقد نقل بعض العلماء أنَّه لم يُنقَل عن العرب فيما بعد الليلة العاشرة شيء([48]). فالعشر الأوَل على هذا أعرابية، وسائرها حضري.
2-5 والصور في هذه السجعات في الليالي الأولى ذات صلة وثقى, أيضاً, بالبيئة الصحراوية، على خلاف سائر ما في الليالي الأخرى. فالصور الأعرابية في قوله "رضاع سُخيلة"، و"دُلجة الضبع"، و"عشاء خَلِفات قُعْس" مباينة لهذه الطائفة من الصور: "قمرٌ باهر، يَعشَى له الناظر"، و"أسبق شعاع الشمس"، و"أطلع كالقبَس"، فهذه الثلاث الأخيرة صنعةٌ حضريّة. وهذا ما يثير السؤال: أكان بعض النتاج الفني عند العرب إبداعاً متراكماً صاغته أجيال متلاحقة؟ وهل يعني هذا أنَّ في أدبنا القديم ما يمكنُ عدُّه ملحمة لغوية, تضافرت في إنشائها وتنقيحها عقول وقرائح, تنتسب إلى بيئات متعددة؟
إنَّ ما وجدتُه في هذه الأسجاع يميل بالرأي إلى هذا، ولعلّ محاورة هذه النصوص بمنهج أحكم وأعمق يعطي جواباً فاصلاً.
3- الحيوان البليغ:
3-1 ذهب العرب مذهباً آخر في شعْرنة الحياة، فأنطقوا الحيوان بما يختصرُ رؤيتَهم للشدائد التي يعانون منها، فجعلوا البهائم التي تعيش معهم تجيب عن سؤال، وكأنّها في موقف اختبار، فقد قيل للعنـز: ما أعددتِ للشتاء؟ فقالت: "الذَّنَبُ ألوى، والاستُ جهوى"([49])، ويُروى: "يا عنـز، جاء القُرّ. فقالت: يا ويلي! ذنَب ألوى، واستٌ جهوى"([50])، وقيل ذلك للضأن، فقالت: "أُجَزُّ جُفالا، وأوَلَّدُ رُخالا، وأُحلَبُ كُثَباً ثِقالاً، ولن ترى مثلي مالا"([51]).
ويُروى بعض ذلك عن المعزى، فهي تقول: "العظمُ دُقاق، والجلدُ رُقاق، واستٌ جهوى، وذنَبٌ ألوى، فأين المأوى؟"([52]). وسُئل الحمار: ما أعددتَ للشتاء؟ قال: "جبهةً كالصَّلاءة، وذنَباً كالوَتَرة", وقيل: إنه قال: "حافراً كالظُّرَر، وجبهةً كالحجَر"([53]). وقيل للكلب: ما أعددتَ للشتاء؟ فقال: "ألوي ذنَبي، وأربض عند باب أهلي"([54])، ورُوي: "أحوي نفسي، وأجعل أنفي عند استي"([55]).
3-2 أوَ يمكن أن نعُدَّ هذه الأقوال ضرباً من المسامرات الساذجة التي تُزجى بها الأوقات فحسب، وبخاصة أنَّها متّصلة بليالي الشتاء، وهي ليالٍ طوال، أم أنها ذات دلالات اجتماعية ونفسية؟
إنَّ ما تُنطَقُ به تلك الدوابّ والنَّعَم كافٍ لأن نجد فيه بعض ما يكشف جوانب من اهتمامهم، فالفخر طاغٍ عليهم، ولا شكَّ أنَّ إيثار اقتناء الإبل هو الذي دعاهم إلى إنطاق المعزى بذلك القول الذي يُظهرُها ضعيفة مستضعَفة. وبخاصة أنَّ ما أنطقوا به الناقة لا يدلّ إلا على أنَّها لا تكلِّفهم شيئاً، إذ قالت لمَّا سُئلت عمَّا تفعل في الشتاء: "أبرُك بالعَرا، وأوّلُها الذُّرا"([56]).
وبعضها يحوي -كما بدا من جواب الضأن- ما يُبيِّن شيئاً ممَّا يدور في مجالسهم من مفاخرة أو مفاضلة بين امتلاك الضأن وغيرها.
أمَّا جواب الكلب, فيدلّ على مبلغ حاجتهم إليه؛ ولذا هو باقٍ عند سيده، مرابطٌ عند خبائه، وما قيل فيه من الشعر يؤيِّد هذا([57]).
وقد يكون مرادهم من تلك الأجوبة هو الوصفَ المجرَّد، أي إنهم يصفون أحوال الحيوان عند اشتداد البرد، وفيه تعليم لمن لا يعلم طبائعها.
3-3 إنَّ من مقاصد هذه الأقوال المقصِدَ التعليمي، فهم يُعلِّمون بعض طرق الصيد، وأحوال الـمَصِيد، فما لم يكن الصائد حاذقاً, فلن يقتدر على صيد الأرنب الشديدة العدْو. غير أنهم لم يُعلِّموا بطريقة عابرة، وبأسلوب عادي، بل عمدوا إلى الاستعانة بالبيان العالي، ترسيخاً لهذه الثقافة في الأذهان. وقد قالوا على لسان الأرنب: "اللهم اجعلني خُذَمة لُذَمة، أسبقُ الأكفَّ بالأكَمَة"([58])، ومثل ذلك حوارٌ أجروه بين الأرنب والعنـز، إذ قالت الأرنب لها: "لا عَفَطتِ ولا نَفَطتِ، فقالت العنـز: لا مررتِ إلا على حاذقٍ باذق"([59]).
وأرى أنه يصدق على هذه الأسجاع ما قاله بعض النقاد من أن إنطاق الحيوان كان احتيالاً "على إيصال ما في النفس، في بعض مراحل الشدّة أو القهر أو الجور، أو استيفاء النـزعة الفنية في صياغة الفكرة، أو تصوير الإحساس، على نحو يعمِّق أثرهما في المتلقّي"([60]). وفيه كذلك وعي باتّساع أفق الحياة، وإغناءٌ لإحساس الإنسان بما في الحياة، وتخفيفٌ من نزوعه إلى القطيعة عنها والاستعلاء عليها، ودعوةٌ له إلى تملِّي صور الجمال في عالم الحيوان([61]).
3-4 وممَّا أرتضيه في تفسير الانزياح إلى شعرية التعبير في هذه المواقف، أنَّهم يربّون في أبنائهم ملكاتِ التعبير العالي، وينهجون لهم بها نهجاً قويماً في مجاراة الناس، ومحاورتهم، ويأملون من خلالها أن يُولدَ فيهم البلغاء، وهم أمةٌ، للبلاغة والبيان عندها نصيب متينٌ من العناية والإكبار. وقد قال الجاحظ في هذا: "كانوا يُرَوُّون صبيانهم الأرجاز، ويعلِّمونهم المناقلات، ويأمرونهم برفع الصوت وتحقيق الإعراب؛ لأنَّ ذلك يفتق اللَّهاةَ، ويفتح الجِرْم"([62]). ونقل, أيضاً, عن بعض العرب أنَّه يقول: "لولا الدُّربة وسوء العادة لأمرتُ صبياننا أن يماريَ بعضُهم بعضاً"([63]).
وفي الوقت نفسه – ومع ميلي إلى تفسير هذه الأسجاع تفسيراً عميقاً- أرى فيها ميلاً إلى الإبهاج باللغة، بتوظيف ذخائرها اللفظية، وطاقاتها البيانية؛ لأنَّ بعض تلك الأسجاع – وبخاصة ما أُنطِق فيه الحيوان- لا يخلو من تصوير مضحك، فيه رغبة في التنفيس، وإزجاء الهموم، وتخفيف طوارق الدهر عليهم.
وفيها بعد ذلك تلوين لأساليب الخطاب، وإرهاف للغته، وتشقيق لطرقه في التخييل والسرد والحوار، يُدْني القائل من عالم غني، مليء بالغرائب، ويُدني المتلقي من الجمع بين الفائدة والمُتعة([64]).
3-5 ولا أجد ما يمنع من تفسير أسجاعهم في الحيوان على أنها رموز أو أقنعة لضروب الناس([65])، إذ فيهم الضعيف المعْتَرّ، الذي يغالب ضعفه مثل المعزى: "العظمُ دقاق، والجلدُ رقاق"، وفيهم القادر على مغالبة الدهر، يملك مثل ذلك الحيوان "حافراً كالظُّرَر، وجبهةً كالحجَر"، وفي الرمز بهذا الحيوان ذي الحافر نوع من التنفيس بالهُزء به.
وفي الناس الكَلّ الذي يقوم بغيره، ولا بدَّ له من أن يُساد: "ألوي ذنَبي، وأربض عند باب أهلي".
فهل كان هذا ضرباً من الرمز المبكِّر؟ إنني أميل إلى تحميل هذه النصوص كثيراً من الدلالات غير الساذجة؛ لأنَّ من يقرأ في أدب العرب، يجد من المقاصد البعيدة ما يؤيِّد هذا المسلك في التفسير الرمزي لأسجاعهم.
4- أسجاع أخرى:
4-1 ومما يُشبه أسجاع الأنواء بعض ما قيل في مظاهر الخصب، مثل قول العرب: "شهرٌ ثرى، وشهرٌ ترى، وشهرٌ مرعى"([66])، وهم يعنون تدرّجَ آثار المطر، ففي الشهر الأول ترى الأرضَ ندية، وفي الثاني تظهر بوادر العشب، فأنت "ترى" مبادئه، وفي الثالث ينمو العشب، فيصبح مرعى.
وبيِّنما في هذا النص من إيجاز يؤدي المعاني بأسلوب فيه انزياح إلى شعرية التعبير، وفيه كذلك تكثيف دلالييستوعب تدرّج أحوال التراب.
وتقطيع هذا المعنى الواسع في جمل ثلاث قصار، يتماهى مع ما يشعر به القائل من فرَحٍ يتدرّج به من فرحة بالمطر، فاحتفالٍ بظهور العشب، ثم ارتياحٍ واطمئنان لاخضرار الأرض وابتداء الرعي.
وكأنما تعبِّر هذه الجمل المتوازنة عن حال العربي إبان المطر وحين نبات الربيع، فهو في نجعة وارتياد، يتنقَّل مثلما تنقّلت الجمل الثلاث.
4-2 ومثلما أنطق العرب القمر وبعض الحيوان، أنطقوا كذلك بعض العشب بكلم طريف، فاليَنَمَة([67]) تقول: "أنا اليَنَمَة، أغْبُقُ الصبيَّ قبل العَتَمَة، وأكُبُّ الثُّمَال فوق الأكَمَة"([68]).
وقول الينمة ينطوي على الفخر، فالابتداءُ بضمير الفصل: (أنا) متواشجٌ مع نفسية العربي المائلة إلى الفخر بالحسب، والتباهي بالقدرة. ثم إردافُه باسمها معرَّفاً (الينمة) للدلالة على أنَّها معروفة ليست بنكرة. ثم وصفها نفسَها بجملتين وُظِّفت فيهما الاستعارة توظيفاً بديعاً، كلّ ذلك منح هذا النصَّ حيوية تعبيرية تجعله يعلق بالذهن.
وفي هذا القول على لسان الينمة نوع من المعرفة بالبيئة، وضرب من التعريف القسري بها، إذ إنَّهم يضطرون أبناءهم ومن يسمعهم إلى المعرفة اضطراراً، وهي ليست معرفة عابرة، بل فيها نفع كبير؛ لأنَّ أغلبهم سكان بوادٍ، تؤزّهم الحاجة إلى أن يأكلوا نبات الأرض في كثير من الأحيان، فإذا أدركوا ضروب النبات، وعرفوا النافع والضَّار، تكيّفوا مع هذه البيئة. ولن ينسوا – على تقدير القائل في الأقل- ما قيل في هذه النبتة؛ لأنَّ الصياغة قريبة إلى نفوسهم، وهي لا تخلو - حين يتخيّل السامع الينمة فتاةً تخطر متمايلة، وتتحدث متغنِّجة- من إشاعة بهجة وأنْس، قد يكونون – على توالي السنين، وتواتر الحروب- في مسيس الحاجة إليها.
4-3 وحتى المرض صار في خيال العربي شاعراً، فالحُمّى تقول: "أنا أمّ مِلْدَم: آكلُ اللحمَ، وأمصُّ الدم"([69]).
إنَّ تأمّل هذا التعبير الموجز في جمل ثلاث، يضع بين أيدينا نتائج مهمة عن أساليب العرب في أسجاعهم الاجتماعية، فهم كنّوا الحُمَّى أول الأمر، وجعلوها تعرِّف السامع بنفسها، فصارت بهاتين الصفتين كالبشر، أو هي بَشَر، فهي ذات كُنية مثلهم، والكُنية كرامة لصاحبها([70])، وكنيتها مفزعة، لأنَّ اللَّدْم هو ضرب الخدِّ([71])، وضربه لا يكون في الغالب إلا عند حلول المصائب، ثم هي تعرِّفهم نفسَها بصفتين شديدتَيْ الوقع، فهي تأكل اللحم (لحمهم)، وتمصُّ الدم (دمَهم).
وشعرية التعبير هنا في كونها تمثُل تجاه السامع كريهة المنظر، وهنا تبدو المفارقة اللفظية؛ فالمعنى المقصود مخالف للمعنى الظاهر([72])، إذ تُكَوِّن هذه الجمل صورة فنية، ينشط لها الخيال – فنياً- وإن كانت تثير الفزع – واقعياً- ، وهذا ما أراده الساجع؛ فهل كان قاصداً لغير إحداث الأثر بطريق اللغة وطاقاتها الفنية؟
4-4 ومن أسجاعهم الأخرى قولهم: "الأزواج ثلاثة: زوجُ مَهْرٍ، وزوجُ بَهْرٍ، وزوجُ دَهْر"([73]).
إنَّها تعبيراتٌ محكَمة موجزة، وكأنَّها نبراس أو دستور للنساء، يتعاملن به مع من يرغب في الزواج بهنّ، ولكنه دستور يتوسّل بشعرية التعبير، مفيداً من طاقات اللغة ومخزونها اللفظي، الذي يُسعف القائل في انتقاء ما يوفِّر له إيقاعاً سجعياً فيه لزوم ما لا يلزم، وذلك أدعى لعلوقه بالأذهان، وتأثيره في القلوب قبل الأسماع.
خاتمة:
عاش العرب في بلاد مجدبة، تطغى عليها الصحراء، ولا يكاد المطر يجود فيها؛ ولهذا حاولوا تطرية جفافها بكلام موقَّع مسجوع، لا يرضى بأن يصف تلك الأحوال بمنطق عادي، بل يملؤه بكلِّ ما اقتدر عليه من صنوف الإبداع الفني، وهو ما استعَرْتُ له مصطلح (الشعْرنة).
إنَّ شعْرنة الحياة ظاهرة في هذه النصوص، وهي شعْرنة تجنح إلى تخفيف آثار تقلّب الحياة، وتواتر صروفها، وتبدّل مظاهرها، ويُقصَد بها تسهيل صعابها، بإضفاء هذه الصبغة الشعرية على أوصافهم لمظاهر الكون، وصنوف الموجودات من حيوان ونبات وغيرهما.
لقد أصبح كلُّ شيء في حياة العرب نابضاً بالحياة، فتقلّب الأنواء وما يتبعها من شدائد وغيرها، يصير لوحاتٍ فنية بديعة، والقمر يتكلم بمنطق البلغاء، والحيوان قادر على مجاذبتهم القول، بفصاحة وبلاغة، والنبات يفخر، والمرض يهدِّد...
وليس كلام هذه الكائنات مجرّداً من المشاعر والإحساس العالي، بل هو ضاجّ بمشاعر فيّاضة، ورغبات دفينة، تجعل الباحث يعدلُ إلى تفسيره تفسيراً رمزيّاً.
وهذه الأسجاع تشترك في اتصالها بالحياة، ومزاوجتها بين التجربة الشخصية، والقدرة الذهنية([74])، وفي اعتمادها الإيحاء، وتحريكها قوى الحدس عند المتلقِّي([75])؛ لاعتمادها لغة فنية عالية، تفجِّر طاقات اللغة، وتفيد من ذخائرها البيانية. وهي بهذا "تكشف عن المعنى الأعمق للحياة، وتقود إلى بعث الخير والجمال فيها بطريقة مخصبة"([76]).
ويمكن أن نعُدَّ هذه الأسجاع بألوانها المختلفة ضروباً من ثقافة شعبية، تشكِّل إرثاً تاريخياً لا يمكن إغفاله، بعد أن أسهمت في صياغته التجارب والملاحظات الدقيقة، والقدرات البلاغية والبيانية العالية.

الملحق الأول
الأسجاع في الأنواء:
قال فقيه العرب:
إذا طلع النجم، فالحَرُّ في حَدْم، والعُشبُ في حطْم، والعاناتُ في كَدْم([77]). وأضيف في بعض الروايات: فالبرد في هدم، والفلاحون في ضجم، والعشب في صلْم([78]).
إذا طلع النجم، اتُّقِيَ اللحم، وخِيفَ السُّقْم، وجرى السرابُ على الأكْم.
إذا طلع النجم غُدَيَّة، ابتغى الراعي شُكَيَّة([79]).
إذا طلع النجمُ غُدَيّا، ابتغى الراعي سُقَيّا.
إذا طلع النجم عشاءً، ابتغى الراعي كساءً.
إذا أمسى النجمُ بقَبَل، فشهرُ فتىً، وشهرُ جَمَل([80])، وإذا أمسى النجمُ بدَبَر، فشهرُ نَتاجٍ وشهرُ مطر([81])، وإذا أمست الثرَيّا قمّةَ راس، فليلةُ فتىً وليلةُ فاس. وقيل: إذا أمسى النجم قمَّ رأس، فليلُه فتىً وفأس([82]).
إذا طلع الدَّبَران، توقَّدت الحِزَّان، واستعرَت الذِّبّان، ونشَّت الغُدران، وترامت بأنفسها حيث شاءت الصبيان([83]).
إذا طلعت الهقْعَة، تقوَّض الناسُ للقُلْعة، ورجعوا عن النُّجْعة، وأورست الفقعة، وأردفتها الهنعة([84]).
إذا طلعت الهنعة، طلب الناسُ النُّجْعة، وأحبّوا إلى الوليف الرجعة([85]).
إذا طلعت الجوزاء، توقَّدت المعزاء، وكنَست الظِّباء، وعرِقت العِلْباء، وطاب الخباء([86]).
وقيل: طلعت الجوزاءُ، ووافى على عُودٍ الحِرباء. وقيل: وأوفى على عوده...
إذا طلعت الذِّراع، حسرت الشمسُ القناع، وأشعلتْ في الأفق الشعاع، وترقرق السرابُ بكلِّ قاع.
إذا طلعت الشِّعرى، نشف الثرى، وأَجَن الصَّرى، وجعل صاحب النخل يرى([87]).
وقيل: إذا طلعت الشِّعرى سفَرا، ولم ترَ مطراً، فلا تغْذُوَنَّ إمَّرةً ولا إمَّراً، وأرسل العُراضاتِ أثراً، يبغينك في الأرض مَعمَراً. وقيل: فلا تُلحِق فيها إمَّرةً ولا إمَّرًا، ولا سُقَيْباً ذَكَرا([88]).
إذا طلعت النثرة، قَنَأت البسرة، (وقيل: شَقَّحت البُسْرة) وجُنِيَ النخلُ بُكرة، وأوَتِ المواشي حَجْرة، ولم تُترك في ذات دَرٍّ قطرة([89]).
إذا طلعت الطَّرْفة، بكَّرت الخُرْفة، وكثُرت الطُّرْفة، وهانت للضيف الكُلْفة. وقيل: حسُنت السعفة، وصار التمر تُحفة.
إذا طلعت الصَّرفة، احتال كلُّ ذي حِرفة، (وقيل: اختال كلُّ ذي خُرْفة)، وجفَر كلُّ ذي نُطفة، وامتيز عن المياه زُلفة([90]).
إذا طلعت العُذْرة، فعُكَّةٌ بُكرة، على أهلِ البصرة، وليس بعُمانَ بُسرة، ولا لأكّارٍ بها بذرة، (وقيل: بُرّة)([91]).
إذا طلعت الجبهة، تحانَّت الولَهَة، وتنازَت السَّفَهَة، وقلّت في الأرض الرُّفْهَة([92]). وقيل: أرطبت النخلة، وحسن النخل حمله([93]). وقيل: لولا نوء الجبهة، ما كان للعرب رفهة.
إذا طلع سُهَيل، طاب الليل، وجرى النَّيْل، وامتنع القَيْل، وللفصِيل الوَيْل، ورُفع كيْل، ووُضِع كيلٌ وقَيْل([94]). وقيل: برد الليل، وخِيف السيل، وكان لأم الحوار الويل([95]).
إذا طلعت الزبرة، طابت التمرة.
إذا طلعت الخراتان، أُكِلت أمُّ جِرذان([96]). وزيد في رواية: وتزيَّنت القنْوان.
إذا طلعت العوّاء ضُرِب الخباء، وطاب الهواء، وكُرِه العراء، وشنَّن السِّقاء([97]). وقيل: لم يبق في كرْم جَناء، واكتنس الظِّباء، وأمن على عوده الحِرباء([98]).
إذا طلع السِّماك، ذهبت العِكاك، واستفاهت الأحناك، وقلَّ على الماء اللِّكاك([99]).
إذا طلع الغَفْر، جاد القطْر.
إذا طلع الغَفْر، اقشعَرَّ السَّفْر، وتربَّل النضْر، وحسُن في العين الجمر([100]).
إذا طلعت الزُّبانى، أحدَثتْ لكلِّ ذي عيالٍ شانا، ولكلِّ ذي ماشيةٍ هوانا، وقالوا: كان وكانا، فاجمع لأهلك ولا تَوانى.
إذا طلع الإكليل، هاجت الفحول، (وقيل: هبّت) وشُمِّرت الذيول، وتُخُوِّفت السيول.
إذا طلع القلب، جاء الشتاء كالكلب، وصار أهل البوادي في كرْب، ولم تُمكِّن الفحلَ إلا ذاتُ ثرْب([101]).
إذا طلع الهرّاران([102])، هزلت السمان، واشتدّ الزمان، ووحْوحَ الوِلْدان([103]).(وقيل:جُوِّع الولدان).
إذا طلعت الشَّوْلة أعجلت الشيخَ البوْلة، واشتدَّت على العيال العَوْلة، وقيل شتْوةٌ زَوْلة([104]). وقيل: أتاك الشتاء بصوْلة، وخرج النحل وللطير عليهنَّ دولة.
إذا طلع العقرب، جمَسَ المِذْنَب، وقرَّ الأشيب،(وقيل: قرُب)، ومات الجُندُب([105]).
إذا طلعت النعائم، التَطت البهائم([106])، من الصقيع الدائم، وخلص البرد إلى كلِّ نائم، وتلاقت الرعاء بالنمائم.(وقيل: توسَّفت التهائم)([107]). وقيل: ابيضَّت البهائم، من الصقيع الدائم، وأيقظ البردُ كلَّ نائم. وقيل: إذا طلعت النعائم، تمَّ الليل للنائم، وقصُر النهار للصائم، وابيضَّت...، وقيل: إذا طلع النعام، كثر الغمام.
إذا طلعت البلدة، حمّمت الجعدة، وأُكِلت القِشْدة، وقيل للبرد: اهْدَه([108]). وقيل: إذا طلعت البلدة، زَعِلت كلُّ تُلْدة، وقيل: علت الناسَ بُلدة([109]). وقيل: إذا طلعت البلدة، علت الناس بلدة.
إذا طلع سعد الذابح، حمى أهلَه النابح، ونفع أهلَه الرائح، وتصبَّح السارح، وظهرت في الحيِّ الأنافح. وقيل: انحجزت الضوابح، ولم تَهِرَّ النوابح، من الشتاء البارح([110]).
إذا طلع سعد بُلَع، اقتحم الرُّبَع، ولحق أهلَه الهُبَع، وصِيد المُرَع، وصار في الأرض لُمَع. وقيل: تشكّى كلّ رُبع([111]).
إذا طلع سعدُ السعود، نضر العود، ولانت الجلود، وكَرِِه الناسُ في الشمس القعود.
إذا طلع السعد، كثُر الثَّعْد([112]).
إذا طلع سعدُ السعود، ذاب كل جمود، واخضرَّ كلُّ عود، وانتشر كلُّ مَصْرود([113]).
إذا طلع سعدُ الأخبية، زُمَّت الأسقية، (وقيل: رُمّت، وقيل: دُهِنت)، ونُزِلت (وتدلَّت) الأحْوِية، وتجاورت الأبنية([114]).
إذا طلعت الدَّلْو، هِيبَ الجَزْو، وأنسَلَ العفو، وطلب الخِلْوُ اللهو([115]).
وقيل: إذا طلعت الدَّلْو، فالربيع والبدو، والصيف بعد الشتو.
إذا طلعت السمكة، أمكنت الحركة، وتعلَّقت الحسكة، ونُصِبت الشبكة، وطاب الزمان للنَّسَكة([116]).
إذا طلع الحوت، خرج الناس من البيوت.
إذا طلع الشرطان، استوى الزمان، وخضِرت الأغصان (وحُضِرت الأعطان أو الأوطان)، وتواقدت (وتوافت) الأسنان، وتهادت الجيران، وقيل: هان الزمان، وبات الفقير بكلِّ مكان. وقيل: طلع الشرطان، وأُلقِيت الأوتاد في الأغصان([117]). وقيل: ألقت الإبل أوبارها في الأعطان، ويوشك أن يشتدَّ حرُّ الزمان.
طلعت الأشراط، ونقصت الأنباط([118]).
إذا طلع النطح، انتشر السرح، وكثر اللقح([119]).
إذا طلع البُطين، اقتُضِيَ الدَّين، وظهر الزَّيْن، واقتُفِي بالعطّار والقَيْن([120])، وتزيَّنت الأرض كلَّ الزين. وقيل: طلعت الأرضُ بكلِّ زين، وحسُنت في كلِّ عين([121]).

الملحق الثاني
أسجاع العرب في ليالي القمر:
قيل للقمر: ما أنت ابنَ ليلة؟ فقال: رضاع سُخَيْلة، حلَّ أهلُها برُمَيْلة([122]).
قيل: فما أنتَ ابنَ ليلتين؟ قال: حديثُ أمَتَيْن بكذِبٍ ومَيْن([123]).
قيل: فما أنتَ ابنَ ثلاث؟ قال: حديث فتيات غير جِدِّ مؤتلفات. وقيل: قليل اللباث.
قيل: فما أنت ابن أربع؟ قال: عتمة أمِّ رُبَع، غير جائع ولا مُرضَع([124]). وقيل: غير حُبْلى...
قيل: فما أنتَ ابنَ خمس؟ قال: عشاء خَلِفات قُعْس. وقيل: حديث أُنْس([125]).
قيل: فما أنتَ ابنَ ستّ؟ قال: سِرْ وبِتْ. وقيل: اسْرِ وبت.
قيل: فما أنتَ ابنَ سبع؟ قال: دُلْجة الضَّبُع. وقيل: هُدىً لأنْسِ ذي الجمع.
قيل: فما أنتَ ابنَ ثمان؟ قال: قمرٌ إضحيان([126]).
قيل: فما أنتَ ابنَ تسع؟ قال: مُنقَطَع الشِّسْع، وقيل: يُلتَقَط فيَّ الجَزْع.
قيل: فما أنتَ ابنَ عشر؟ قال: ثلث الشهر. وقيل: مُخَنِّق الفجر، أو: مُحْنِق الفجر، وقيل: أؤديك إلى الفجر، وقيل: إلى اثنتي عشرة يُلتَقَط الجَزْع.
قيل: فما أنتَ ابنَ إحدى عشرة؟ قال: أطلع عشاءً وأُرى بُكرة، وقيل: وأغيبُ بسُحْرة.
قيل: فما أنتَ ابنَ اثنتي عشرة؟ قال: فُوَيق البشر، في البدو والحضر.
قيل: فما أنتَ ابنَ ثلاثَ عشرة؟ قال: قمرٌ باهر، يَعشَى له الناظر. وقيل: يُعْشي الناظر.
قيل: فما أنتَ ابنَ أربع عشرة؟ قال: مقتبِلُ الشباب، أغشى دُجُنَّاتِ السحاب.
قيل: فما أنتَ ابنَ خمس عشرة؟ قال: تمَّ الشباب، وانتصف الحساب. وقيل: تمَّ التمام، ونفِدت الأيام.
قيل: فما أنتَ ابنَ ستَّ عشرة؟ قال: نقص الخلق، في الغرب والشرق.
قيل: فما أنتَ ابنَ سبعَ عشرة؟ قال: أمكنت المقتفِرَ القَفْرة.
قيل: فما أنتَ ابنَ ثماني عشرة؟ قال: قليل البقاء، سريع الفناء.
قيل: فما أنتَ ابنَ تسعَ عشرة؟ قال: بطيء الطلوع، بيِّنُ الخشوع.
قيل: فما أنتَ ابنَ عشرين؟ قال: أطلع سُحْرة، وأضيء بالبُهْرة([127]).
قيل: فما أنتَ ابنَ إحدى وعشرين؟ قال: أطلع كالقبَس، يُرى بالغَلَس.
قيل: فما أنتَ ابنَ اثنتين وعشرين؟ قال: لا أطلع إلا ريثما أُرَى.
قيل: فما أنت ابن ثلاث وعشرين؟ قال: أطلع في قتَمة، ولا أجلو الظُّلْمة.
قيل: فما أنتَ ابنَ أربع وعشرين؟ قال: لا قمرٌ و لا هلال. وقيل: أُرى في تلك الليالْ، لا قمر ولا هلال.
قيل: فما أنتَ ابنَ خمس وعشرين؟ قال: دنا الأجل، وانقطع الأمل.
قيل: فما أنتَ ابنَ ستٍّ وعشرين؟ قال: دنا ما دنا، فما ترى مني إلا سنا.
قيل: فما أنتَ ابنَ سبع وعشرين؟ قال: أطلع بُكَرا، ولا أُرى ظهرا.
قيل: فما أنتَ ابنَ ثمان وعشرين؟ قال: أسبق شعاع الشمس.
قيل: فما أنتَ ابنَ تسع وعشرين؟ قال: ضئيلٌ صغير، ولا يراني إلا البصير.
قيل: فما أنتَ ابنَ ثلاثين؟ قال: هلالٌ مستبين، وقيل: مستنير([128]).



جريدة المصادر والمراجع
إحكام صنعة الكلام، أبو القاسم الكلاعي الإشبيلي (ت أواسط القرن السادس)، تحقيق: محمد رضوان الداية، عالم الكتب، بيروت، ط الثانية 1405هـ/ 1985م.
الأزمنة والأمكنة، أبو علي المرزوقي (ت 421هـ)، تحقيق محمد نايف الدليمي، عالم الكتب، بيروت، ط الأولى، 1422هـ/ 2002م.
أسماء النجوم في الفلك الحديث، عبد الرحيم بدر، مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، مج 59، ج1، ربيع الأول 1404هـ/ كانون الثاني 1984م.
أمالي المرتضى (غرر الفوائد ودرر القلائد)، الشريف المرتضى (ت436هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، ط الأولى، 1373هـ.
إنطاق الحيوان في تراثنا الأدبي، عبدالكريم الأشتر، مجلة الفيصل، العددان 371-372، الجماديان 1428هـ/ مايو-يوليو 2007م، 46-55.
الأنواء والأزمنة، عبدالله بن حسين بن عاصم الثقفي (ت403هـ)، تحقيق: نوري حمودي القيسي، ومحمد نايف الدليمي، دار الجيل، بيروت، ط الأولى، 1416هـ/ 1996م.
الأيام والليالي والشهور، الفرّاء (ت207هـ)، تحقيق: إبراهيم الإبياري، دار الكتاب المصري، القاهرة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط الثانية 1400هـ/ 1980م.
بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح، عبد المتعال الصعيدي (ت بعد1377هـ)، مكتبة الآداب، مصر، ط السابعة، د.ت.
البيان والتبيين، عمرو بن بحر الجاحظ (ت255هـ)، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط الرابعة 1975م.
التذكرة الحمدونية، محمد بن حمدون (ت 562هـ) تحقيق: إحسان عباس وبكر عباس، دار صادر، بيروت، ط الأولى 1996م.
جماليات الأسلوب، فايز الداية، دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق، ط الثانية، 1411هـ/ 1990م.
حدائق الآداب، عبدالله بن محمد بن شاهَمَرْدان الأبهري (ت أواخر القرن السادس)، تحقيق: محمد بن سليمان السديس، ط الثانية، 1416هـ/ 1995م.
الحيوان، عمرو بن بحر الجاحظ (ت255هـ)، تحقيق عبدالسلام هارون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ت. (مصورة عن طبعة مصطفى البابي الحلبي).
الرؤية الإنسانية في حركة اللغة، عالي سرحان القرشي، كتاب الرياض، مؤسسة اليمامة الصحفية، الرياض، العدد 31، 1417هـ/1996م.
ربيع الأبرار وفصوص الأخبار، الزمخشري (ت 538هـ)، تحقيق: عبد المجيد دياب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1992م.
الصورة الفنية في النقد الشعري، عبد القادر الربّاعي، دار العلوم، الرياض، ط الأولى، 1405هـ/ 1984م.
عيار الشعر، ابن طباطبا العلوي (ت322هـ)، تحقيق: عبدالعزيز المانع، دار العلوم، الرياض، 1405هـ/ 1985م.
عيون الأخبار، ابن قتيبة (ت276هـ)، دار الكتاب العربي، بيروت، د.ت. (مصورة عن نشرة دار الكتب المصرية).
قانون البلاغة في نقد النثر والشعر، محمد بن حيدر البغدادي (ت517هـ)، تحقيق: محسن غياض عجيل، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط الأولى 1401هـ/ 1981م.
لسان العرب المحيط، ابن منظور (ت711هـ)، إعداد وتصنيف: يوسف خياط، دار لسان العرب، بيروت، د.ت.
المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، ضياء الدين بن الأثير (ت637هـ)، تحقيق: أحمد الحوفي وبدوي طبانة، دار الرفاعي، الرياض، ط الثانية 1403هـ/ 1983م.
مجالس ثعلب، أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب (ت291هـ)، تحقيق: عبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط الرابعة، 1400هـ/ 1980م.
محاورات مع النثر العربي، مصطفى ناصف، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 218، رمضان 1417هـ/ شباط 1997م.
المخصص، علي بن سيده (ت458هـ)، المكتب التجاري، بيروت، د.ت.
المزهر في علوم اللغة وأنواعها، جلال الدين السيوطي (ت911هـ)، تحقيق: محمد أحمد جاد المولى وعلي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، د.ت.
المفارقة والأدب، دراسات في النظرية والتطبيق، خالد سليمان، دار الشروق، عمّان، ط الأولى، 1999م.
نثر الدر، الآبي (ت421هـ)،ج6 تحقيق: سيدة حامد عبد العال، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1989م.
النثر الفني في القرن الرابع(ج1), زكي مبارك, دار الجيل, بيروت,1975.




[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]
([1]) ربيع الأبرار 1/57. وقد جعلت أقوال ساجع العرب في الأنواء ملحقاً أول بهذا البحث.

([2]) حدائق الآداب 155. ويُذكر أن للعرب من العناية بالفلك والأنواء, ما جعل كثيراً من تسمياتهم لها تنتقل إلى بعض اللغات الأخرى. انظر: أسماء النجوم في الفلك الحديث، مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، مج 59، ج1، 89.

([3]) المزهر 2/528.

([4]) الأصل أن يقول: (ولا توانَ)، ولكنه أبقى الألف ليتحقّق له السجع.

([5]) الأنواء والأزمنة 87.

([6]) الإمَّر: الضأن.

([7]) المخصص 9/17.

([8]) انظر: الأنواء والأزمنة 74.

([9]) المخصص 9/16.

([10]) اللسان (خرت).

([11]) انظر: عيار الشعر11، وقانون البلاغة 150.

([12]) انظر: الأنواء والأزمنة 85.

([13]) انظر: محاورات مع النثر العربي 353.

([14]) انظر: قانون البلاغة 28.

([15]) انظر: المثل السائر 1/313.

([16]) انظر: الرؤية الإنسانية في حركة اللغة 112.

([17]) قانون البلاغة 27.

([18]) انظر: إحكام صنعة الكلام 228.

([19]) النثر الفني في القرن الرابع 1/75.

([20]) انظر: السابق 1/85.

([21]) انظر: محاورات مع النثر العربي 48، 49.

([22]) الطَّرْف: كوكبان بين يدي الجبهة، يُقال: هما عينا الأسد، ولذا قيل لهما (الطَّرف).

([23]) انظر: الأنواء والأزمنة 97.

([24]) انظر: الرؤية الإنسانية في حركة اللغة 119.

([25]) انظر: بغية الإيضاح 1/216.

([26]) المثل السائر 1/316.

([27]) جماليات الأسلوب 120.

([28]) انظر: أساس البلاغة (كلب).

([29]) الأنواء والأزمنة 96.

([30]) السابق 113.

([31]) الصورة الفنية في النقد الشعري 88.

([32]) انظر: جماليات الأسلوب 142.

([33]) المراد بالقوافي وإقامة الوزن هنا أن يكون الكلام مسجوعاً.

([34]) المراد بالموزون الكلام المسجوع أو المزاوج.

([35]) البيان والتبيين 1/287.

([36]) انظر: النثر الفني في القرن الرابع 1/95.

([37]) انظر: السابق 1/107.

([38]) انظر: اللسان (شكا).

([39]) الأنواء والأزمنة 85.

([40]) الحيوان 1/74.

([41]) يعني الثريا.

([42]) انظر: نثر الدر 6/58.

([43]) وقد جعلت أقوال العرب في أحوال القمر ملحقاً ثانياً بهذا البحث.

([44]) أغلب ما يُشتَقّ من جذر (غشا) ينطوي على معاني العلوق والملازمة الدائمة. انظر: اللسان (غشا).

([45]) اللسان (خشع).

([46]) المخصص 9/29.

([47]) وهذه كلّها ممَّا قيل في ليالي العشر الأُوَل.

([48]) انظر: التذكرة الحمدونية 7/355.

([49]) المزهر2/546. وجهوى: مكشوفة. ويوحي كلام ابن قتيبة بأن ما قالوه على ألسنة البهائم كثير. انظر: عيون الأخبار 2/74. ولكنّ ما وجدته منها قليل.

([50]) اللسان (جها).

([51]) عيون الأخبار 2/78، والمزهر2/546. واللسان (جفل)، والأزمنة والأمكنة 2/23. وفيه تحريف. والجُفال: الصوف الكثير، والمعنى: "أجَزّ بمرة واحدة، وذلك أن الضائنة إذا جُزَّت فليس يسقط من صوفها إلى الأرض شيء حتى يُجَزَّ كلّه ويسقط أجمع". والرُّخال والرِّخال: جمع رَخْل ورِخْل وهو الأنثى من ولد الضأن، والكُثَب: جمع كثْبة، وهي ملء القدح من اللبن. تقول: "أُحلَب دُفَعاً ثِقالاً من اللبن، وذلك لأنَّ لبنها أدسم وأخثر من لبن المعز". عيون الأخبار 2/78.

([52]) المزهر2/547. وانظر: عيون الأخبار 2/74، والأزمنة والأمكنة 2/24. وفي روايته تحريف.

([53]) المزهر2/547، والصلاءة: حجر عريض يُدَقّ به العطر أو الهَبيد، والظُّرَر: الحجر المدوّر, وقيل: الحجر إذا كان له حدٌّ كحدِّ السكين.

([54]) المزهر2/547.

([55]) الأزمنة والأمكنة 2/24.

([56]) المرجع السابق 2/24.

([57]) انظر: الحيوان 2/27-45، 70، 83، والحيوان في الأدب العربي 3/230-236.

([58]) الأزمنة والأمكنة 2/24. واللسان (لذم)، وفيه: "الأرنبُ خُذَمة...تسبق الجمعَ..."، وخُذَمة: سريعة، ولُذَمة: ثابتة العَدْو لازمة له.

([59]) الأزمنة والأمكنة 2/24. وعفَطت العنـز: عطست، ونفطت: مثلها، وقيل: نثرت ما بأنفها، وقيل: نفطت إتباع، وكذلك باذق إتباع لحاذق.

([60]) إنطاق الحيوان في تراثنا الأدبي 52.

([61]) المرجع السابق, ص55.

([62]) البيان والتبيين 1/272. والجِرْم: الحلْق. (نقلاً عن هارون محقق البيان)

([63]) المرجع السابق.

([64]) انظر: إنطاق الحيوان في تراثنا الأدبي 55.

([65]) انظر: المرجع السابق 47.

([66]) أدب الكاتب 96، وعدَّه الميداني مثلاً.

([67]) اليَنَمة: عُشبة من البقول، إذا رعتها الماشية كثرت رغوة ألبانها.

([68]) مجالس ثعلب، القسم الأول 285، واللسان (ينم)، وحدائق الآداب 203 وفيهما "بعد العتمة". وأغبق: من الغبوق, وهو شرب العشيّ، والعَتَمة: ثلُث الليل الأول، والثُّمال كهيئة زبْد الغنم. والمعنى: دَرِّي يُعَجّل للصبي؛ لأنَّه لا يصبر.

([69]) اللسان (لدم).

([70]) انظر: ربيع الأبرار 2/383.

([71]) اللسان (لدم).

([72]) انظر: المفارقة والأدب 26.

([73]) اللسان (بهر). وزوج مهر: رجل لا شرف له، فهو يُسني المهر ليُرغَب فيه، وأما زوج بهْر فالشريف وإن قلَّ ماله تتزوجه المرأة؛ لتفخر به، وأما زوج دهر فكفؤها. وقيل في تفسيره: يبهر العيون بحسنه، أو يُعَدُّ لنوائب الدهر، أو يؤخذ منه المهر.

([74]) انظر: محاورات مع النثر العربي 353.

([75]) راجع: الصورة الفنية في النقد الشعري89-90.

([76]) الصورة الفنية في النقد الشعري 88-89.

([77]) الحدم: توقّد النار، والحطْم: التكسّر، والعانات جمع عانة، وهي القطيع من حُمُر الوحش، والكدْم: أن يعَضَّ بعضُها بعضاً.

([78]) من معاني كلمة (ضجْم) اعوجاج في الأنف والشدق، وقد يكون المراد بها تمعّر وجوههم لما تقاسي نعَمُهم من شدة الحر. والصلم: القطع.

([79]) الشُّكَيَّة مصغّر (شكْوة)، وهي وعاء من جلد كالدلو أو القربة الصغيرة. يُراد أنه لا يستغني عن الماء.

([80]) بقَبَل: أي أول الليل في الربع الشرقي من السماء، وحينئذ يكون اغتلام الفتيان وهيجان الإبل. وقيل في تفسيره غير هذا.

([81]) بدبَر: أي أول الليل في الربع الغربي من السماء مدبرة للغروب، وحينئذ يكون وقت نتاج الغنم، ووقت المطر.

([82]) يعنون أنَّ الفتى يحتطب فيها بالفأس؛ لأنَّه لا بدَّ فيها من الصِّلاء.

([83]) الحِزّان: جمع حَزِيز، وهو الغليظ من الأرض، ونشَّت: نضبت.

([84])وتقوّضوا للقلعة: قوضوا بيوتهم للرحيل، والإيراس: الاصفرار، والفقعة: ضرب من الكمأة، والهنعة هي رأس الجوزاء.

([85]) نُقِل أنَّه لم يُؤثر في الهنعة سجع، وفُسِّر ذلك بأنهم اكتفوا بما قيل في الجوزاء التي يعنون بها الهقعة والهنعة. انظر: الأنواء والأزمنة 91. وهذا السجع الذي هنا لم أجده إلا في نثر الدر، وفي تركيب الجملة الأخيرة ما يوحي بأنه قيل في زمن متأخر، فلفظ (الوليف) أشبه بالعاميّ منه بالفصيح.

([86]) المَعْزاء: الأرض الصلبة، وكَنَست: لزمت كُنُسها هرباً من الحر، والعِلْباء عصب العنق.

([87]) أجَن: تغيّر، والصَّرى: الماء الذي طال استنقاعه.

([88]) الإمَّر: الذكر من ولد الضأن، والأنثى إمَّرة، والعُراضات: الإبل، والمَعمَر: المنزل بدار معاش، والسُّقَيب: مصغَّر سقْب، وهو ولد الناقة.

([89]) قنأت: احمرّت، وشقَّحت: لوَّنت بحمرة أو بصفرة ، الحَجْرة: الناحية.

([90]) جفر الفحل: عدل عن الضِّراب، والامتياز: التنحّي، والزّلفة: أدنى منـزلة.

([91]) العَكّة: هجير من غير ريح، والعكة بالبصرة: كرب يصيبهم أيام شدة الحر في وجه الصبح، معه ندى يكاد يأخذ بالأنفاس، والأكّار: الزَّرّاع.

([92]) الولـَهَة: جمع واله، وهي التي فقدت ولدها، فكاد لبنها يذهب جزعاً، والسفهة جمع سفيه، وإنما ينزو أي يثِبُ بعضهم على بعض بطراً؛ لأنَّهم في خصب من اللبن والتمر، والرُّفْهة: واحدة الرُّفَه، وهو ما بقي من المداوس من التبن بعد إخراج الحب منه.

([93]) كذا, وهي رواية نثر الدر، و أغلب ما فيه مصحَّف أو محرّف.

([94]) الفصيل: ولد الناقة إذا فُصِل عن أمِّه، وجُعِل له الويل؛ لأنَّه حين يُفصل عن أمِّه يهزُل، والقيل: نومة الظهر، وقِيل: الشرب في ذلك الوقت.

([95]) الحُوار: ولد الناقة.

([96]) الخراتان: نجمان من كواكب الأسد، واحدتهما خراة، وأم جرذان: نخلة بالحجاز، يتأخر إدراكها.

([97]) قال أبو حنيفة الدينوري: قيل للعواء عواء البرد؛ لأنَّ البرد مسترعف بها، فإذا هي طلعت لم يأتِ يوم إلا وهو منه في شباب، إلى أن تتناهى في بَرَكِّي الشتاء. ربيع الأبرار 1/88. وشنّن السقاء: يبس وبرد.

([98]) جناء: جنى، واكتنست الظباء: لزمت كُنُسها هرباً من الحرِّ.

([99]) العكاك: جمع عكّة وعينها مثلثة، وهي شدة الحرّ مع سكون الريح، واستفاهة الأحناك: شهوة الطعام، واللكاك: التزاحم والتدافع.

([100]) السَّفْر: المسافرون، وتربَّل: نبت له ورق.

([101]) ذات ثرب: أي سمينة، وخُصَّت بتمكين الفحل؛ لأنَّها أحمل للبرد من الهزيلة.

([102]) هما: قلب العقرب والنسر يطلعان معاً. وحرِّفت الكلمة في بعض المصادر إلى (الهزاران، والهداران)، وإنما سُمِّيا (الهرارين)؛ لهرير الشتاء عند طلوعهما. انظر: الأنواء والأزمنة 110.

([103]) وحوحة الوِلدان: حكاية أصواتهم إذا قالوا (أح أح) من البرد.

([104]) العَوْلة: الحاجة، والزَّوْلة: المنكرة.

([105]) جمَس: جمد، والمِذْنَب: مجرى الماء إلى الرياض، والأشيب: الثلج والجليد.

([106]) التَطَت: لصق بعضها ببعض.

([107]) توسّف التهائم: تقشر وجه الأرض من شدة البرد.

([108]) الجعدة: نبت، وحمَّمَت همَّت بالإطلاع، واهده: أي اهدأ؛ لشدة ما يقاسون منه.

([109]) زعلت: نشطت، والتلدة: تلاد المال، وأراد به أن المواشي تنشط في هذا الوقت. والبلدة من التبلد، يريد أنَّ أيام هذا الوقت تطاولت، فضاقوا به، وعلتهم بلدة.

([110]) الأنافح: جمع إنْفَحة، وهي صغار الضأن والمعز حين ترعى النبت، أو هي شيء أصفر يخرج من بطن الجدي، ولا يخرج إلا بعد أن يرعى الربيع في أوّله، والضوابح: الثعالب وظباء الجبال.

([111]) اقتحام الرُّبَع: إسراعه في عدْوه، لأنَّه قد قوي، والرُّبَع: ما نتج في أول النتاج، والهُبَع: ما نتج في آخر النتاج، وهو ضعيف، والمُرَع: نوع من الطير أكثر ما يرى في الخضرة والعشب، وصار في الأرض لُمَع: كناية عن العشب.

([112]) الثعد: العشب الغض.

([113]) المصرود مَن آذاه الصرْد والصَّرَد، وهو البرْد.

([114]) الأسقية: جمع سقاء، وهو القربة ونحوها، وإنما تُدهَن لأنَّها تكون قد يبست في الشتاء، والأحوية: جمع حِواء، وهو القطعة من بيوت الأعراب تكون مجتمعة.

([115]) الجَزو: أصله الجَزْء، وهو الرَّطْب، والمعنى أن الجزو يجفّ في هذا الوقت، فيُخاف ألا تجتزئ به الإبل من الماء، كما كانت تجتزئ به قبل ذلك، إذ كان رطباً، والعفْو: ولد الحمار، وإنساله أن يسقط وبَره. واللهو: الزواج، وإنما يطلب الخِلو الزواج حينئذ, لأنَّه يكون قد خرج من ضيق الشتاء، وأمكنه التصرُّف.

([116]) الحَسَكة: شوك السعدان، تتعلق بالثوب وغيره، لأنَّه وقت شدتها، ونصب الشبكة كناية عن القدرة على صيد فراخ الطير، وطيب الزمان للنسَكة لأنَّهم يتمكنون من الحركة والسياحة في الأرض.

([117]) حضور الأوطان كناية عن الرجوع عن البوادي إلى أوطانهم، لأنَّ مياه الغدران تقل حينئذ.

([118]) الأنباط: المياه المستخرجة من الأرض كالآبار.

([119]) النطْح هو الشرطان، ومعنى السجع يُخالف ما نُقِل عن التشاؤم به. انظر: اللسان (نطح).

([120]) الاقتفاء: الكرامة واللطف، والقين: الصانع لكل شيء، واقتضاء الدين دلالة على أنهم بعد رجوعهم إلى أوطانهم يقاضي بعضهم بعضا، ويكرمون العطار والقين، لحاجتهم إليهما.

([121]) مصادر الأسجاع: وردت هذه الأسجاع باختلاف في العدد والرواية في: المخصص 9/ 15-17، والأزمنة والأمكنة 2/167-171، والأنواء والأزمنة 66-69، 73- 76، 80- 88، 90- 99، 101-113. وربيع الأبرار 1/ 57-59، وحدائق الآداب 155-162، والتذكرة الحمدونية 7/358-359، واللسان (رفه، جرذ)، ونثر الدر 6/295-301، والمزهر 2/529-530، ومصادر أخرى تركت ذكرها جنوحاً إلى الاختصار.


([122]) سُخيلة: مصغَّر سخْلة، وهي الشاة أول ما تُولد.

([123]) المَيْن: الكذب.

([124]) أم رُبَع: الناقة، وعتمتها تأخير حلبها.

([125]) الخَلِفات: النوق إذا استبان حملها، وقُعْس: جمع قعساء: وهي التي دخل ظهرها وخرج بطنها.

([126]) إضحيان: مضيئة مقمرة.

([127]) البُهرة: وسط الليل.

([128]) مصادر هذه الأسجاع: وردت هذه الأسجاع إلى الليلة العاشرة في: المخصص، 9/ 29، والأيام والليالي والشهور62-64، وأمالي المرتضى 1/81، و نثر الدُرّ 6/59، والتذكرة الحمدونية 7/354، وحدائق الآداب 165، واللسان (ربغ، عتم)، والمزهر 2/530-531. ونُقِل عن الزجاج: "لم تقل العرب في صفة ليلة بعد العشر"، التذكرة الحمدونية 7/355.
وورد ما قيل فيما بعد العشر منسوباً إلى الأصمعي وغيره في: التذكرة الحمدونية 7/356، والأزمنة والأمكنة 2/62-63، وأمالي المرتضى1/81، والمزهر 2/531-532. وفي بعض هذه المصادر تحريفات وتصحيفات، لم أرَ ضرورة لذكرها اختصاراً.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أسجاع, الاجتماعية, العرب, بعض, دراسة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع دراسة في بعض أسجاع العرب الاجتماعية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
على الطلاب العرب دراسة الهولوكوست عبدالناصر محمود أخبار الكيان الصهيوني 0 04-14-2015 06:58 AM
فشل العلمانية في تربية الإنسان وتهذيب سلوكه سبب في كل المشاكل الاجتماعية في الغرب. عبدو خليفة أخبار منوعة 0 05-07-2014 12:54 AM
التوجيه الإسلامي لدور الأسرة في التربية الترويحية الاجتماعية ـ دراسة Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 11-01-2012 01:55 PM
دراسة مدى وعي مسئولي الشركات الكويتية نحو استخدام المعلومات الإستراتيجية: دراسة ميدانية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 01-29-2012 07:14 PM
دراسة: ماذا يتصفح العرب ؟! احمد ادريس الملتقى العام 5 01-14-2012 06:34 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:30 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59