#1  
قديم 04-05-2017, 01:33 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي المالية المحلية


مقدمة عامة:
تعد المالية المحلية من عدة جوانب مؤشرا حقيقيا للتطورات التي تعرفها المجتمعات الحديثة وعنصرا أساسيا للحكم على مسار إصلاح نظام اللامركزية المحلية.
فباعتبارها جزءا لا يتجزأ من المالية العمومية ظلت المالية المحلية موضوع عدة إصلاحات وتغيرات منذ سنوات السبعينات وهذه التغيرات لم تهم فقط تحولات البنيات المحلية بل همت كذلك بنيات الدولة والأسواق الاقتصادية والمالية.
والحقيقة أن المالية المحلية تتجاوز كثيرا الإطار العضوي التقليدي للمالية العمومية والتي تشكل المخرج المشترك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة لجميع الدول وذلك بسبب وجودها داخل مجموعة من البنيات والعلاقات المعقدة.
ففضلا عن الجوانب المتعلقة بتمويل الجماعات المحلية والعلاقات التي تربطها بالدولة هناك جانبا يكتسي أهمية قصوى وهو المتعلق بالرقابة على هذا النوع من المالية.[1]
ويمكن القول أن الرقابة تحظي بأهمية كبرى في أدبيات الهيئات العامة والتي تعني بالمنظمات ووسائل تحسين كفاءتها.
لقد اعتبرت التعريفات الكلاسيكية أن الرقابة هي سياق يؤثر عبره شخص مجموعة أو منظمة قصدا على تصرفات شخصا آخر[2] أو الوسائل من أجل التأكد ما إذا كان أعضاء منظمة يجهدون من أجل تحقيق أهدافها[3].
وكان أول استعمال لمفرد "الرقابة" في القرن الثامن عشر والذي يشير إلى سك العلامة المصاغة على عملة الدولة.[4]
ويقترب معنى هذه الكلمة من عبارة "Contre-rôle" أي سجل في نسختين والذي عبره يتم تقييم مصداقية مضمون الجدول.[5]
وفي غالبية الأحيان تغلب المعاني التقليدية للرقابة على المفاهيم الأخرى كالصحة (Vérification) التفتيش (Inspection) أو الحراسة (Surveillance).[6]
وقد ظهرت من بعدها عبارة أخرى في اتجاه التحكم حسب معنى العبارة باللغة الإنجليزية TO-CONTROL.[7]
وعن هذا التعريف يعطي الفقيه GOUDWIN مثلا لذلك بقيادة السيارة بحيث يطرح السؤال التالي: ما هي آلة التحكم في السيارة هل هو المقود (Volant) أو عداد السرعة (Compteur) فالجواب عنده أن عددا من الناس سيختارون دون تردد "المقود" (Le volant) غير أنه وفي معنى المانجمانت فإن الجواب الصحيح سيكون هو العداد.
وفي تعريف آخر يمكن القول أن المراقبة " هو نظام معلومات يمكن من خلاله معرفة ما إذا كانت الأهداف قد تحققت (مراقبة الفعالية) أو أن استهلاك الوسائل لم يكن مفرطا بالمقارنة مع النتائج المحصل عليها ( مراقبة الكفاءة).[8]
أما مفهوم الرقابة المالية في أبعادها الحديثة فلم يوجد بمحض الصدفة أو العبث وإنما هي في واقع الأمر نتائج لمجموعة من التطورات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي عرفتها المجتمعات عبر العصور.
وتعد الرقابة المالية نوعا من الرقابة العامة التي تحظى بدور هام وأساسي في تنظيم المجتمعات والمؤسسات حيث عرفها المصريون القدماء والإغريق والرومان.[9]
وبصفة عامة ترجع نشأة الرقابة المالية إلى نشأة الدولة وملكيتها للمال العام وإدارته نيابة عن الشعب الذي يعتبر العمود الفقري لنشأة الدولة وقيام الجماعات وهو وليد الصراعات المستمرة ولذلك حرصت مختلف الشرائع على حماية المال العام وإيجاد الوسائل الكفيلة لتنظيمه من حيث الإنفاق والتحصيل.[10]
ولقد شكل موضوع الرقابة المالية في نظر جانب من الفقه مبحثا من أهم مباحث علم المالية العامة فهو العلم الذي تفرع عنه واستمد أسسه من علوم التشريع والسياسة والاقتصاد والمحاسبة والاجتماع والأخلاق.[11]
أما الجانب الآخر من الفقه فيربط الرقابة المالية بوجود جهاز أو عدة أجهزة يعهد إليها بواسطة نص قانوني أو دستوري لممارسة الرقابة على الأموال العمومية.[12]
في حين خلص أحد الفقهاء إلى أن الرقابة المالية وفق المعنى العام تمثل تلك العملية أو الوظيفة التي تسعى للتأكد من سلامة تنفيذ التوجيهات التي تضمن الحفاظ على الأموال وحسن إدارتها.[13]
والتعريف الآخر الذي يتماشى ويتفق مع التعريف الذي قدمته المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة على الأموال (الأنتوساي) في نظامها الأساسي وبالخصوص في مادته الثانية حيث نصت "أن الرقابة المالية تعني كل جهاز عال تناط به دستوريا أو قانونيا ممارسة الرقابة على المالية العامة والذي يزود كل من الجهاز التشريعي والجهاز التنفيذي بالمعلومات الكافية حول كيفية إدارة واستعمال الأموال العمومية.[14]
وفي نفس السياق اعتمد المؤتمر العربي الأول للرقابة المالية العليا على نفس الاتجاه في تعريف الرقابة المالية والذي يعتبر أكثر شمولية حيث أكد على أن الرقابة المالية هي "منهج علمي شامل يتطلب التكامل والاندماج بين المفاهيم القانونية والاقتصادية والمحاسبية والإدارية ويهدف إلى التأكد من المحافظة على الأموال العامة ورفع كفاءة استخدامها وتحقيق الفعالية في النتائج المحققة".[15]
1- إشكالية البحث:
اختيار موضوع الرقابة على مالية الجماعات المحلية والذي يطرح مجموعة من الإشكاليات انطلاقا من مدى فاعلية الرقابة على مالية الجماعات المحلية فليس بخلاف على أحد التأثير الذي تمارسه عمليات المالية المحلية على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والمحلي حيث تستجيب العمليات المالية لتلبية حاجات الأفراد والجماعات جاء نتيجة عدة عوامل تجعلنا نفكر بجدية فلي أهميته ومن أهم هذه العوامل يمكن استعراض ما يلي :
1.اعتماد مبدأ أساسي يتعين إعطاءه المكانة التي يستحقها وهو المتعلق بضرورة معرفة حاجيات المواطن من خلال إشباع الجماعات المحلية لحاجاته ورغباته انطلاقا من الموارد المالية المتوفرة لديها.
2.أهمية الموارد المالية الذاتية وغير الذاتية للجماعات المحلية والتي تبرز أساسا من خلال:
·ارتفاع المداخل المالية حيث بلغت المداخل الذاتية للجماعات المحلية برسم السنوات التالية ما يلي:
2004 : 15 مليار درهم.
2005 : 16 مليار درهم.
2006 : 17 مليار درهم.
·تطور وارتفاع حصة الجماعات المحلية من الضريبة على القيمة المضافة حيث وصلت 10 مليار درهم سنة 2006 ( 9.2 مليار درهم سنة 2005).
·ارتفاع المداخل الأخرى للجماعات المحلية حيث وصلت 5.5 مليار درهم (2006) .
·مكانة ميزانيات الجماعات المحلية بالنسبة للناتج الداخلي الخام حيث تمثل ميزانيات الجماعات المحلية 4% من ميزانية الدولة.
·تطور ارتفاع موارد الجماعات المحلية بالمقارنة مع ميزانية الدولة ما بين سنة 1976 و 2003 تضاعفت مالية الجماعات المحلية 15 مرة بينما تضاعفت ميزانية الدولة 6 مرات فقط.
·الموارد البشرية للجماعات المحلية حيث تشغل الجماعات المحلية 148.300 موظف من بينهم 14.000 إطار.[16]
3- ميلاد مؤسسات قضائية جديدة أي المحاكم الجهوية للحسابات والتي يعلق عليها المواطن آمالا كبيرة لحماية مساهمته المالية في تسيير المرافق العمومية المحلية.
4- إلزامية البحث عن الفعالية في تسيير المالية المحلية والانتقال من مراقبة المشروعية إلى مراقبة التدبر والتحكم في التسيير المالي المحلي كغاية يجب تحقيقها.
5- المقاربة الجديدة للميزانية والتي ترتكز على النتائج.
6- التوجه الجديد لتقييم السياسات العمومية المحلية باعتبارها أداة لتحسين العمل الجماعي بصفة عامة.
2- أهمية الموضوع:
تتحدد دوافع اختيار موضوع الرقابة على الجماعات المحلية في الأهمية التي يكتسيها البحث على مستويات مختلفة وفي الأهداف التي نتوخى تحقيقها من وراء إنجازه.
أ – الأهمية العلمية: يكتسي موضوع بحثنا في الجانب منه أهمية علمية نتوخى تحقيقها إذ نود بهذه المساهمة التي لا تخلوا بطبيعتها من بعض الثغرات إثراء البحث الجامعي في ميدان الرقابة والمحاسبة بصفة عامة وفي ميدان الرقابة على المالية المحلية بصفة خاصة وكذا إثارة الاهتمام بمختلف جوانب الموضوع الذي تفتقر فيه الخزانة المغربية للكثير من الدراسات الأساسية أو الجزئية التي من شانها إذا أنجزت أن تساهم في تطوير معرفتنا وتطوير مواضيع قانون الرقابة والمحاسبة وقواعد المسؤولية المالية.
ب– الأهمية العملية: يتناول البحث الجوانب المختلفة للرقابة على المالية المحلية والمسؤوليات التي تقررت على الجهات التي تتدخل في عمليات المراقبة كما يبرز الدور الذي تلعبه السلطات الإدارية المؤهلة والجهات القضائية المختصة في مساءلة القائمين على تدبير القائمين على تدبير المالية المحلية.
ج – الأهمية الاقتصادية: يكتسي البحث أهمية اقتصادية حيث يعتبر المغرب دولة من الدول السائرة في طريق النمو ويعاني من مشاكل وإكراهات تعوق عملية التنمية المحلية التي يتوخى تحقيقها.
لكن ما الذي يمكن أن يساهم به نظام الرقابة في تنمية الاقتصاد المحلي والوطني؟
تشكل الميزانية المحرك الأساسي للحياة الاقتصادية والترجمة الفعلية السياسة الاقتصادية والاجتماعية والنظام الصارم للمراقبة والمساءلة هو وحده الذي يمكنه أن يحمي المالية المحلية من الاختلاسات والتبذير والضياع والتسيب الذي يطال الأموال العمومية وأن يحد من العوائق التي تحول دون تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية.
ومما يزيد من أهمية الموضوع هو أن الرقابة على المالية المحلية عرفت وما زالت تعرف تطورا مهما من حيث القوانين المنظمة لها وكذلك من حيث الآليات الواجب تعبئتها من أجل مراقبة فعالة تفي بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية.
3 – منهجية التحليل وخطة البحث:
إن دراسة أي نظام للرقابة أو للمراقبة كيف ما كان نوعه وكيفما كانت طبيعته يستلزم توافر أربعة عناصر أو مكونات يمكن إجمالها فيما يلي:
-قاعدة مرجعية تشكل وحدة للقياس وعلى أساسها يتم التحقق من مدى صحة وقانونية العمليات المنجزة.
-تتكون القاعدة المرجعية في المجال المالي من التشريعات المالية ومن قواعد نظام المحاسبة العمومية والتي تهدف إلى حماية الأموال العمومية من الاختلاس والتبذير بتنفيذ عمليات مالية غير قانونية.
-جهاز أو أجهزة إدارية أو قضائية مؤهلة لمراقبة العمليات المنجزة ولضمان احترام القاعدة المرجعية فهذه الأجهزة هي التي تمكن من اكتشاف المخالفات بإبراز الفرق بين القاعدة المرجعية وبين العمليات المنفذة.
-إتباع الأجهزة المكلفة بالرقابة لمسطرة معينة لمراقبة العمليات المنجزة قصد الكشف عن المخالفات المالية المرتكبة ووضع حد لها ثم التدخل وفق تلك المسطرة.
وعلى هذا الأساس واستنادا على الإشكاليات التي تطرح مجموعة من التساؤلات والتي تشكل المناخ العام للمالية المحلية سنحاول من خلال الإجابة عنها تسليط الضوء على الآليات التي تمارس الرقابة على المالية المحلية مدى نجاعتها وكذلك معرفة حدود رقابة الآليات الكلاسيكية والتقنيات الحديثة التي تمزج بين ما هو قانوني اقتصادي محاسباتي لتجعل من الأداة الرقابية وسيلة لتحقيق التنمية المحلية وذلك باعتمادنا على المنهج الوظيفي الذي سنعمل بواسطته على تحديد وظائف الأجهزة المراقباتية وكذا الاستئناس بالمنهج المقارن وذلك بمقارنة هذه الأجهزة بمثيلاتها في بعض الدول خصوصا في القسم الثاني.
وسيكون ذلك وفق التصميم التالي:
üالقسم الأول: أوجه الرقابة على المالية المحلية.
üالقسم الثاني: حدود وآفاق الرقابة على المالية المحلية.












القسم الأول:
أوجه الرقابة على مالية الجماعات المحلية
لقد حدد الفقه المالي من الناحية النظرية جملة أنواع وتقسيمات رئيسية للرقابة تختلف باختلاف زاوية البحث المتبناة وهكذا فالرقابة من حيث الموضوع تنقسم إلى رقابة على المعاملات ورقابة على الأشخاص وهي في المجال المالي رقابة مالية حسابية ورقابة اقتصادية ومن حيث التوقيت الزمني فإن أهم تقسيم يجعلها إما سابقة أو لاحقة للتصرف المالي وأخيرا من حيث الأجهزة أو السلطة التي تضطلع بالرقابة فإنها تكون إما رقابة إدارية أو رقابة سياسية أو رقابة منوطة بهيئة مستقلة تكون في أغلب التشريعات ذات طبيعة قضائية.[17]
وفي هذا الإطار يقول الفقيه (M) BOUVIER يلتقي حاليا منطقين للرقابة لا يرتبطان بالضرورة مراقبة – الصحة Contrôle – vérification وتستجيب لهدف سياسي وقانوني ومقاربة – الضبط Contrôle – régulation تستجيب لهدف التسيير.[18]
إن محور هذا القسم سيتطرق إلى نوعين أساسيين من الرقابة على مالية الجماعات المحلية ويتعلق الأمر بالرقابة الإدارية (الفصل الأول) والرقابة القضائية (الفصل الثاني).
الفصل الأول:
الرقابة الإدارية والسياسية والمالية
( الرقابة السابقة والمواكبة واللاحقة )
سنتناول دراسة الرقابة الإدارية من خلال أجهزة الرقابة السابقة ( المبحث الأول) والرقابة البعدية ( المبحث الثاني).
فقبل التطرق إلى موضوع الرقابة الإدارية يمكن القول أن الوصاية على الهيئات المحلية تتجسد في مجموع " السلطات المخولة للسلطات المركزية بناء على قانون من أجل مراقبة شرعية نشاط هذه الهيئات المحلية وعدم تطاولها في ممارسة اختصاصاتها وذلك قصد ضمان تحقيق المصلحة العامة في إطار اللامركزية الترابية".[19]
ثم اقتراح لفظ " الرقابة الإدارية" بدلا من "الوصاية الإدارية" لأن الأول لا يمس في أهلية الأشخاص المعنوية اللامركزية وأيضا لضرورة استقلال القانون الإداري بمصلحاته الخاصة.[20]




المبحث الأول: نظام الرقابة السابقة والمواكبة.
تخضع ماليات الجماعات المحلية لرقابة سابقة على تصرفاتها المالية خاصة من الجانب الإنفاقي وتستهدف الرقابة السابقة بالأساس بحث مشروعية التصرف المالي قبل تنفيذه وبالتالي تفادي ارتكاب الأخطاء والمخالفات المالية لذلك يطلق عليها " الرقابة الوقائية" أو " الرقابة المانعة".[21]
وتمارس الرقابة على مالية الجماعات المحلية من طرف وزير الداخلية والسلطات وكذا الأشخاص المفوض لهم ذلك كما تخضع إلى رقابة من لجن وهيئات مختصة وفي الأخير تخضع أيضا لرقابة وزير المالية.[22]
وتعد مراقبة صحة الالتزام بالنفقة الخاص بالجماعات المحلية وهيئاتها ( مؤسسة القابض) والرقابة الممارسة من قبل سلطة الوصاية من أبرز أجهزة الرقابة السابقة.
المطلب الأول: رقابة الالتزام بالنفقات الخاص بالجماعات المحلية ورقابة مؤسسة القابض المالية.
من أهم قواعد الرقابة المالية السابقة قاعدة رقابة الالتزامات بالنفقات التي تهدف بالدرجة الأولى إلى مراقبة المشروعية المالية للنفقة ومدى مطابقتها مع القواعد و النصوص القانونية.
ورقابة الالتزام بالنفقات على المستوى العمومي رقابة لها تطور وخصائص مميزة تعكس المراحل التي مرت بها.[23]
الفقرة الأولى: الإطار القانوني للقابض ومسؤوليته في مجال الرقابة المحلية.
لقد تم إحداث وتنظيم هذا الجهاز بموجب مرسوم رقم 2.76.577 المؤرخ في 30 شتنبر 1976 ليواكب في المجال المالي تنفيذ قانون 30 شتنبر 1976 المتعلق بالميثاق الجماعي.
ويمارس هذه الرقابة موظفون يعينون من قبل وزير المالية القابض المالي (le percepteur) وتهدف هذه الرقابة إلى التأكد مما إذا كان الالتزام:
·منجزا بشأن اعتماد متوفر.
·مطابقا لباب الميزانية المقترح اقتطاع الاعتماد منه.
·صحيحا بالنسبة للقوانين والأنظمة المطبقة عليه.[24]
وتتم هذه الرقابة بوضع التأشيرة على مقترح الالتزام أو برفض التأشيرة عليه إلا أنه في الحالة الأخيرة يجب توضيح وتعليل الأسباب التي أدت إلى رفض التأشيرة وتمارس هذه الرقابة من طرف القابض المالي.
وعن جانب المسؤولية جاء الظهير الشريف رقم 25-02-1 الصادر في 19 من محرم 1423( 3 أبريل 2002) المتعلق بتنفيذ القانون رقم 99-61 المتعلق بتحديد مسؤولية الآمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين ليحدد في مادته الأولى مسؤولية هؤلاء الفاعلين ومن بينهم القابض البلدي.[25]
وتعتبر مسؤولية المحاسبين العموميين للدولة والجماعات المحلية وهيأتها مسؤولية شخصية ومالية في حدود الاختصاصات المسندة إليهم بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية باستثناء الحالات التي يتلقوا فيها أمرا بالتسخير بكيفية مشروعة من الآمر بالصرف.[26]
وبصفته موظفا عموميا يبقى القابض خاضعا للعقوبات المنصوص عليها في الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.157 بتاريخ 27 شعبان 1392 ( 6 أكتوبر 1972) المتعلق بإحداث محكمة العدل الخاصة.
الفقرة الثانية : اختصاصات ومهام القابض المالي.
إن دور القابض المالي في مجال رقابة المالية المحلية دور مزدوج حيث يمارس من جهة دور الرقابة المحاسبتية وذلك بناء على مقتضيات الفصل الثاني من المرسوم رقم 2-76-576 المتعلق بسن نظام المحاسبة المطبقة على مالية الجماعات المحلية وهيأتها إذ يعتبر بموجب ذلك مؤهلا لتنفيذ عمليات المداخل والنفقات أو التصرف في السندات إما بواسطة أموال أو قيم يتولى حراستها وإما بتحويل داخلي للحسابات وإما بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجة عن الأموال المتوفرة يتولى الأمر بصرفها أو يسهر على حركيتها وترويجها فالقابض المالي يضطلع بدور مهم في مراقبة الأوامر بالمداخل وكذا الأوامر بالنفقات وبعد أن يتأكد من صحتها يضع عليها عبارة " قابلة للاستخلاص" فيما يخص المداخل وعبارة " قابلة للأداء" فيما يخص النفقات.[27]
كما يقوم القابض المالي من جهة أخرى بدور الرقابة المالية على مالية الجماعات المحلية وهيأتها وبالخصوص في الشق المتعلق بالنفقات حيث تخضع هذه الأخيرة في مجال إعدادها باعتبارها إجراءا ماليا إلى الآمر بالصرف فيما يقوم القابض المالي بممارسة دور رقابة شرعية أي مطابقتها للقوانين والتشريعات والأنظمة المعمول بها.
مما سبق يتبين أهمية مبدأ عدم الجمع بين مهمة آمر بالصرف ومهمة محاسب ويجد هذا المبدأ مبرراته في توزيع العمل وتقسيم الوظائف لضمان حسن إنجازه ذلك أن الفصل بينهما يؤدي إلى انعدام فرص التواطؤ وتجاوز الانحرافات والتجاوزات.[28]
المطلب الثاني: رقابة سلطة الوصاية على مالية الجماعات المحلية.
سنعمل من خلال هذا المطلب على تعريف مفهوم الوصاية الإدارية والذي يعتبر من أكثر المفاهيم التي تميزت بعدة تعاريف.
كما سنتطرق إلى مجالات ممارسة هذه الوصاية على المستوى المحلي.


الفقرة الأولى: مفهوم سلطة الوصاية الإدارية.
لقد عرف البعض مفهوم الوصاية بأنها " مجموعة السلطات التي يمنحها المشرع لسلطة إدارية عليا لمنع انحراف وتخاذل وتعنت وإساءة استعمال الهيآت اللامركزية لسلطاتها لتحقيق مشروعية أعمالها وعدم تعارضها مع المصلحة العامة.[29]
وقد اقترح بعض الفقهاء استبدال لفظ الوصاية بلفظ أكثر دقة وفي هذا الإطار تم اقتراح لفظ " الرقابة الإدارية" بدلا من الوصاية الإدارية لأن الأول لا يمس في أهلية الأشخاص المعنوية اللامركزية وأيضا لضرورة استقلال القانون الإداري بمصلحاته الخاصة.[30]
وقد اقترح البعض الآخر استعمال اصطلاح "الرقابة الإدارية اللامركزية"[31] وعلى الرغم من وجهات الانتقادات الموجهة لمصطلح الوصاية فإن بعض الفقه يتمسك لاعتبارات واقعية بالإبقاء على هذا المصطلح على فرض أنه من الأخطاء الشائعة وأنه أصبح متداولا فقها وقضاءا ولا يمكن الاستغناء عنه.[32]
كما أن هناك اعتبارات تنبني على كون الوصاية أسلوب من أساليب الرقابة الإدارية وهي ترتبط بالتنظيم الإداري اللامركزية وتشكل أحد عناصره وترد كاستثناء عن استغلال الأشخاص المعنوية للامركزية – إذ الأصل هو الاستقلال-.
كما أن النصوص المحددة لها تلزم أن لا تفسر تفسيرا موسعا عملا بالقاعدة التي تقول " لا وصاية بدون نص ولا وصاية أزيد من النصوص" ليبقى الهدف الأساسي من الوصاية هو حماية المصلحة العامة و***** مبدأ المشروعية.
بل أكثر من ذلك وحتى في الأنظمة التي ألغت الوصاية على الجماعات المحلية كالنظام الفرنسي مثلا احتفظت ببعض طرق الوصاية.[33]
والجدير بالذكر أن قرارات الوصاية كانت موضوع المراقبة من طرف القاضي الإداري خاصة الجانب المتعلق بالشطط في استعمال السلطة (قرار مجلس الدولة الفرنسي سنة 1902 جماعة تريس – لبنان Commune Neris-les bains)
الفقرة الثانية: مجالات الوصاية الإدارية.
تشمل الرقابة التي تمارسها السلطة الوصية على الجماعات المحلية مجالين أحدهما مباشر والذي يتجسد بالخصوص في مبدأ إقرار توازن الميزانية وإلزامية تسجيل النفقات الإجبارية وآخر غير مباشر لا يقل بدوره أهمية عن الأول والذي يتجسد في الإمدادات العمومية والقروض المحلية.
أ – المجالات المباشرة:
تبرز تجلياتها في مبدأين أساسيين:
1-مبدأ توازن الميزانية
2-النفقات الإجبارية


1-مبدأ توازن الميزانية:
إن مغزى مراقبة الميزانية هو ضمان للجماعات المحلية كيفما كانت صعوباتها المؤسساتية السياسية أو المالية وجود ( في الماضي الحاضر والمستقبل) ميزانية متوازنة علما أن هذا التوازن يجب أن يكون حقيقيا.[34]
ويعتبر مبدأ التوازن من أهم المبادئ الأساسية للمالية المحلية وهذا المبدأ له مبرراته فعدم توازن الميزانية المحلية قد تكون له انعكاسات سلبية على المستوى الوطني كما أنه يمكن أن يضر بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة.[35]
وفي النظام الفرنسي "على عكس ميزانية الدولة فإن ميزانية الجماعات المحلية يجب التصويت عليها متوازنة" هذا التوازن يجب أن يكون حقيقيا بمعنى أنه لا يجب تضخيم المداخيل بصفة عشوائية أو تقليل المصاريف كما أن قاعدة التوازن يجب أن تطبق على كل الميزانيات ( الميزانية الأصلية الميزانية الملحقة وعلى كل أجزاء الميزانية).
وبواسطة حق إقرار توازن الميزانية الجماعية تتوفر سلطة الوصاية على تأثير كبير في المالية المحلية ذلك أن " إشكالية توازن الميزانية يثير تدخلا مباشرا للسلطات المركزية في التدبير المحلي بالتحكم في الوضعية المالية للجماعة.[36]
ويتجسد تأثير سلطة الوصاية في عملية التأطير السنوي للسياسة المالية المحلية عبر مجموعة من الدوريات التي توضح سنويا إما بعض مقتضيات القانون المالي الجماعي أو تحث على التقيد ببعض القواعد المالية.
إن الغرض من إصدار دوريات خلال فترات إعداد الميزانية هو التوجيه المباشر للسياسة المالية بشكل يحفظ القواعد والأسس العامة لسياسة الدولة وكذا ترشيد نفقات الجماعات المحلية وتحسين مواردها الذاتية.
2-النفقات الإجبارية:
تمتاز النفقات الإجبارية في التشريع المغربي المحلي بتنوع مجالاتها وبالأهمية التي تمثلها على المستوى المالي فهذه النفقات ترتبط بالتسيير العادي للجماعات كنفقات ***** دار الجماعة وأداء أجور الموظفين والأعوان ونفقات الصحة و***** الطرق إلى جانب نفقات الدين المترتب على الجماعة.[37]
وتمثل النفقات السالفة الذكر الحيز الأكبر من نفقات التسيير المحلية فجانبا مهما منها "يستهلك أغلب الميزانيات الجماعية ويمارس تأثيرا سلبيا على تجهيزها كما أن بعض الجماعات تجد نفسها ملزمة بالتضحية بمشاريع اقتصادية واجتماعية لفائدة مصاريف التسيير".[38]
وتعد هذه النفقات ذات دور جوهري لارتباطها بوجود الجماعة المحلية في حد ذاته فهي إذن "نفقات ضرورية وأساسية يجب على المجلس والجماعة أن يدرجها ضمن تحملات ميزانية الجماعة حتى ولو لم يجبرها المشرع فإجباريتها نابعة من طبيعتها.[39]
ب – المجالات الغير المباشرة:
تشكل الإمدادات العمومية والقروض المحلية الوجه الثاني للحضور العمومي على المستوى المحلي.
1-الإمدادات العمومية:
على الرغم من الأهمية المبدئية للموارد المالية الذاتية المحلية، فإن التطبيقات المعاصرة للأنظمة اللامركزية تبرز أنه لا يوجد نظام محلي في العصر الحاضر، لا يعتمد في تمويله على الموارد الخارجية وإن كانت نسبة هذا الاعتماد تختلف من نظام لآخر وقد تحوز في بعض الحالات على نسبة هامة ضمن مجمل الإيرادات المحلية.
ويميل بعض الباحثين في الاقتصاد والمالية إلى تفضيل هذا النوع من الموارد لدعم مصادر التمويل المحلي لكونه يمتاز بالاستقرار في التمويل ويساعد على دعم مسلسل التنمية المحلية الشاملة في المناطق إلا أن أهمية النظام التمويلي بواسطة الإعانات العمومية يترافق في الميدان العملي بعيوب تحد من دوره وفعاليته وتتحصل هذه العيوب في المراقبة الموازية للجهاز الإداري المركزي وهذا أمر بديهي فالذي يعطي يميل إلى مراقبة عطيته- الأمر الذي يمس بمبدأ الاستقلال المالي المحلي.
كما أن تنامي أهمية وحجم الإمدادات العمومية لا يساعد على الاهتمام الجدي بتنمية الموارد الذاتية المحلية.[40]
وتتخذ المساعدات العمومية شكلين اثنين، المساعدات المالية المباشرة لسلطة الوصاية، ثم المساعدات المالية غير المباشرة، والمتجلية في المساهمات لبعض الوزارات وبعض المؤسسات العمومية وذلك يهدف تشجيع الجماعات المحلية على تحقيق التجهيزات التي ترغب هذه الوزارات أو المؤسسات إنجازها على المستوى المحلي.
كما لا يجب إغفال الإمدادات التي تقدمها مجالس الجهة والعمالات والأقاليم لعدد من الجماعات بغية مساعدتها على إنجاز مشاريع تعود بالنفع على الجماعة.
وفي الأنظمة المقارنة، كالنظام الفرنسي، فإن الإعانات الخارجية لها ثلاث مصادر، أهمها تلك الممنوحة من طرف الدولة والمسجلة في مشروع الميزانية السنوية للدولة والتي تضم كل من الحصص (مساعدات سنوية وشرعية)، إمدادات التسيير والتجهيز وآخر التعويضات الممنوحة عن التخفيضات والإعفاءات الضريبية.وتأتي هذه المساعدات كذلك من الجماعات المحلية فيما بينها وحاليا من دول الاتحاد الأوروبي.[41]
كما أن هناك مساعدات مفروضة من طرف الدولة طبقا للقانون التوجيهي لإعداد وتنمية تراب الجماعات المحلية الصادر في 4 فبراير 1994.[42]
2-القروض المحلية:
تمثل القروض المحلية، المظهر الثاني للرقابة غير المباشرة التي تمارسها سلطة الوصاية على المستوى المحلي وتؤكد الممارسة في هذا المجال أن هذه الأداة الاستثنائية الخارجية في التمويل المحلي خضعت لتأثير عمومي مباشر سواء من خلال الهيئات المكلفة بهذا النوع من التمويل أو من خلال جوانبه الكمية والنوعية.[43]
فعلى مستوى الهيئات المكلفة بالاقتراض المحلي فإن التجربة الجماعية تؤكد انفراد مؤسسة وحيدة بهذه المهمة إلى الحد الذي جعل منها المؤسسة المتخصصة بدون منازع في ميدان التمويل بواسطة القروض.
إن إعادة تنظيم صندوق تجهيز الجماعات المحلية بواسطة القانون رقم 31/90 عملت على دعم مبدأ الاستقلال العضوي للصندوق خاصة تجاه مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير وتنويع مصادر موارده إلا أن هذه الأهداف ستجد حدودها الموضوعية في استمرارية محدودية تدخله على المستويين الكمي والنوعي وثم الحرص الكبير الذي لا زال يطبع موقف السلطة الوصية من تكوين الأجهزة المسيرة للصندوق خاصة إقرار منصب مندوب حكومة.[44]
إن إحداث هذا المنصب يبرز الطابع الرسمي للصندوق ويكشف الحرص الذي توليه الدولة لشؤون الاقتراض المحلي بالتحكم في آلياته وتوجيهاته لذلك فإن طابع الاستقلالية الذي حاول القانون إعطاءه لصندوق تجهيز الجماعات المحلية يظل جد محدود على المستوى العملي من خلال الاختصاصات المسندة لمندوب الحكومة.[45]
وفي النموذج الفرنسي مثلا عرف نظام القروض تحريرا من الناحية القانونية سنة 1982 ومن الناحية الاقتصادية سنة 1986 وتعدد أجهزة القرض لدليل على هذا التحرير.
غير أن موضوع القرض المحلي ثم التطرق غليه كذلك في قانون 6 فبراير 1992 المتعلق بالشفافية بحيث أصبحت الجماعات المحلية (التي يفوق عددها 3500 نسمة) عند إعداد ميزانيتها الملحقة ملزمة بتقديم معطيات ومؤشرات حول وضعيتها المالية الهدف منها هو تمكين المنتخبين باستعمال هذه المعطيات عند الترخيص بالقرض وتمكن كذلك الغرف الجهوية للحسابات من ممارسة رقابتها.[46]
فرغم هذا التحرير فإن نظام القروض يعرف حدودا في بعض الحالات:
·احتفاظ الدولة بسلطة المصادقة على القروض الإجبارية عبر الاكتتاب والقروض المبرمة مع الخارج ( هذا الإجراء تم إلغاءه بالنسبة للمقاطعات والجهات بمقتضى المادة 11 من القانون 1126-99 بتاريخ 28 دجنبر 1999.
·إبرام قرض بين جماعتين لا يمكن إلا نادرا ( القانون البنكي رقم 84-46 بتاريخ 24 يناير 1984).[47]
وفي ختام هذا المطلب يمكن القول أن هناك قاعدة لها قيمتها الدستورية وتستحق مقاربة نقدية ويتعلق الأمر بغياب وصاية لجماعة محلية على أخرى.
وحول هذا النوع من الوصاية فالدستور الفرنسي مثلا جد واضح " لا يمكن لجماعة أن تمارس وصاية على جماعة أخرى" وهذا الأمر مؤكد من جانبه القانوني غير أنه سرعان ما يجد حدوده فبالفعل لا يمكن لأحد أن ينكر حقيقة الوصاية بحكم الواقع التي تمارسها المقاطعات على الجماعات الصغيرة والمتوسطة والتي لا يمكن أن تحقق بعض مشاريعها دون إمدادات – غالبا تقديرية – للمقاطعات.[48]
وهذا الأخير، يطبع كذلك النظام الجماعي المغربي بحيث تبرز هذه الوصاية على مستوى الجهات والعمالات والأقاليم خاصة عندما يتعلق الأمر بدعم الجماعات القروية منها لتحقيق بعض المشاريع التنموية هذه التبعية لها عواقبها خاصة في المجال الانتخابي.


المبحث الثاني: نظام الرقابة السياسية والإدارية (الرقابة المواكبة واللاحقة)
تتدخل الرقابة اللاحقة بعد عملية تحصيل الموارد وأداء المصاريف وتتموقع في وقت بعيد ما شيئا عن الأعمال المنتجة والمحاسبتية للمداخيل والمصاريف العمومية.
إذا كانت الرقابة السابقة، تنجز قبل أي التزام بالإنفاق وتتخذ طبعا وقائيا يكون الغرض منه الحرص على التقييد بمبدأ مشروعية، واحترام التوجهات التي تنبني عليها رقابة الملائمة الممارسة من قبل سلطة الوصاية فإن الرقابة اللاحقة تتم بعد تنفيذ الميزانية المحلية وتتخذ ثلاثة أشكال رئيسية.
فهي إما رقابة سياسية يمارسها المجلس الجماعي بواسطة التصويت على الحساب الإداري وهذه رقابة عامة لا تقتصر على مراقبة شرعية قرارات الجهاز التنفيذي المحلي بل تمتد إلى مراقبة ملاءمتها ورقابة ذات طابع إداري تمارسها سلطات الوصاية بواسطة المفتشيات التابعة لها وهذه تختلف باختلاف الأجهزة الوصية.[49]
ويتمثل الشكل الثالث في الرقابة القضائية الممارسة من طرف المحاكم الجهوية للحسابات والتي تشكل مكسبا مهما للنظام الجماعي المغربي.
سنعمل من خلال هذا المبحث على دراسة الشكل الأول والثاني من الرقابة اللاحقة على المالية المحلية المغربية ونظرا لأهمية الشكل الثالث المتعلق بالرقابة القضائية فسنتطرق إليه في الفصل الثاني.
المطلب الأول : الرقابة السياسية على مالية الجماعات المحلية
إن الغرض من هذا النوع من الرقابة هو التأكد من مطابقة التنفيذ الموازناتي للتوجيهات المحددة من طرف الهيئة المنتخبة وتتم هذه العملية بواسطة الناقشة والتصويت على الحساب الإداري.
ولكن، قبل تحليل هذه الرقابة لا بد من استعراض التصويت على الميزانية الجماعية لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتصويت على الحساب الإداري.
الفقرة الأولى: التصويت على الميزانية الجماعية.
بعد الانتهاء من تحضير مشروع الميزانية داخل لجنة الميزانية والمالية يحال المشروع على المجلس الجماعي لا يعني فقط تصويت الأعضاء بالقبول أو بالرفض بشكل آلي وإنما يتناول المجلس ويتدارس جميع مقتضياته ومحتوياته بشكل مفصل وتؤكد المادة 37 من القانون 78.00 على هذه المسألة بقولها " يدرس المجلس الجماعي الميزانية ... ويصوت عليها...".
من الناحية النظرية يفترض أن يشكل التصويت على الميزانية أكثر المواضيع إثارة وحساسية داخل الحياة السياسية الجماعية إذ يعتبر مناسبة سانحة أمام المجلس عامة ولمعارضة داخله خاصة لتحريك المسؤولية السياسية للمر بالصرف الجماعي عن طريق رفض التصويت على مشروع الميزانية إلا أن الرئيس غالبا ما يعتمد في تمرير المشروع على الأغلبية التي ساندت انتخابه كرئيس.
يكتسي التصويت على الميزانية الجماعية بالإيجاب من طرف أعضاء المجلس الجماعي أهمية بالغة وله انعكاسات مباشرة على المسؤولية السياسية للأمر بالصرف الجماعي فحتى يتمكن من الشروع في تنفيذ الميزانية فإن الرئيس الجماعي يحتاج إلى موافقة أعضاء المجلس عليها فبدون حصوله على موافقة المجلس سوف لن يتمكن الرئيس من إنجاز المشاريع التي برمجها في إطار الميزانية على مستوى الواقع الملموس فالميزانية هي الآلية المالية لتحقيق الاختبارات السياسية على ارض الواقع كما أن الرئيس ملزم بأن يضمن للمشروع موافقة المجلس قبل بداية السنة المالية.
الفقرة الثانية : التصويت على الحساب الإداري.
الحساب الإداري هو عبارة عن تقرير مفصل بالأرقام يتعلق بشأن التصرف في ميزانية سنة مالية يتناول فصلا كل المداخيل والنفقات المسجلة بالميزانية.
وباعتبار رئيس المجلس الجماعي الآمر بالصرف والمسؤول الأول على التدبير المالي لميزانية الجماعة وعلى تنفيذ عملياتها يحصر الرئيس عند نهاية كل سنة مالية الحساب الإداري للتحملات والموارد ( المادة 47 الفقرة الأولى من القانون 78.00 بمثابة ميثاق التنظيم الجماعي).
يتم تحضير الحساب الإداري الجماعي بنفس الطريقة التي يتم بها تحضير الميزانية الجماعية وذلك من حيث الإجراءات الإدارية والمالية الخاصة بالتحضير والتي يشرف عليها كل من الآمر بالصرف والمصالح الإدارية والمالية إلى أن تصل إلى لجنة الميزانية والمالية التي تقوم بدراسة وإبداء الملاحظات حوله. لكنه لكي يتم تحضير الحساب الإداري بدقة فإنه ينبغي مقارنته مع حسابات القابض الجماعي الذي يتوفر على المبالغ الفعلية والحقيقية للموارد والنفقات.
إن تنفيذ الميزانية الجماعية من قبل الآمر بالصرف تستدعي إخضاعه لمراقبة سياسية من طرف أعضاء المجلس وذلك اعتبارا للمسؤولية الجماعية المفروضة على جميع الأعضاء في تدبير الشؤون المحلية.[50] وحتى يتمكن المجلس من التداول بصفة صحيحة لا بد من وضع بين يديه وضعية السنة المالية المنتهية بعد إعدادها من طرف المحاسب.
ويعتبر التصويت على الحساب الإداري من الوسائل التقليدية البعدية التي يتوفر عليها المجلس لمراقبة الجهاز التنفيذي غير أن هذه المراقبة تبقى ضعيفة بحيث لا يتوفر أعضاء المجلس على المعلومات الكافية لتفعيل هذه المراقبة.
وفي النظام الفرنسي وبمقتضى اجتهاد قضائي ( قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 9 نوفمبر 1973 جماعة بوانت –أ- بيتر Cne pointe à pitre) فإن اكتساب صفة عضو مجلس تعطي الحق لمعرفة كل قضايا الجماعة المحلية.
وفي هذا الإطار وبسبب رفض عمدة مدينة Chilly Mazarin إعطاء توضيحات كافية لعضو المجلس حول ميزانيات الجمعيات والتعويضات المؤاداة للموظفين الجماعيين فقد ألغي مجلس الدولة الفرنسي مداولات الميزانية ومنح الإعانات للجمعيات نتيجة هذه المخالفات المسطرية.[51]
والجدير بالذكر أن الإصلاح الموازناتي والمحاسباتي الذي عرفه النظام الفرنسي ألزم الشفافية كما أن المعلومات المتعلقة بالميزانية تدخل ضمن المتطلبات العمة والتي أكدها قانون 6 فبراير 1992 (Lois ATR).
يشكل التصويت على الحساب الإداري إحدى المناسبات الهامة أمام أعضاء المجلس الجماعي لمساءلة الآمر بالصرف الجماعي عن تنفيذ الميزانية الجماعية وذلك من خلال التصويت أو رفض الحساب الإداري ذلك أن التصويت بالموافقة على الحساب الإداري يعني من الناحية النظرية على الأقل التنفيذ الجيد للميزانية وهو الأمر الذي سيجعل الآمر بالصرف في وضع جيد و مريح في مواجهة أية انتقادات أو متابعات في حين أن رفض الحساب هو بمثابة إدانة واستنكار لسياسة التسيير المالي التي أشرف عليها الرئيس والتدبير غير السليم للشؤون المالية المختلفة.
الفقرة الثالثة : رفض الحساب الإداري والآثار المترتبة عليه.
بعد دراسة المجلس للحساب المرفوض والمداولات المتعلقة بهذا الرفض والمستندات المثبتة التي قدمها المحاسب المعني بالأمر يصدر المجلس رأيه حول شروط تنفيذ ميزانية الجماعة داخل أجل شهر واحد من تاريخ عرض الأمر عليه وبناءا على الآراء التي يبديها المجلس يقرر وزير الداخلية أو الوالي أو العامل الإجراءات التي يجب اتخاذها ( المادة 144 من مدونة المحاكم المالية).
قبل إثارة مختلف التساؤلات المرتبطة بظاهرة رفض الحساب الإداري تلزم الإشارة إلى أن استعمال لفظ المصادقة من طرف المشرع لإجازة الحساب المقدم من طرف الأمر بالصرف هو استعمال غير موفق ويعتبر مجالا لتداخل السلطات خاصة لسلطتي المجلس الجماعي والسلطة الوصية.[52]
فعدم المصادقة على الحساب الإداري لا يطرح في الواقع العملي إشكالية الآمر بالصرف فقط بل إنه يتعدى ذلك ليطرح إشكالية جدية الدور الرقابي للقابض البلدي كما أن رفض التصويت على الحساب الإداري من طرف المجلس قد يعمل على تأخير برنامج الاستثمار والتجهيز المرتبط بالفائض قد ينجم عن الحساب الإداري.[53]
وتطرح ظاهرة الرفض أيضا الإشكالية المرتبطة بطلب القراءة الثانية لمشروع الحساب الإداري من طرف سلطة الوصاية والدور الذي تضطلع به هذه الأخيرة في غياب نص قانوني يعالج وضعية استمرار التمسك بموقف الرفض.
إن الفراغ القانوني الخاص بالموقف من رفض الحساب الإداري أكد في الميدان العملي على محورية الدور الذي تتمتع به سلطة الوصاية في هذا المجال فهذه الأخيرة تبقى في كل الأحوال غير ملزمة بالخصوصيات التي تؤدي في الغالب إلى رفض الحساب الإداري من طرف الهيئات المنتخبة وتكون لنفسها على العكس من ذلك منهجية للتعامل تختلف شكلا ومضمونا عن المنهجية المتبناة على المستوى المحلي.[54]
فالموقف الذي تبنته الدوائر الرسمية داخل وزارة الداخلية لم يتعرض إلى ما يفيد عزل الرئيس في حالة رفض الحساب الإداري من طرف المجلس أو يعرقل مصادقة سلطة الوصاية عليه.
وقد أكد هذا الاتجاه على صحة موقفه أن العمليات التي أنجزها الآمر بالصرف يفترض أن تكون قد خضعت لمراقبة مارسها القابض الجماعي بصفته مراقبا لصحة الالتزام بالنفقات الجماعية ومراقبا لصحة الدين في نفس الوقت وبالتالي فإن تلك العمليات تتطابق مع القوانين والأنظمة الجاري بها العمل وهذا التطابق هو الهدف الأساسي الذي توخاه المشرع من الوصاية المالية.[55]
المطلب الثاني: رقابة المفتشية العامة.
إذا كانت الأجهزة الرقابية تتفاعل مع مختلف مظاهر العمل الإداري حيث لا ينبغي في دولة القانون انفلات منظومات أو أجهزة إدارية من الرقابة عموديا وأفقيا فإن التدبير المالي يخضع بدوره لأشكال متعددة ومتنوعة من المراقبة والتفتيش.[56]
هناك عدة أجهزة إدارية ومالية تضطلع بمهام مراقبة الجماعات المحلية منها ما هو تابع لوزارة الداخلية " كالمفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية المحلية" ومن هنا ما هو تابع لوزارة المالية " كالمفتشية العامة للمالية".[57]
الفقرة الأولى: رقابة المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة
للمالية المحلية.
لقد كان الهدف من إحداث هاتين المفتشيتين هو تلبية بعد محلي والميزة الأساسية لدور هذه المفتشيات هو التعدد والتداخل في الاختصاصات.
أ – المفتشية العامة للإدارة الترابية:
إن دور هذه المفتشية يشمل المراقبة لمختلف أوجه التسيير الإداري والثقني والمحاسبي كما أن مجال عملها يشمل المصالح التابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية وهيآتها وبهذا فإن نصيب الجماعات المحلية من الدور المسند لهذه المفتشية يبقى مجالا ضمن مجالات متعددة.[58]
وعلى الرغم من طبيعة الدور المسند للمفتشية فالملاحظ أن القانون لم يفصل في طريقة عملها والهدف من إقرارها كما أنه لم يتناول في ذات الوقت أمورا على جانب كبير من الأهمية تتعلق بالجزاءات التي يمكن اتخاذها في حالة اكتشاف المخالفات المالية سواء اتجاه الآمرين بالصرف أو اتجاه الموظفين والعاملين بالجماعات المحلية هذا التناول المحدود لأوجه عمل جهاز المفتشية العامة للإدارة الترابية سيكون له تأثير على الدور المنوط بها.[59]
ب – المفتشية العامة للمالية المحلية.
على عكس المفتشية العامة للإدارة الترابية ذات الاختصاص العام فإن المفتشية العامة للمالية المحلية سوف تقتصر في عملها الرقابي على مجال محدد هو مالية الجماعات المحلية وهيآتها ورغم أن النصوص القانونية المنظمة لهذا الجهاز الرقابي لم تتوفر بعد فإن وثائق إدارية وزارية هي التي ستعمل على تحديد مهامه.[60]
ورغم غياب الإطار القانوني فإن أعمال هذه المفتشية كانت مناسبة لإصدار بلاغات رسمية بخصوص ضبط مخالفات مالية بعدد هام من الجماعات وإصدار بعض الإجراءات الإدارية في حق أصحابها كما أن جانبا من المخالفين أحيل على الجهات القضائية المختصة.[61]
إن الرقابة الإدارية للسلطة الوصية ما زالت تحتاج إلى تنظيم محكم لآلياتها من جهة والعمل على ضمها في جهاز واحد كما يتعين عدم تركيز هذه الأجهزة بغية الرفع من فعاليتها على المستوى المحلي.


الفقرة الثانية: رقابة وزارة المالية.
إن الدور الرقابي لوزير المالية على المستويين العمومي والمحلي لا يتناقض في الحقيقة مع الدور المسند إليه في تتبع كيفية واستعمال وصرف الأموال العمومية الأمر الذي يدعوا على إيلاء العناية اللازمة في إطار توحيد الأجهزة الرقابية وتنسيق عملها إلى التفكير في التوحيد على مستوى الوزارة ذات الاختصاص المالي الأصلي وهي وزارة المالية.[62]
وتخضع الجماعات المحلية من جهة لرقابة المفتشية العامة للمالية التي تتمتع باختصاص عام ومن جهة أخرى لرقابة الخزينة العامة للمملكة التي تمارس رقابة تكتسي طابعا خاصا من حيث الدور والمهام.
أ – المفتشية العامة للمالية:
أحدثت المفتشية العامة للمالية بمقتضى الظهير الشريف رقم 1-59-269 الصادر في 14 أبريل 1960 بالإضافة لنصوص أخرى[63] وتخضع هذه الهيآت للسلطة المباشرة لوزير المالية وتماس الرقابة على التصرف في المال العام ويتعلق الأمر برقابة دورية تكتسي طابع المباغثة والتفتيش في عين المكان وتنصب بصفة أساسية على أعمال المحاسبين ولا تجري على الآمرين بالصرف سوى بكيفية غير مباشرة عن طريق مراقبة أعمال المحاسبين العموميين عندما يتعلق الأمر بالتحقق من صحة العمليات المقيدة في حسابات النفقات والمداخيل التي ينجزها الآمرون بالصرف.
وتنصب مهام المفتشية العامة للمالية طبقا للظهير الشريف السالف الذكر على القيام بالمهام التالية :
×إجراء تحقيقات حول مصالح الصندوق والمحاسبة والنقود والمواد والمحاسبين العموميين وبصفة عامة مراقبة التدبير المالي لأعوان الدولة والجماعات المحلية.
×التحقق من سلامة التسيير المحاسبي للمحاسبين والتأكد من صحة العمليات المدرجة في حسابات الآمرين بالصرف وكل الإداريين سواء تعلق الأمر بالمداخيل أو بالنفقات.
×القيام بالتحقيقات وأعمال التفتيش والمراقبة التي ترى أنها ضرورية.
لقد كان من المؤمل أن تعمل المفتشية العامة المالية في ظل الأهداف التي أنشأت من أجلها وبواسطة الإطار البشري الذي توفرت عليه على ضبط وتنمية قدرات التسيير للأجهزة الخاضعة لرقابتها على المستويين العمومي والمحلي.[64]
ومن خلال ممارسة هذه الهيأة لمهامها طوال 40 سنة ( 1960-2000) يتبين أن مساهمتها في حماية المال العام بقيت جد محدودة وبالتالي لم ترق على تحقيق الأهداف المتوخاة منها.[65]
ب – رقابة الخازن العام للمملكة:
تقوم الخزينة العامة للمملكة، برقابة مالية لاحقة على تنفيذ الميزانية الجماعية وذلك انطلاقا من الدور المنوط بالمخازن العام للمملكة اتجاه محصلي المالية الجهويين والإقليميين، وكذا اتجاه القابض البلديين.[66]
غير أن هذا النوع من الرقابة قد تم تخفيفه وتغيره بمقتضى قانون61-99 المتعلق بمسؤولية الآمرين بالصرف المراقبين والمحاسبين ومرسوم 24 دجنبر 2004 وكذلك بواسطة قانون المالية لسنة 2004.
إن عمليات المراقبة تشمل حسب النظام الجديد ما يلي:
- صفة الآمر بالصرف أو المفوض له.
- توفر الاعتمادات
- الوثائق التبريرية المشار إليها في التنظيمات الجاري بها العمل
- ضبط حسابات التصفية
- التأشيرات الضرورية وخاصة لمراقبة الالتزام بنفقات الدولية.
إن التدبير المالي المحلي يحتاج في إطار عملية العقلنة والرفع من المردودية إلى الأجهزة المواكبة والمكلفة بعمليات التنفيذ المالي والمحاسبي وفي هذا الإطار فإن ضعفا عدديا واضحا لا زال يطبع حجم وتوزيع القبضات المالية والبلدية.[67]
إن العلاقات ما بين هذه الأجهزة والآمرين بالصرف على مستوى الجماعات المحلية يطبعها الحذر بدل المشورة للرفع من مستوى التدبير المالي المحلي.












خاتمة الفصل الأول:
يمكن القول أن الرقابة السابق والمواكبة واللاحقة من خلال الرقابة الإدارية والسياسية والمالية في مجملها تبقى رهينة بمدى تفعيلها على المستوى المحلي ولن يتأتى هذا الأمر دون نظرة شمولية لمختلف هذه الأجهزة والتفكير بجدية في إصلاح منظومتها عبر وضعها في إطار اللامركزي وجمع شملها في جهاز واحد لتفعيل مهامها على المستوى المحلي.
والملاحظ أن محاولات ضم هذه الأجهزة قد انطلقت فعلا عبر ضم إدارة مراقبة الالتزام بنفقات الدولة إلى الخزينة العامة للمملكة.
إن هذا النموذج يبقى مؤشرا أوليا على إدارة الدولة في توحيد أجهزة المراقبة.
فإذا كانت الدولة تسعى إلى إصلاح المنظومة الإدارية الرقابية فإن مجال الرقابة المحلية يتطلب بدوره إصلاحا ليس فحسب من الجانب المرتبط بأنظمته القانونية بل كذلك من جانب تكوين المنتخب المحلي وجعله من جهة آلية سياسية فعالة للرقابة على المالية المحلية ومن جهة أخرى شريكا للأجهزة الرقابية الإدارية والقضائية.




الفصل الثاني:
الرقابة القضائية على مالية الجماعات المحلية
- رقابة القضاء المالي-

إن الممارسة المالية المحلية في مجال الرقابتين الإدارية والسياسية تثير من جوانبها العملية والقانونية جملة صعوبات ومشاكل فالرقابة الإدارية تكون من السلطة التنفيذية على نفسها وهي بذلك ما تكون ضعيفة وغير حازمة كما أن الرقابة السياسية تعرف هي الأخرى عدة نواقص وحدود الأمر الذي دعا في التشريع المقارن إلى تشجيع "إنشاء هيئة مستقلة يراد منها الانصراف إلى هذه الرقابة العامة ويتحاشى فيها موضع الوعد المشهود في غيرها".[68]
وفي هذا الإطار فإن استحضار هذه الصعوبات والمشاكل يدفعنا إلى تناول وجه ثالث من أوجه الرقابة يتعلق الأمر بالرقابة القضائية هذه الأخيرة تحتل المرتبة الأولى من حيث فعاليتها المباشرة في الحفاظ على مبدأ الشرعية عن طريق احترام القانون من قبل الإدارة.[69]
إذا كانت مهمة القضاء العادي تنحصر في تطبيق حرفية النص القانوني والموقف عند نية وقصد المشرع دون التوسع في ذلك، فإن القضاء المالي قضاء إنشائي يبتدع الحلول المناسبة في إطار بحثه الدائم عن نقطة التوازن بين الحفاظ على الأموال العمومية وبين ***** الخاضعين لاختصاصاته وذلك في إطار مرونة تامة لا تؤدي على التضحية بالمال العام ولا إلى شل روح المبادرة لدى الآمرين بالصرف.
ويقصد بالقضاء المالي مجموعة من المؤسسات التي تتولى الرقابة العليا في البلاد على المالية العمومية والتي بالنظر إلى طريقة تشكيلها وطريقة سير عملها تكتسي طابعا قضائيا وهو بهذا المعنى فإن القضاء المالي هو الذي يتولى المراقبة على تنفيذ قوانين المالية من خلال التحقق من عمليات الموارد والنفقات العمومية وفي المغرب تتحدد مؤسسات القضاء المالي في المجلس الأعلى للحسابات وفي المجالس الجهوية للحسابات.
هناك عدة فرضيات وعوامل تستلزم تجويد أساليب ومنهاج الرقابة العليا على تدبير الجماعات المحلية وماليتها يمكن بإيجاز شديد ذكر منها العناصر التالية:
1.الاتجاهات الدولية الجديدة القاضية بدعم الحكم الجيدLa bonne gouvernance:
2.الأزمة التنظيمية والإستراتيجية التي تعرفها الدولة في مجال تفعيل الرقابة المالية وتجويد آليات تدخلها بصفتها وظيفة إستراتيجية في مجال تقويم تدبير الشأن العام وتحسين أدائه وتطوير مردوديته والسيطرة على العيوب والاختلالات التي تكتنفه.[70]
إن دراسة هذا الجانب من الرقابة على مالية الجماعات المحلية سيتم التطرق إليه عبر مبحثين يتعلق الأول بالرقابة القضائية على مالية الجماعات المحلية الممارسة من قبل المجلس العلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات أما المبحث الثاني فسيتم من خلاله تسليط الأضواء على تجربة بعض الدول في هذا المجال.













المبحث الأول: الرقابة القضائية على مالية الجماعات المحلية.
إن البحث في ممارسة الرقابة القضائية على مالية الجماعات المحلية في التجربة المغربية يفرض علينا التعرض لهيئات المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات التي أناط بها المشرع المغربي مهمة ممارسة الرقابة العليا على المالية العمومية أما اعتماد مركزية هذه الرقابة فقد كان نتيجة قصر تجربة المجلس الأعلى للحسابات في القيام بمهمة الرقابة على الجماعات المحلية.
فتبنى مبدأ اللامركزية الرقابة المالية يعتبر أهم المبادئ في التنظيم الرقابي للتشريعات المقارنة سواء في التشريع الأنجلوسكسوني ونموذجه في الولايات المتحدة[71] أو اللاتيني كالتشريع الفرنسي الذي اعتمد الغرف الجهوية للحسابات في إطار قانون 2 مارس 1982 هذا النوع من المراقبة يعد مطابقا لمنطق اللامركزية.[72]
إن دراسة هذا المبحث سيتم عبر مطلبين يتطرق الأول إلى المجلس الأعلى للحسابات بينما سيتم في المطلب الثاني تسليط الضوء على المجالس الجهوية للحسابات ودورها في الرقابة على مالية الجماعات المحلية.



المطلب الأول: رقابة المجلس الأعلى للحسابات
طبقا لمقتضيات الفصلين 96 و97 من الدستور يتولى المجلس الأعلى للحسابات بممارسة الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصروفات الأجهزة الخاضعة لرقابته بمقتضى القانون...[73]
لقد أدخل المجلس الأعلى للحسابات المغربي بالمقارنة مع نظيره الفرنسي تجديدا في مجال المسؤولية المالية فهو لا يساءل المحاسبين العموميين فقط ولكن أيضا الآمرين بالصرف وبذلك يكون المجلس الأعلى للحسابات قد اقتصد سنوات عديدة في تطوره لأنه أدمج المسؤوليتين معا أمام جهاز واحد دون أن ينتظر العيوب التطبيقية التي تكشف عنها التفرقة بينهما.
أما اختصاصاته فمنها ذات طابع قضائي وأخرى تكتسي صبغة إدارية.
الفقرة الأولى: الرقابة القضائية للمجلس الأعلى للحسابات للنظر في الحسابات.
يدقق المجلس الأعلى في حسابات مرافق الدولة وكذا حسابات المؤسسات والمقاولات الخاضعة لرقابتها (المادة 25 من مدونة المحاكم المالية) بينما يدقق المجلس الجهوي في حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه الجماعات والهيئات (المادة 126 من المدونة) والنظر في الحسابات يعني مراقبة العمليات التي تتضمنها تلك الحسابات والمراقبة التي ينجزها القاضي هي مراقبة مشروعية حيث يقوم بالتحقق من أن حساب التصرف يسجل جميع العمليات التي قام المحاسب بتنفيذها وأن تلك العمليات أنجزت احتراما للتشريعات المالية.
وكون المراقبة التي تتطلبها عملية التدقيق تنصب على الحسابات فإن المشرع قد ألزم المحاسبين بتقديم حسابات تصرفهم والأوراق المثبتة للعمليات التي يتضمنها الحساب إذ يتحتم على المحاسبين تقديم حسابات تصرفهم.
1-طبيعة اختصاص النظر في الحسابات:
أجمع الفقهاء الفرنسيون والمغاربة المختصون في المجال المالي على اعتبار اختصاص النظر في الحسابات هو اختصاص مادي أولا ثم كونه يعد من النظام العام ثانيا.[74]
أ – اختصاص مادي:
تشير إحدى الأحكام المشهورة أن رقابة المجلس الأعلى للحسابات تقف عند حدود البث أو النظر في الحسابات دون المحاسبين العموميين إلا أن اعتبار الرقابة كذلك قد أثار جدلا ونقاشا فقهيا خاصة في فرنسا.
وفي هذا السياق ذهب الفقيه (جاك مانيي) إلى تبني الحكمة الأنفة الذكر لكن بمفهوم خاص إذ يؤكد على أن محكمة الحسابات الفرنسية تقاضي فعلا الحسابات إلا أنها تراقب وتقاضي كذلك المحاسبين لكن في نطاق ضيق ومحدود وهذا الأمر – عدم رقابة المحاسبين – لا يعد إحجاما عن قاضي الحسابات عن ممارسة هذه الرقابة.[75]
ولقد تأثر المشرع المغربي من الناحية القانونية بنظيره الفرنسي سواء في ظل القانون رقم 79/12 أو في إطار القانون رقم 99/62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية وهكذا تم إسناد مهمة النظر أو البث في الحسابات في كلا البلدين إلى الجهازين المكلفين بالرقابة العليا على الأموال العمومية وفقا للقوانين المنظمة لهما والتي نصت على أن الهيئة العليا تراقب حسابات المحاسبين العموميين".
وتجدر الإشارة إلى أنه رغم خلو النصين القانونيين من اعتماد الجزء الثاني من المحكمة السالفة الذكر فإن هناك مقتضيات قانونية أخرى تمنح الجهازين سلطة ومهمة مقاضاة المحاسبين.[76]
ب- اختصاص من النظام العام:
تعتبر الأجهزة القضائية الهيئآت الوحيدة التي يدخل في اختصاصها مراقبة جميع حسابات المحاسبين العموميين وبذلك فهم ملزمين بصفتهم أعوان عموميين بتقديم حساباتهم إلى الهيئة المكلفة بالرقابة العليا على الأموال العمومية.[77]
ومن هذا المنطلق يعتبر اختصاص هذه الأجهزة في ميدان الرقابة القضائية على المحاسبين العموميين اختصاصا من النظام العام.[78]
لقد سبق للمجلس العلى للحسابات أن مارس اختصاص الرقابة القضائية على المحاسبين العموميين وفقا لما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 25 من القانون رقم 79/12 ولقد أصبحت المادة نفسها ( المادة 25) تؤطر نفس الاختصاص في إطار قانون 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
فالمشرع تناول مسألة تقديم المحاسبين لحساباتهم بصيغة إلزامية سواء في مدونة المحاكم المالية أو القوانين الأخرى حيث يلزم القانون 99.62 المحاسبين العموميين لمرافق الدولة أو للجماعات المحلية وهيئاتها بتقديم حسابات هذه الأجهزة سنويا إلى المجلس الأعلى أو إلى المجالس الجهوية للحسابات حسب الحالات أما الأجهزة العمومية الأخرى سواء الوطنية منها أو المحلية فإن القانون يلزم محاسبيها بتقديم سنويا إلى المحاكم المالية بيانا محاسبيا عن عمليات المداخيل والنفقات وكذا عمليات الصندوق التي يتولون تنفيذها.
والواقع أن الصيغة الإلزامية التي تناول بها المشرع مسالة تقديم حسابات التصرف لا تقتصر على القانون 99.62 وإنما سبق للمشرع في نصوص قانونيةسابقة وأن أكد على تلك الصيغة حيث نص الفصل 27 من ظهير 14 شتنبر 1979 على إلزامية أن يقدم كل محاسب عمومي بيانا عن تسييره كذلك ألزم الفصل 114 من مرسوم الجماعات المحلية وهيئاتها بتاريخ 30 شتنبر 1976 محاسبي هذه الهيئات بوضع حساب للتسيير يبرز بشكل مفصل الوضعية المالية للجماعة في نهاية السنة كما يبرز حساب التصرف جميع العمليات التي أنجزها المحاسب من تاريخ استلامه لمهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها سواء فيما يتعلق بعمليات الموارد أو بعمليات النفقات.
2-الأشخاص والأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس الأعلى للحسابات:
أ- الأشخاص الخاضعة لرقابة المجلس الأعلى للحسابات:
يمارس المجلس الأعلى للحسابات مراقبته على المحاسبين العموميين الذين يباشرون باسم مرافق الدولة والمؤسسات العمومية وكذلك على المقاولات التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية في حالة توفر هذه الأجهزة على محاسب عمومي.[79]
وتتجاوز رقابة المجلس الأعلى للحسابات المحاسبين العموميين لتشمل كذلك نوعا آخر من الأشخاص ويتعلق الأمر بالمحاسبين الفعليين أو المحاسبين بحكم الواقع فمن خلال المواد 41-43-44 من القانون يتضح أن صفة المحاسب امتدت لتشمل المحاسب بحكم الواقع.[80]



ب – الهيئات والأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس الأعلى للحسابات:
حددت الفقرة الخامسة من الفصل 25 من القانون رقم 79-12 طبيعة ونوعية الهيئات التي تخضع لرقابة المجلس في مجال الرقابة القضائية على المحاسبين العموميين في ثلاث هيئات وهي:
1-الدولة
2-الجماعات المحلية
3-المؤسسات العمومية
إلا أن هذه الهيئات أصبحت في ظل القانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية حسب المادة 25 منه تتحد فيما يلي:
-مرافق الدولة
-المؤسسات العمومية
-المقاولات التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين المؤسسات العمومية والجماعات المحلية.
لا أن المشرع المغربي أخذ بنفس سياق التحديد الذي جاء به المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية مراعيا بذلك الاختصاصات المخولة للمجالس الجهوية على المستوى المحلي.
الفقرة الثانية: الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
يعتبر اختصاص الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية الوجه الثاني لرقابة "المشروعية" أو " المطابقة" [81] وذلك لكونهما تنصب أساسا على تصرفات الآمر بالصرف.
وهذا الشكل من الرقابة هو الذي يبرز خصوصية وأصالة تجربة المجلس الأعلى للحسابات المغربي بحيث يمارس اختصاصا قضائيا مزدوجا يتجلى في تولية لممارسة الرقابة القضائية على المحاسبين العموميين والآمرين بالصرف في آن واحد.[82] فيما أن مراقبة الآمرين بالصرف تتولاه في التجربة الفرنسية محكمة التأديب المالية.[83]
ومن أجل توضيح اختصاص الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بأنه يتعين تحديد الأشخاص والأجهزة الخاضعين لهذه الرقابة (1) وكذلك تحديد طبيعة ونوعية المخالفات الخاضعة لمراقبة المجلس (2).


1- الأشخاص والأجهزة الخاضعة لمراقبة القضاء المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
يمارس القضاء العالي رقابة على الأشخاص ورقابة على الأجهزة.
أ – الأشخاص الخاضعين لرقابة المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية
يمارس المجلس الأعلى للحسابات رقابة قضائية في ميدان لتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على كل موظف أو مسؤول أو عون بأحد الأجهزة التي تجري عليها رقابة المجلس كل في حدود الاختصاصات الموكولة إليه وفقا لمقتضيات المادة 51 من قانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
ووفقا للمادة 66 إلى 99 ( باستثناء الفقرة الثالثة من المادة 66) أضاف القانون السالف الذكر أشخاصا أخرى يمكن مقاضاتها أمام المجلس في إطار التأديب المتعلق بالميزانية ويتعلق الأمر بكل مراقب للالتزام بالنفقات وكل مراقب مالي بالمؤسسات العمومية.[84]
كما يمكن للمجلس أن يراقب المحاسب العمومي وكذا كل موظف أو عون يوجد تحت إمرته أو يعمل لحسابه في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.[85]
ب – الهيئات والأجهزة لرقابة المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية:
تطرقت المادة 51 من نفس القانون إلى طبيعة الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس الأعلى للحسابات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية لتشمل كل من مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والشركات أو المقولات التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بصفة مباشرة أو غير مباشرة أغلبية الأسهم في الرأسمال.[86]
2- طبيعة المخالفات المراقبة من قبل المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية:
يمارس المجلس الأعلى للحسابات الرقابة في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في الفرع الخامس ( المواد 66 إلى 69 من القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية) على كل أمر بالصرف أو آمر مساعد بالصرف أو مسؤول وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت سلطتهم أو لحسابهم إذا ارتكبوا إحدى المخالفات والتي ثم تحديدها وضبطها بشكل دقيق تسهيلا على القاضي حتى لا يتيه في البحث والتصنيف طبقا لأحكام المادة 54.[87]

المطلب الثاني : رقابة مجالس الجهوية للحسابات
تاريخيا ظلت المراقبة على المالية المحلية اختصاصا خالصا لسلطات الوصاية فقبل نظام 1976 كان رؤساء المجالس الجماعية ينفذون القرارات المالية تحت التوجيه والمراقبة المباشرة لممثلي السلطة المركزية ( القائد أو الباشا) وفي ظل نظام سنة 1976 نسبيا ثم التخفيض من شدة وصرامة تلك المراقبة المالية حيث أصبح الآمرون بالصرف الجماعيون يتمتعون باستقلال مالي مهم وبالتالي أصبح بإمكانهم وتحت مسؤوليتهم تنفيذ القرارات المالية المهمة بما فيها الميزانية الجماعية لكن بالمقابل ظلوا خاضعين لمراقبة مالية تمارس في شكل وصاية إدارية ومالية وقد احتفظ ظهير 2002 لم تعد المراقبة على العمليات المالية حكرا على سلطات الوصاية وإنما أصبحت تتقاسمها مع المجالس الجهوية للحسابات.
هناك عدة فرضيات وعوامل تستلزم تجويد أساليب ومناهج الرقابة العليا على تدبير الجماعات المحلية وماليتها يمكن ذكر منها على الخصوص عدم قدرة المجلس الأعلى للحسابات الحالي على السيطرة على مراقبة التدبير المالي والإداري للجماعات المحلية جغرافيا وبشريا ووظيفيا بحكم مركزة الرقابة وتنوع وتعدد الاختصاصات وضعف اللوجيستيك المادي وكذلك قلة الموارد البشرية وتعقد المساطر والإجراءات.
ناهيك عن الفراغ القانوني والتشريعي ( غياب مرجعيات قانونية ودراسات فقهية في الموضوع).
فما هي إذن الطبيعة القانونية للمجالس الجهوية للحسابات ؟
ما هي الاختصاصات والمهام المنوطة بهذه المجالس في مجال التدبير الجيد للشأن المحلي؟
هذه بعض الأسئلة الجوهرية التي سنحاول التطرق إليها في هذا المطلب.
الفقرة الأولى: الإطار القانوني للمجالس الجهوية للحسابات.
لقد أحدث الدستور المجالس الجهوية للحسابات لتتولى مراقبة حسابات الجماعات المحلية وكيفية قيامها بتدبير شؤونها ولتفعيل هذه المقتضيات أحال الدستور على القانون ليحدد اختصاصات المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات وقواعد تنظيمها وطريقة سيرها وهو ما كان موضوع الكتاب الثاني من قانون 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية الصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 124-02-1 بتاريخ ربيع الآخر 1423 هـ الموافق لـ 13 يونيو 2002.
تتولى المجالس الجهوية للحسابات بالمغرب طبقا للفصل 97 من الدستور مراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيئتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها.
ويبدوا أن المشرع المغربي قد تأثر كثيرا في إحداث المجالس الجهوية للحسابات بالنموذج الفرنسي والمتمثل في إنشاء غرف جهوية سنة 1982 في 24 جهة وإحياء لتقليد قديم عرفه التنظيم الرقابي والمالي الفرنسي.[88]

الفقرة الثانية : اختصاصات المجالس الجهوية للحسابات
تتولى المجالس الجهوية للحسابات في حدود ودائرة اختصاصاتها مراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها وتسييرها وفقا لمقتضيات الفصل 98 من الدستور وجاء القانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية في الكتاب الثاني منه ليبين هذه الاختصاصات[89] حيث تقوم المجالس الجهوية للحسابات بممارسة الرقابة القضائية على المحاسبين العموميين ومراقبة القرارات المتعلقة بميزانيات الجماعات المحلية ورقابة التسيير كما أسندت إليها مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وممارسة الرقابة على استخدام الأموال العمومية على الصعيد المحلي.[90]
أ – النظر في حسابات المحاسبين:
يعد اختصاص النظر في الحسابات المسند إلى المجالس الجهوية للحسابات من الاختصاصات القضائية شانها في ذلك شأن المجلس الأعلى للحسابات.
إلا أن الأولى تمارس هذا الاختصاص في نطاق جغرافي محدود وفقا لمقتضيات الفصل 98 من الدستور المغربي لسنة 1996.
وهكذا يمارس المجلس الجهوي للحسابات في حدود دائرة اختصاصاته رقابة على المحاسبين العموميين بالجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والتي تتوفر على محاسب عمومي وفقا لمقتضيات المادة 126 من القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
ومن هذا المنطلق يلزم على المحاسبين العموميين بالجماعات المحلية وهيئاتها بتقديم حسابات هذه الأجهزة سنويا إلى المجلس الجهوي وذلك وفق الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل كما يلزم على محاسبي الأجهزة الأخرى التي تجري عليها رقابة المجلس الجهوي بأن يقدموا بيانا محاسبيا عن عمليات المداخيل والنفقات وكذا عمليات الصندوق التي يتولون تنفيذها وذلك طبقا للكيفيات والآجال المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل وفقا لأحكام المادة 126 من القانون.[91]
وتشمل الرقابة القضائية كذلك النظر في حسابات المحاسبين بحكم الواقع وكل شخص تبث في حقه التسيير بحكم الواقع كما حدده الاجتهاد القضائي المالي[92] والمقتضيات القانونية المنصوص عليها في المواد 131 إلى 133 من القانون.
وهكذا تضطلع المجالس الجهوية للحسابات فيما يتعلق بالنظر في حسابات المحاسبين العموميين بنفس الصلاحيات القضائية التي يتمتع بها المجلس الأعلى للحسابات إلا أن اختصاصها في هذا المجال لا يتسع إلى كافة المحاسبين – على غرار المجلس – وغنما يشمل فقط المحاسبين الخاضعين لاختصاصها الترابي.
ب – الرقابة الخاصة بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية:
يتولى المجلس الجهوي للحسابات مهمة ممارسة الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة لكل في حدود الاختصاصات المخولة له وحسب الشروط المنصوص عليها في المواد 54و55و56 من هذا القانون موظف أو عون أو مسؤول يعمل في الجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه الجماعات والهيئات وفي كل الشركات والمقاولات التي تملك الجماعات المحلية أو الهيئات على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية السهم في الرأسمال أو سلطة مرجعية في اتخاذ القرار غير أن الوالي والعامل لا يخضعان لقضاء المجلس الجهوي إلا في الحالات التي يعملان فيها باعتبارهما آمرين للصرف لجماعة محلية أو هيئة وفي الحالات الأخرى تطبق عليهما مقتضيات الفصل الثاني من الباب الثاني من الكتاب الأول المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
أما في حالة إدلاء مرتكبي المخالفات المشار إليها في المواد 54 و55 و56 من القانون المتعلق بالمحاكم المالية بأمر كتابي صادر عن رئيسهم التسلسلي أو عن شخص آخر مؤهل لإصدار هذا الأمر قبل ارتكاب المخالفة انتقلت المسؤولية أمام المجلس الجهوي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية إلى من أصدر هذا الأمر الكتابي طبقا لما تنص عليه المادة 137 من القانون.
وتختلف مسطرة تحريك مسؤولية الآمرين بالصرف والمحاسب العمومي أمام المجلس الجهوي للحسابات باختلاف طبيعة ونوع المسؤولية التي يخضع لها كل واحد منهم فإذا كانت المسطرة المتبعة في ميدان التأديب تتوقف على تدخل جهات أجنبية أو تعتمد على إجراءات المراقبة عند مساءلة الآمرين بالصرف في ميدان التسيير فإن المسطرة المعتمدة في مجال طرح مسؤولية المحاسبين العموميين تحكمها قواعد خاصة ويضطلع القضاء المالي فيها بدور بارز.
ج- الرقابة الخاصة والإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية:
يعتبر هذا النوع من الرقابة في التجربة الفرنسية كبديل للوصاية الإدارية التي كانت تمارسها السلطات المركزية على الجماعات والمؤسسات العمومية المحلية.[93] وبإحداث الغرف الجهوية للحسابات أو الأمر بإلغاء أي دور لممثل الدولة في إطار رقابة الأحوال المحلية ومع ذلك ظل هذا الأخير المخاطب الأول والأساسي بالنسبة للجماعات المحلية.[94]
ويعتبر اختصاص مراقبة القرارات المتعلقة بالميزانية اختصاصا إداري كما حدده الفقه والاجتهاد القضائي المالي.[95]
ومن جهته اسند القانون رقم 99-62 إلى المجالس الجهوية اختصاص مراقبة القرارات المتعلقة بميزانية الجماعات المحلية وهيئاتها لينضاف للمراقبة القبلية الممارسة من طرف العامل بكل من العمالة أو الإقليم.
أما إذا أردنا إيجاد مرادف لمراقبة ميزانية الجماعات المحلية فيمكن مقارنته من حيث الجوهر وليس المساطر بدور المجلس الدستوري عند مراقبته لدستورية قانون المالية.
د – رقابة التسيير:
تشمل مسؤولية الآمرين بالصرف في ميدان التسيير مراقبة مشروعية وصدق العمليات المنجزة وكذا جوانب الفعالية والمردودية للمصالح التي يتولون إدارة شؤونها وتبعا لذلك فإن المجلس الجهوي للحسابات بمناسبة مساءلة الآمرين بالصرف في ميدان التسيير يتبع مسطرة خاصة تجمع بين أساليب المراقبة وأساليب التقييم.
ويمكن إجمال هذه الأساليب في حق الاطلاع وحق الزيارة والاستشارة القانونية.
يعد اختصاص مراقبة التسيير اختصاصا إداريا محضا لأنه يستهدف مراقبة شاملة ومندمجة لجميع أوجه ومظاهر التدبير المحلي.[96] ويهدف المجلس الجهوي للحسابات إلى تقويم مدى تحقيق الأهداف المحددة والنتائج المحققة وكذلك تكاليف وشروط اقتناء واستخدام الوسائل المستعملة.
وتشمل مراقبة المجلس الجهوي للحسابات أيضا مشروعية وصدق العمليات المنجزة وكذا حقيقة الخدمات المقدمة والتوريدات المسلمة والأشغال المنجزة كما يتأكد المجلس الجهوي ن أن الأنظمة والإجراءات المطبقة داخل الأجهزة الخاضعة لرقابته تضمن التسيير الأمثل لمواردها واستخداماتها وحماية ممتلكاتها وتسجيل كافة العمليات المنجزة.
هذا وقد نصت المادة 147 من قانون مدونة المحاكم أنه بإمكان المجلس الجهوي أن يقوم بعمليات تقييم مشاريع الأجهزة الخاضعة لمراقبته بهدف التأكد من مدى تحقيق الأهداف المحددة لكل مشروع بالمقارنة مع الوسائل المستعملة.[97]
وتعد مراقبة التسيير كتكملة ضرورية للمراقبة القضائية حول حسابات المحاسبين المحليين غير أنها مستقلة عنها قانونيا.[98]
تقييم عام لرقابة المجالس الجهوية للحسابات:
لكي تؤدي المجالس الجهوية للحسابات وظائفها على أكمل وجه يجب أن تأخذ العبرة من التجارب الأجنبية خاصة التجربة الفرنسية أي الأخذ بإيجابياتها وتفادي سلبياتها ومراعاة خصوصيات التجربة المغربية من واقع إداري مالي اقتصادي ومحاسبتي.. وفق رؤية شمولية.[99]
وحتى تعرف المجالس الجهوية للحسابات نجاحا لا بأس من مراعاة بعض الشروط :
×ينبغي تمتيع المجالس الجهوية للحسابات باستقلال وظيفي وعضوي ومالي يصون حيادها واستقلالها التام.
×الحسم في مسألة مقتضيات الأحكام الانتقالية التي ستنظم المجالس الجهوية للحسابات.
×مراعاة مبدأ الاستحقاق والجدارة في التوظيف من اجل التوظيف من أجل التأليف الأولي للسلك القضائي بالمجالس الجهوية وتكوينه المستمر وتدبير موارده البشرية والاستعانة بالأطر العليا لشغل المهام القضائية بالمجالس الجهوية.
×تبني الجدية الكاملة لتحقيق الفعالية والإنتاجية والمردودية في إنجاز المهام الموكولة إليها والمحافظة على سلوكيات وأخلاقيات القضاء المالي كما هو متعارف عليه دوليا.
×الإلمام أو الإحاطة بملابسات العمل الإداري المحلي والتوجه إلى تقديم الدراسات والتقارير التي تستهدف تحسين أدائها كما لا يجب أن يكون هدفها هو تصيد الأخطاء بل العمل على تقديم الاقتراحات والملاحظات والمشورة اللازمة وتحسين نظم الرقابة الداخلية والتنبؤ بالأخطار المحدقة قبل حدوثها.
×إنشاء معهد وطني للقضاء المالي يسهر على تطوير برنامج خاص بالتكوين المستمر يضمن تحسين المهارات واكتساب معارف جديدة والإمام بالمناهج والأدوات والأساليب الفنية المحدثة في ميدان تقويم البرامج والسياسات والخطط المحلية وينبغي أن يمتد هذا التكوين إلى كل موظفي وأطر المجالس الجهوية.
×على المجالس الجهوية أن تعمل على إعداد وتطوير أسس التدقيق بالنظر إلى الوضعية التي توجد عليها مهمة الخبرة المحاسبية والتي لم ينطلق تنظيمها إلا حديثا منذ أواسط الستينات ولازالت تعرف عدة صعوبات في مجال التنظيم والممارسة مما يؤكد وضعية التدقيق التي تتسم بالضعف بحيث يتطلب الأمر الكثير من الدعم والاهتمام للأجل الاضطلاع بالمهام الموكلة إليها على المستويين المحلي والعمومي.
×ويشكل التدقيق بالنسبة للجماعات المحلية[100]، أحد المؤشرات الهامة من أجل قياس وتقييم الفعالية الحقيقية لها وتنميتها الاقتصادية والاجتماعية من الناحية النوعية والكيفية بما أن من بين أهدافه الكشف وإظهار العيوب والوقوف على الأخطاء إذ يساهم بشكل فعال في تدبير الشأن المحلي.[101]
وعلى المجالس الجهوية للحسابات أخيرا أن تعمل وتسهر على إرساء قواعد الفقه والاجتهاد القضائي المالي المحلي وتحدو في هذا الشأن حذو التجربة الفرنسية.
المبحث الثاني : الرقابة القضائية في القانون المقارن
تعد تجربة الغرف الجهوية للحسابات في النظام الفرنسي من أهم التجارب لمرجعيتها التاريخية المرتبطة بالفصل 15 من تصريح حقوق الإنسان والمواطن الذي يرتكز على مبدأ أساسي " المجتمع له حق أن يطالب بالحسابات لكل عون عمومي بالإدارة" (المطلب الأول).
كما سنتطرق إلى تجربة المراقبة الجهوية بالجمهورية التونسية لحداثة إنشائها (المطلب الثاني).
المطلب الأول : المحاكم الجهوية للحسابات في النظام الفرنسي.
إن إحداث الغرف الجهوية للحسابات سنة 1982 يبرهن على رغبة المشرع الفرنسي لمؤسسة مراقبة الميزانية المالية والمحاسبة على المستوى المحلي بكل الجماعات الترابية والمؤسسات التابعة لها وذلك بواسطة أجهزة مستقلة مكونة من قضاة ومتخصصين وقريبة جغرافيا من الجماعات الخاضعة لرقابتها.[102]
ولقد أسندت لهذه الغرف بمقتضى قانون 2 مارس 1982 ثلاث مهام أساسية: البث في حسابات المحاسبين العموميين مراقبة القرارات المتعلقة بالميزانية ومراقبة تسيير الأموال العمومية المحلية للجماعات الترابية.

الفقرة الأولى : تطور الإطار القانوني للغرف الجهوية للحسابات
لقد واكبت إنشاء هذه الغرف سنة 1982 عدة ضمانات في إطار المساطر وذلك بطريقة تدريجية وعبر مراحل متتالية:
1.قانون 88-13 بتاريخ 5 يناير 1988 المتعلق بتحسين اللامركزية مكن من استبدال مفهوم "حسن استعمال" الاعتمادات بمفهوم " الاستعمال القانوني" للاعتمادات كما أسس مسطرة خاصة بفحص التسيير .
2.قانون رقم 90-55 بتاريخ 15 يناير 1990 المتعلق بتمويل الأحزاب والحملات الانتخابية والذي وضع مبدأ إبلاغ المجالس التداولية الملاحظات النهائية المقدمة من طرف الغرف الجهوية في إطار فحص تسيير الجماعات المحلية هذه الإلزامية الجديدة المتعلقة بضرورة الإبلاغ مكنت من ظهور وسيلة جديدة لموازنة سياسة –وسيطية.
3.قانون رقم 93-122 بتاريخ 29 يناير 1993 المتعلق بالوقاية من الرشوة وشفافية الحياة الاقتصادية والمساطر العمومية الذي دعم بعض قواعد المساطر بوضع إلزامية إرفاق نص رسائل الملاحظات النهائية لاستدعاءات جلسات المجالس التداولية لعرضها على هذه المجالس.
وجاء قانون رقم 95-127 بتاريخ 8 فبراير 1995 المتعلق بالصفقات العمومية وتفويض المرافق العمومية لدعم سلطات المحاكم المالية على المرافق العمومية المفوضة.[103]
أما قانون 2001-248 بتاريخ 21 دجنبر 2001 المتعلق بالغرف الجهوية للحسابات ومجلس الحسابات فقد كان الهدف منه هو تصحيح بعض الخلل الحاصل في مساطر المراقبة القضائية، مراقبة الميزانية ومراقبة التسيير[104].
الفقرة الثانية: اختصاصات ومهام الغرف الجهوية الفرنسية
تصادق الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية المحلية سنويا على ميزانيتها التي تحدد وترفض المداخيل والمصاريف.
ويمكن للغرف الجهوية للحسابات أن تكون مطالبة في بعض الحالات بإبداء رأيها حول ظروف المصادقة أو إعداد الميزانية.
وتمارس هذه الغرف فيما يتعلق بتنفيذ الميزانية من طرف الآمر بالصرف والمحاسب مهمتين أساسيتين تنطق بالأحكام إذا تعلق الأمر بالبث في الحسابات وهو ما يسمى المراقبة القضائية كما أنها تبدي ملاحظات تتعلق بتسيير الآمر بالصرف أي مراقبة التسيير.[105]

1-مراقبة القرارات المتعلق بالميزانية:
من أهم المكتسبات التي حققتها الجماعات الترابية الفرنسية بعد تطبيق قانون 1982 هي عدم إخضاع القارات المتعلق بالميزانية للمراقبة القبلية للسلطة الإقليمية غير انه يمكن للوالي وفي بعض الحالات المحددة قانونا إحالة هذه القرارات على الغرف الجهوية للحسابات وتعد سلطة هذه الغرف في هذا المجال سلطة من نوع إداري وليس قضائي.[106]
ومن ابرز قرارات مجلس الدولة الفرنسي المتعلق بقرارات الميزانية يمكن ذكر قرار OGEC de Couréon بتاريخ 23 مارس 1984 في مجال المصاريف الإجبارية بحيث اعتبرها المجلس السالف الذكر قرارات ذات طبيعة إدارية خاضعة في أول الأمر للقضاء العادي ولا تعتبر كبث في الحسابات يمكن استئنافها أمام مجلس الحسابات طبقا لقوانين 1982 أو قرار قضائي يمكن نقضه أمام مجلس الدولة الفرنسي.[107]
إن مغزى مراقبة الميزانية هو توفير ضمانات للجماعة الترابية كيف ما كانت صعوباتها المؤسساتية السياسية أو المالية لتحقيق توازن حقيقي للميزانية[108]
وابتداءا من سنة 1992 وبطلب من الوالي يمكن للغرف الجهوية للحسابات فحص بعض القرارات المتعلق بالصفقات العمومية واتفاقيات تفويض المرافق العمومية المبرمة من طرف الجماعات.
2- مراقبة كل من الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين:
إن مدونة المحاكم تبرز بوضوح في فصلها 1-211 مبدأ المراقبة القضائية "تبث الغرفة الجهوية للحسابات داخل نفوذها الترابي في كل حسابات المحاسبين العموميين للجماعات المحلية".[109] وتعد هذه المراقبة هي المهمة الأصلية للغرف الجهوية للحسابات والتي تبرز نظامها القضائي.
غير انه وبعد صدور قانون المسمى SAPIN بتاريخ 29 يناير 1993 المتعلق بمحكمة التأديب للميزانية والمالية ( CDBF) أسند المشرع لهذه الأخيرة كذلك مهمة مراقبة كل الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين.
ويتعلق الأمر بمراقبة شرعية قرارات المحاسب العمومي في مجال المداخيل والمصاريف وتعد هذه المسطرة إجبارية بحيث تعمل هذه الغرف على تسوية وتصفية الحسابات بواسطة أحكام سواء تم ضبط مخالفات أو لم يتم ضبطها.
إن هدف المراقبة هو التأكد ليس فحسب من أن حسابات المحاسب مضبوطة بل إنه قام كذلك بجميع عمليات المراقبة اللازمة وأنه لم يلحق ضرر بالجماعة بسبب الإهمال كما أن التحقق يكون حول الوثائق وبعين المكان.
تصدر الغرف الجهوية للحسابات أحكاما عير مسطرة حضورية فالحكم النهائي إما أن يبرئ ذمة المحاسب أو يجعله مدينا ويفرض عليه بالتالي أداء المبلغ لفائدة الجماعة.[110]
فحسب المثل المعروف الذي يقول أن المحاكم المالية "تحكم الحسابات وليس المحاسبين" فإن القاضي لا يمكن أن يستند إلى على عناصر مادية للحسابات واستثناء كل تقييم للتصرف الشخصي للمحاسب وهذا بالطبع لا يستثني ضرورة التأكد من أن المحاسب قام بمختلف عمليات المراقبة موضوع مهامه ( قرار مجلس الدولة 27 أكتوبر 2000 Mme. Desvigne).[111]
وتعد الأحكام النهائية قابلة للاستئناف أمام مجلس الحسابات كما أن قرارات هذه الأخيرة يمكن أن تكون موضوع النقض أمام مجلس الدولة.
3-مراقبة التسيير:
لم يتم ابتكار مراقبة تسيير مالية الجماعات المحلية مع اللامركزية لكن فقط تقل المراقبة الممارسة سابقا من طرف مجلس الحسابات.
وقد استعملت المادة 87 من قانون 2 مارس 1982 نفس مفردات قانون 22 يونيو 1967 بحيث أشارت في فقرتها الثانية والتي أصبحت جزئيا 3-211 L من مدونة المحاكم المالية أن المحاكم الجهوية للحسابات يجب أن تتأكد من " حسن استعمال الاعتمادات الأموال والسندات".
لقد أصبح بذلك البحث عن الفعالية إلزاميا فالإكراهات المالية والاستقلالية الجديدة الممنوحة للجماعات جاءت ليس فحسب لتقر فكرة مراقبة تسيير الجماعات المحلية بل كذلك لتفرضها.[112]
إن مراقبة التسيير أصبحت بالنسبة لعدد من الجماعات الترابية من المشاغل الأساسية والتي جعلتهم يهملون القضايا القانونية التي تواجههم.[113]
وفي هذا الصدد أشار M.Long" لقد اعتقدنا مند مدة أن القانون قد تم تجاوزه وان كل المشاكل يمكن حلها بالعلوم وفن التسيير"[114].
وهذا ويمكن للغرف الجهوية للحسابات أن تقدم بعديا ملاحظات حول تسيير الآمر بالصرف الذي يجب أن يشمل فقط قانونية العمليات الاقتصادية في الوسائل المسخرة وتقييم النتائج المحققة بالمقارنة مع الهداف المحددة من طرف المجالس التداولية.
غير أن قانون 21 دجنبر 2001 (المادة 36) أكدت أن ملائمة هذه الأهداف لا يمكن أن تكون موضوع ملاحظات.[115]
وكما أشارG. Gazenave انه لا يستبعد أن ننتقل من مراقبة جودة التسيير إلى تقييم السياسات العمومية المحلية بشرط عدم الخلط بين التقييم الخارجي والتقييم الداخلي وعدم ادعاء متابعة التقييم الخارجي إلى غاية الاختيارات الأولية المحددة من حيث الملاءمة من طرف المجالس التداولية.[116]
غير أنه يمكن الغرفة الجهوية للحسابات أن تلعب مستقبلا دور المستشار لتحقق بذلك ربط مقيد بين المراقبة القانونية ومراقبة التسيير الممارسة من طرف المسيرين المحليين وهذه الغرف.
إن الاتجاه نحو الوقاية لا يخلو من طرح مشاكل خاصة إذا كان يتجه نحو تصديق الحسابات من طرف نفس المحاكم التي في إطار مهامها المتعلقة بالمراقبة القضائية تتولى الحكم على قانونية هذه الحسابات.
والجدير بالذكر فإن إمكانية تصديق حسابات الجماعات الترابية من طرف الغرف الجهوية للحسابات والتي تمت إثارتها من طرف وزير الميزانية الفرنسي خلال مناظرة سنة 2003 لدليل على تحول في العمق لمنطق أحكام المراقبة الخارجية لمالية الجماعات المحلية هذا التحول يجب أن يهم كل من قضاة الغرف الجهوية للحسابات المحاسبين العموميين المنتخبين والمسيرين المحليين.[117]
ويمكن القول أن "المجال المحلي يتغير مثلما تتغير الثقافة المالية العمومية وقضاة الغرف الجهوية للحسابات مطالبون من الآن بتحمل هذا التحول".[118]
المطلب الثاني : مجلس الحسابات بالجمهورية التونسية[119].
لقد تم إحداث مجلس الحسابات بالجمهورية التونسية بمقتضى دستور فاتح يونيو 1959 إن الهدف من إعطاء هذه المؤسسة نظاما قضائيا لدليل على ضمان حيادها وموضوعيتها من أجل القيام بمهامها وجعلها شريكا أساسيا لإرساء جودة التسيير.
إن قانون رقم 68-8 بتاريخ 8 مارس 1968 المنظم لمجلس الحسابات خول لهذه الأخيرة مجالا واسعا للتدخل وهي بذلك تعد مختصة في فحص الحسابات تثمن تسيير الدولة الجماعات المحلية المؤسسات العمومية والمقاولات الخاصة التي تستفيد من إعانات وتخفيضات ضريبية والأحزاب السياسية.
الفقرة الأولى: اختصاصات الغرف الجهوية للحسابات
تطلب إحداث الغرف الجهوية للحسابات تغيير قانون 68-8 بتاريخ 8 مارس 1968 المتعلق بمجلس الحسابات بتاريخ 17 يوليوز 2001 وخاصة البند التاسع وذلك بإضافة فقرة ثانية وتغيير الفقرة الأولى من البند 12.
لقد نصت الفقرة الثانية من البند التاسع أنه يمكن إحداث غرف جهوية للحسابات تابعة لدائرة الحسابات يحدد إطارها الترابي بواسطة مرسوم وتمارس هذه الغرف اختصاصات نقلت إليها من مجلس الحسابات عللا السلطات الإدارية الجهوية والمحلية والمؤسسات والمقاولات العمومية وكل هيئة تملك الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمقاولات العمومية خصوصا في رأسمالها والتي يوجد مقرها بالنفود الترابي للغرفة الجهوية.
ومن أجل تجسيد الرقابة على المستوى الجهوي والمحلي ثم بموجب مرسوم 2001-04-23 بتاريخ 2 أكتوبر 2001 إحداث غرفة جهوية بسوسة تابعة لمجلس حسابات سوسة كما ثم إحداث غرفة جهوية بصفاقص تابعة لدائرة حسابات صفاقص (مرسوم رقم 2003-2635 بتاريخ 23 دجنبر 2003).
وبمناسبة تقديم التقرير السنوي برسم سنة 2004 لرئيس الجمهورية التونسية اتخذ هذا الأخير قرارا بإحداث غرفة ثالثة بقفصة سنة 2006.[120]
تمارس الغرف الجهوية داخل نفوذها الترابي مهام مجلس الحسابات وهي بذلك تمارس مراقبة قضائية على حسابات المحاسبين العموميين للدولة مجالس الجهة البلديات والمؤسسات الإدارية التي تتعدى ميزانيتها السنوية مليون دينار.
وتخضع البلديات والمؤسسات الإدارية التي تفوق ميزانيتها السنوية مليون دينار لمراقبة مصالح وزارة المالية غير أن هذه الأخيرة تتولى إشعار الغرف الجهوية للحسابات بنتائج المراقبة.
وتمارس كذلك مراقبة التسيير والاستعمال الأفضل للموارد على الهيئات العمومية المتواجدة بنفوذها الترابي ويتعلق الأمر بالمديريات الجهوية للوزارات المجالس الجهوية البلديات المؤسسات الإدارية المؤسسات العمومية للصحة المقاولات العمومية كما تخضع لرقابتها كل هيئة كيفما كانت تسميتها والتي تملك الدولة الجماعات المحلية المؤسسات والمقاولات العمومية حصصا في رأسمالها والتي يوجد مقرها الرئيسي بنفوذ تراب الغرفة الجهوية للحسابات.[121]
الفقرة الثانية: أسلوب ومنهج المراقبة[122]
إن منهج المراقبة المتبع من طرف الغرف الجهوية للحسابات يتم تحديده بواسطة موجز مساطر مجلس الحسابات ويشمل المنهج المصادق عليه من طرف مجلس الحسابات ثلاثة مراحل.
1 - مرحلة التخطيط:
يهدف تخطيط عمليات المراقبة إلى إدماج مختلف أوجه عمل المراقبة إعداد تقارير جيدة والتقليص من الكلفة وذلك بتوجيه المراقبين إلى الطريق الأكثر فعالية.
تتحمل فرقة المراقبة مسؤولية التخطيط غير أنه يتعين عرض نتائجها على لجنة التقرير العام والتخطيط من أجل المصادقة.

أ- مرحلة التنفيذ:
خلال مرحلة التنفيذ بقوم القاضي بتنفيذ برامج المراقبة يجمع كل المعلومات الأساسية والكافية ليتمكن من إعداد تقرير المراقبة والتعريف بأسباب وآثار الملاحظات المثارة.
إن نتائج مرحلة التنفيذ تضمن في ملفات تشمل على كل المعلومات التي لها قيمة إثباتيه وخاصة المتعلقة بالعمل المنجز والمعاينات الناتجة عن عملية المراقبة.
3- مرحلة التقرير:
على إثر عمليات المراقبة يتم عقد اجتماع مع أطر الوحدة التي خضعت للمراقبة بحضور كل من رئيس الغرفة ومندوب الحكومة بهدف التصديق على الملاحظات الأولية وتعمل غرفة المراقبة على تحرير تقرير أولي يتضمن الملاحظات الأولية المصادق عليها.
هذا ويتم إحالة التقرير الأولي إلى المسيرين والذي يتضمن الملاحظات المهمة والمدعمة بالأسباب الآثار والتوصيات وتتوفر الوحدة المراقبة على مهلة شهرين للإجابة على الملاحظات الأولية ليتم بالتالي دراسة هذه الأجوبة خلال اجتماع مع أطر هذه الوحدة وبحضور رئيس الغرفة ومندوب الحكومة.[123]
إن التجربة التونسية تعد بحق تجربة ناجحة إلى حد ما بالمقارنة مع مختلف التجارب العربية الأخرى إذا قطعت أشواطا لا يستهان بها في هذا الميدان خاصة في مجال رقابة الجماعات المحلية.[124]














خاتمة الفصل الثاني:
إذا كانت التجربة الفرنسية في مجال الرقابة القضائية الممارسة من طرف الغرف الجهوية للحسابات قد أبانت عن نجاعتها والمتمثلة أساسا في حسن تدبير المالية المحلية فذلك راجع بالأساس إلى وجود مرجعية قانونية سندها الاجتهادات القضائية المتعددة ورغبة الفاعلين المحليين في تحقيق تدبير جيد لماليتهم.
والملاحظ أن المحاكم الجهوية للحسابات المغربية انطلقت في مباشرة مهامها دون توافرها على مرجعية للاجتهادات القضائية من المجلس الأم الأمر الذي سيجعل ممارسة الرقابة تعترضه بعض الصعوبات.
وحتى تتمكن هذه المحاكم من مزاولة مهامها وتخطي الحواجز والصعوبات التي قد تواجهها لا بد من:
1- إعداد منظور مستقبلي في مجال التخطيط الاستراتيجي التشاركي
2- إعداد هياكل للتنظيم التكوين والتواصل
3- إحداث نظام مستمر للتقييم.[125]
وعلى غرار ما سبق لا بد للجماعات المحلية أن تواكب التطور الذي يعرفه مجال الرقابة القضائية وذلك عبر وضع أنظمة للتدقيق الداخلي المراقبة الداخلية ومراقبة التسيير.
خاتمة القسم الأول:
إذا كانت المراقبة الممارسة من طرف الأجهزة السياسية ولإدارية قد أبانت عن ضعفها الميداني، والمتمثل أساسا في عدم تمكنها من ترشيد المالية العمومية المحلية وتحقيق تنمية محلية مستدامة فذلك راجع بالأساس إلى أن هذه الوسائل التقليدية تضمن فقط احترام القواعد الإدارية والمحاسبتية التي تحكم عمل المصالح".[126]
ويمكن في هذا الإطار وصف هذه المراقبة بالمراقبة القانونية البيروقراطية أو الإدارية، لأن هدفها الأساسي هو وضع النشاط الإداري داخل حدود، دون التطرق إلى المشاكل التي تعترض المصالح، تلبية حاجات المرتفقين أو تغيير المناهج العلمية من أجل تحقيق أحسن النتائج.[127]
والقول هنا، أن الأجهزة الإدارية والسياسية، مهما كانت درجة تقدمها، تبقى غير كافية لتخليق الحياة المالية المحلية، الأمر الذي يستدعي وبالضرورة تفعيل الجهاز القضائي المحلي في كل جوانبه وخاصة الجانب المرتبط بمراقبة التسيير.
وعن هذا النوع من المراقبة أي مراقبة التسيير، لابد للجماعات المحلية أن تشرع في تنظيم هياكلها ووضع الآليات الحديثة للمراقبة كالتدقيق، المراقبة الداخلية ومراقبة التسيير.

القسم الثاني:
حدود وآفاق الرقابة على المالية المحلية
الفصل الأول: حدود الرقابة على المالية المحلية
إن الدور الموسع لسلطة الوصاية يثير في الحقيقة تساؤلات ترتبط في مجملها بالطريقة التي وزع بها الاختصاص في الميدان المالي بين الدولة والجماعات المحلية والعلاقات القائمة على هذا التوزيع ويبقى أن شروط هذه العلاقات تظل على العموم مطبوعة باستمرار وضعية التبعية على الرغم من المبدأ المرتبط بالاستقلال المالي المحلي.[128]
كما أن التجربة اللامركزية المغربية قد أبانت عن ضعف في مجال الحد من التأثيرات ومجال الوصاية التقليدية الممارسة بواسطة المصادقة على قرارات وأعمال الجماعات المحلية.[129]
وعلى هذا الأساس فالتطور الحديث لنظام الوصاية أصبح يفرض العمل على التخفيف من الوصاية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.[130]
وتشكل آليات الرقابة السياسية والإدارية اللاحقة الممارسة على المالية المحلية حيزا يفترض على المستوى النظري الاهتمام والأولوية والتوازن لأنه يشكل أداة لها فائدة أكيدة في حفظ المال العام المحلي[131] (المبحث الأول).
والواقع أن الرقابة السياسية المنوطة أساسا بالمجلس الجماعي تبقى غير مستوفية لشروط الممارسة على المستويين القانوني والموضوعي ودون إثارة فاعلية التنظيم القانوني لهذا النوع من الرقابة فإنه يجب مع ذلك من الناحية الموضوعية الاعتراف بأن الرقابة السياسية بشكل عام " تزداد قوة وضعفا بحسب درجة الوعي السياسي في الدولة.[132] (المبحث الثاني).
المبحث الأول : حدود الرقابة السابقة والمواكبة على المالية المحلية
تشكل الرقابة الإدارية السابقة على المالية المحلية عنصرا ملازما للامركزية وتبرز أساسا على مستوى الوصاية وطابعها الشمولي الذي يمس الحيز الكبر من أعمال المالية المحلية (المطلب الأول).
وتعد الرقابة المالية السابقة بدورها أداة تحد بشكل كبير من حرية العمل المالي الجماعي عبر عدة تأثيرات فبواسطة رقابة المشروعية المالية تعمل الأجهزة المالية اللامركزية على تجسيد تأثيرات بالغة الأهمية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: حدود الوصاية الإدارية المحلية
إذا كانت الوصاية عنصرا ملازما للامركزية وصلة وصل بين السلطة المركزية والسلطات اللامركزية وتلعب دورا أساسيا في التنظيم اللامركزي بتحقيق هدفين اثنين بالغي الأثر أحدهما إداري يتمثل في حسن إدارة الوحدات المحلية والثاني سياسي وهو تأمين ربط هذه الوحدات بالسلطة المركزية حفاظا على وحدة الدولة فإن هذا لا يعني في شيء التمسك بالاتجاه التقليدي في تطبيق المبادئ اللامركزية لأن التطبيق الجامد لهذه المبادئ قد يعمل على المس بالشروط الأساسية للامركزية.[133]
لذا سعيا إلى تعزيز دور هذه الرقابة برز تطور في مفهوم الوصاية الإدارية بإلغاء تدريجي للوصاية التقليدية وظهور مفاهيم جديدة تحت تسميات مختلفة كالتعاون التعاقدي والتعاون التشاركي أو حرية التسيير الإداري وحرية التسيير المالي.
الفقرة الأولى : التطور في مبدأ الوصاية الإدارية
إن التطور الحديث للوصاية على الجماعات المحلية في التشريع المقارن يسير في اتجاه التخفيف من المبادئ التقليدية للوصاية خاصة الجانب المتعلق بالتصديق على أعمال الهيئات المحلية والذي ينبني إضافة إلى مراقبة المشروعية على مراقبة الملائمة التي تعتبر من أهم المؤثرات السلبية في أعمال المجالس المحلية على المستويين الإداري والمالي.[134]
وهكذا فإن نظام الرقابة السابقة في بعض التشريعات عوض في جانب كبير منه برقابة لاحقة ذات طابع موسع ففي الدول الأوروبية يلاحظ أفول نظام المصادقة وتخلي مبادئه التقليدية وذلك لصالح رقابة لاحقة أكثر حركية وفعالية فالقوانين المطبقة ترمي التخفيف من الرقابة السابقة وتقوية مجال الرقابة اللاحقة.[135]
وعليه فالتطور الحديث للنظام الوصائي أصبح يفرض العمل على التخفيف من الوصاية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة فتليين الإجراءات والتقليل من عدد المقررات الخاضعة للمصادقة وكذا التخفيض من آجال اتخاذها تعد من الجوانب التي غالبا ما تتم إثارتها في هذا الشأن.[136]
ويتطلب الأمر القيام بالإصلاحات الإدارية والمالية الضرورية على المستوى المحلي والتي تتمحور أساسا حول " تدعيم استقلالية الجماعات المحلية بإزالة الإشراف المسبق وإقامة مراقبة لاحقة أكثر حركية وجعل المنتخبين أكثر شعورا بالمسؤولية وتحملاتها".[137]


الفقرة الثانية : التوجه الحديث للوصاية الإدارية
إن التطور الحديث للوصاية الإدارية يعتبر خاصة في التشريع المقارن عن قطيعة بين المفاهيم التقليدية للوصاية ومفاهيمها العصرية فرغم الإقرار بضرورة مبدأ الوصاية وفائدته في مكونات اللامركزية الإدارية فإن هذا لا يعني البتة إيجاد " دركي" مهمته الوحيدة تصيد أخطاء الوحدات المحلية والقيام بعقابها والحد من قوتها التحررية ذلك أن الفلسفة العميقة للوصاية هي إيجاد توازن وتكامل بين كل من الشأن العمومي والشأن المحلي يهدف تحقيق المصلحة العامة.[138]
والقاعدة الصلبة في التطور الحديث للوصاية يفرض التمسك من ناحية المبدأ القانوني بمبدأ أساسي في التوجه اللامركزي وهو مبدأ المشروعية أو الشرعية الذي يعتبر الدعامة المثلى والعملية للدولة القانونية كما أن هذه الأخيرة هي نتاج طبيعي للالتزام بمقتضياته وهذه القاعدة تتناقض كمنطلق مع رقابة الملائمة التي يبقى تطبيقها قابلا للتوسع في التأويل من قبل سلطة الوصاية.[139]
وتعطينا التجربة الفرنسية نموذجا للتطور الذي عرفه المبدأ الوصائي وللعلاقة التي تربط بين الدولة والجماعة المحلية والتي عرفت محطتين هامتين ميزتا هذه العلاقة وهما مرحلة التعاون التعاقدي تم مرحلة التعاون التشاوري ولقد انبنى هذا التطور على إلغاء تدريجي للوصاية التقليدية وتماثل ذلك مع احترام مواز لمبدأ المشروعية مع الحفاظ على المقتضيات التي تفرضها المصلحة الوطنية.
وتبعا لما سبق بمبدأين آخرين جد هامين في هذا النموذج هما حرية التسيير الإداري ومبدأ حرية التسيير المالي اللذين يعبران عن توجه ليبرالي في الإدارة الحديثة ويتطابقان مع المسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة المناطة بالجماعات المحلية تم التخلي عن مستلزمات قواعد الرقابة السابقة وأخذ برقابة لاحقة وجدت أهم تجلياتها في دور فعلي ومتزايد للجهاز القضائي.[140]
المطلب الثاني: حدود الرقابة المالية.
من أهم تجليات الرقابة المالية على المالية المحلية يمكن ذكر الرقابة الممارسة من طرف القابض البلدي فعبر رقابة المشروعية المالية يقوم القابض بتأطير وعقلنة العمل المالي المحلي ويمارس تأثيرات بالغة الأهمية على التدبير المالي المحلي.
الفقرة الأولى: حدود رقابة القابض ودوره التاطيري
إن القابض البلدي التابع لوزارة المالية يمارس في الواقع تأثيرا بالغ الأهمية في التدبير المالي المحلي ويتمثل ذلك في تأطير عمل المجالس في الميدان المالي هذا التأطير قد تكون له في الكثير من الحالات آثار سلبية على المالية المحلية وهكذا فإن القابض يقوم في الحقيقة بواسطة مراقبة الشرعية الشكلية للعمليات بإجراء حراسة مشددة وعميقة على تصرف الآمرين بالصرف على المستوى المحلي وهذه الحراسة أو الرقابة هي في الغالب أهم أسباب التأخيرات في إنجاز الميزانيات المحلية مع ما ينتج من خسائر ونقائص".[141]
وممارسة هذه المراقبة بقيت في مجملها تقليدية شكلية لم تواكب التطورات التي عرفتها الإدارة العمومية وأيضا التوسع الذي عرفه مفهوم وطبيعة النفقات العمومية على المستويين العمومي والمحلي كما أنها لم تتوفر على الوسائل المادية والتكوين اللازم بل حتى الوقت الذي تتطلبه دراسة الملفات.[142]
واعتمادا على هذه المعطيات لم تساهم رقابة للالتزام بالنفقات المحلية في تحقيق الهدف الذي وجدت من اجله بل شكلت في الغالب حدا موضوعيا للأداء المالي السليم الأمر الذي لم يساعد على استغلال الهدف الوقائي الذي يقوم عليه هذا النوع من الرقابة خاصة على المستوى المحلي.[143]
لذلك فإن مهام رقابة الالتزام بالنفقات المحلية أصبحت تستدعي توسيعا في مجالاتها فبالإضافة إلى الجوانب الخاصة ببحث الشرعية التصرفات المالية فإن المهمة الاستشارية تلزم إضافتها إلى مهام المراقبة وذلك لأهميتها وفائدتها بالنسبة للمسيرين المحليين.[144]

الفقرة الثالثة : ازدواجية مهام القابض البلدي
لا تقتصر الرقابة الممارسة من طرف القابض البلدي على الجانب المالي والمحاسبتي بل تشمل كذلك مراقبة سابقة لصحة الالتزام بالنفقات المحلية التي يبقى هدفها الأساسي هو سلامة الالتزام بهذه النفقات من الجانب القانوني.
ولقد بقيت هذه الممارسة في مجملها تقليدية – شكلية لم تواكب التطورات التي عرفتها الإدارة العمومية وأيضا التوسع الذي عرفه مفهوم وطبيعة النفقات العمومية على المستويين العمومي والمحلي كما أنها لم تتوفر على الوسائل المادية والتكوين اللازم بل حتى الوقت الذي تتطلبه دراسة الملفات.[145]
وعليه فالبحث في الدور المزدوج لرقابة القابض البلدي أصبح يفرض القيام بإصلاح شامل للنواحي الموضوعية والوظيفية في مجال رقابة الالتزام بالنفقات المحلية وهكذا فإن هذا النوع من الرقابة على المستوى الموضوعي يستلزم تبسيط إجراءاته لكي يسمح ذلك للإدارة الجماعية بالمزيد من الفعالية والجدية أما على المستوى الوظيفي فإن الأمر أصبح يتطلب إضافة إلى خلق جهاز محاسبي للجماعات المحلية إيجاد مراقبين للنفقات المحلية يقومون بمهامهم بشكل مستقل مما يساعد على دعم التجربة اللامركزية إن على المستوى المحلي أو الجماعي.[146]
ويمكن القول أن المفهوم الجديد لرقابة الالتزام بالنفقات المحلية يستوجب توسيع دور القابض ليشمل المهام الاستشارية نظرا لدورها في تحسين تدبير المالية المحلية.














المبحث الثاني: حدود آليات الرقابة المواكبة واللاحقة على المالية المحلية
تشكل آليات الرقابة السياسية والإدارية اللاحقة الممارسة على المالية المحلية حيزا يفترض على المستوى النظري الاهتمام والأولوية والتوازن لأنه يشكل أداة لها فائدة في حفظ المال العام المحلي وإذا ما تخلف أحد جانبي هذه المعادلة فإن الآلية الرقابية لا يمكن أن تعمل جيدا.[147]
والواقع أن الرقابة السياسية المنوطة أساسا بالمجلس الجماعي تبقى غير مستوفية للشروط الممارسة على المستويين القانوني والموضوعي[148] (المطلب الأول) أما الرقابة الإدارية المنوطة بالوزارتين الوصيتين فإن تحليل ممارستها ستبين عن قصور في المردودية ودعم التوجه المالي اللامركزي[149] (المطلب الثاني).
أما بخصوص الرقابة القضائية فقد استقر القضاء المالي وبشكل ثابت على أن سلطات قاضي الحسابات تنحصر في مراقبة العناصر المادية للحساب والبث فيه انطلاقا من المعطيات الموضوعية التي يتضمنها (المطلب الثالث).


المطلب الأول: حدود فعالية رقابة المجلس الجماعي من خلال رقابة الحساب الإداري
يمكن إبراز حدود فعالية رقابة المجلس في جانبين مرتبطين ويتعلق الأمر أساسا بسلطة الأغلبية الجماعية وموقف المجلس من الحساب الإداري.
الفقرة الأولى : سلطة الأغلبية في المجالس المحلية
تبتدئ الأهمية التي تحوز عليها الأغلبية الجماعية على المستوى المحلي في الاهتمام القانوني الذي أولاه الميثاق الجماعي لدورها في آليات التسيير الجماعي فالظهير المنظم للمجالس الجماعية أراد أن يؤسس لعلاقات داخل المجلس الجماعي فالظهير المنظم للمجالس الجماعية أراد أن يؤسس لعلاقات داخل المجلس الجماعي يكون عمودها الفقري وجود أغلبية جماعية تتوفر لها وسائل العمل مما يستوجب ذلك من تعامل سليم مع المكونات والأطراف المتواجدة في الساحة المحلية.[150]
إلا أن هذا الاعتراف المبدئي بدور الأغلبية الجماعية على المستوى القانوني لم يتطابق مع خصوصيات واقع الممارسة الجماعية نتيجة لتأثير عامل الأهواء الحزبية وارتباط ذلك بالمستوى السياسي العام يحتاج على درجة كبيرة من الوعي الديمقراطي والاعتراف بوجود المعارضة فإن سلطة الأغلبية في التدبير المحلي تنقلب في كثير من الحالات إلى تسلط مباشر في التدبير مما يعمل أساسا على إقصاء الأقلية الجماعية من دائرة الشأن المحلي ويفقد بالتالي الرقابة السياسية جانبا من فعاليتها.[151]
ومما يجب التأكيد عليه هو أن الرقابة السياسية للمجلس الجماعي التي تعتمد كأصل قانوني على دور الأغلبية تبقى على العموم ذات طابع جد محدود في إقرار التوجيهات الجماعية.[152]
وما يجب التأكيد عليه هو أن الرقابة السياسية للمجلس الجماعي التي تعتمد كأصل قانوني على دور الأغلبية تبقى على العموم ذات طابع جد محدود في إقرار التوجهات الجماعية.[153]
الفقرة الثانية : الموقف من الحساب الإداري
يكاد ينحصر الدور الرقابي للمجلس الجماعي على مستوى الرقابة المالية اللاحقة في الحق المخول له في المصادقة على الحساب الختامي المالي للآمر بالصرف أي الحساب الإداري إلا أن لفظ المصادقة المستعمل من الناحية القانونية للدلالة على الموقف من الحساب الإداري يتجاوز بكثي الدور المفترض إناطته بالمجلس الجماعي اتجاه جهازه التنفيذي فالمصادقة تقتصر على عمل المراقبة على المستوى السياسي دون إيجاد الحيز التقني المقابل المحتفظ به لسلطة الوصاية.
والواقع أن الجانب الرقابي في هذا الشأن يخالف المستوى الشكلي في الأدوار المناطة بكل من الهيئة السياسية ممثلة في المجلس الجماعي والهيئة التقنية الوصية، التي ولو يوردها القانون، فإنها احتفظت مع ذلك بالدور الأصلي، في إقرار الجزاء المناسب في حالة رفض الحساب الإداري، ففي ظل التمسك بالشرح الشكلي للمقتضى القانوني الخاص بالحساب الإداري، فإن الموقف السياسي للفاعلين المحليين انطبع على العموم بتجاوزات ومواقف ارتكزت في محتواها ومرماها على التأثير الذي تمارسه الاعتبارات الحزبية[154].
فطبيعة الدور الرقابي للأحزاب السياسية، واتسام الجزاء القانوني بالعمومية وعدم التحديد في حالة الحساب الإداري، سوف تحد من الجانب السياسي للرقابة وتستعمل بالمقابل على تكريس هيمنة موقف سلطة الوصاية في حالة رفض الحساب الإداري، وبهذا، فغن مسألة التصويت على الحساب الإداري كإجراء رقابيي سياسي عام، يحتاج إلى توضيح قانوني مفصل يحدد طبيعة وشروط التصويت، وأيضا حدود المراقبة المناطة بالهيئة السياسية.[155]



المطلب الثاني: حدود رقابة المفتشيات العامة الوزارات الوصية.
إن الأداء الرقابي للأجهزة المكلفة بالرقابة على المالية المحلية، والمنتمية لكل من وزارتي الداخلية والمالية، تعرف على مستوى الممارسة جملة من الخاصيات التي تحد من فعاليتها، وتميزها على العموم بضعف بين في الأداء[156].
الفقرة الأولى: مظاهر ضعف الأداء الرقابي للمفتشيات العامة.
إن مظاهر ضعف الأداء الرقابي لمفتشيات الوزارات الوصية، نبتدئ في جانبها الأولي من خلال النصوص القانونية المنظمة لمجالات تدخلها وأهم ملاحظة في هذا الجانب، هو اتساع تدخل هذه الأجهزة بشكل يجعل المجال المحلي مكونا ثانويا ضمن مكونات هذه الرقابة.
وهذه الملاحظة، وإن كانت تتميز بالنسبية على مستوى الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية، فإنها تبقى على ذلك صالحة كسمة رئيسية لتدخل المفتشية العامة التابعة لوزارة المالية.
وإذا كانت مؤسسة المفتشية العامة للمالية قد لعبت دورا هاما في بدايتها في مجال الرقابة المالية بصفة عامة، فإنها تعرف مجموعة من المشاكل سواء من حيث طريقة عملها أو تنظيمها وتكوينها، وهكذا ظل الجهاز غير قادر على تغطية التراب الوطني واقتصرت باختيار بعض النماذج التي خضعت لعملية التمحيص[157].
وتبقى تبعية المؤسسة لوزارة المالية من أهم عوائق سير عملها، إذ أن اختصاصاتها في الرقابة تفتقد إلى المبادرة الخاصة ومن ثم اتسمت رقابتها بعدم الفعالية والضعف في الأداء[158].
ويمكن القول كذلك، أن تمركز المفتشية العامة للمالية المحلية بالعاصمة الإدارية وضعف أنشطتها التي تتم بصفة دورية، لا تجعل من هذه الهيئة أداة فعالة للرقابة على المالية المحلية.
الفقرة الثانية: غياب التنسيق في عمل المفتشيات العامة.
يحقق الدور التنسيقي للأجهزة الرقابية في الكثير من التشريعات المالية فائدة أكيدة من حيث الفعالية والمردودية، وتتجلى أهم خاصيات غياب هذا التنسيق على المستوى المالي المحلي المغربي، فرغم ضرورة هذا الدور، كمبدأ يقضي بانتهاج إطار للتعاون والتكامل بين عمل الأجهزة المكلفة بالمراقبة على المالية المحلية، فإن واقع الحال يجعل الأداء الرقابي لهذه المفتشيات محددا في إطار ضيق وخاص بكل هيئة رقابية على حدة.
وتبتدئ الحدود الأولية في مبدأ التنسيق، في الازدواجية والتعدد اللذان يطبعان دور المفتشيات التابعة لكل من وزارتي الداخلية والمالية، واللذان جعلا عملهما الرقابة محدود الأثر على المستوى المحلي.
وعلى هذا الأساس، فالإطار المزدوج والمتعدد للأجهزة الرقابية، يدفعنا إلى التفكير الجدي، في البدائل الممكنة لتجاوز هذه الوضعية، وفي هذا الجانب، قد يكون البديل في دعم جدي لدور رقابي وحيد تمارسه الوزارة المكلفة بالمجال المالي – أي وزارة المالية- إلا أن هذا الاقتراح ترد عليه جملة انتقادات، ترتبط بالأساس بوضعية هذه الوزارة ضمن باقي الوزارات، وموقف هذه الأخيرة من الدور الممكن إيلاؤه لها[159].
وعليه، فالتطور الذي عرفته وظائف الإدارة يستدعي إعادة النظر في دور هذه المفتشيات، حيث عرف النموذج الفرنسي تقدما في هذا المجال، بحيث أصبح لهذه المفتشيات دورا أكثر أهمية يتجلى أساسا في مهام مراقبة التسيير، التدقيق والتقييم.
إن هذه العمليات تمكن هذه الأجهزة من جميع المعلومات، تحليلها وتقديم اقتراحات الهدف منها هو تحسين مردودية الإدارة المحلية بصفة عامة والمجال المالي بصفة خاصة.

المطلب الثالث: حدود الرقابة القضائية.
بالنظر إلى مشاركة الآمرون بالصرف في تنفيذ العمليات المالية وامتلاكهم لسلطات تقريرية مهمة، أصبح هؤلاء يتحملون مسؤوليات متعددة ومتنوعة، لكن بالمقارنة مع تلك التي يخضع لها المحاسبون ظلت مسؤولية الآمرين بالصرف نسبية ومحدودة في العديد من جوانبها ومجالاتها.
ومع ذلك، لا ينبغي أن يؤخذ هذا الحكم على إطلاقيته، إذ لا تنطبق محدودية المسؤولية سوى على الآمرين بالصرف الأساسيين وخاصة الوزراء، وأعضاء البرلمان يعفي الوزراء من الخضوع لمساءلة أمام القضاء المالي، إذ لا يخضع لاختصاص المجلس الأعلى للحسابات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية للوزراء وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين، وبهذا الاستثناء، يكون المشرع قد أقر إعفاء كليا ومطلقا للوزراء وأعضاء البرلمان من الخضوع لأية مساءلة أو متابعة عن المخالفات المالية التي يرتكبونها في مجال تنفيذ الميزانية ( الوزاراء وأعضاء مجلسي البرلمان كرؤساء لمجالس الجماعية).
وإذا نص المشرع على هذا الإعفاء منذ ظهير 1979، فقد تقررت أمام المحاكم المالية بموجب القانون 99-62 مسؤولية فعلية للآمرين بالصرف الجماعيين والآمرين بالصرف القانونيين أمام هذه المحاكم لكنها تبقى فقط مسؤولية أدبية تفضي فقط إلى إصدار بعض التقارير خاصة في ميدان التأديب.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إذا كانت التجربة الفرنسية في مجال الرقابة القضائية الممارسة من طرف الغرف الجهوية للحسابات قد أبانت على نجاعتها والمتمثلة ساسا في حسن تدبير المالية المحلية، فذلك راجع بالأساس إلى وجود مرجعية قانونية سندها الاجتهادات القضائية المتعددة، ورغبة الفاعل المحلي في التدبير الجيد لمالية المحلية.
والملاحظ أن المحاكم الجهوية لحسابات المغربية انطلقت في مباشرة مهامها دون توفرها على مرجعية للإجتهادات القضائية من المجلس الأعلى، الأمر الذي سيجعل ممارسة الرقابة تعترضه بعض الصعوبات.
وحتى تتمكن هذه المحاكم الجهوية من مزاولة مهامها في أحسن الظروف والتغلب على الحواجز والعوائق لا بد لها من:
1-إعداد منظور مستقبلي في مجال التخطيط الاستراتيجي التشاركي.
2-إعداد هياكل للتنظيم والتكوين والتواصل.
3-إحداث نظام مستمر للتقييم.
وعلى غرار ما سبق، لابد للجماعات المحلية أن تواكب التطور الذي يعرفه مجال الرقابة القضائية وذلك عبر وضع أنظمة للتدقيق الداخلي، المراقبة الداخلية ومراقبة التسيير.

خاتمة الفصل الأول:
بالإضافة إلى تأهيل المجالس الجهوية للحسابات لممارسة نفس اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات على الصعيد المحلي، فيما يتعلق بطرح مسؤولية الآمرين بالصرف في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وفي ميدان التسيير، نصت مدونة المحاكم المالية على أحكام جديدة كلفت بمقتضاها المجالس الجهوية للحسابات بمراقبة بعض القرارات المالية المتعلقة بتنفيذ الميزانيات الجماعية، خاصة عندما لا تتم المصادقة على الحسابات الإدارية للمجالس الجماعية وهيئاتها، مما يعني أن المدونة تتحدث عن مجال جديد لمسؤولية الآمرين بالصرف أمام المجالس الجهوية.
ولا يمكن لمجالس الجهوية أن تتدخل لممارسة هذا الاختصاص الجديد إلا في حالة عرض كل قضية تخص الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية الجماعية أو في حالة عرض الحسابات الإدارية غير المصادق عليها من قبل المجالس التداولية لجماعات المحلية وهيئاتها.
إلا أن المجالس الجهوية لا يمكنها في أي حال من الأحوال أن تتدخل مباشرة ومن تلقاء نفسها لإجراء المراقبة في الميادين المذكورة أعلاه، وإنما ترفع إليها القضية من أطراف أجنبية، ففي الحالة الأولى ( تنفيذ الميزانية)، يمكن لوزير الداخلية أو الوالي أو العامل أن يطلب من المجلس التدخل، أما في الحالة الثانية ( رفض الحساب الإداري) فإن سلطات الوصاية قد ترفع القضية إلى المجلس إما بصفة تلقائية أو بناء على طلب من الآمر بالصرف أو الطرف الرافض للحساب الإداري.















الفصل الثاني
من المراقبة المحاسباتية والميزنياتية
إلى مراقبة تدبير المالية المحلية
نظرا لأهمية نظام رقابة المحاسبة في التسيير والتدبير العمومي، فإن الطريقتين التقليديتين تظلان مرتبطتان بالسياق الميزانياتي والمحاسباتي، فالمجالس التداولية تصوت كل سنة على ميزانياتها على أساس تخصيص اعتمادات الميزانية، لذلك فإن نظام المراقبة، يقتصر على التأكد من احترام، من جهة الأهداف على المدى القصير كما هي محددة بالميزانية[160]، ومن جهة أخرى التأكد من قواعد المحاسبة العمومية، والملاحظ، "أن أنظمة المراقبة تمكن من تفادي احتساب الالتزامات التي تفوق الموارد المخصصة كما يجب احتساب هذه الالتزامات ليكون هذا النظام فعال"[161].
وبصفة عامة، يمكن اعتبار هاتين الوسيلتين التقليديتين للمراقبة، كمراقبة الصحة والمطابقة، " ويتعلق الأمر بالتأكد من احترام القواعد الإدارية والمحاسبتية التي تحكم عمل المصالح[162].
إن الامتثال إلى الآليات الرقابية التي تم وضعها على حساب مراقبة غايات أو أهداف العمل العمومي، يضمن فقط التطابق مع المعايير والقواعد، وفي هذا الصدد، يمكن اعتبار المراقبة المحاسباتية والميزانياتية كمراقبة قانونية معيارية بيروقراطية أو إدارية، لن الهدف الأساسي من هاتين الوسيلتين هو وضع النشاط الإداري داخل حدود، دون النظرة إلى حاجيات المرتفقين أو تغيير طرق العمل لتحقيق نتائج جيدة[163].
فالمراقبة المحاسباتية والميزانياتية توجه أوى الجماعات نحو مراقبة مالية كما أن هذا النظام القديم للمجتمع الصناعي الذي يرتكز على التسلسلية، البعد والسرية لا يتلاءم مع تحولات الهياكل العمومية[164].
لذلك، فإن المفهوم الجديد للمراقبة يجعل من هذا الأخيرة، أداة دائمة لقيادة وضرورة لعلم الإدارة على مستوى الوحدة بكاملها، وتتمثل المراقبة في هذا الصدد، في تقييم النتائج على ضوء الأهداف[165]، لذلك فإن نظام المراقبة عبر القواعد يجب تتميمه بنظام قيادة الأنشطة الذي تشتمل على مؤشرات (لوائح القيادة)، سياق التنشيط التتبع... الخ.
كما أنه لا يمكن تقبل رقابة حسب المقاييس التي سادت خلال إعداد هذا النظام في القرن 19.
من هذا المنطلق، سنحاول من خلال الفصل التطرق إلى الآليات الحديثة للرقابة على المالية المحلية عبر المبحثين التاليين:
§المبحث الأول: نظام مراقبة التسيير.
§المبحث الثاني: المراقبة الداخلية والتدقيق كآليتين حديثتين للرقابة على المالية المحلية.













المبحث الأول: نظام مراقبة التسيير.
إن توسع مجال الجماعات المحلية وتعدد حاجياتها، وكذلك ندرة الموارد المالية وتحسيس الرأي العام بموضوع التسيير المحلي يتطلب حاليا من الجماعات المحلية العمل على تحسين التسيير المالي ووضع استراتيجيات هدفها الرفع من مستوى فعالية التسيير المالي المحلي، وسنعمل من خلال هذا المبحث على التعريف بمراقبة التسيير وإطارها التاريخي (المطلب الأول)، فيما سيتطرق المطلب الثاني إلى استراتيجية وضع منظومة لمراقبة التسيير بالجماعات المحلية ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: مفهوم ومدلول نظام مراقبة التسيير وتطوره التاريخي.
تحظى مراقبة التسيير بأهمية كبيرة في المجتمعات المعاصرة التي تسعى إلى تطوير وعقلنة التسيير المالي العمومي بصفة عامة، والتسيير المالي المحلي بصفة خاصة، وقبل التطرق إلى أهمية مراقبة التسيير، لابد من تقديم تعريف لها وإطارها التاريخي.
الفقرة الأولى: مفهوم ومدلول مراقبة التسيير[166]
هي طريقة مستعملة في عالم المقاولات، هدفها تحسين القيادة لتحقيق الأهداف من الجانب الكمي، الكيفي واستعمال أحسن للموارد، ففضلا عن الآليات المحاسباتية، فهي تعتمد على أنظمة الإعلام، وطرق البحث في التكلفة.
وقد عرفها D.HERMAN ET SUSMAN بأنها ليست تفتيشية المصالح وليست مكتب للتدقيق أو هيكلة تحل محل المصالح، لكنها مصلحة لمساعدة المشورة، والقيادة، وهي بذلك تضمن:
-تناسق التمشي.
-تقدم السير التقني للمصالح والمقررين.
-مهامها تنمو مع مهام الجماعات المحلية.
-أهدافها: مساعدة القيادة من أجل تطوير المعلومات الصحيحة.
-تقديم المساعدة لاتخاذ القرار.
الفقرة الثانية: التطور التاريخي لمراقبة التسيير.
لقد ظهر هذا المفهوم لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية، بأمر من القائد Mac Namara بالبانتكون وبعده في عدد من الشركات الكبرى والتي أدخلت أنظمة جديدة كنظام ترشيد الاختيارات الموازناتية RCB)).
ولقد جاءت مراقبة التسيير نتيجة الحاجة إلى تحقيق إنتاج أفضل وملائم للحاجيات والبحث عن فعالية الأنشطة.
أما في النظام الفرنسي، فكان لابد من انتشار قانون 1982 لتبدأ عددا من الجماعات التفكير وبجدية في تسيير أفضل لمواردها العمومية.
وعليه، فظهور مراقبة التسيير بدأت في الثمانينيات[167]، ولقد أكد مجلس الدولة الفرنسي سنة 1973 أنه يجب " قياس درجة تلبية حاجيات المرتفقين"[168].
فقد كانت للإدارة مهمة إنتاج المعايير والقواعد، ويتعين عليها حاليا الاقتراب من حاجيات العموم والتركيز ليس فقط على المنتج بل كذلك على المستفيد، لذلك يجب تلبية حاجيات الزبون- الناخب[169].
المطلب الثاني: استراتيجية وضع منظومة لمراقبة التسيير.
يعد إحداث مراقبة التسيير من الاستراتيجيات البعيدة الأمد لتحديث الإدارة المحلية، فرغم أنها ليست إلزامية إلا أن مشروعيتها تكمن في ضرورة توفير الفعالية المتطلبة داخل المصالح العمومية.
الفقرة الأولى: المأمول والمنتظر من مراقبة التسيير.
يمكن القول أنه لأول مرة يتم تشجيع الإدارة على وضع رقابة إدارية ومالية تحمل اسم " رقابة الملاءمة الداخلية القبلية"، تطوعية وتشاركية، ويتعلق الأمر بنظام يعده الجميع لصالح الإدارة لخدمة المقررين والمرتفقين على حد سواء.
ولمراقبة التسيير عدة إيجابيات:
1.تحديث الإدارة عبر وضع طرق فعالة للعمل، وآليات ملائمة، لذلك يجب استعمال المانجمنت التشاركي أي التسيير بالأهداف، التقييم الفردي، التسيير الداخلي للكفاءات، تفويض المسؤوليات... الخ.
2.من الجانب العملي، فلآليات مراقبة التسيير ( لوائح القيادة، تحليل التكلفة)، ردود فعل إيجابية على الإدارة بمجملها[170].
والجدير بالذكر، أن المهمة الرئيسية للمسؤولين هي: "تحسين الجودة والإنتاجية لمصالح المدينة، لذا يجب على كل مصلحة أن تضع بنفسها برامج تحسين جودة أنشطتها كيفما كان نوعها[171].
فالهدف إذن من مراقبة التسيير هو تنظيم جمع المعلومات القيمة وبسرعة، الحالية منها والمستقبلية وتنظيم قدرة الإجابة والتحليل واتخاذ القرار الذي يمكن من مواجهة التطورات التي تحد من فعالية المنظمة[172].
الفقرة الثانية: شروط إنجاح مراقبة التسيير.
تعد مراقبة التسيير كمبادرة عميقة ستؤثر على الممارسات وسلوكات كل العاملين بالمنظمة، وتختلف شروط النجاح حسب عدة عوامل نذكر منها على الخصوص:
1.وجود بعض الآليات ( مراقبة الميزانية، المحاسبة التحليلية، لوائح القيادة)، بالجماعة المحلية أو قيام بعض المصالح بمبادرة لتحديث الإدارة يشكلان دعما لإدخال مراقبة التسيير، وعلى عكس ذلك، فإن فشل مبادرة إحداث مراقبة التسيير تخلق جوا من الحذر والشك يصعب تحديدها.
2.ويعتبر الالتزام المؤكد لجهاز التنفيذي عاملا أساسيا، لأن مراقبة التسيير تميل بطبيعتها إلى خرق توازن السلطات، فالمؤسسات العمومية تنظم بشكل عام على أساس علاقات تتداخل فيما بينها، حول أهداف غير محددة بدقة وفي غياب وسائل لقياس الفعالية.
3.وتشكل طريقة التسيير ( المانجمات)، عنصرا هاما بحيث لا يمكن لمبادرة مراقبة التسيير أن تنمو بشكل مرضي في إطار مانجمات جد مركز، سلطوي أو أتوقراطي، لذلك فإن وجود مانجمات من النوع التشاركي أساس لوضع نظام لمراقبة التسيير وتعد هذه المشاركة جد مهمة، ليس فقط بالنسبة للعلاقات المتواجدة على مستوى أعلى الهرم، بل كذلك فيما بين أعلى الهرم وباقي العاملين بالجماعة، وتبوء هده العملية إذا لم يتم إشراك كل العاملين بالجماعة أو إشراك بعض المسؤولين[173].



المبحث الثاني: المراقبة الداخلية والتدقيق آليتين حديثتين للرقابة على المالية المحلية.
إذا كانت لمراقبة التسيير دورا فعالا في تدبير المالية المحلية وعقلنة تسييرها لتحقيق الهداف المتوخاة، فإن الرقابة الداخلية ( المطلب الأول)، والتدقيق ( المطب الثاني)، يشكلان بدورهما آليتين تبرز إيجابيتهما من خلال النتائج المحققة لفائدة الجماعات المحلية.
المطلب الأول: المراقبة الداخلية[174].
لقد أكدت منظمة الأنطوساي من خلال دليل المراقبة الداخلية على أهمية هذه الآلية وضرورة تفعيلها بالقطاع العام بصفة عامة، وتعد الجماعات المحلية بدورها مجالا لتفعيل هذه الآلية، فما هي إذن الرقابة الداخلية وما هي محتوياتها؟.
الفقرة الأولى: مدلول المراقبة الداخلية
المراقبة الداخلية هو سياق مندمج يعد من طرف المسؤولين والعاملين بالمنظمة من أجل مراجعة المخاطر ضمانة معقولة لتحقيق الأهداف العامة التالية:
-تنفيذ عمليات مرتبة، اقتصادية وفعالة.
-احترام إلزامية الإخبار.
-التطابق مع القوانين والتنظيمات الجاري بها العمل.
-حماية الموارد من الإتلاف، سوء الاستعمال أو إلحاق الضرر.
وتعتبر المراقبة الداخلية كمسار مندمج وديناميكي يتأقلم باستمرار مع التغيرات التي تواجه المنظمة.
فالمراقبة الداخلية ليست منعزل بل مجموعة من الأعمال التي تمس كل أنشطة المنظمة، وهي بالتالي ليست كما يعتبرها بعض الملاحظين كنشاط إضافي، أو عبء عليها تحله، بل جزءا من أنشطة المنظمة وقاعدة للتسيير في مجال التخطيط التنفيذ والمراقبة كيفما كان نوعها.
الفقرة الثانية: محتويات نظام المراقبة الداخلية.
يشتمل نظام مراقبة الداخلية على خمس عناصر، مستقلة بعضها عن البعض:
1-بيئة المراقبة.
2-تقييم المخاطر.
3-أنشطة المراقبة.
4-الإخبار والاتصال.
5-القيادة.
وتشكل بيئة المراقبة أساس نظام المراقبة الداخلية، فهي تؤثر من جهة على الجودة العامة للمراقبة الداخلية، كما تؤثر من جهة أخرى على الطريقة التي وضعت بها الاستراتيجيات والأهداف وهياكل أنشطة المراقبة.
بعد تحديد الأهداف بوضوح، وخلق مناخ فعال للمراقبة، يتعين القيام بتقييم الأخطار التي تواجه المنظمة من أجل إيجاد الحلول الملائمة لهذه المخاطر.
ومن أجل ذلك، يتعين وضع استراتيجية لتوجيه أنشطة المراقبة نحو الوقاية وتحديد التدابير التصحيحية لتحقيق الأهداف.
ويشكل الإعلام والتواصل دعامة أساسية لكل منظمة ترغب في مراقبة عملياتها، ومن أجل ذلك يتعين تمكين المسؤولين من المعلومات الكافية والجيدة المتعلقة بكل الأحداث والوقائع الداخلية والخارجية.
والقول هنا، أن كل هذه العناصر هي عبارة عن طرق مرجعية لإحداث نظام المراقبة المالية الداخلية بالجماعات المحلية والإدارة العمومية بصفة عامة.
المطلب الثاني: التدقيق بالجماعات المحلية.
يشكل التدقيق أهمية قصوى في تدبير المالية العمومية والمحلية على حد سواء، كما أصبح لزاما على التدقيق أن يعني أكثر من إبداء الآراء والاقتراحات بشأن المساءلة المالية والمطابقة القانونية وذلك في مواجهة احتياجات الإدارة[175].
الفقرة الأولى: مقاربة التدقيق والتدقيق المالي.
يعود ظهور مصطلح التدقيق إلى القرن الثالث الميلادي مع الحضارة المصرية الفرعونية والرومانية وهو الرأي الذي أكده كل من الفقيهين المتخصصين في هذا المجال، ويتعلق الأمر بليونيل كولتيس ( Collibs L) وجيرار فالا.[176](Valin G) وقد عرف مفهوم التدقيق تطورات جد هامة خلال القرنين الثالث والرابع عشر في أوروبا خاصة بريطانيا، ومع بداية القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية[177].
ويمكن تعريف التدقيق أو الافتحاص على أنه كل عمل يستهدف تقويم بنيات المراقبة الداخلية وفق مرجعيات علمية ومهنية دقيقة، من أجل الوقوف على الخلل الذي تعاني منه المنظمة أو المؤسسة في شتى المجالات وذلك من أجل السيطرة عليها والتنبؤ بتطوراتها[178]. وهو أيضا تقييم مستقل لمختلف العمليات ومراقبة المنظمة بغرض تحديد إن كانت السياسات والمسا طير قد اتبعت، وإن كانت القواعد المطبقة قد تم مراعاتها أو تجاوزها، وإن كانت الموارد قد تم استعمالها استعمالا فعالا واقتصاديا وإن كانت أهداف المنظمة قد تم تحقيقها[179].
وللتدقيق عدة تقسيمات، فبالإضافة إلى التقسيمات الرئيسية المتعلقة بالتدقيق المالي بشقيه الداخلي والخارجي هناك عدة أنواع أخرى من التدقيق نذكر منها التدقيق التنظيمي والتدقيق الاستراتيجي، تدقيق التكوين... الخ.
غير أننا سنقف عند التدقيق المالي لأهميته في تدبير المالية العمومية والمحلية على حد سواء.
ويهتم التدقيق المالي بمدى كون المستندات المالية للمنظمة تعكس بصدق ووفاء وضعيتها المالية، وذلك في إطار احترام المبادئ المحاسبية والمالية المتعارف عليها، والمدقق المالي يهدف في إطار تقريره إما إلى قبول أو رفض الكشوفات الحسابية المعروضة عليه، من خلال مراقبتها ويعطي رأيه الصريح حول مصداقيتها وشفافيتها.
ومن المظاهر الخاصة للتدقيق المالي بصفة عامة الكشف عن المخالفات أو الأخطاء المحاسبية ويهدف أيضا إلى تحسين تسيير وتدبير أنشطة المؤسسة أو المنظمة[180].
الفقرة الثانية: الأحكام والقواعد الفاعلة لإنجاح عملية التدقيق بالجماعات المحلية؟
إن قواعد التسيير الجماعي بالمغرب هب نتيجة تطور مهم، غير أنها تبقى مرتبطة بالميثاق الجماعي وممارسات مختلف المجالس الجماعية.
إلا أن إنجاح عملية التدقيق وفي أحسن الظروف يستوجب من جهة مشاركة الخاضعين بحيث تعتبر هذه المشاركة مفتاح نجاح كل عملية تدقيق ومن جهة أخرى تطبيق القواعد العشرة للتدقيق التالي من طرف المسير الجماعي[181].
1-الإيمان بأهمية التدقيق: تعد العمليات المذكورة للتدقيق بالجماعات المحلية قادرة بمفردها على تنسيق التسيير وتقييم المردودية.
2-مقاومة الأعراض اللاعقلانية للمصاريف العشوائية: إن هذه الأعراض تلحق الضرر بميزانية الجماعة، فرغم صحتها من الناحية القانونية غير أن هذه المصاريف تعتبر غير ضرورية.
3-أقلمة التكوين مع الشغل: وتعلق الأمر بإدماج العنصر البشري في مسلسل التنمية، وذلك عبر احترام العنصر البشري في كل اختبار اقتصادي، وذلك فإن تدقيق التكوين لا يقل أهمية عن التدقيق المالي.
4-نشر المعلومات: إن أحسن طريقة لتحميل المسؤولية للفرد هي إخباره، فوجود نظام للإعلام سلس ومتجانس كفيل لوحده بضمان الشفافية.
5-إحداث لوائح للقيادة: يتعين على كل مسير، وعلى جميع المستويات أن يضع لوائح تتضمن مؤشرات تمكنه من تصحيح التجاوزات الناتجة عن التقلبات الظرفية.
6-استغلال أفضل للوقت: نظرا لعدم قدرتنا على خلق الوقت، فلا يمكننا إذن إلا أن نحسن تدبيره عبر علم التنظيم وتوزيعه بطريقة عقلانية.
7-تدبير العجز: يمكن للرفع من الموارد أن يكون أداة لخدمة وتقليص ومراقبة العجز، ليصبح بالتالي طريقة لجعل الجماعة أكثر فعالية.
8-التجهيز بتقنيات الإعلاميات: تمكن الإعلاميات من نشر المعلومات واستغلال أفضل للوقت، كما تساعد على إعداد ومراقبة لوائح القيادة، وتشكل الإعلاميات كذلك أداة لخدمة المدقق.
9-تنمية التسويق العمومي: تحتاج الجماعة المحلية على سياسة التواصل من أجل إنجاح عملياتها وتلميع صورتها أمام الرأي العام المحلي، لذلك يتعين عليها تنمية سياسية تسويق خدماتها وجعلها في مستوى طموحات المواطنين.
10-الموارد البشرية الجماعية: تع عنصرا مهما لإنجاح البرامج الجماعية، لذلك يتعين عليها تحفيز كل العاملين بها وتأهيلهم لتقديم خدمات ترقى إلى المستوى المطلوب.









خاتمة الفصل الثاني:
عرفت الرقابة على الأموال العمومية تطورات من حيث استعمال التقنيات والأساليب نتيجة مؤثرات منها الاقتصادية والمالية، الأمر الذي أدى إلى تبني مفاهيم وتقنيات معاصرة وحديثة للرقابة، والهدف من هذه التقنيات هو تجاوز سلبيات وعيوب وأخطاء التوجه الكلاسيكي للرقابة.
وقد أثبتت هذه التقنيات الحديثة، عن نجاعتها وفعاليتها في تطوير النظرية العامة للرقابة على الأموال العامة من حيث منطلقاتها وأسسها، سواء تعلق الأمر بالممارسة أو التطبيق.
وتتميز هذه الأساليب الحديثة بطابعها الشمولي والتي تهدف بالأساس إلى تحقيق ثلاث عناصر يسميها البعض " المقاربة الثلاثة " Les trois E وهي التوفير أو الكفاءة (Efficience)، الفعالية (Efficacité) والاقتصاد (Economie).
إن تحقيق هذه المقاربة واستنادها على الآليات الحديثة للرقابة على المالية المحلية، سيمكننا لا محالة من الانتقال إلى مرحلة الأخذ بمقاربة تقييم السياسات العمومية المحلية، بوصفها أداة فعالة وحديثة للرقابة على المالية المحلية.



خاتمة القسم الثاني:
إذا كانت الإصلاحات التي يتطلبها النظام الرقابي الكلاسيكي، تستدعي إشراك الفاعلين الإداريين والسياسيين من أجل خلق منظومة رقابية تستجيب للمقارنة الميزانيايتية الجديدة والتي ترتكز على النتائج، فإن إحداث أنظمة للمراقبة الذاتية كالمراقبة الداخلية، التدقيق الداخلي ومراقبة التسيير تتطلب بدورها:
1-إدراك الفاعلين المحليين لأهمية هذه الآليات.
2- إشراك كل العاملين بالهيئات المحلية لبلورة هذه الآليات على أرض الواقع والجعل منها أداة داخلية فعالة للرقابة على مال المواطن.
ولتفعيل المسؤولية المالية، ينبغي اعتماد مقتربات جديدة تنضاف إلى الآليات والميكانيزمات القائمة ويمكن إجمال هذه المقتربات فيما يلي:
-مقترب الشفافية: يقصد بالشفافية المالية، تدفق المعلومات المتعلقة بعمليات إعداد وتنفيذ الميزانية حيث تلتزم السلطات العمومية بإخبار المواطنين والجمعيات والهيئات المدنية والسياسية بجميع الأعمال والعمليات والمعلومات والنتائج النهائية للعمليات المالية، ومن هذا المنطلق، تقتضي الشفافية المالية القيام بعدد من الخطوات والإجراءات التي تسمح بتدفق المعلومات.
-مقترب الفعالية: بالرغم من أن المشرع المغربي أدرج مقترب الفعالية ضمن أسس المراقبة، حيثما طالب المحاكم المالية بإجراء مراقبة على التسيير داخل الأجهزة العمومية، لكن مجرد تقرير المبدأ والوقوف عنده لا يكفل وحدة تحقيق النتائج التي من أجلها تم إقراره، وإنما يتطلب الأمر من المشرع وضع قواعد ومقاييس ومؤشرات لمراقبة الأداء داخل الأجهزة العمومية، ولقياس المردودية والفعالية، وكذا للتحقق من مدى ملاءمة النتائج المحققة للأهداف المرسومة والإجراءات المتبعة، ولا يتيسر ذلك إلا بتحديد واضح للأهداف وللغايات ولوحدات قياس الأداء داخل الأجهزة العمومية.











خاتمة عامة:
من أبرز الأهداف الأساسية للمراقبة، هو احترام التوازن الذي أعده المشرع الدستوري والمشرع العادي ما بين المصلحة العامة، مصالح الجماعات المحلية والمصالح الخاصة التي تمثل نوع من الحقوق الفردية.
وهذه الأهداف هي التي تبرز وجود الرقابة وتشكل في نفس الوقت العنصر الذي يوضح حدودها.
فانطلاقا من أن مهمة المراقبة أساسية ووازنة في القرار الإداري وفي الخدمة الإدارية من حيث أنها تحيط عمل الإدارة بكل الضمانات القانونية الضرورية لتحصينه وتمنيعه من كل الشوائب والانحرافات والانزلاقات التي قد تشوب الداء الإداري، واعتبار للدور الاستراتيجي الذي تلعبه الرقابة المالية في تدبير الشأن العام وتحديث الدولة، فإن تدبير الرقابة ينبغي أن يعتمد بدوره على أسلوب التخطيط الدقيق وتابعة التنفيذ وتقويم الأداء والسيطرة على الأخطار للحكم على مدى سلامتها ومصداقيتها من إخبار السلطات العليا الرأي العام وذلك على عدة مستويات هيكلية وتدبيرية وبشرية واستراتيجية.
وهكذا، تعدت وتنوعت أدوات التدخل الرقابة للدولة لتتفاعل مع الإدارة في كل حلقات مسلسل العملية الإدارية بحيث لم تعد مساحة إدارية إلا وتخضع لنوع من أنواع الرقابة عمودية أو أفقية، قبلية أو مسبقة، مواكبة ورقابة بعيدة أو لاحقة.
وكل هذه الأنواع الرقابية على المال العام التي تمارسها عدة مؤسسات بحكم القانون تبقى رهينة بمدى تفعيلها وترجمتها إلى واقع ملموس وهو ما يتطلب الانتقال من أدوات تدخل في يد الإدارة إلى أجهزة رقابية فاعلية ومؤثرة على التدبير المالي والمساهمة في حسن تدبير الشأن العام على الوجه المطلوب.
إن هذا التوجه يقتضي إعادة النظر في منظومة الرقابة والتفتيش في شموليتها وكليتها وإصلاحها وتأهيلها للاستجابة، ليس فحسب لمتطلبات الرقابة بمضمونها التقني والإداري، وحماية المال العام في كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل يجب أن يندرج عملها ومهامها وأدوارها في سياق تخليق الحياة العامة وتهذيبها، على اعتبار إصلاح جهاز الرقابة على المال، قضية وطنية كبرى لا تتحمل التأجيل، وتستدعي إشراك كل الفعاليات وشرائح المجتمع المدني دون أن ننسى أن الإدارة السياسية هي الدعامة الأساسية لتفعيل هذه الرقابة.
وعليه، فإن مبدأ الإصلاح يفرض شموليته للنواحي السياسية، الإدارية، والمالية للرقابة على المالية المحلية، وذلك لعدة اعتبارات أفرزها التحليل.
ويبقى الأساس المحوري لتفعيل الرقابة قائما على دور المجالس الجهوية للحسابات التي أثبتت على مستوى التشريع المقارن على توجيه موفق في دعم الرقابة والشفافية على المستوى المحلي، بحيث يمكن لهذه المحاكم أن تلعب مستقبلا دور المستشار لفائدة الجماعات المحلية وتحقق بذلك حلقة وصل إيجابية بين مراقبة الشرعية ومراقبة التسيير التي كانت تمارس سابقا من طرف المسيرين المحليين.
إن ميلاد هذه الوظيفة الاستشارية سيعمل لا محالة على خلق علاقات جديدة ستنتج بطريقة براغماتية على المستوى المحلي.
ويمكن القول أنه لابد من إيجاد مفهوم جديد للمجال المحلي الوطني بغية إحداث منطق جديد لموازنة اللامركزية أو بمعنى آخر إيجاد رقابة تعمل على إدماج جانبي الرقابة، أي رقابة تستجيب لأهداف سياسية وقانونية ورقابة تستجيب لأهداف التدبير.
غير أن تحقيق هذا الهدف يبقى رهينا بضرورة إشراك كل الفاعلين المحليين سواء المنتخبين منهم، العاملين بالإدارة المحلية أو المجتمع المدني لجعل المالية المحلية بصفة عامة والرقابة عليها بصفة خاصة أداة للتنمية المستدامة.







لائحـــة المـراجع
المراجع باللغة العربية:
الكتب:
¨أنور أحمد رسلان: " التنظيم الجماعي الجديد"، دار الثقافة الدار البيضاء 1997.
¨حسن محمد عواضة: " الإدارة المحلية وتطبيقها في الدول العربية، دراسة مقارنة"، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1983.
¨حميدوش مدني: " المحاكم المالية بالمغرب، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة"، مطبعة فضالة، المحمدية، الطبعة الأولى، 2003.
¨خالد قباني: " اللامركزية ومسألة تطبيقها في لبنان"، منشورات البحر الأبيض المتوسط، بيروت، باريس ومنشورات عويدات، بيروت، الطبعة الأولى، 1981.
¨سليمان الطماوي: " مبادئ القانون الإداري"، دار الفكر العربي، القاهرة، الكتاب الأول، 1978.
¨عادل محمود حمدي: " الاتجاهات المعاصرة في نظم الإدارة المحلية، دراسة مقارنة"، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1983.
¨عبد القادر باينة: " القضاء الإداري، الأسس العامة والتطور التاريخي"، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1988.
¨عبد الله النقشبندي: " الرقابة المالية العامة ومشروع مجلس الإشراف والتنظيم"، مطبعة العالي، بغداد، الطبعة الأولى 1964.
¨غسان قلعاوي: " رقابة الأداء"، بدون دار النشر، الطبعة الأولى، دمشق، 1988.
¨فهمي محمود شكري: " الرقابة المالية العليا، مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية وعدد من الدول الأجنبية"، دار عدلاوي، عمان، 1983.
¨فوزي العكش: " الحكم المحلي والإدارة المحلية، الأسس والتطبيقات"، مطبعة العين، الإمارة العربية، الطبعة الأولى، 1983.
¨محمد حركات: " إستراتيجية وتنظيم الجماعات المحلية بالمغرب"، مجموعة البحث حول الاقتصاد الحضري الجهوي والبيئة، جامعة محمد الخامس، مطبعة المعارف الجديدة، 2002.
¨محمد حسين: " تدبير المالية العمومية، الرهانات والاكراهات"، دار القلم، الطبعة الأولى، 2005.
¨محمد سعيد فرهود: " علم المالية العامة مع دراسة تطبيقية عن المملكة العربية السعودية"، معهد الإدارة العامة، المملكة العربية السعودية، 1402، 1403هـ.
¨محمد مرغني: المبادئ العامة للقانون الإداري المغربي"، مكتبة الطالب، الرباط، الطبعة الثالثة، 1982.
¨المصطفى دليل: " المجالس الجماعية وعلاقتها العامة"، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 3، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1995.
¨مشيل روسي: " المؤسسات الإدارية المغربية"، ترجمة إبراهيم زياني، المصطفى نجاح ونور الدين الراوي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1993.
الرسائل والأطروحات:
¨سعيد جفري: " الرقابة على المالية المحلية بالمغرب محاولة نقدية في الأسس القانونية السياسية الإدارية المالية أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام جامعة الحسن الثاني عين الشق الدار البيضاء المغرب 1997/1998
¨سيف الدين عبد الله إبراهيم آدام : "مبدأ الشرعية وعمل الإدارة" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في الحقوق، تخصص العلوم الإدارية كلية الحقوق الدار البيضاء يناير 1995.
¨محمد ولد منياط : " الرقابة العليا على الأموال العمومية في دول المغرب العربي دراسة نقدية مقارنة"، بحث لنيل دبلوم السلك العالي المدرسة الوطنية للإدارة، الرباط 1994.


المقالات:
¨عبد الحميد متولي: " مذكرة عن المصطلحات المقترح تعديلها في ميدان القانون العام وبوجه خاص في القانون الإداري" كلية العلوم الإدارية السنة السابعة العدد 3 دجنبر 1963.
¨نعيمة مويني: " إشكالية الرقابة المالية المحلية": مؤسسة القابض كنموذج م.م.إ.م.ت عدد 34 شتنبر – أكتوبر 2000.
المراجع باللغة الأجنبية:
I- LES OUVRAGES:
¨-BARTOLI (A): "Le management dans les organisations publiques", Ed. Dunod, 1998.
¨BASRI (D): «La décentralisation au Maroc, de la commune la région», Ed.Nathan, Paris, 1994.
¨BOUQUIN (H): «Le contrôle de gestion », Ed. PUF, Paris, 5eme edition, 2001.
¨BORGOVONI (E) et BROVETTO (P.R): «The concept of bureaucratic and managerial control in public administration », Ed. Kakaba DSE, PR, HOLZER, Averbury, 1988.
¨BOUVIER (M): «Les finances locales », Ed. LGDJ, 10eme edition, 2004.
¨CATHELINEAU (J) : « les finances locales » Extrait de collectivités locales », Sous la direction de Bouinot (F.P) Dalloz, Paris 1993
¨COLLIN (L) et VALIER (G): «Audit et contrôle interne, aspects financiers, opérationnels et stratégiques », Dalloz, 1992, 3eme édition.
¨DEPUIS (J): «Comptabilité analytique et contrôle de gestion », Ed. Technique-jurisclasseurs, Fascicule 20070.
¨EL OUAZANI (A): « La gestion municipale au Maroc », Les presses des imprimeries de Fedala, Mohamedia, Février 1982.
¨FABRE (F.J) :« Les grands arrêts de la jurisprudence financière » ,Ed,Dolloz, Paris, 1996.
¨FIKRI (A): Le régime financier de la commune »,Ed. Maghrebine, Casablanca, 1989.
¨GIBERT (P) : «Le contrôle de gestion dans les organisations publiques », Ed. d' organisation, 1980.
¨HARAKAT (M) : « Le droit du contrôle supérieur des finances publiques au Maroc », Tl, Ed. Babel 1992.
¨HARAKAT (M): «Les cours régionales des comptes, Guide pratique du contrôle des finances locales », Imp. El Maarif Al Jadida, Rabat, 2004.
¨KHOUDRY (D) et BREGA (Y): «Le guide d'audit communale », Ed. Maghrebine, Casablanca, 1ere édition, 1998.
¨LA LUMIERE (P): «Les finances locales », A.Collin, Collection 4, Paris, 7eme édition 1983.
¨LONG (M): «Les nouvelles relations état-collectivités locales », LGDJ, 2001.
¨MOUZET (P) : «Finances locales» Ed. Gralino, 2 eme édition, 2004.
¨OLSEN (M.E): “The processus of social organisation”, New York, Holt Rinehar, Winston, 1978.
¨POISON (M): «Audit et collectivités locales », Ed. QSJ? PUF 1989.
¨RAYNAUD (J):«Les chambers régionales des comptes», ED .PUF, 1984.
¨MOINOT (P): «La cour des comptes », Ed.1984.
¨SANTO (M) et VERRIER (P.E):«Le management public», Ed .PUF, Que sais-je ? 1993.
¨TANNEMBEAUM (A): « Control in organisation », New York ,Mc Grawhill,1968.
¨WATHELET (J.G): “Budget, comptabilité et contrôle externes des collectivités territoriales - essai prospectif » ,Ed .L'Harmattan,2000.

II- THESES ET MEMOIRES:
¨ANTARI (A): «Le contrôle des finances au Maroc, ses limites », Mémoire cycle supérieur, ENA 1985.
¨EL ADANI (Z): «Le contrôle de la régularité exercé par la cour des comptes marocaines », Mémoire DESS en Sciences Economiques, Université Mohamed V, Rabat, 1991.
¨HAMIDIATOU (B): «Le contrôle des finances publiques au Maroc»,Situation actuelle et perspective,mémoire de fin de cycle ENA ,Rabat,1995.
¨NACIRI (K):«Le droit public dans l'ordonnancement »constitutionnel », Thèse de Doctorat, Casablanca, 1984. (Inedit).
OUJEMAE (S): « Le contrôle des finances publiques », Thèse de Doctorat d'état en droit, Université de Paris, 1, 1998.
III- REVUES:
DEMESTERE (R): « L'ambiguité de la notion de responsabilité en contrôle de gestion », PMP, 2001.
GROZIER (M) : « Les changements dans les organisations », Revue d'administration publique (RDP) n°59, Sep. 1991.
HEDIZERMDIN1(M): «L'experience tunisienne en matière de contrôle régional », RMAD n°7/2005.
HUREAU (S) :«Fiches pratiques financières : contrôle de gestion » in « La lettre du cadre et D.G.C.G), Réf. 37/C.
JARCOUR (Y) : «Moderniser la gestion et les financements public des priorités à contre sens (PMP) », Juin 1993.
MAGNET (J): « Le ministère public auprès de la cour des comptes », in R.R.D.P.S.P, 1973.
MAGNET (J): « Que juge Ie juge des comptes », in RFFP n° 28, 1989.
RATIER ( J ) : « Contrôle et gestion dans les administrations publiques »,RFFP n°6, 1978.
RAYMOND (P): «Les chambres régionales des comptes » REMA n°7, 2005.

IV-COLLOQUES:
CARLES (J): «Le contrôle interne dans les collectivités locales », 4éme rencontre des experts comptables, Université, Toulouse 1 et 2 décembre 1997.
Compte rendu des tables rondes tenues à la faculté des S.J.E.S de Casablanca et à l'Institut d'études politiques de Toulouse le 17 Novembre 1987 et 5 Avril 1988.
Olivier (PH): «Le point de vue de l'ancienne autorité de tutelle », in acte de colloque, cour des comptes, Uni 8 et 9 Nov. 1984 consacré aux chambres régionales des comptes, sous la direction de Philip Loic, Ed. Economica, 1985.

v- SITES D'INTERNET :
Contrôle de gestion in [COLOR=**********]www.document/ce/gu/htm[/COLOR].
Le contrôle de gestion in [COLOR=**********]www.opuscitatum/cours/mod[/COLOR].
Les collectivités locales au Maroc, in [COLOR=**********]www.tanmia.ma/article.php3?id_article 43[/COLOR]57
Les cours des comptes françaises in [COLOR=**********]www.ccomptes.fr[/COLOR]
Lignes directrices sur les normes de contrôle interne à promouvoir dans le secteur public in
[COLOR=**********]www.intosai.org/leve13/guide[/COLOR] line.
[COLOR=**********]www.ofigess.asso.fr/assuse/acte‛s[/COLOR]
[IMG]file:///C:/Users/MOI/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]


مقدمة عامة.............................................. ...........................1
إشكالية البحت............................................. ..........................5
أهمية الموضوع........................................... ..........................7
منهجية التحليل وخطة البحث……….......................................... .....8
القسم الأول: بعض أوجه الرقابة على المالية المحلية............................11

الفصل الأول:الرقابة الإدارية والسياسية والمالية (الرقابة السابقة والمواكبة واللاحقة)......................................... ................................12
المبحث الأول: نظام الرقابة السابقة والمواكبة......................................13
المطلب الأول: رقابة الالتزام بالنفقات الخاص بالجماعات المحلية ورقابة مؤسسة القابض المالية........................................... ..........................13
الفقرة الأولى: الإطار القانوني للقابض ومسؤوليته في مجال الرقابة المحلية.14.
الفقرة الثانية: اختصاصات ومهام القابض المالي............................15
المطلب الثاني: رقابة سلطة الوصاية على مالية الجماعات المحلية..................16
الفقرة الأولى: مفهوم سلطة الوصاية الإدارية................................17
الفقرة الثانية: مجالات الوصاية الإدارية.....................................18
المبحث الثاني: نظام الرقابة السياسية والإدارية (الرقابة المواكبة واللاحقة).........26
المطلب الأول: الرقابة السياسية على مالية الجماعات المحلية.......................27
الفقرة الأولى: التصويت على الميزانية الجماعية............................27
الفقرة الثانية: التصويت على الحساب الإداري...............................28
الفقرة الثالثة: رفض الحساب الإداري والآثار المترتبة عليه..................30
المطلب الثاني: رقابة المفتشية العامة............................................ ...32
الفقرة الأولى: رقابة المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة
للمالية المحلية........................................... ..................33
الفقرة الثانية: رقابة وزارة المالية..........................................3 5
خاتمة الفصل الأول............................................. ...................39
الفصل الثاني: الرقابة القضائية على مالية الجماعات المحلية- رقابة القاضء المالي-.................................................. .........................40
المبحث الأول: الرقابة القضائية على مالية الجماعات المحلية......................43
المطلب الأول: رقابة المجلس الأعلى للحسابات....................................44
الفقرة الأولى: الرقابة القضائية للمجلس الأعلى للحسابات للنظر في
الحسابات.......................................... .........................44
الفقرة الثانية: الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون
المالية........................................... ..........................50
المطلب الثاني : رقابة مجالس الجهوية للحسابات...................................53
الفقرة الأولى: الإطار القانوني للمجالس الجهوية للحسابات...................54
الفقرة الثانية : اختصاصات المجالس الجهوية للحسابات.....................55
المبحث الثاني: الرقابة القضائية في القانون المقارن................................63
المطلب الأول: المحاكم الجهوية للحسابات في النظام الفرنسي......................63
الفقرة الأولى: تطور الإطار القانوني للغرف الجهوية للحسابات..............64
الفقرة الثانية: اختصاصات ومهام الغرف الجهوية الفرنسية..................65
المطلب الثاني: مجلس الحسابات بالجمهورية التونسية..............................71
الفقرة الأولى: اختصاصات الغرف الجهوية للحسابات.......................71
الفقرة الثانية: أسلوب ومنهج المراقبة........................................73
خاتمة الفصل الثاني............................................ ...................76
خاتمة القسم الأول............................................. ....................77




القسم الثاني : حدود وآفاق الرقابة على المالية المحلية..............78
الفصل الأول: حدود الرقابة على المالية المحلية..................................78
المبحث الأول: حدود الرقابة السابقة والمواكبة على المالية المحلية..................79
المطلب الأول: حدود الوصاية الإدارية المحلية.....................................79
الفقرة الأولى: التطور في مبدأ الوصاية الإدارية.............................80
الفقرة الثانية : التوجه الحديث للوصاية الإدارية.............................82
المطلب الثاني: حدود الرقابة المالية........................................... .....82
الفقرة الأولى : حدود رقابة القابض ودوره التاطيري........................83
الفقرة الثالثة: ازدواجية مهام القابض البلدي.................................85
المبحث الثاني: حدود آليات الرقابة المواكبة واللاحقة على المالية المحلية...........87
المطلب الأول: حدود فعالية رقابة المجلس الجماعي من خلال رقابة الحساب
الإداري........................................... .................87
الفقرة الأولى: سلطة الأغلبية في المجالس المحلية...........................88
الفقرة الثانية : الموقف من الحساب الإداري.................................89
المطلب الثاني: حدود رقابة المفتشيات العامة الوزارات الوصية....................91
الفقرة الأولى: مظاهر ضعف الأداء الرقابي للمفتشيات العامة................91
الفقرة الثانية: غياب التنسيق في عمل المفتشيات العامة......................92
المطلب الثالث: حدود الرقابة القضائية.......................................... ...94
خاتمة الفصل الأول............................................. ...................96
الفصل الثاني :من المراقبة المحاسباتية والميزنياتية إلى مراقبة تدبير المالية المحلية........................................... .................................98
المبحث الأول: نظام مراقبة التسيير........................................... ...100
المطلب الأول: مفهوم ومدلول نظام مراقبة التسيير وتطوره التاريخي.............100
الفقرة الأولى: مفهوم ومدلول مراقبة التسيير...............................101
الفقرة الثانية: التطور التاريخي لمراقبة التسيير............................102
المطلب الثاني: استراتيجية وضع منظومة لمراقبة التسيير.........................103
الفقرة الأولى: المأمول والمنتظر من مراقبة التسيير........................103
الفقرة الثانية: شروط إنجاح مراقبة التسير.................................104
المبحث الثاني: المراقبة الداخلية والتدقيق آليتين حديثتين للرقابة على المالية
المحلية........................................... .................106
المطلب الأول: المراقبة الداخلية.......................................... ........106
الفقرة الأولى: مدلول المراقبة الداخلية.....................................106
الفقرة الثانية: محتويات نظام المراقبة الداخلية.............................107
المطلب الثاني: التدقيق بالجماعات المحلية........................................108
الفقرة الأولى: مقاربة التدقيق والتدقيق المالي..............................108
الفقرة الثانية: الأحكام والقواعد الفاعلة لإنجاح عملية التدقيق بالجماعات
المحلية؟...................................................... ............110
خاتمة الفصل الثاني............................................ ..................113
خاتمة القسم الثاني............................................ ...................114
خاتمة عامة.............................................. ........................116
لائحة المراجع........................................... ........................119
الفهرس............................................ ..............................127


[1] -" les finances locales " LGDJ 10 édition 2004 p:9. BOUVIER (M )

[2] - voir à ce titre: tannenbeau (A) : " control in organisation " new york mc grawhill 1968.

[3] -olsen (M.E) : " the process of social organisation" new york : holt rineher winston 1978 p: 5.

[4] - wathelet (J.C) " budget comptabilité et control externe des collectivités territoriales" essai prospectif. Edition l'harmattan 2000 p: 165.


[5] - santo (M) verrier (P.E) : " le management public" puf que sais_je? Février 1993 p: 65.

[6] - ratier (J) : " contrôle et gestion dans les administration publiques " rff p: 218.

[7] - bouquin (H) : " le contrôle de gestion" puf paris 5 édition 2001 p: 218.

[8] - gibert (P) : " le control de gestion dans les organisation publiques" edition d'organisation 1980 p: 44.

[9] - فهمي محمود شكري: " الرقابة المالية العليا مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية وعدد من الدول الأجنبية" دار علاوي عمان ص : 11.

[10] - حمدوش مدني : " المحاكم المالية بالمغرب دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة" مطبعة فضالة المحمدية الطبعة الأولى 2003 ص : 28.

[11] - عبد الله النقشيندي : " الرقابة المالية العامة ومشروع مجلس الإشراف والتنظيم" مطبعة العالي بغداد الطبعة الأولى 1964 ص : 3.

[12] - فهمي محمود شكري : " الرقابة المالية العليا" م.س ص : 15.

[13] - غسان قلعاوي : " رقابة الأداء" الطبعة الأولى دمشق 1998 ص : 22.

[14] - فهمي محمود شكري وحسن محمد كمال : " التقرير العام عن أنظمة الرقابة المالية العليا في الدول العربية وبعض الدول الأجنبية" فبراير 1977 جامعة الدول العربية المنظمة العربية للعلوم الإدارية.

[15] - فهمي محمود شكري وحسن محمد كمال : " التقرير العام عن أنظمة الرقابة المالية العليا في الدول العربية وبعض الدول الأجنبية" نفس المرجع.

[16] - (article php3 ?id. article : 4357)www.tanmia.ma

[17] - حسن عواضة : " المالية العامة دراسة مقارنة" دار النهضة العربية بيروت لبنان الطبعة الخامسة ص : 251-252 .

[18] - bouvier (M) : " finances locales" lgdj 10 édition p : 169.

[19] - عادل محمود حمدي : " الاتجاهات المعاصرة في نظم الإدارة المحلية دراسة مقارنة دار الفكر العربي القاهرة الطبعة الأولى ص : 118-119.

[20] - أنور أحمد رسلان : " التنظيم الجماعي الجديد" دار الثقافة الدار البيضاء 1997 ص : 170.

[21] - محمد سعيد فرهود : " علم المالية العامة مع دراسة تطبيقية عن المملكة العربية السعودية ص : 565.

[22] - الفصل 120 من المرسوم رقم 2.76.576 بتاريخ 30 شتنبر 1976 يسن نظام المحاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها ج.ر عدد 3335 ص : 3039 .

[23] - الفصل الثالث من مرسوم 30 دجنبر 1975 ينص أن هدف مراقبة الالتزام بالنفقات هو مراقبة المشروعية المالية للنفقة.

[24] - الفصل الثاني المتعلق بسن نظام لمحاسبة الجماعات المحلية وهيأتها.

[25] - المادة الأولى من ظهير رقم 1.02.25 بتاريخ 3 أبريل 2002 المتعلق بتنفيذ القانون رقم 61-99 المحدد لمسؤولية الآمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين.

[26] - المادة 6 من القانون السالف الذكر.

[27] - ذة. نعيمة مويني : " إشكالية الرقابة المالية المحلية": مؤسسة القابض كنمودج م.م.إ.م.ت عدد 34 شتنبر – أكتوبر 2000 ص : 121.

[28] - الفصل 3 من المرسوم المتعلق بسن نظام لمحاسبات الجماعات المحلية وهيآتها مرجع سابق.

[29] - عادل محمود حمدي : مرجع سابق ص : 118.

[30] - أنور أحمد رسلان : " التنظيم الجماعي الجديد" دار الثقافة الدار البيضاء 1977 ص : 170.

[31] - عبد الحميد متولي : " مذكرة عن المصطلحات المقترح تعديلها في ميدان القانون العام وبوجه خاص في القانون الإداري" كلية العلوم الإدارية السنة السابعة العدد 3 دجنبر 1963 ص : 225.

[32] - سليمان الطماوي : " مبادئ القانون الإداري" دار الفكر العربي القاهرة الكتاب الأول 1978.

[33] - le contrôle de légatité : www.puscitatum.cours/modu.fr

[34]- mouzet (P) : " finances locales" éditions gralino 2 édition 2004 p : 209

[35] - FIKRI (A) : " Le régime financier de la commune marocaine" ED. Maghrébine Casablanca 1980 p: 90

[36]- FIKRI (A) : " Le régime financier de la commune" ibid p : 8

[37] - انظر : مرسوم المالية المحلية ( النفقات الإجبارية) .

[38] - EL OUAZZANI (A) : " La gestion municipale au Maroc" les presses des imprimeries de Fedala Mohammedia Février 1982 p : 81.

[39]- VOIR : BASIRI (D) : " la décentralisation au Maroc de la commune à la région" Edition Nathan paris 1994.

[40] - فوزي العكش : " الحكم المحلي والإدارة المحلية الأسس والتطبيقات" مطبعة العين الإمارات العربية الطبعة الأولى 1983 ص : 113.

[41] - MOUZET (P): po.cit p: 118.

[42]- MOUZET(P) : ibid p : 119.

[43] - سعيد جفري : " الرقابة على المالية المحلية بالمغرب محاولة نقدية في الأسس القانونية السياسية الإدارية المالية أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام جامعة الحسن الثاني عين الشق الدار البيضاء المغرب 1997/1998 ص : 99.

[44]- سعيد جفري : مرجع سابق ص : 99.

[45] - سعيد جفري : نفس المرجع ص : 103 .

[46] - MOUZET (P): ibid p: 140.

[47] - MOUZET (P) : op.cit p: 141

[48] - www.ofigesse.asso.fr/assuse/actes

[49] - سعيد جفري : مرجع سابق ص : 134 .

[50] - سعيد جفري : مرجع سابق ص : 137.

[51] - MOUZET (P) : op.cit p: 70

[52] - الفصل 30 من القانون المنظم للجماعات المحلية يستعمل لفظ المصادقة بدل التصويت على الحساب الإداري.

[53] - تنقل الاعتمادات التي لم تصرف في ميزانية التجهيز إلى السنوات اللاحقة.

[54] - سعيد جفري : مرجع سابق ص : 144.

[55] - وزارة الداخلية المديرية العامة للجماعات المحلية : الموارد المالية والبشرية للجماعات المحلية وآفاق 1991 ص : 18.

[56] - محمد حنين : " تدبير المالية العمومية الرهانات والإكراهات" دار القلم الطبعة الأولى 2005 ص : 42-43.

[57] - الباب الثامن من المرسوم الخاص بنظام محاسبة الجماعات المحلية ( الفصل 119-120-121-122).

[58] - سعيد جفري : مرجع سابق ص : 147.

[59]- سعيد جفري : نفس المرجع ص : 148.

[60] - سعيد جفري : نفس المرجع ص : 148.

[61] - سعيد جفري : نفس المرجع ص : 149.

[62] - سعيد جفري : نفس المرجع ص : 150.

[63] - هناك عدة مراسيم تنص على تدخل هذه المفتشية للقيام بمراقبة التدبير.

[64] - ادريس بلماحي : " المفتشية العامة للمالية جهاز مهم للرقابة وفاعلية محدودة " أسبوعية مغرب اليوم العدد العاشر بتاريخ 11-17 مارس 1996 ص : 10

[65] - محمد حنين : مرجع سابق ص : 247.

[66] - سعيد جفري : مرجع سابق ص : 153.

[67]- سعيد جفري : مرجع سابق ص : 154.

[68] - عبد الله النقشيندي : " الرقابة المالية العامة ومشروع مجلس الإشراف والتنظيم" مرجع سابق ص : 13-14.

[69] - عبد القادر باينة : " القضاء الإداري السس العامة والتطور التاريخي" دار توبقال للنشر الدار البيضاء الطبعة الأولى 1988 ص : 49.

[70] - محمد حركات : " إستراتيجية وتنظيم الجماعات المحلية بالمغرب" مجموعة البحث حول الاقتصاد الحضري الجهوي والبيئة جامعة محمد الخامس مطبعة المعارف الجديدة 2002 ص : 3.

[71] - RAYNAUD (J) : " les chambres régionales des comptes" édition PUF 1984 p: 4.

[72] - BOUVIER (M) : op.cit p: 189.

[73] - أنظر المادة 2-3 من القانون 99/62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.

[74] - MAGNET (J) : " que juge de compte" in RFFPn°28-1989.p:115

[75] - MAGNET (J) : " que juge le juge des comptes" ibid p : 226.

[76] - HARAKAT (M) : " que droit du contrôle supérieure des finances publiques au Maroc" T1 ED Babel 1992 p:238.

[77] - MAGNET(J) : " le ministre public auprès de la cour des comptes" in RFDPSP1973 p : 329.

[78] - OUJEMEA (S) : " le contrôle des finances publiques au Maroc" thèse de Doctorat d'Etat en droit université de paris 1 1988 p : 125.

[79] - المادة 25 من قانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.

[80] - أحميدوش مدني : مرجع سابق ص : 254-255.

[81]- محمد ولد منياط : " الرقابة العليا على الأموال العمومية في دول المغرب العربي دراسة نقدية مقارنة" بحث لنيل دبلوم السلك العالي المدرسة الوطنية للإدارة الرباط 1994 ص : 91.

[82] - أحميدوش مدني : مرجع سابق ص : 268.

[83] - MOINOT (P) : " la cour des comptes" éd 1984 p : 89 et suite.

[84] - المادة 55 من قانون رقم 99/62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.

[85] - أنظر المادة 56 من قانون رقم 99/62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية

[86] - أنظر المادة 51 من قانون رقم 99/62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.

[87] - حميدوش مدني : مرجع سابق ص : 272.

[88] - محمد حركات : " إستراتيجية وتنظيم الجماعات المحلية بالمغرب" مرجع سابق ص : 5.

[89] - المادة 118 من قانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.

[90] - حميدوش مدني : مرجع سابق ص : 292.

[91] - حميدوش مدني : نفس المرجع ص : 293.

[92] - FABRE (F.J): " les grand de la jurisprudence financières" Dalloz paris 1996.

[93]- RAYNAUD (J) : " les chambres régionales des comptes " op.cit p : 22 et 23.

[94] - Olivier (PH) : " le point de vus de l'ancienne autorité de tutelle" in acte de colloque. Cour des comptes unive 8 et 9 Nov.1984 consacré aux chambres régionales des comtes sous direction de philip loic economica 1985 p : 187.

[95] - FABRE (FJ) : les G.A.J.Fop.cit.p:26.

[96] - محمد حركات : " التدبير الاستراتيجي" مرجع سابق ص : 133.

[97] - حميدوش مدني : مرجع سابق ص : 301.

[98] - MOUZET (P) : op.cit p: 224.

[99] - SBIHI (M) : " La gestion des finances locales", Ed, Badel, 1992, p: 84.

[100] - KHOUDRY (D) et BREGA (Y) : "le guide d'audit communal" édition maghrébine Casablanca 1 édition 1998 p: 138.

[101] - POISON (M) : " audit et collectivité locales ( QSJ)" PUF1989 p: 4.

[102] - RAYNAUD (P) : " les chambres régionales de comptes" REMA N° 7 2005 p: 66.

[103]-RAYNAUD (P) : " les chambres régionales des comtes", op.cit,p: 65-66.

[104]- " La cour des comptes in WWW. Comptes .fr/ ere/présentation".

[105] - " la cour des comptes in www.comte.fr".

[106] - Ibidem.

[107] - MOZET (P) : " les finances locales" op.cit p:209.

[108] - Ibidem p: 179.

[109] - Voir : le code des juridictions financières françaises articla L211-1.

[110] - MOUZET (P) : op.cit p:244.

[111]- - MOUZET (P) :ibid p:224.

[112] - BOUVIER (M ):ibid p :168.

[113]- - BOUVIER (M ):ibid p: 176 .

[114] - Voir : M.Long in les nouvelles relations état-collec.locales.LGDJ2001.

[115] - BOUVIER (M )redface.gifp.cit p: 193

[116]- Voir : GAZENAVE (G) : " le contrôle financier et juridictionnel" in "les novelles relations état collectivités locales colloque de rennes" DOC Française 1991.

[117]- BOUVIER (M )op.cit p :1 94.


[118]- BOUVIER (M )op.cit p :190.


[119]- ZERMDINI (M) : " l'expérience tunisienne en matiére de contrôle régional" ramad n°7/2005.p:119 et suites.

[120]- ZERMDINI (M) : op.cit p:122

[121]- ZERMDINI (M) : op.cit p:123

[122]- ZERMDINI (M) : op.cit p:126

[123] - ZERMDINI (M) : op.cit p:127

[124] - حميدوش مدني : مرجع سابق ص ز 158.

[125]- HARAKAT (M) : " les cours régionales des comptes guide pratique du contrôle des finances locales IMp. EL Maarif al jadida rabat 2004 p : 17-18.

[126]- AUBY (J.F) : " Management public: une introduction générale " édition sirey p : 89.

[127]- BORGONOVI et BROVETTO: "the concept of bureaucratic and managerial control " in public administration Efit Kakaba DSEpr. HOLZER averbury 1988 p : 32.

[128] - compte rendu des tables rondes tenues à la faculté des S.J.E.S de casablanca et à l'institut d'études politiques de toulouse le 17 Novembre 1987 et 5 avril 1988 in l'etat et les collectivités locales.

[129] - سعيد جعفري : مرجع سابق ص 211.

[130]- ميشيل روسي : " المؤسسات الإدارية المغربية" ترجمة إبراهيم زياتي المصطفى نجاح ونور الدين الراوي مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 1993 ص : 124.

[131]- LA LUMI2RE (P) : " les finances publiques " A. collin collection 4 paris 7 édition 1983 p : 512.

[132] - أحمد مرغني : " المبادئ العامة للقانون الإداري المغربي" مكتبة الرباط الطبعة الثالثة 1982 ص : 370.

[133] - أنظر:
- ميشيل روسي : مرجع سابق ص : 16.
- خالد قباني : " اللامركزية ومسالة تطبيقها في لبنان منشورات البحر البيض المتوسط بيروت باريس ومنشورات عويدات بيروت الطبعة الأولى ص : 106.

[134] - سعيد جعفري : مرجع سابق ص : 209.

[135] - CATHELINEAU (J) :" les fina,ces locales" extrait de collectivités locales sous la direction de BOUINOT (F.P) Dalloz paris pp.69-92.

[136] - ميشيل روسي : " المؤسسات الإدارية المغربية" م.س ص : 124.

[137] - أناس بن صالح الزمراني : " مذكرات في المالية العمة" م.س ص : 83.

[138] - سعيد جفري : مرجع سابق ص : 214.

[139] - عبد القادر باينة : "الكفاء الإداري السس العامة والتطور التاريخي" دار توبقال للنشر الدار البيضاء الطبعة الأولى 1988 ص : 12.

[140] - أنظر : قانون 2 مارس 1982 وقانون 22 يوليوز 1982 المتعلق بمدونة الجماعات الترابية بفرنسا.

[141] - أناس ابن صالح مراني ك "مذكرات في المالية العامة" مرجع سابق ص : 84-85.

[142] - HAMIDIATOU (B) : " le contrôle des finances publiques au Maroc " situation actuelle et perspective. Mémoire de fin de cycle nationale ENA rabat 1995 p : 41-53.

[143] - EL ADANI (Z) : " le contrôle de la régularité exercé par la cour des comptes marocains" Mémoire DES en sciences Economiques Université Mohamed 5 rabat 1991 pp: 25-26.

[144] - FIKRI (A) : " le régime financier de la commune" ED Maghrébine Casablanca 1989 p: 85-99.

[145] - HAMDIATOU (B) : op .cit p: 41-53.

[146] - EL ADANI (Z) : ibid pp : 25-26.

[147] - LA LUMIERE (P) : " les finances publiques" op.cit p: 513.

[148] - محمد مرغني : " المبادئ العامة للقانون الإداري المغربي" م.س ص : 370.

[149] - سعيد جفري : " الرقابة على المالية المحلية " مرجع سابق ص : 250-251.

-[150] المصطفى دليل: " المجالس الجماعية وعلاقتها العامة"، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 3، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1995ص: 19

[151] - المصطفى دليل : "المجالس الجماعية وعلاقتها العامة" منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد 3 دار النشر المغربية الدار البيضاء 1995 ص : 19.

[152] - سيف الدين عبد الله إبراهيم آدام : "مبدأ الشرعية وعمل الإدارة" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في الحقوق والعلوم الإدارية كلية الحقوق الدار البيضاء يناير 1995 ص : 253-254.

[153] - عبد السلام المصباحي : "الوصاية الإدارية على الجماعات المحلية" اليوم الدراسي للجمعية المغربية للمستشارين الجماعيين بالقنيطرة جريدة العلم عدد 16838 الاثنين 3 يونيو 1996.

[154] - NACIRI (K): " Le droit publique dans l'ordonnancement constitutionnel", Thèse de Doctorat, Casa 1984 ( Inedit),p: 270.

[155] - سعيد جفري: مرجع سابق، ص: 262.

[156] - -عبد الله النقشبندي :˝ الرقابة المالية العامة ومشروع مجلس الإشراف والتنظيم ˝،م.س، ص: 10.


[157] - OUJEMEA (s): «Le control des finances publique au Maroc»¸Thèse de doctorat en droit ¸Université Paris I ¸p:338.


[158] - -ANTARI (A): «Le control publique au Maroc ¸ses limites»¸M.C.S¸ENA 1985 ¸pp:78-84.


[159] --مصطفى الكثيري وعبد الله برادة: ˝الخصوصية الحضارية والتاريخية لدول المغرب العربي˝.



[160] - -DEPUIS (J): «Comptabilité analytique et contrôle de gestion »¸Editions techniques Jurisclasseurs ¸Fascicule 2070 ¸p:4

[161] - -CARLES (J):«Le control interne ¸dans les collectivités locales »¸ 4éme recontre des experts comptables ¸Unive,Toulouse 1 et 2 décembre1997

[162] - BORGOVONI et BROVETO : op.cit¸p:31.-


[163]- BORGOVONI et Broveto : 1988,po.cit,p:31.

[164]-GROZIER ( M) : « Les changements dans les organisations »,Revue d'administration publique n°59,Septembre 1991.


[165] BARTOLI (A) :«Le management dans les organisations publiques »,édition DUNOD 1998,p:162.




[166] -www.pero.magic.fr/missud/b97.5htm.


[167] - -KOPEL (S) :«Tableaux de bord de Mairie : vers l'apprentissage de la responsabilité» , (P.M.P),Sep.2001 ,p:159.


[168] --JONCOUR (Y) :«Monderniser la gestion et les financements publics:des propriétés à contre sens »,(M.P.M) Juin 1993,p:51.


[169] --HUREAU (S) :«Fiches ptatiques financiéres : contrôle de gestion» , (la lettre du cadre et DGCG),Réf .37/6.


[170] - www.documents/ce/que/lhtm

[171] --Contrôle de gestion in WWW.documents/ce/quelhtm

[172] DEMZZSTERE (R) :«L'ambiguïté de la notion de responsabilité en contrôle de gestion»,(PMP),2001,p:89.



[173] - DEMESTERE (R) redface.gifp.cit,p : 79 à 99.

[174] - Lignes directrices sur les normes de contrôle interne à promouvoir dans le secteur public,in WWW.intosai.org/leve13guidline. p:14


[175] - احميدوش مدني :مرجع سابق، ص : 53.


[176] - Collins (L) et Vallin (G) :«Audit et contrôle interne, aspects financiers,opérationnels et stratégiques»,3 eme édition ,1992, Dalloz , p: 6-19.


[177] احميدوش مدني :مرجع سابق، ص : 53

[178] - محمد حركات :"التدبير الإستراتيجي والمنافسة ،رهانات الجودة الكلية بالمقاولات المغربية"،1997، ص : 170.

[179] . -HARAKAT (M) :Le droit du contrôle supérieur des finances publiques au Maroc ,Essai les structures d'audit ,à l'heure de l'ajustement structurel,ED.Babel ,Tome 1 , 1992. p : 120.


[180] - HARAKAT (M) redface.gifp.cit, p : 121.-

[181] - KHOUDRY (D) et BRIGA (Y) redface.gifp.cit, p: 138.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المالية, المحلية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع المالية المحلية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دور المؤسسات المالية في تمويل التنمية المحلية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 04-05-2017 01:23 PM
التنمية المحلية Eng.Jordan رواق الثقافة 0 04-05-2017 01:19 PM
كتاب الصكوك المالية الاسلامية لتمويل التنمية بديلاً عن قروض المؤسسات المالية الدولية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 2 02-21-2016 02:59 PM
دور المؤسسات المالية في تمويل التنمية المحلية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-03-2013 09:57 PM
دور المؤسسات المالية في تمويل التنمية المحلية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-13-2012 07:06 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:13 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59