#1  
قديم 12-31-2012, 07:36 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي الوقود النظيف


ذروة الوقود النظيف(*)
شركة ناشئة تعتزم صنع سيارات غير مُلَوِّثة تستخدم وقودا عماده أحد مكونات الصابون.
<J. ويكفيلد>
مدينة إيتون، ولاية نيوجرسي

مساء يوم سبت، في مرآب صغير قرب شاطئ جرسي، صعد ميكانيكي وراء مقود سيارة «فورد إكسبلورر»، وأدار محركها ونقله إلى وضعية الحركة، فاندفعت السيارة مسافة قدمين إلى الأمام، وانطلقت صيحات الابتهاج، وقفز الكيميائي <S. أمندولا>، إلى المقعد بجانب السائق، في حين قفز إلى المقعد الخلفي خمسة باحثين صاخبين. قاد الجَمْعُ السيارة عدة مرات إلى الأمام وإلى الوراء مسافة عشر أقدام في كل مرة.

جرت هذه السياقة قبل نحو سنتين. وكان فريق أمندولا قد أثبت مؤخرًا أن مسحوقا عاديا أبيض مصنوعا من البوراكس، وهو مادة شائعة تُستخدم في صناعة صابون الغسيل، يمكن ـ إذا ما أذيبت في الماء ـ أن تزود بالطاقة خلايا وقود في السيارات دون أن تتسبب بأية انبعاثات ملوِّثة أو بنواتج ثانوية تؤثر في الدفيئة؛ كما أن المكون الأساسي لهذا الوقود متوافر بكثرة.

لم تمضِ أشهر على ذلك حتى ساعدت مؤسسة SUV على إشهار الشركة الناشئة «ميللينيوم سِلّ» برأسمال قدره 30 مليون دولار، مما دفع مدير البرامج فيها <M .R. مورنگ> لأن يقول ساخرا: «نحن الآن في طريقنا إلى النازداك». وتحت غطاء محرك سيارة الفورد إكسبلورر بزغت بنات أفكار فريق أمندولا، وأثمرت عن براءة نظام «هدروجين عند الطلب» مكون من مجموعة ملتزّة compact من المضخات والأنابيب وغرف الوساطة catalyst chamber. وعندما يتماس الوقود ـ وهو بوروهدريد الصوديوم ـ مع الوسيط catalyst، يحدث تفاعل كيميائي يولد غاز الهدروجين، الذي يعطي عند حرقه بأكسجين الهواء، الطاقة اللازمة لتشغيل معظم خلايا الوقود. ويقول مورنگ: «لقد كنا أول من قال بسهولة تخزين الهدروجين». فقد شكلت قابليته للتطاير عقبة رئيسية أمام تسويقه، إلا أن نظام ميللينيوم تجاوز هذه العقبة وقلل من مخاطرها بأن جعل توليد الغاز يتم في موقع استخدامه، أي على متن السيارة، وبحجم صغير في كل مرة، كما يتم حفظه تحت ضغط هو جزء من الضغط الاعتيادي الذي يحفظ فيه الهدروجين في أسطواناته المألوفة.

يقول <S. تانگ> [وهو رئيس الشركة ومديرها التنفيذي] :«إن غاز الهدروجين أكثر أمانا من الگازولين من عدة وجوه.» فالوقود ذاته الذي يحوي 7% من وزنه هدروجينا غير قابل للاشتعال أو الانفجار، ومن مزاياه الأخرى وفرة احتياطي العالم بالبورات، المقدر بأكثر من 600 مليون طن متري، مما يكفي لتلبية المتطلبات لعقود من الزمن، وذلك تبعا لدراسة أجرتها الشركة «بوراكس الولايات المتحدة»، وهي من الموردين الرئيسيين للبوراكس، ويأتي احتياطي الولايات المتحدة المعروف منها في المرتبة الثانية بعد تركيا.

إن الكثافة الطاقية لبوروهدريد الصوديوم ـ وهي الطاقة القابلة للاستخدام المختزنة في كل لتر من غاز الهدروجين تضع خلايا الوقود، بما تتسم به من كفاءة عالية، في مرتبة محركات الاحتراق الداخلي التي تعمل على الگازولين؛ ويؤمن آخر النماذج الأولية من هذه الخلايا ما تحتاج إليه سيارة من طاقة لقطع مسافة 300 ميل قبل إعادة ملئها. وقد أماطت الشركة دايملر كرايزلر اللثام في الشهر 12/2001 عن طراز سيارة هجينة من نوع «الميني فان» تعمل ما بين المدينة والريف، هي الناتريوم Natrium. تستمد هذه السيارة طاقة محركها من خلية وقود ونظام قدرة تدعمه بطارية. وقد أجرت الشركة ميللينيوم على هذه السيارة أول اختبار لتقانتها التي تعتمد على إيصال الهدروجين إلى خلايا وقود تم تصنيعها لدى الشركة «بالاردپاور سيستمز» في ڤانكوڤر. تجوب هذه السيارة البلاد، حيث تزداد سرعتها من الصفر إلى 60 ميلا في الساعة خلال 16 ثانية؛ وهي فترة زمنية متواضعة، لكن الشركة دايملر كرايزلر واثقة من قدرتها على تحسين هذا الأداء.

SCI2002b18N9-10_H13_002571.jpg
يقوم مؤسس الشركة «ميللينيوم سِلْ» <S. أمِندولا> (في اليسار) ورئيس الشركة ومديرها التنفيذي <S. تانگ> بفحص المركبة التي تعمل باستخدام «هدروجين عند الطلب».

لفتت كيمياء بوروهدريد الصوديوم الأنظار منذ أكثر من نصف قرن؛ فهي من عائلة البورانات التي تم تطويرها للاستخدام كوقود دافع ووقود صاروخي في كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوڤييتي السابق، قبل تطوير أنواع جديدة من الوقود في الخمسينات من القرن العشرين. أما اليوم فتستخدم بصورة أساسية كعامل قصر وتبييض في صناعة الورق. وقد أدرك أمندولا، منذ بداية التسعينات حين عمل مستشارا للطاقة، أن بوروهدريد الصوديوم يمكن أن يكون مادة مثالية لتزويد السيارات الفارهة التي يعشقها الأمريكيون بالطاقة. اهتم ماندولا منذ طفولته بالأشغال اليدوية، وتعامل في مرحلة دراسته الثانوية مع المتفجرات والوقود الدافع، وقبل حصوله على الدكتوراه في الكيمياء حصل على براءتي اختراع عن عمليات تهدف إلى تنظيف الفحم الحجري. وقد صنع بالقليل من بورو هدريد الصوديوم الذي كان يجده حول مختبره، بطارية لم تعمل فقط بنجاح عند أول محاولة لتشغيلها، وإنما استمرت تعمل أحد عشر يوما دون توقف. لذلك كان جذب المستثمرين لأعماله أمرا سهلا.

وبغية تنشيط الاستثمارات وجعلها رابحة استعانت الشركة ميللينيوم بكفاءة وخبرة اثنين من حملة جائزة نوبل اللذين عملا مستشارين ومديرين رئيسيين، واللذين تركا عملهما لدى الشركات دوراسيل ودوپون وداوكميكل، ليجعلا هذه التقانة في متناول الجمهور. كان على الشركة أن تتخطى مجموعة من العقبات التقنية الهائلة؛ فتكلفة بوروهدريد الصوديوم التجاري أكبر بخمسين مرة من تكلفة ما يعادله من الگازولين. كما أن ما يولده هذا الوقود من طاقة أقل مما يتطلبه إنتاجه.

ويشكل غياب بنية تحتية، قادرة على توليد طاقة من مصدر غير هدروكربوني، عثرة رئيسية أمام الشركة، لا تستطيع بمفردها التغلب عليها. لذلك يتخيل تانگ ذلك اليوم الذي تضخ فيه محطات الوقود مادة بوروهدريد الصوديوم إلى السيارات، وتسحب منها ما تبقى فيها من مخلفات لا جدوى منها، وهي بورات الصوديوم، لتعيدها إلى وحدات اصطناع ومعالجة بغية تدويرها من جديد.

يتوقف مصير الشركة ميللينيوم على مدى التقدم الذي يحققه تطوير خلايا الوقود، كما يتوقف على عوامل اجتماعية مهمة قد تدفع الجمهور أخيرا إلى تقبل وقود غير هدروكربوني. فالأمر لا يتعلق فقط بارتفاع سعر وقود هذه الشركة، وإنما يتطلب الأمر خفض تكلفته من خلال ما قد يحققه التقدم التقاني من توفير، وما قد يحققه كذلك اعتماد اقتصاديات ناجعة. ويؤكد تانگ، وهو عضو في «هيئة هدروجين ڤيجِنْ پانل» Hydrogen Vision Panel، التي أنشأتها مؤخرا وزارة الطاقة في الولايات المتحدة، ضرورة تكاتف الجهود للإسراع في تبني تقانات الوقود الهدروجيني، لا سيما بعد أن تخلت إدارة الرئيس بوش عن البرامج التي تدعو إلى تشجيع إنتاج المركبات العالية الكفاءة التي تعمل بالوقود البترولي.

من أجل أن يتحول وقودها غير المسبوق إلى واقع تجاري،
يجب على الشركة «ميللينيوم سِلْ» أن تتغلب على سلسلة
من العوائق التقنية الهائلة.
وريثما تتوصل الشركة إلى إيجاد حل اقتصادي لموضوع الوقود الهدروجيني، تقوم الحاجة إلى اعتماد سلسلة من التقانات المرحلية. ومثال ذلك استخدام محركات احتراق داخلي يتم فيها حرق الهدروجين، بدلا من توليد الكهرباء بخلايا وقود؛ ويمكن أن يكون ذلك مدخلا إلى تسويق مشروعها على نطاق واسع. وتقبع في مرآب الشركة الكبير سيارة أجرة من مدينة نيويورك مزودة بمثل هذه المحركات التي لا تسبب انبعاث غاز ثنائي أكسيد الكربون، وينبعث منها مقادير من أكاسيد النتروجين تقل عما ينبعث من محركات احتراق الوقود الهدروكربوني. ويمكن للتطبيقات الوشيكة لتقانات الشركة ميللينيوم، أن تثبت فعاليتها في مولدات الطاقة الإضافية والمولدات المحمولة المستخدمة في عدد كبير من النظم، بما فيها مصانع إنتاج الشيپات السيليكونية وشبكات الاتصالات وسترات الجنود المقوّاة. ويمكن لبطاريات بوروهدريد الصوديوم ذات الاستخدام المديد، أي الطويلة العمر، ولنظم خلايا الوقود أن تستخدم في معدات عسكرية كالدبابات والسفن والطائرات من دون طيَّار وغير ذلك. ومن مزايا استخدام هذه النظم في السفن أنها تأخذ حاجتها من الماء من مياه البحر أو المحيط، وتمزجه على متنها في الوقود الجاف، مما يتيح لها القيام بمهامها في البحر لمدة أطول قبل إعادة تزويدها بالوقود.

يمكن تحقيق فكرة السيارة النظيفة بيئيا على أشكال عدة، بما فيها استخدام الغاز الطبيعي والميثانول؛ ويتنبأ عدد من الباحثين بأن الحل النهائي سيكون باعتماد وسط صلب لتخزين الهدروجين، قد تستخدم في صنعه أنابيب نانوية من الكربون، وهو تطوير لايزال بعيدا عن متناول اليد، وقد يحتاج تحقيقه إلى عقود من الزمن. أما مقدرة الشركة ميللينيوم على تبوؤ موقع بارز في هذا المجال فتتوقف على مقدرتها على الاتفاق المبكر مع الشركاء المناسبين، كما يقول <D. ساكلر> [نائب رئيس الشركة «ڤستيگو أسوشييتس»]، وهي المسؤولة عن أبحاث للشركة «فيديلتي كاپيتال ماركتس». وقد أبرمت الشركة حتى الآن اتفاقات مع الشركات «بوراكس الولايات المتحدة» و«روم وهاس» و«إيرپرودكتس أند كميكلز» كموردين؛ كما جذبت إليها العديد من الشركات المصنعة للسيارات. ويضيف ساكلر قائلا: إن توقيع عقد مع إحدى شركات الطاقة الكبيرة، أو مع إحدى شركات تصنيع السيارات، بهدف إقامة مرفق إنتاجي كبير، سيكون أمرا حاسما.»

أما تانگ فيتنبأ قائلا: إذا استطاعت الشركة ميللينيوم إيجاد الحلفاء المناسبين واستطاعت خفض تكاليف إنتاج الطاقة إلى ما دون التكلفة التي تنفقها على إحدى سيارات الناتريوم، فإن تقانتها الوقودية الجديدة قد تحقق انطلاقا في المرحلة القادمة. وإذا ما تحقق ذلك فإن المسحوق الأبيض سيكون مصدر تزويد بالطاقة لكل شيء تقريبا: من البطاريات الصغيرة للحواسيب الشخصية وكراسي المقعدين إلى خلايا الوقود الكبيرة في الحافلات والعبّارات والغواصات وربما الطائرات. إن جميع هذه الأفكار والتأملات تسلط الأضواء ثانية على مادة كيميائية اشتهرت للمرة الأولى كمادة منظفة عندما انطلق رونالد ريگان يحاول تسويقها في البرنامج التلفزيوني «أيام وادي الموت».

المؤلف
Julie Wakefield
كاتبة مختصة بالكتابات العلمية والتقنية، تقيم في مدينة واشنطن العاصمة.

(*)THE ULTIMATE CLEANFUEL
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
النظيف, الوقود


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الوقود النظيف
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسعار الوقود الجديدة في مصر عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 07-05-2014 03:52 AM
حكومة مصر سترفع الدعم عن الوقود عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 06-21-2014 05:47 AM
لتوفير الوقود عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 06-14-2014 09:08 AM
الوقود المصري لم يدخل غزة منذ 3 أسابيع عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 11-20-2013 07:49 AM
أسطورة النقود ولغز التمويل..!! Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 04-25-2012 12:52 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:38 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59