#1  
قديم 11-26-2013, 05:55 PM
ام زهرة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: العراق
المشاركات: 6,886
افتراضي أقلام في قفص الاتهام


إنها الحداثة يا أخي 000 هكذا أطلق عليها احد الأخوة المنتسبين لمدارس الفكر والفن والثقافة الجديدة , وهو يصف الحالة الثقافية الراهنة للشكل المتطور ” كما يدعي البعض ” لبعض الإسهامات والإبداعات الأدبية الحديثة للجيل الجديد من أبناء مجتمع الفكر والثقافة والأدب والفن في مجتمعاتنا العربية , تلك الإسهامات الشعرية والنثرية والفنية الارتزاقية الفارغة من النص والمضمون , ” والحداثة منها براء ” , والتي هي اقرب ما تكون للوجبات السريعة منها للوجبات الصحية السليمة , حيث لا يكتب لها الاستمرار لعمر طويل على الساحة الأدبية حتى تستهلك ويرمى بها ” كالمحارم الورقية ” في صناديق المخلفات 0
و- للأسف الشديد – فإننا شئنا أم أبينا , لابد أن نعترف هنا , بان هذا النوع من الإسهامات الأدبية والثقافية والفكرية والفنية , بمختلف اتجاهاتها وتوجهاتها إن صح أن يطلق عليها هذه التسمية ,- أي – تسمية ” إسهامات ” قد انتشرت كالنار في الهشيم على الساحة الثقافية في عالمنا العربي خلال السنوات الأخيرة , بحيث تحولت ( أدوات الثقافة وفاعلوها الى أدوات وفاعلين , ينتجون ثقافة استهلاكية 000 فكما أن علبة ” البيبسي كولا ” لا يحتفظ بها أحد , إلا من يريد أن يستعملها فيما بعد كمنفضة للسجائر ) فان الغالبية العظمى من القراء والمتذوقين والمستمعين لتلك الشريحة من الكتاب والأدباء والفنانين هم مستهلكون لوجبات سريعة سرعان ما تتحلل ويرمى بها في مزابل التاريخ 0
وحتى نضع الأمور في نصابها الصحيح ومكانها السليم , فإننا لابد أن نؤكد على بعض النقاط الهامة , وأولهما : أن هذا الفراغ وهذه الانتكاسة المخزية التي أصابت صميم مجتمعاتنا العربية في ثقافتها , ونعني هنا أنماط الحياة وأساليب التفكير ومنظومة القيم والعادات والتقاليد والمعتقدات قد أصابت العديد من المجتمعات في مختلف أرجاء العالم , فمعظم شعوب العالم اليوم , تعاني هذه الصدمة الثقافية والخواء الفكري والانتكاسة الأدبية , مع الإشارة الى اختلاف قوة الإصابة ومدى تأثيراتها الجانبية على المجتمع نفسه 0
أما الأمر الأخر والذي لابد أن نؤكد عليه فهو استحالة التعميم , و – بمعنى آخر – أن الساحة الثقافية والأدبية والفنية في عالمنا العربي تحتضن كما كبيرا من الإسهامات التي تنتمي لأدب الحداثة والتي تستحق الاحترام والتقدير والثناء , وهو ما يجعلنا من ناحية نفصل بين تلك الإبداعات من الشعر والنثر وخلافه , ومن ناحية أخرى نتمسك بالأمل المتبقي في تلك الأقلام والعقول الحرة الشريفة , أما الأمر الأخير فهو أن هذه الانتكاسة الثقافية التي تعاني منها الأمة وشعوبها , لا تقل بحال من الأحوال عن الانتكاسة التي أصابت بقية جوانب ونواحي الحياة فيها منذ أكثر من خمسة عقود على اقل تقدير , فهي تعاني الأمرين في الاقتصاد والسياسة والشؤون العسكرية والتخطيط الاستراتيجي والتنموي 0
وقد ركزنا هنا على الناحية الثقافية والأدبية والعلمية لأنها و– من وجهة نظرنا – أساس بناء الأمم والشعوب ورقيها وسبب نهضتها وقوتها وتنميتها , فنحن لا نستطيع أن نبني امة قوية في شؤونها الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية إذا كانت عقول مؤسسيها ومخططيها ومن تعول عليهم نهضتها وقوتها وعلو شانها قائمة على التفسخ والانحلال والمجون والفراغ والترف , كما أن المجتمعات التي تحركها وتقودها العقول التي تربت في مستنقعات الشهوة والعبودية , واعتادت على الالتصاق بتراب الأرض وأوحالها ودنسها دون التطلع لجو الحرية والنضال لا يمكن لها النهوض والتقدم والانطلاق بتلك المجتمعات والشعوب0
وان كنا على يقين بقدرة هذه الأمة العظيمة على استعادة مكانتها العالمية الطبيعية القيادية في يوم من الأيام بسبب امتلاكها للعديد من المقومات والإمكانيات والطاقات البشرية الطيبة , وعلى رأسها تلك القلة القليلة المتبقية من المثقفين والمفكرين والأدباء والشعراء ومن ينتمون لمجتمع الفكر والثقافة , من الذين لا زالوا محافظين على إسهاماتهم وإبداعاتهم الفكرية والأدبية والفنية الخالية النقية من التفسخ والانحلال والمجون وتملق الطغاة والتسبيح بحمد الحكومات 0
فإننا كذلك ننظر بتخوف شديد من استفحال انتشار هذا الكم الهائل من دعاة الفكر والفن والأدب الفارغ الماجن , والذين تسيدوا الساحة الأدبية والثقافية والفنية في عالمنا العربي تحت أسماء وشعارات وتوجهات كالحداثة والتطور والعصرنة والتقدم , وهي في حقيقة الأمر لا تزيد عن كونها مجرد طاقات للرجس والدنس , ودغدغة للغرائز والمشاعر , وإشغالها بكل ما من شانه إبعاد الشباب عن دينهم وعقيدتهم ورفعة أمتهم ومنفعة أوطانهم ومجتمعاتهم 0
نعم 0000 لقد انتشر اليوم وبشكل لافت ومخيف للغاية في بلداننا الإسلامية والعربية صنف جديد من الشعراء والكتاب والفنانين الذين لا هم لهم سوى الدعوة للدعة والترهل والسفور والانحلال , ونشر كتابات الرذيلة والأغاني الخليعة الماجنة , وقد استطاعوا بطريقة او بأخرى تسيد الساحة الثقافية والأدبية والفنية في عالمنا العربي , تدعمهم العديد من القنوات الفضائية الفارغة التي ينطلق بثها من بلداننا الإسلامية والعربية – للأسف الشديد – , وتسير أمامهم مواكب طويلة من دعاة الشهوات و أصحاب العقول المادية المنحلة في الداخل والخارج , فأي امة يمكن لها أن تنهض وتقوم على أقلامهم وكتاباتهم وأشعارهم الفارغة المنحلة ؟ وأي جيل عظيم يمكن له أن يقوم وينشأ على تربية فارغة كل همها التثاقل والاستسلام والخمول و” هز الوسط ” ؟
( فإذا نحن أردنا أن نكافح أدب الانحلال – ونقضي على هذه المواكب الطويلة من الفراغات ودعاة الفتنة والرذيلة والتفسخ , فيجب أن نكافح أولا أسبابه في حياة الأفراد أو حياة الشعوب ,يجب أن نكافح روح العبودية في الضمير الإنساني , نكافح عبودية الشهوة فنحرر الضمير البشري من الخضوع لها , فالإنسان إنما صار إنسانا بتعاليه عن ضرورات الحيوان , والتربية الدينية هي الطريق الأنجع والأقرب الى تقوية روح الإنسان , وتساميه عن ضرورات الحيوان ) 0
نعم 000 نحن لن نستطيع أن نحارب أسباب الفساد والانحطاط في المجتمعات , وهذا الكم الهائل من دعاة الفتنة والرذيلة والانحلال تنهش في جسد الأمة ليل نهار , سوى بنشر الأدب الهادف والفن الراقي والثقافة الماجدة , لن نستطيع أن ندعوا الناس الى الكلمة الطيبة والقصيدة الجميلة الراقية وهذا الكم الهائل من القصائد الهابطة والأغاني الماجنة والمقالات التي تمزق أردية المجد والعزة جهارا نهار تسرح وتمرح على أغلفة المجلات وعلى شاشات التلفاز والقنوات الفضائية وغيرها من وسائل الإعلام , سوى بتبني كتابات النضال والكفاح ورفع الهمم وتوجيه الشباب الى المحافظة على دينهم وأوطانهم وأنفسهم من الاستغلال والتغريب والانحطاط 0
فيا أيتها الأقلام الارتزاقية الفارغة التي عجزت أن تسلك طريق الكفاح والنضال والمجد وتوجيه الأمة الى طريق العظمة والنور , كفوا أقلامكم عنا فنحن لم نعد نطيق تلك الألوان والرسومات التي تخدعون بها الأطفال والضعفاء , كفوا عنا أشعاركم وقصائدكم وكتاباتكم الفارغة كعقولكم والتي لا تعيش وتقتات سوى على الحشائش اليابسة في الأراضي البور , كفاكم إفسادا لأجيال تعول عليها هذه الأمة الإسلامية العظيمة استعادة مجدها ونهضتها ورفعتها , فإذا كنتم عاجزين عن صنع شي يستحق الاحترام والخلود , وان تكونوا الوقود الذي تهتدي به الأجيال القادمة , فلا تكونوا معاول الهدم والتخريب والفساد , وأعوان الاستعمار الثقافي وقادة الانحلال والانحطاط الذين ينثرون بذور التفسخ و والمجون في جسد هذه الأمة الغالية 0
الاستاذ. محمد بن سعيد الفطيسي
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أقلام, الاتهام, قفص


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أقلام في قفص الاتهام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
"عبد الباري عطوان" يكتب : مرسي هو الاقوى والاكثر شرعية في قفص الاتهام في محاكمة هزلية ابو الطيب شذرات مصرية 0 11-04-2013 11:54 PM
•◦♫◦•إنكسـآر أقلام وهموم إنســآن, •◦♫◦• صباح الورد الملتقى العام 0 11-24-2012 09:30 AM
حياتنا هي مجرد أقلام... صباح الورد الملتقى العام 0 08-27-2012 08:58 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:26 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59